
لا يقوى على الجلـ,ـوس والتوتر يرجفه رجفًا، يتمتم بالدعـ,ـوات الخافتة راجيًا السلامة لزوجـ,ـته الحـ,ـبيبة، وهو على مشارف أن يكون أبًا لقطعه من روحه، تجربة جديدة يخوضهـ,ـا للمرة الأولى ويتلهف لتذوقها وعيش كل لحـ,ـظة بها.
“مبروك جالك ولد”
هتفت الممرضة بتلك البشرى مترقبة من والد الرضيع مكـ,ـافأة سخية تعبيرا عن فرحته كما اعتادت، لم يخذلها ” اسماعيـ,ـل” ووجهه يضوي فرحا بقدوم طفله الأول، دس يده فـ,ـي جـ,ـيب بنطاله وأعطاها ما تستحق، ومن خلفه تسائلت والدتها بلهفة: وبنتي “تاج” عاملة ايه طمنيني؟
_ زي الفل يا مدام بس لسه تحت تأثير البنج، شوية وتفوق وتشوفوها.
……… ..
_ بسم الله ماشاء الله جبتلنا ولد زي البدر المنور..
ابتسمت بوهـ,ـن من أثر البـ,ـنج وقاـ,ـلت: طب عايزة اشوفه يا اسماعيل.
_ حاضر ياحبيبتي، الممرضة بتجهزه وهتجـ,ـيبه حالا
_ فين ماما وبابا؟
_ مامتك وباباكي هناك عند الولد بيراقبوه وهـ,ـو بيغير هدومه وهيتجننوا على صراخه.
عبس وجه تاج: وليه ابني بيعيط يا اسماعيل، طـ,ـب هاتوه لحضـ,ـني. هيسكت.
قبل جبهتها بحب: حبيبتي ده طبيعي، الطفل لو مش ملي الدنيـ,ـا صراخ لما يتولد نخاف عليه. اطمني واجمدي كده يا تاج قلبي.
ابتسمت للقبها المحبب عنده وهمست: طلع شبه مين؟
منا بقولك زي البدر يعني شبهي طبعا
ضحكت بخفوت ليستطرد: بصي هو لسه مش واضح، عيونه كانت مقـ,ـفولة واللي باين منه راس فيها شعرتين، شكله هيطلع أصلع لأبوه.
ضحكت بوهن أشد وهي تحذره: سمعة بطل تضحكني الجرح هيتعبني.
_ سلامتك حبيبتي.
حضرت الممرضة ومعها طفـ,ـلهما لتتلـ,ـقفه تاج بلهـ,ـفة حانية ثـ,ـم منـ,ـحته صـ,ـدرها ليرتشـ,ـف قطرات حلـ,ـيبها كما نصحتها والدتها والفتاة..
_ ناوين تسموه ايه يا ابني؟
_ أبراهيم بإذن الله يا عمي.
ربت علي كتفه: يتربى في عزك أنت وبنتي يارب
_ شكرا ياعمي، عن اذنكم هروح افرح ماما وبابا واختي بقدوم هيما.
بعد أسبوعان.
تاج: ماما اوعي تمشي بعد السبوع أنا لسه محتاسة مش عارفة حتي اغير لابني.
_ أمشي فين واسيبك يا نور عيني، أنا مش هسيبك غير لما تشدي حيلك وتقدري تعتمدي علي نفسك.
_ حبيبتي يا ماما، أنا بصراحة مش عارفة هعمل ايه لما تسيبيني، حاسة اني مش هعرف اتعامل لوحدي مع ابني.
_ عشان اول مرة، بكرة تتجرأي وتبقـ,ـي زي الفـ,ـل، وزي ما قلت مش هسـ,ـيبك غيـ,ـر وانتي خلاص مش محتاجاني.
________
أخيرًا وجد فرصته ليختلي بصغيره في غرفـ,ـته وكل الوقت يتنقل بين يدي زوجته وحماته وهو يسكن غرفة أخرى مجبرا، الحماة لا تترك ابنتها والحفيد لحـ,ـظة واحـ,ـده.. تفعل له كل شيء.
راح يتجول في محياه الرقيق شديد الصغر، لاحظ أن ملامحه تغيرت كثيرا بعد أن أتم شهره الأول، أنفه بدا يشبهه هو، عيناه أقرب لعين “تاج”، لكن ذقنه مثله هو أيضا أما لون شعره فطبق الأصل من شعر والده الكستنائي، يالا روعته وجوهرتيه العسلية منفرجة باتساعها الصافي يتأمله بشكل يخطف القلب، هل يعلم أنه أبيه؟ هل يحبه؟ بالطبع وإلا ما استجاب وابتسم له الآن وهو يفعل له حركات معتوهة بوجهه كي يضحكه.. خلابة ابتسامة طفله حتى رائحته جم…
تجعد أنفه بامتعاض وهو يشم بغتة رائحة يعرفها جيدا.. الصغير فعلها وتبـ,،ــول.. ربما يحتاج إعادة النظر في قوله بشأن رائحته.. نعم هي جميلة، لكن ليست كذلك حين يتبـ,,ــول.. ملامحه ” تحز,,ق” ويحمر وجهه بشكل غريب كأنه يعاني تقلصات معدته لكن سريعا ما تغيرت والراحة تعود وتغزو محياه الرقيق..واضح انه استراح بعد تلك العملية الشاقة التي أفرغ من خلالها فضـ,,ــلاته في ثنايا ” البامبرز”..ابتسم اسماعيل وهو يهمس له:
ارتاحت يا هيما؟ ده انا لسه واخدك من تيتة عشان العب معاك، طبعا دلوقت تعيط وتصرخ عشان حد يغيرلك..
ولن يكد يُتم جملته حتى دوى بكاء الصغير صارخا ويأتيه طرق والدة زوجته بلهفة وهي تعبر الغرفة:
_ ابراهيم ماله يا ابني بيعيط ليه ما انت واخده ساكت؟
_ عادي ياحماتي عمل حمام وعايز يغير.
_ طب هاته لازم احميه وادهن له كريم عشان التسلخات..
واخذته مبتعدة ليتنهد اسماعيل بضجر وهو يعلم انها لن تعيده.. لم يشبع منه ومن مداعبته وتفحصه.. متي تغادر السيدة وتترك له مجالا ليأخذ راحته مع صغيره وزوجته؟
_________
أخيرا التقطها وهي تغادر المرحاض الخارجي، فسحبها سريعا لغرفته كأنه يخطف زوجته وأوصد الباب خلفه لتنظر له بدهشة: في ايه يا اسماعيل؟
اقترب لها وغمغم وهو ينهل من تفاصيلها التي اشتاقها: وحشتيني، بقالك شهر مش بتنامي جنبي.
_ ياحبيبي ما انت عارف لسه “والده” وماما كمان معانا مايصحش..
_ هو ايه اللي مايصحش يا تاج؟ هو انتي نسيتي اني جوزك ولا ايه؟ فيها ايه لو… .
لم يكمل ونداء والدتها يصدح: ياتاج، ابنك صحي عايز يرضع انتي فين.
زفر وهي تبتعد كأنه ينفث نيران من فمه وتلحف بغطاءه وحاول النوم قبل أن ينفجر ويذهب لها صارخا عليها ويجبرها ان تأتي بالصغير وينامان جواره هو.. وليس جوار والدتها.
__________
_ يانادية تعالي بيتك بقي وكفاية كده قعاد عند بنتك، بقالك شهرين دلوقت فوق راسها مايصحش كده.
استنكرت قول زوجها: أما أمرك عجيب يا سعيد، انت عايزني اسيب البت اللي حيلتي محتاسة بابنها ولسه مش عارفة حتي تغيرله البامبرز؟
_ ماهو طول ما انتي معاها مش هتتعلم، سيبيها تعتمد علي نفسها وتمشي امور بيتها وحياتها، وكمان عشان جوزها ياخد راحته في بيته.
_ اسماعيل؟ طب وانا مضايقاه في ايه ده كمان؟
جز علي أسنانه بحنق: يا نادية جوز بنتك بيتكسف وطول اليوم قاعد بهدوم الخروج وبيعمل شغله في البيت بسبب كورونا، من حقه ياخد راحته شوية.
_ أنا مش فاهمة انت مصعبها ليه، ما ياخد راحته هو انا غريبة؟ ده أنا زي امه بالظبط..انت اللي بتحبكها ياسعيد..
