روايات

تزوجته فقيرا بقلم نسمه مالك

..مقدمه..
“رفعت عينيها الممتلئة بالدموع للسماء، وكلمات أيوب ابن قلبها تتردد بأذنها”..
“عوضُ الله يستحق صبراً فلا تقنطى ، ستُجبر”..
“‏وغداً يا أمى سيأتي اليوم، الذي يعوضك الله فيه عن تلك الأيام الصعبة، إن الله على كل شي قدير”..
‏”فانتظرى قليلاً لعل البشائر التي تُغيث القلب قريبة.”..
‏”سيطيبُ ماقَد آلمك يوماً.”..
‏”عِجافُ الأيام يعقُبها يوم الغَوْثِ وإن طالت”..
،‏”ومنّ آمنَّ بعوضِ اللهِ أتَاهُ عظيماً”..
“على يقين أنا بالله سيمضي القلق ، وستأتي الراحة بعد رحلة العناء، والمشقة كالصيب الطيب، ينبت الخير الأخضر ، سيُعوض الله توتُّر المشاعِر ، وإضطِراب الأمل وخوف المُستقبل بِكُل ماهو جميل”
وبين قبلات متناثرة على كف يدها وجبهتها تابع بابتسامتة، التى تطمئن قلبها..
“دائماً هناك أمل بأن لنا فى الغيّب شيئاً جميلاً”..
هو..
رجل بكل ما تحمل الكلمة من معنى..
فارس الأحلام لكل فتيات منطقته..
ولكنه لا يفكر بالزواج نهائياً..
فقد اكتفى بإعالة والدته، وأشقائه بعد موت والده..
ترك تعليمه، وتفرغ للعمل حتى يستطيع الانفاق عليهم..
وبرغم ضيق الحال إلا أنه أصر على تعليمهم جميعاً..
حصلوا جميعاً على شهاداتهم الجامعية بفضله هو..
كلا منهم شق طريقه بعيداً عنه، وعن والدتهم، وتعمدوا تناسى شقيقهم الأميّ..
وأصبحوا يخجلون منه، وعلاقتهم به يعتبرونها عاراً بالنسبه لهم..
ليرسل له الله زوجة صالحة ستغير له مجرى حياته، وتكون له خير عوض بعد صبره لسنوات..
وسيكون هو لها نعمه الزوج الخلوق الصالح..
ولكن؟!!..سيمرون بمواقف عصيبة ، ستعصف بهما، يا ترى يمكن أن تتبدد المشاعر!! تنهزم أمام العقبات!!
أم تمر كريح فى موسم عاصف، يحل بعده دفء الربيع؟؟؟!!..

الروايه الأقرب لقلبى..تزوجته فقيراً فأغنانى الله به..
✍نسمه مالك✍..نبدأ حكايتنا..بسم الله الرحمن الرحيم..والصلاه والسلام على خير خلق الله..محمد بن عبد الله وعلى اله وصحبه وسلم..
صلاه تنحل بها العقد..وتنفك بها الكرب..وينفتح بها ابواب الرزق..

البارت الاول..
تزوجته فقيراً فأغنانى الله به..
✍نسمه مالك✍..

سطعت شمس نهار جديد،
بمنطقة شعبية، تمتاز بعائلات من الطبقه المتوسطة،
وعائلات أخرى من الطبقة الفقيرة جداً..
استيقظ بطلنا بالصباح الباكر كعادته على صوت والدته الحنون، زينب..

” أيوب”
ربتت على كتفه..
“اصحى يا ضنايا الشمس طلعت”..
وضعت كف يدها على رأسه، وبدأت تقرأ ما تيسر من القرأن الكريم حتى انتهت،
بحب قبلت جبهته، وأكملت بغضب مصطنع..
“اصحى بقى يا واد..هعملك طعمية سخنة تستاهل بوقك.”
ببطء..فتح عيناه السوداء، ذات الرموش الكثيفة واعتدل جالساً وهمس بسره..
“اصطبحنا وأصطبح الملك لله”
نظر لوالدته بابتسامة..
“صبحك الله بالخير يا امه..”
“صباحك رضا ورضوان، وجنة من الرحمن يا قلب أمك..
يله قوم صبح وشك واتوضى وصلى وتعالى افطر معايا قبل ما تنزل على أكل عيشك..”
رد عليها أيوب قائلاً بعتاب..
“برضو نزلتى يا امه”
اقترب منها، وقبل يدها بعمق …
“السلم يتعبك يا حبيبتى..عايزه اى حاجه صحينى وانا اجبهالك”
ابتسمت زينب قائلة..
“متخفش على امك يا ضنايا”
ربتت على وجنتيه بحنان..
” قلب امك لسه بخير بفضل ربنا وعشانك يا ايوب والا مكنش يستحمل اللى اخواتك عملوه ووقف من القهر والحسرة يا ابنى”
قال أيوب بلهفة
“بعد الشر عليكى يا ام ايوب”
قبل جبهتها..
“ربنا يباركلى فى عمرك ولا يحرمنى منك ابدا.”
تنهد بألم
“واخواتى ربنا يهديهم..ادعلهم يا امه..”
“دعيالهم ودعيالك يا ضنايا”
ربتت على كتفه..
“على ما تدخل الحمام اكون حضرتك الفطار”
ابتعدت بنظرها عنه، وأكملت بتوتر،
“وابقى ارجع على المغربيه يا ايوب علشان هنروح مشوار”
ضيق أيوب عيناه، ونظر لها باستغراب وبتساؤل تحدث..
“مشوار ايه يا امى؟!!”
اتسعت عيناه بصدمة، وبزهول اكمل..
“اوعى تقوليلى عايزه تروحى لاخواتى تانى”
قالت زينب:بضحكه متألمة
“نروحلهم تانى .علشان يطلبولنا البوليس المرادى”
أغمضت عيونها بعنف تحاول التحكم بدموعها..
“لا يا حبيبى مش هنروحلهم”
نظرت له وابتسمت بفرحة،
“هنروح نخطبلك”
ايوب بعدم فهم قال. “نعم؟!!..تخطبى لمين؟!..”
زينب:”اخطبلك انت يا ضنايا”
التمعت عيونها بالدموع..
“نفسى افرح بيك واشيل ولادك يا ايوب”
أيوب:بتعقل..”امه..انا مش هتجوز واجيب واحده اظلمها معايا”
زينب:”يا ابنى ربنا ما يجيب ظلم، والعروسه اللى انا اخترتهالك بنت حلال عارفه كل ظروفك وراضيه بيك”
أيوب:”امممم..ومين بقى العروسه دى”..
نظر لها بتحذير..
“اوعى تقولى حبيبه بنت عم محمد”..
زينب بفرحه طفوليه..
“هى يا واد..بت زى البدر”
أيوب بابتسامة..”عارف حبيبه يا امه”..
غمز لها بشقاوه..
“دى احلى من البدر كمان”
زينب:”اه منك يا واد انت..يعنى لامح البت وعارف انها بتتمناك”
ربتت على ظهره بحنان
“البت ادب واخلاق وانا بعتبرها بنتى اللى مخلفتهاش وبمشيئه الله ربنا هيجعلهالك عوض وفرحة عن كل اللى شوفته فى حياتك ياحبيبي..وبالقرشين اللى معاك هنج..؟!!..”
قطع حديثها ايوب برجاء..
“امه..شيلى الموضوع دا من دماغك خاااالص..”

