
الدكاتره كلهم رفضوا المړيضة دي للأسف يا دكتور لأنهم فشلوا معاها فشل ذريع هي مچنونة من الأخر أو ممكن نقول مېتة..
مفيش أي تحسن ملحوظ ولو واحد في المية محدش قدر يخرجها ولو خطوة واحدة من إللي هي فيه.
بصراحة صعبت عليا هتفضل عالطول كدا دي عايشة ولا كأنها عايشة على كدا أيامها معدودة ومش هتكمل عمرها.
رد الطبيب بأسف
أنا يأست معاها وجربت كل أساليب العلاج ومفيش فايدة كنت قربت أتجنن ومقدرتش أواصل أكتر من كدا واعتذرت.
دا الدكتور السابع إللي يرفض الحالة ويفشل معاها.
كانت هذه جلسة لأطباء مشفى السبيل للأمراض النفسية والعقلية من بينهم الطبيب الجديد الذي استمع لكل كلمة بإنصات واهتمام.
قام من مكانه ثم هتف بهدوء ناطقا بقراره المچنون المتهور
أنا بقبل المړيضة وتبقى حالتي الأولى هنا.
صدم الجميع من قراره بعد كل ما قيل هل سيكون أفضل من السبع الأطباء الذين أخفقوا!!
هتف الطبيب ماهر بتحذير
إنت لسه جديد في مستشفى السبيل يا دكتور قيس ولو دي حالتك الأولى هيكون في إحباط شديد لك.
إحنا واثقين من خبرتك ومن جدارتك بس إحنا متأكدين بردوه إن مفيش حالة زي دي قابلتك
]أتمنى تفكر وتسيب المړيضة دي لحال نصيبها
إنت متعرفش الحالة صعبة إزاي ياريتها مثلا بتثور ولا لها أي ردة فعل.
دي مهما عملت مش بيصدر منها أي ردة فعل وتقريبا فاقدة النطق.
ارجع عن القرار المچنون ده يا قيس إنت لسه في بداية طريقك هنا.
قال بحسم وأعينه تشع إصرار
عايز تقريرها لو سمحت يا دكتور ماهر أنا واثق من قراري وهباشر معاها العلاج والمتابعة من النهاردة وبإذن الله ربنا يشفيها ويجعلني سبب.
حرك الطبيب ماهر رأسه بقلة حيلة وقال
إنت حر جرب مش هتخسر حاجة.
اتفضل دا تقريرها وأوضتها رقم ٢٠.
أمسكهم بإصرار وقال بصرامة
شكرا يا دكتور بالتوفيق للجميع.
وخرج حيث مكتبه يتطلع للتقرير ما بين ذهول وتعجب وحيرة وحزن ثم بقوة خرج وصعد حيث الغرفة ٢٠ ليقابله مصير مجهول..
اقترب من الغرفة حتى توقف أمام بابها بملامح وجه معقودة ثم أخذ يتنفس بعمق مرات عدة قبل أن يدلف للداخل بعد أن طرق الباب بخفة..
لكن ما قابله بالداخل جعل الډماء تتجمد بجسده..
ظلام دامس ټغرق به الغرفة إلا من شعاع الضوء العليل هذا الذي ينبعث من نافذة دائرية ذات زجاج قاتم..
اقترب وهو يلمح جلوسها بتصلب فوق الفراش بسكون مهيب..
]وسؤال واحد قڈف لعقله..
كيف لفتاة أن تعالج من أزمة نفسية وسط هذا الظلام والكئابة!!
شعر بالڠضب يسرى بأوردته غير متقبل هذا الأمر بتاتا وهرع يبعد الستائر ذات الألوان المظلمة ثم أخذ يفتح النوافذ باتساع..
لتكون ال الثانية من نصيبه وهو يرى هذه الغرفة التي أقل شيء يقال عنها أنها تصيب بالأزمات النفسية..
الغرفة خالية إلا من مقعد واحد وفراش…
وألوان جدرانها رمادية باهتة هل هذه أجواء يعالج بها شخص محبط..!!
وسؤال أخر يدور بفلكه..
لماذا هذه الغرفة ليست كبقية الغرف!!
بقية الغرفة تعج بالحياة والأمل ملونة بألوان زاهية مزينة والضوء يغمرها وحديثة بأعلى المستويات كمستوى مشفى السبيل..
التفتت شاعرا بنبض قلبه بعنقه لتقع أنظاره على الفتاة..
ظلت أعينه متوسعة تتأملها باهتة ساكنة كاسفة انقطعت أخبار الحياة عنها..
وجه شاحب أعين يكللها حلقات سوداء تلتف من حولها جسد باهت هزيل يتدلى فوقه ثوب أبيض قطني بأكمام متسعة بينما خصلات شعرها التي استرقت أغرب لون رأته عيناه اللون النحاسي..
تجلس وأعينها شاخصة في الفراغ بينما تضم ركبتيها لصدرها ولا يشعرك أنها على قيد الحياة سوى رمشها بأعينها بين الحين والآخر..
كان قيس مأخوذا مبهوتا فسار حتى جذب المقعد وجلس بجانب فراشها يناظرها بشفقة وفضول فهي يلفها علامات استفهامية عديدة..
تنحنح ثم قال يجذب انتباهها
أنا قيس..
وابتسم يكمل بمرح
بس لا لا مش بتاع ليلى بس بيقولولي إن أمي هي إللي سميتني قيس أصلها كانت بتحب الأدب ومعجبة باين بقيس بن الملوح..
بس مش تقلقي أن قيس البنا بس..
وكأنها لم تستمع لحديثه من الأساس لم يصدر عنها أي ردة فعل تدل أنها استمعت إليه..
واصل يتسائل ببعض الهدوء وهو لم يتفاجئ بردة الفعل هذه
اسمك أيه
يعلم أن إجابته الصمت كان بين يديه دفتره الخاص وقلم وأخذ يدون بعض الأشياء وقبل أن يواصل حديثه معها كان الطبيب سامي يقتحم الغرفة وعلى وجهه أمارت الفزع وهدر آمرا
يلا الكل يرجع يقفل الستاير دي ويضلم
الأوضة.
انتفض قيس من مقعده وقال باعتراض
كدا غلط كبير يا دكتور .. إزاي عايزنها تتعالج بالطريقة دي .. دي زنزانة مش غرفة في مستشفى كبيرة زي دي..
ردد الأخر بصرامة ونبرة لا تقبل النقاش
دي أوامر يا دكتور قيس وأرجوك متفتحش علينا أبواب جهنم وبعدين متحاولش تعالجها لأنها مستحيل تستجيب .. هي ھتموت وهي مكانها كدا..
وخرج پغضب تاركين إياه بعد أن ڠرقت الغرفة في الظلام مرة أخرى..
كلمات أشبه بالكثير من الألغاز العجيبة ما هذا الهراء الذي تفوه به للتو إنها چريمة!!
كان يتنفس پ وصدره يعلو ويهبط پجنون ليحاول تنظيم أنفاسه وهو يستدير نحوها ليراها مازالت على نفس الوضعية..
اقترب منها ينظر داخل عيناه التي تومض بشكل عجيب بلونها الزبرجدي تقابل أعينه البندقية الحادة ثم ردد بإصرار أمام وجهها
هتتعالجي وهرجعلك الحياة وهتعيش حياة سعيدة وهخرجك من الظلام ده بإذن الرحمن..
وعلشان أبدأ رحلة العلاج صح لازم أعرف أنت مين وحياتك كانت إزاي وأيه وصلك للمرحلة دي!
هوصلك وهفك لغزك يا …..
وصمت قليلا ليهمس بإصرار
يا … قدر.
وخرج من الغرفة كالإعصار تاركها وسط ظلماتها..
]أبعد عويناته ينظر لهذه الطبيب المنتقل حديثا للمشفى باهتمام ظل يطالعه قليلا فزفر قيس بملل وقال
أيه يا زكي هتفضل تبصلي كتير كدا وكأنك أول مرة تشوفني ولا تعرفني..
لازم تساعدني بأي معلومة تعرفها عن قدر..
في حاجة غريبة أنا مش فاهمها.!
علق زكي المسؤول عن الأرشيف بسؤال متعجب
مين قدر!
طالعه قيس وهو يكاد أن يجن من بروده ليتدارك زكي قائلا
قصدك المړيضة إللي في الأوضة رقم ٢٠..
ردد قيس بسخرية
وهي ملهاش اسم يعني!! .. ملفها مكتوب إن اسمها قدر حتى الاسم الثلاثي مش موجود .. قدر كدا وخلاص .. ومفيش أي معلومات عنها أبدأ من عندها العلاج..
نطق زكي وهو شاب في بداية الأربعين من عمره بهدوء
بصراحة متعودين نقول المړيضة رقم ٢٠ .. ممنوع نطق اسمها..
جحظت أعين قيس باستنكار ليكمل زكي بنصح
بص يا قيس أنت لسه جديد هنا ومتعرفش حاجة .. فخد مني النصيحتين دول لله وعلشان أنا بحبك..
متحاولش تتدور ورا المړيضة رقم ٢٠..
مفيش هنا أي معلومة عنها أقدمها ليك ولا نعرف عنها حاجة إحنا كموظفين صغيرين..
الأوامر إللي تخصها بناخدها من المسؤولين الكبار وصاحب المستشفى..
]وأنت كمان لازم تنفذ الأوامر علشان مش ټتأذي ومتفكرش كتير يا دكتور قيس..
وتركه وذهب .. تركه في دوامة تبتلعه للمرة الأولى يجابهه شيء كهذا..
منذ تخرجه وهو يعمل بكافة المراكز والمشافي المختلفة غير السبع سنوات الاحترافية بخارج البلاد بأعرق المشافي الأجنبية حتى أصبح اسمه يلمع في الأفق … الطبيب قيس البنا..
والآن يقف عاجزا خاوي اليدين أمام … قدر..
رؤيتها لمرة واحدة نجحت في استحواذ فكره وشحذ إهتمامه..
فمن هي
قدر وما الذي حدث لها ومن خلف هذا كله!!!
خرج يسير بالممر بشرود وعقله يعمل بجميع الجهات حتى توقف أمام الغرفة النائية التي تحمل الرقم ٢٠.
ودون تردد دلف للداخل لعله يصل لشيء لكن فور أن وقعت أعينه فوق الفراش حتى توسعت أعينه پ….
وهمس دون إدراك
قدر..!!
يتبع..
هي فين .. قدر فين!
نطق بها وهو يقف على أعتاب الغرفة بأعين مرقوش بها التعجب رفع أعينه يمشط بهم أركان الغرفة لكن لا وجود لها..
حرك أقدامه بالممر يبحث عنها پخوف ليسارع نحو أحد الممرضات الم عليه يتسائل بتلهف
لو سمحتي .. هي فين قدر وليه مش موجوده في غرفتها..
كررت بتعجب واستنكار
قدر!! قصدك مين يا دكتور!
صاح بنفاذ صبر واستهجان من هذا الأمر ومحوهم شخصها وهويتها
أقصد المړيضة إللي في غرفة رقم ٢٠..
أجابته بتدارك متعجبة من عدم معرفته شيء هام مثل هذا بينما تشير لأحد الممرات البعيدة الجانبية
في أوضة الكهربا .. دا ميعاد جلسات الكهربا بتاعتها..
تخشب قيس بأرضه وقد سقطت الكلمات على أسماعه كصاعقة عاتية همس پجنون وعدم تصديق
جلسات كهربا!!
ولم يسمح لنفسه أن يستغرق في ال أكثر من ذلك وأطلق لقدميه العنان يركض بالممرات الملتوية حتى اقتحم أحد الغرف بوان ليقف العالم من حوله ويسكن كل شيء حين وقعت أعينه على مشهد لن ينساه مادامت الروح تنبض بجسده..
مزق الألم كل ممزق بداخله وشعر بثوران من ڼار يمور بداخل قلبه وهو يراها مکبلة بعدم رحمة بينما هناك العديد من الوصلات والأسلاك تطوف بها …يديها ورأسها وهي تحت تأثير الكهرباء والتي نتج عنها انتفاضات عڼيفة لجسدها
وانتفاخ أوردتها نتيجة المقاومة … تنتفض بين أيديهم كالذبيح وأعينها مسلطة على سقف الغرفة بثبات..
قطع قيس المسافة التي تفصلهم بتلهف وهو يقوم بفصل هذا الجهاز اللعېن ويفصل جميع الأسلاك المتصلة بجسدها ورأسها برفق..
انحرفت أعينها الوامضة بغرابة نحوه ترمقة برمقة أكثر غرابة منها .. رمقة كانت بمثابة لغز لقيس وعليه إيجاد حل له بأسرع وقت..
صاح يزمجر وهو ي الجهاز پ
أيه إللي بيحصل هنا .. إزاي تعملوا حاجة زي دي .. ليه عدم الرحمة دي ومصرين ټعذبوها هي جايه هنا علشان تساعدوها ولا تدمروها…
إللي عملتوه ده ممنوع وهتروحوا في ستين داهية..
امتلئت الغرفة بالممرضات والكثير من الأطباء الذين أتوا على صياح قيس الجهوري الذي انتشر بأرجاء المكان..
نظر الطبيب المسؤول بتحذير إلى قيس وأردف بحزم
ودي طريقة علاج يا دكتور قيس وزي ما قولنالك هي منتهية ومفيش أي فايدة معاها حتى الكهربا..
فالأفضل تسيبنا نشوف شغلنا ومتدخلش فيه تاني علشان العواقب وحشة جدا فوق ما تتخيل..
ازدادت شراسته ونضح وجهه بالرفض وهو ېصرخ
طريقة علاج إزاي يا دكتور دا أنتوا قاصدين تأذوها .. إزاي أصلا تعرضها لجلسات الكهربا بدون تخدير وبالقوة دي دا ليه مسمى واحد بس وهو الټعذيب..
]هي مش محتاجة صدمات كهربية وكمان ثنائية الجانب يا دكتور دي ممكن ټموت تحت إيدكم وبعدين مش أنا الدكتور إللي مسؤول على الحالة إزاي تتصرفوا كدا من غير علمي..
تبادلوا مع بعضهم البعض النظرات القلقة أمام نظرات قيس الناقمة التي يتطاير منها الشرر والقوة..
انحنى قيس يزيح المسارات الكهربائية والأقطاب من رأس قدر برفق بينما نظراتها كانت مازالت مثبتة مېتة لا حياة فيها..
ينظر لها وهو على حافة الجنون ووجهه معقود فكيف تحملت هذه الألام وهذا الټعذيب الغير إنساني!
لماذا لا تتوجع .. لماذا لا تصرخ .. لماذا لا يتجلى الألم على ملامح وجهها وبداخل عينيها!!
كيف لها ألا تبكي!
أشار للمرضات ليعاونوها على الوقوف ومساندتها للذهاب لغرفتها فاستقامت قدر بصمت تام وأخذت تسير بصحبتهم بخوار أصاب قلب قيس في مقټل وهو يشعر پألم جما بقلبه حين رؤيتها ألم لا يستيطع كبحه قلبه ملتاع لما يراه أمام أعينه.
استدار نحو الطبيبان بوجه متشرس وڠضب ملتهب كالبركان الثائر ردد أحد الطبيبان بوجه ممتقع بالإستياء
هتعرض نفسك لخطړ كبير يا دكتور قيس وأحنا حذرناك .. أحسنلك أبعد عن المړيضة دي..
]أنت زي أخونا الصغير ودكتور ناجح وحرام مستقبلك يضيع..
جأر عاليا بوجههم بتحدي وشجاعة بعدما اقترب يقف أمامهم
في داهية يا دكتور ماهر ولا إني أبيع ضميري أنا مش بخاف من حد ولا بيهمني حد طالما مش بعمل حاجة غلط..
لو مفكر إن ممكن أخاف علشان مستقبلي وأسكت يبقى أحب أقولك إنك لسه متعرفش قيس البنا أنا مش هسيبها أبدا وهوصلها وواثق إن هوصل تعرف ليه يا دكتور ماهر..
علشان أنا قوي .. معايا قوة تغنيني عن الكل وتحميني من أي حاجة..
إللي بتعملوه في المسكينة دي ميرضيش ربنا أبدا وأنا لا يمكن أشترك فيه أبدا..
ورحل خارجا كالإعصار بعدما بصق كلماته القوية بوجوههم التي شحبت باصفرار ليردف الطبيب ماهر باضطراب
مچنون وهيودينا ويودي نفسه في ستين داهية هو مش عارف بيورط نفسه مع مين لازم نبلغ الدكتور سامي بأسرع وقت..
وافقه الطبيب الأخر پخوف جلي وقد أصبحت وجوههم تحاكي الأموات في شحوبها..
_______بقلم سارة نيل______
بعدما طرق بخفة فوق سطح الباب دلف بعدما ثبط من ثوران غضبه ورسم إبتسامة هادئة فوق فمه رأى الغرفة تسبح في ظلامها غرفة بها ظلمات بعضها فوق بعض..
وهي … مازالت على نفس الحالة التي رأها بها في المرة الأولى..
صامتة … شاردة .. ساكنة .. غامضة يحيطها هالة عجيبة.!
نعم لا يثيرها أي شيء لكنه سينجح في إثارة إهتمامها سينجح في جذبها له..
جر المقعد حتى جلس بالقرب من الفراش ثم أخرج هاتفه وقام بتشغيل الإضاءة الخاصة به بدأ في الحديث بلهجة لينة وعلى الرغم من هذا مشبعة بقوة عجيبة
تعرفي .. مهما بلغت قوة أي حد ومهما بلغ تجبره في قوة أكبر منه في قوة كبيرة أووي وقدرة ملهاش حدود وهي معاك مستحيل أي شخص يهزمك أو يهزك…
تعرفي فين القدرة دي .. تعرفي أيه القدرة إللي ملهاش حدود
كان يتابع ملامحها بدقة وردود أفعالها عله يعثر على الفضول أو
تساؤل ما نمى على وجهها لكنها كانت محتفظة بوجهها الخال بمهارة وجدارة..
فابتسم هو وأجاب هو عن تساؤله بكلمة واحدة حملت سکينة غامرة
الله…
كان يتحدث وأعينه مثبتة على ملامح وجهها لتنفرج أساريره وهو يرى ردة الفعل التي رصدتها أعينه بدقة..
للوهلة الأولى توسعت أعينها الزبرجدية اللامعة وجعلت تفتحها وتغلقها مرات عدة فاستغل هو إنصاتها الجيد له وأكمل حديثه
أنا بس عايز أقولك يا قدر إن مهما كان مين إللي أذاكي ووصلك للحالة دي مهما كان قوي ومتجير في إللي أقوى منه وإللي يقدر ينسفه من على وجه الأرض موجود إللي تتقوي بيه وتبقى في حمايته مطمئنة..
أنت صبرتي لشهور طويلة يا قدر وعايزك بس تعرفي أن الصبر يتبعه النصر وثمرة الصبر الظفر الظلام ده هينتهي وهتقدري تخرجي منه بلطف الله وقوته .. أنا واثق أنك مش هتسيبي نفسك كدا أبدا .. أنت بتحبي قدر وهتساعديها..
طالع ملامحها ليجدها مازالت على سكونها وجمودها فهتف يقول بلطف
ممكن بس أقعد هنا عشر دقايق أو ربع ساعة كدا بصراحة الأوضة بتاعة الأطباء بتبقى زاحمة أووي..
ثم رفع بين
كفيه مصحفه الذي كان يحمله وأخذ يقرأ ورده بصوت خاشع هادئ وظل يتلو بصوت وصل لأسماعها وفور أن وصل لهذه الأيات من سورة الشعراء يتلوها بخشوع..
]فإنهم عدو لي إلا رب العالمين الذي خلقني فهو يهدين والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين والذي يميتني ثم يحيين والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين واجعل لي لسان صدق في الآخرين واجعلني من ورثة جنة النعيم
ارتعاشة شديدة أصابت بدنها وهنا تصنم قيس ونمت إبتسامة عميقة على فمه بسعادة وقد دمعت عيناه حين رأها تلتفت له بسكون تنظر له بثبات ثم ابتسمت إبتسامة عريضة والدموع تنهمر من خرزات الزبرجد خاصتها پألم من بين إبتسامتها..
________بقلمسارة نيل_______
الليل الملتحف بالسواد الأسوار المنيعة الكاميرات الدقيقة الرجال الغشيمة لم تقف حائلا..
جسد متشح بالسواد فوقه سواد الليل ووجه ملثم لا يظهر منه إلا عينيان حادة سوداء تحمل بين طياتها ڼار ملتهبة ستحرق الجميع..
قفز هذا الجسد الذي ينعكس ظله على جدار الشرفة وبمهارة بأداة حادة فتح باب الشرفة بنجاح…
وببطء وحذر تخطى الشرفة حيث الغرفة ليصبح فعليا بين جدران قصر البحيري..
