روايات

يا كل كلى بقلم روز امين

سألتها بنبرة لائمة:
-إنتَ بتواسيني ولا جايهة تلوميني؟

أجابتها بنبرة حازمة ناتجة عن هلعها عليها:
-لا ده ولا ده، أنا من الأول خالص قُولت لك بلاش السكة دي لأن أخرتها دموع ووجع قلب ليكِ وليه، بس إنتِ اللي كابرتي ومسمعتيش كلامي

نزلت دموعها بغزارة فاقتربت عليها لتسحبها باحضانها ثم تحدثت بنبرة حنون:
-أنا مش بقول لك كدة علشان تعيطي، أنا عوزاكي تفوقي وتخرجي الموضوع ده من دماغك، وعوزاكي تفكري في حاجة مهمة غايبة عنك

صمتت جنة فاستكملت الأخري بارتياب:
-إذا كان ده رد الحاج عبدالله،فمابالك برد بابا لو عرف الموضوع،ده مش بعيد تحصل مشكلة بين العيلتين ولو عرف إن إنتِ كمان عوزاه ممكن يحرمك من الكلية ومن الخروج من البيت أساسًا
ثم تحدثت ناصحة:
-علشان خاطري تنسي الموضوع ده وتبلكي رقمه من عندك قبل بابا أو حد من إخواتك الرجالة يعرف الموضوع وساعتها هتبقى مصيبة

بكت بحرقة وباتت شقيقتها تؤازرها وتشدد من احتضانها علها تهدأ

*******

مر أكثر من شهران على رفض عبدالله طلب نجله للإرتباط بجنة ومنذ ذاك اليوم أصبح محمود يتعامل مع والديه وشقيقاه بطريقه جافة بل ويتعمد عدم التواجد معهم قدر المستطاع مما ازعج عبدالله وجعله يستشيط غضبًا من نجله العنيد،حاولت عفاف بشتي الطرق أن تجعل صغيرها يتراجع ويعود كما كان ولكن هيهات،إجتمع عبدالله بصحبة زوجته ونجليه وزوجتيهما وأطفالهم حول طاولة إفطار يوم الجمعة،الجميع حاضر إلا من محمود الماكث داخل غرفته منعزل لحاله، تحدث عبدالله إلى زوجته بنبرة حازمة:
-البيه إبنك هيفضل قاعد في أوضته كدة لحد إمتى

وقفت زوجة صلاح وتحدثت بنبرة حنون:
-هروح أنده له علشان يفطر معانا يا خالي

أشارت لها عفاف لتوقفها وتحدثت بنبرة استسلامية:
-اقعدي وكملي فطارك يا منى،أنا دخلت له من شوية وقال لي إنه مش جعان

تنهد عبدالله وزفر بحدة اظهرت كم الغضب الذي يتملك منه بسبب نجله العنيد، تناول الجميع طعامه دون شهية وبعد الانتهاء تحرك عبدالله إلى غرفة نجله متغاضيًا عن كبريائه وعناده ودق بابها ثم فتح الباب لينظر على ذاك الممدد فوق الفراش ناظرًا لسقف غرفته بشرودٍ، لف وجههُ لمعرفة الداخل فسحب جسده سريعًا لأعلى بعدما رأي والده الذي تحدث بنبرة حادة:
-طب ولما أنتَ صاحي مطلعتش تفطر معانا ليه؟

تحمحم ليتحدث بنبرة هادئة:
-مليش نفس

أغلق الباب واتجه صوب الفراش ليجاور نجله الذي تنحى جانبًا ليفسح له،أخذ نفسًا عميقًا ثم زفره بهدوء ليتحدث بنبرة عاتبة:
-وبعدين معاك يا ابني، هتفضل مقاطع الكلام والأكل والشرب معانا لحد إمتي

نظر بعينيه واسترسل لائمًا:
-إنتَ بتعاقبني علشان خايف عليك؟

مش يمكن بعاقب نفسي…جملة استسلامية نطق بها ليهتف الاب بتساؤل:
-بتعاقبها على إيه؟

بقلبٍ ملتاع همس بثبات رغم المرارة التي تستقر بين مقلتيه:
-على إني مطلعتش راجل ومقدرتش أوفي بالوعد اللي عطيته للبنت الوحيدة اللي حبيتها

تنهد عبدالله بثقل وتحدث:
-الغلط كان من الاول خالص يا حضرة الظابط، مكنش المفروض تحبها من أصله وإنتَ عارف المشاكل اللي بين العيلتين

ومن إمتي قلوبنا كانت بادينا يا حاج…جملة متألمة خرجت من ذاك المعذب أوجعت قلب والده عليه، زفر بقوة ليسأله بنبرة حنون:
-يعني مفيش فايدة يا محمود

صمت الإبن ليسترسل الأب من جديد بانصياع:
-لله الأمر من قبل ومن بعد، أنا هبعت مرسال لمحمد الانصاري وأطلب إيد بنته، أما أشوف أخرتها معاك

بلهفة مفرطة نظر عليه نجله ليسأله بعجالة:
-حضرتك بتتكلم بجد، إنتَ فعلاً هتخطب لي جنة؟