امسك كلتا يدها بين يديه وبدموع تحدث..
“الفلوس اللى معايا دى فلوس عمليتك،انا مش هاخد منها قرش لنفسى،وهفضل انحت فى الصخر واشتغل كل حاجه واى حاجه يجيلى منها قرش بالحلال لحد ما اكمل المبلغ اللى الدكتور قال عليه وتعملى العمليه وتخفى وترجعى احسن من الاول يا ست الكل..”
ببكاء قالت زينب
“انا مش هعمل عمليات يا ايوب انا الحمد لله كويسه..وانت هتتجوز حبيبه يعنى هتتجوزها..”
أيوب:بتوسل..”اهدى يا امه بلاش عياط علشان خاطرى..”
ردت زينب بصرامه..
“انا خت معاد من اهل حبيبه علشان نروح نخطبها..”
بذهول رد أيوب
“واهلها واقفو؟!..”
ابتسم بألم..
“ولا انتى مقولتيش ليهم سبب الزياره؟!..”
زينب:”انا قولتلهم هنيجى المغربيه نشرب معاكم الشاى..”
نظرت له بتمعن..
“لكن حبيبه انا قولتلها اننا هنطلبها وهى موافقه..”
ايوب بتنهيده..
“هى اه..اهلها مستحيل يا ام ايوب وخصوصا امها..”
قالت زينب غاضبة..
“مستحيل ليه ان شاء الله..وانت فيك ايه يتعيب ان شاء الله..
دا انت كل الحته بيحلفو بأخلاقك وادبك واولهم ام حبيبه”
نظرت له برجاء
“علشان خاطرى يا ضنايا تعالى معايا نطلبها وارمى حمولك على الله..وصدقنى يا ابنى اول ما تطلب حلال ربنا هتلاقى باب رزق اتفتحلك من حيث لا تحتسب..”
ايوب وقد نفذ صبره..
“حاضر يا امه..انا هريحك..وهجى معاكى نطلبها..بس مش عيزك تزعلى لما يرفضونى..”
زينب بفرحه غامرة..
“قلبى بيقولى حبيبه هتبقى مراتك يا ايوب..واطمن يا حبيبى مش هيرفضوك وبنتهم عيزاك..”
حرك ايوب راسه بالايجاب وابتسم لها ابتسامة باهتة، وهمس بسره بأسف..
“انا هخلى بنتهم ترفضنى..”
اغمض عينه بعنف..
“وتشلينى من دماغك خالص يا حبيبه..”
ولكن عذرا ايوب أنت ليس برأس حبيبه..أنت داخل أعماق قلبها..

أيوب زيدان، ثلاثون عاماً، شاب شديد الوسامة بملامح يظهر عليها الشقى.يمتاز باخلاقه العالية وطبعه الهادئ، حاصل على الشهادة الاعدادية،
ولم يكمل تعليمه وبدأ يعمل بإحدى الورش حتى يستطيع تعليم أشقائه..
يقيم مع والدته بغرفه صغيره ببيت عائله والده..

بمنزل أخر، تمتلكه عائلة مستورة الحال،
الأب، محمد موظف بأحد الهيئات الحكومية..
الأم، نجوى، موظفة أيضاً بمكتب بريد،
كعادتهم، استيقظا بالصباح الباكر استعدادا. لعملهما..
“صباح الخير يا ام هبه”
ردت نجوى بضيق
“اهو صباح والسلام..”
محمد باستغراب قال
“مالك يا وليه..ايه البوز اللى على الصبح دا..”
“محمد..قولى الحقيقه..انت ايوب ابن عم زيدان الله يرحمه طلب منك ايد حبيبه؟!..”
أجابها محمد قائلاً..