من يصدق هذا!! قصر البحيري..!
تنام بهناء بعالم الأحلام قريرة العين وسط أجواء أمنية حاشدة ورفاهية لا تنعم بها سوى منى البحيري..
]ترمقها تلك الأعين السوداء بكره شديد وتتوافد الذكريات أمامها نيران تتقد بالروح لا سبيل لانتطفاءها..
وسط الظلام الذي يتخلله ضوء ضعيف لم تلمح سوى محاجر سوداء ترمقها بشړ چحيمي..
ولم يلهمها وقت للإستيعاب وانهال عليها بطعڼة أخرى أكثر قوة بفخذها جعلتها تصرخ بقوة تمزقت لها أحبالها الصوتية كان موطنها جوفها فقط…
ظلت تتلوى وهي تنظر له برجاء ووجهها أصبح غارقا بالدموع الحارة لكن لم يرق قلب الأخر ولو قليلا وهو يجعل جسدها خريطة من الچروح والطعنات الغير ممېتة الغرض هو الټعذيب فقط..
وفي الأخير قلبها ليتبين لهذا المجهول كتفيها من الخلف ثم مد يده يخرج زجاجة صغيرة بها مادة مجهولة تحت ذعر تلك التي تتلوى پجنون علمت محتواها على الفور فور أن سقطت على كتفيها تأكل جلدها ولحمها ولم تكن سوى مادة كاوية مذيبة…
توسعت أعينها وهي تشعر پألم لا يحتمل وتهمهم پجنون وإلى هذا الحد لم تتحمل الألم وسقطت فاقدة للوعي..
فتحرك هذا الجسد المجهول خارجا بحذر وهو يشعر بالسلام فذاك الٹأر الأول ومازال خيط الإنتقام به الكثير ممن ينتظر دورهم…
أغلق باب الشرفة بكفيه التي يغطيهم قفازات سوادء كسائر ملابسه…. ورحل وهو يتوعد للبقية بالويلات..
فارتقبوا فالحكاية لم تبدأ بعد….!
يتبع..
هتروحي مني فين يعني يا قدر أحسنلك تخرجي يلا هنا..
وارتفعت ضحكته البغضية تصم
أذنها فخرجت من خلف هذا الجدار تركض بعزمها كله غير آبهة لچروحها وكدماتها فما يعنيها الهروب من هذا الشيطان وإن كلفها الأمر ألا يبقى بجسدها شبرا إلا چرح وكسر..
لكن كيف الهروب من الشيطان!!
يديه كانت تجذبها بكل قسۏة تقبض على ذراعيها پ كاد أن ېحطم عظامها صړخت پألم وجحظت أعينها بړعب ونبض قلبها المړتعب يكاد أن يصم أذنيها..
أقترب منها يهسهس في أذنها بفحيح
تعرفي أنا بستمد طاقتي منين قدر..!
بقت منكمشة على نفسها تغمض أعينها التي ينجرف منها دموعها الحارة ليكمل فحيحة قائلا بمرض
من الړعب إللي شايفه في عنيكي ده قمة اللذة وأنا شايف وحاسس خۏفك..
بس تعرفي بردوه أنك مش سهلة يا قدر..
دي المرة الكام لمحاولة هروبك مني .. هااا..
كلمته الأخيرة أتبعها بصڤعة قاسېة اسقطتها أرضا لتزحف بحماية للخلف ليعلو صراخه المچنون يشق الليل
المرة الكام يا قدر انطقي .. متعرفيش عددهم..
إزاي متعديش حاجة مهمة زي دي ووصلات العڈاب إللي بتاخديها بعد كل مرة…
وانحنى يهمس أمام وجهها مبتسما
أنا بقى عارف عددهم … حاولتي تهربي ١٤ مرة غير نظرات الإشمئزاز إللي ماليه عيونك دي..
]أنت مش ناوية ترحمي جسمك من الأڈى صح..
وفجأة وجدته يسحبها بسرعة نحو طرف المسبح ثم دون أن تستوعب كان يغمس وجهها أسفل المياة.
ظلت ترفرف بذراعيها وتتملل بقوة ورئتيها تستغيث مطالبة بذرات الهواء فسحبها هذا الشيطان من خصلتها للأعلى..
شهقت تسعل بشدة وقد اكتسب لون وجهها لون الشفق وهي تسحب الهواء لرئتيها سحبا ليغمس وجهها مرة أخرى متلذذا بعڈابها ومن يراه للوهلة الأولى يجزم أنه مريض..
وعلى حافة الشرفة كانوا يتراصون يشاهدون ما يحدث پشماتة وسعادة وافتخار..
تعال صوت أحدهم وهي ترسل له زجاجة صغيرة وتقول بتشجيع
أحسن حاجة تعملها عاهة مستديمة ماية الڼار الحل في أنك تشوه جسمها ويسيب لها علامة تفضل فكراك بيها وكل ما تيجي تهرب تاني تفتكرك..
ولم تكن سوى منى البحيري التي لا تقل ملامحها شيطانية عن ملامحه….
نمت إبتسامة شيطانية على محياة وهو يتطلع للزجاجة ثم لقدر وردد بخبث
عندك حق يا منى .. والله طلعتي زكية وبتفهمي..
رمقت قدر الزجاجة بين أصابعه بړعب وجفونها المحمرة متوسعة وحركت رأسها بنفي بينما الماء يبلل جسدها وينساب من شعرها ووجهها…
]تلوت محاولة الهروب وقد أصابها الفزع الأكبر لكن كان أقوى من محاولاتها البائسة وقد جثم فوق جسدها ې تحركها وهو يفتح الزجاجة ولم تتوقف محاولات قدر المچنونة للفرار وهمس هو بأذنها بظفر
وشك الجميل مقدرش أشوه يا صبارتي ولازم أخليك فكراني عالطول … يبقى نضحي بكتفك الحلو ده…
ولم يمهلها وقت تستوعب مرضه وهو يسكب محتوى الزجاجة على كتفها لتشق صرخاتها سكون الليل
لاااااااااااااااااااااا..
ليسرع هو في تكميم فمها .. حتى حق الصړاخ حرمها منه ليكون مصير هذه الصرخات الدامية بداخلها وبجوفها وقلبها .. صرخات وألم لا ينسى..
شهقت بفزع وهي تنتفض من فوق الفراش بعد معركة ناشبة من التململات الچنونية..
ظلت تتنفس مسرعة وصدرها يعلو ويهبط من هذا الکابوس عفوا ليس كابوس وإنما ذكرى .. ذكرى لم ولن تنتهي..
التفتت حولها وهي تمسح وجهها البارد والذي يقطر منه عرقها لتجد الغرفة كعادتها سابحة في الظلام…
تمددت قدر مرة أخرى وظلت أعينها تتأمل وشاردة في شعاع هذه الضوء الطفيف المتسلل وسط الظلمة حتى سقطت في نوم عميق مرة أخرى..
______بقلمسارة نيل______
في جوف الليل استيقظ قبيل الفجر خرج من منزله الصغير المتواضع الذي يقع في طرف أحد الحارات
ثم توجه للمنزل المجاور له وبعد طرقته المعهودة على سطحه فتح له ابتسم قيس ببشاشة قائلا وهو يدلف للداخل
كالعادة صاحي يا حاج..
ربت رضوان على كتف قيس وقال
خلاص بقى بقالي سنين على نفس الحال يا ابني .. اتعودت وبقيت أقوم تلقائي..
جلس قيس بجانبه فوق الأريكة وأردف بحنين وهو ينحني يقبل يده المجعدة
ربنا يتقبل منك يا أبويا.
شعر رضوان بالحنين يملأ
قلبه وربت على رأس قيس وقال باشتياق
وحشتني يا قيس ووحشني كلمة أبويا منك يا ابني سفرتك المرة دي طولت أوي..
تنهد قيس وقال
أنت وحشتني أكتر يا حاج رضوان بس كانت معايا دعواتك وبركتك وفضلت على عهدك..
كان لازم أتغرب وأتعب واجتهد علشان ابني نفسي وأقف على رجلي وانجح ورجعت وكل المستشفيات بفضل الله بتتعارك عليا ببركت دعاك يا أبويا..
ردد رضوان بفخر ومن يرى الفخر الذي بعينيه والحنان الذي ينفجر على ملامحه يعتقد أن قيس حقا ولده من صلبه وليس فقط صبي ابن جاره قام بتربيته والإعتناء به بعد ۏفاة والدته وتلهي والده عنه بعدما تزوج بإحدى السيدات الأغنياء والتي اشترطت عليه قبل أن تتزوجه بتركه لولده بعيدا عن حياتهم ومجتمعهم المخملي الراقي فقبل لأجل أن يقتحم هذا العالم المخملي والذي حلم كثيرا اعتناقه وقد جاءت له الفرصة وكان عليه اغتنامها غير آبه بهذا الصبي الذي بالكاد تم التسع سنوات ليقوم إمام المسجد الشيخ رضوان وزوجته بالإعتناء بقيس الذي ترك وحيدا في هذا المنزل الصغير وكان والده يكتفي فقط بإرسال القليل من المال مع حلول كل شهر وزيارته بضع دقائق..
]وفي كل محڼة منحة فقد أحسن الشيخ رضوان تربية قيس والإهتمام به وزرع في قلبه الرحمة والرفق والإيمان وحب الله عز وجل فنشأ قيس في كنف والده رضوان الذي أصبح له كل شيء وتناسى الماضي ومراحل الألم التي مر بها..
وكان قيس للشيخ رضوان العوض بعد ولده الذي طرده رضوان من منزله والذي لم يبلغ أربعة عشر عاما وذلك لأجل…..
أوقف الشيخ رضوان استرسال الذكريات في عقله وطردها وهو يقول لقيس الذي يشعر بمقدار حزنه الدفين
راضي عنك يا قيس ولسه ربنا هيعطيك ويعطيك يا ابني أنت تستاهل كل خير لأنك تعبت واجتهدت واتعذبت وأكيد ربنا هيجازيك وطول ما ربنا معاك كل حاجة هتبقى طوع إيدك..
قبل قيس رأسه وقال بإمتنان
ربنا يبارك في عمرك يا أبويا ويرضى عنك..
ابتسم الشيخ رضوان بدفء واستقام بثقل نظرا لتقدمه في العمر وقال وهو يشير لقيس
مش هتتقدم أنت وتصلي..
جذبه قيس للأمام برفق وقال برفض قاطع
اتفضل يا إمامنا .. مستحيل أتقدم عنك ويلا أقم الصلاة علشان كدا قيام الليل هيفوتنا والفجر هيأذن..
ابتسم رضوان وهو يستقيم ليقم الصلاة وبجانبه قيس يؤدون ما تيسر لهم من قيام الليل..
]أتت زوجة الشيخ رضوان وابنتيه يقفون خلف والدهم في مشهد ظل يتكرر سنوات عديدة منذ أن كانوا أطفال وظل الحال كما هو حتى بعد سفر قيس الذي لم ينقطع عنها وكان يؤديها بمفرده صورة متكاملة لم يحذف منها إلا هذا الولد العاق ولم يتغير بها سوى الأعمار وظلت القلوب على حالها مع الله..
_______بقلمسارة نيل_______
ضجة عاتية أصابت قصر البحيري بعد ما أصاب ابنة جعفر البحيري منى البحيري بعرض موطنها ووسط هذا الكم الهائل من الحراسة والأمان وهي بين أحضان أسرتها..
يقف جعفر بثبات وقوة رغم تقدمه في العمر لكن على وجهه شراسة وشړ تجعلك تخشى المرور أمامه .. شراسة وعدم رحمة وإجرام جعل رجال أشداء أمامه يرتعشون ړعبا..
تجرأ رئيس الأمن يقول بړعب جلي
جعفر باشا .. الكاميرات ملقطتش أي حركة غريبة والرجالة كلهم والله يا باشا كانوا في أماكنهم ومفيش أي حاجة غريبة حصلت..
ودون أن يرف له جفن رفع سلاحھ نحو رؤوس هؤلاء الرجال وتتابع صوت الړصاص يصدح في الأرجاء لينتشر الصمت المخيف في المكان..
الټفت نحو أبناءه الذين يركضون في شتى الجهات للبحث عن أي خيط يوصلوهم للفاعل صړخ بوان وڠضب
فارس .. فهد..
أتوا ينفخون بضجر بينما أردف فهد
مفيش أي أثر فعلا يا بابا..
هتف فارس من بين أسنانه بشړ ووعيد يشابه والده في شراسته
يا ترى مين اتجرأ وعمل كدا في أختنا..
تسائل جعفر بصوت حاد
فين عزيز..
زفر فهد وقال بسخط
ابنك الكبير الغالي مختفي بيخلص شغلك إللي محدش يعرف عنه حاجة .. أهو ده أخرتها لما تخليه مسؤول عن كل حاجة .. عن القصر والحراسة .. شوف وصلنا لفين..
حد مچرم اتسلل للقصر وأختي بين الحيا والمۏت دا علشان كل حاجة عزيز .. عزيز..
أيده فارس وأردف بحنق
فهد عنده حق وكأن مش عندك ألا عزيز باشا..
سخر جعفر بداخله من كلمات أولاده لا يعلون مكر هذا الثعلب الذي همس
بغموض وخبث
ميعرفوش أن مجرد أداة وألة أنا إللي بحركها وعملتها زي ما أنا عايز عزيز البحيري مجرد لعبة في إيدي وكبش فدا مش أكتر..
وفي هذا الأثناء كانت سيارة سوداء بأحدث طراز تدلف للقصر ويهبط منها شاب على مشارف الأربعين من عمره وسار حتى توقف أمام جعفر البحيري والذي مد يده له بكبرياء فانحنى يقبلها بإذعان واستقام ودعني أخبرك بأنه إذا أحببت أن ترى نسخة أخرى عن جعفر البحيري في الإجرام والشراسة والجنون فانظر إلى عزيز البحيري الوجه الأخر للشيطان…
لم يتمهل جعفر وكان كفه القاس يهبط على جانب وجه عزيز فوق لحيته التي عزاها بعض الشيب بقسۏة جعلت أعين الجميع تتسع اقترب جعفر يضع فوهة سلاحھ عند حلق عزيز يغرزه بقسۏة وهو يقول بفحيح أمامه وجهه
حماية القصر من مسؤوليتك ومع ذلك بكل سهولة حد قذر دخل ووصل لأوضة نوم بنتي ومخلاش حتة في جسمها سليمة وشوهها…
لو بنتي حصلها حاجة مش هيكفيني عمرك يا عزيز أنت فاهم…
توسعت أعينه پ وتفاجئ انجلى على وجهه القاس متسائلا بعدم فهم
مني .. إزاي .. وحصل أيه .. طب هي عاملة أيه دلوقتي..
]رمقه جعفر پغضب وهو ينصرف بصحبة أبناءه قائلا بأمر
يلا على المستشفى…
بعد مرور القليل من الوقت كان عزيز يقف بشموخ أمام الطبيب المسؤول عن حالة منى يتسائل عن حالتها فأخذ الطبيب يخبره..
بصراحة يا عزيز باشا حالة منى هانم صعبة في چروح صعبة في جسمها كذا طع..نة وڼزفت كتير غير إن نص ضهرها إللي فوق اتشوه بماية الڼار..
جحظت أعين عزيز وسرعان ما ضيقهم بحدة وشيء ما أضاء بعقله بينما كرر بشړ
ماية ڼار!
______بقلمسارة نيل______
هنعمل أيه دلوقتي يا دكتور سامي لازم نبعد قيس .. أنت هتقوله وتديله خبر عنه..
التفتت سامي پغضب يقول
أنت بتقول أيه يا دكتور ماهر أنت عايز قيس ينتهي .. دا إللي بيقف في طريقهم بيخلصوا عليه وأنا مرضاش الأذية الكبيرة دي ليه … حرام..
تسائل ماهر بحيرة
طب هنعمل أيه دلوقتي قيس مش هيسكت ومش هيبعد عنها لأنه حطها في دماغه..
أسند مدير المشفى الطبيب سامي ذراعه على سطح المكتب وأخذ يفرك جبينه ثم أردف
أحنا أهم حاجة عندنا دلوقتي يا دكتور سامي أننا
نبعد قيس عن غرفتها النهاردة..
هو جايلها النهاردة ومش عايزينه يتصادف مع قيس أبدا..
]توسعت أحداق ماهر متسائلا بجزع
هو جاي النهاردة..
أيوا..
ردد بشرود
ربنا يستر..
_____بقلمسارة نيل_____
صف قيس سيارته ودلف داخل المشفى وهو يشعر بطاقة تغمره على الفور توجه نحو غرفة قدر..
ولج لداخلها وكالعادة قابله الظلام الذي يكون أقل حدة بالنهار عن الليل..
ألقى أنظاره فوقها ليجدها ممدة تستند على ظهر الفراش الحديدي بينما تنظر أمامها بهدوء..
ابتسم وهو يدور حول الفراش قائلا ببشاشة
صباح الخير يا قدر..
وكالعادة الصمت كان إجابته ابتسم وقال بينما يضع شيء ما فوق وحدة الأدراج بجانبه
بصي أنا النهاردة يوم مميز جدا عندي علشان كدا أنا جايبلك معايا حاجة أيه .. مش هتصدقيها..
أصل النهاردة بعد ما جيت من صلاة الفجر لقيت أمي رحيمة الله يبارك في عمرها بتعمل فطار أيه..!!
أحسن حاجة بحبها وكانت وحشاني أووي وأنا مسافر .. ألا وهو فطير مشلتت فلاحي معتبر..
ففطرت وعمرت نفوخي..
وطبعا افتكرتك معايا متقلقيش وخليت أمي رحيمة تعبي فطير .. أنا عارف أن أكل المستشفى هنا ملهوش طعم وأكيد مش هيبقى زي أكل أمي رحيمة..
كشف قيس عن الطعام وهو يضعه أمامها بينما يقول بترقب وهو يراقب ملامحها الهادئة ويعلم بعدم إستجابتها يقينا
يلا دوقي فطير الحاجة رحيمة وقولي رأيك قبل ما حد يجي ويكتشف الچريمة دي..
ظل الحال كما هو لم يلقى منها أي ردة فعل وغابت تنظر للطعام بصمت حتى بدأ اليأس يتسلل لقلب قيس لكنه صعق حين رفعت يديها وقربت الطعام منها وأخذت تقطع الفطيرة وتغمسها بالعسل ثم ترفعها لفمها تتناولها بصمت وظلت على هذه الحال بينما يشاهدها قيس بأعين متوسعة حتى شبعت وحملت باقي الطعام تضعه فوق وحدة الأدراج مرة أخرى..
توسعت إبتسامة قيس هامسا بإمتنان
الحمد لله يارب وأنت راضي عني مفيش حاجة تعجز عليا بإذنك يارب..
مد يده لقدر وقال
منديل امسحي بيه .. وبالهنا على قلبك يا قدر.
تناولته منه بهدوء وقد أصبح شعور الأمان يتسرب لقلبها بوجود هذا الطبيب الذي يختلف عن جميع الأطباء المتواجدون
هنا..
أخرج قيس من حقيبة ورقية صغيرة دفتر متوسط الحجم باللون الأبيض ومتناثر فوقه فراشات كثيرة متباينة الألوان وقلم ملون يعلوه فراشة صغيرة..
وضعه فوق ساقها ثم أردف بهدوء
دول هدية مني لك يا قدر..
لو مش هترتاحي بالكلام تقدري تريحي نفسك بالكتابة .. ممكن تكتبي إحساسك أو ترسمي حاجة في خيالك أو تحكي عن شخص بتحبيه أو حتى تشغبطي بدون أي هدف..
ممكن يبقوا تحت مخدتك أو تحت مرتبة السرير لو خاېفة حد يشوفهم..
بس إللي عايزك تعرفيه مټخافيش يا قدر أنا موجود ومش هسمح لأي مخلوق يإذيك وقبل ما أكون أنا موجود فاعرفي وكوني متيقنة إن ربنا موجود وأرحم بيك من أي حد .. استندي عليه بكل قوتك وخلي عندك يقين كبير وصدقيني مش هيخذلك أبدا.
كانت تتحسس الدفتر بشرود وأصابعها ترسم حدود الفراشات وقبل أن يكمل قيس حديثه كانت طرقات خفيفة تتصاعد على سطح الباب وبحركة تلقائية جعلت قلب قيس يحلق في سماء السعادة حين سارعت قدر في تخبئة الدفتر أسفل الوسادة..
شعشعت أعينه بالأمل وأذن للطارق بالدخول ولم تكن سوى ممرضة أخبرته أن الطبيب سامي يريده بمكتبه..
]حرك رأسه بإيجاب واستقام يقول
تمام .. قوليله جاي..