_ أنتي شايفة كده؟
_ أه طبعا جوز بنتك مش مضايق وعموما أنا أسبوع كمان وهمشي بعد ما اطمن علي تاج، أصلها يا حبة عيني عندها حرارة ولازم اراعيها.
تنهد برضوخ: أمري لله، وياريت يبقي أخر اسبوع وتسيبي بيت بنتك.
_ حاضر ياسي سعيد..أي أوامر تانية؟
__________
طرق باب غرفته مع هتافه: السلام عليكم، حماتي لو سمحت غطي شعرك، عشان عايز ادخل اشوف ابراهيم.
صاحت الحماة من الداخل: اتفضل يا اسماعيل ما تدخل علي طول انت هتستأذن في بيتك.
دلف بوجه جامد ملقيا تحية باردة وهم بأخذ طفله، لتمنعه والدة زوجته: لا استنى يا اسماعيل، عقمت نفسك الأول بعد ما جيت من برة عشان كورونا؟
رمقها بذات الجمود وقال: على فكره ده ابني وأكيد يعني مش محتاج حد يقولي اتعامل ازاي أو يوصيني اتعقم قبل ما اشيل ابني، أكيد انا فاهم الوضع كويس ياحماتي.
للمرة الأولي تلاحظ ردوده الفاتزة، فانتابها الحرج وغمغمت: أنا مش، قصدي اعدل عليك يا ابني خوفت بس تكون نسيت تحط ديتول بعد ما جيت من بره.
رمقته زوجته بعتاب ثم قالت لتلطف الأجواء: اسماعيل مش قصده يا ماما، هو عايز يقولك انه مش بينسى، مش كده يا اسماعيل؟
حدجها بنظرة غامضة ثم أخذ صغيره وغادر الغرفة صامتا ليزداد ارتباك تاج من تصرفه أمام والدتها.
نظرت لها وهمت بقول شيء فقاطعتها: اظاهر ابوكي كان عنده حق يا بنتي، أنا تقلت عليكم وشكل جوزك مضايق من وجودي يا تاج..
صاحت بحمية تبرر: أبدا يا ماما ده كتر خيرك انك سبتي بابا وفضلتي معايا تراعيني، اسماعيل أكيد مايقصدش هو…..
_ خلاص يا تاج محصلش حاجة، انا كده كده كنت ماشية اخر الأسبوع، وأديكي اهو بقيتي كويسة.
تمسكت بقوة: مستحيل أسيبك تمشي وانتي زعلانة يا ماما.
_ مافيش زعل ولا حاجة، هتصل اعرف ابوكي اني راجعة وهروح احضر شنطتي.
حاولت باستماتة إثناء والدتها عن الرحيل وفشلت.
رحلت لتتجه هي كالعاصفة لزوجها.
________
_ ممكن افهم يا اسماعيل ايه سبب تصرفك الفظ مع أمي ده لدرجة انها زعلت وسابت البيت؟
غمغم ببرود وهو يصوب بصره لصغيره: انا مش شايف اني عملت حاجة فظة.
_ يا سلام؟ كل ده وماعملتش؟ أنت تقريبا طردت ماما من بيتي.. ترضي اعمل كده مع أمك؟
بدأت قشرة بروده تذوب وحراراة انفاعله تتسرب رويدا مع قوله المنفعل: لو ماما هنا ماكنش حريتي هتـ,ـتأيد في بيتي وكنت هقعد برحتي.. ولو ماما هنا كانت هتفضل وقت بسيط وتمشي زي ما عملت مع اختي اللـ,ـي ولدت قيصري زيك، اسبوعان وراحت بيتها وسابت اختي لحياتها.. لو ماما هنا وطولت كده كنت هلمحلها برضـ,ـو وهي كانت هتقدر وتفهم.
_ تقدر؟؟؟ يعني لو طردتها زي امي كانت هتقدر يا اسـ,ـماعيل؟
_ أنا ما طردش حد.
قالها بصياح هادر بعد أن فقد زمام سيطرته على شـ,ـحنة غضبه المخزونة داخله وهـ,ـو يكمل هادرا: واـ,ــ,ـلدتك بتعدل عليا وتقولي اتعامل مع ابني ازاي؟ هي هتخاف علـ,ـيه أكتر مني؟ وانتي عارفة أكتر حاجـ,ـة بكـ,ـرهها ان حد يدخل في شئوني بأي صورة.
_ ماما كانت خايفة على الولد.
_ تخاف عليه من الغريب مش من أبوة يا هانم.
_ برضو كان لازم تكون ذوق معاها
_ ذوق أكتر من اني اتحملت أكتر من شهرين حبستي في أوضتي وبعدي عنك انتي والولد؟
_ وهو حد منعك عننا؟ أنت اللي كنت عازل نفسك واحنا سبناك براحتك..
اقترب منها وناطحها بنظرة ساخطة ثم همس بصوت حانق وشى بغضبه: انتي واحدة مابتحسش يا تاج.
اغرورقت عيناها وبدون حديث زائد، رحلت بطفلها تاركة له البيت لتلحق بوالدتها..
____________
صفقت كفيها بعجب: لا حول ولا قوة إلا بالله، ده كلام برضو؟ تغضب مراتك وتخليها تمشي بابنها ؟
_ ماما أنا ما غضبتش حد هي اللي مدلعة وكويس اوي انها مشيت عشان اقدر اهدي، اقسم بالله لو فضلت قصادي ماكنت هعرف اتحكم في نفسي.
_ يابني أنا عارفة انك اضايقت من وجود حماتك فترة طويلة، بس انت كنت ممكن تلمح بطريقة افضل وماتزعلش حد.
_ ولو اللي قصادك غبي تعملي ايه؟ هو في أكتر من اني مش بظهر ليها غير بلبس رسمي طول الوقت؟ نفسي انام جنب ابني وافرح بيه زي أي أب واراقبه وهو نايم ولما يعيط احضنه واسكته والاعبه، كل ده اتحرمت منه لأن ببساطة حماتي بتعمل كل ده ولغيتني تماما.. أخري ادخل ابوسه زي الغريب وامشي، واذا اخدته أوضتي وعيط تجري تخبط على بابي وتاخده مني تاني.. طب قوليلي ياماما أعمل ايه؟
نكست رأسها بعجز عن مجادلته مدركه حقه فيما قال، فهتفت: خلاص يا ابني اهدى يومين وروح هاتها عشان الموضوع مايكبرش بينكم أكتر من كده، وربنا يصلح مابينكم.
أطبق شفتيه دون رد قاطبا بعبوس يحترق شوقا لطفله.. ولها.
لم يبدو على والدها ” سعيد” رد فعل وهي تبكي وتشكوا له ما فعل زوجها لتختم شكوتها قائلة: ده كل اللي حصل يا بابا، وانا ما اتحملتش اشوف ماما بتتهان في بيتي واسكت، قمت سبتله البيت انا كمان
ربتت والدتها على ظهرها بدعم وفخر لأنها نصرتها بينما ظل والدها على جموده الغريب.
_ بابا حضرتك ساكت ليه؟ قول رأيك لو سمحت.
نظر لها مليا قبل أن بقول بنبرة مريبة:
عايزة تعرفي رأيي يا تاج؟ رأيي انك غلطانة من ساسك لراسك.
_ أنا غلطانة يا بابا؟!
قالتها بذهول مشيرة لصدرها، ليستطرد والدها:
طبعا غلطانة بس مش لوحدك.
وحاد بصره نحو زوجته وغمغم: أمك غلطانة اكتر، كام مرة حذرتها من قعدتها اللي طالت عندك.. أكتر من شهرين كاتمة على نفس الراجل ولا عارف يقعد في بيته اللي مضطر يفضل فيه بسبب كورونا والحبسة اللي الكل فيها، وانتم عارفين انه خجول شوية في موضوع اللبس وبيتعامل مع امك انها غريبة ومش بيحب حتي تقعد قصاده بشعرها.
_ بس أنا مش غريبة عنه ياسعيد وزي أمه ومحرم، وبعدين ده جزاتي اني قلت اراعي بنتي؟
_ والله الراجل حر وده طبعه انه ملتزم زيادة.. وبعدين تراعيها أسبوعين ولا تلاتة انما اكتر من شهرين؟ بنتك مش اول ست تولد، وكمان امتى تاج هتعتمد على نفسها وتشيل مسؤلية؟ طول ما انتي موجودة ده مش هيحصل.. واسماعيل جوزها من حقه ياخد راحته زي اي راجل له احتياجات غير الأكل والشرب؟.. عايز يلاعب ابنه ولا يناغش مراته ولا ينام معاهم ولا ولا… مليون حاجة هيحتاج يعملها ووجودك وسطيهم هيمنعه..
_ يا بابا اسماعيل ماكنش ناقصه حاجة، وانا كنت محتاجة ماما معايا.
_ لأنك ست فاشلة لسه مش قادرة تفهمي انك بقيتي زوجة ولازم تكوني مسؤلة وتحسي بجوزك ياهانم.. ماسألتيش نفسك ابدا انك وحشتيه مثلا؟ عايز ياخدك في حضنه وينام؟ عايز يلاعب ابنه بفرحة زي اي أب فرحان انه بقي له طفل؟ كل ده ماجاش على بالك خالص؟؟؟ جوزك كان زي القنبلة وانتم اللي شحنتوها لحد ما انفجرت فيكم.
نكست رأسها وهي تتذكر دعوته الراغبة لها تلك الليلة حين التقاها بمفردها وهي تجاهلت بحجة وجود والدتها معهم في نفس المنزل وبكاء الصغير..لم يحدث بينهما لقاء حميمي واحد يمنحه الصبر ويروي ظمأه..
قرع جرس الباب، توجه والدها وما أن شرعه حتى اتسعت عينه وهو يبصر زوج ابنته يقف متجهم الوجه مع غمغمة: السلام عليكم ياعمي.
استقبله بابتسامة مرحبة: وعليكم السلام. ورحمة الله وبركاته، اتفضل يا اسماعيل، بيتك ومطرحك يا ابني.
ولج فأشاحت زوجته وجهها عنه بينما مكثت والدتها بجلستها بمعالم غير راضية .. حملت تاج طفلهما وخطت نحو غرفته لتُرقده بفراشه تجنبا لصخب النقاش فهدر عليها أبيها بغضب جعل عروقه تنفر بعد أن ظنها ترفض محاولة زوجها لإصلاح ما حدث: سايبة جوزك ورايحة فين يابنت؟ مش كفاية قلة عقلك وتهورك؟ شكلك اتمرعتي وادلعتي زيادة ومحدش بقي مالي عينك وعايزة قلمين عشان تفوقي..
وهم بصفعها ليتصدي له سريعا زوجها بجسده فتحتمي هي خلفه بعفوية، واسماعيل يصيح بحزم: مع احترامي لحضرتك ياعمي بس ما اقبلش حد يمد ايده على مراتي مهما كان هو مين.
برقت عين سعيد مع ابتسامة غامضة وابنته تنظر لظهر زوجها بذهول لدفاعه عنها رغم غضبه عليها.. وتفاقم ذهولها وهو يبتعد عنها ويجثوا على ركبتيه أمام والدتها ويقول: أنا أسف لو زعلت حضرتك وكنت قليل الذوق معاكي، انتي عارفة انك غالية عندي بس غصب عني.. ماقصدتش ابدا تمشي زعلانة كل الحكاية اني….
أشارت له بكفها ليصمت ثم ربتت علي كتفه هاتفة بتفهم: ماتقولش حاجة يا اسماعيل، عمك فهمني اللي غفلت عنه، بس والله يا ابني ما كنت واخدة بالي اني كاتمة علي نفسك، أنا كنت فرحانة بحفيدي وكل همي اني أراعيها، اعذرني يا اسماعيل دي بنتي الوحيدة وبخاف عليها أوي ونفسي اريحها قد ما اقدر. بس انا فعلا غلطانة كان لازم اراعي ان ظروف حياتها اتغيرت.
لم ينكر قولها ويدعي العكس، لذا دعم ما فاضت به بصمته التام لتعود وتربت على كتفيه: يلا ياحبيبي خد مراتك وروح بيتك وربنا ما يعكر مابينكم تاني.
ابتسم اسماعيل أخيرا وهو يقول: وهترجعي تدعيلي؟
افترش وجهها ابتسامة حانية: ربنا يرزقك ويحفظك وينجيك من المهالك قادر يا كريم.
منحها نظرة شكر وانتصب على ساقيه رامقا زوجته التي تبكي ليدنو لها ويكفكف دموعها ويضمها إليه فعلى نحيبها أكثر..ليجذبها والدها منه وقال برفق: شوفتي من شوية لما مثلت اني هضربك جوزك عمل ايه؟ مقدرش يتحمل تتضربي قصاده ودافع عنك، يارب تكوني اتعلمتي الدرس وتعرفي ان انتي وهو مالكمش غير بعض.. حاجي علي بيتك يابنتي وخليكي عاقلة وصبورة وعالجي دايما مشاكلك جواه، اوعي تسيبي شقتك تاني وتجري تشكي وتدخلي طرف تالت بينكم.. حلي مشاكلك بذكاء ودوبي أي زوبعة تحصل في حياتكم.. اسماعيل طيب وابن حلال وبيحبك ياهبلة.
_ قولها ياعمي.
قالها زوجها بنبرة مرح ملطفا الأجواء فابتسمت وتركته يحمل طفلهما ويقودها لعش الزوجية بعد أن ودعا والديها.
_____________
بدل ملابسه بأخرى مريحة ومكث يلاطف الصغير بحنان واضح، جلست علي طرف الفراش تراقبه وهو يداعبه بإصبعه ويضحك لحركات وجهه الشهية متعمدا تجاهلها تماما، فرغم دفاعه عنها أمام صفعة والدها، مازال غاضب عليها، تفهمت غضبه بعد أن أدركت تماما خطئها..
ذهبت لغرفة أخرى واستعدت لتعويضه بليلة جميلة، تممت على هيئتها بتلك الغلالة الناعمة بلونها المحبب له، ثم وضعت قطعتان من كعكة الشيكولاه كما يفضلاها، وعلى أطراف أصابعها دلفت إليه لتجده غافي جوار الرضيع، بنقرات ناعمة أيقظته وهي تشير له أن ينهض بحذر ويتبعها.
فعل لتجذبه لغرفة أخرى وهو يتأمل هيئتها مسحورا بها متشربا فتنتها وعبقها يغزوه ويشعله، كم اشتاقها ويريدها.؟!
_ حقك عليا يا سمعة.
همست بها بدلال وهي تطوق عنقه بذراعيها ليتجاوب مع مشاعرها بنهم وصخب عاطفي أحتوته برضا حتي هدأت عاطفته لتهمس:
خلاص مش زعلان مني يا اسماعيل؟
أبتسم برضا حقيقي: لأ مش زعلان عارفة ليه؟
_ ليه؟
_ عشان قدرتي تصالحيني وتعوضيني غيابك عني.
ومض بعيناها بريق الذنب وكادت ان تقول شيء، فأسكتها بقوله: خلاص يا تاج انسي، المهم تكوني اتعلمتي وفهمتي فين كانت المشكلة..لازم تعرفي ان والدتك علي عيني وراسي أي وقت بس بحدود، خصوصا ان ليها بيت وباباكي موجود ربنا يديه الصحة..انتي نفسك طباعك هتتغير بعد ما بقي عندك بيت، اوعي تفتكري اني لو عاندت وسبتك عند أهلك كنتي هتبقي مرتاحة.. بالعكس مع الوقت هتضايقي وتحسي بالنقص.. زي ما أنا محتاجلك واتعودت عليكي انتي محتاجاني، فاهماني حبيبتي؟
قالت بمزيد من اعتذار وذنب:
فهمت ياحبيبي والله، وأوعدك مش هتتكرر تاني.. المهم انك راضي عني دلوقت.
_ راضي الحمد لله.
_ طب هروح اجيب العصير والجاتوه و..
بترت جملتها وركضت فور سماعها بكاء طفلها، ليبتسم اسماعيل مغمغما: والله ولد أصيل، استني لحد ما ابوه وامه اتصالحوا.
وضع يده على فمه متثائبا وسرعان ما استسلم لنوم عميق بعد أن نال أخيرا راحته في بيته..بينما ظلت هي تطعم الصغير وتهدهده بخفة حتى غفى لتغفو مثله دون أن تشعر وهو قابع بسلام هانيء بين ذراعيها.
تمت بحمد لله.