
_ عشان آخد حجي و حج أمي منك انتِ وأمك اللي چيتوا خطفتوا بوي منينا و جهرتوا امي وماتت بحسرتها، و جيتي انتِ و خطفتي مني فاروق اللي عمري ما حبيت و لا عيني رأت راچل غيره . كنت عايزة أخذ حجي و هاخده يا زينة، و المرادي هاخده و أنا عيني في عينك عشان أتأكد انك مـ,ـوتي و خلصت منِكِ .
أنهت حديثها و أخرجت سكينًا صغير من جيب ثوبها و قامت بطعن زينة في صدرها تزامنًا مع اقتحام فاروق الغرفة التي كانت مُراقبة بالكاميرات بعد ما قصت عليه إلهام ما حدث و ما سمعته ورد فقد أراد معرفة ان كانت زينة ستُساعِد مُنى في مخططها القذر أم لا ؟ و صُعِق حين وجد الأخيرة تُخرِج ذلك الخنجر ليهرول إلى الغرفة لإنقاذ زينة التي كانت تلتقط أنفاسها الأخيرة فافترش الأرض بجوارها ليسمعها تقول بصوت مُتقطِع
_ سا … سامحني يا … فاروق …. مسمعتش كلامك حبل سابق لما جولتلي أنها عفشة … بس غصب عني .. مكنتش …. اعرف …. اني .. حاوية .. الحية .. في ….. داري.
تناثرت عبراته على فقيدته فقال بلوعة
_ سامحيني انتِ يا زينة . حجك عليا عشان مجدرتش الحجك . سامحيني .
زينة بأنفاس مقطوعة
_
_ مسامحاك … يا فاروج اتهني… بمرتك…. و حب …. عمرك ….. چيب عيال …كتيير منيها … أني …. خابره ….. زين ….. ان ….ورد …. هي …..حبيبتك ….. الأولي ….. و الأخيرة….
دهشة قوية نالت منه حين استمع لحديث زينة التي في تلك اللحظة خرجت منها شهقة خافته و بعدها خرجت روحها إلى بارئها ليصرُخ فاروق بقهر
_ زينننة ..
بعد مرور ستة شهور كان فاروق يقف في تلك البقعة النائية بأرضه يشاهد الغروب و هو يتذكر كلمات مُنى هذا اليوم فقد اخذت تصرُخ و تصيح بملء صوتها
_ أني عشجاك يا فاروق . انت حجي اني و هي خدتك مني، و كان لازمن اجتلها زي ما جتلتني يوم چوازها منك. خدتك مني و امها خدت ابوي من امي.
كانت تلك آخر كلمات سمعها منها قبل أن تأخذها الشرطة و هناك أصبحت حالتها غريبة فقاموا بعرضها على الأطباء النفسيين ليؤكدوا أنها اصابها الجنون الذي كانت تستحقه بعد أن تركت نفسها للشيطان ليتآمر على روحها و يُدنسها بقيح الكراهية و الغل الذي من شأنه أن يجعل الإنسان يتحول الى مسخ مُجرد من كل صفات الإنسانية.
_ فاروق .
انتبه لذلك الصوت الخافت خلفه ليلتفت ناظرًا الى ورد التي كانت تُطالعه على استحياء فقد تم عقد قرانهم منذ شهر و لكنه منذ حادثة زينة وهو منطوي على حاله صامت ، حزين ، مُتعب.
_ نعم.
هكذا تحدث فاروق باختصار فأخذتها خطواتها لتقف بمحاذاته وهي تقول بخفوت
_
_ قمر بتسأل عنك بتقول عمو فاروق مبقاش يحبني و لا يلعب معايا زي الاول. حاولت افهمها بس هي طفلة مش قادرة تستوعب اللي حصل.
أومأ فاروق برأسه قبل أن يقول بخشونة
_ اديكِ جولتي طفلة. لا سنها ولا عجلها هيخلوها تفهم، و بعدين هي ملهاش ذنب في حاچة.