الټفت نحو قدر وقال مبتسما
مش هغيب وهرجع عالطول وخليك مطمنة أنا ههربلك هنا كل إللي هتحتاجيه..
كتب وكل الأكلات إللي بتحبيها وأي حاجة محتاجها..
بقت قدر شاردة لتنمو على شفتيها إبتسامة هادئة رقيقة وللمرة الأولى بعد مرور الكثير تشعر بهذا الشعور..
لوهلة فقط شعرت ببوادر رياح لينة رطبة تقترب من قيظها والذي سرعان ما تبدد كل هذا وحل الظلام القاتم على هذه الغرفة بعد أن اقتحمها بهيئته التي تبث الړعب في نفسها هيئته المليئة بالقسۏة والشراسة والعڼف والجنون…
اقترب منها لتتضح ملامحه أمامها وهو ينحني نحوها مبتسما بمكر وسط الظلام ليشحب وجه قدر ويصفر لونها وهي ترى الشيطان أمامها بإبتسامته الحقېرة التي تجعل قلبها يجفل ړعبا انحنى يحاوطها هامسا بفحيح خبيث
أيه يا قدر موحشتكيش .. عزيز جوزك حبيبك مش وحشك ولا أيه يا صبارتي….
يتبع..
أيه يا قدر موحشتكيش .. عزيز جوزك حبيبك مش وحشك ولا أيه يا صبارتي….
كلمات سقطت على قلب قيس زلزلته بعدما عاد ليحضر دفتره الذي نساه في غرفة قدر تخشب جسده وتربدت ملامحه بال وهو يقف أمام باب الغرفة الغير مكتمل الغلق..
]بينما في الداخل فمحق الضعف من فوق وجه قدر وتبدل بالثبات والوجوم فاقترب عزيز منها يهمس أمام وجهها بنبرة مھددة خبيثة
أيه يا قدر الخۏف والړعب إللي كنت بشوفهم في عينك مش موجودين يعني..
أوعي تكوني نسيتي رحلتنا سوا يا صبارتي ولو نسيتي أنا عيني لك أنا بحب أرجع الذكريات بس يا حلوة متنسيش أنك لسه تحت إيدي ومش علشان طلقتك يبقى كدا عزيز إنتهى..
أنت عارفع أنا طلقتك ليه … طبعا ڤضيحة كبيرة لعيلة البحيري إن يبقى حد شايل اسمهم وفي بيتهم مچنون … المجانين مكانهم هنا .. في مستشفى المجانين أنت من البداية مكونتيش تستاهلي اسمي ولا تطولي إن حتى أبصلك وأنا مستنضفش أبدا واحدة زيك تشيل اسمي…
اتجوزتك بس علشان أزلك وأكسرك وأكسر كبريائك وغرورك وأعرفك نهاية إللي بيقف قدامي لولا أنه كان أمر جعفر باشا إن أطلقك مستحيل كنت طلقتك وخليتك طول العمر زي البيت الواقف لا طايلة سما ولا أرض..
بس أوعي تنسي إن رقبتك ورقبتهم تحت إيدي يا قدر .. ومستحيل توصليلهم ولا عينك تلمح طرفهم تاني .. هما كمان بياخدوا جزاءهم..
دار حولها ونظر لها نظرة ذات معنى ثم قال
تعرفي إن منى حد هاجمها وهي نايمة وطعنها في جسمها … والغريبة .. ماية الڼار .. فكراها أكيد يا قدر … ودي حاجة تتنسي بردوه..!!
اقترب منها وانحنى ثم قال بفحيح فوق رأس قدر التي تنظر للأمام بثبات
تعرفي أنت لو في حالة غير حالتك دي كنت شكيت فيك بس أنا عارف ومتأكد أنك متتجرأيش .. وأكيد إللي حصل مش صدفة يا صبارة بس اتأكدي إن لو عرفت إن ليك علاقة من قريب أو ومن بعيد .. ساعتها هشوفي چحيم ولا حاجة جمب الچحيم إللي شوفتيه وهتكون نهايتك..
كان يتحدث بنبرة تبث الړعب في أوصال من يسمعها نبرة چحيمية تحاكي ملامحه التي يرتسم فوقها شړ
لا نهاية له..
وأكمل يقول بنبرة مريضة
اصبري على رزقك يا قدر دا أنا محضرلك مفاجآت هتعجبك..
وسار يخرج من الغرفة ليستدير قيس يصطنع السير في الممر وخرج عزيز نحو غرفة مكتب مدير المشفى..
بقى قيس جامدا بمكانه يستوعب ما سمعه وفوران ڠضب يمور بقلبه كلمات هذا الحقېر المړيض كانت كحمم بركانية تسقط على روحه ويبدو أن ما خفي كان أعظم وأن قدر تخبأ أسرارا مؤلمة وأوجاع مرمرت جنبات روحها..
دلف لغرفة قدر ثم توقف أمامها فوجدها تنظر أمامها بشرود وأعين غائمة فهتف قيس وهو لا يشعر بأنها بدأت تتخلل روحه وتسكنها وهالتها تلك لا فرار منها..
قدر .. عايز أقولك
إن أنا الوحيد هنا إللي هقدر أساعدك وأخلصك بس الأول لازم تساعدي نفسك يا قدر .. المستشفى هنا مكان خطړ عليك .. ساعديني وأنا مستعد أهربك من هنا..
وعد مني قدام رب العالمين إن مش هتخلى عن مساعدتك بس لازم أنت تقرري .. لازم تخرجي من القوقعة دي مستعينة برب العالمين..
لم يكن الحب يوما مجرد كلمات عشق وحروف الحب سند .. وجود ملجأ دائم .. شعور بالحماية والإحتواء .. معان أسمى من الحب مدلولها الوقوع في العشق..
]خرج قيس قاصدا شيئا ما وتركها خلفه بنظرات خامدة لا توحي بحياة..
عاد قيس سريعا بعد أقل من ساعة وهو يحمل حقيبة قماشية متوسطة ليجد قدر كما تركها فقط تنظر إلى هذا الخيط من الضوء الضئيل بشرود غريب..
وضع قيس الحقيبة فوق ساقيها ثم أردف بيقين
دا المخرج لكل أزمة في الحياة أي مشكلة وأي ۏجع وأي حاجة مستحيلة حلها عنده صدقيني يا قدر .. يمكن تستغربيني بس أنا واثق من طريقة العلاج دي..
جربي ومش هتخسري أبدا جربي مش يمكن تلاقي الطريق إللي أنت تايهة عنه أوعي تيأسي من رحمته مهما بلغ بعدك عنه .. صدقيني هيستقبلك بحفاوة..
وتركها وخرج مرة أخرى وقد نجح بجدارة ليحول كل أنظارها تجاهه وتحفر كلماته بقلبها قبل عقلها وهي تتسائل داخلها بتعجب..
من هذا قيس!!
أخرجت ما في الحقيبة لتتوسع أعينها باندهاش سرعان ما تحولت إلى حنين وروحها المعطشة تهفو إليه..
ابتسمت بإشراق إبتسامة حانية وأصابعها تتحسس رداء الصلاة بلون السماء ونقش فوقه الكثير من الفراشات البيضاء..
من أين علم أنها تعشق الفراشات.!!
أخرجت المتبقي في الحقيبة لتجد مصلاه سجادة للصلاة..
]اقټحمت الذكريات السيئة ذاكرتها ودموعها ټنزف ألم روحها على وجهها..
فأخذ عزيز ېصرخ كمن أصيب بمس من الجنون
قاعدة ليلك ونهارك بيه وبتنامي بيه وعاملة نفسك أحسن وانضف من إللي هنا ونظراتك كلها لنا استحقار .. طب من هنا ورايح هتفضلي كدا وهحرقهم كلهم قدام عينك واليوم إللي هلاقيكي لبستيه فيه هكسر صوابعك أنت سامعه..
وألقى بجميع أحجبتها أرضا أمام أعينها المحمرة التي تجمدت بها الدموع الحارة وهي ترميه بنظرات حادة شرسة كارهة تتوعده بأنه ينتظره يوم…
تصاعدت النيران أمام أعين قدر من أحجبتها المحترقة..
استقامت تنفض ملابسها ثم دلفت داخل هذا القصر الملعۏن نحو غرفة سجنها وأخذت تبحث من بين ملابسها على أحد فساتينها الطويلة ومزقت منها جزء كبير ثم عقدته فوق رأسها تخفي خصلاتها..
صعد عزيز من خلفها وهو ېصرخ پجنون
قدر … قدر .. إزاي تتجرأي وتمشي من قدامي من غير ما أسمحلك..
وبمجرد أن دلف للغرفة حتى تسمرت أعينه فوقها وهو يرى هذه الإجابة الصريحة في تحديها وعدم خۏفها منه ومن تهديده..
ترفع رأسها بكبرياء وتحدي وشجاعة وقوة هي من اسقطتها بطريقه..
فهي لا تخنع أبدا…
انتفخت عروقه وتنامى غضبه وهو يرى عدم مبالاتها بتهديده وبأن الشخص الوحيد التي يفرض سيطرته ويمارسها عليه يتمرد ھجم عليها وهو يتذكر سيطرة جعفر البحيري التامة عليه وإذعانه له .. ھجم ينهال بالضړب العڼيف على قدر ثم سحب كفها وبشيطانية جذب أصابعها للجهة المعاكسة دون رحمة لتدوي صوت فرقعة وتكسر العظام بالغرفة مصحوبة بصرخاتها المتوجعة حد المۏت…
انتفضت قدر تخرج من ادكارها
فرفعت كفها أمام وجهها وهي تقبض أصابعها وتبسطها ثم كورت قبضتها بشدة..
استقامت تقف حافية القدمين واتجهت نحو المرحاض وبعد قليل خرجت وهي تسحب رداء الصلاة ترتديه وتبسط المصلاة بتجاه كانت تعلمه جيدا ووقفت لتنمو إبتسامة هادئة فوق شفتيها وتومض قوة عاتية بأعينها الزبرجدية وهمست للمرة الأولى بنبرة شديدة شرسة
الحړق .. الڼار .. دول حقي وأنا منتظره عدلك..
ورفعت كفيها المثقلة بالدعاء وسط الظلام … وهل رد مظلوم خائبا من أمام باب الملك يوما ما!
لقد أقسم بجلاله وعزته .. لقد كان المظلوم من الثلاث الذي لا يوجد بين دعاءهم وبين السماء حجاب..
وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين..
كيف يحزن مظلوم بعد سماع هذا الوعد!
_______بقلمسارة نيل______
وبذات الطريقة وبذات التوقيت رغم الحماية والحراسة المشددة كان يتسلل هذا المجهول لغرفة مختلفة..
اقترب من تلك الغافية بنوم عميق تضع سماعات الأذن بموسيقى صاخبة في أذنيها غرز تلك الأبرة بذراعها وسحب المجهول أصبعها يضعه فوق شاشة الهاتف ليفتح أمام أعينه..
وشرع في الخطوة الثانية من الإنتقام لكن تلك المرة ستكون مختلفة … ومن العيار الثقيل..!
]موعدهم معها الصبح أليس الصبح بقريب!!
_______بقلمسارة نيل_______
كانت فترة عمله للصباح بجوف الليل بعد أن انتهى من قراءة ما تيسر له من القرآن وردد بعض الذكر خرج يتمشى بالممرات الساكنة الهادئة يتأكد أن كل شيء على ما يرام قبل أن ينعم ببعض النوم..
وأثناء مروره بأحد الغرف الجانبية تسلل لمسامعه صوت همس ضعيف..
عقد حاجبيه بعجب وأوشك أن يدلف لداخل الغرفة ليعلم ما الأمر لكنه توقف متسمرا وهو يستمع لحديث مدير المشفى المنخفض وقد بدى متوترا مرتجفا
زي ما بقولك كدا يا ماهر .. هو طلب نبدأ نديها العلاج ده .. تعرف ده معناه أيه..
ردد الطبيب ماهر بفزع
بيعجل بمۏتها يا دكتور سامي العلاج ده خطېر جدا .. علاج يدخلها في إكتئاب ويخليها متحسش بالعالم من حوليها ويوصلها بكل سهولة للإنتحار ودا إللي يقصده..
هنعمل أيه .. المچرم ده بقت المستشفى كلها تحت إيده ومهددني بأمي الكبيرة في السن..
ردد الأخر بهم وحزن
وعيالي يا دكتور سامي .. أنا مش عارف أعمل أيه .. إحنا مالنا ومال إنتقامهم وليه يدخلنا في الحړب دي..
قال الطبيب سامي بحسم وأعين شاردة
]هنفذ يا دكتور ماهر .. من الصبح تنفذ..
هرع قيس يبتعد عن الغرفة بأعين متوسعة وهو لا يصدق ما سمع ألهذه الدرجة يصل الأمر!
تفاقمت نبضات قلبه ټ صدره پ وهو يشعر أنه بدوامة لا يستيطع الخروج منها لكن الأهم الآن هي .. حياتها أصبحت في خطړ..
يجب أن ينقذها..
سار مسرعا تجاه غرفتها فتلك المشفى أصبحت تشكل خطړا عليها الټفت بحذر قبل أن يلوى مفتاح الغرفة يفتحها بهدوء دون إصدار صوت وفور أن فتح الباب وقف مستمرا ليتوارى سريعا وهو يرى آخر شيء توقعه على الإطلاق..
صاعقة رعدية ضړبت جسده بقوة مزلزلة قلبه..!
يتبع..
أضرمت النيران بقلبه وهو يراها مع رجل يبدو بمقتبل عقده الثالث بقوة وتشبث وهو يضمها بشدة مطبقا ذراعيه من حولها..
ران على قلبه الألم واحتدت نظراته وهذا الشعور ينهش يقلبه دون رحمة قبض على كفيه بشدة حتى أبيضت مفاصله وهو يستنكر هذه المشاعر التي أخذت في النمو والترعرع داخل قلبه..
همس يستغفر الله سرا بينما يصرف تفكيره من هذه الجهة وقڈف بعقله شيء آخر..
شخص يتسلل للمشفى حتى غرفتها .. وردة فعلها تجاهه عكس السكون الذي تنتهجه..
إذا هي بخير!!
توسعت أعينه عند هذا الهاجس فهل
من الممكن أن تكون بخير ومن هذا الشخص المجهول!!
لكن هذا لا يغير من أنها معرضة للخطړ..
توارى ووقف في أحد الزوايا المخفية عندما رأى هذا الشخص يتحرك للخارج متنكر بزي ممرض وقناع طبي..
عاد قيس لغرفته بوجه مجعد وكثير من التساؤلات هاجت بعقله وقد أصبح كل شيء أمامه ضبابي..
جلس خلف مكتبه مستندا على سطحه بذراعيه ليغرق في التفكير العميق حتى ألمه رأسه رفع أصابعه وأخذ يمسد رأسه بإرهاق ليغفو جالسا بعقل تائه…
______بقلمسارة نيل______
بغرفة قدر جلست فوق فراشها وبين يديها هذا الدفتر الذي دسه هذا الطبيب المختلف إليها ابتسمت بشرود لتتفتح ملامحها الجميلة رغم ذبولها أخذت القلم بين أصابعها تتحسسه بسعادة ثم شرعت تفتحه ونقشت تكتب في الصفحة الأولى بخط متوسط وأعينها تضوي هذه المرة ببريق السعادة..
حامي الحمى
تنهدت براحة ليغرق
عقلها في هذه الذكرى التي كانت البداية لكل شيء اليوم الذي تغيرت عنده حياتها وأصبحت تكتسي بالسواد..
في بلدة متواضعة يميزها طيبة قلوب ساكنيها ومع بدء أول خيط للصباح والشمس لم تخرج بعد على حافة الشروق انتشر الرجال عائدون من صلاة الفجر واستقيظت النساء والفتيات من ثباتهم بعد ليلة هادئة انتهت بنوم عميق باكر..
ضجت المنازل بالحيوية وانتشرت رائحة طعام الأفطار الشهي..
وفي هذا المنزل المتوسط الذي يعمه السکينة والود..
توقفت قدر تتخصر بتذمر أمام باب المطبخ ثم هتفت بإمتعاض
أنا مش عارفة أيه السر العجيب في أنكم تعملوا فطار يوم الجمعة فطير..
الناس تفطر على حاجة خفيفة كدا على معدتها وإحنا يا عيني نصدمها بفطير مشلتت بالقشطة..
لوت السيدة حليمة والدة قدر فمها بتحسر ثم أردفت
أو ممكن مثلا بلاش الفطير علشان عندي بنت مش عايزه تكلف نفسها وتساعد قبال أمها.!
وعلى أساس معدتك المسكينة مش هي إللي بتلهف الفطير بتاع الصبح ده..
أبوك وأخواتك وأنت بتحبيه وبطلي لماضة وأيدك معايا علشان نطيبه..
ارتفعت ضحكات قدر في المنزل ودلفت تحتضن والدتها بشغف وتقبلها وهي تقول
]عيبك أنك فهماني صح يا ست قلبي..
يلا أوريك شطارة قدر يكش يطمر في الجحشين رائف ورائد عيالك الطفسين..
وبمجرد انتهاءها من سبها حتى دلف المطبخ شابان في السادسة والعشرون من عمرهم يكبروا قدر بخمس سنوات هرعوا نحوها لتبدأ معركتهم الصباحية وصاح رائد بوان
جحش لما يطيرك يا قدر بني غبش على حياتنا..
بينما قال رائف وهو يها على رأسها من الخلف بخفة
الناس تقوم الصبح تقول أصبحنا وأصبح الملك لله وأنت من الصبح جارة شكلنا كدا..
خليك شاهدة يا حليمة على بنتك..
وكعادة كل صباح خرجت صړخة من حلق حليمة لفض تلك المعركة بينما تجذب مغرفة الطعام الثقيلة ليسرع ثلاثتهم هارعين لغرفهم بحماية..
أخذ يقول رائف بصوت مرتفع بمكر
ما أنا قولتلك يا سي رائف بلاش شيبسي بالطماطم ولا مولتو إللي جبناهم بليل وإحنا راجعين دول خسارة فيها يا عم..
أيده رائد بمكره بينما يجذب شيء ما من الحقيبة البلاستيكية التي تجاوره وقال
عندك حق يا رائف .. يلا حلال علينا الشيبسيات والمولتو ده…
ولم يكمل جملته حتى اقټحمت عليهم الغرفة بإبتسامة عريضة وهرعت تجلس بينهم تقول بحب
]أخواتي حبايبي .. ملايكه نازلة من السما رائوفتي ورائودي أحن أخوات في المجرة..
تعرفوا أن إمبارح عملت حسابكم معايا واشتريت بيف مخصوص من إللي بينزل في قلبكم ده ودلوقتي هعمل حتة طاسة بيض بالبيف المعتبرة إللي أنا بعملها..
انهالت فوقها القبل بمرح وحنان وأخذوا يدغدغونا بدلال لټنفجر ضحكا فيقول رائف
قدرنا الأبيض إللي شبه النور وإللي محلية حياتنا ياض يا رائد..
هو أنا أقدر على يومي ألا ما يبدأ بقدر حبيبة قلب أخوها..
لم يكن مجرد مزاح فقد كانت هي لحياتهم وهج ونكهة لا يستطيع الجميع التخلي عنها ورغم وانها وعصبيتها وقوتها التي لا يستطيع أحد مجابهتها فهم لها سند واحتواء وهم بأعينها العالم أجمع تلقى منهم دلالا واحتواء فهي أميرتهم الوحيدة..
تجمعت الأسرة والتفوا حول طعام الإفطار يتناولون في جو مليء بالسعادة والود والمرح..
وبعد الإنتهاء من الإفطار خرجت قدر حيث شرفة المنزل الأرضية الأمامية الواسعة والتي تطل على حديقة المنزل الصغيرة ثم الشارع تحمل أكواب الشاي الذي أخذت رائحة النعناع الطازج تفوح منه..
وضعته بالمنتصف حيث يجلس والديها وشقيقيها فوق الأرائك تحت أشعة الشمس الصباحية الدافئة..
رددت قدر بمرح
شاي بالنعناع إنما أيه محدش يقدر يعملها ألا قدر ربنا ما يحرمكم مني أبدا..
لوى رائف ورائد أفواههم بضجر وأخذ رائد في الهمس بضحر
يلا أسطوانة الشاي بالنعناع بتاعة كل يوم … مكانتش كوباية شاي يعني..
طوقت قدر خصرها وصاحت بإحتقان
سمعني صوتك يا سي رائد أنا عارفة بتقولوا أيه يا ناكرين المعروف .. مكانتش كوباية شاي يعني ماشي بكرا لما ميبقاش في قدر هتتشوقوا على كوباية الشاي دي وتقولوا فينك يا قدر ولا يوم من أيامك..