“..لا..”
ثم ابتسم بتمنى
“بس يا ريت والله..دا واد جدع وبميت راجل والف واحده تتمناه..”
يعلو صوت نجوى قائله..
“الا بنتى يا حبيبى..هو جدع وراجل اه وانا اشهد بكده..لكن مش معنى كده انى اجوزه بنتى..”
محمد:”يا وليه بقولك مطلبهاش اصلا تقوليلى مش هجوزهاله..”
نجوى زفرت بضيق..
“امه قابلتنى عند محل الطعمية وقالتلى هنيجى المغربيه نشرب معاكو الشاى انا وايوب..”
محمد بفرحه..
“يا الف مرحب..ينورو..”
نجوى:بغيظ..”انت فرحان كده ليه؟!!..”
محمد:”ومفرحش ليه..ايوب راجل انا اتمنيته فى يوم لواحده من بناتى وبما ان هبه اتجوزت يبقى ربنا يكتب حبيبه من نصيبه..”
نظرت له نجوى بغضب..
“انت عايز تجننى يا راجل انت..عايز ترمى بنتك لواحد فقير دقه محلتوش اللضه..لييييييه..
بايره ولا معيوبه علشان ترميها الرميه دى؟!..”
محمد:بهدوء..”بقولك ايه..اهدى وصلى على النبى كده يا ام هبه وافتكرى ان الفقر مش عيب..وادعى ربنا انهم يطلبوا حبيبه وتكون من نصيبه لأن ايوب هو اللى هيصونها ويحطها جوه عيونه”..
تنهد بألم..
“مش هيعمل زى جوز بنتك الصايغ اللى مجننها وراه ومخليها تلف حوالين نفسها من اللى بيعملو فيها..”
نجوى قالت بأصرار..
“سيبك من كل الكلام دا..كلامك دا ميأكلش عيش..هبه بنتى متجوزه اكبر صايغ فى شارع الصاغه مخليها برنسيسه احسن لبس واحسن اكل بيجبهولها..
وانت عايز تجوز اختها لواحد هيجوعها وينيمها من غير عشا..دا على جثتى يا محمد..”
محمد قال بيأس..
“انا اتاخرت على شغلى..وهكون فى انتظار الناس فى المعاد”..
نظر لها بتحذير
“واوعى تكسفيهم او تقولى اى كلمه تجرحهم يا نجوى..الناس ياخدو واجبهم ونشوفهم عايزين ايه بالذوق والادب لان مهما كان دول جيرنا فى الاخر..”
نجوى بتنهيده..
“حاضر يا محمد..بس يكون فى معلومك اللى انا عيزاه هو اللى هيتنفذ..”
محمد بصرامه
“اللى حبيبه عيزاه هو اللى هيتنفذ..انا مش هغصب بنتى على حاجه ولا همنعها من حاجه هى عيزاها..”
نهى جملته، وانتفضت بفزع حين أسرعت ابنته بفتح باب غرفتها، وركضت نحوه بكل سرعتها، احتضنته بحب شديد، وببكاء تحدثت..
“يا حبيبى يا بابا”
قبلت وجنته..
“ربنا ميحرمنيش منك ابدا يارب..”..
محمد بابتسامة..
“ولا منك يا حبيبة ابوكى..”
نجوى بغضب..
“الله الله دا انتو طبخينها سوا بقى وانا اخر من يعلم..”..
محمد بغضب مصطنع..
“اوعى يا حبيبه من وشى اخرتينى على الشغل برغى امك دا..غمز لها وبهمس اكمل..اجرى على اوضك امك لو مسكتك هتعملك شورما..”..
أومأت حبيبة له بطاعة، وفرت هاربة على غرفتها..لتنادى عليها نجوى بغضب وغيظ شديد..
“بتجرى يا حبيبه..طيب وحياه امك لما ارجعلك من الشغل”..
نظرت لزوجها بشرار..
“رغى امك ها..”
مسحت على ذقنها باصابع يدها واكملت بوعيد..
“ماشى..اما وريتك انت وبنتك مبقاش انا نجوى..”..
بينما داخل غرفة حبيبة..
تقفز بفرحة عارمة على سريرها، وبضحك، وبكاء بآن واحد تحدث نفسها بعدم تصديق..
“هتجوز بيبو”..
أخرجت صورة صغيرة له أخذتها من والدته تخبئها بجوار قلبها قبلتها بعشق..
“ربنا حققلى حلمى وهتجوزك يا ايوب..”
ضمت الصورة لصدرها..
“اااه لو تعرف انا بحبك اد ايه”
رفعت عيونها للسماء وبتوسل همست..
“يااارب اجمعنى بيه فى الحلال باقرب وقت يارب..”

حبيبه عشرون عاما، بغاية الرقة والجمال..
تمتاز ببراءة ملامحها، وطيبة ونقاء قلبها..بالسنة الثالثة كليه تجارة..

انتهى البارت هستنى رايكم يهمنى اعرفه.. دمتم فى حفظ الله..البارت الثانى..
تزوجته فقيراً فأغنانى الله به..
✍نسمه مالك✍..

..أيوب..
بتردد..يخطو لداخل منزله، ويعود مرة أخرى للخارج،
وبتنهيده همس بسره
“اااه يا ام ايوب..يعنى اعمل ايه انا فى التدبيسه اللى انتى عايزه تدبسينى فيها دى”
أغمض عينيه بعنف وبغصة همس..
“انا عارف لو اتجوزتك يا حبيبه هتبقى احلى واجمل تدبيسه فى حياتى بس مش هينفع..مش هينفع يا حبيبه اظلمك معايا”..
رفع عيناه للسماء وبتوسل شديد هامساً..
“يااارب افرجها من عندك..واكتبلنا الخير يارب”..
أخذ نفساً عميقاً، وصعد الدرج على عجل..
وصل للغرفة، الذى يقيم بها مع والدته، لتقابله والدته بعبوس، وتتحدث بغضب طفولى..
“بحسبك مش هتيجى على المغربيه زى ما قولتلك كنت خاصمتك وزعلت منك”..
أيوب بابتسامه حانيه..
“مقدرش على زعلك يا ام ايوب”..
اقترب منها قبل يدها وجبهتها وبتعقل أكمل..
“هنروح يا امه بس هكون صريح معاهم وهقولهم كل ظروفى وهما وراحتهم لو وافقوا بيا على حالى دا يبقى ربنا يقدرنى وهحط بنتهم جوه قلبى وعنيا..لو رافضونى مش عايزك تزعلى يا امه دى اهم حاجه عندى واعرفى ان كل اللى ربنا ريدهولنا هيبقى خير بأذن الله”
بحنان بالغ..ربتت زينب على ظهره وبابتسامة ثقة تحدثت..
“هتوافق”..
حركت رأسها بالايجاب..
“حبيبه هتوافق يا ايوب..امسكت وجهه بين يديها..دا انت حلم عمرها ودعوتها الحلوه فى كل صلاه يا حبيبى”..
التمعت عينيها بالدموع واكملت
“وانا دعيالك..وقلبى وربى راضين عليك يا ايوب يا ابن زينب”..
ابتسم أيوب قائلا..
“ربنا يباركلى فى عمرك يا امه..”..
سحبته زينب للداخل سريعاً، وأمسكت ملابس جديدة مكونة من قميص أبيض وبنطلون بلو بلاك، وحذاء رياضي أبيض، وأعطتهم له وبفرحة عارمة تحدثت..
“يله يا ضنايا خد دش اوام والبس الطقم الجديد دا واجهز علشان نروح لحبيبه ومنتاخرش عليها”..
قال أيوب بعتاب..
“ليه تكلفى نفسك كده يا امه..انا كنت هلبس اى حاجه من عندى وخلاص”..
قضبت زينب حاجبيها
“اى حاجه ايه يا واد..”ربتت على كتفه..
“هو فى عريس يلبس اى حاجه برضو”..
ابتسمت بسعادة..
“ومش اى عريس”احتضنته بحب شديد وببكاء اكملت..
“دا ايوب حبيب قلب امه”..
قبلت كتفه بعمق..
“سندى وعزوتى وفرحتى فى الدنيا”..
مسحت دموعها وابتعدت عنه واكملت بأمر..
“يله بسرعه يا ايوب هنتأخر كده على الناس يا ابنى”..
“حاضر يا ام ايوب..ثوانى واكون جاهز..”..
دقائق مرت، وخرج ايوب لوالدته الجالسة على الدرج تنتظره بهيئة تخطف الأنفاس، عدل ياقة قميصه، وبصوت حنون تحدث..
“ايه رايك فى ابنك يا امه..انفع عريس..”
رفعت زينب رأسها ونظرت له بعيون يملأها الدمع وابتسامة أكثر من رائعه تزين وجهها وبسرها تردد..
“اللهم صلى على النبى..عينى بارده عليك يا ابنى..”
رفعت يدها للسماء ومن صميم قلبها دعت له..
“ربنا يحفظك ويسعدك ويهنيك يا ايوب يا ابن زينب قادر يا كريم يارب..”
“امين يارب..يله بينا”..
همت زينب بالقيام..لكنها شهقت بعنف حين اقترب منها ايوب وحملها بين يديه كأبنته وهبط بها الدرج..
بخوف، وخجل تحدثت زينب..
“نزلنى يا ضنايا علشان متتعبش..”..
أجابها أيوب بحب شديد..”تعبك راحه يا امه”

..بمنزل حبيبه..
كانت نجوى غاضبة فقالت بصوت عال..
“اللى انت وبنتك بتعملوه دا غلط”..
نظر لها محمد بدهشة قائلاً
“غلط فى ايه يا نجوى”..
ردت نجوى بضيق..”متفتحش مجال لاى كلام يا محمد..
ايوب وامه ياخدو واجبهم وقبل ما يفتحو فى اى كلام تقولهم حبيبه خطوبتها قريب”..
رد عليها محمد ببرود..
“.بس كده ابقى بكدب..وانا مش كداب”..
اشتد الغيظ بنجوى..
“انت يا راجل انت عايز تفرسنى..انت عايز ايوب يتجوز بتنك؟!..”
محمد:”لو ايوب طلب منى حبيبه هوافق..ايوب ميتعيبش.”
نجوى:بصراخ..”لا يتعيب يا محمد..الراجل ميعبوش غير جيبه يا محمد وايوب جيبه فاضى ومخروم كمان يعنى القرش لو داخل فيه بيقع..”..
قال لها زوحها وقد نفذ صبره..
“استغفر الله العظيم..قومى يا ام هبه حضرى حاجه تقدميها للناس اللى جايه دى وانا هشوف حبيبه جهزت ولا لسه..”
نهى جملته، وتركها، وسار نحو غرفة ابنته، ولكنه توقف، ونظر لها وبهدوء قائلاً..
“الراجل بأخلاقه وتدينه يا ام هبه..”
نجوى بتأكيد..”مش هيحصل يا محمد..جواز بنتى من ايوب المؤدب اللى لابس توب الفقر دا على جثتى علشان تبقى عارف”..
قال محمد باصرار
“بامر الله هيحصل يا نجوى..ايوب ونعمه الادب والاخلاق..وهيبقى الزوج الصالح لبنتى بعون الله”..
بغرفة حبيبة..

ممسكه بهاتفها، تحاول الاتصال بشقيقتها مراراً وتكراراً..
“ردى يا هبه بقى..يارب متكونيش بتتخنقى مع جوزك كالعاده”..
انتبهت على صوت طرقات الباب.
“ادخل”
خطى والدها وتحدث بابتسامة..
“حبيبه ابوها جهزت ولا لسه؟؟!!”
كانت الفرحة مرتسمة على ملامحها..
“ايوه يا حبيبى انا جاهزه من بدرى بس برن على هبه عيزاها تيجى وتبقى معايا..”
زفر والدها بحزن..
“هبه الله يعنها على حالها ويهدى سرها يا حبيبه..”
“يارب يا بابا”
نظرت له بخجل..
“بابا حضرتك موافق على ايوب؟؟!!’
رد والدها..
“مش لما يطلبك الاول يا حبيبتى..”
ارتبكت حبيبة.
“احححم..عندك حق..”
“طيب لو طلبك انتى هتوافقى..؟؟!!”
توردت وجنتى حبيبة بحمرة الخجل، وبصوت هامس تحدثت..
“اللى حضرتك تشوفه طبعا يا بابا”
هم محمد بالرد، لكن صوت جرس الباب قطع حديثهم،
وانتفض بفزع حين قفزت حبيبة فجأة، وبفرحة عارمة، وابتسامة بلهاء قالت..
“بابا ايوب جه يا بابا..”
قال والدها بمزاح “عريس يا ابوى طوخه بس متموتهوش ياابوى”..
ضحكت حبيبة بقوة حتى دمعت عينها، واحتضنت والدها بحب شديد..
ربت محمد على ظهرها، وبحب تحدث..
“ربنا يفرحك يابنتى”
أنهى جملته، وسار للخارج..متجهاً نحو باب الشقة،
فتحه، وتحدث بترحاب..
“يا الف مرحب بالراجل الجدع”
مد يده وسلم على ايوب واحتضنه..نظر لوالدته..
“يا مرحب يا ام ايوب”
ابتعد عن الباب.
“اتفضلوا”
قالت زينب محاولة التحكم بتأثرها..
“بسم الله..يارب يا ساتر..”
خطوا نحو غرفة الضيوف، أجلس ايوب والدته، وجلس إلى جوارها، دارت زينب بعيونها وبتسائل تحدثت..
“امال فين ام هبه.؟؟”
خطت نجوى للغرفة وتحدثت بابتسامة مصطنعة.
“انا اهو يا ام ايوب..يا مرحب يا ختى”
نظرت لايوب نظره شاملة، وتنهدت بضيق..
“ازيك يا ايوب..”
قال أيوب باحترام
“الحمد لله يا خاله”
“منورنا”
ردت زينب بفرحة
“دا نوركم”
نظرت لابنها..
“اتكلم يا ايوب..”
أخذ أيوب نفس عميق، ونظر لمحمد، وبهدوء تحدث..
“عمى محمد..طبعا حضرتك عارفنى وعارف كل حاجه عنى انا واهلى..”
نظر له محمد وقد اتسعت ابتسامته
“عارف يا ابنى..وسامع وشايف عنك انت بالذات كل خير يا ايوب..”
حاول أيوب الحديث، ولكنه عجز وباحراج خفض رأسه..
ماذا سيقول له.، اطلب يد ابنتك، وأنا لا أمتلك أى شئ أقدمه لها، قرأت والدته ما يدور بعقله، فنظرت هى لمحمد، وبابتسامة تحدثت..
“احنا جايين انهارده علشان نطلب ايد حبيبه بنتى لايوب ابنى يا ابو هبه..”
همت نجوى بالصراخ بوجههما، لكن نظرة من زوجها أخرستها، وبابتسامة تحدث..
“انتى قولتى يا ام ايوب حبيبه بنتك”
نظر لزوجته..

“نادى حبيبه خليها تجيب الشاى يا ام هبه..”
بغضب سارت نجوى خارج الغرفة، فنظر محمد لايوب الظاهر على وجهه الحزن، وتحدث بدموع..
“انا بشترى راجل لبنتى يا ايوب”
نظر أيوب له بلهفة،فأكمل هو بتأكيد..
“وحبيبه لو وافقت عليك انا اجهزها واجبهلكم لحد عندكم..”
قال أيوب ممتن لكلماته..
“ربنا يخليك يا عم محمد..بس لو تسمحلى انا عايز اكلم حبيبه الاول”..
“وماله يا ابنى”..
هب واقفاً..
“عن اذنكم هشوفها واجيلكم..”
أنهى جملته، واتجه خارج الغرفة،لينظر ايوب لوالدته وبعتاب همس..
“وجعتى قلبى يا ام ايوب..”
نظرت له والدته بحنان
“سلامه قلبك يا قلب امك”
ابتسمت له وربتت على كتفه بحنان..
“هيوافقو يا ايوب”
أيوب بتنهيده..”مش بالسهوله دى يا ام ايوب”

..داخل غرفة حبيبه..
محمد بصدمه..
“الله..الله..الله..فى ايه يا ام هبه..”
اقترب منها سريعاً وبعد يدها عن وجه حبيبة..
وبغضب مكتوم اكمل..
“انتى اتجننتى يا وليه ماسكه البت من خدودها هتخلعيهم فى ايدك..”
نجوى:بغيظ..
“سبنى عليها الحلوه اللى فرحانه بعريس الغفله اللى قاعد بره دا..”
نظرت لابنتها بشرار..
“لابسه ومتشيكه على سنجه عشره والفرحه هتنط من عنيها وهتوج علشان تخرج تقابل ايوب وامه..”
صفقت بيدها..
“على ايه يا حسره..
على فقرهم وقله حيلتهم يابت..ولا علشان الواد حليوه شويتين..”
ابتسمت باصطناع..
“حلوته دى مش هتنفعك لما تجوعى من فقره وتتحوجى للى يسوى واللى مايسواش تتسلفى منهم يا موكوسه”
لكمتها بقبضه يدها بكتفها بعنف..
“دا انتى يا بت كان متقدملك صاحب اختك الصايغ وبقيت هبوس رجلك علشان تخرجى تقبليه ولما حنيتى وخرجتى كنتى لابسه جلبيه سوده ولا اللى راحه تعزى..والراجل كان كوم فلوس ماشيه على الأرض..”
فرت الدموع من عين حبيبة.


“الفلوس مش كل حاجه يا ماما..
وانا واثقه انى لو اتجوزت ايوب عمره ما هيحوجنى لجنس مخلوق..وان كان على فقره فدا ميعبوش فى اى شئ..”
قال محمد بفرحة..
“يعنى انتى موافقه عليه يا حبيبه..”
“لو حضرتك وافقت طبعا..”
“طيب امسحى دموعك واغسلى وشك وتعالى سلمى عليهم..ميصحش نسبهم لوحدهم كده..”
اسرعت حبيبه نحو الحمام، وغسلت وجهها، ونظرت لهيأتها بالمرآة، وأخذت نفسا عميقاً، وسارت نحو والدها أمسكت يده، وهما بالخروج لتوقفهما نجوى، وتتحدث بغضب مجنون..
“انت وبنتك هتخلونى اخرج عن شعورى واطرده من بيتى رغم ان امه حبيبتى..”
رفع محمد يده محذراً
“اعملى كده يا نجوى..وانتى تبقى طالق..”
أنهى جملته، وسحب ابنته، واتجها للغرفة الجالس بها ايوب ووالدته،
بخطى مرتعشة، وقلب ينبض بجنون، وعيون تلتمع بالعشق،
خطت حبيبة خلف والدها خافضة، وجهها أرضاً بخجل،
حبس أيوب أنفاسه، وأغمض عينيه بعنف، ومن ثم رفع رأسه، ونظر بتجاه حبيبة، التى رفعت رأسها هى الأخرى، ونظرت باتجاهه، لتتقابل عيونهما، بنظرة تحمل الكثير والكثير..
نظرة عاشقة، هائمة منها هى، تخبره بعيونها كم تعشقه..
ونظره عاتبة، راجية منه هو، يخبرها بعيناه..
رفقا بقلبى يا من تملكين قلبى..
هبت زينب واقفة، واقتربت من حبيبة احتضنتها بحب، وبفرحة تحدثت..
“ماشاء الله بدر منور يا حبيبه..جذبتها من يدها واجلستها بينها وبين ايوب..تعالى اقعدى جنب عريسك”