تلكأت الكلمات فوق شفتيها و زاغت عينيها بينما قلبها يتوسل إليها بالتحلي بالجرأة و الوصول معه إلى برًا آمن
تحمحمت بخفوت قبل أن تقول بتلعثُم
_ يو. يومها. اقصد . يعني . يوم . اللي. حصل . زينة . قالت…
تخلت عنها شجاعتها حين رأته يلتف إليها و عينيه تشتبك مع عينيها في حديث طويل قطعته كلماته الجافة حين قال
_ كملي حديتك . سكتي ليه ؟
طالما يتحدث معها بلهجته الصعيدية فهو لا يزال غاضبًا حزينًا لذا احتارت كيف تُصيغ كلماتها دون المساس بذلك الجُرح الذي لايزال مُتقد داخل صدره ؟ ولكنها في نهاية الأمر لجأت إلى الهرب كعادتها معه فقالت بجمود
_ مفيش كنت عايزة اقول ان انت عملت كل حاجه عشان تحميها من شر مُنى وهي بنفسها قالتلك كدا، و بعدين كل حاجه في الدنيا دي قدر و مكتوب . انت مقصرتش في حمايتها أبدًا، و حتى لو كنت بعدت مُنى عنها مكنتش هتقدر تزود دقيقة واحدة في عمرها.
_
تبدلت نظراته إلى أخرى غامضة مما جعلها تُردِف بلهفة
_ انا بقولك كدا عشان متشيلش نفسك ذنب . زي مانا عملت في نفسي بعد مـ,ـوت زين . كنت بلوم على نفسي كتير ليه مسافرتش معاه ؟ أو حتى منعته بس بعد ما هديت عرفت اني لو كنت عملت دا أو دا مكنتش هزود في عمره ثانية .
شعرت بموجة قوية من الوخزات الموترة التي اجتاحت جسدها حين اقترب منها و عينيه الحادتان لا تحيد عن خاصتها بينما هي عاجزة عن التحرُك ولو خطوة واحدة ليُباغتها حين قال
_ هو دا بس اللي فكراه من كلام زينة ؟
استفهامه يُخفي الكثير خلفه فقد كان يتشارك معها في أفكارها مما جعل دقاتها تتناحر بداخلها، فعينيه تُطالبها الآن بإجابة لا تملك الشجاعة للإفصاح عنها فعلى تنفسها حتى وصل صداه إلى مسامعه ليتقدم منها حتى كان الفاصل بينهم خطوتين وهو يقول بنبرة عميقة دائمًا ما تُميزه وتُضفي على حديثه نوعًا من الجاذبية
_ ساكتة ليه يا ورد ؟ دا اللي فكراه من كلام زينة ؟
كانت لحظة خاطفة استجمعت بها شجاعتها الواهية وقالت باندفاع
_ لا. في. في كلام تاني أنا عايزة اعرف ايه مدى صدقه؟
لا تعلم لما شعُرت بأن ملامحه استكانت ولو قليلًا ولكن عينيه لازالت تحاوطها و تأسران عينيها بطريقة لم تعهدها من قبل ليُباغتها بكلماته التي كانت المفتاح لأبواب ظنت أنها لن تُفتح أبدًا
_ كل الكلام اللي زينة جالته صح يا ورد .
_
كان اسمها من بين شفاهه هذه المرة مُميزًا كثيرًا بطريقة لم تعهدها من قبل ولكن كلماته كانت أشد وقعًا عليها فاحتارت بماذا تُجيبه و كيف تطرح ذلك الاستفهام الذي ينخر بعقلها أضافة الى أن جنون قلبها في تلك اللحظة لم يكُن يُساعدها أبدًا لتهتف اسمه بحيرة يتخللها اللوعة
_ فاروق.
لأول مرة تُناديه بتلك الطريقة التي تنحى أمامها ثباته ليقول بصوته الرخيم
_ ايوا يا ورد انا عاشقك. من لما كنتِ طفلة بضفاير وأنا كنت الاجي جلبي ساحبني عالمكان اللي أنتِ فيه. أن غبتي شويه عنه زي المچنون يدور عليكِ. يتحمل يشيل الكون كله فوق كتافه بس كانت دمعة واحدة منك تهده. الكل كان حاسس وعارف الا اني .