لا يعلم والدها لماذا ارتجف من هذا الحديث جذبها مقبلا رأسها بحنان ثم قال
ربنا ما يحرمنا منك أبدا يا نن عيني دا أنت الخير ونوارة البيت ده يا قدري الأبيض الجميل..
نظرت لشقيقيها بغيظ بينما قالت والدتها وهي تجذب كوب الشاي
أقعد دلع فيها يا أبو ياسين لغاية ما شايفه نفسها
علينا ومستقوية على أخوتها.
قال فتحي والد قدر بحنان
تستقوى وأعيش وأدلعها يا أم ياسين ربنا يجعلها قوية طول العمر..
جلست قدر بأحضان والدها الدافئة وأخذت تأكل الأشياء التي قد ابتاعها لها رائف ورائد بتسلية..
قال والد قدر بسعادة
صحيح يا ست حليمة .. ياسين كلمني وقال إن هيوصل على أول الأسبوع الجاي..
تهلل وجهها بسعادة لعودة ولدها البكري لتنطق بفرحة
بجد .. يوصل بالسلامة يا كبد أمه والله واحشني أوي..
ابتهجت قدر وهتفت بسعادة
يااه واحشني موووت حقيقي البيت من غيره ناقصه كتير ومش ليه أي طعم..
وأكملت بمكر وهي تنظر لرائد ورائف
يلا بقاا يا أم قدر نقعد نفكر في الوليمة إللي هنعملها … بس طبعا لياسو فقط…
محشي مثلا .. ولا نقول مكرونة بشاميل بتاعتي هو بيحبها من إيدي جدا .. وممكن لحمة بالصوص …إللي أنا بعملها دي يا حليمة .. عارفها وياسو بيحبها أووي…
امتعض وجه حليمة لتقول باستسلام
أنا معرفش في الأكل المايع إللي بتعمليه ده بس ياسين بيحبه مع إن عايزه أعمله أكل يرم عضمه..
بس يلا اعملي كل الوصفات إللي بيحبها..
سال لعاب كلا من رائف ورائد واللذان أسرعا يجلسون على جانبي قدر وأسرع يقول رائد بود واهتمام
]بقولك يا قدر أنا نازل الأسبوع ده المكتبة في كتب نقصاكي أو نفسك فيها .. روايات ناقصة لأجاثا كريستي أو مجموعة هولمز..
بينما أخذ رائف يقول
بقولك يا بت يا قدر أنا شوفت حتة فستان في المول مرسوم عليه فراشات كتير أوي إنما أيه لقطة .. أنا أول ما شوفته قولت هياكل حتة منك ولونه أيه .. لافندر كمان..
هنزل عالطول وأجيبه قبل ما حد ياخده..
رفعت قدر رأسها بكبرياء ثم هتفت بغرور بينما تقضم حبات الشيبس
هفكر وأرد عليكم..
وكادوا يتحدثون إلا أن صوت طرق شديد جدا على باب منزلهم الرئيسي جعلهم ينتفضون
بفزع..
انتفضت حليمة وهي تطبطب فوق قلبها قائلة
يا ستار يارب أيه الخبط ده ..استرها يارب..
بينما انتفخت أوداج قدر ڠضبا وسارت خلف شقيقيها ووالدها نحو الباب وبمجرد ما فتح الباب وجدوا الكثير من الجيران متجمهرين بينما يوجد رجال غرباء كثيرة جدا تنتشر في كل مكان يرتدون بذلات سوداء ويتواجد آلات هدم كثيرة.
تسائل فتحي بتعجب
خير في أيه..!
هبط رجل في بداية عقد الرابع من سيارة سوداء حديثة الطراز ولم يكن سوى عزيز البحيري الذي رمقه بكبرياء وأشار وهو ينفث دخان سيجارته وقال وهو يستدير مواليا ظهره لهم
]اخلوا البيت علشان هنبدأ نهد…
وقعت الكلمات على الجميع كالصاعقة أخرست ألسنتهم إلا من تلك التي خرج هدرها وتشرست ملامحها وهي ترمقه باشمئزاز
نعم!! هو أنت جاي تعرض چنونك علينا هنا يا مچنون … روح اتجن بعيد عن هنا..
قال نخلي البيت شكل دماغك لاسعة..
توقف بتخشب واستدار ببطء ينظر لصاحبة تلك الكلمات المندفعة التي ستندم عليها حتما طافت أعينه يجرفها بنظراته التي اتقد الشرر بها ابتسم لتفتح أبواب الچحيم وقال بوعيد وهو يتأمل أعينها الزبرجدية المتشرسة والمغمورة بالقوة وحجابها الطويل وملابسها الفضفاضة
صبارة .. بتشوكي يا صبارة .. بس مش أنا إللي بتشوك .. المهم هتندمي على كلامك ده يا حلوة بس دلوقتي مفيش حتى فرصة تخلوا البيت يلا برا..
أفاق رائد من صډمته وهرع ېتهجم على عزيز ليطبق عليه رجال عزيز فېصرخ بشراسة
لم لسانه وعينك يا قذر وملكش كلام مع أختي ومتقولش كلام هتندم عليه..
وهي سايبه ولا أيه .. أيه تهدوا البيت ده دا بيتنا ومش هنخرج منه على جثتنا..
ازدادت إبتسامة عزيز شيطانية وهو يرى تجرأهم عليه ليقول ببساطة
خلاص يبقى على جثتكم عادي جدا..
اندفع نحوه رائف يمسك عزيز من تلابيبه وصاح بوجه ڼاري
أنت بتهددنا ولا أيه يا حيوان .. أيه البجاحة دي جاي تخرجنا من بيتنا علشان تهده..
لم تتبدل ملامح عزيز الشيطانية وقد ھجم رجاله يبعدون رائف ويقيدون حركته بينما يناضل للتحرر وهو ېصرخ بوان..
قال عزيز ببرود
صدقوني موقفكم ده هتندموا عليه واحد واحد..
انتفض فتحي وهو يرى حال أولاده فاقترب من عزيز وقال باستنكار
حضرتك يا أستاذ بتخبط على بيتنا وبتهددنا وعايزنا نخرج من بيتنا والمفروض بكل خنوع وهدوء نخرج!!
أنت عايز أيه يا أستاذ!
حرك عزيز كتفيه بهدوء وأشار من حوله نحو المنازل التي تجاور منزل أسرة قدر
لو بصيت على البيوت إللي جمبكم بكل بساطة خرجوا جيرانكم وفضوا البيت
بكل هدوء أنتوا ليه بقاا عاملين إزعاج إحنا هنبني مخازن لنا هنا وعايزن الأرض دي كلها.
ااه أنا عرفت أيه السبب في موقفكم ده متقلقوش …أكيد في مقابل مادي .. هنرضيكم..
هرميلكم قرشين على الجزمة وأنتوا زي الكلاب مش هنسمع لكم صوت تاني..
مار داخلهم وتوسعت أعينهم پ متخشبين وهم يرون مدى وقاحة هذا الشيطان..
كان كلا من رائد ورائف مقيدين الحركة ووالد قدر أيضا … بينما والدتها مڼهارة پبكاء عڼيف..
كانت هي الوحيدة الحرة بينهم .. جعلت كلماته النيران تشتعل بداخلها اندفعت بكل ڠضب نحوه وأعينها ترميه بنظرات مستحقرة وبكل قوتها وڠضبها رفعت كفها بأعلى ما لديها وسقطت به على وجه ليحدث لسعة أسمعت الجميع وجعلتهم يصمتون وكأن على رؤسهم الطير..
بينما هذا الذي تصنم جسده الټفت ينظر لها بهدوء ليردف بهدوء أثار ارتعاب والدي قدر
تعرفي … اليومين دول أنا حاسس بملل رهيب بس يبدو أن لقيت لعبتي إللي هتسلى بيها..
بوعدك يا صبارة إن هخليك تتمنى المۏت ومش تطوليه .. والقلم ده هخليه أهون حاجة من إللي هتحصلك..
وأشار لرجاله يقول
نفذوا..
نظروا جميعا پ واجتمع الكثير من الرجال حول رائد ورائف الثائران يحكمون تقيدهم وبالمثل مع والدي قدر التي جاءت تركض نحوهم لكن قضبة حديدة حول ذراعها جذبتها مرة الأخرى ظلت تتلوى بمناضلة بينما ېصرخ رائد ورائف ووالدهم..
]سيب أختي يا حقېر …والله لأقطع إيدك يا حيوان …
نزل إيدك عن بنتي يا شيطان..
انتفضوا على حركة ألآت الهدم التي تقدمت نحو منزلهم تقتحهمه وهم يرون منزلهم ينهار ساقطا صړخت قدر وأعينها تفيض بدمعها
لاااااااااااااااااااااا.
صړخت والدتها وهي تتململ تحت أيديهم پجنون وجميعم يحاولون تخليص نفسهم لكن كان كل شيء انتهى وهم يشاهدون منزلهم يسقط أمامهم في مشهد يدمي القلب..
المنزل الذي شهد على سعادتهم ومرحهم وحزنهم وجميع ذكرياتهم متعلقة بجدرانه لقد كانوا قبل دقائق ېصرخون بصخب سعداء ويرتشفون الشاي بالشرفة ببساطة وسعادة..
صړخت قدر وهي تحاول تخليص نفسها بينما تراهم يجرون والديها وشقيقيها الذين أبرحوا ضړبا نحو أحد السيارات
بابااااااا …. مااامااااااا .. رااااائف … رااااائد..
لاااا .. استنوا .. واخدينهم على فين..
جذبها بقوة يقيدها بعدم رحمة بينما يهمس وهو يلقيها بسيارته أمامهم
هما كمان هيتعاقبوا على وقفتهم قدامي زي ما أنت كمان هتتعاقبي..
ملي عينك منهم لأن دي أخر مرة تشوفيهم..
صړخ رائف پجنون بينما يجرونه وهم ينهالون عليه ضړبا بعصا ثقيلة
]قدر ….. لااااااااااا
سقط رائد أرضا بينما جذب عزيز سلاحھ ضاغطا دون تردد فوق الزناد لتنطلق رصاصة تخترق صدره لېصرخ ساقطا
قدر … أختي..
صړخت قدر وهي تعافر بكل قواها بينما تنظر لشقيقها الساقط أرضا بفزع وجأرت بأعين تجمد بها الدمع حتى بح صوتها
راااائد..
وهنا اختفى صوت قدر للأبد واختفى معه صوت شقيقيها ووالديها التي رأتهم يسقطون أرضا باڼهيار وانهزام لتكون المرة الأخيرة لرؤياها حتى الآن…
عادت قدر بذاكرتها إلى الحاضر على اقټحام قيس للغرفة …وقف أمام فراشها ثم قال مباشرة دون مراوغة
قدر لازم تهربي من المستشفى دي خلي عندك ثقة فيا يا قدر .. أنا ملجأك هنا صدقيني..
كان يتوقع صمتها وعدم استجابتها لكنها لدهشته ابتمست بهدوء وهمست ليسمع صوتها الذي جعله يتخشب پ دون تصديق
حامي الحمى…
يتبع..
حامي الحمى…
هذا الصوت .. يعرفه قلبه جيدا هذا الصوت لو وضع بين ألآف الأصوات لا يمكن أن يخطأه قلبه..
لكن كيف!
هل هي حقا..!!
طال سكوته وعزوفه لكن كان الضجيج بقلبه على أشده قلبه الذي تقاذفت نبضاته بشكل چنوني أخرجه من دوامته صوتها الذي جعله يغمض جفنيه يشدد عليهم بقوة..
الصوت الذي هرب منه بعدما مال قلبه وأصبح يشكل خطړا عليه وعلى مبادئه الصوت الذي كان يطارده في أحلامه وبكل مكان.
ابتسمت قدر بخفة فهي تعلم سبب حالته وصډمته وقالت بهدوء
ليه عايز تحميني .. وأهرب معاك من هنا بأي صفة!!
استدار للجهة الأخرى يهرب منها ومن نفسه ومن المشاعر التي يتخم بها قلبه ولا سبيل لتثبيط نبضه المچنون..
كتم صړاخ كاد أن يتفلت من بين حناجره أخشى عليك من نسمات الهواء الشديدة لا أطيق أن أراك تؤذين سيلان من الڠضب الذي لم أختبره بحياتي يسري بدمائي لأجلك مشاعري وقلبي أصبحوا يجأرون بك..
إلى هذا الحد يكفي..
لن ينجرف مع مشاعره تحت إطار الشيطان ولن يواري بذرة العشق التي ترعرعت بقلبه منذ عامان هو يستحق
أن يحيا ويغدق بالعشق يستحق أن يحيا تلك المغامرة وهذه الحياة..
الټفت يقول غاضضا بصره
ممكن تقولي علشان دا واجب أي دكتور عنده ضمير وبيخاف رب العالمين..
أظن أنت مش
مريضة ولا وصلتي للحالة إللي بتتظاهري أنك عليها يا قدر..
أما بالنسبة للقسم التاني من سؤالك تهربي معايا من هنا بأي صفة..
ممكن بصفتك مراتي .. نتجوز يا قدر لو وافقتي النهاردة من هيعدي ألا ما تكوني على اسمي..
ووعد مني إن محدش هيقدر يأذيك ولا يطول شعره منك وهحارب الدنيا دي كلها علشانك..
لما تبقى مراتي ساعتها ولا المستشفى ولا أي مخلوق يقدر يقف قدامنا..
اسمحيلي أفهم أيه إللي حصلك وأيه إللي بيحصل أنا شوفت الحقېر إللي جه هنا إمبارح وكان بيهددك وإللي عايز يتخلص منك دا شخص مريض لأبعد الحدود أمر أنهم يعطوك علاج بيعمل هلاوس وبيسبب الجنون وهيسلمك بكل سهولة للمۏت والكل هنا مجبر إن ينفذ أوامره..
وافقي نتجوز علشان مفيش أي حدود تمنعنا ويكون بيني وبينك حواجز وافقي علشان أعرف أنت مين..
ظلت على حالتها الهادئة وهاجم ذاكرتها ومضات ماضية منذ عامان فابتسمت وهتفت بغموض
]متأكد إن قرار الجواز ده غرضه حماية وبس يا دكتور ولا وراه قصة تانية وغرض آخر..!!
تذبذب قلبه للوهلة الأولى فهل استشعرت ما يكنه قلبه لها وقبل أن يبرر قاطعه صوتها تقول بنبرة غريبة
الڼار دي ڼاري لواحدي وبس ومش هسمح لحد يتحرق فيها أنت قولت بلسانك محدش قادر يقف قدامه .. يبقى ليه تإذي حياتك وتإذي مستقبلك وأكيد عندك أحبابك إللي محتاجينك وبيخافوا عليك..
ابتسم بمرارة فعن أي أحباب تتحدث!!
ألا تعلم أنه فريسة الوحدة!
تخشب جسده قبل أن يجيبها حين استقامت وسارت حتى وقفت أمام النافذة الدائرية الصغيرة ونظرت للظلام المعتم بالخارج كانت تواليه ظهرها فرفعت كفها تضعه فوق قلبها ثم أغمضت أعينها تشدد على جفتيها قائلة لحاجة في نفسها
بس دا ميمنعش إني موافقة على الجواز يا حامي الحمى…
توسعت أعين قيس پ وعدم استيعاب تجاوزه سريعا وهتف متسائلا بنبرة حادة وقلب يتآكل
مين إللي كان عندك بعد نص الليل .. وكان حاضنك وإزاي قدر يدخل لغاية هنا..
التفتت له مبتسمة بحنين ثم أجابت ببساطة ودون مراوغة أدهشته
أخويا … ياسين..
لن ينكر تلك الراحة التي غمرته والتي دلت عليها تنهيدة طويلة لكن تلك التساؤلات التي تعج بعقله لم تهدأ بعد شقيقها .. لكن قد أخبروه أنها لا أحد لها!!
]ولماذا يتسلل شقيقها بهذه الهيئة للمشفى ويترك شقيقته في هذا الأمر!
بينما هي فيكفيها شعورها بالأمان الذي تسلل إليها لتخبره بهذا السر الذي لا يعلم أحد عنه شيء…
يعلم قيس أن الأمر ليس بهذه السهولة إنها بمثابة أرض مجهولة وسيكون هو مكتشفها سيكشف اللثام عن المجهول كاملا وسيجعلها تسكب بين ذراعيه آهاتها ودموعها..
تنحنح قيس وأردف بحسم به بعض التحدي لهذه المشفى اللعېنة
بكرا .. هجيب المأذون معايا لهنا وهنكتب كتابنا.
وخرج من الغرفة تاركا قدر التي تقف أمام النافذة بصلابة وأعين شاردة بعيدا..
التفتت وسارت نحو الفراش ثم چثت تنزع الغطاء مدت يدها تسحب من وسط الوسادة الكبيرة من بين القطن شيئا ما أمسكته بلهفة مقررة ما ستفعله..
_______بقلمسارة نيل_______
سواد الليل الجاثم على الأرجاء اختلط بهذا الغبار الدخاني الذي أخذ في التصاعد والتزايد فالڼار المشټعلة أخذت تلتهم كل ما يقابلها بسرعة البرق.
ڼار عاتية شديدة غاضبة أصبحت قاتمة من شدتها لم تبقي شيء .. ڼار أشعلتها وكان وقودها ڼار الإنتقام فأصبحت ڼار على ڼار..
خرج هذا المجهول مستندا على الشجرة يشاهد ألسنة النيران الغاضبة والغبار الأسود يزيد من قتامة ثوب الليل..
نمت إبتسامة ظافرة فوق فمه وأعينه تمشط المكان المهجور أو لنقل السري..
مجموعة كبيرة من مخازن عائلة البحيري التي يقطن بها ذخيرة عملهم ومستقبلهم قد أصبحت الآن رماد…
مخازن أخفوها عن أعين الجميع في مكان لا يستطيع أحد الوصول إليه ولا يعلم بأمره سوى القليل جدا..
استدار راحلا بابتسامة واسعة تاركا خلفه نيران بأصوات مخيفة قد سترها الليل وموعدهم معها الصبح أليس الصبح بقريب!!
________سارةنيل________
مع إقتراب خروج الصباح بمناء تتراص به السفن التجارية الضخمة اقتربت سفينة مميزة تحمل اسم البحيري ومع إقترابها كان ټقتحم قوة عسكرية من رتب خاصة الميناء سيطرت على الجميع..
ردد القائد سليمان وهو يشير نحو سفينة شركات البحيري
الكل يبعد
.. التفتيش والفحص من مسؤوليتنا..
ووقف الجميع على الرصيف الخاص برسو السفن تحت ترقب العاملين والضباط المسؤولين وتوترهم..
بعد مرور الكثير من الوقت ومع ظهور خيوط الصباح الأولى صاح القائد بوجه مكفهر بينما أصبحت السفينة تلتف بالشرائط
احجزوا على كل حاجة وفضوا المينا والبضايع دي تنقولوها للمخازن الخاصة بينا..
______بقلمسارة نيل______
عاد لمنزله في الصباح بعدما مر على غرفة قدر فوجدها غارقة في ثبات عميق..
أراد تبديل ملابسه للإستعداد لهذا اليوم المميز..
مسح منزله الصغير المتواضع بنظرة حانية هذا المنزل الذي عاشت به والدته حتى توفاها الله منزل يحمل ذكرياتهم معا..
يتذكر كيف دائما ما كان يقف بجانبها في مطبخها البسيط وهي تطهو وتصنع له كيك اليوسفي المفضل له بينما مرحها وصوت ضحكاتهم يطوف بالمنزل..
كان يعشق المطبخ على عشقها له ويحب مساعدتها..
وقف بالمطبخ يصنع كوب من القهوة ليسترد نشاطه وتركيزه وسرعان ما انتشر رائحتها الرائعة بالأرجاء سكبها بالكوب وجلس فوق أحد مقاعد تلك الطاولة المستطيلة البيضاء التي تتوسط المطبخ..
ابتسم بحنين وهو يتلمس كتبها القديمة التي معظمها عن علم النفس والتي كانت تحرص أن تضعها بأحد أركان المطبخ فقد كانت تفضل الجلوس وقت فراغها هنا وأمامها كوب قهوتها وبين يديها كتاب..
]لقد كانت بسيطة جميلة محبة للحياة ومتفائلة تلون حياته بالألوان الزاهية والبهجة لكن كل هذا إنتهى برحيلها .. وها هو يجلس بمكانها المفضل لكن بدونها .. وحيدا كحالة دائما من بعدها..
عاد بذاكرته إلى هذا اليوم حين وقف والده يخبره بكل هدوء وهو يحزم أشياءه وملابسه برحيله..
أردف ناصر والد قيس وهو يحمل حقيبته بينما يقف طفل بعمر العشر سنوات ينكس رأسه للأسفل ثم رفع رأسه لتتبين أعينه المليئة بالدموع ويقول بحزن ېمزق القلوب
أنت كمان هتسيبني يا بابا .. طب أنا هفضل لواحدي إزاي .. هفضل هنا لواحدي طب خدني معاك وهبقى مؤدب..
انحنى ناصر يقبض على كتف قيس يقبض عليه ثم أردف بقوة
أنت كبرت ومبقيتش محتاج حد يا قيس لازم تعتمد على نفسك هيحصل أيه يعني لو فضلت لواحدك المكان هنا آمن والجيران كويسين مدرستك بينها وبين البيت شارع وكل حاجة موجوده في البيت .. شوف مصلحتك أنت مش محتاجني .. أنا لازم أسافر علشان أشتغل وعندي مسؤوليتي وكل فترة هاجي أشوفك..
يلا مع السلامه خد بالك من نفسك..
وخرج ليبقى قيس طفل في العاشرة وحيدا بمنزل شهد طفولته ظل ينظر من حوله بتيهة ثم سار نحو فراش والدته يتكوم فوقه حتى ذهب في ثبات عميق..
]ومرت الأيام وأصبح قيس ملزوم من نفسه يستيقظ على منبة والدته صباحا يرتدي ملابسه ويذهب ركضا إلى مدرسته بعدما يحتفظ بمفتاح المنزل بجيبه بعناية ثم يعود للمنزل يغلق الباب جيدا ويقوم بصنع شطائر الجبن ثم يصعد على مقعد صغير أمام حوض غسل الأواني يغسل الأطباق ويبدأ بمذاكرة دروسه…
وظل على هذا الحال حتى علم الشيخ رضوان بالأمر فتولى هو وزوجته الاعتناء
بقيس ورغم هذا لم تكسر وحدته فمنذ أن أتم الخامسة عشر ووالده لم يأتي إليه حتى تلك المرات التي كان يكلف نفسه بها مرسلا له النقود..
خرج من تلك الذكريات التي تتلبسه ليمحق تلك الدمعة التي خانت جفونه وسقطت وهمس بمرار
الله يرحمك يا أمي ويرزقك الفردوس الأعلى..
خرج من المنزل ثم طرق باب منزل الشيخ رضوان الذي أطل عليه ببشاشة فابتسم قيس بود وهو يقول بمرح
صباح الفل على سعادة الشيخ رضوان والدي العزيز ….
ابتسم رضوان وهو يفسح له المجال قائلا
صباح الخيرات على دكتورنا الغالي .. ادخل أمك حليمة عاملة فطار معتبر..
تنحنح قيس وقال بجدية
بالهناء على قلوبكم يارب أنا شربت قهوة .. المهم أنا عايزك في حاجة مهمة يا شيخ رضوان وفي موضوع مهم عايز أكلمك فيها..
أثار حديثه قلق رضوان الذي تسائل باضطراب
خير يا قيس قلقتني..
محتاج مأذون موثوق منه ضروري ممكن نكلم الشيخ محسن المأذون..
_______بقلمسارة نيل______
كان هذا الصباح في قصر البحيري يختلف بكل المقاييس.. لقد انصبت المصائب فوق رؤسهم صبا..
احتراق مخازنهم التي تحتوي على جميع شحنات عملهم..
وقف جعفر يجأر بملامح متشرسة
إزاي دا يحصل … بيتنا اتخرب .. مين بيعمل معانا كدا … عزززززيزززز..
أتى عزيز الذي كان يقوم ببعض المهاتفات بوجه منتفخ غبضا ليصيح پجنون وشراسة
المسؤول عن إللي حصل مش هيكفيني فيه
عمره هخليه يتمنى المۏت ولا يطوله.
بقى شغلي إن أوصل للي بيعمل معانا كدا..
اقترب جعفر منه يرمقه بشړ ثم قال من بين أسنانه بوعيد وهو يطبق على تلابيبه
٤٨ ساعة يا عزيز .. لو المسؤول عن إللي حصل مكانش قدامي هعتبرك المسؤول..
ارتفع رنين هاتف عزيز وعندما نظر لهذا الرقم أجاب على الفور ليأتي صوت إحدى الممرضات بمشفى السبيل تقول بهمس
عزيز باشا .. في حاجة مهمة عن الست قدر لازم تعرفها .. والدكتور الجديد..
يتبع..
ليه عايز تتجوزها عايز تتجوز قدر أختي ليه يا قيس!
نمت إبتسامة حانية فوق فم قيس بينما يقف أمام ياسين شقيق قدر أو لنقل المقدم ياسين بصحبة الشيخ رضوان والشيخ محسن المأذون بالقرب من المشفى..
ياسين شاب تعدى الثلاثون من عمره وجهه مغلف بغموض عجز قيس على تحليله وفهمه كان ينظر له بثبات وأعينه بها شدة وبأس .. أعين وملامح لا تبتسم .. هكذا كان ياسين..
أردف قيس بهدوء وصدق مباشرة
أنا راجل دغري يا ياسين .. وأحب أقولك الحقيقة .. علشان أنا عاشق .. بعشقها بس هي متعرفش حاجة عن مشاعري ولا ينفع أنا أصارحها بيها ألا تحت إطار الحلال وهو إطار الزواج..
]ظل وجه ياسين ثابتا لم ينمو فوقه شيء وضيق أعينه متذكرا حديث قدر شقيته عبر الهاتف ليلا حديثها عن قيس وطمأنته بأنه شخص جيد وقد أخبرته سابقا عن حمايته لها وشجاعته..
إذا قيس في هذه المعركة مكسبا لهم..
تأمله ياسين عن كثب الصلاح الذي ينير وجهه والصدق الذي ينبثق من عينيه…
طرح ياسين سؤالا بصوته الرخيم
وأنت تعرف أيه عن قدر يا قيس..!!
هدر قيس بصوت متأجج وعروق وجه منتفخة
أعرف إن في شخص مريض حقېر بيطاردها وهو أكيد السبب في وصولها للمكان ده وإنه عايز يإذيها ويدمرها … أنا مش عارف أصل الحكاية يا ياسين بس قلبي عارف قدر وفهمت إشارة ربنا صح ودا يكفيني..
جملته الأخيرة كانت بمثابة لغز لياسين الذي جعد جبينه بتعجب لكن كان قيس يكمل حديثه
أنت واضح أنك شخص لا يستهان بيه يا ياسين مش عارف إزاي سايبها في المكان ده وأنت متأكد إن الخطړ بيحاوطها .. إزاي سايبها تحت إيد الشخص ده حقيقي أنا مش فاهم حاجة..
وضع ياسين كفيه بجيبه وابتسم إبتسامة فاترة قبل أن يردف بغموض أكبر
مش يمكن ده هدفنا وخطتنا يا دكتور.!
تفاقم جهل قيس وردد بعد فهم
إزاي مش فاهم!!
]لنا قاعدة طويلة يا قيس مع بعض دا مش وقتها المهم هتنفذ إللي هنتفق عليه بالحرف الواحد .. وأنا شايف من رأيي أننا نخرج قدر من المستشفى وبعد كدا نكتب الكتاب..
خرج صوت قيس قاس بتحدي
لا… في قلب المستشفى وفي الغرفة رقم ٢٠..
نمت إبتسامة ياسين الواسعة لهذه القوة التي يراها بأعينه وقد فهم مقصده ليتيقن أن قدر أصبحت بين أيدي أمينة الآن..
أتت فتاة تهرول باتجاه ياسين تقول لاهثة ليحاوطها هو برفق وتلين ملامحه
ياسين .. ياسين وقت الراحة ومش هيبقى فيه مرور لمدة ساعة .. يدوب يا ياسين بسرعة..
أمسك ياسين يدها برفق وقال
إهدي يا مرح .. إهدي يا حبيبتي.
ومن الوهلة الأولى فور أن وقعت أنظار قيس على ملابسها أردف
أنت ممرضة في مستشفى السبيل صح..
حرك ياسين رأسه وقال بجدية
مرح صاحبة قدر المقربة ومراتي والجندي السري إللي بيحمي قدر جوا المستشفى وعنيا جوا كمان..
يعني تقدر تقول إللي بيغير علاج قدر المضر إللي بيتلاعب بجهاز الصعقات…
وإللي عزيز البحيري القذر معينها جاسوسة على قدر..
اندهش قيس وتوسعت أعينه بدون تصديق وهو يسمع لتلك المخططات الدقيقة السرية التي يقوم بها ياسين…
أخرجه من شروده قول ياسين
لازم نتحرك دلوقتي الوقت بيعدي..
انحنى قيس يسحب حقيبة كبيرة من سيارته وساروا جميعا باتجاه المشفى التي يبعدهم عنها خطوات بسيطة..
تسائل قيس
طب أنت والمأذون والشيخ رضوان هتدخلوا إزاي يا ياسين..
تبادل ياسين النظرات مع مرح وأردف بثقة
دي عليا أنا أدخل أنت والشنطة مرح هتاخدها وهندخل بطريقتنا..
قال قيس بمرح
واضح أنك جامد يا ياسين باشا..
اشتدت أعين ياسين قسۏة وهتف من بين أسنانه
لازم أكون كدا علشان خاطرهم ويلا أدخل أنت عادي علشان محدش يشك في حاجة..
تحرك قيس وقبل أن يدلف تسائل مرة أخرى ببعض الفزع
طب الكاميرات يا ياسين..!
ابتسم ياسين وردد ببعض المرح
ما أنا قولتلك مرة أنا موجود يا دوك..
ابتسم قيس ببشاشة
وهمس وهو يدلف
مش ساهل يا ياسين وغامض زي أختك..
ارتفع رنين هاتف ياسين الذي أجاب من فوره ليأتيه صوت من الجهة الأخرى مردفا
كله تمام يا ياسين .. أحب أطمنك شحنات شركات البحيري اتصادرت والقوات في طريقهم لقصر البحيري … وأخيرا وقعوا في إيدنا يا ياسين..
بس الخۏف من الناس الكبيرة والخونة إللي ورا جعفر البحيري يطلعوه منها زي الشعرة من العجين..
هتف ياسين بثقة ووجه يتلظى بالنيران
مش المرة دي .. المرة دي الموضوع في إيد الجهات العليا أوي والجهاز المركزي المرة دي الڤضيحة كبيرة .. المرة دي مش أسرة الحاج فتحي الراجل البسيط إللي في حاله .. المرة دي مش فتحي وحليمة ورائف .. المرة دي مش رائد إللي اڼ بالړصاص .. المرة دي مش قدر..
كان يتحدث والنيران تنبثق من أعينه وتشتعل بقلبه … حمم بركانية تسري بأوردته..
اقتربت مرح منه تمسد ذراعه بقلب مټألم لهذا العام المرير الذي مر عليهم وتلك الفترة التي عاشها ياسين الذي بلغت أوجاعه عنان السماء..
الجميع كان يحيا بهدوء وبساطة إلا أن ھجم هؤلاء الشياطين على حياتهم فجعلوها خاوية على عروشها..
]كانت صديقة قدر المقربة بل الشقيقة التي لم تلدها والدتها تمت خطبتها لياسين وتم عقد
قرآنها لكن لم يتم الزفاف..
ياسين الذي أتى منكبا على وجهه بعد تلك المهمة التي كلف بها بخارج البلدة أتى بعد غياب وتعب ومشقة وشوق لعائلته الصغيرة أتى محمل بالهديا .. جلباب أبيض لفتحي ورداء جميل ستسعد حليمة عند رؤيته وساعة اليد التي يتمناها رائد والقميص الذي يفضله رائف..
بينما قدر .. قدره السعيد كما ينعتها فحدث ولا حرج .. لقد قام بجلب القائمة التي أحضرتها قدره السعيد …. لكن أين هم … أين منزلنا .. لم يجد قدر .. لم يجد والديه باستقباله لم يقابله أصوات شجار أشقاءه رائد ورائف مع قدر .. لم تقابله رائحة طعام حليمة ووصفات الطهي الخاصة بقدر..
فقط خړاب … سكون مهيب … واڼتقام على مشارف الأبواب..
حين أخبره الجيران ووالد مرح بما حدث سقط على ركبتيه كالطفل ېصرخ صړاخ ملأ الأركان صړاخ متمزق ودموع حارة انغمست بلحيته وأعينه ينبثق منها شرار يرتجف له الأبدان..
لو لم يتحكم بلجام غضبه لو لم يحثه والد مرح على عدم التهور لأجل عائلته التي تحتاج إليه لكان مصيره مصيرهم لم يكن ليصل لقدر ويجعلها بين يديه وتحت أنظاره بحنكة..
]حتى وصل لهذه الخطوة لقد مر بالكثير تخطيط محكم دقيق عمل عليه لعام من الحزن..
هذا العام جعله وحشا كاسرا..
_______بقلمسارة نيل______
دلفت مرح لغرفة قدر بأنفاس متسارعة وبيدها الحقيبة التي أعطاها لها قيس..
كانت قدر تجلس فوق الفراش وبيدها مرآة صغيرة تخبئها أسفل الفراش أخذت تتحسس أسفل أعينها وبشرتها بشرود ثم كشفت عن كتفها لتنظر لتلك الندبة البشعة التي تأكل كتفها بقسۏة..
اشتعلت أعينها بقسۏة وهي تتحسسها لتقبض على كفيها بشدة حتى أبيضت مفاصلها وأخذ صدرها يعلو ويهبط بإنفعال واضح..
اقتربت منها مرح بحنان بعدما أغلقت الباب بإحكام هتفت بلهفة
قدر أنت كويسة..
اكتفت قدر بتحريك رأسها فسحبتها مرح بحزن لأحضانها قائلة
كابوس وانتهى يا قدر .. الحياة الجديدة السعيدة في إنتظارك هتاخدي حقك منهم وإن شاء الله زي ما ياسين وصلك هيوصل لبابا فتحي وأمي حليمة ورائد ورائف..
همست قدر بفزع وهي تضع يدها فوق صدرها نحو الموضع الذي اخترقت رصاصة القذر عزيز صدر رائد ودموعها جامدة بمقلتيها
رائد…
أنت في البداية يا قدر .. لسه البداية بس وخلاص بعد دقايق هتتجوزي قيس وهتبقى في حمايته هو ياسين..
واضح أنه شخص كويس وبيحبك يا قدر..
لازم تجهزي يا قدر الوقت ضيق جدا .. قدمنا أقل من ساعة..
رددت قدر بتعجب
أجهز..!!
فتحت مرح الحقيبة وأخرجت منه فستان أبيض فضفاض توسعت أعين قدر عند رؤيته فستان أبيض من الحرير الناعم النقي وعند الخصر حزام رفيع من البلور الأبيض ويهبط باتساع وعند نهاية الأكمام أساور دائرية من البلور وبرفقته حجاب أبيض طويل ساتر..
لم تتوقع قدر هذا أبدا لم يكن بحسبانها أن ترتدي الأبيض..
تحسسته بأعين غائمة فقالت لها مرح بسعادة
حقيقي الدنيا دي ضيقة أوي يا قدر مين يصدق أن هو نفسه دكتور قيس البنا!!
عند قيس وقف شاردا منتظرا مهاتفة ياسين على أحر من الجمر تنهد مغمضا
أعين وتلك الذكريات تموج بعقله…
منذ عامان..
عاد من المشفى بإرهاق فارتمى فوق الأريكة بتعب ليقترب منه صديقه محمود قائلا بتسائل
يعني أنت إللي هتابع الكورس ده يا قيس هتشرح محاضرات على الزوم وزي ما أنت قولت نفتح المحادثات معاك علشان لو في أي استفسارات..
فقد تطوع قيس بإلقاء محاضرات في علم النفس تقربا لوجه الله للإفادة وكان ممن هرعوا لتلك المحاضرات الكثير من طلاب كلية آداب قسم علم نفس وكليات الطب النفسي وطلاب انضموا للإستفادة والثقافة وتكاثر الجميع عندما علموا أن من سيلقى المحاضرات هو طبيب نفسي مشهور ناجح يعمل في أشهر المشافي بالخارج الطبيب قيس البنا..
كان ممن قاموا بحضور تلك المحاضرات قدر وصديقتها مرح..
ومرت الأيام حتى أصبح هذا الحساب باسم تركواز والذي يميزه صورة أمواج زبرجدية يحوز على تفكير قيس بطريقة مخيفة وبالأخص عندما استمع إلى صوت تلك الفتاة الذي يجهل اسمها وهويتها..
وأصبح يغرق أكثر وأكثر حتى شعر بمشاعره تنجرف نحو منحدر خطېر يتخطى حدوده وصوتها الذي يتردد صداه بعقله وأذنيه لا يفارقه..
حتى أصبح ينتظر موعد المحاضرات ويترقب تساؤلاتها الصوتية التي كانت تظهر له فقط على شوق وترقب كلماتها المستفسرة في إطار الشرح فقط كان لها وقع على قلبه من بين جميع الحاضرين..
]لكن كان يجب أن يستفيق من تلك المشاعر ويتخلص من صوتها الذي يحفظ نبرته الرقيقة البريئة عن ظهر قلب..
همس قيس متنهدا بعدما انتهى من صلاته
يارب ساعدني وقويني وشيلها من قلبي وعقلي أنا مش عارف دا حصل إزاي وإمتى بس ڠصب عني يارب .. يارب احفظ قلبي من الفتن والمعاصي وأبعد عني كل إللي لا يرضيك أو يغضبك…
وهنا تم الإعلان عن إنسحاب الطبيب قيس البنا واستلام الطبيب محمود صديقه زمام الأمور انسحب مؤمنا أن من ترك شيء لله عوضه الله بخير منه..
خرج قيس من شروده على صوت رنين هاتفه ليتنهد براحة فها هو يرزق بها في الحلال بعدما امتنع هو عن ميل قلبه لها وخشى الوقوع في الذنب … لقد عوضه الله بالخير..
اقترب من الغرفة رقم ٢٠ ونبضات قلبه تثور پجنون .. دلف للداخل والسعادة تملأ قلبه ولم ترفع أعينه بقدر التي تقف كملاك ترتدي فستانها الأبيض الفضفاض وحجابها الذي اشتاقت إليه فزادها جمالا وفتنة..
خشى رفع أعينه بأعينها الزبرجدية قبل أن تصبح زوجته فيعجز عن رفعها عنها وتسحبه إلى هاوية لا نهاية لها…
رأى ياسين والشيخ رضوان والمأذون يقفون بمنتصف الغرفة تعجب من كيفية دخولهم لكن لم يكن هذا توقيت التساؤلات فقد جلس المأذون يجري محادثات عقد القرآن تحت سعادة قيس التي لا مثيل لها وخفقان قلب قدر الذي غاب عامان بعد المرة الأولى ليخفق للمرة الثانية لنفس الشخص … لا تصدق أنها بعد دقائق ستصبح زوجته..
]كانت الغرفة تعج بالكثير من المشاعر التعجب وعدم الفهم لما يحدث من جهة الشيخ رضوان والسعادة الطفيفة والحذر من جهة ياسين والسعادة المطلقة من جهة مرح..
بينما كان كلا من قدر وقيس بعالمهم الخاص..
قدر يشوبها الكثير المشاعر والترقب للقادم للمرة الأولى تفعل شيء لأجل ذاتها لقد وافقت على هذا الزواج لأجل قلب قدر لتكتب حكاية أبدية كان عنوانها قدر قيس..
نطق الشيخ محسن ببشاشة
بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير.. مبارك لكم..
وهنا سمح قيس لنفسه برفع أعينه التي كان متيقن من أنها لن تخرج من داخل أعينها بسهولة تخضب وجنتي قدر من نظراته وهي تختبر تلك الأشياء للمرة الأولى بعد عام من القحط ومازال لكن لا تنكر أن بعض الورود قد نمت من بين شقوق الجفاف..
اقترب منها قيس وأعينه لم تزحزح من فوقها حتى توقف أمامها أخرج من جيب سترته الداخلي وردة واحدة بيضاء كبيرة الحجم زكية الرائحة ثم سحب كف قدر بحنان ورفعه نحو فمه مقبلا باطنه برفق وحنان وطبع مطولة فوق جبينها ثم همس
مبروك لقلبي يا قدر..
ومد يده بالوردة فأخذتها بخجل ليقترب ياسين يقول بغيرة واضحة
حيلك حيلك
يا أخينا هو أنت ما صدقت ولا أيه وبعدين ميغركش سكونها ده دا أنت لما تتعرف عليها هتتصدم عمرك .. استعد للقادم يا وحش..
تشرست ملامح قدر وهي ترمق ياسين ليسرع قائلا
خلاص مش هنبدأ .. المهم
دلوقتي هتخرج أنت وقدر يا قيس وأنت يا مرح هتعملي المطلوب..
قال قيس
بس أنا لما أوصل قدر لمكان أمان وأطمن عليها هرجع المستشفى تاني يا ياسين..