..بشقه فخمة يبدو عليها الثراء،
تقيم بها هبة الشقيقة الكبرى لحبيبة بينهما عاماً واحد فقط، هبة ب21من عمرها،
وزوجها سيف النورى،
صاحب مصوغات النورى، شاب ب33من عمره،
صعب الطباع،صارم وشديد، وعنيف أيضاً فى كثير من الأحيان..
ببكاء وصراخ حاد، يدوى صوت أحدهم بأرجاء المكان..
“اااااااااه..حرام عليك يا سيف”
بكت بنحيب..
“ايدى هتتكسر فى ايدك”
زاد من الضغط على يدها أكثر وبابتسامة مصطنعة، تحدث ببرود تام..
“تتكسر يا بوبا”
مال على أذنها، وأكمل بعلو صوته..
“علشان لما تبصلها وهى مكسوره تفكرى كويس قبل ما تغلطى يا مدام”
نظر لعيونها الباكية، وأغمض عيناه بعنف، وبلحظة كان سحبها من خصرها لداخل حضنه بقوة، ارتطمت بصدره العريض بعنف، وبحنان مسد على شعرها، وبتنهيده اكمل..
“قولتلك قبل كده اسمعى كلامى اللى بقولهولك واتقى غضبى يا هبه”
ضغط على خصرها بكف يده جعلها تتأوه بعنف..
“تقومى تخرجى من غير علمى والقيكى قدامى فجأه فى المحل”
حاولت هى الابتعاد عنه’ لكنه شدد من احتضانها اكثر،
لتهمس هى بصعوبة من بين شهقاتها..
“عايزنى اسمع كلامك وافضل فى بيتك نايمه على ودانى وانت بتخونى فى المحل بتاعك”
رفعت رأسها ونظرت له بعيون يغرقها الدمع وبوعيد اكملت..
“والله يا سيف لو شوفت الزباله اللى بتجيلك المحل دى ما هرحمها وهفضل اطب عليك فجأه كده لحد ما اقفشك واعملك فضيحه فى المحل وقدام اهلك واهلى كمان لو مبطلتش عمايلك دى..”
قال بابتسامة ساخرة
“وعلى ايه دا كله؟!!..”
ملس على وجنتيها بأصابعه، وبهدوء مريب همس..
“طيب ما نطلق وكل واحد يروح لحاله احسن من الفضايح..”
نظر لعيونها بتمعن..
“ايه رأيك؟!!..”
قالت بلهفة
“ياريت”
ظهرت الفرحه على وجهها..
“طلقنى يا سيف..”
ابتلعت غصة مريرة.
“طلقنى وادينى ابنى وانا هتنازلك عن كل حقوقى وامشى ومش هتشوف وشى تانى..”
بغضب عارم،صك أسنانه بعنف، وفجأه صفعها على وجهها بكل قوته، جعلها تفقد توازنها، وأوشكت على السقوط أرضاً..
لكنه أحكم يده حول خصرها، لصقها به أكثر..وبعلو صوته
“لدرجاتى مش طايقه عشتك معايا يا هبه؟!..”
“وانت شايف عميلك دى تطاق..”
لكمته على صدره بكلتا يدها..
“ابعد عنى انا بكرهك..”
أمسك وجهها بين يديه لينصدم من الدماء التى تسيل بغزارة من فمها، وانفها، أخذ نفسا. عميقاً، ووضع جبهته على جبهتها وبأمر تحدث..
“اكرهينى براحتك..بس هتفضلى على زمتى..ومستحيل اطلقك يا هبه”
مسح بأنامله دموعها والدماء من أنفها وفمها، واكمل..

“ارضى وعيشى وانتى ساكته..وبلاش شغل المفتش كرومبو اللى انتى بتعمليه دا لانه بيجبلك الضرب..”
سخرت هبة
“وانت عارف اللى بيضرب مراته دا بيبقى ايه؟!!!..
نظرت له باحتقار..
“بيبقى معدوم الرجوله..”
نظر لها قليلاً، واستدار عنها موليها ظهره، وبعنف مسح بكف يده على وجهه، وشعره كمحاولة منه لتهدئة وتيرة غضبه، وبتحذير تحدث..
“اجرى يا هبه”
نظرت له بدهشة، ليكمل هو بغضب عارم
“اجرررررى من قدامى يا هبه وادخلى اوضك واقفلى على نفسك بالمفتاح”
نظر لها بعيون يتطاير منها شرار..
“لو ضربتك دلوقتى مش هخلى فى جسمك حته سليمه”
دفع بقدمه طاولة زجاج صغيرة سقطت أرضاً، وتحطمت لأشلاء وبصراخ أكمل..
“اجررررررى بقولك”
بفزع ورعب..بل هلع..ركضت هبه من فوق قطع الزجاج، التى جرحت كلتا قدميها جروح نافذة، ولكنها لم تنتبه، وفرت نحو غرفتها،وأغلقت الباب خلفها تاركة أثر دمائها بكل خطوه خطتها.،
وبوهن، جلست أرضاً محتضنة ساقيها لصدرها، مستندة برأسها على ركبتيها تبكى بنحيب بصوت مكتوم،
لتنتبه لصغيرها الذى بدأ بالبكاء..
بلهفة، مسحت دموعها، وحاولت النهوض، ولكنها شعرت بألم حاد بقدمها،اعتدلت جالسة، ونظرت لمكان الألم،
لتنصدم من هيئة قدميها، المنغرز بها الكثير من قطع الزجاج،
ابتعدت زاحفة عن الباب، وببكاء حاد صرخت باسم زوجها..
“سيييييف”
تأوهت بعنف..
“ااااااه سيييييف الحقنى”
يجلس هو مستنداً بمرفقيه على ركبتيه واضعاً رأسه بين يديه،
ليخترق سمعه صوتها المتألم،
هب واقفاً، وأسرع بالركض نحوها،لتتسع عيناه حينما لمح دمائها المتناثرة، بكل مكان سارت منه،
ليصرخ باسمها برعب..
“هبه؟!!..”

أنتهى البارت..رايكم يهمنى دمتم فى حفظ الله..البارت التالت..
تزوجته فقيراً فأغنانى الله به..
✍نسمه مالك✍..

بعد مرور أسبوع..
حبيبة حبيسة غرفتها، منعزلة عن الجميع،
ممتنعة عن الحديث وعن الطعام أيضاً،
جالسة على فراشها، تحتضن ساقيها، مستندة بذقنها على ركبتيها، دموعها تسيل على وجنتيها بلا توقف،
أغمضت عينيها، لتنهمر دموعها بغزارة أكثر، كلما تذكرت أنها كانت على وشك تحقيق حلمها والزواج بعشق قلبها
ولكن؟!..والدتها دمرت هذا الحلم..
.لتعود ذكرى هذا اليوم تمر أمام عينيها..

أيوب، يقف أمام حبيبة، ينظر داخل عينيها، لأول مرة بعمق، وتمعن شديد،
حبس أنفاسه، وحاول السيطرة على نبضات قلبه المتسارعة، بسبب نظرتها العاشقة له، التى تعصف بكيانه،
وبجدية تحدث..
“حبيبه”
بعشق وشغف وشوق تأملت هى ملامحه، وبابتسامة يزينها الحياء، همست..
“نعم..يا ايوب..”
نطقها لاسمه بابتسامتها الرائعة أذابت قلبه،
هرب بعينيه من حضورها الآخاذ، بأنحاء الغرفة، كان جمالها البرئ يأسره، تنهد بصوت مسموع وبفخر تحدث..
“انا ايوب زيدان عندى 30سنه مكملتش تعليمى علشان اشتغل واصرف على امى واخواتى بعد موت ابويا..
والحمد لله ربنا قدرنى وعلمتهم احسن تعليم..
ابتسم بألم..بس هما لما وقفوا على رجليهم واتعينوا فى مناصب كويسه الحياه شغلتهم عنى انا وامهم شويه..ودلوقتى انا وامى عايشين فى اوضه وصاله فوق السطوح وانا شغال أرزقى على باب الله بكسب قوتى بدراعى وبعرق جبينى بحلال ربنا”..
نظر لوالدته بابتسامة..
“وكل قرش بشتغل بيه بشيله لعمليه امى اللى بأمر الله هتعملها قريب وهتخف وتبقى احسن من الاول”..
نظر لحبيبه، واكمل حديثه الجدي..
“وكنت ناوى معملش اى حاجه لنفسى لحد ما اطمن عليها..بس هى مصره تجوزنى ومصممه عليكى انتى بالذات يا حبيبه ولخاطرها انا جيت معاها انهارده نطلب ايدك”..
عبست حبيبه بملامحها ونظرت له بعتاب،
تخبره بعينيها، أيعقل أنك أتيت الى اليوم لخاطر والدتك فقط..
تفهم هو نظرتها جيداً، فبتسم لها ابتسامته منهكة،وبتمنى اكمل..”ولأنى بصراحه اتمنى انك تكونى مراتى..”
تنهد بصوت مسموع، ومغمضاً عينيه، واكمل بابتسامة رضا
“انا جيلك انهارده يا حبيبه وكنت ناوى اكرهك فيا علشان ترفضينى.”
.حرك رأسه بالنفى..
“بس مقدرتش..لأنى مش عايزك تضيعى منى..”
بدموع الفرحة الخجولة، ابتسمت له حبيبه وبرجاء همست..
“كمل يا ايوب..انا سمعاك..”
أخذ نفساً عميقاً، واقترب منها خطوة واحدة، وبهمس أكمل..
“توافقى تتجوزينى بعد كل اللى قولتهولك دا؟!..”
همت حبيبة بالرد، أشار هو لها بصمت وبتأكيد تحدث..
“قبل ما تردى لازم تعرفى انى مش هسيب أمى..
هنعيش معاها..”
نظرت له حبيبة بابتسامة خجولة، ووجهت نظرها لوالدها بعيون تلتمع بالسعادة، وعلى استحياء همست..
“اللى بابا يقول عليه”..
ابتسم محمد ناظراً لها بحنان
“ان كان عليا انا موافق طبعا”..نظر لايوب..
انا مش هلاقى راجل احسن منك يا ايوب يكون جوز بنتى..”
نظر لحبيبة،
“وانتى ليكى مطلق الحريه فى رأيك يا بنتى..”
أخفضت حبيبه رأسها بخجل، والتزمت الصمت قليلاً، وأخذت نفس عميق، ورفعت رأسها، نظرت لعيون أيوب بعشق شديد ظاهر بعيونها، وهمت بالحديث..
لتقاطعها، والدتها سريعاً، ونظرت لوالدة أيوب، وتحدثت بصرامة
“ايه يا ام ايوب هو سلق بيض ولا ايه..”
نظرت لايوب..
“انت عايزها تقولك موافقه ولا لا دلوقتى..
سبها براحتها يا ايوب..”
نظرت لابنتها بغضب،
“خليها تفكر كويس، وتدورها فى دماغها يومين تلاته كده وبعدين هنرد عليك..”
قالت زينب معاتبة
“هو احنا اغراب ولسه هتسالوا علينا يا ام هبه علشان تقولى سبونا يومين تلاته..حبيبه دى انا بعتبرها بنتى اللى مخلفتهاش..”

نظرت لها بتمعن..
“ولا تكونى مش موافقه على ايوب يا نجوى؟!..”
اندفعت الكلمات من فم نجوى كطلقات نارية..
” الصراحه من غير زعل يا زينب ايوه انا مش موافقه..متزعليش منى يا اختى كل ام عايزه الراحه والهنا لولادها..”
انقبض قلب زينب خوفاً من رد فعل آيوب وقالت
.”ومين قالك ان ايوب مش هيهنى حبيبه ويريحها..”
مطت نجوى شفتيها بنوع من السخرية
“منين يا زينب..هيهنيها منين يا حبيبتى..
ما انا عارفه البير وغطاه..”..
قالت زينب بدهشة..
“وهى الراحه والهنا عندك فى الفلوس يا نجوى؟!..”
حركت رأسها بالنفى..
“الفلوس دى اخر حاجه تفكرى فيها لو فعلا يهمك راحه بنتك..”
بدأت نجوى تستشيط غضباً وبندفاع تحدثت..
“انا بنتى الكبيره متجوزه جوازه ابهه..
واختها لازم تبقى زيها مينفعش تبقى اقل منها”
نظرت لأيوب،وأكملت
“وحبيبه لو اتجوزت ايوب مش هتبقى اقل من اختها بس..”
حركت رأسها بالنفى..
“دى هتبقى اقل من الناس كلها..”
همت زينب بالرد عليها، لكن صوت أيوب الصارم قطعهما بهدوء..
“كفايه يا امه”..
نظر لنجوى بأدب..
“عندك حق يا خاله وكلامك احترمه طبعا..”
نظر موجهاً حديثه لمحمد
“بس انا طلبت ايد حبيبه من والدها..راجل البيت..”
أمسك يد والدته، واتجه بها للخارج وبابتسامة نظر لمحمد الواقف بأحراج..
“هستنى ردك يا عم محمد..
نظر لوالدته نظرة حانية..
“يله يا أمه..”
نظر لحبيبة الملتزمة الصمت، لينصدم من وجهها الذى شحب للغاية، وعيناها، التى امتلأت بالدموع،
تنظر هى له باستغاثة، كمن أوشكت أنفاسها على الانقطاع،
متأملة منه بعينيها ألا يستسلم..ألا يتركها،
وبصعوبة حركت شفتيها دون أصدار صوت بكلمة واحدة فقط..
“أيوب”..
أكملت محدثة نفسها
“انا موافقه اتجوزك”..
بقلبه استمع لهمسها، فحرك رأسه لها بالايجاب، وابتسم ابتسامة مطمئنة، يخبرها بعينيه.،
أصمدى حبيبتى لن تكونى لغيرى..

