
.
“أنتِ مجنونة؟ إزاي تعملي كده؟!” صرخ الشاب بصدمة، وهو يتقدم نحوها. لكن الفتاة كانت مصرة على تحديه. “أنت مش هتتغير، غرورك عماك!” قالت بصوتٍ ثابت، مما زاد من دهشة الشاب.
التفت إليها فجأة وشدها من شعرها: “إنتِ تعرفي اسمي منين؟!” سألها بغضب. كانت المعركة قد بدأت بالفعل من حولهم، والمكان تحوّل إلى ساحة صراع.
“أنتَ زي ما أنت يا بكر، مش هتتغير أبداً.” قالتها وهي تحاول سحب يدها من قبضته.
غضب بكر وبدأ يقاتل كل من حوله، يضرب ويواجه الحضور بلا رحمة. استطاع أن يُسقط العديد منهم أرضًا. وفي لحظة سريعة، أمسك بالفتاة ووضعها خلف ظهره ليحميها، لكنها كانت ترتجف وتمسكت به بقوة، مما جعله يشعر بنبض قلبها السريع.
“أنا بكر الأمير! كل اللي هنا يعرفني كويس!” صرخ بكر بصوت قوي، مما جعل الجميع يتراجعون في صمت. “أنا هخرج من هنا من غير ما حد يموت، لكن لو حد حاول يقرب، مش هرحمه!” أضاف بكر وهو يحدّق في الجميع بعينيه المشتعلتين بالغضب.
وسط هذا الصمت المريب، كان شخص يجلس في ركن مظلم يراقب المشهد بصمت. بدا واضحًا أنه لم يكن يتوقع مثل هذا التصعيد.
الفتاة، التي بدا عليها الحيرة والتوتر، ابتعدت عن بكر قليلاً وهمست له بهدوء. لكنه لم يكن يعلم ما إذا كان عليه الاستمرار في حماية هذه الفتاة التي تسببت له في هذا الموقف المعقد.
—
في قلب الفوضى التي عمت قصر الحفل بعد مقتل ابن صاحب القصر، “الدون”، انطلق بكر ونادين بسرعة جنونية في سيارة كانت متوقفة في الجراج. في هذه الأثناء، كان “مارتين”، صاحب القصر، يصرخ بغضب، “ابني أُقتل في قصري! مين اللي عملها؟ لازم يموت الليلة وإلا هحرق الدنيا!” كانت كلماته ترعب الجميع، بما فيهم الوزراء الذين حاولوا تهدئته.
أحد الوزراء حاول التوسل، “أعطني مهلة ثلاثة أيام وسأحضره لك تحت قدميك.” فوافق مارتين بشرط أن يظل أبناء الوزراء رهائن حتى يعود بكر حيًا.
في مكان آخر، كانت نادين تحاول التعامل مع الوضع ببرود رغم الفوضى. بكر، الذي كان يرافقها، شدها من يدها وهو يقول: “إنتِ مصيبة!” بينما هي تضحك وكأنها في رحلة، غير مبالية بالمخاطر التي تحيط بهما.
عندما دخلا سردابًا تحت الأرض، كان بكر مستعجلًا للتخفي بينما نادين تتبعه ببطء وهي تمسك بقميصه وكأنها طفلة، وعيونها تراقب المكان بترقب وخوف. بكر، الذي كان يحاول الحفاظ على هدوئه، ضحك قائلاً: “أنا جرار بيجر عربية!” لترد نادين بامتعاض وتضربه على ظهره.
بعد أن استراحا داخل كهف في الصحراء، بدأت نادين تشعر بالجوع والعطش، لكنها شعرت بخيبة أمل عندما قدم لها بكر بسكويتًا وزجاجة ماء فقط، إذ كانت تتوقع وجبة دسمة. ومع ذلك، بدأ الجدال بينهما يزداد حيث كانت نادين تتصرف بطفولية بينما يحاول بكر التخفيف من حدة الموقف.
وفي تلك اللحظات، بدأت نادين تسترجع ذكريات مؤلمة من ماضيها. حين كانت طفلة في الحادية عشرة من عمرها، حاولت طلب مساعدة من بكر لإنقاذ خالتها نيروز من أيدي مجموعة خطيرة. لكنها قوبلت بالرفض من بكر، الذي كان منشغلاً بأموره الخاصة. تلك الحادثة تركت جرحًا عميقًا في قلب نادين، ولم تستطع نسيانها.
خالتها نيروز كانت امرأة شابة في أواخر العشرينات، وقد هربت مع نادين إلى المكسيك بعد مقتل والد نادين وخيانة بعض أفراد العصابة. كان الوضع حينها صعبًا للغاية، وقد ضحت نيروز بالكثير لحماية نادين من أعداء والدها.
الآن، تجد نادين نفسها في مواجهة جديدة، وهي غير متأكدة مما إذا كانت تستطيع الثقة في بكر الذي كان سببًا في ألمها القديم.