ابتسامة هادئة لامست زوايا فمه قبل أن يُتابِع بنبرة عميقة
_ كنت بكذب نفسي واقول عشان اتولدتي على يدي، و لما لجيت جلبي بجى يتمرد عليا خرسته بـ فرج السن اللي بيني وبينك. جولتله اوعى تبجى ظالم معاها. دي لساتها عيلة صغيرة.
كان يتحدث و عينيها تؤازره بالعبرات الحارقة التي أغرقت وجنتيها كما غرق قلبها في بئر الألم من تلك الحجج الواهية التي حرمتها لذة عشقه لذا قالت بنبرة جريحة
_ اتناشر سنة مش فرق كبير . بس انت اللي استسهلت تفكر كدا، و روحت اتجوزت زينة.
شوهت ملامحه الرجولية الوسيمة ابتسامة ساخرة و أجابها بنبرة مريرة
_ سهل تجولي أكده بدل مجربتيش جهرتي واني مجدرش حتى ارفع عيني فيكِ بعد ما كانت شوفتك هي اللي بتحليلي حياتي.
_
شعرت بمدى صدقه و نبرته الجريحة آلمتها لتهتف بلوعة
_ ياريت لو سألتني . ياريت لو كنت حتى خيرتني . مكناش هـ نتعذب بالشكل دا .
تبدل الأسى و الحزن إلى شيئًا آخر بعد ما بدأ سحُب عينيه بالتلاشي و جاءت نبرته خشنة وهو يقول بترقُب
_ تجصدي اي؟
عاتبته نظراتها و لهجتها حين قالت
_ مقصدش . عادي اللي حصل حصل.
أوشكت على الالتفات فـ اوقفتها يديه التي أحكمت الطوق فوق رسغها فكيف بعدما زرعت براعم الأمل بصدره تُريد أن تُغادره ؟
_ اوجفي اهنه و فهميني تجصدي ايه؟
نثر الخجل وروده فوق وجنتيها و صبغ لهجتها حين قالت
_ يمكن لو كنت صارحتني بمشاعرك وقتها كنت هترتاح.
_
فاروق بلهفة
_ خوفت انجرح و الوردة يبجالها شوك ينغرز في جلبي .
رفعت رأسها تُطالعه بعتب و دلال
_ اللي بيحب الورد يتحمل شوكه.
فاروق بنبرة محرورة
_ والله انا عاشج للورد و شوكه بس هو يجول موافج.
لونت ثغرها ابتسامة رائعة قبل أن تقول بخفوت
_ موافقة.
بعد مرور سنه انطلقت صرخة ألم عظيمة تبعها بُكاء صغير أبصر النور لتوه لتمر عدة الدقائق حتى يصل إلى مسامعهم صوت بكاء آخر ثم خرج الطبيب ليُخبرهم بأن ورد وضعت تؤم صبي و فتاة
فتعالت صيحات الحمد من فم الجميع و مر بعض الوقت حتى استطاع فاروق التوجه إلى غرفة ورد التي كانت نائمة على ظهرها و ما أن رأته حتى تهللت أساريرها ليقترب منها ناثرًا عشقه فوق جبهتها و خديها وهو يقول بنبرة عاشقة
_
ـ حمد لله على سلامتك يا أم الزين و الزينة.
ابتهجت من كلماته وقالت بحبور
_ ولد و بنت ؟
فاروق بحنو
_ ولد و بنت زي الجمر يشبهوا وردتي الحلوة.
ورد بنبرة عاشقة
_ وردتك بتحبك اوي يا فاروق .
استنشق رائحتها التي كان الفؤاد ينتشي بأريجها قبل أن يقول بنبرة عاشقة
_ فاروق عاشقك يا وردة الجلب و مهچة الروح .
تمت ♥️
_