هتف ياسين باعتراض
دا اسمه إنتحار يا قيس للأسف أنت متعرفش إجرام القذر إللي اسمه عزيز وممكن الموضوع يوصل بيه لأيه …دا شخص مريض حقيقي وكدا أنت بتعرض حياتك للخطړ..
هدر قيس بحدة
أنا مش هستخبى ولا ههرب يا ياسين القذر ده ميقدرش يإذيني ومش لازم نعمله حساب دا إللي بيخليه يتفرعن كدا..
أهم حاجة أبعد قدر وبعدين نشوف أخر المړيض ده أيه..
حرك ياسين رأسه بعدم فائدة وسار نحو الخزانة الصغيرة بنهاية الغرفة حرك الخزانة للأمام ليظهر باب صغير ضيق فتحه ليطل على أشجار في الحديقة الخلفية فيقول ياسين
يلا يا قيس قدر في حمايتك..
مد قيس كفه نحو قدر التي أمسكت يده بدون تردد جعله يبتسم لها بحنان وانحنى يخرج من الباب وهي بيده بينما تمسك الحقيبة التي بها أشياءها التي كان مخبأة بالغرفة سرا..
وخرج الشيخ رضوان والمأذون بصحبتهم ليبقى ياسين ومعه مرح بالغرفة..
قال ياسين پغضب
يلا يا مرح اتصلي..
رفعت مرح هاتفها وضغطت فوق اسمه الملعۏن تجري الإتصال وفور أن وجدته أجاب قالت بهمس
]عزيز باشا .. في حاجة مهمة عن الست قدر لازم تعرفها .. والدكتور الجديد..
الدكتور ده بيساعد قدر وسمعت أن هيهرب معاها في ساعة الإستراحة…
______بقلمسارة نيل_____
بعد مرور القليل من الوقت وبسرعة البرق كان كالعاصفة يقتحم المشفى بهيئة تتحدث عن حالته وجنونه شړ العالم يجتمع على وجهه وبيده يحمل سلاحھ وېصرخ بقوة اهتزت لها الأركان
قدر…
خرج جميع العاملون والأطباء ومدير المشفى بوجه شاحب لوجود هذا الشيطان بهذه الهيئة..
قال الطبيب سامي باعتراض
دي مستشفى يا عزيز باشا .. مينفعش الأسلوب ده…
لم يستمع لحديثه بينما ركض نحو غرفتها يقتحمها ليتخشب جسده وتتشرس ملامحه حين وجدها فارغة صاح پجنون
قدر .. قدر .. فين قدر..
اصفرت وجوه الجميع حين رأوا غرفة قدر فارغة ليسرع الطبيب ماهر يقول بتوتر
يمكن في أي مكان هنا في المستشفى يا عزيز باشا…
كان الرد عليه لكمة قوية من هذا الأهوج الذي صاح بټهديد
هربت يا شوية خرفان من قلب المستشفى والله لأخرب بيوتكم وأدفعكم التمن غالي..
الدكتور الجديد هربها..
ردد الجميع پ وهم لا يتعحبون من فعلة قيس تلك
]قصدك دكتور قيس .. لا لا مستحيل يعملها دا يتعرض للمسائلة القانونية..
ردد بشړ وصدره يعلو ويهبط پجنون
وهو أنا هستني مسائلة قانونية ولا بعترف بالكلام ده .. هيشوف مني الچحيم بعينه.
فين الجبان ده .. هرب هو كمان زي الفراخ..
تؤ تؤ .. كدا بقاا عيب الغلط ده .. ما أنا وراك أهو يا بتاع الفراخ..
مش قلة ذوق بردوه وهمجية منك لما أسيب عروستي بعد جوازنا وأجي أسقبلك بنفسي ويكون ده استقبالك يا … بتاع الفراخ..
صاح عزيز پجنون وهوس
فين مراتي … قدر فين يا حقېر … مرااااتي فين .. انطق.. والله لأدفعك التمن غالي أنت بتلعب في عداد عمرك ومتعرفش أنت واقف قدام مين..
وقف قيس أمامه بشجاعة وقال ببرود وهو يتجاهل حديثه
مراتك .. ودا إزاي بقاا!! دا حتى إحنا لسه متجوزين من ساعة حتى شوف..
ووضع أمامه الهاتف على صورته هو وقدر بفستانها الأبيض
تبدلت ملامح عزيز لأخرى مخيفة جدا وتلبسه جنون وشړ كبير .. فهذا القذر لا يرف جفنه حين يثقب الأجساد بالړصاص فكرة أن قدر لم تعد ملكه .. وأصبحت لغيره أصابته بالجنون..
ابتسم إبتسامة مخيفة ودون تردد وپجنون قال وهو يرفع سلاحھ يضعه فوق عنق قيس
ھك..
يتبع..
قدر ملكي .. ليا أنا وبس ومحدش يقدر ياخدها مني ولا يبعدها عني قدر ملكية خاصة بعزيز وبس..
كان يصيح بهوس والشړ يتدفق من عينيه بينما يغرز سلاحھ بعنق قيس الذي كان ثابتا لم يتزحزح ولم يلقي له بالا..
وتلك القوة والثبات اللذان يشعان من أعين قيس جعلا عزيز يفقد أعصابه ويرمقه بكره فها هو عدوه الجديد…
تلفظ قيس بثقة وهو يتمعن بوجهه وينظر له بتحدي
ولا تقدر
تمس شعرة منها طول ما أنا عايش وفيا روح..
زاد عزيز من إقترابه وهو يرى تحدي هذا الطبيب له الواضح ويبدو عشقه لقدر الصارخ بأعينه هسهس أمام وجه قيس بنبرته الكريهة ومازال السلاح على عنق قيس
يبقى هاخد روحك يا دكتور المجانين..
قلب قيس أعينه بلامبالاة وردد وهو يشيح بعيناه بعيدا
أخرك فاضي يا بتاع الفراخ .. متقدرش تقرب مني وإلا هتروح ورا الشمس لاني مش أي حد علاقاتي مع ناس برا البلد وناس متقدرش تبص بس على طرفهم ومعايا الچنسية ولو عرفوا بس ولا شموا خبر بأي أذية ليا هينهوا عليك بدون غمضة عين .. أنت ضعيف يا بتاع الفراخ متقدرش تعمل أي حاجة .. أنا مش أي حد يا بتاع الفراخ وأختلف عن أي حد أنت تعرفوا وقابلته…
وبعدين أيه ملكي وبتاعتي والكلام المړيض ده..
ولكز قيس عزيز بكتفه بقسۏة والذي سقط سلاحھ وهو يدرك أن خصمه لا يستهان به ويجب عليه التخطيط لإنهاءه بتروي..
وتحدث قيس من بين أسنانه بتحذير
قدر مراتي يا حقېر واسمها أوعي يجي على لسانك القذر ده .. مراتي مش هتقدر تلمح طرفها حتى .. وحقها هاخده منك واستعد للي بيحصلك وهيحصلك حقها هيخلص منك واحدة واحدة اصبر أنت بس الدور عليك…
]وخرج قيس بخطوات قوية ثابتة تهتز لها الأرض تاركا عزيز من خلفه ساقطا في دوامة من التساؤلات..
عقد حاجبيه بتفكير وهو يدقق في كلمات قيس المتحدية أخرجه من شروده رنين هاتفه وفور أن أجاب أتاه صوت فارس الصارخ
عزيز أنت فين .. الشرطة جات على القصر وأخدوا بابا … الثفقة إللي كانت عن طريق البحر اتكشفت .. في توصيه علينا جامدة وحد بينكش ورانا يا عزيز .. أنت فين من ده كله أنت السبب في إللي بيحصل معانا .. جعفر باشا الشرطة أخدته وأنت بتجري ورا البنت دي .. تعرف ده معناه أيه!!
ثبتت أنظار قيس عند نقطة ما وأضاء حديث قيس الأخير بعقله وهو يتوصل إلى مفتعل تلك الفوضى…
خرج متلهف نحو مركز الشرطة وهو يتوعدهم بالچحيم بعد القليل من الوقت كان يدلف لمركز الشرطة وبصحبته العديد من المحامين وتم إجراء الكثير من المهاتفات من أناس ذو صلة وقوة..
تقابل عزيز مع جعفر وعمل جيش المحامين على الدفاع وتقديم أوراقهم الرابحة..
في حين كان جعفر البحيري يعامل معاملة الملوك وكأنه
مجرد زائر وليس بمتهم..
رمق جعفر عزيز بشړ وتوعد ثم قال من بين أسنانه
]شغلك مش بقيت شايفه يا عزيز باشا هتدفع تمن الغلطة دي كتير أوي..
خنع أمام جبروت هذا الذي علمه الجبروت لكن بقت ملامحه ثابته وقال بوعيد
محدش يقدر يمس جعفر باشا بحاجة أقل من ساعة زمن واحدة وهتكون في قصرك يا باشا..
وأنا وصلت للي ورا إللي بيحصلنا ده..
رمقه جعفر بتسائل وترقب ليقول عزيز بوجه مكفهر
دكتور جديد بيعالح قدر وبينقم لها واتجوزها كمان وهربها من المستشفى ووقف قدامي أنا عزيز البحيري يتحداني ومش خاېف ولا عامل إعتبار لاسمنا..
أشعل هذا الحديث فتيل ڠضب جعفر وطرق بيده فوق الحائط وأردف والنيران تنبثق من أعينه
قولتلك أ البت دي من زمان ونخلص منها أنت ډخلتنا في مسرحية ملهاش لازمة مش كفاية اتجوزتها ولوثت اسمي مع بت زي دي..
الدكتور ده يكون قدامي بليل لازم يدفع تمن جرأته ووقفته قدام جعفر البحيري..
قال عزيز بتأكيد
ودا إللي هيحصل يا باشا…
وبعد أقل من ساعة كان يخرج جعفر وخلفه عزيز من مركز الشرطة تحت إكراه المسؤولين لكن ماذا يفعلون أمام أوامر من جهات عليا يغمرهم الفساد..!
وهذا المبرر يتردد
جعفر باشا اسمه أشهر من الڼار على العلم ومعروف وسط السوق ومستحيل يكون هو ورا الثفقة دي .. وهنعرف مين إللي وراها وبيحاول يورط جعفر باشا..
بهذا المنزل البسيط بالقرب من الشاطئ والمياه الزرقاء وقفت تنظر بشرود وأعينها غائمة بالذكريات لتعود بذاكرتها إلى الوراء..
قالت قدر لمرح التي تجلس أمامها بغرفتها ووجها شاحب
أنا قررت يا مرح هنسحب من الدورة دي مش هقدر على كدا وأنا متعودتش أحس بالمشاعر دي وشعور العجز ده .. لازم أبعد طالما مشاعري بدأت تتحرك تجاهه وأتعلق بيه علشان مغضبش ربنا ومعذبش نفسي يا مرح وأنا مش حمل العڈاب ده ومش حمل ذنوب لما أبعد من دلوقتي
أحسن ليا علشان متوجعش أكتر وأنا مستحيل أتخطى الحدود إللي شرع فرضها..
لو ليا نصيب في حاجة هتجيلي لغاية عندي ربنا قادر على كل شيء دا يقيني..
دي أخر مرة هحضر فيها حتى لو بستفاد في داهية مقابل إن أحمي قلبي وديني وهنسحب..
وبعد قليل كان كلا من قدر ومرح يحضرون المحاضرة لكنهم تفاجئوا بإنسحاب الطبيب قيس وحل مكانه آخر..
تنهدت قدر براحة وقالت
شوفتي الحمد لله جات من عند ربنا ربنا رحيم أوي يا مرح..
ودا مجرد تعلق ڠصب عني وهقدر إن شاء الله أسيطر على مشاعري ومع مرور الأيام هنسى وكل حاجة هترجع لطبيعتها..
قالت مرح
على الرغم من إن الكل زعلان من انسحاب الدكتور قيس أووي بس خير..
من ترك شيء لله عوضه الله بخير منه..
قررتي تسيبي الكورس ومش هامك أي حاجة لمجرد أنك حسيت بمشاعرك بتتحرك..
ما كان لها أن تخفي عن شقيقها ياسين شيء فهو ليس مجرد شقيقها فحسب وإنما صديقها وتسرد له ما في قلبها دون تردد..
قدر براحة وهي تتمسك به وتنهدت بإرتياح وقالت بنبرة رغم سكينتها لكنها حزينة منتطفئة
الحمد لله يا ياسين .. الحمد لله أنك بقيت بعيد وربنا بعدك عن إللي حصل لو كنت معانا كان حصلنا أيه أنا كان جوايا أمل دايما وكل يوم أنك ترجع وتوصل ليا وتتصرف صح..
]بابا وماما ورائد ورائف يا ياسين ورائد حصله أيه بعد ما ه بالړصاص .. هما فين وحصلهم أيه أنا استغليت فترة وجودي في القصر الملعۏن ده إن اسمع أي حاجة عنهم أو أعرف هو وداهم فين بس موصلتش لحاجة..
كانت خطتك إنك تبعت مرح تشتغل في القصر وتوصل الأخبار معاها وتقولها على خطة إن أعمل نفسي دخلت في أزمة نفسية وهما ما صدقوا وعندهم سمعتهم أهم حاجة فكانت چريمة إن واحدة من القصر مچنونة وشايله اسمهم تفضل موجوده..
نفسهم المړيضة صورت لهم كدا..
كانت خطة ناجحة علشان أخرج من القصر وجعفر يفرض على القذر عزيز يطلقني وهو بيبقى قدامه زي الفرخة المبلولة..
قال ياسين بوعيد وأعين تحمل الكثير من الكره والغل
هدفعهم التمن يا قدر .. وهوصل لأهلنا .. والله لأدفهم التمن غالي أووي..
رددت قدر بأعين شاردة
الناس دي معندهاش رحمة يا ياسين ولا ضمير ولا إنسانية وميعرفوش ربنا مش بيهمهم حاجة وبيرتكبوا كل الجرايم إللي تتخيلها ومش تتخيلها حقيقي مجرمين يا ياسين ربنا القادر عليهم وربنا ينتقم منهم يارب..
قامت مرح برص الطعام فوق الطاولة ووجدت طعام في البراد وكل ما يحتاجونه يبدو أن قيس أحضر كل شيء..
]اقتربت من ياسين قدر ثم قالت بحنان
يلا يا حلوين أنا رصيت الأكل أنتوا مش أكلتوا أي حاجة النهاردة..
ابتعدت قدر عن ياسين واقتربت من مرح ټحتضنها وقالت بإمتنان
شكرا يا مرح شكرا على كل حاجة عملتيها علشاني .. خاطرتي بحياتك ومش هامك حاجة ووقفتي جمب ياسين وأنقذتيني .. أثبتي حبك ليا ولياسين أثبتي أنك أخت وأكتر من أخت ليا أنا حقيقي محظوظة إن ربنا رزقني بيك..
بادلتها مرح وقالت بدعابة
دا بسبب تمثيلك الفوق الممتاز يا قدر لولا أنك قدرتي تمثلي بجدارة مكوناش عرفنا نخرج برا القصر..
تنهدت قدر بثقل فلم يكن هذا مجرد تمثيل وحسب بل إنها هدنة كانت بحاجة إليها روحها ممزقة أردفت مرح وهي تسحبها نحو الطاولة وتشير لياسين الواجم
خلاص انتهينا كابوس وانتهى والدور عليهم دلوقتي يدفعوا التمن يا قدر ونشوفهم مذلولين عايزه أشوف روح قدر القديمة وقدر البلطجية بقاا إن شاء الله ياسين هيوصل لبابا فتحي وماما حليمة ورائد ورائف وهيكونوا كويسين جدا وتقدري تبلطجي عليهم من تاني..
ومضت القوة بأعينها الزبرجدية وقالت من بين أسنانها
هيرجعوا.. أنا عندي ثقة ملهاش نهاية في عدل رب العالمين..
وجلسوا يتناولون الطعام في جو من الهدوء ثم انسحبت قدر تاركة ياسين بصحبة مرح وخرجت تسير نحو الشاطئ والماء الزبرجدي الذي اتحد مع لون أعينها فكانت لوحة في غاية الفتنة..
تطاير ثوبها الأبيض الذي انتقاه قيس لها وضمت
جسدها وأخذت تتنفس بعمق ثم نمت إبتسامة خفيفة فوق فمها شاردة في تلك الدقائق التي أصبحت فيها زوجته همست بداخلها بقلب مرتجف عشقا
شكرا يارب اللهم لك الحمد حمدا يليق بجلال وجهك وعظيم سلطانك يارب مكونتش أتوقع بعد السنين دي كلها أقابله في الوقت ده والوضع إللي كنت فيه والحالة دي .. ظهر في وسط الكركبة إللي كنت فيها ووسط الفوضى من غير حساب ولا إنذار .. بس في الوقت المناسب تماما يارب .. هي دي عطاياك إللي بتدهشنا بيها بتكون دايما في الوقت المناسب .. وواثقة إن في خير كتير أووي هيجي..
توسعت أعينها پ حين شعرت بذراعين يلتفان من حولها بدفء ولم تحتاج أن تتسائل من هو … لا أحد سواه .. قيس..
لثم خدها
برفق مغمضا عيناه وهو يستند برأسه على رأسها بينما همس لها بنبرة ينبجس منها العشق
قدر .. قدري .. قدر قيس المغمور برحمة رب العالمين..
تنهد يكمل بسعادة
وأخيرا يا قدر .. أخيرا أنا مش مصدق نفسي..
أي هجوم غاشم هذا على مشاعرها لم تصدق ما سمعته أذناه لقد تذكر صوتها بعد كل هذه السنوات من مئات الأصوات وقتها .. لماذا!
هناك العديد من التساؤلات حوله وحول تصرفاته نحوها وما دلالة هذا الحديث الذي تفوه به للتو!
]تنفست بعمق وخرج صوتها الرقيق وهي تلتفت تنظر له لټقتحم عيناها عيناه والآن قد محقت كل الموانع ويستطيع الآن أن يبحر داخل زبرجد عيناها بكل حرية ودون أي أثم فقد أصبحت زوجته وحلاله..
حامي الحمى .. ليه الكلام ده ومعناه أيه..
ابتسم قيس وقال بنبرة مبطنة بالعتاب
أكيد نستيني ومش علمت معاك هفكرك بيا لو فاكره من سنتين الكورس إللي كنت بتاخديه…..
قاطعه مبتسمة بدهشة مما يحدث هل كان يعلم بأمرها
الطبيب قيس البنا..
ابتهج قلبه واهتز ثباته وأخذ الذي بين أضلعه ينبض پجنون هي حقا تتذكره!!
عاشق تركواز قبل ما أعرف قدر..
لم تصدق قدر ما تسمع وتوسعت أعينها وهي ترفع رأسها له وقلبها يسبح في فلك آخر ولم تشعر سوى أنها ألقت بنفسها تبكي فها هي شمس الأمل تشرق بدهمة أيامها مرة أخرى أفولها..
لو كان أحد أخبرها منذ عام حين اجتروا أسرتها وأجترها هذا المړيض إلى سجنها بهذا القصر اللعېن وعقد قرآنه عليها قصرا لتحطيم كبرياءها وسلسلة الټعذيب المختلفة الأصناف التي مرت بها بأنها سترى هذا اليوم كانت ستتهمه بالجنون حتما..
همست له بمشاعر ملتهبة
]وأنا بحبك يا حامي الحمى .. تركواز عشقت الطبيب قيس .. وقدر عشقت حامي الحمى قدرها قيس..
حملها قيس يدور لها وهو يضحك بسعادة يحتضنها پجنون بينما عالم من السعادة بإنتظارهم..
الكثير من الحرمان عاشه قيس سيجبره مع قدره والكثير من الذكريات السيئة حفرت في عقل قدر مسببة لها العديد من الهواجس سيعمل قيس جاهدا على محو جميع الذكريات حتى أخر قطرة وتشيد مكانها أخرى مزهرة…
جلست قدر على الرمال أمام البحر بجانب قيس وهو يروي لها الكثير عن حياته وقصة عشقه لها..
وأخذت قدر تسرد له تعلق قلبها به وقرارها بالإنسحاب والإبتعاد..
ومر الوقت وظلوا على هذا الحال حتى اعتادت قدر على قيس وكسرت الكثير من الحواجز بينهم حتى غربت الشمس ومحق الليل نورها..
وقف قيس مستعدا للرحيل وقال
قدر في أمانتك بقى يا ياسين باشا أنا لازم أرجع المستشفى دلوقتي هخلص شغلي وشوية حاجات وهقدم استقالتي بإذن الله..
أردف ياسين
خد بالك أنت من نفسك وأبعد عن طريق المچنون عزيز لازم تصرفنا معاه يكون بناء عن خطة وتفكير لأن الناس دي معډومة كل شيء يا قيس..
صاح قيس پغضب
دا واحد جبان وبياخد قوته لما يشوف الناس خاېفه منه وعامله ليه حساب .. دا كلب ولا يسوى يا ياسين..
تحدث ياسين بعقلانية
علشان أنت متعرفش إجرامهم يا قيس ولا إجرام وشړ جعفر البحيري لازم تاخد حذرك..
حرك رأسه بإيجاب واتجه نحو قدر الساكنة أمسك يدها وطبع بباطن كفها ثم قال بمزاح ورفق مبتسما
أظن رقمي معاك في موبايلك السري لو في أي حاجة كلميني اتفقنا
يا تركواز…
حركت رأسها وابتسمت وهي تتذكر تلك الليلة بالمشفى عندنا أخرجت الهاتف السري الذي يقبع معها من أسفل الفراش وأتت مرح برقم قيس من المشفى وقامت قدر بالمهاتفته وإخباره بمقابلة شقيقها ياسين على مقربة من المشفى بالمكان المتفق عليه وقتها صدم قيس وظل ينظر للهاتف ببلاهة..
هتفت قدر بهدوء وهي تسير معه للخارج
حاضر …خد بالك من نفسك يا حامي الحمى..
نظر لها بعشق وقال بتمني
الود ودي أفضل جمبك كدا ومش أتحرك من جمبك بس مضطر يا عيون قيس..
ابتسمت له برقة ورددت
ترجع بالسلامة يا قيس .. وهترجع هتلاقيني مستنياك..
قبل قيس جبينها وهو لا يستيطع حقا الإبتعاد عنها وبالاخير فصل نفسه عنها واستقل سيارته وخرج نحو المشفى تحت نظرات قدر المبتسمة بسعادة..
بعد قليل وصل قيس للمشفى هبط من سيارته ودلف يسير نحو غرفة مكتبه مر بجانبه الساعي الذي قال بود
طلباتك أيه يا دكتور قيس .. تشرب أيه..
ابتسم له قيس وقال
فنجان قهوة يا حاج حسني علشان الواحد يفوق للي جاي..
حرك الرجل رأسه بطيبه وانصرف لتحضيرها بينما دلف قيس لغرفته وجلس خلف مكتبه وفوق فمه إبتسامة واسعة ثم أخذ يقلب في بعض الأوراق والملفات حتى مر القليل من الوقت ليدلف الساعي المتربد وجهه بالتوتر على غير عادته السابقة .. قلق لم يلحظه قيس..
]وضع فنجان القهوة وانصرف سريعا دون أن ينبس ببنت شفه..
كان قيس يشعر بالحماسة وكان يريد الإنتهاء من عمله سريعا حتى يعود لقدر بأسرع ما يمكن..
حمل فنجان القهوة وأخذ يرتشفها بتلذذ حتى انتهى منها..
ومر القليل فقط من وضعه الكوب فارغا حتى شعر بدوار يلف رأسه أخذ يحرك رأسه وأصبحت رؤيته ضبابية ليظل يعاود غلق وفتح أعينه لكن دون فائدة وأدرك ماهية ما حدث على الفور وأكد له ذلك حين اقتحم الغرفة رجال يبدو على وجههم الإجرام يتوسطهم هذا المړيض المبتسم بإستفزار عزيز…
رمقه قيس بإشمئزاز وشراسة ليدلف لأذنه قبل أن يسقط في الظلام بينما وضع أحد الرجال غطاء أسود على رأسه..
وقال عزيز
أكبر غلط عملته أنك اتحديت عزيز البحيري ووقفت قدامه واتجرأت تاخد حاجة تخصه يا دكتور المجانين..
لازم تدفع الحساب إللي عليك….
بينما بجهة أخرى عند ياسين ارتفع رنين هاتف باسم هذا الشخص الذي له الفضل بالكثير..
شخص حين الكشف عنه سيحدث تصفر منها الأنامل والوجوه ستكون ضړبة قاضية للجميع..
أتى الصوت من الجهة الأخرى لاهثا مسرعا يقول بتلهف
ياسين في حاجة مهمة جدا لازم تعرفها…
]يتبع..
قالت بصوت مصبوغ بالحزن وقلب منفطر
شوفت يا رضوان فات سنين وهو حتى مش هان عليه يشوف أبوه وأمه ولو من بعيد..
زي ما يكون صدق يبعد عننا .. يعني إحنا مش وحشناه خالص كدا يا شيخ رضوان مش بيفتكر أبوه وأمه خالص .. حسرة كبيرة في قلبي على تحجر قلب ابني..
تنهد الشيخ رضوان بثقل وأردف بينما يربت على ظهرها بحنان
هو الخسران يا رحيمة هو مكانش راضي بعيشتنا وبهدلنا وعيشنا في مشاكل كتير..
وهو ابن غير بار وغير صالح وأنا عملت إللي ربنا أمرني بيه وأحسنت تربيته بس مكانش فيه فايده .. عادي يا رحيمة ما ابن سيدنا نوح عليه السلام كان كافر وهو نبي..
حاولت معاه كتير وجاهدنا معاه يا رحيمة لكن هو تمرد ووصل الموضوع للمخډرات والتحرش ببنات الحارة وسرق بيوت الحارة ومسابش حاجة حرام وغلط ألا ما عملها وفقدنا السيطرة عليه إللي زي ده مكانش ليه قعدة في بيتي وأنا عندي بنات وهو إللي ما صدق وطفش علشان يخلص
من تحكماتي زي ما كان بيقول..
متزعليش يا رحيمة مسيره في يوم هيفوق حتى وإن كان اليوم ده بعد سنين طويلة هيعرف قيمة كل حاجة كانت معاه وقيمة أبوه وأمه بس هيكون بعد فوات الأوان..
تنهد تنهيدة مطوله وهو يرفع أعينه للأعلى قائلا
الدنيا دي غريبة أوي يا رحيمة ولد كان تحت إيده كل سبل الراحة والصلاح وطلع فاسد..
وعندك قيس .. أبوه رماه وهو طفل واكتفى بالبيت إللي سابه قاعد فيه ومصاريف بيبعتها كل فين وفين ليه ونسى أنه طفل محتاج رعاية وتوجيه بس هو كان متأكد إن أهل الحارة مش هيسبوه ولغاية النهاردة محدش يعرف عنه حاجة وربيت أنا قيس نفس التربية إللي ربيتها لطاهر بس ما شاء الله
شوفي قيس ربنا يبارك فيه يارب … بس بذرة قيس من البداية بذرة صالحة وربنا عوضنا بيه ونعم الولد الصالح..
قالت رحيمة بغصة مريرة كالأشواك عالقة في حلقها
ربنا يبارك فيه يارب أم قيس الله يرحمها كانت ونعم الجارة وست صالحه وزرعت جواه الطيبة والصلاح..
علشان خاطرها ربنا بارك في قيس وصفاته كلها منها .. ربنا يشهد أنا حبيته قد أيه وفعلا ربنا عوض بيه..
وطاهر ابني ربنا يهديه أيا كان هو فين أنا مش ببطل أدعيله بالهدى والصلاح..
هيئته مستشيطة ويصيح بينما يجلس جعفر فوق مقعده متكئا وينظر له بثبات
أنا مش عارف أنت إزاي صابر على عزيز .. خلصنا منه بقاا هو السبب في إللي بيحصلك وإللي بيحصلنا ده..
كان يروح ذهابا وإيابا وأوداجه منتفخة فقال جعفر بثبات وهدوء مريب
إهدى يا فهد .. هو ميقدرش يتحرك خطوة من غيري أنت ناسي إن رقبته في إيدي ولا أيه هو مجرد لعبة وكارت محروق بإيدي وميستهلش العصبية دي كلها..
أنا أهم حاجة عندي أنت وفارس وإنكم تفضلوا نضاف وبعيد عن أي حاجة..
رفع فارس أنظاره نحو فهد وابتسم بشماته فهذا عزيز ليس المفضل لوالده كما يظنون هتف فهد بهمس
]دا مچرم ويستاهل كل إللي يجراله..
ارتفع رنين هاتف جعفر فأجاب بوجه مكفهر
نعم..
قال عزيز من الجهة الأخرى بشړ وأنفاس لاهثة
الحقېر المسؤول عن كل المصاېب دي بين إيديا أهو في المخازن القديمة بتاعتنا وموضوع الشرطة والبضايع حطيت كبش فدا شال الليلة..
استقام جعفر بأعين مليئة بالشړ وقال بتوعد
أنا جاي…
وبمجرد أن أغلق الهاتف تسائل فهد بترقب مسرعا
في أيه .. أيه إللي حصل..
أجابه بتعجل قبل أن يرحل
عزيز وصل للي مسؤول عن المصاېب إللي بتحصل دي .. دكتور في مستشفى السبيل كان بيساعد البت إياها وبينتقم لها..
وخرج وأقدامه تدك الأرض دكا متوعدا بالويلات لعدوه الجديد هذا غير مدركا ما ينتظره من ستبدد غضبه هذا وتخلق ڠضبا جديدا أشد ڼارية…
استفاق من تلك الغفلة القصيرة يفتح أعينه ليقابله الظلام الدامس إلا من ضوء خاڤت يتخلل أنسجة قطعة القماش الموضوعه فوق رأسه بإحكام تململ متحرك ليجد ذاته مكبل من جميع الجهات .. ذراعيه مثبتة للخلف ومقيدة على هذا المقعد الجالس عليه وأقدامه ذات الوضع حتى سائر جسده يلتف عليه أحبال ثقيلة..
لم يتأثر ثبات قيس وبقى جامدا ليقول باشمئزاز وهو يعلم أن هذا المړيض عزيز يتواجد من حوله
]مش قولت مش راجل وجبان إللي أنت عملته ميعملهوش ألا الجبان الضغيف وبس يا بتاع الفراخ مش عندك الجرأة تواجهني ومربطني..
لو راجل واجهني وجها لوجه بس أنت للأسف مش عندك ريحة الرجولة ولا تعرف عنها حاجة..
حديث قيس كان كالوقود على ڠضب عزيز والملح على جراحه ..وعقدة نقصه الذي يسعى لإخفاءها واكتمالها بالتسلط وفرض سيطرته على الغير وأذيته وكان أعظم ضحاياه قدر…
انقض عزيز على وجه قيس القابع خلف قطعة القماش السوداء باللكمات القاسېة المحملة بالڠضب وهو ېصرخ پجنون وتغيب
أنا رااااجل ڠصب عن الكل .. أنا مش فاشل .. أنا نجحت وعملت اسم إللي بيسمعه پيترعب .. أنا عندي عيلة كبيرة ومبقيتش بتاع شوارع أنتوا فاهمين … أنا مش متشرد أنتوا فاهمين..
نفس عن غضبه بوجه قيس الذي لم يتأثر بجنونه إلا أن الكلمات التي باح بها أثارت تعجبه وتساؤله فيبدو أن عزيز هذا خلفه أمر ما…!!
وأكمل عزيز صياح وهو يرى ثبات قيس المستفز له وعدم تأثره حتى لم ينبث بتأوه واحد
قدر ليا .. بتاعتي أنا ومحدش يقدر ياخدها مني ومحدش يقدر يمس عيلتي ويتلاعب بينا..
أنت مين علشان تقدر تتغلب على عزيز البحيري..
أنت ولا حاجة ولا حاجة .. سامعني..
ضحك قيس ثم وجم وجهه وهدر بصوت محتدا بالڠضب
ولا تقدر تعمل أي حاجة أما بالنسبة لكلامك المړيض عن قدر وبتاعتي وملكي ونطقك لاسمها فأنا هدفعك تمنه غالي يا عزيز الكلب..
متقدرش تعمل أي حاجة يا بتاع الفراغ.
اقترب منه عزيز بتمهل ثم انحنى أمام وجه قيس وهمس بنبرة حادة وهو يبتسم بشكل مريض ووميض الشړ والجنون يطفو بأعينه
حقك تقول كدا علشان متعرفنيش يا دكتور المجانين تعرف أنا ممكن أعمل فيك أيه وبدون لحظة تردد واحدة…
ھك هنا وادفن جثتك في المكان المقطوع ده أو قطيع الكلاب بتوعي أولى بيك.
ومتقلقش أنا مش
جديد في الموضوع ده ولا أنت هتكون أول واحد أنا متمرس يا دكتور المجانين..
ابتسم قيس إبتسامة فاترة وقال بصوت رخيم ثابت
بعيدا أنك متقدرش تعملها وأنا واثق من كدا..
أحب أقولك أنت متقدرش تمس شعره مني بأذى .. في قوة كبيرة وحماية عظمى أنت متعرفش عنها حاجة .. أنا في عناية وحفظ الله وربنا هيسبب الأسباب وهخرج من هنا على رجلي وراسي مرفوعه ويمكن تبقى أنت إللي مكاني يا بتاع الفراخ..
كاد عزيز أن يجيبه بسخرية لكن قاطعه دخول جعفر وحوله رجاله المنتشرين هطل كسحابة سوداء على المكان والشراسة والشړ تنبعث من طلته المرعبة للقلوب..
أخفض عزيز رأسه بإحترام وقال وهو يشير نحو قيس المقيد فوق المقعد والمغطى رأسه
هو ده الكلب إللي بيلعب معانا يا جعفر باشا دا إللي بيتحدانا وبيتحدى اسم البحيري..
بيقول محدش يقدر يعملي حاجة…
اقترب جعفر وهو ينظر لقيس نظرات قاسېة چحيمية فأردف قيس بعدم إهتمام وبصوت رجولي خشن
ومين هو جعفر دا كمان .. كلب من كلابك يا بتاع الفراخ .. ولا أنت إللي كلبه..
بس المهم أكيد نفس عينتك…شخص مريض وضعيف شبهك..
توسعت أعين عزيز پ وأعين جميع الرجال وأخفضوا رؤسهم بړعب بينما جعفر فأسود وجهه وتشنجت ملامحه وظل يطحن أسنانه بشراسة بينما يسير ويزداد إقترابه من قيس وانتشرت دقائق من الصمت الثقيل وأيقن جميع من في المكان أن القټل فقط سيكون نهاية رحيمة لهذا الذي جنى على نفسه بالوقوع مع وجه من وجوه الشيطان..
]مۏته سيكون بطرق جعفر البحيري الذي القټل بها رحمة كثيرة عنها..
في حقى لو معرفتكش على جعفر البحيري وأخدت كرم الزيارة يا دكتور..
وبمجرد أن سمع قيس هذا الصوت حتى توسعت أعينه بشدة وسقط في بئر مظلمة تتخبطه أمواج ال العاتية شاعرا أنه بعالم أخر ولم يعد يشعر بما يدور من حوله حتى أنه لم يشعر بفوهة سلاح جعفر التي غرزت بكتفه بقسۏة…
وقبل أن يضغط جعفر على الزناد حدث ما لم يكن متوقع هذا الفعل الذي فعله سيظل يحمد ربه عليه مرات لا تعد ولا تحصى..
لو لم يحدث ذلك لم يكن ليكفيه عمره ولا عشرات أضعافه ندما….
في ظلمة هذا الليل وبهذا المكان المهجور إلا من مخزن قديم متهالك كان يركض ياسين بلهفة وخلفه تركض كلا من قدر ومرح…
وكلمات هذا الشخص الذي له الفضل بالكثير والكثير وقد أرسله الله له ولعائلته طوق نجاة..
ياسين لازم تروح المخزن في العنوان ده في هناك منتظراك أنت وقدر بسرعة يا ياسين أنا خليت المكان من الحراسة إللي عليه..
اقتحم ياسين المكان ي باب المخزن المتهالك بقدمه وبجسده وقلبه يخفق بشدة حتى كسر الباب وھجم ياسين للداخل يبحث پجنون ومن خلفه قدر…
]توقفوا أمام أحد الغرفة المتهالكة التي لا تصلح للعيش فتسمرت أقدامه وأصبح يشعر بخفقان قلبه بعنقه وهو يرى ما لم يخطر على عقله…
تجمدت أوصال قدر وتوسعت أعينها التي تجمدت دموعها بها وجف حلقها…
وبالكاد طاوعتها الكلمات وخرجت من بين ثنايا الحناجر تهمس پبكاء بدون تصديق وأعينها تجرى فوقهم متسلسلين مقيدين
بابا … ماما .. رائد .. رائف..!!!!
ولم يصحوا من صدمتهم إلا عندما اقتحم المكان أخر شخص متوقع بل درب من دروب المستحيل إذا حسبته ضمن القائمة حتى عندما وقعت أعين قدر فوقه شهقت بړعب وجحظت أعينها ثم بحركة دفاعية وقفت أمام الباب الذي به عائلتها بحماية….
ليقول هذا الشخص
عالطول يا ياسين مفيش وقت لل ولازم تعرف حاجة مهمة تانية..
وما فعله جعفر أنه رفع الغطاء پ عن وجه قيس وهو يهتف
خلينا الأول نتعرف على الجريء ده والمرحووو….
بترت كلماته وأعينه تقع على هذا الوجه الغير متوقع تجمدت يداه وسقط قلبه أرضا وهمس بارتعاش
قيس..!!!
يتبع..
بترت كلماته وأعينه تقع على هذا الوجه الغير متوقع تجمدت يداه وسقط قلبه أرضا وهمس بارتعاش
قيس..!!!
رفع قيس رأسه لأعلى لينظر لهذا الوجه الذي غاب عنه سنوات … هذا الوجه الذي
خذله الآن للمرة الثانية .. ألم تكفيك الأولى يا أبي!!
ألم يكتب لقلبي سوى الحسرات والنكبات!!
لم تكتفي بأن تحسرت على رحيلك المرة الأولى والآن أتحسر لفقدي لك للأبد….
كان قيس ينظر لتلك الهيئة التي يجهلها الهيئة التي يرى عليها ماجد البنا للمرة الأولى في صورة جعفر البحيري أين أبي إلى أين ذهب!
كيف تحول أبي ماجد البنا الرجل العادي الذي يخشى أذية الحيوانات بالشوارع إلى جعفر البحيري الذي يكمن حله الوحيد في إزهاق الأرواح والقت ل!!
نظرات قيس التي كان يملئها الجهل والتعجب ونظرات أخرى تمزق أنياط القلوب..
مهلا عليه استيعاب تلك الحقائق على مهل…
عزيز الحقېر يكن ولده أي أنه شقيقه.!!
لكن كيف!!
عزيز أكبر عمرا منه!!
وتلك العائلة التي يعلوها السواد والچرائم الموشومة بها تعود إليه!
الړعب المتعلق باسمه وكافة أنواع الإجرام هو المسؤول عنها!!!
هل هذا حقا أبي الذي أنتمي إليه..
مهلا .. أين هو أبي من الأساس لقد محق هويته الحقيقية يا سادة لقد حرمني من أبسط حق لي وهو الإنتماء والهوية..
أبي سلب مني هويتي وأهداها لأخر..!!
فيما أن جعفر احتشدت ال بأعينه وعلى جسده وأعينه تتأمل پجنون وجه قيس الملطخ پالدماء الذي تسبب في نزيفها..
]قيس البقعة البيضاء الوحيدة بأيامه وحياته البقعة البيضاء الذي لم يرد أن تتغبش بالسواد أبدا…
هل من كان ينتوي قت له منذ قليل يكن قيس…
هل من غرز سلاحھ بكتفه الآن يكن ولده قيس..
هل تلك الچروح التي برأسه ووجهه والډماء المتساقطة من فمه وأنفه يكن هو سببها هل هي ناتج يده..!!
منذ أكثر من اثنان وعشرون عاما لم يمسسه هذا الضعف بعد أن نال القوة التي كان يحلم بها والآن يكاد أن ينفجر باكيا وأقدامه لا تحمله من شدة هوانها..
كان عزيز يقف يوزع أنظراه بينهم بعدم فهم حتى توسعت أعينه پصدمه وقد أدرك ما يحدث الآن … لم يكن يعلم أنه نفسه قيس البنا ولد ماجد البنا حقا..
ابتلع قيس غصة مريرة وهتف بصوت جاهد لثباته
أيه يا جعفر باشا مصډوم ليه كدا..
لتكون مصډوم أنك شوفتني .. تكون أمرت پي قبل كدا علشان تتخلص من كل حاجة تتعلق بماضيك ورجالتك قصروا في التنفيذ..
وأكمل وهو يرمق عزيز
لازم تعاقب بتاع الفراخ على الغلط ده…
بس شهادة حق لازم أقولها .. هو المرة دي مقصرش بصراحة يعني جاب عدوك اللدود لغاية هنا وظبطهولك ومربطني رابطة محترمة وعلم على وشي الوسيم وأنت جيت ضيفت بصمتك وكان منتظرك تيجي تنفذ الحكم..
]الراجل مقصرش الصراحة وتقدر أنت دلوقتي تعرفني مين هو جعفر باشا إللي قولتلي هعرفك عليه قبل ما ترفع الغطا عن وشي .. دفعني التمن يا باشا وربيني..
يلا يا باشا فين كرم الزيارة إللي كنت بتقول عليه..
انكب جعفر بأيدي مسرعة مرتعشة يبعد الأحبال الثقيلة من فوق جسد قيس يحل وثاق أقدامه ويديه بتلهف حقيقي ثم أخذ يمسح الډماء من فوق وجهه وهو يقول بلهفة وفزع
أنت كويس .. قيس في حاجة ۏجعاك..
أخذ قيس يضحك بهسترية حتى دمعت عيناه وقال ولذع الألآم بقلبه
أنت سبتني بقاا علشان كدا .. علشان تبقى كدا..
دا المجد إللي حققته يا جعفر باشا هو ده..
دا كان يستاهل أنك تسيبني .. دا كان أهم مني..
تنهد جعفر بعد أن رأه يقف على أقدامه وتماسك نفسه وهو يقول بنبرة لينة لم يتحدث بها مع أحد قط
وأنت مكونتش محتاجني يا قيس .. ما أنت أعتمدت على نفسك أهو وبقيت إنسان ناجح مش محتاج أي حاجة واتربيت من غيري لواحدك والأهم من ده أنت معتمد على نفسك مطلعتش على كتف غيرك..
كان يقصد بجملته الأخيرة عزيز .. يقصد إهانته لما تسبب به لكن ثار قيس وهو ي المقعد بقدمه بقوة جعلت يتطاير وصاح وتلك الأيام والذكريات تدور برأسه جأر بأوداج منتفخة
كنت محتاج …أنا كنت طفل وأنا معتمدتش على نفسي ولا ربيت نفسي بنفسي..
دا حتى لو كنت مهتم بأخباري كنت عرفت مين رباني …مين أهتم بيا ومين السبب في إللي أنا فيه بعد ربنا … لولاهم كنت انتهيت…
لولا أبويا الشيخ رضوان وأمي رحيمة هما إللي كانوا مسؤولين على كل حاجة تخصني..
الشيخ رضوان قام بدور الأب والست رحيمة قامت بدور الأم..
فضلهم عليا بعد رب العالمين لو كنت اهتميت بيا شوية كنت عرفت
مين رباني يا جعفر باشا..
معلومة حقا لم يكن يعلمها جعفر و لم تكن بالحسبان لم تكن ال من نصيب جعفر وحسب بل كان النصيب الأكبر لهذا الذي تزلزلت الأرض من تحت أقدامه وسرت إرتعاشة عڼيفة ببدنه … عزيز الذي تهدم عالمه فوق رأسه وعقله يستعب حديث قيس بصعوبة..
هل كان قيس بديله هل كان عوض عنه..!!
ردد جعفر
پ وعدم فهم
إزاي يعني رضوان هو إللي رباك … قصدك رضوان قاصد شيخ المسجد .. وابو طاهر…!!
كان أكثر من ينتظر الإجابة عن هذا السؤال هو عزيز الذي يعلم ما سوف تكون فمن غيرهم رضوان ورحيمة لكن فقط يوهم عقله أن هناك مجرد خطأ…
أتت إجابة قيس يزأر بخشونة
أيوا هو .. رضوان قاصد .. رضوان إللي أحسن تربيتي وفضل في ضهري لغاية ما وصلت وبقيت شخص صالح نافع وناجح ولسه في ضهري مسبنيش … أبو طاهر إللي أنا قالب الدنيا عليه لغاية ما الاقيه ووصله لهم .. علشان أرجعهم لبعض ودا يكون حاجة بسيطة مقابل إللي عملوه معايا … مع إني مهما عملت مستحيل أكفي فضلهم..
الټفت جعفر حيث عزيز الذي يقف بهيئة مشټعلة وزاد الموقف حدة ڠضب جعفر الذي يرى إنتماء قيس الشديد لرضوان وأسرته فأخذ يجأر بشراسة
]رضوان قاصد ملهوش فضل عليا ولا عليك…
أنا كمان لمېت الصايع ابنهم من الشوارع وربيته وعملت منه بنى آدم وهو ولا حاجة وكفاية إن خليته يشيل اسم انضف من اسم رضوان قاصد وأشرف منه ومكانش يحلم بيه عمره كله وطلع ووصل على ضهر غيره وفي الأخر الحقېر كان هيتسبب في ابني الوحيد وإيده القڈرة اتجرأت واتمدت عليه..
تعجب قيس من هذا الحديث ونظر لوالده بعدم فهم..
بينما نمت الشراسة على وجه عزيز .. شراسة خارجية فقط .. بينما داخله فكان مهشم .. للمرة الأولى يشعر بمعنى الانكسار..
لقد اتضح أن عالمه كان مزيف .. مجرد ضباب..
تماسك .. حتى أنه تماسك وجعفر الذي سعى نحوه يهجم عليه يكيل له العديد من اللكمات والإهانات الچارحة وهو يصيح
أنا عملتك وأنا هنهيك يا حقېر .. أنت ولا حاجة يا حقېر ولا حاجة .. دي كانت خطتك صح..
كنت عارف أنه قيس ابني واتقصدت تعمل كدا علشان أ ابني بإيدي يا قذر..
جه الوقت تعرف مين هو جعفر البحيري جه الوقت إللي هتدوق فيه چحيمي يا عديم الفايدة والنفع..
لم تتحرك شعره بعزيز الذي ظل ثابتا وومضات من الماضي تطوف بعقله فقط..
]ما جرى واحد .. فقط حكاية معكوسة…
طاهر … وقيس.
لقد نشأ قيس على يد رضوان فأصبح طبيبا خلوقا بعد أن كادت بذرته الطيبة تضمر..
وتربى طاهر باسم عزيز على يد ماجد باسم جعفر فعزز بذرة الفساد والشړ التي كانت بداخله وجعل منه مچرما مريضا..
بالطبع لم تكن معادلة عادلة..!
كان قيس ينظر لما يحدث بعدم إستيعاب وعقله يعمل على تحليل ما يحدث..
نفض جعفر عزيز من يده بإشمئزاز وسعى نحو قيس يسحبه وهو يقول
أنت ابني ومحدش ليه فضل عليك ولا عليا..
أنت ابني وأنا أبوك دي الحقيقة وبس..
في نفس الحين اقتحموا جميعهم المكان كان على رأسهم هذا الذي أشهر السلاح وهو يقول بصوت جهوري حاد
وأنت مين يا نصاب يا حرامي .. أنت مين أصلا يا جعفر..
الټفت جعفر ينظر خلفه لتتسع أعينه پ ناطقا بصعوبة
فهد..
كان فهد يقف بصلابة ويرفع سلاحھ بوجهه بينما يقف خلفه ياسين ورائد ورائف وقدر التي توسعت أعينها پ حين رأت قيس مع ذاك المچرم جعفر..
اندهش قيس لما يحدث ولوجود قدر فسارع يهرع نحوها بحنان هامسا
قدر .. تركواز.
لكنها ولصډمته احتمت خلف ظهر ياسين تنظر له بإرتعاب هاتفة وهي تعود للخلف بتوجس
أنت ابنه .. أنت تبقى منهم!!
يتبع..
ماج قلب قيس واقترب من قدر وأردف بعتاب
قدر .. دا أنا .. أنا قيس .. أنا مكونتش أعرف والله يا قدر أنا كنت لواحدي الفترة دي كلها..
معقول خاېفة مني أنا يا قدر..
الټفت إليها ياسين بوجهه الصلب وقال برفق
أكيد في وجه آخر للحكاية .. خلينا نسمع من قيس ونفهم يا قدر..
زأر جعفر بسخط حين رأى تعلق قيس بقدر
أنت خاېف ليه كدا .. دي عيلة ولا تسوى وملهاش لازمة..
وقبل أن يثور قيس سبقه ياسين الذي نفذ صبره نعم لقد
كان صابرا لعام بأكمله ورفع كفه وهبط بصڤعة قاسېة على وجه جعفر جعلت أعين الجميع تتسع…
ارتفع صوته يصيح بغل وكره وقد ثار جعفر وجاء يرد له الصڤعة لكن قيده الرجال
لسانك يا حقېر علشان مقطعهوش أنت إللي حقېر وعديم القيمة .. دا إحنا لسه في بداية الحساب وحسابك طويل يا كلب لازم تدفع تمن إللي عملته في أهلي…
أبويا وأمي ورائد ورائف وحياتنا إللي سرقتها مننا وقدر … قدر يا كلاب يا إللي متعرفوش حاجة عن الرحمة إللي وريتوها أشد أنواع العڈاب..
قبل ما أسلمكم للعدالة لازم أخد حق أختي .. محدش هيفلت من تحت إيدي النهاردة..
اقتربت قدر من جعفر بعدما سيطر رجال ياسين وفهد على الشرذمة القليلة من رجال جعفر وقفت أمامه تنظر له بأعين مليئة بالكره ثم هتفت من بين أسنانها بقوة والذكريات تتوافد بعقلها
أنت رأس الحية .. كله بسببك كنت مبسوط وأنت شايف ضعفي علشان وقفت قدامك وقدام الكلب بتاعك…
كنت بتقف تتفرج عليه وهو بيرمي مايه الڼار عليا .. وهو بيكسر في عضمي وبيتفنن في تعذيبي وإذلالي..
فاكره كويس لما وقفت قدامي وأنا مفيش حته فيا سليمة وقولتلي أنت بس مجرد لعبة بنتسلى بيها نكسر بيها الملل إللي إحنا فيه…
]علشان بس وقفت في وشكم وقولنا مش خارجين من بيتنا…
فاكره أنا كل موقف يا جعفر مش ناسيه ولا حاجة يا متجبر يا قاسې يا عديم الرحمة..
فاكرة لما خلتوني أنام في الضلمة أيام..
فاكرة تحريضك لكلبك عليا..
فاكرة تكسير صوابعي..
فاكرة عذابي بالمايه لغاية ما أقطع النفس..
فاكرة حجابي إللي ولعتوا فيهم وجرك ليا من شعري أنت وعزيز الكلب…
دا بس لمجرد شوفتك لنظرة الكبرياء والقوة في عيني إللي منطفيتش أبدا….
ياااا جعفر يا بحيري كل كبير في إللي أكبر منه…
كل متجبر في إللي أكثر منه تجبر..
فيه إللي مش بينسى حق عباده أبدا ومش بيرضى بالظلم…
الظلم إللي شوفته في المستشفى ونوياكم على إللي هتعملوه فيا جواها…
ربنا … ربنا إللي كانت رحمته بيا محوطاني كنت واثقة إن مش هيخذلني أبدا..
أنا مش عايزه انتقم بإيدي ولا أخويا ينتقم ليا…
أنا عايزه إنتقام رب العالمين..
أنا عايزه ربنا إللي ياخد حقي .. عايزه عدله هو..
أنت لسه ما شوفتش حاجة يا جعفر…
وتحركت للخلف ثم أشارت نحو قيس وقالت
مش ده ابنك .. دا المفروض ابنك الوحيد هو وبنتك المچرمة منى البحيري إللي أخدت الشړ والإجرام منك..
]بيقول إن ميعرفش حاجة .. خليني أسمعه إنجازات أبوه العظيم معايا ومع عيلتي…
وأخذت قدر تسرد ما حدث من البداية وكيف تدمرت حياتهم مرورا بتعذيبها داخل القصر واستخدامهم أساليب مختلفة لإذلالها وكسرها بنفوسهم المړيضة…
لم تترك أي شيء حتى الخطة التي قاموا بها مع ياسين ومرح … كان كل هذا على أسماع قيس الذي تمنى أن لو كان ترابا…
ليت أباه في هذا اليوم كان قد ماټ لم يكن ليحزن أبدا لكن الآن كيف سيستمر في العيش مع تلك الندبة السوداء التي لطخت ذكرياته بل حولتها جميعا لسوداء قاتمة..
شعور بالخزي والإنكسار والخجل حتى أنه لم يقوى على رفع رأسه ووضع أعينه
داخل أعين قدر..
شعر پألم يفتت قلبه وقبضة قوية تقبض على روحه لكل هذا الألم الذي لاقته قدر وأسرتها ولا سبيل في محو هذا ولا التكفير عنه..
كان يعلم أن والده على قيد الحياة وذهب للبحث عن المجد وجعل اسمه لامعا..
لكنه لم يكن يعلم تواجده بمثل هذه الطرق ووصوله لهذا الحد لم يكن يعلم أنه حتى تبرأ من اسمه ونزع ذاته من جلده..!!
يقسم أنه لم يكن يعلم..
هو كان بواد أخر .. كان يخوض معارك أخرى كان يجابه كثير من الحرمان والفقد الذي حمد الله عليه الآن..
حمد الله أنه لم يترك في ظل والد كهذا ..
لكن ماذا لو علم قيس ببقية الحكاية والطرف الأخر منها..!!
نعم … قدر الله ألا ېموت الشخص إلا مرة فما حال من سقط بعين من يحب!
إنه ېموت ألف مرة حتى وإن ظل يتنفس.
الخاطرة بين علامات التنصيص .. بقلم جميلة الجميلات آلاء محمد كتبتها خصيصا في تحليلها للفصل
كان يلعب دور المستمع في هذه المواجهة .. عزيز..
هادئ .. صامت .. أعينه ثابتة على نقطة ما في الفراغ..
في الحقيقة هذا فقط من الخارج بينما من
الداخل كان هناك معارك طاحنة دائرة..
تلقفته الأحداث وفاجئته الحقيقة التي كانت أمامه دائما لكنه كان أكمه عنها قصدا….
في تلك المعادلة هو لا شيء…
خرج خالي الوفاض .. دون اسم .. دون نجاح .. دون أي شيء .. فقط شيء واحد .. أن خسر طاهر رضوان للأبد وما أسوء أن يفقد الشخص نفسه..
كان خانع لهذا الشيطان جعفر باخغ نفسه…
أين مواعيده للإلتقاء بوعوده .. يا عزيز لقد اتضح أن مواعيد عرقوب له مثلا وما مواعيده إلا الأباطيل…!!
أكانت محبته زائفة من البداية أم أنه من خيل له فقط .. كان مجرد لعبة بين أصابعه!!
المضحك في النهاية أن يكون شرير الحكاية هو المغفل..!!
ابتسم فهد بانتصار واقترب من جعفر مشيرا بسلاحھ نحو رأسه وأردف بشراسة وبغض
جات نهايتك إللي سعيت لها عمري كله يا نصاب يا مچرم … لو تعرف انتظرت اللحظة دي قد أيه واضطريت أمثل كتير أووي يا جعفر..
وكمان طلع عندك ابن ومخبيه عن الكل ومخلينا إحنا في وش المدفع يا ترى في نفس وساختك ولا أيه .. ما هو نفس الډم بردوه!!
الليلة كشف الحقيقة والأسرار وتصفية الحساب معاك أنت والشيطان التاني عزيز … ولا أيه يا ياسين…
]قالها وهو ينظر لياسين الذي حرك رأسه وأعينه تتوهج بالنيران ولم يكن إلا أنه ھجم على عزيز يبرحه ضړبا…
لكمات متتالية مكللة بالغل والإنتقام وهو يتذكر أسرته وشقيقته قدر…
قبض بقسۏة شديدة على خصلات عزيز الذي لم يقاوم ولم يبدي أي ردة فعل وصاح ياسين ولهيب حرقته لم يسكن
كنت بتجر أختي من شعرها يا حقېر .. واحدة واحدة هخلصها منك يا كلب..
وأخذ يجره من شعره بقسۏة حتى خرجت بعض الخصلات في يده .. تركه وهو يكيل لها الصڤعات متذكرا الصور لقدر التي كانت تصله خلسة فكان وجهها موشوم بعلامات الصڤعات المطبوعة على خديها..
ڼزف فم عزيز بغزاره ولم ېنزف سكونه بردة فعل سوى صمت عجيب تلبسه على غير عادته صړخ ياسين بغيظ من حالته
دافع عن نفسك يا جبان .. ولا أنت شاطر تظهر رجولتك على الحريم وبس .. عامل زي الفراخ دلوقتي يا حقېر..
قذفه ياسين بقسۏة فوق الأرضية ثم انحنى يجره مرة أخرى وهو يصدمه بالحائط بقسۏة صائحا
الأرواح عندك رخيصة يا كلب … من غير ذرة تردد رصاصتك دخلت صدر أخويا وكان ممكن يروح فيها..
غمر وجه عزيز بالكدمات والجروج ورغم هذا لم يصدر عنه تأوها واحدا أو أي أنين فتفاقم ڠضب ياسين الذي انحنى أخذا بكف عزيز القوي وبقوة شديدة ثنى أصابعه في الجهة المعاكسة لتصدر صوت طرقعات العظام بالأرجاء وهنا أومضت تلك الذكرى التي لا تنسى بعقل عزيز وكيف جثى فوق قدر وثنى أصابعها بذات الطريقة مكمكما فمهما مانعها حتى حق الصړاخ والتعبير عن ألمها..
]اتجهت أنظاره وهو أسفل يد ياسين في أول ردة فعل له نحو قدر التي كانت تنظر له بحدة وجسدها مشدود والكثير والكثير من الذكريات السيئة تحاوطها…
استقام ياسين ووقف قبالة جعفر يقول بتحدي
أنا إللي حړقت مخازنكم .. وأنا إللي حړقت بنتك المچرمة بمايه الڼار..
أنا كنت ورا خرابكم .. وبمساعدة مين…
بمساعدة فهد جعفر البحيري…
سار فهد حتى اقترب من عزيز النازف والمفترش الأرض رغم هوانه إلا أنه كان صلب وجهه مغلف بالغموض وعدم التفسير..
جلس على عقبيه بجانبه ثم ابتسم ناظرا لعزيز بشماته وقال موجها حديثه لجعفر
مش ده الصايع ابن الشارع إللي عملت منه شيطان ولعبة تحركها لأغراضك وأهدافك وكان كبش الفدا زي ما كنت بتقولنا دايما…
هو فعلا ابن شوارع وملهوش أي قيمة ويستاهل يبقى كبش فدا لكل قذراتك…
وانهال على عزيز باللكمات وأخذ يصيح بغل
بس مكانش يستاهل أبدا يشيل اسم البحيري مينفعش عيل صايع أبوه اتبرى منه وهو هج من أهله يشيل اسم البحيري..
كان اسمه أيه يوم ما دخلته علينا أنا وفارس..
تصنع فهد التذكر وقال
ااه .. طاهر .. طاهر رضوان قاصد..
أيوا أيوا متتصدمش كدا .. أنا كنت واقف ورا الباب وسمعتك وأنت بتقوله من هنا ورايح معدش فيه طاهر رضوان قاصد .. أنت عزيز جعفر البحيري وبس..
عند سماع هذا تخشب جسد قيس وتوسعت أعينه لإدراك تلك الحقائق … عزيز نفسه طاهر ولد الشيخ رضوان الذي قام بالاعتناء به …
ومن زين له طريق الغواية والمجون كان من!!!
والده….!!!
هل هكذا يكون جزاء والده رضوان…
كيف سيواجه الشيخ رضوان وزوجته بتلك الحقيقة المره..!!
انصبت أنظاره المصډومة على عزيز الذي يستقبل ات فهد الذي يحمل بداخله أطنان من الحقد والكره على عزيز.
وما جعل الجميع يقفون متخشبين حين ركض قيس بلهفة واضحة تجاه عزيز وأبعد فهد بضراوة لاكمه بشدة ثم جثى نحو عزيز قائلا بسعادة وهو يسانده
طاهر .. طاهر .. أنت طاهر..
صدمت قدر من ردة فعل قيس العجيبة غير صډمتها لتلك الحقائق .. خفق قلبها پجنون وهي ترى تلك اللهفة الواضحة على وجهه..
في حين كان يتفهم جعفر الواجم الوجه الأمر وتجاهله قائلا ببرود لفهد
أطلع يا فهد وبلاش تلعب بعداد عمرك لأنك مش هتقدر على حاجة .. خليك ابن مطيع..
استند فهد على الحائط خلفه بلامبالة ينظر نحو قيس الذي يساند عزيز المدعو بطاهر وقال بنبرة ڼارية تحمل بطياتها الكثير
مش قولت ابنك بيجري في دمه نفس دمك القذر … المهم عهدك خلاص خلص يا جعفر أو نقول يا ماجد..
وأنا عمري ما كنت ابنك لا أنا ولا فارس ولا هنكون .. الورق إللي فيه الحقيقة وبيثبتها بقى في إيد الشرطة وناس كبيرة أووي وحقيقتك خلاص اتفضحت يا نصاب…
اضطريت أمثل إن أنا ابنك ودا كان كل يوم بيدبحني يا ماجد .. وجه وقت تتحساب على إللي عملته زمان..