اجابه الأخر بنبرة بائسة:
-أيوة بتكلم بجد، ولو اني متأكد إنه هيرفض

لو رفض أنا مستعد أروح لحد عنده وأقنعه…هكذا تحدث محمود بنبرة حماسية ليهتف عبدالله بعجالة وحدة:
-ملكش دعوة بالموضوع ده خالص، إنتَ فاهم يا محمود، أنا هبعت طرف محايد وربنا يقدم اللي فيه الخير
وافقه محمود فنهض ثم تحدث وهو يستعد للخروج من الغرفة:
-قوم يلا علشان تفطر وتشرب معايا الشاي فى الصالة برة

هب سريعًا من فوق فراشه ليلحق بوالده كي يتناول طعامه،بعث عبدالله لأحد الأشخاص ذو الهيبة في البلدة وطلب منه التوسط لنجله لدى محمد الأنصاري وطلب يد إبنته لنجله، بالفعل ذهب الشخص إلى محمد الذي انفعل ورفض الموضوع وطلب من الوسيط أن يُغلق باب النقاش في ذاك الموضوع نهائيًا وهذا ما أبلغ به الوسيط عبدالله الذى كان متوقع الرد وشكر الرجل ثم أبلغ نجله بالرد، فطلب محمود من والده السماح له بزيارة محمد الأنصاري وطلب يد جنة بنفسه، رفض عبدالله في بادئ الأمر ثم رضخ للموافقة على طلب نجله عندما رأى تألم قلبه الظاهر بعينيه

عصر اليوم التالي
توجه محمود إلى قطعة أرض مميزة مملوكة لدى محمد الأنصاري كان يحب الجلوس بها عصر كل يوم ليقوم بتوديع الغروب،وجده جالسًا بصحبة نجله الأكبر “علي” جلس بعدما ألقى التحية الحارة عليهما ثم تحدث بنبرة مهذبة:
-عمي محمد، أنا طالب إيد بنتك جنة ويشرفني أنك توافق

أبوك بعت لي من يومين مرسال وأنا بعت له الرد…كلمات نطقها محمد بجمود ليتحدث محمود سريعًا بعينين راجيتين:
-أنا مليش دعوة بالمرسال يا عم محمد، أنا جاي لك بنفسي وبترجاك توافق وأنا تحت أمرك في كل اللي تؤمر بيه من شبكة ومهر وكل طلباتك هتكون بأمر الله مجابة

هتف علي بنبرة غاضبة:
-الظاهر إن كلام الحاج مش واصل لك يا حضرة الظابط

تجاهل محمود حديثه لمعرفته بطباع “علي” الحادة ونظر إلى الحاج “محمد” يترقب إجابته فتحدث بنبرة صارمة:
-روح لحال سبيلك يا ابني، أنا معنديش بنات للجواز

بس إنتَ كده تبقي بتظلمني أنا وجنة يا عمي، ذنبنا إيه ندفع تمن غلطة حصلت لجدود جدودنا وفات عليها سنين، أي عَدل يقول إننا ندفن حُبنا وننسى أحلامنا وكل واحد مننا يتجبر يتجوز حد هو مش حاسس بيه ولا عاوزه… وبمجرد نطقهُ بتلك الكلمات أشعل النـ,ـار بقلب كل من محمد وولده الذي هب واقفًا ليُمسك محمود من تلابيب جلبابه ليهتف بقوة غاضبة وعينين تطلق شزرًا:
-إنتَ بتقول إيه يا ابن التهامي، إنتَ عاوز تقول إن إنتَ وجنة أختي فيه بينكم حاجة؟

برعونة تحدث محمود بما أغضب قلب كلاهما أكثر:
-وإيه االعيب في اننا نكون معجبين ببعض وعاوزين نتجوز يا علي،ده لا عيب ولا حرام

هتف محمد بأعلى صوته بعدما فك وثاق تلابيب محمود من قبضة نجله بصعوبة:
-العيب بذات نفسه هو اللي إنتَ بتقوله يا ابن التهامية، يظهر إن الحاج عبدالله قصر في ربايتك ومعلمكش الأصول

ذُهل محمود من ردة فعلهما الحادة وتحدث بنبرة متعجبة:
-وليه الغلط ده بس يا عمي

هتف علي بنبرة تهديدية:
-الغلط لسة هتشوفه لو ممشتش من هنا حالاً
تطلع محمود إلى محمد بنظراتٍ عاتبة ثم تحرك ليغادر فأوقفهُ صوت الأخر الحاد ليستدير:
-اسمع يا ابني،الكلام اللي اتقال منك من شوية بخصوص جنة بنتي لو هلفطت بيه قدام حد هطير فيه رقاب

تطلع إليه ليتحدث بنبرة رجولية:
-إطمن يا حاج محمد، مش أنا اللي أشهر بأي بنت،فمابالك بإنسانة اتمنيت في يوم إن إسمي يرتبط باسمها
واستطرد بنبرة فخورة:
-أنا مهما كان ابن الحاج عبدالله التهامي واعرف في الأصول كويس، حتى لو حضرتك مش شايف كده

نطق كلماته وغادر المكان وعلى الفور تحرك محمد عائدًا هو وولده إلى المنزل ولجا للداخل وجد زوجته تخرج من المطبخ فسألها عن جنة أخبرته بأنها بالاعلى فنظر لأعلى الدرج ليهتف بكل صوته مناديًا:
-جنة، إنتِ يا بت يا جنة

انت في الصفحة 5 من 12 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
78

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل