
فتحت “عشق” باب المنزل ودلفت إليه والإبتسامة لا تُفارق وجهها، ارتمت على الأريكة بجانب والدتها وتحدثت بسعادة
– مساء الفل على عيون رورو القمر
تبسمت “رجاء” بـحنان وناظرت إبنتها قائلة
– حمدلله ع السلامة يا عيوني
ربتت عشق على يدها قائلة
– الله يسلمك يا حبيبتي
التفتت حولها تبحث عن أحدهم وقالت متعجبة
– اومال روان فين؟
عاودت رجاء بنظرها للتلفاز تضع قطعة من اللب في فمها
– نزلت تجيب الدوا
أومـأت لها عشق ونهضت هاتفة
– هدخل اغيّر على ما روان تيجي وأجي اقولكم حاجة مهمة
هزت رجاء رأسها بلا مبالاة وسلطت نظرها على التلفاز تتابع الفيلم بإنتباه
❀❀❀
أعطاها الحقيبة البلاستيكية وهتف ببروده الطاغي
– امسكي الدوا اهو، الروشتة جوا في الكيس، يلا يا شاطرة جري ع البيت
استدار ليرحل فـ هتفت بغيظ دفين
– استنى خد الفلوس!
قلّب عينيه بملل وقـال بينما يتحرك للذهاب
– خليهملك اشتري بيهم شوكلاته ولا آيس كريم ولا حاجة
توسعت عينيها بدهشة من هدوءه، أو بالأحرى من سخريته الواضحة منها، منذ أن تعرفت عليه ولا ترى منه سوى الوقاحة فقط!
❀❀❀
– ايوه يعني ردك ايه الوقتي يا براعم؟
قالتها سحر عبر الهاتف..
أجابتها براعم التي تقرض أظافرها بإرتباك
– مش عارفة يا سحر، مش عارفة!
تنهـدت سحر وهتفت بصوتها الهادئ الذي يُريح براعم دومًا
– بصي اهدي كدا وصلي ع النبي وقومي صلي إستخارة..وإن شاء الله ربنا ييسرلك الحال
اومـأت براعم وأغلقت معها فورًا، حقيقةً…هي لا تعلم كيف تُصلي! لذا يلزمها إستعانة باليوتيوب!
❀❀❀
وقف ياسين في شرفة غرفته ينفث من سيجارته بشراهة، شاردًا في أحواله التي تغيرت منذ دخول تلك الصغيرة حياته!
وضعت المقعد الصغير التي جاءت تحمله بصعوبة ووقفت عليه، مدّت يدها والتقطت السيجارة تُلقيها في الشارع قائلة
– السجاير مُضرة
رمقها بنظرة غريبة وهتف
– صاحية ليه لحد الوقتي؟
رفعت منكبيها بلا مبالاة
– أجازة بكرا من الحضانة، قولت أجي أشوفك بتعمل ايه
ابتسم متهكمًا وأردف
– ليه فاكرة انك مراتي؟
هزت رأسها نفيًا وقالت
– تؤ تؤ، فاكرة نفسي بحاول أساعدك بدل ما نجيبك من المستشفى المرة الجاية
– انتي طالعة لمين كدا؟
ضحكت بطفولة
– طالعة لنفسي
ضحك بخفة وعاود النظر للسماء يتأملها
– تعرف يا ياسين..ماما كانت بتقولي ان اللي بيموت بيتحطله نجمة في السما
هـدر ياسين بعنف
– أمك دي….
بتر جملته عندما رأى نظرتها البريئة تجاهه، فـ تنهد يائسًا وأردف
– معرفش
زمت شفتيها بيأس وهتفت
– كان نفسي أعرف اوي
تحدث تلقائيًا
– اطلعي رائدة فضاء وانتي تعرفي
تحدثت بسعادة
– هو ممكن؟
اومـأ لها بتأكيد
– ممكن اوي
وابتسمت بحماس!
تحرك ياسين ليدخل وحملها يُنزلها أرضًا يقول بنبرة ناعسة
– خشي نامي يلا
تشبثت في يده قائلة
– ممكن أنام معاك؟
نظرتها البريئة وبشرتها الحليبية..خصلاتها الناعمة وطفولتها التي تُحرك غريزة الأبوة تجاهها، جعلته يوافق بلا تفكير!
❀❀❀
غمغمت روان بتفكير وهتفت بعدها
– قولتيلي اسمه ايه؟
أجابتها عشق ببسمة ماكرة
– مش هقولك
رفعت حاجبها بحدة وهتفت
– هو لعب عيال؟ ما تنطقي يا عشق!
هزت رأسها بنفي وقالت بإستفزاز
– تؤتؤ، ممكن أقولك حرف من إسمه
قلَّبت عينيها بـملل وأومـأت موافقة، فـ قالت عشق
– ألف مد
– وربنا؟
أومـأت عشق ببلاهة وهتفت
– ايوه..حرف من إسمه..موجود في النص كدا
لوت روان شفتيها بـحنق وهي تستعد للنهوض من على فراش شقيقتها
– وكسة توكسك انتي وهو
ارتدت خُفها وتوجهت للباب وقبل ان تفتحه استدارت وقالت
– علفكرة كدا كدا هعرف اسمه..ما هم جايين بكرا على حدّ قولك
لفت عشق خُصلة من شعرها على إصبعها وقالت
– وقتها بقا
زفـرت بضيق وخرجت من الغرفة صافعة الباب خلفها، فـ ارتمت عشق على الفراش تتنهد بحالمية
❀❀❀
أغلقت روان باب غرفتها وجلست على فراشها، لوهلة تذكرت ماضيهم..تذكرت والدها..من كان سببًا في عقدة شقيقتها وبُعدها عن كل ما هو ذكر حرصًا، ليأتي هذا المجهول ويغير نظرتها..وقريبًا سـتُخطب له، ولكن يا ترى..هل ستستطيع هي أو شقيقتها نسيان فعلة والدهم الشنيعة بحقهم وبحق والدتها بالأخص؟!