قطع تذكر حبيبة لهذا اليوم،
صوت والدها الحنون، انتشلها من شرودها قائلاً بقلق..
“ايه يا حبيبه..”
نظرت له بعتاب، اغمض عينه، وجلس بجوارها، وربت على ظهرها بحنان
“يا بنتى ليه بس كل زعلك دا..انا قولتلك انى موافق على ايوب..بس خلصى السنه اللى فضلالك فى الجامعه وهو يكون ربنا رزقه وعمل العمليه لوالدته وبعد كده اللى ريده ربك هيكون..”
امسك وجهها بين يديه واكمل بتسائل..
“انتى مش واثقه فى كلامى ولا ايه؟!..”
أجهشت حبيبة بالبكاء
“طبعا واثقه فى كلامك يا بابا”
بكت بنحيب
“بس مكنتش متخيله ان جوازى من ايوب هيعمل مشكله كبيره كده بينى وبين ماما..”
ازدات حدة شهقاتها..
“دى قالتلى مش هتدخلى بيت ولا هتكلمنى لو اتجوزت ايوب يا بابا..”
ابتسم محمد وقال مطمئناً ابنته
“يا بنتى قالتلك كده وقت غضب، وانتى عارفه امك بتطلع تطلع، وتنزل على مفيش..يله قومى اغسلى وشك وتعالى معايا نطمن على اختك اللى بقالها اسبوع تقول كل يوم جايه ومبتجيش..”
تنهد بضيق..

“ربنا يستر ومتكنش متخانقه مع جوزها..”
قالت حبيبة بأسف
“وهى حتى لو متخانقه معاه هتقولنا..
ما انت عارف بنتك يا بابا مبطلعش اسرار بيتها لاى حد..”
“طيب يله قومى البسى خلينا نروحلها..”
حبيبة يجافيها النوم وجسدها متعب فقالت
“مش قادره يا بابا..هبقى اروحلها انا يوم تانى..”
قال لها محمد بخبث
“طيب يا حبيبة ابوكى هروحلها انا وبالمره هفوت على أيوب علشان سمعت ان والدته تعبت و؟!..”
قطع حديثه حين قفزت حبيبة سريعاً، واحتضنته بحب شديد، وصرخت بفرحة عارمة..
“ثوانى واكون جاهزه يا احلى اب فى الدنيا..”
أنهت جملتها، وأسرعت باحضار ثيابها، وركضت نحو الحمام
ضحك محمد على لهفة ابنته
“قال مش قادره قال..”
…………………………………

..بشقه سيف وهبة، كان الأمر بأسوأ حالاته،
بدموع منهمرة،.تقف هبه أمام إحدى الغرف مستندة إلى الحائط، تستمع لحديث زوجها بهاتفه..
“وانتى كمان وحشتينى..”
الفتاه بميوعه..
“وانت اوى يا بيبى..هشوفك امتى بقى..”
“اول ما اخرج هكلمك ونتقابل”
“أنت بقالك اسبوع فى البيت مع النكديه بتاعتك.،
مستحمل نكدها ازاى بس يا سيفو..”
“لا ما انا واكلها علقه ورجليها الاتنين متعورين ولازم اعلاجها دى مرات سيف النورى برضه”
“عندك حق..لازم تعالجها علشان تستحمل العلقه الجايه”
قالتها وضحكت بسخرية
“ايه يا روح امك انتى هتنسى نفسك انتى كمان ولا ايه..”
“مقدرش انسى يا سيفو..انت عارف انا بموت فى ضربك..”
ضحكت بصوت عال
“ضرب الحبيب زى اكل الزبيب..”
“طيب يله اقفلى واستعدى كويس لمقابلتنا..”
فكر قليلاً وابتسم بخبث وتابع بأمر..
“طيب اعملى حسابك هتجيلى الشقه انهارده..”
اجابته الفتاه بذهول..
‘اجيلك ازاى ومراتك موجوده؟!”..
رد سيف قائلاً بلامبالاه..
“لا ما هى خفت شويه و انا هوديها عند اهلها انهارده تكمل علاجها عندهم..”
“طيب واهلها لما يعرفوا انك السبب فى اللى حصلها ممكن يطبوا علينا فى الشقه..”
رد سيف بثقة..
“مراتى مبتنطقش بحرف من اللى بيحصل بنا لمخلوق..ويله اقفلى على ما انا اوديها لاهلها واكلمك..”
بخطى متعبة، أسرعت هبه بالسير نحو غرفتها بقلب ينزف ألما،
اقتربت من دولابها وجلبت بعض الثياب لها، واتجهت نحو الحمام مغلقة الباب خلفها، مستندة عليه بظهرها، تبكى بصوت مكتوم واضعة يدها على فمها، تكتم شهقاتها بصعوبة،
خطى سيف داخل الغرفة، يبحث عنها بجوار صغيره النائم لم يجدها..اقترب من الحمام، وطرق عليه، وتحدث بتسائل..

“هبه انتى جوه..”
اخذت نفس عميق وتنحنحت كمحاولة، منها لاخراج صوتها طبيعياً..

السابقانت في الصفحة 1 من 12 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
96

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل