روايات

هويت رجل الصعيد الجزء الثانى

#هويتُ_رجل_الصعيد

الفصل الحـــادى عشـــر (11)

___ بعنــــوان “أعتراف” ___

 

أحر,,ق الشوق قلبه وألتهب ني,,ران العشق بداخله بعد أن رحلت فلم يستطيع مقاومة الهوى بداخله فخرج من المحجر سريعًا بعد أن رحلت فناداه “عطيه” بذهول من خروجه مُسرعًا من العمل وقبل ميعاد رحيله المعتاد لكن لم يجيبه “نوح” بل صعد إلى سيارته وأنطلق مُحترقًا عشقًا لها قاصدًا منزله حيث ذهبت محبوبته وعندما مر من أمام متجر زهور توقف فجأة ثم ترجل وفصح الزهور بعينيه ليختار باقة ورود حمراء وكبيرة جدًا رغم أنها لم تكن كافية لحُبه لها، أنطلق بسيارته لتستوقفه امرأة من عمر والدته بزوجها من اهل البلد فتوقف لهما عندما أشاروا له ثم فتح النافذة ليتحدث الرجل بهلع وذعر قائلًا:-

 

-يا جناب البيه الضيفة المصراوية اللى فى داركم فى واحدة غجرية خدتها

 

نظر لهما بإستغراب شديد وهو لا يفهم حديثه فتحدثت المرأة بذعر أكبر وهى لا تعلم بأن من يتحدثوا عنها تكون زوجته الغالية:-

 

-لا دى خطفتها أنا شوفتها وهى بتكممها

 

رن على هاتفها ليُصدم بوجود الهاتف فى يد المرأة فأتسعت عينيه على مصراعيها بصدمة ألجمته وقبضت قلبه رعبًا بأن أن تأكد بأن الضيفة التى يتحدثون عنها زوجته، مدت المرأة يدها بالهاتف إليه ليلتقطه منها بأيدي مُرتجفة فرأى رقمه يضيء الهاتف تحت لقب “ولى العهد” دمعت عينيه خوفًا عليها بعد ان رأى تلقبه بولى أمرها فهى العهد المذكور فسألهم بقلق:-

 

-هم مشيوا كيف؟

 

فتح الرجل باب السيارة دون أن يستاذن وصعدت السيدة فى الخلف وأشار إليه على الطريق فلم يبالى بركوبهما سيارته وذهب إلى حيث أخذوها والرجل يتحدث بقلق:-

 

-إحنا لما شوفنهما أكدة خدنا توكتوك وطلعنا وراهما لأن الوضع كان مريب، هم أخدتوها على دار فى أخر البلد

 

كان يشتاط غضبًا مما حدث وعقله يكاد يموت من التفكير فى الفاعل وماذت سيفعل بها؟ وعن سبب أخذه إلي زوجته رغم انه يقين بأن هذا الفعل من تصرف عمه الماكر، أرتجف قلبه رغم صمود جسده أمام هؤلاءكاد ان يموت قلقًا عليها والخوف يصيبه من أن يتأخر فى إنقاذها ويفقدها قبل أن يخبرها بحبه ويضمها إليه، وصل إلى منزل فى أخر البلد بعيدًا ثم ترجل من سيارته وركض بهلع لا يكترث لأي شيء غيرها فحتى أنه لم يغلق باب السيارة خلفه وتركها مفتوح، ترجل الرجل وزوجته من السيارة ليذهبوا خلفه، فتح باب المنزل الخشبي المكسور بقدمه وولج…

 

كانت “عهد” جالسة على الفراش بهلع وأمامها المرأة الغجرية تقول:-

 

-أنا مش عفشة جوى أكدة بس الكسرة والذل يخلوا الواحدة تعمل أى حاجة

 

تمتمت “عهد” بخوف وهى ترتجف ضعفًا:-

 

-أزاى بتقولى أنك مش وحشة وأنتِ خاطفنى هنا؟ عملتلك أيه ولا أذيتك فى أيه عشان تجيبينى هنا؟ أنا حتى عمرى ما شوفتك

 

جلست المرأة جوارها على الفراش وقالت بلهجة واهنة وإنكسار:-

 

-متعرفنيش ولا أنا عاوزة أذيتك لأن أنا كمان معرفكيش بس الماكر ولد الحرام خالد هو اللى داس عليا وذلنى أكمن كلى تحت ضرسه

 

أتسعت عينيها بذعر شديد وهى تقول مُتلعثمة:-

 

-خالد..

 

أتاها صوته القوة تجاه الباب وهو يقول بثقة وبسمة الأنتصار تمليء وجهه:-

 

-أيوة أنا! تفتكرى فى غيري هيعوز ينتجم منك ومن جوزك الغالى

 

وقفت الغجرية من مكانها وهى تسير تجاه ولا تبالى بـ “عهد” ولا بوجودها قائلة:-

 

-أنا خبتها أتفضل بجى اتصل بجوزها وأطلب الفدية عشان تجى ويايا للمأذون وتكتب عليا كيف ما اتفجنا؟

 

قهقه ضاحكًا بمكر خبيث ناظرًا إلى “عهد” الجالسة هناك بصدمتها التى ألجمتها وشلت أطرافها من رؤيته هنا وأرتجفت رعبًا من وقوعها بين يديه ويجذب الغجرية للخارج من ذراعها بقوة ويلقيها خارج الغرفة بقوة قائلًا:-

 

-مش بجولك هبلة وعلى نياتك

 

تشبثت به الغجرية بقوة بهلع من ان يأذي هذه المرأة بعقله الماكر كما أذاها من قبل وقالت بهلع:-

 

-أنت هتعمل فيها أيه؟

 

تبسم بوجه يتطاير منه الشر والمكر الشيطانى ثم قال:-

 

-مش بجولك غبية..

 

دفعها بعيدًا عنه ثم أغلق الباب لتفزع الغجرية وهكذا “عهد” التى شعرت بأن دماءها تتجمد فى أوردتها وزحفت لنهاية الفراش تلتصق به بخوف وتحدثه بتلعثمة شديد:-

 

-أنت هتعمل أيه؟ إياك تقرب منى

 

تبسم بخبث شديد وهو يقترب منها دون خوف وواثقًا بأن “نوح” لم يعلم شيء وبعد أن ينتهى سيهدم “نوح” بفعلته والأعتداء على زوجته، وقفت الغجرية على باب الغرفة وهى تضرب الباب بقبضتها بذعر وترجاه بأن يفتح الباب ولا يقترب من هذه المرأة فهو أقنعها بأنه سيأخذها رهينة حتى يعطيه “نوح” المال لكنه للمرة الثانية كذب عليها وأثناء ضربها للباب وهى تقول:-

 

-أفتح الباب يا خالد.. أفتح يا خالد

 

فتح باب المنزل بقوة لتستع عينيها بصدمة قاتلة عندما رأت وجه “نوح” بعد أن كسر باب المنزل بقدميه ووجه يتطاير منه الغضب و..نا.ر تحرق كل من يراه، أسرعت إليه بهلع وهى تتشبث بذراعيه وتقول بهلع:-

 

-متأذهوش الله يخليك

 

سمع صوت صراخ “عهد” من الداخل فدفعها بقوة دون أن يهتم لكونها امرأة أو لرجاءها ثم أسرع إلى الغرفة ودفع الباب بكتفيه مرتين وفى الثالثة فُتح الباب فأتسعت عينيه على مصراعيها عندما رأى “عهد” تقف فى زواية الغرفة جوار الباب ووسقطت عنها جاكيتها ومزق تي شيرتها الأبيض من الكتف الأيسر وشعرها فوضوى وترتجف خوفًا رغم أنها تحمل فى يدها جزء من الكوب الزجاجى المكسورة وقد جرحت “خالد” فى عنقه دفاعًا عن نفسها، رأت “نوح” يدخل الغرفة لتهرع إليه باكية وبيدي ضعيفة تشبثت به وهى تتنفس الصعداء بأرتياح بعد أن جاء زوجها، طوقها “نوح” بذراعه وعينيه ثابتًا على “خالد” تنفث دخان من ن,,يران الغضب المُشتعل بداخلها، أخرجها “نوح” من ذراعيه ليوقفها خلفه وكاد أن يقترب من “خالد” لتتشبث بعباءته من الخلف بضعف وخوف على زوجها من أن يقتله للتو وتمتمت بهمس ضعيفة:-

 

-خلينا نمشي يا نوح

 

قهقه “خالد” ضاحكًا بسخرية يُثير غضبه أكثر ثم قال:-

 

-حظك يا نوح ولو كنت أتاخر هبابة

 

لن يتمالك “نوح” غضبه فأنقض عليها يلكمه بقوة يخرج غضبه به ودخل الرجل وزوجته على صوت صراخ هذه الغجرية فهلعت السيدة عندما رأت هيئة ”عهد” لتأخذ شالها وتضعه على أكتاف “عهد” وهى تقول:-

 

-أحمدى ربك يا بنتى

 

تمتمت “عهد” بنبرة خافتة وشفتيها ترتعش من الصدمة التى ما زالت تلازمها قائلة:-

 

-نوح

 

كان “نوح” يلكمه بقوة بعد أن أسقطه على الفراش وهو فوق ليأخذه الرجل بعيدًا و”نوح” يصرخ به قائلًا:-

 

-هملنى .. وحياة امى لأجتلك يا خالد .. بجولك هملنى

 

أخذه الرجل بعيدًا عنه وهو يقول:-

 

-خلاص يا جناب البيه متوديش حالك فى داهية

 

ألتف “نوح” بضيق شديد من جذب الرجل له لكى يغادر بزوجته لكن “خالد” لم يتمالك غضبه بعد ما تلقاه من لكمات وضرب من “نوح” فأخرج مسدسه لتصرخ السيدة بهلع شديد فأستدار الرجل و”نوح” ينظرون عليه فوقف “نوح” يحدق به بدون خوف فهرعت “عهد” إلى زوجها تتشبث بذراعه بخوف شديد قائلة:-

 

-نوح يلا نمشي من هنا

 

سار بها للخارج دون أن يخشي هذا السلاح وأدخلها سيارته وصعد بمقعد السائق وقبل أن ينطلق وقف “خالد” أمام السيارة وهو يقول:-

 

-مش هسيبك يا نوح أنا النهاردة يا جاتل يا مجتول

 

لم يبالى “نوح” له وضغط على البنزين ليطلق “خالد” رصاصة فى علجة السيارة ليصدمه “نوح” بالسيارة بدون قصد لكنه أنطلق دون ان يبالى بجثته رغم صرخته “عهد” عندما صدمه ….

 

_____________________

 

وصل الخبر إلى “حمدى” وبعض الرجال أخبروه بأن “نوح” صدم ابنه بالسيارة حتى قتله والبعض أخبروه بأن هناك شجار دار بينما وأنتهى بقتل “نوح” له وأثناء تحقيقات الشرطة شهد الرجل وزوجته بما حدث وأن “خالد” أختطف زوجة “نوح” وحاول الأعتداء عليها وهو من أن أطلق النار على سيارة “نوح” وأثناء فحص السيارة وجدوه الرصاصة فى عجلة السيارة ولم يسجن “نوح” بل دافع المحامى عنه وأعتبره القضية دافعًا عن الشرف …أم عن “حمدى” فرفض تلقى العزاء فى موت ابنه إلا عندما يأخذ بثأره من قاتله..

 

____________________

 

كانت “عهد” تختبى بغرفتها خوفًا من “فاتن” وبناتها، تحدثت “ليلى” بنبرة هادئة تقول:-

 

-هتفضلى محبوسة كدة فى أوضتك؟ تعالى نخرج نتمشي برا طيب

 

تمتمت “عهد” وهى تجلس على فراشها وتضع الوسادة على قدميها:-

 

-أنا خائفة يا ليلى؟ خايفة يأذوا نوح أنتِ مشوفتيش أزاى عمه بيتكلم عن الثأر وحق ابنه، أنا خايفة على نوح

 

أخذت “ليلى” يد صديقتها بين يديها لتربت عليها بلطف وتقول بثقة:-

 

-متقلقيش يا عهد، جوزك رجل بجد ومش سهل حد يأذيه لأنه ذكى .. قومى دلوقت ألبسي وهننزل نشرب قهوة فى أى مكان زى ما بتحبى

 

تنهدت “عهد” تنهيدة معبأة بالذعر والقلق الساكن بداخلها ثم أومأت لها بنعم مُستسلمة لرغبة صديقتها…

 

___________________

 

صاح “حمدى” بزوجته الباكية بإنكسار شديد على فراق ابنها قائلًا:-

 

-بجولك جومى أنا مجعدش فى دار وياه جاتل ولدى وأضطر أشوفه كل دجيجة

 

كانت تبكى بضعف وهى جالسة على فراشها وتعقد حجابها الأسود حول رأسها فأجابته بضيق:-

 

-هنروح على فين من كتر اللى حيلتك والبيوت اللى عندك

 

ألقى بالحقيبة غيظًا من زوجته ويقول:-

 

-هنروح أى داهية لكن أنا مدخهاش الدار دى تاني غير لما أجتل نوح وأرجع حجى

 

ضربت قدميها بيديها بغضب ثم قالت:-

 

-ولما تجتل نوح ولدى هيرجع… ااااه يا ولدى، ولا لما تجتله حجك هيرجع دا مرته وأبوه اللى هيورثه دا إذا كانت مرته مش حبلة وتلهف هى كل حاجة.. أنا مهطلعش من الدار دى غير لما أجتل عهد وأطيب حرجة جلبى على ولدى وأشوف “نوح” مكسور ومحروج… لو انت مهتأخدش حجك من حريم أنا بجى هأخد حجى من حريمه، حُرمة لحرمة بجى

 

تنهد بضيق شديد وهو يشعر بأن ظهره أصبح بدون سند بعد أن قُتل ابنه الوحيد ولم يترك له سوى البنات، جلس على المقعد ودمعت عينيه ضعفًا ويقول:-

 

-وأعيش أنا أهنا مع جاتل ولدى تحت سجف واحد، أعملها كيف دى؟

 

جهشت “فاتن” باكية بأنهيار وهى تضرب صدرها بيديها وتقول:-

 

-ااااه يا ولدى وجلبى اللى اتحرج عليك اااااه

 

_____________________

 

خرجت “عهد” من الكافى بصحبة “ليلى” وهى تتبأطأ ذراع “عهد” بعفوية وتبتسم بمرح وسعادة وتقول بلطف:-

 

-ياااه كنت محتاجة الخروجة دى أوى والله زمان يا عهد

 

تبسمت “عهد” بعفوية مُتناسية خوفها وأوجاعها مع صديقتها المرحة ثم قالت:-

 

-أنتِ اللى كنتِ محتاجة دا

 

أومأت “ليلى” بنعم غليها وهى تقف أمامها ثم صرخت بحماس تقول:-

 

-ااه ومحتاجة أكل شورما فى الشارع تعالى

 

ضحكت “عهد” على “ليلى” وهى تسير للأمام وتسحب “عهد” خلفها بحماس وذهبوا إلى محل الأكلات وأشتروا أثنين من الشورما السورى وساروا فى الطرقات يتحدثون ويضحكون بعفوية تاركين كل الضغوطات والإعصاب جانبًا، أبتعدت “ليلى” للأمام خطوة وأخرجت هاتفها وهى تصور فيديو بالكاميرا الأمامية لهما لتُصدم بأحدهم وهى تنظر فى الهاتف فأنزلته خجلًا وكان “عطيه”، نظر “عطيه” بضيق على عباءته بعد أن تلوثت ببعض الثومية من السندوتش لتضع “عهد” يدها على فمها بحرج شديد، أزدردت “ليلى” لعابها الواقف فى حلقها بضيق وحرج من فعلتها ثم قالت ببرود:-

 

-أنا أسفة؟

 

مسح عباءته بمنديل ورقي وهو يقول:-

 

-حصل خير بس لو نبص للطريج مهنخبطش فى حد

 

صرخت به بانفعال شديد تقول:-

 

-ما قولنا أسفة الله، أمال لو مكنتش نقطة ثومية متحسسنيش أنى دلقت عليك طبق

 

أشتاط غضبًا من أنفعالها وردودها العنيفة عليه وقال بحدة:-

 

-يا بنت الناس أنتِ تغلطى وتطيحى فى الخلج.. على رأى المال ضرب وبكى سبج وأشتكى

 

كادت أن تصرخ به مرة أخرى لتمسك “عهد” يدها بخفة وتقدمت خطوة نحوهما ثم قالت:-

 

-معلش إحنا أسفين الغلط عندنا فعلًا

 

تأفف “عطيه” بضيق غيظًا من هذه الفتاة وكل مرة يراها تُشاجره وتهرب فقال ببرود:-

 

-ولا يهمك

 

قالها ثم مر من أمامهما وتركهما ورحل، تنهدت “عهد” بغيظ وقالت:-

 

-أنتِ على طول كدة تطلعى فى أى حد، عملك أيه الراجل

 

تأففت “ليلى” وهى تأكل السندوتش بضيق ثم قالت:-

 

-دا أسمه عطيه يا عهد هو فى حد فى الزمن دا أسمه عطيه

 

رفعت “عهد” حاجبها إلى صديقتها بدهشة ثم سألتها بنبرة ماكرة:-

 

-وأنتِ عرفتي أسمه منين يا ليلى

 

قصت “ليلى” لها ما حدث من قبل عندما أخذها “خالد” لتبتسم “عهد” بخبث ثم قالت:-

 

-وبفلحتك بتتخانقى مع الراجل بدل ما تُشكريه، إلا قوليلى يا ليلى مجاش فى بالك أن عطيه ممكن يكون معجب بيكى

 

قهقهت “ليلى” بسخرية وصوت مُرتفع لتقول بتهكم شديد:-

 

-إعجاب أيه بس يا بنتى بقولك أسمه عطيه

 

مسكتها “عهد” من يدها لتوقفها عن السير ثم نظرت إلى وجه صديقتها بغضب وجه عابس:-

 

-أنتِ بتقيسي الناس يا ليلى من اسمهم، مال اسم عطيه ما تبصي لشخصيته وتحمله للمسئولية، بصي لرجولته وخوفه عليكى من رجل خبيث زى خالد وإلا كان سابك تركبى مع خالد ويا عالم كان هيعمل فيكى أيه؟ معقول بعد سنتين شغل معايا وكلامى عن العلاقات وشريك الحياة لسه متعملتيش أزاى تختارى الراجل ولا مين اللى تفتحي له الباب ومين اللى تقفلى كل الأبواب فى وشه

 

تحدثت “ليلى” بضيق شديد قائلة:-

 

-أنتِ يعنى خلاص قررتى أنه معجب بيا؟ يا بنتى دا مفيش مرة بيشوفنى غير لما يتخانق معايا ونمشي كل واحد ضارب التانى بجزمة

 

تنهدت “عهد” بإستياء من صديقتها وقالت أثناء سيرها للأمام:-

 

-أنا فكرت أعترضك هيكون على انه رجل صعيدى أو مش هتعيشي فى الصعيد لكن من تافهتك معترضه على الأسم

 

تنحنحت “ليلى” بحرج من صديقتها ثم قالت:-

 

-أستنى طيب متزعليش

 

ركضت خلفها مُحرجة من حديث “عهد” لها …

 

____________________

 

كانت “عليا” تراقص مع أصدقاءها فى أستديو الباليه والمدرب يراقبها عن كثب بوجه مُبتسم وبعد أن أنهت تدريبها خرجت من المبنى مُرتدية بنطلون أسود وقميص نسائي عليه سترة وردية اللون وتحمل حقيبة على كتفها وتسرع فى خطواتها حتى تذهب إلى حضانة طفلها ليستوقف صوت المدرب يناديها من الخلف:-

 

-عليا.. يا عليا

 

أستدارت له بعفوية تقول:-

 

-أيوة يا كابتن عمر

 

تبسم “عمر” وهو يسير نحوها وعندما وقف أمامها قال بنبرة هادئة:-

 

-شكلك مستعجلة؟

 

أومأت له بنعم وقالت بلطف:-

 

-أه عشان سايبة ابنى بس فى الحضانة

 

قوس شفتيه بضيق وهو يقول:-

 

-يا خسارة كنت أتمنى نشرب حاجة سوا ونتكلم

 

تعجبت بذهول من طلبه وظهرت دهشتها فى ملامحها ليقول:-

 

-ممكن نخليها وقت تانى عشان متتأخريش على ابنك بس توعدينى متنسيش طلبى

 

هزت رأسها بتوتر من طلبه المفاجيء لها وهى لم تختلط به من قبل سوى فى الإرشادات كبقية الفرقة وهرعت مُسرعة مع رنين هاتفها من الحضانة بسبب تأخرها، تبسم “عمر” عليها وهى تركض مُسرعة ثم بعثر مؤخرة رأسه وشعره الطويل قليلًا بأرتباك من شجاعته فى طلب لقائها ثم ذهب إلى سيارته…

 

_____________________

 

أرسل “نوح” لها رسالة يُخبرها بأنه فى طريق عودتها وأثناء قيادته للسيارة رن هاتفه معلن عن أستلام رسالة جديدة فأوقف السيارة جانبًا ونظر بهاتفها وكانت رسالة من “عهد” ورقمها مُسجل تحت لقب “وصية رسول الله” وكان محتوى رسالتها (ممكن تجبلى شيكولاتة وأنت جاي عشان بتساعدنى فى الكتابة)

 

تبسم بعفوية عليها ثم ترجل لأقرب سوبر ماركت وأشترى الكثير من الأغراض لأجلها ثم عاد للمنزل مُسرعًا لأجلها لكن أستوقفه والده “على” وهو يناديه قائلًا:-

 

-نوح تعالى

 

ذهب إلى المكتب خلف والده ليقول والده:-

 

-أنا فكرت كتير يا نوح والتوتر والخوف دا ميهداش غير لما تدي عمك حجه، أديله حجه يا ولدى يكش يرميه فى البحر مالناش صالح وحط على حجه تمن نص الدار حجه وبعدها طلعه من الدار.. مش هو أخويا بس الأخ اللى يمكر ويحقد ويكره ميجعدش وي عائلتى وأنا مضمناش هيعمل فيهم أيه فى غيابى، طلعه من الدار عشان خاطر أمك ومرتك وولادى اللى هيجيوا جريب يا ولدى

 

تنهد “نوح” بضيق شديد ثم قال:-

 

-طب ما لو دا مضايجك أنا ممكن أطلعه من الدار من غير جنيه واحد دا ملكى

 

تحدث “على” بحدة وغضب شديد يقول:-

 

-لا يا ولدى، لو طلع من غير ما يأخد حجه ما هيسكتش كفاية علينا موت خالد وأنه مأخدش عزاء دا معناه أنه شايلك الشر فى جلبه وعاوز التأر، كيف نعيش تحت سجف واحد مع واحد عاوز يأخد مننا تأر

 

صمت “نوح” قليلًا يفكر فى حديث والده و”على” ينظر إلى ابنه بترجي لكى يوافق على طلبه…

 

____________________

 

كانت “عهد” تنظر إلى باقة الزهور التى أحضرها لها حتى بعد أن ذبلت تمامًا لم تتنازل عنها وما زالت تضعها فوق الطاولة وشاردة به وهى تتذكر كيف أنقض على “خالد” ضربًا حتى كاد أن يق,,,تله من الضرب لأجلها وقبلته لجبينها وحديثه لها لتشعر بحيرة شديدة من امره، فتح باب غرفتها على سهو لتقف بسعادة وهى تقول:-

 

-نوح

 

أتسعت عينيها عندما رأت وجه “فاتن” الملتهب غضبًا وهى تقول:-

 

-دا أنا يا حيلة يا نوح

 

أقتربت “عهد” منها بخوف وهى تزدرد لعابها وتسألها:-

 

-عاوزة ايه؟ ممكن تطلعى برا

 

سارت “فاتن” نحوها بغضب شديد وقلبها مُحترقأ غضبًا وحزنًاعلى فراق ابنها ثم قالت:-

 

-مش جبل ما أخد روحك فى يدى

 

عادت “عهد” خطوة للخلف بهلع وتحدق بها وهى تعلم بأن نار هذه المرأة ستقتلها اليوم إذا لمستها فهل هناك قلب سيحترق بقدر قلب أم فقدت ابنها، تمتمت “عهد” بضعف قائلة:-

 

-أنا معملتش حاجة أبنك هو…

 

لم تكمل حديثها حينما انقضت “فاتن” عليها بغضبها تحرقها بنارها المُشتعل كبركان أنفجر للتو بعد أن وصل لأقصي درجة غليان فى باطنه، جذبتها “فاتن” من شعرها بقوة فصرخت “عهد” بألم شديد و”فاتن” ترتطم رأسها بالمقعد بقوة لتجرح جيبنها وهى تسقطها أرضًا وتجلس فوقها و”عهد” تصرخ بألم شديد من ضرب “فاتن” لها المبرح ثم تسللت يديها إلى عنق “عهد” فى سرعة البرق وهى تقول:-

 

-هجتلك كيف ما جتل ولدى، لازم أجتلك وأحرق جلب نوح عليكى كيف ما حرق روحى على ولدى

 

كانت تتفوه بالهراء وهى لا تشعر بشيء وشبه فاقدة للوعي وتجلس فوق “عهد” وتضع يديها على عنقها تخنقها بقوة و “عهد” تلتقط أنفاسها بصعوبة وهى تحاول فك يدي “فاتن” عن رقبتها وهى تكاد تموت بين يديها، فتح باب الغرفة ودلفت “سلمى” بهلع وهى تصرخ بها قائلة:-

 

-أنتِ جنيتى يا فاتن، هملى البُنية وأتجى شر نوح

 

حاولت أبعادها عن “عهد” لكنها فشلت فى فعل ذلك فلم تجد سبيل إلا الذهاب إليه، هرعت إلى “نوح” بالأسفل لكى ينجد زوجته من هذه المرأة التى ج.ن عقلها بسبب م.وت ابنها “خالد”، ضربت” عهد” يدي “فاتن” بقوة وتفرك بجسدها بضعف وبدأت تكبح بتعب، ولج “نوح” للغرفة غاضبًا ليراها هكذا ليذعر أكثر وهو يهرع إليها ثم قال:-

 

-أنتِ جنيتى

 

دفعها بقوة عن زوجته ليأخذ “عهد” بقلق من أن يُصيبها أذي، وضعها تحت ذراعه بقوة ويصرخ بنبرة مُرعبة بقلق:-

 

-كيف تتجرأى تفوتى على أوضتى وتجربي لمرتى

 

أقترب منها بعد أن فقد أعصابه تماما لتتشبث “عهد” به بضعف قبل أن يض.رب زوجة عمه ويضع الحق عليه، صرخت “فاتن” بجنون قائلة:-

 

-هجتلها يا نوح ورحم ولدى اللى جتلته بيدك لأجتلها وأحرج جلبك عليها وأخليكى تبكى دم كيف ما بكيتنى على أعز ولادى

 

لم يتمالك “نوح” أعصابه أكثر وهى تخبره بانها ستقتل زوجته وحبيبة قلبه، مسكها من عنقها بيد واحدة ثم قال بوجه مُخيف ونظرات مُرعبة:-

 

-أنتِ متعرفيش تبصي ليها لأنها مرت نوح الصياد وخلينى أجولك وغلاوة عهد عندى اللى بتتحددى عنها لو لمستى مرتى لأشرب من دم عيالك كلتهم ودمك

 

دفعها بقوة خارج الغرفة لتسقط أرضًا وخرجت والدته، أستدار ينظر إلى زوجته المُرهقة بتعب شديد ثم أقترب لها يأخذ يديها فى يديه بحُب وخوف عليها فقال:-

 

-أنتِ زينة؟!

 

رفعت عينيها به بحيرة من أمره، تارة يشاجرها كأنه يكن لها الكره والحقد فقط وتارة أخرى يكاد يم.وت خوفًا وقلقًا عليها ولم ترى به عدا الحب والدلال، لطفه ودلاله لها كافيان لكى يخبروها بالحب الكامن بداخله ونظرات غضبه وانفعال يخبروها بالعكس، جمعت شجاعتها وهى تنظر بعينيه بثقة ثم سألته:-

 

-أنا غالية عندك يا نوح زى ما بتحلف بغلاوتى؟!

 

صمت وهو يحدق بها هادئًا لتسأله مرة اخرى وبطريقة مباشرة كى تضع نهاية لهذه الحيرة وتحمس الأمر بينهما:-

 

-بتحبنى يا نوح؟!

 

-هويتك والهوي غلبنى من زمان جوى، بحبك يا عهدى ومحبتش غيرك ولا جدك

 

قالها وهو يلمس وجنتيها بيديه مستسلمًا لهذه المشاعر التى تسكنه وتنمو بداخله حتى وصلت لأقصي مراحل العشق، تراقص قلبها فرحًا على ضلوع صدرها وقد أعترف بحبه لها، رفعت يدها لكى تلمس لحيته بيدها الصغيرة ثم قالت بنبرة هامسة دافئة:-

 

-وأنا بحبك يا نوح، لاقيتنى بستسلم لهواك وهو بتسرسب جوايا

 

اخذ يدها الموضوعة على لحيته ليضع قبلة فى راحة يدها بالداخل بلطف فشعر جسدها خجلًا منه وتوردت وجنتيها البيضاء بلون الدم لتشبه حبة الفراولة ام عن قلبها فتسارعت نبضاته عشقًا وقد نالت حبيبها الآن وأمسي هذا الرجل معشوقها علنًا دون خوف أو الأحتفاظ بعشقها له سرًا…..

 

 

 

 

وضع سبابته على جيبنها المجروحة ثم تمتم بضيق شديد:-

 

-هى اللى عملت أكدة؟

 

تبسمت “عهد” بعفوية غير مبالية بهذا الخدش البسيط فبسبب هجوم “فاتن” عليها وخوفه عليها ربما لم تكن تتشجع وتعترف بحبها ثم قالت:-

 

-دا خربوش صغير متشغلش بالك

 

داعب وجنتها بظهر يده بحنان متأملًا بسمتها الساحرة ثم مسك ذقنها بأنامله ليقربها له فأغمضت عينيها بأستسلام، دق باب الغرفة ليوقفه عن الأقتراب أكثر فتنحنح بحرج وهو يفتح الباب وكانت “حُسنة” تحمل الأغراض التى أشتراها لأجلها فأخذهما منها ودخل، وضع أكياس كثيرة على الطاولة لتقترب “عهد” بدهشة قائلة:-

 

-أيه دا كله؟

 

أجابها بنبرة دافئة:-

 

-حاجات عشانك

 

فتحت الأكياس لترى ما بداخلها فضحكت بسعادة عليه، هى طلبت شيكولاتة واحدة لكنه أحضر لها تقريب كل ما بداخل الثلاجة من شيكولاتات وأغراضات أخرى كثيرة فأستدرات له بسعادة وهى تقول:-

 

-أيه كل دا؟

 

أجابها بعفوية وهو ينزع عمته قائلًا:-

 

-أنتِ جولتلى بتساعدك فى شغلك وأنا ملاحظ إنك مهملة فى شغلك طول ما انتِ فى الصعيد معاوزكيش تخسرى الحاجة اللى بتحبيها يا عهد عشان جاعدة أهنا ويايا، معاوزش أكون السبب فى خسرتك شغلك وحلمك

 

رفرف قلبها فرحًا بسببه فبسببه أصبح يومها أجمل أيام عمرها بسبب تفاصيله البسيطة وأهتمامه بعملها وطموحها، جلس أمام المرأة ليغير على جرح ذراعه المُصاب فسارت خلفه حتى وقفت جواره وأخذت القطن منه والمطهر ثم جثت على ركبتيها تجلس جواره وتطهر جرحه فتتطلع به بصمت، لا يعلم كيف نجحت فى تحقيق كيان لها وحلمها ونجحها فى الكتابة رغم كونها طفلة جبانة باكية، رفع يديه ليضع خصلات شعرها خلف أذنها لكى يستطيع رؤيتها بوضوح حتى تحجب هذه الخصلات رؤيته لها فتبسمت عليه وهى تقول:-

 

-شكرًا يا نوح

 

تعجب من كلمتها وهو يعقد حاجبيه مُستغربًا ثم قال:-

 

-على أيه؟

 

وضعت اللاصقة الجديدة على الجرح ثم رفعت نظرها به وقالت:-

 

-عشان حبتنى

 

وضع يده على وجنتها وقال بنبرة دافئة:-

 

-أنا مخترتش أحبك عشان تشكرينى يا عهد، أنتِ أتسرسبتى جوايا غصب عنى مش بإرادتى وفجأة لاجيتنى عاشق غلبنى الهوى، أنتِ دخلتى قلبى وعقلى وحدك أكدة وكأن حُبك هو الفرض الوحيد اللى أتفرض عليا عشان أكدة غصب عنى كُنت فى عز غضبى ونارى بجي قدامك ومقدرش على القسوة، قلبى فى كل لحظة كان بيقولى أوعاك تقسي عليها وتخليها تكرهك ولا تبكيها يوم وهى عهدك والعهد دين، إياك تهملها تنام زعلانة منك وهى وصية رسول الله لك، مكنتش أقدر أخليكى تشوفى قسوتى وغضبى فى عينى وأنتِ بتبصي ليا لتخافى منى وأنتِ الوحيدة اللى مينفعش تخافى منى.. أنتِ لو خوفتى من العالم كله يا عهد تجي ليا أحطك جوايا ولا أن العالم يقسي عليكى ويخوفك طول ما انا عايش

 

دمعت عينيها وهى تستمع كل كلمة يتفوه بها ويرفرف قلبها فرحًا لم تتحمله فسعادتها فاقت قدرتها وكأنها أمتلكت العالم بأسره الآن، تقدمت بركبتيها خطوة إليه ثم وضعت رأسها على رأسه بهدوء تستكن بين ذراعيه هادئة لتنهمر دمعتها فرحًا وهى تقول:-

 

-أنا بحبك يا نوح حُب أكبر بكتير من قلبى وهو صغير عليك

 

طوقها بذراعيه ووضع رأسه فوق رأسها بهدوء ثم قال:-

 

-وأنا بعشقك وعهد قصدك ربى ما أزعلك فى يوم ولا أبكيكى أبدًا وتأكدى أن عمرى ما هخلف العهد دا لأنك عهدى يا روح قلبى

 

تبسمت فرحًا ثم أخرجها من بين ذراعيه ليمسك ذقنها بأنامله بلطف فنظرت له بعفوية وحُب لتراه يقترب أكثر منها وأنفاسه الدافئة تداعب وجهها ففرت هاربة منه بعيدًا وهى تقف من مكانها وتقول:-

 

-أطلع أرتاح شوية وأنا هخلص الشغل اللى ورايا مع ليلى عشان مزعجكش

 

أخذت اللاب وشيكولاتة واحدة وهربت من الغرفة بخجل شديد وقلبها يتسارع بقوة فوقف مذهولًا من هروبها وقطعها للحظتهما الرومانسية ثم صعد للفراش بضيق شديد ثم تمتم بغيظ:-

 

-أنا على الطريجة دى هجيب عيال فى الخمسينات

 

____________________

 

دخلت إلى غرفة “ليلى” بتوتر وهى تشعر بحرارة وجهها الساخن ولتضع يديها على وجنتيها بخجل شديد لكنها سريعًا ما صُدمت عندما رأت الغرفة فارغة و”ليلى” ليست موجودة بالغرفة فنظرت لساعة يدها وكانت الثانية عشر مُنتصف الليل فتعجبت وبحثت عن “ليلى” فى المنزل ولم تجد لها أثر فهرعت إلى غرفتها تقظ “نوح” من نومه ليبحث عن صديقتها المفقودة…

 

فأمر الغفر والرجال بأن يبحثوا عنها ثم أتصل بـ “عطيه” ليجعل رجاله يبحثوا عنها ففزع “عطيه” عندما علم بأنها مفقودة…

 

يتبــــع……..

 

#هويتُ_رجل_الصعيد

الفصل التانى عشر (12)

___ بعنــوان “خـاتـم زواج” ___

 

بحث جميع الرجال عنها ولم يعثروا عليها ولف “عطيه” البلد كاملة بسيارته ولم يجد لها أثر ليشعر بقلق شديد وخوف سكن قلبه عليها والساعة تجاوزت الثالثة ليلًا وجميع الشوارع فارغة ليس بها شخص واحد لكن هذه الفتاة الغريبة عن المكان مُختفية، ض.رب مقودة سيارته بقبضته بانفعال شديد وعينيه تنظر يمين ويسار بلهفة مُتمنيً أن يجدها لكن لا جدوى

 

بينما تجلس “عهد” جوار ”نوح” فى ردهة المنزل بالأسفل بقلق شديد من

 

أختفى صديقتها المفاجيء تحدثت “عهد” بقلق:-

 

-هتكون راحت فين وهى متعرفش حد هنا؟

 

أربت “نوح” على يدها بلطف يطمئنها قائلًا:-

 

-خير يا عهد أن شاء الله

 

نظرت “عهد” إلى ساعة يدها وكانت السادسة ونصف فتمتمت بقلق:-

 

-قوم يا نوح نروح ندور عليها

 

أومأ لها بنعم ثم أخذها إلى سيارته وأنطلق إلى حيث لا يعلم فقط يبحث في البلد عنها من اجل زوجته التي تكاد تموت قلقًا على صديقتها ليرن هاتف “عهد” بمنبه لتنظر فأتسعت عينيها عندما رأت الهاتف فسأل “نوح” بقلق:-

 

-في أيه يا عهد

 

نظرت له بحزن خيم على وجهها وليس قلق بل دمعت عينيها بحزن ثم قالت:-

 

-أنا عرفت ليلى فين

 

أستغراب من حديث زوجته وهى تخبره بأن اليوم ذكرى وفأة والديها

 

-ليلى عندها فوبيا من اليوم دا بتخاف تقعد بالبيت دايمًا هتقضي اليوم دا برا البيت عشان باباها ومامتها ماتوه بسبب تسريب غاز في البيت، بس هي هتروح فين هنا؟

 

_____________________

 

خرجت “ليلى” من الكافي لتُصدم به أمامها لتتجاهله وهى تكمل سيرها لكن “عطيه” لم يكمن غضبه بداخله أيضًا فسار نحوها حتى مسكها من ذراعها بقوة كاد أن يعتصر عظامها في يده وهو يقول:-

 

-كنتِ فين؟ دا أيه البرود اللى انتِ فيه

 

نفضت ذراعها بقوة من قبضته غاضبة من حديثه ثم قالت بضيق:-

 

-أيه دا فين أنت بتزعق ليا كدة ليه

 

رفع يده في وجهها بغضب شديد وهو يصرخ قائلًا:-

 

-وأفلج دماغك نصين كمان عشان مفيش واحدة محترمة تخرج من الدار بليل أكدة ولوحدها ومن غير أذن كمان

 

أتسعت عينيها على مصراعيها بدهشة من صراخه بها وانفعال الشديد لتقول:-

 

-أنت قصدك أنى مش محترمة

 

مسكها من يدها بقوة وهو يجذبها له بعنف شديد وهو يقول:-

 

-وعزة لا إله إلا الله لو هملونى عليكى لأكون كاسر رجلك دى عشان متعملهاش تانى

 

صرت على أسنانها بضيق منه ثم دفعته بعيدًا عنها وهى تصيح به قائلة:-

 

-أيه دا أنت بتكلمنى كدة ليه وبعد أنت مالك اخرج ولا أدخل أنا حرة

 

تحدث “عطيه” بانفعال شديد قائلًا:-

 

-حرة لكن تمو.تى الناس عليكى من الجلج وحضرتك أهنا بتجولى أنا حرة

 

صمتت دون ان تجيب عليه ودمعت عينيها وهى بداخلها حزن وأشتياق لوالديها كافى لأبكاها وزاد علي اوجاعها صراخه بها، تنهد بغضب شديد ثم قال بحدة:-

 

-خلاص ما تبكيش

 

فتح لها باب السيارة لكى يأخذها إلى المنزل ثم أرسل رسالة إلى “نوح” يخبره بأنه وجدها ليبادله “نوح” الأرسال يخبره بألا يغضب عليها فاليوم ذكرى وفأة والديها وهو يعلم جيدًا أن “عطيه” ليس مثله في الهدوء والحنان بل عصبيته تسيطر عليه دومًا، نظر “عطيه” للهاتف ثم لها وكانت تنظر للنافذة بصمت باكية فتنهد بهدوء شديد وأخذها إلى منزل “نوح” وكانت “عهد” بأنتظارها في الحديقة وفور رؤيتها تترجل من السيارة وهرعت إليها لتقول:-

 

-كدة يا ليلى تخضينى عليكى

 

نظر “ليلى” إلى “عطيه” عندما عاد إلى سيارته غاضبًا ثم قالت:-

 

-أنا هطلع أنام شوية

 

صعدت للأعلى فتعجبت “عهد” من تصرف صديقتها لتشعر بيديه تلف حول عنقها وهمس فى أذنيها قائلًا:-

 

-وإحنا مش هنام ولا إيه؟

 

أومأت “عهد” غليه بنعم ليأخذها ويدخلوا المنزل معًا فرأى “أسماء” تنزل من الأعلى ثم حدقت بهما بغل وغضب يلتهم قلبها بعد أن قتل “نوح” أخاها لأجل هذه المرأة، رأتها ”عهد” وهى تحدق بهما بغضب وتذكرت كيف أخبرتها بأنها ستأخذ زوجها منه فتشبثت بذراعيه بدلال لكى تُثير غضب “أسماء” أكثر فطيبتها وحسن نيتها لن تفلح مع هؤلاء النساء الماكرات، ترك “نوح” يدها وهو يقول:-

 

-أطلع يا عهد وأنا هجيب التليفون من المكتب وأحصلك

 

تبسمت بدلال وهى تقول بنبرة رقيقة مُفرطة من الدلال:-

 

-طيب هستناك هنا بسرعة

 

دخل للمكتب فعقدت “أسماء” يديها أمام صدرها بغيظ شديد وهى تردد كلمة “عهد” بسخرية:-

 

-طيب هستناك هنا

 

نظرت “عهد” لها بغرور شديد وقالت:-

 

-فى حاجة يا أسماء على الصبح

 

أربتت “أسماء” على كتفها بتهديد وهى تمر من جانبها وتقول بسخرية:-

 

-أنتِ أكيد فاكرة وعدى ليكى يا عهد، وبعد اللى حصل لخالد أفتكرى أنك السبب فى اللى حصله وتأره عندك ونوح هأخده يعنى هأخده

 

أبعدت “عهد” يد “أسماء” عنها ثم قالت بنبرة حادة غليظة وواثقة:-

 

-بعينك يا أسماء أنتِ أخرك مع نوح انك بنت عمه اللى مبيطقهاش غير كدة متحلميش بأى مكانة تانى

 

رأت “نوح” يخرج من غرفة المكتب فتبسمت بمكر شديد وعندما وصل إليها قال:-

 

-يلا

 

تبأطات “عهد” ذراعيه وهى تقول:-

 

-أسندنى يا نوح لأحسن حاجة أنى هبطت من السهر

 

أخذها فى يديه ويلف ذراعيه حول ظهرها لتشتاط “أسماء” غضبًا وهى تراهما بينما تنظر “عهد” للخلف عليها ثم اخرجت لها لسانها كطفلة صغيرة وصعدت معه، دخلت للغرفة فأبتعدت عنه وهى تسرع فى خطواتها للداخل ثم أخذت شيكولاته من الموجودة على الطاولة فتابعها “نوح” بعينيه بسعادة ثم قال:-

 

-أنا ملاحظ ان الهبوط راح

 

ضحكت بدلال وهى تنزع عن أكتافها سترتها الجلدية ثم ركضت إلى الفراش بسعادة وهى تقول:-

 

-ما خلاص بقى يا نوح أنا بيجيلى هبوط وكرشة نفس لما بشوف بنات عمك

 

تبسم عليها وهى تتسلل أسفل الغطاء فصعد بجوارها لتقول بخجل:-

 

-أنتِ بتعمل أيه؟

 

نظر “نوح” لها بدهشة من سؤالها ثم قال:-

 

-هنام منمتش من امبارح

 

حدقت به بخجل شديد لتقول:-

 

-ما تنام على الكنبة

 

تبسم وهو يجذبها إليه ثم طوقها بذراعيه وأغمض عينيه بينما يقول:-

 

-نامى يا عهد عشان انا ورايا شغل

 

وضعت قطعة من الشيكولاته فى فمه وهو مغمض العينين ليتناولها فى صمت ثم قال:-

 

-نامى بجى من غير شكاوة الله يخليكى عشان تعبان

 

وضعت رأسها فوق ذراعه بهدوء وسكنت بين ذراعيه صامتة، تبسم “نوح” عليها وهو يشعر بيديها تداعب لحيته بلطف وكأنها لن تترك له المجال للنوم اليوم ففتح عينيه ببطيء شديد ليراها تنظر به ويديها تداعب لحيته والأخرى على صدره، تحدث “نوح” بنبرة خافتة:-

 

-وبعدين معاكي

 

تبسمت وكأنها لم تفعل شيء وتجاهلت حديثه قائلة بغزل:-

 

-تعرف أن شكلك فى الدقن حلو أوى

 

تذمر عليها بشفتيه وهو يقول:-

 

-هييا أنتِ اللى بتوترينى أهو

 

ضحكت بسعادة لتخترق صوت ضحكتها أذنيه وهو تأمل ملامحها فخجلت من نظراته وهى تتوقف عن الضحك وتقول:-

 

-خلاص هنام بجد

 

أنزلت رأسها إلى صدره فأستمعت لصوت ضربات قلبه ثم قالت بهمس:-

 

-هى دى نبضات الحب

 

همس فى أذنيها وهو يغلق عينيه قائلًا:-

 

-دى نبضات عهد

 

أغمضت عينيها لتغوص فى نومها ساكنة بين ذراعيه وغارقة فى سمع نبضاته حُبًا لها…

 

___________________

 

جلست “عليا” فى المطعم مع “عمر” وتناول وجبتها فى صمت مُنتظرة أن يتحدث لكنه مُكتفي بأختلاس النظر لها مما زاد من ربكتها وتوترها فترك “عمر” الشوكة من يده وقال بجدية:-

 

-عليا ممكن أتكلم معاك من غير رسمية شوية

 

تركت الملعقة من يدها ورفعت نظرها به قائلة:-

 

-ممكن

 

ثم نظرت لساعة يدها وقالت بعفوية مُبتسمة:-

 

-وممكن كمان بسرعة عشان ميعاد حضانة يونس وهتأخر عليه

 

تبسم بأرتباك وتوتر ثم قال:-

 

-عليا أنا بصراحة حاسس أنى مشدد ليكى مش هقولك حُب لأن أنا لسه معرفكيش ومتعاملتش معاكي كتير لدرجة اللى تخلينى أحبك لكن ممكن نقول إعجاب وحابب أقرب منك وأعرفك اكتر وتعرفينى وكدة ..

 

تنحنحت “عليا” بحرج شديد منه بعد أن سمعت حديثه المُفاجي لها ثم قالت بهدوء:-

 

-أنا مكنتش فاكرة أنك عاوزنى فى كدة، وبصراحة مش عارفة أرد أقولك وخصوصًا أن أنا الفترة دى مش مهتمة بفكرة الأرتباط أو حد يدخل حياتى

 

أقترب “عمر” من الطاولة بحماس قبل أن ترفضه وقال:-

 

-أدينى فرصة نتعرف ونرفع الرسميات بينا لو أرتاحنا إحنا الأتنين نكمل لو حد فينا مرتاح يبقى خلاص لكن متقفليش الباب كدة من غير ما تجربى وتحكمى عليا

 

صمتت قليلًا ثم أومأت له بالموافقة وغادرت للحضانة من اجل طفلها الصغير..

 

___________________

 

__ منـــــزل الصيــــاد__

 

رن هاتف “نوح” مع اذن العصر وكان غارقًا فى نومه وعندما نظر بالساعة أستيقظ بتعب شديد فى جسده وقال:-

 

-عهد

 

بحث عنها ولم يجدها فأخذ خمام دافي وبدل ملابسه إلى عباءة رمادية اللةن بدرجة فاتحة ثم صفف شعره للأعلى وخرج يبحث عنها ليراها بنهاية الرواق بجوار الشرفة على الأريكة الدوار والطاولة الزجاجية، جالسة مع “ليلى” ومندمجة بدرجة كبيرة من التركيز فى اللاب بينما “ليلى” مُندجمة فى الأوراق الموجودة وتباشر عملها، كانت الطاولة غارقة فى الشيكولاته والمقرمشات للتسالى وأكواب كثيرة أحدهما للقهوة والأخرى للمشروب الهوت شوكليت المفضل لها أم عن “ليلى” كانت ترتشف العصائر، نزل للأسفل دون أن يزعجها او يقطع عملها لتناديه “سلمى” قبل أن يدخل المكتب وقالت:-

 

-نوح تعال يا ولدى

 

أقترب “نوح” منها بخطوات هادئة ثم قال:-

 

-صباح الخير يا امى

 

قالها ثم قبل رأس والدته، فتح الباب وأخذت “حُسنة” بعض الطلبات من “خلف” وطلبت المال ليعطيها “نوح” بعد أن علم بأن هذه الطلبات لأجل زوجته وأخذت الطلبات للأعلى حيث “عهد” ، أخذت “سلمى” يده وقالت:-

 

-تعال يا ولدى عاوزاك فى حاجة مهمة

 

أخذته للأعلى حيث غرفتها ورأى “عهد” وصديقتها يتناول الطعام الجاهزة عبارة عن سندوتشات، دخل للغرفة مع والدته ثم تركت “سلمى” يده وسارت نحو الدولاب وأخرجت منه صندوق نحاسي ثقيل وجلست على الأريكة ثم قالت:-

 

تعال يا نوح

 

جلس جوارها لتفتح الصندوق وكان مليء بالذهب والحلى فقالت:-

 

-خد يا ولدى الذهب دا أنا أشتريت شبكة لمرتك ولا تبجى متجوزة الكبير ولد الكبير ومتجدملهاش شبكة ومهر كيف العرايس

 

نظر للذهب ثم رفع نظره إلى والدته وقال:-

 

-أديهولها أنتِ يا أمى أنا ورايا شغل

 

قالها وهو يقف بلا مبالاة لتجذب يده بقوة وتجعله يجلس مرة أخرى ثم قالت بحدة وتحذير:-

 

-شغل أيه؟! بجولك أيه يا نوح الشغل دا متترميش عليه وتنسي مرتك وأنك دلوجت فى رجبتك واحدة أنا بجولك أهو، مش كل حاجة تجول الشغل أيوة أنا عاوزة أشيل عيالك وأنا بصحتى فاهم يا ولدى

 

تنحنح بحرج شديد فتابعت “سلمى” قائلة:-

 

-الشبكة أنت اللى هتجدمها لمرتك لكن عجد العيلة اللى خدته من حماتى أنا اللى هدهولها بيدى

 

أومأ لها بنعم ثم أخذ الصندوق ووقف لكى يغادر فوقفت “سلمى” من مكانها تستوقفه بحديثها قائلة:-

 

-نوح

 

أستدار لها بصمت فتابعت وعينيها بعينيه قائلة:-

 

-حب مرتك يا ولدى وحطها جوا عينيك .. تشيلك فوج رأسها إحنا الستات أكدة غلابة والحنية غلبنا دايمًا كلمة حنينة تجبنا وكلمة قاسية تبعدنا، أبوك عمره ما زعلنى ولا جالى كلمة بكتنى فى يوم عشان أكدة عمرى ما شوفت رجل غيره فى الكون ولو طلب عينى متأخرش عنه بيها، الحب بيغنى النفوس والقلوب يا ولدى فاهمنى

 

أومأ لها بنعم ثم غادر الغرفة لتتنهد “سلمى” تنهيدة هادئة بإرتياح ثم قالت:-

 

-ربنا يسعدك يا ولدى ويبعد عنك ولاد الحرام

 

دلفت “عهد” إلى غرفتها وهى تمسك قطعة من البيتزا فى يدها فرأت صندوق على الفراش لكنها لم تبالى ولا تفتحه دون اذن منه وسارت للأريكة المليئة بالدفاتر ثم أخذت الدفتر وأستدارت لتصطدم به واقفًا خلفها ففزعت من ظهوره فجأة أمامها لتضرب صدره بيدها قائلة:-

 

-وقفت قلبى يا نوح

 

تناول قطمة من البيتزا بعفوية ثم قال:-

 

-سلامة قلبك يا قلب نوح

 

تبسمت بعفوية وهى ترفع إبهامها إلى شفتيه تمسح عنه الكاتشب وتقول:-

 

-لابس كدة وخارج على فين

 

رد عليها وهو يضع وشاحه على أكتافه هاتفًا:-

 

-هجعد مع عطيه هبابه تكونى خلصتى شغلك

 

-أمممم عطيه قولتى

 

قالتها بشك من أمره ثم أقتربت منه تشم رائحة عطره التى تبث منه ثم قالت :-

 

-وحاطط برفيوم ومتشيك كدة عشان هتقعد مع عطيه فى الأرض؟

 

تبسم على غيرتها الواضحة ثم قال:-

 

-وأنا كنت معفن جبل كدة ولا أيه ما أنا طول عمرى بخرج كدة بس أنتِ بس اللى مبتركزش

 

ضحكت بغرور وثقة من نفسها قائلة:-

 

-أنا من يوم ما جيت هنا وأنا مركزة بس البعيد بقى اللى كان جبلة

 

أقترب خطوة منها لتصطدم بالأريكة وكادت أن تسقط عليها فلف ذراعيه حول خصرها يجذبها إليه ثم قال:-

 

-يعنى كنتِ بتعاكسنى من زمان بجى

 

تنحنحت بخجل منه ثم أفلتت نفسها منه وقالت:-

 

-محصلش

 

ضحك وهو يترك قبلة على جبينها بلطف وقال:-

 

-ماشي هنشوف الموضوع دا لما أعاود وتكونى خلصتى شغلك

 

أستدار ليغادر لكن قلبها أوقف قدميها مُتراقصًا فرحًا بهذه القبلة الرقيقة، نظر “نوح” لها قبل أن يغادر وقال:-

 

-الصندوج دا عشانك

 

أنصرف وأغلق الباب خلفه ثم رحل لتبتسم وهى تركض للسرير وتفتح الصندوق لتُدهش من كمية الذهب وفرحت كثيرًا ليس لكميته بل لأن هذا الصندوق هدية منه لها، تذكرت “ليلى” الجالسة بالخارج فأغلقته وهربت للخارج قبل أن تغضب منها….

_______________________

 

تحدث الرجل بغضب شديد ونبرة غليظة:-

-أنا جبت أخري من بتك يا حج حمدى، تغلط فى خيتى وأمى كدة كتير، بتك عندك وأنا معاوزهاش تانى فى دار

 

تحدث “حمدى” بضيق شديد قائلًا:-

-اهدا طيب يا بنى وكل مشكلة ليها حل

 

وقف الرجل من مقعده بضيق شديد وهو يقول:-

-أنا معاوزش حلول يا حج حمدى بتك طالج وكل حجوجها هتكون عندك

 

غادر من المكتب لتأفف “حمدى” بضيق شديد ثم خرج ليرى “حورية” تجلس جوار والدتها “فاتن” فقال بغضب شديد منها:-

-عجبك اكدة، شوفتى اخرت جلة ربايتك ولسانك الطويل، فى واحدة متربية تغلط فى حماتها اكدة

 

تحدثت “فاتن” بانفعال شديد:-

-هى اللى ست تستاهل ضرب ستين جزمة، دى المفروض تبس يدها أن بنتى شايلها

 

غضب “حمدى” وهى يرفع نبوته فى وجههما ثم قال:-

-دا بدل ما تعجلى بنتك، أنتِ اللى مجويها أهى اتطلجت وجعدت لك فيها افرحى أنتِ وبنتك

 

غادر بضيق بينما وقفت “حورية” من مكانها ببرود دون أن تهتز مما حدث فقالت:-

-أنا طالعة ياما أرتاح فى أوضتى

 

صعدت “حورية” للأعلى، نظرت “فاتن” إلى “سلمى” لتراها تجلس على الأريكة تشاهد التلفاز صامتة فوقفت من مكانها بضيق من الكوارث التى تحل عليها…

 

______________________

 

خرج “عطيه” بصحبة “نوح” من المحجر وهو يقول:-

-متأكد أن هو

 

أجابه “عطيه” بثقة وهو يفتح باب السيارة:-

-متأكد أن هو الموتسكل اللى كان راكبه الولد اللى ضرب نار على نادر

 

صعد “نوح” معه فأنطلق “عطيه” بسيارته إلى حيث المرأب الذي يوجد به الدراجة النارية وسأل غفير المرآب ليخبره بأنه لا يعرف صاحب الدراجة النارية ومُنذ أن وجدها هنا من سنة ونصف ولم يأتى أحد لها ليرحل “نوح” غاصبًا وعاد للمنزل فى المساء ودلف إلى غرفته فتعجب بشدة منها عندما رأى مكتبة خشبية أحتلت أحد زوايا الغرفة وبجوارها مكتب ذات اللون الأبيض والكثير من الكتب هناك على الأرض وزوجته تقف هناك مُرتدية بيجامة قطنى عبارة عن شورت فضفاض يصل لركبتها وتي شيرت بكتف واحد نصف كم والأخرى عارى وشعرها مرفوع للأعلى على هيئة دائرية حول قلم خشبي وترتب الكتب فى المكتب، نزع عمته ووشاحه وهو يقول:-

– بتعملى أيه يا عهد

 

أجابته دون أن تلف له وهى تفف فوق المقعد قائلة:-

-زى ما أنت شايف أشتريت كُتب وبرتبها

 

سار نحوها ثم وقف خلفها يعطيها الكتب مُساعدها فأخذت منه الكتب ووضعتها فى الأرفف بترتيب لتنتهى بعد ساعة فحملها من خصرها لينزلها عن المقعد، وقفت أمامه تحدق به وعينيها تتابع يده وهو يبعد خصلات شعرها الفوضوية عن وجهها بسبابته ثم رفع يده للأعلى ليسحب القلم عن شعرها لينسدل بحرية على ظهرها ووجهها فقال بدلال:-

-بتبجى كيف البدر فى تمامه وشعرك مفرود أكدة

 

تبسمت بلطف وهى ترفع غرة شعرها للأعلى وتقول بغيرة:-

-كل دا كنت مع عطيه

 

تبسم وهو يضع يده فى جيب عباءته ويقول:-

-ربنا يعلم أن من ساعة ما هملتك وأنا مع عطيه بس روحت الأول جبل ما جابل عطيه اجيب لك دا

 

أخرج يده من جيبه لتراه بضع فى يده خاتم زواج لتندهش بسعادة ويرفرف قلبها فرحًا ويتراقص بمرونة عشقًا لهذا الرجل الحنون، رفعت نظرها إليه وهو يأخذ يدها إلى يده ووضع الخاتم فى بنصرها الأيسر ليعلن للجميع بأن هذه الفتاة ملك لرجل واحد فقط لتقول:-

-أنا كدة بقيت متجوزة

 

ضحك وهو يضع قبلة فى قلب كفها ثم قال بعفوية:-

-الخاتم يعنى اللى هيخليكى متجوزة مش أنا

 

رفعت يدها إلى عنقه ثم وضعت قبلة على وجنته لتقول:-

-أنت أعظم رجل فى الدنيا وأنا أكتر بنت محظوظة عشان متجوزك أنت يا نوح

 

وضعت رأسها على صدره وادخلت ذراعيها أسفل ذراعيه تطوق خصره بهيام ثم قالت بتعب وأرهاق:-

-النوم بيغلبنى من بدرى يا نوح بس كنت مستنياك

 

تمتم بعبوس شديد قائلًا:-

-نوم أيه يا عهد أنا عاوزك نجعد هبابه نتحدد سوا ونلعب

 

تنهدت بتعب ثم قالت بصوت مبحوح:-

-تعبانة يا نوح عشان خاطرى

 

حملها على ذراعيه وهو يقول بأستسلام لها:-

-نامى وأمرى لله

 

سار بيها إلى الفراش ثم وضعها به ووضع الغطاء عليها تاركًا قبلة على جبينها، ذهب إلى المكتبة ينظف المكان من فوضتها ثم مسح سطح المكتب ووضع اللاب على سطحه وجلس على الأريكة ينظر فى هاتفه وبدأ يشترى لها كل ما يمكن يزين المكتب وركنها المفضل فقط من أجل أسعادها وحتى لا تمل أو تشعر بالنقص بعد أن تركت عملها وحياتها فى القاهرة وجاءت إلى الصعيد زوجة له…

شعر بشيء يُثقل على كتفه فنظر ليراها تجلس جواره وتضع رأسها على كتفه، وتتشبث بذراعيه فسألها وهو يترك الهاتف جانبًا:-

-منمتيش ليه؟

 

تمتمت “عهد” بخفوت قائلة:-

-قلقانة شوية

 

نظر إليها بقلق شديد يقول:-

-من أيه يا عهدى

 

رفعت نظرها به ثم قالت بتوتر:-

-هو مينفعش نروح نقعد فى بيت تانى، أنا خايفة أعيش هنا وكمان حورية بنت عمك أطلقت النهاردة وجت تقعد هنا، أنا بقيت بدخل وأقفل على نفسي بالمفتاح وبخاف أخرج من أوضتى وأكلى بطلبه من برا

 

أخذ وجهها بين راحتى يده بهدوء ثم قال بجدية:-

-ليه يا حبيبتى كل دا، أخرجى وأطلعى كيف ما تحبى ومحدش يجدر يرفع عينيه فيكى والأكل اللى تحبيه أطلبيه من حُسنة، متخافيش يا عهد أنت ست الدار دى والبيت دا كله ملكى أنا وأنتِ مرتى واللى يرفع عينيه فيكى أرمي برا ومهيفرجش كتير ويايا

 

تحدث “عهد” بضيق شديد قائلة:-

-مش بالقوة والقسوة يا نوح، هترمى أهلك برا وتعمل زى ما عليا عملت فيا ،أنت عارف شعور أنك تكون مطرودة من أهلك عامل أزاى، أنتوا جايبين القسوة والجبروت دا منين وأنا هنا بموت على أهل يحبونى ويخافوا عليا مش يفرقونى ويوجعونى

 

أنهمرت دمعتها بحزن شديد وهى تتحدث باكية عن قسوة الأهل ووحدتها وهى لا تملك غيره فى الحياة، تنهد “نوح” بضيق ثم قال:-

-بس عمى مش الأهل اللى تحبي تعشريهم يا عهد، عمى أنا لو أتنازلت عن حذري هحصل نادر على يده، هو اللى بيكره ويقسي مش أنا

 

وقفت “عهد” صارخة بيه بانفعال شديد:-

-أنت أيه يا نوح مبتعرفش تغفر وتصالح، مبتعرفش تحل المشاكل ،عمك كدة عشان أنت واكل حقه فى ورثه اللى أنت أصلا مالكش فيه ولا أنت مش واخد بالك أن أملاك جد لوالدك وعمك مش ليك أنت

 

وقف “نوح”من مكانه بغضب سافر وهى تتحدث عنه بهذه الطريقة ورفع يده فى وجهها كى يصفعها لتُصدم بهلع من فعلته وأتسعت عينيها على مصراعيها بصدمة ألجمتها وهو على وشك صفعها فى حين أنه أغلق قبضته بغضب شديد يتحكم فى غضبه قبل أن يفعل ثم أنزل يده بعيدًا وهو يقول:-

-أطلعى فى فرشتك يا عهد

 

تحدثت “عهد”بعناد وغضب سافر بعد أن كان على وشك ضربها:-

-أنت عاوز تضربنى يا نوح عشان خايف عليك من عمك، هو لو اذاك هعيش أزاى من غيرك ها هستفاد أيه بالمال والأملاك وأنت مش معايا

 

أغمض عينيه بضيق شديد يتحكم بأعصابه ثم ألتف لها وقال:-

-تنجطع يدى جبل ما توجعك يا عهد

 

كاد أن يقترب منها لتعود خطوة للخلف بإستياء ثم قالت بانفعال:-

-متفكرش تلمسنى يا نوح قبل ما ترجع الحقوق لأصحاب وتخلينى أعيش معاك فى أمان من غير خوف وقلق

 

ليشتاط غضبًا ثم يترك الغرفة لها ويخرج بانفعال، جلست “عهد”على فراشها تبكى بأنهيار بعد أن دخل الحزن والغضب بينهما فرفعت يدها لكى تجفف دموعها لتشعر بخاتم زواجها فنظرت له بحزن فاليوم ألبسها خاتم زواجهما وهى بدأت الشجار معه وجعلته يهجرها، خرجت للشرفة تبحث عنه فى الحديقة بنظرها لتُصدم عندما رأت “أسماء” تحتضن زوجها من الخلف وهو واقف هناك ساكن لم يبعدها عنه أو يغضب بل كان مرحبًا بعناقها له …….

 

يتبــــع ……

 

#هويتُ_رجل_الصعيد

الفصل الثالث عشر (13)

___بعنــــوان “عنـــــاد”___

 

غادر الغرفة غاضبًا من هذا الشجار الذي تحول يومهما الجميل لشجار وغضب، ننزل للحديقة يقف بها ثم أخرج علبة السجائر وأشعل سيجارة بين أنامله وهو ينفث الدخان من فمه شاردًا بأفكاره فهل هو من صنع هذه العداوة والكره لعمه أم جده الذي كتب هذه الوصية، هل هو من قتل “خالد” أم أفعاله الخبيثة الشنيعة؟ لما يلومه الجميع على أفعال لم يرتكبها هو؟، شعر بيدي تلف حول خصره وتحتضنه من الخلف فتنهد “نوح” بهدوء وهو يغمض عينيه ويفكر بها للحظات أثور عليه؟ أم يضع نهاية لهذه الشجار وكأنه لم يحدث فتحدث بنبرة جادة هادئة:-

-مش جولتلى مش هتلمسنيش

 

تبسمت “أسماء” بخبث شديد وهى تعلم بأن علاقته مع هذه الزوجة تكاد تكون معدومة فهمست له بلطف ودلال:-

-سيبك من اللى مغضبك يا نوح، هي متستاهلكش

 

أتسعت عينيه على مصراعيها بصدمة ألجمته ثم ألقى السيجارة من فمه سريعًا وأبعدها عنه وهو يستدير لها بوجه عابس ويقول:-

-أنتِ جنتي يا أسماء

 

رفع نظره للشرفة بخوف من أن تكن “عهد” رأتهما ويزيد الخلاف والشجار بينهم وكان ما يخشاه حدث عندما رأى “عهد” واقفة بالأعلى تحدق بيهما وعندما تقابلت أعينهما فرت هاربة للداخل فركض مسرعًا للداخل تاركًا “أسماء” وهو لم يبالى بها، صعد للأعلى ركضًا وعندما ولج من باب الغرفة رأها تجلس على الفراش باكية بضعف وخذلان، تنحنح بهدوء وهو يسير نحوها ثم قال:-

-عهد!!

 

قطعته بصراخ شديد مُنفعلة هاتفة:-

-طلعت ليه ما كنت تخليك تحت مع الهانم شوية

 

أخذ “نوح” يدها بلطف في يده وقال بلهجة دافئة:-

-متفهميش غلط يا عهد

 

دفعته بقوة بعيدًا عنها وهى تصيح به قائلة:-

-أفهم غلط أيه؟ أنا فهمت اللى شوفته بعينى ولا المفروض أعمل نفسي عامية عشان بحبك.. لا يا نوح مش هتضحك عليا بكلمتين وهنسي بيهم خيانتك

 

أتسعت عينيه على مصراعيها بذهول من حديثها وكيف حولت موقف لخيانة ثم قال:-

-خيانة!! بجولك سوء فهم وأنتِ بتجولى خيانة

 

تحدثت “عهد” بعناد شديد وعينيها لا تكفى عن البكاء:-

-ما هو كل حاجة عندكم سوء فهم حتى الخيانة سوء فهم، مروحتش على أوضتها ليه بدل ما تيجى هنا ولا كنت أرجع ليا وابنك على أيدك

 

مسكها من ذراعها بقوة وهو يجذبها نحوه بغضب سافر يتطاير من عينيه حادقًا بعينيها ثم تحدث بنبرة مُخيفة قوية:-

-أنا لو عايز أسماء كنت أتجوزتها وأنتِ هربانة ولا جبل ما تيجى أصلًا فأهدى كدة وأعجلى كلامك جبل ما تجولى وابنى دا ميكونش له أم غيرك يا عهد

 

رمقته بعناد شديد ثم قالت بتحدى:-

-بعينيك يا نوح تقرب منى

 

كز على أسنانه بضيق شديد منها ثم جذبها له بقوة لتلتصق بجسده وكأنها دمية في قبضته وقال بغضب:-

-أنا مهملك بمزاجى يا عهد والمفروض تفرحى أنى محترمة رغبتك لكن دا مش ضعف منى وخوف منك مثلا فأتمنى متختبرش صبرى كتير وياكى

 

أرتجف قلبها خوفًا من نبرته لكنها تشبثت بعنادها وهى تعلم بأنه لم يفعل شيء يأذيها فقالت بعناد:-

-أنت متقدرش تعمل حاجة يا نوح، أنت أضعف من كدة بكتير

 

تركها وهو يرفع يده ليصفعها بعد أن لعنته بالضعف، نظرت له بدهشة من فعلته وأرتجفت خوفًا فهل سيثبت لها قوته بصفعها وضربها لكنه تمالك غضبه قبل أن يفعل وندم لاحقًا على ضربه لها فأنزل قبضته لتثير غضبه أكثر بحديثها عندما قالت:-

-هى وصلت لأنك تفكر تض,,ربنى مش كفاية اللى شوفته بعينى.. لا كمان لك عين تزعق ليا وتعمل راجل عليا ما كنت تعمل راجل فى حقوقى وواجباتك ولا الرجولة قالتلك تخلى أى واحدة تحضن فيك

 

اشتاط غضبًا من حديثها وطريقتها البغيضة التى تتحدث بها، جذبها من ذراعها بقوة نحوه ورمقها بعيني نارية ثم قال بلهجة غليظة:-

-أتحددى زين يا عهد وخدى بالك من حديدك ويايا، أنا مهصبرش عليكى كتير

 

دفعته بقوة بعيدًا عنها ثم قالت بأغتياظ شديد:-

-لا والله خوفت منك وهعيط، أستن هعيط يا نوح والنبى

 

صر على أسنانه من برودها ثم قال بلهجة قوية:-

-أنا طالع قبل ما أعمل حاجة نندم عليها إحنا الأثنين بعدين

 

أستدار لكى يخرج فهرعت مُسرعة أمامه وتقف على الباب تمنعه من الخروج وتقول:-

-طبعًا لازم تخرج وتروح للهانم اللى مستنياك تخرج من عندى عشان تقهرنى وتحرق ليا قلبى

 

دفعها بقوة بعيدًا عن الباب ثم فتح الباب لتتحدث باكية بحزن شديد قائلة:-

-هو دا العهد اللى عهدتهولى، دا العهد اللى عمرك ما هتخلفه يا نوح، عهدتنى أن عمرك ما هتبكينى ولا هتزعلنى لكن دلوقت سابنى مقهورة وماشى هو دا اللى العهد دين

 

استوقفه حديثها قبل أن تخرج فتنهد بهدوء ثم أغلق الباب وألتف لها يحدق بها، كانت تقف بمنتصف غرفتها باكية ووجهها أحمر من البكاء والغضب معًا، ترمقه بنظرات عتاب وحزن شديد يمليء قلبها العاشق ومشاعرها الحزينة تضارب عقلها وقلبها، أستسلم مهزوم أمام عهده لها فلن يتحمل مخالفة العهد وعقوبتها، فتح أذراعه لها لتركض مسرعة إليه وبالرغم من حزنها وغضبها منه إلا أنها لا تملك سبيل إلا إليه وكل طرقها تؤدي إليه وحده، حتى فى غضبها منه تذهب إليه فطوقها “نوح” بذراعيه وهمس فى أذنيها قائلًا:-

-أنا عارف أن حتى حضنى مش هيكفى غضبك وحزنك يا عهد بس معلش تسامحنى المرة دى

 

تمتمت بضعف باكية:-

-أنا غضبانة منك وقلبى والع نار بس ماليش حد أشتكيك له يا نوح غيرك، أنت واجعنى بجد

 

مسح على رأسها بحنان ثم قال:-

-وأنا هجبلك حقك يا عهد حتى لو منى، أشتكينى ليا ولو مجبتلكيش حقك أبجى أختارى العقاب اللى يعجبك وأنا هعمله من غير جدال وياكى، لكن أنا مهخلفش عهدى ليكى يا عهدى، بحق حُبك وكل المشاعر الحلوة اللى جوايا ليكى وبحق كل نبضة حُب أتعلمتها على يدك لأعمل الممكن والمستحيل عشان تسامحى بس وأمحى الوجع دا منك….

 

كان يعلم بأن ما فعلته “أسماء” يجب أن يدفع ثمنه هو لأجل محبوبته وسعادتها فإذا كان هو من رأها هكذا ورجل أخرى يمسك يدها وليس يعانقها فكان سيحرقهما معًا، تفهم أوجاعها وحزنها الممزوج بالغضب…

 

_____________________

 

أستيقظت “عليا” صباحًا من نومها على صوت الهاتف وكان المتصل “عمر” تجاهلت أتصله ليرسل لها رسالة فتنهدت وهى تفتح الرسالة وكان محتواها (كنت حابب أصبح عليكى .. صباح الخير وأتمنى لك يوم سعيد) تركت الهاتف على الفر اش وخرجت من غرفتها بوجه ناعس ذاهبة إلى غرفة طفلها الصغير لتراه مُستيقظ في فراشه ويقف به متشبث به بسعادة ويضحك ضحكات حماسية عندما رأى وجه والدته لتحمله على ذراعيها مُتبسمة وبدأت تنزل عليه قبلاتها الناعمة المليئة بالحنان، سمعت صوت الهاتف يدق فعادت إلى غرفتها وهى تحمل “يونس” على ذراعيها مُبتسمة لتتلاشي بسمتها سريعًا عندما رأت أسم “عهد” يضيء الهاتف وخرجت تاركة الهاتف يدق كما هو …

 

_____________________

 

أنزلت “عهد” الهاتف عن أذنيها بحزن شديد ثم نظرت إلى “ليلى” وقالت:-

-برضو مبتردش يا ليلى

 

تحدثت “ليلى” وهى ترفع الفيديو الجديدة على القناة بلا مبالاة:-

-سيبك منها يا عهد وأنسيها، هو أنتِ محتاجها في حاجة

 

تنهدت “عهد” وهى تجلس جوار “ليلى” على الأريكة في ردهة المنزل بحزن ثم قالت:-

-مش محتاجة منها مصلحة بس وحشتنى هي ويونس

 

أنهت “ليلى” ما تفعله وهى تتجاهل الحديث مع “عهد” عن أختها، جاءت “سلمى” لهما ثم قالت وهى تجلس على المقعد:-

-خلصتى شغلك يا عهد

 

أومأ “عهد” لها بنعم لتتحمس “سلمى” في بدء الحديث:-

-بصي يا عهد، إحنا عندينا فرح بنت العمدة وهنروح كلنا عاوزاكى على الساعة 6 تكونى جاهزة وأنتِ كمان يا ليلى

 

هزت “عهد” رأسها بالموافقة ثم قالت:-

-حاضر يا ماما

 

تبسمت “سلمى” بسعادة لأجل هذه الفتاة ثم وضعت علبة صغيرة من المعدن أمامها وقالت:-

-خدى يا عهد ألبسي دا كمان

 

فتحت “عهد” العلبة وكان بداخل عقد من الذهب كبير لم ترى بحجمه من قبل فرفعت نظرها إلى “سلمى” بدهشة لتقول:-

-دا عجد العائلة حماتى أديتهولى يوم جوازى وأنا ندرتها أن أديه لمرت نوح

 

نظرت “عهد” للعقد بتردد من أخذه منها ثم رفعت نظرها إلى “سلمى” بضيق قائلة:-

-خلى مع حضرتك دلوقت يا ماما

 

أربتت “سلمى” على يدها بلطف ثم غادرت تاركة العقد لها وصعدت “عهد” بصحبة “ليلى” وهى تقول:-

-أقعدى هنا بقى وقوليلى ألبس أيه؟

 

أخرجت كل ما بداخل الخزينة وحقائبها التي لم تفتحها بسبب كثرة الملابس والأغراض وبدأت ترتدى الفساتين واحد تلو الأخر و”ليلى” تسخر منها مع كل واحد ترتديه فقالت:-

-عهد يا حبيبتى أنتِ في الصعيد تفتكرى جوزك الصعيدى هيطلعك من البيت بالفستان دا

 

نظرت “عهد” إلى المرآة وهى تقول:-

-دا جاى من لبنان يا ليلى

 

تفحصت صورتها وهى ترتدى فستان أسود اللون بكم واحد والأخر عارى وضيق يظهر مفاتن جسدها وطويل لكنه مفتوح من قدمها اليسرى للأسفل، وقفت “ليلى” خلفها وهى تتشبث بذراعيها ثم قالت:-

-أتحدكى يا عهد تلبسي الفستان دا في الحياة بعد كدة، يا حبيبتى أنتِ بقيت زوجة لرجل صعيدى شرقى

 

فتح باب الغرفة ودلف “نوح” دون أذن حاملًا باقة زهور بنفسجية اللون من أجل أرضاءها ليراها تقف أمام المرآة وصديقتها معها وترتدي فستان جميل يظهر مفاتنها وأنوثتها، أنبهر بجمالها ورقتها عل عكسها هي التي ذهبت بنظرها إلى المرآة غاضبة منه ولم تهتم لمحاولته في مصالحتها، تحدثت “ليلى” بحرج من دخوله ووجودها في غرفة نومه:-

-طيب أسيبكم أنا

 

مسكت “عهد” يدها بقوة وقالت بنبرة غاضبة :-

-أستنى هنا، هو أنا مش بدفع لك مرتب عشان تشتغلى أقعدى هنا وأنا هغير وأجيلك

 

دلفت للغرفة الأخرى فجلست “ليلى” بحرج منه وجوده بينما جلس “نوح” على الفراش بعيدًا عنهما، خرجت بعد دقائق مُرتدية تنورة قصيرة تصل إلى ركبتيها وعليها سترة نسائي بدون أزرار طويلة من الجانب الأيسر تصل لحافة التنورة وقصيرة إلى الخصر من الجانب الأيمن وشعرها مسدول على ظهرها والجانب الأيسر وتضعه خلف أذنها اليمنى لتقول:-

-أيه رأيك

 

كان يحدق بها بحُب ونبضات قلبه مُتسارعة بدلال لها لكن سريعًا ما تحول إعجابه للغضب عندما سمع صوت “ليلى” تقول:-

-هو مقفول من فوق بس مفتوح أوى من تحت مينفعش فرح في الصعيد

 

وقف “نوح” من مكانه بغضب سافر وقال:-

-فرح أيه، دا متتطلعش به من باب الأوضة مش فرح

 

رمقته بضيق شديد ثم قالت غاضبة:-

-أنا بأخد رأى ليلى

 

حد من عينيه بغضب لتزدرد لعابها الجاف بخوف منه ثم دلفت للداخل هاربة من نظراته المُرعوبة ليرتجف قلبها رعبًا من غيرة هذا الرجل، بدلت ملابسها إلى فستان أحمر أسرت عينيه وقلبه سريعًا عندما رأها به، لم يتحمل تلك النبضات التي تضرب صدره الصلب وطلالتها سرقت غضبه بعيدًا، رأت “عهد” إعجابه الشديد برؤيتها هكذا لتخجل من نظراته المُسلطة عليها وتوردت وجنتيها حياءًا منه، كان فستانها باللون الأحمر اللامعة وطويل يزحف حول قدميها الحافيتين لتقطع شروده بجمالها صوت “ليلى” تقول:-

-لا يا عهد

 

نظر “نوح” لها بتعجب من سبب رفضها فتبسمت “عهد” بمكر شديد وهتفت ببراءة تترجى “ليلى”:-

-ليه بس ما هلبس كمان البلطو فوقه

 

سأل “نوح” بضيق من جمال زوجته:-

-ليه لا

 

تبسمت “ليلى” بخبث وهى تسير نحو “عهد” ثم مسكت يدها لتجذبها معها وتلف ليُصدم “نوح” عندما رأى ظهرها نصفه عارى فقط سلاسل على ظهرها، أغمضت “عهد” عينيها بضيق شديد من فعلت صديقتها فتبسمت “ليلى” لها وقالت:-

-أنا عملت الخير ورمته لنوح .. عن اذنكم

 

خرجت من الغرفة لتهرب “عهد” من أمامه إلى الداخل فركض خلفها بغضب وأتسعت عينيه عندما رأى غرفة المعيشة مليئة بالملابس على الأرض والأريكة وهناك فستان قصير على شاشة التلفاز، مسك أحد الفساتين الموجودة على الأريكة وكان قصير وبدون أكمام ليقول بغضب سافر:-

-ودا بتلبسي فين أن شاء الله؟

 

أختبأت “عهد” خلف شاشة التلفاز الموجودة على الطاولة الزجاجية من غضبه وقالت:-

-في أيه يا نوح انا مخرجتش أنا بس لسه بأختار

 

أقترب نحوها وهى يرمي الفستان من يده بعيدًا بأغتياظ ثم قال:-

-فكرة أنك بتختارى من الجرف دا معناه أنه عندك نية تخرجى به

 

تبسمت بعفوية وهى تقول:-

-وفيها أيه بس دى ماركات عالمية والله وغالية

 

وقف أمامها ولم يفصل بينهما إلا شاشة التلفاز ليقول:-

-فيها ايه؟ دا أنا اللى هو جوزك عمرى ما شوفتك أكدة عاوزة تخرجى للناس أكدة، أنا هجطع رجبتك يا عهد وأكسر رجلك جبل ما تعمليها

 

هربت من امامه وهى تأخذ الفستان الموجود على شاشة التلفاز وقالت بحماس:-

-أجرب بس أخر واحد وبعدين أكسر براحتك

 

هربت إلى غرفة النوم وأغلقت الباب الجرار خلفها، وقف غاضبًا يتطلع بالملابس ليمسك فستان سهرة يتلألأ لمعًا وكان طويل لكنه مفتوح من الأسفل جانبًا وبحمالة فتمتم بأغتياظ شديد:-

-ودا بتخرج بيه أكدة جدام الخلج، نهارك طين يا عهد

 

ألقاه بعيدًا ثم ذهب خلفها وفتح الباب وهو يصرخ بها قائلة:-

-عهد…

 

أبتلع حديثه عندما رأها تقف أمام المرآة وتضع أحمر شفايف مُرتدية فستان أزرق اللون بأكمام فضفاض من الدانتيل ويصل إلى أسفل الركبة وحول خصرها رابطة تظهر نحافة خصرها وواسع من الأسفل ومفتوح من العنق قليلًا، ألتفت له ليتطلع بها بوضوح أكثر من المرآة ووضعت أحمر شفايف وشعرها مُسدول على الجانبين حتى خصرها، سار نحوها بخفة مسحورًا بجمالها لتقول بعفوية:-

-دا ينفع!!

 

رفع يده إلى عنقها وداعبه ليقول بلطف دون شجار:-

-ودا؟!!

 

تنهدت “عهد” بضيق وحيرة ثم قالت:-

-كدة مفيش فساتين تانى وكله مش عاجبك

 

تحدث بغيرة تلتهم قلبه وعقله من أن يرى رجل غيره جمالها ويُسحر بطلالتها قائلًا:-

-كلهم عاجبينى لكن تلبسيهم أهنا ليا مش للخلج

 

أعطتها باقة الزهور ثم قال:-

-غيرى خلجاتك بسرعة عشان هنتأخر ولا أمشي وأسيبك تيجى مع الحريم

 

تبسمت بسعادة وحماسة وهى تركض للداخل:-

-لا أستنانى على طول أهو

 

أحضرت “ليلى” فستان من ملابسها لأجل “عهد” بالتأكيد لن يعترض “نوح” على هذا الفستان و”ليلى” محجبة…

 

____________________

 

كان “عطيه” واقفًا أمام المنزل بأنتظار صديقه ورأى سيارته تأتى من بعيد فأقترب له لكنه دُهش عندما ترجل “عهد” فعاد خطوة بعيدًا عن الطريق ثم ترجل “نوح” ليُدهش “عطيه” عند نزلت “ليلى” من السيارة مُرتدية فستان أسود اللون طويل وبأكمام وتلف حجابها الفضية، تشبثت بيدى “عهد” وهى تنظر إليه بخجل من نظراته، تطلع بها وهى هادئة وجميلة على عكس عاصفتها الدائمة وفى كامل أنوثتها لكنه تحشي النظر بها بأستحياء وأحترامًا إلى “نوح”، دخلا مع الرجال ودلفت” عهد” بصحبة صديقتها إلى المنزل حيث تجلس النساء وكانت “فاتن” بالداخل مع بناتها، حدقوا بها بغضب شديد فجلست “عهد” جوار “سلمى” بغرور لا تبالى بهما

__________________

 

أربت “على” على قدم “عطيه” بلطف وقال:-

-عجبالك يا عطيه لما نفرح بيك

 

نظر “نوح” على صديقه الذي تبسم بحرج شديد وهو يعرف أن “عطيه” معجب بصديقة زوجته لكنه على عكسه لن يملك الجراءة فى الاعتراف والأقتراب منها، هتف “على” بجدية وحماس قائلًا:-

-ليك عليا يا عطيه يوم ما أفرح بيك وترضي على عروسة من اللى بتجبهم لك خالتك أم نوح لأعملك ليلة محصلتش اعوض بيك ليلة نوح اللى متعملتش

 

هتف “نوح” هامسًا فى اذن صديقه:-

-خالتك أم نوح مهتجبلكش العروسة اللى مستنيها

 

نظر “عطيه” له بتعجب فقهقه “نوح” ضاحكًا بعفوية ثم قال:-

-ما أنت مف,ضوح جوى يا عطيه بس خد بالك بنات مصر متعبين جوي جوي يا صاحبى اسألنى أنا

 

أومأ “عطيه” له بنعم ثم وقف لكى يخرج وحده من هذه الضجة وعندما خرج رأها تقف فى الخارج وتتحدث فى الهاتف، تنهد بهدوء وذهب نحوها وكانت “ليلى” تتحدث فى الهاتف مع أحد الشركات وتقول:-

-بس أستاذة عهد مبتستقبلش أى إعلانات دلوقت لكن لو حضرتك تحب ترفع إعلان على القناة بتاعتها مفيش مانع

 

شعرت بأحد خلفها فأستدارت والهاتف على أذنها لتراه يقف صامتًا مُرتدي عباءته السوداء ويلف عمته البيضاء، تابعت حديثها على الهاتف قائلًا:-

-مفيش مشكلة بكرة أكون عندك… مع السلامة

 

أغلقت الهاتف لتنظر إليه فدهشت عندما رأته يخرج شيكولاتة من جيب عباءته فنظرت بعيني مُندهشة وصامتة فقال بحرج:-

-أنا أسف عشان زعجتلك المرة اللى فاتت

 

ازدردت لعابها بإرتباك شديد ثم أخذت الحلوى منه وقالت بهمس:-

-حصل خير!!

 

أستدارت لكى تدخل فأوقفها “عطيه” يسأل:-

-أنتِ راجعة القاهرة؟!

 

نظرت له بهدوء ثم قالت:-

-اه بكرة..

 

تبسمت بخبث شديد ثم قالت بحرج:-

-بالمناسبة تعرف عربية توصلنى بصراحة اتمرمط أوى فى القطار

 

ضحك عليها وهو يعلم بأنها تطلب أن يوصلها بطريقة غير مباشرة وبخبث شديد ماكرة مكر النساء، أومأ لها بنعم ثم قال:-

-هوصلك أنا

 

تبسمت بعفوية إليه ليبادلها البسمة فلأول مرة تبتسم من اجل دومًا تصارعه وتشاجره لكنها أهدته اليوم أجمل ما قد تراه عينيه.. بسمتها البريئة الجاذبة، دلفت “ليلى” للداخل لترى “عهد” تقف فى الردهة تتشاجر مع “حورية” و “أسماء” قائلة:-

-مش بقولك متخلفة، أنا مش هرد عليكى وهسيبك كدة تموتى بغيظك

 

صاحت “حورية” بضيق والبنات يمسكوا يديها قائلة:-

-أنتِ فاكرة نفسك ست ولا أيه يا بت دى أنتِ عرة الستات

 

ضحكت “عهد” بسخرية تثير غضبها اكثر ثم قالت بثقة وغرور:-

-دا أنا ست الستات يا حورية… ما تيجى تبصي ليا كويس كدة، أنا لو مش ست مكنتش اتجوزت كبيرك يا حلوة وكل القهرة والغل دا من غيظك

 

اخذتها “سلمى” و”ليلى”يدها وخرجوا من المنزل فهمست “سلمى” فى اذنيها قائلة:-

-جدعة يا مرت ولدى

 

ضحكت “عهد” بعفوية وكأنها لم تفعل شيء، وقفوا ينتظروا “نوح” لكنهم رأوه يركض إلى سيارته وأنطلق بعيدًا دون أن ينظر إلى زوجته فنظرت “سلمى” إلى زوجها الذي احضر سيارته لكى يأخذهم للمنزل وعلى وجهه القلق والذعر فسألت “سلمى” بقلق:-

-فى ايه يا على، نوح راح فين؟

 

صُدم الجميع مما قاله “على” لتنظر “عهد” إلى الخلف بقلق والرعب يداعب قلبها على زوجها…..

 

يتبــــع…..

 

#هويتُ_رجل_الصعيد

الفصل الرابع عشر (14)

___بعنــــوان “صدمــة”___

 

وقف “حمدى” بسيارته بقرب الجبل في الليل المظلم وخلفه سيارة أخرى وينظر حوله بقلق من أن يراه أحد وعندما حضرت سيارة أخرى من الأمام ترجل من سيارته ثم أشار لرجاله بأن يحضروه ما بداخلها وترجل رجل من السيارة الموجودة في الأمام وأحضر حقيبة سفر ضخمة وفتحها أمام “حمدى” وكان بداخلها الكثير من المال، أحضر الرجال صندوق خشبية ثم فتحه أحد الرجال وكان يحتوى على الكثير من الأسل..حة وقبل أن يتبادلًا الصفقة هجم عليهما رجال من الشرطة فهلع “حمدى” بصدمة ألجمته وبدأت الشرطة تقبض على الجميع ومن ضمنهم “حمدى” وأتصال أحد الرجال بـ “نوح” يخبره بخبر القبض على عمه فخرج من حفل الزفاف مُسرعًا

 

-متجلجش يا عمى أنا هجوم لك محامى

 

قالها “نوح” بضيق شديد وهو يعلم بأن التهمة ثابتة على عمه، تطلع “حمدى” به دقائق بأغتياظ وهو يشعر بأن “نوح” يشتعل فرحًا بما حدث له ويُدرك بأنه يكن له الكره والحقد فقط ليُجيب “حمدى” عليه:-

 

-معاوزش منك حاجة

 

تنهد “نوح” بضجر من أن حديث عمه ليقول:-

 

-يا عمى خلينا نطلعك من أهنا وبعدها نشوف اللى بينا وأكرهنى كيف ما تحب

 

قهقه “حمدى” ضاحكًا بسخرية من حديثه وبداخله بركان غضب من “نوح” وهو يُشعره بأنه أفضل منه ويكبره مُقامًا رغم انه يصغره سنًا مما أشعل الغضب بداخل “حمدى” أكثر ويجعله يرى بعينيه الخبيث ثم قال:-

 

-أنا هطلع أجتلك يا نوح

 

أومأ “نوح” له بهدوء دون معارضة على حديثه ليقول:-

 

-ماشي أطلع أجتلنى وخليك جار بناتك لأن أنا مهحطهمش في عينى مثلًا

 

أقترب “حمدى” برأسه قُرب “”نوح” وحد من عينيه بخبث ومكر ثم قال:-

 

-هجتلك يا نوح كيف ما جتل نادر

 

أتسعت عيني “نوح” على مصراعيها من وهلة الصدمة التي نزلت على عقله وقلبه الآن بفضل عمه الماكر ورأى في عيني “حمدى” مكر ونظرة أنتصار وكأنه يلعب لعبة ويرغب الأنتصار فقط بغض النظر عن أي شيء حتى إذا كان قتل أحد أفراد عائلته سبيل أنتصاره، أنقض “نوح” عليه بغضب سافر ومسك “حمدى” من ملابسه بحسرة ممزوجة بالغضب ثم قال:-

 

-أنت اللى عملتها! كيف تجتل ولد أخوك وليه؟

 

لم يجيبه بل أقترب العساكر وحاول إفلات يد “نوح” عنه لكنه كان مُتشبث بملابس عمه ونجح العساكر في أخذه بعيدًا عنه وأخرجه منها، تبسم “حمدى” بمكر وكأنه حقق الأنتصار في مواجهة “نوح” هذه المرة وأحرق قلبه بكلمات بسيطة جدًا تفوه بها لكنها كالجمر الذي ألتهب في كيان “نوح”…

 

_____________________

 

كانت “عهد” واقفة في الشرفة مُنتظرة عودة زوجها من الخارج وقد تأخر الوقت ولم يعود، رنت على هاتفه مرارًا وتكرارًا ولم يُجيب عليها فتنهدت تنهيدة قوية مُعبأة بالكثير من الإنكسارات والقلق المخيم على قلبها وأغرق صدرها بسبب غيابه، دخل “نوح” غرفته مع شروق الشمس ولم يجدها في الغرفة وفراشه ما زال مرتب كما كان بالأمس وباب الشرفة مفتوح فولج إليه ليجد زوجته جالسة على المقعد وتضع يدها على وجنتها وغفوت في نومها أثناء انتظارها له فأقترب إليها ثم حملها على ذراعيه ودخل الغرفة بها وقبل أن يُنزلها على الفراش تحدثت “عهد” بصوت مبحوح وعينيها مُغلقة:-

 

-أتأخرت ليه يا نوح؟

 

وضعها بالفراش وجلس بجوارها وهو يمسح على رأسها بحنان مُتطلع بوجهها الملاكي، لم يُجيبها لتفتح عينيها تتطلع بوجه زوجها الوسيم لترى الحزن به والهموم أغرقته، عينيه سكنهما الحزن واليأس وأنفاسه مُعبأة بالإنكسار وكان جبل الهموم وقع عليه، رفعت “عهد” يدها إلى وجنته على لحيته السوداء ثم قالت بهمس:-

 

-طب أنا كُنت زعلانة منك بس أفضل غضبانة أزاى والحزن دا كله في عينيك

 

مسح على وجنتها بدلال رغم حزنه ثم قال:-

 

-متزعليش يا عهد، حجك على رأسى

 

أنهى جملته ثم وضع قبلة على جبينها بلطف وأبتعد عنها، جلست “عهد” بإعتدال ثم قالت:-

 

-ما لك يا نوح؟ كل الحزن اللى في عينيك دا عشان عمك أتقبض عليه طب ما دا من أعماله

 

دهشت بقوة عندما ذرفت دمعة من عينيه تشق طريقها على وجنتها لتستقر على لحيته فأقترب “عهد” نحوه وعينيها على وشك البكاء لتجفف دمعته بأناملها ثم أخذت رأسه بين يديها لتضمه إليه وعانقته فأستقرت يدها على مؤخرة رأسه وهى تُتمتم بحزن على رؤية زوجها حزين هكذا:-

 

-حصل أيه يا حبيبى، مهما كان اللى حصل فداك

 

رفع “نوح” يديه إلى ظهرها بضعف ليتشبث بها وهو لا يعلم ماذا يجب أن يفعل مع “حمدى” أيجب عليه قتل عمه والأنتقام منه لأخذ ثأر أخاه أم يخبر والده بأن أخاه قاتل أبنه؟ شعرت “بيديه تتشبث بها بقوة كأنه طفل صغير يختبيء في حضن أمه من قسوة العالم فبدأت “عهد” تربت على ظهره وبيدها الأخرى تتغلغل أصابعها بين خصلات شعره، جهش “نوح” باكيًا لتفزع “عهد” وتُدرك بأن ما حدث ليس القبض على عمه لتجارة السلاح بل أشد وأقوى من ذلك لكى يبكي زوجها هكذا فظلت مُتشبثة به…

 

___________________

 

خرجت “ليلى” من المنزل صباحًا فرأت “عطيه” يقف بسيارته أمام المنزل فى أنتظارها وفور رؤيتها كاد أن يترجل لكى يفتح لها الباب لكنها أستوقفته عندما صعدت باكرًا للسيارة، تحدث “عطيه” بلطف باسمًا:-

 

-صباح الخير

 

تبسمت وهى تغلق حزام الأمان وقالت:-

 

-صباح النور، مكنش فى داعى تتعب نفسك

 

أنطلق “عطيه” بسيارته وهو يقول إليها:-

 

-لا تعب ولا حاجة

 

كان يقود وهى تنظر بهاتفها فى صمت فتنحنح بحرج وهو يفكر كيف يبدء الحديث معها فقال:-

 

-هترجعى النهاردة؟

 

أجابته “ليلى” ونظرها فى الهاتف بلا مبالاة:-

 

-امممم بس أخلص الكام مشوار اللى ورايا

 

-ما هو واضح أنك مشغولة هبابه

 

قالها وهو ينظر عليها بينما تنشغل “ليلى” بالنظر إلى الهاتف، رفعت “ليلى” نظرها للأمام وهى تتذكر الأحداث التى ربت لفعلها اليوم لتقول:-

 

-هوصل لشركة الأعلانات وبعدها هطلع على الكلية أستخرج الشهادة لعهد وبعدها هروح استلم شوية اوردرات جاية من سنغافورة لعهد على عنوان الشقة هنا وهروح أسلم النسخة الأولى من الكتاب للدار وبعدها هرجع

 

نظرت إلى “عطيه” بعد أن انهت حديثها ليقول:-

 

-دا أنتِ مشغولة جوى النهاردة ويومك زحمة

 

أومأت له بنعم وقالت:-

 

-شوية

 

تبسم بعفوية ثم قال :-

 

-أنا كنت هرجعك معايا بس مكنش حابب أكون عبء عليكى فى يومك الزحمة

 

عادت بظهرها للخلف بتعجب وحدقت به من الرأس لأخمص القدم ثم قالت:-

 

-كدة

 

نظر إلى ملابسه بتعجب شديد وهو يتساءل هل بيه شيء أم ملابسه ملوثة، تنحنحت “ليلى” بحرج من قولها وقالت:-

 

-مش قصدى حاجة

 

أوصلها إلى مبنى شركة الأعلانات ثم رحل…

 

______________________

 

أنهت “عليا” تدريبها واخذت قسط من الراحة قبل أن تكمل فذهبت إلى الكافتريا وكانت تنظر إلى الهاتف حتى أتاها صوت “عمر” من جانبها لتقول:-

 

-بتعملى أيه؟

 

تبسمت “عليا” وهى ترفع عينيها إليه ثم قالت:-

 

-بتسلى

 

وقف جوارها وهو يضع كوب القهوة أمامه على الطاولة ثم قال بحرج:-

 

-متزعليش عشان شديت عليكى فى التمرين أنا عاوزك تكونى بطلة العرض الجاى

 

تبسمت “عليا” بسعادة وهى تلتف له بعفوية ثم قالت:-

 

-بجد

 

نظر إلى بسمتها ويدها التى تشبثت به بعفوية وتلقائية لتخجل من نظراته وأبعدت يدها سريعًا ثم قالت:-

 

-أنا أسفة

 

تبسم بخفوت عليها وقال:-

 

-ولا يهمك أنا مبسوط أصلا أن مفيش بينا أى حرج وعاجبنى عفويتك يا عليا

 

تبسمت بخجل شديد وهى تنظر إلى الأسفل باستحياء ثم قالت:-

 

-عن أذنك

 

غادرت وهو يتابعها بنظراته …

 

__________________________

 

أستيقظت “عهد” من نومها وكانت نائمة بمنتصف الفراش، فركت عينيها بسبابتها وهى تبحث عنه بجوارها لكنها لم تجده لتتماطى بتكاسل شديد فرأته يجلس على المقعد فى الشرفة وحده شاردًا ومهموم، ترجلت من فراشها وهى تسير إلى الشرفة ثم جلست على يد المقعد الذي يجلس عليه ثم قالت:-

 

-مالك يا نوح

 

رفع نظره إليها بهدوء ثم أخذ يدها فى يده ليقول:-

 

-سلامتك يا روح يا نوح

 

وضعت يدها على وجنته لتدير رأسها إليها بقلق لتتقابل أعينهما ثم قالت:-

 

-ما لك يا نوح، متفهمنيش أن اللى مشقلب حالك كدة هو حبس عمك

 

تنهد “نوح” بتعب ثم قال بقلق:-

 

-مفيش يا عهد

 

تبسمت بعفوية شديدة ثم قالت بحنان دافيء يطمئن قلبها:-

 

-ممكن تحكي ليا يا نوح أنا مش هخون سرك ولا هطلعه برا

 

أخذ “نوح” يدها بحُب وجعلها تقف من مكانها لتجلس على قدمه وعينيها مُتشبثة بعينيه الحزينة ثم قال:-

 

-أنا مش شاكك فى دا يا عهد، وأنتِ مرتى وسترى وسندى ولو شكت لحظة انك ممكن فى يوم تخونى سري أو تطلعى سر بيتى برا مكنتش حبيتك ولا كملت وياكى

 

رفعت يدها إلى وجنته بلطف لتداعب شُعرات لحيته القصيرة ثم قالت:-

 

-طب ما لك؟ أنا فعلا قلقانة عليك يا نوح أنت مبصتش لنفسك فى المرايا ولا أيه؟

 

تنهد “نوح” بحزن شديد ثم قال:-

 

-تفتكرى يا عهد هيحصل أيه لو كنت أنا جتلت خالد بعمد ولا كنت أجرت ناس يجتله

 

تعجبت من سؤاله ثم قالت :-

 

-لا طبعا مينفعش، مفيش حد بيقتل حد من عائلته وأزاى أصلًا هتخلق الحرب بينك أنت وباباك وعمك

 

قصي “نوح” لها حديث عمه عن قتل “نادر” لتفزع بخوف أكثر فهى كانت تخشي نساء هذا الرجل لكنه تجرأ على قتل أبن أخاه فقالت بعيني باكية:-

 

-هو فى قسوة قلب كدة

 

وقف “نوح” من مقعده ودلف للغرفة لتدخل “عهد” وراءه بخوف لتفزع عندما ترأه يخرج مسدسه من دولابه ولتقول:-

 

-وأنت ناوى على أيه؟

 

أستدار لها بحزن شديد وهو يقول:-

 

-على حج أخويا

 

أتسعت عيني “عهد” بصدمة قاتلة وقالت بذعر:-

 

-على القتل، عاوز تحارب عمك ويا ترى هو بقى هيقف ساكت ولا هو يرد الض.رب عليك ويضربك بالنار تانى

 

نظر “نوح”لها بضيق شديد ليقول:-

 

-أنتِ بتتريجى عليا

 

-لا حاشة لله أنا اقدر اتريق على جوزى بس مش دا اللى هو عمله قبل كدة وقدام عينى ولا أنت مش واخد بالك من اللى حصل، وبتقول قتل أخوك يعنى مش هيخاف يعملها

 

قالتها بانفعال شديد من القلق عليه وخوفًا من أن تفقد زوجها فى هذا الصراع ليصيح هو الأخر يفرغ غضبه بها قائلاً:-

 

-وحج أخويا أنا مهسبهوش

 

فقدت “عهد” أعصابها على هذا الرجل الذي يصبو إلى الموت والحياة المليئة بالخوف فمسكت “عهد” تي شيرته من الأمام بيدها وبالأخر يسلب منه ال..مس.دس لتقول:-

 

-وحجى أنا كمراتك فين؟ عشان اللى راحوا أخسرك أنا ليه يا نوح، أنا مش هسمح لك بدا أبدًا ولو عاوز تمشي فى طريق الثأر والعادات بتاعتكم دى يبقى على موتى يا نوح، موتى يا نوح وأعمل بعدها اللى أنت عايز

 

دفعها “نوح” بعيدًا عنه ويقول بأنفعال:-

 

-فضلت أفكر طول الليل وموصلتش لحل غير أنى أجتله وأرمى عيلته برا بيتى

 

أستدار لكى يرحل فنظرت “عهد” له بتوتر وخوف شديد ثم نظرت للمسدس الموجود فى يدها لترتجف يدها وهى ترفع يدها بالمسدس لتضعه على صدرها وقالت:-

 

-أنا قولتلك على موتى يا نوح أنك تمشي فى الطريق الخطر والأنتقام

 

أستدار لها بعناد وهو يصرخ قائلًا:-

 

-مالكيش صالح بيا يا…

 

اتسعت عينيه بصدمة قاتلة ألجمته عندما رأها تضع المسدس عليها فأرتجف قلبه خوفًا من يدها الموجودة على الزناد فقال:-

 

-أنتِ بتعملى أيه؟

 

جهشت باكية من الخوف وتقول:-

 

-أنا مش هخسرك عشان أى حاجة يا نوح حتى لو كان عشان نادر مش هغلط غلطتى تانى لما أخترت مصلحة عليا عن مصلحتى

 

سار نحوها بخطوات بطيء خوفًا من أن يجن جنونها وتفقد عقلها وتضغط على الزناد ويخسرها للأبد، قال يجريها فى الحديث:-

 

-أنتِ خلاص جررتى أنى هموت

 

ذرفت دموعها باكية بأنهيار وهى تتذكر كيف أطلق “حمدى” النار عليه فسقطت أرضًا باكية على ركبتيها وهى تقول:-

 

-أنا شوفته بيضربك بالنار بعينى بدم بارد

 

جلس على ركبتيه بهدوء ثم جذب المسدس منها بقوة وألقاه بعيدًا ليمسكها من ذراعيها ويجذبها إليه فوقفت على ركبتيها أمامه لتتطلع بعينيه، نظر “نوح” بعينيها بغضب سافر وهو يفكر كيف يعاقبها على فعلتها وهى تفكر بالأن..تحار وتركه وحده هنا لتغلبه عينيها الباكية بخوف وتهدأ من روعة قلبه النابض مُتسارعًا لأجلها، ظلت تحدق به عن قرب وهى تعلم بأنه لن يمرر فعلتها بلطف بل ستنال عقاب كبير منه وربما يتجاوز العقاب هذه المر الخصام لكنها صُدمت عندما قبل دموعها الموجودة على وجنتيها بحنان لتتنفس الصعداء مُستسلمة لهذا الرجل العنيد ابعدها عنه وهو يمسك ذقنها بأنامله وتطلع بها ليقول بهمس شديد:-

 

-أنا مهملكيش يا عهدى

 

أومأت له بصمت وعينيها تتطلع به فجذب رأسها وهو يمسك بذقنها إليه وقبل أن يُقبلها سمع صوت صراخ من الأسفل فأبتعد عنها بضيق شديد ووقف لكى يترجل للأسفل وهى تركض خلفه وعندما وصل للأسفل كانت “فاتن” تصرخ هى وبناتها مع والدته ووالده و”فاتن” تقول:-

 

-محدش عملها غيرك أنت وولدك يا على عاوزين تخلصوا منه عشان خايفين منه

 

أتاها صوت “نوح” من الخلف وهو يقول بنبرة قوية قائلًا:-

 

-لا وأنتِ الصادجة رُكبنا بتخبط فى بعض منه

 

أستدارت “فاتن” له لتراه يصبو غليها بخطوات غاضبة ثم قال:-

 

-لو فينا حد بيخاف من التانى يبجى جوزك هو اللى خايف

 

تحدث “سلمى” بنبرة هادئة:-

 

-ما تهدى يا فاتن وخلينا نعرف نفكر كيف نطلعوا

 

صُدم الجميع عندما صرخ “نوح” بوالدته قائلًا:-

 

-إحنا مالناش صالح ومهنطلعش حد

 

تحدثت “أسماء” بغضب من رده :-

 

-يعنى ايه هتهمل عمك للس.جن

 

تبسم وهو يمسك ذراع “أسماء” بمكر شديد ليجذبها إليه وقال بتهديد:-

 

-لما تروحى تزورى أبوكى جوليله لو متعدمش وطلع أنا اللى هعدمه

 

دفعها بقوة ثم قال بنبرة عالية سمعها الجميع:-

 

-حُسنة

 

أتسعت عيني “أسماء” من رده بصدمة قاتلة، أتت “حُسنة” إليه فقال بضيق:-

 

-أطلعى فضي الأوض اللى فوج

 

نظر “نوح” إلى زوجة عمه وبناته وقال بسخرية باردًا:-

 

-أصلى محتاجهم هحط فيهم شوية كراكيب، ومعاوزش أشوف وش حد فيكم.. بيتى وأنا حرة فيه

 

جذبت “حورية” ذراع أختها لتبعدها عن طريقها وتقترب أكثر من “نوح” ثم قالت بغيظ شديد من رده:-

 

-أنتِ بتطردنا بجى من دارنا

 

قطعها بحدة ونبرة صارمة جدًا قائلًا:-

 

-دااااارى ولا منتش واخدة بالك يا بت عمى انكم جاعدين فى ملكى وبتأكله من مالى

 

أشتاطت غضبًا وهى تكز على أسنانها منه ثم قالت:-

 

-دا أنت بتكدب الكدبة وبتصدجها بجى، دارك ومالك وأنت حرامي أصلًا

 

كاد أن يرفع يده ليصفعها بقوة لتهرع “عهد” إليه تتشبث بيده بلطف وقالت بلطف:-

 

-نوح!!

 

توقف عن غضبه لأجل زوجته المُحبوبة فقط ثم رفع حاجبه ببردو شديد يُثير غضبهم أكثر:-

 

-أنا بحب أكل مال حرام واللى فى أيدكم أعملوا ولو تعرفوا تثبتوا حاجة أثبتوها.. تعالى يا عهد

 

تبسمت “حورية” بخبث شديد ومكر وهى تراقبهما عن كثب و”نوح” يغادر بزوجته لتقول بتهديد واضح:-

 

-خلى المال ينفعك يا نوح بس متنساش يا ولدى عمى أنا بنا تار خالد ودا مبيتأخدش من الفلوس

 

كاد أن يلتف لها وهذه المرة كان سيصفعها دون تردد لكن “عهد” تشبثت بذراعه وهى تتبأطاه وقالت:-

 

-عشان خاطرى يا حبيبى

 

أسرته كلمتها الأخرى وهو يحدق بعينيها الباسمتين لأجله ويتلألأنا بالحب الدافيء الجميل فصعد بها الدرج وهو يهمس فى أذنيها قائلًا:-

 

-إحنا كنا بنجول أيه جبل العجر دول ما يجطعونا

 

خجلت “عهد” من حديثها وهى تتذكر كيف أوشك على تقبيل شفتيها لتقول عندما نكزته فى خصره بذراعها:-

 

-نوح .. عيب

 

قهقه ضاحكًا عليها وهو يقول:-

 

-أنتِ أول واحد تجول لجوزها عيب تخيلى

 

قهقهت ضاحكًا عليه وعندما أنهت الدرج هربت منه وهى تقول:-

 

-هروح أكلم ليلى ضرورى

 

ضحك عليها وهى تهرب منه إلى الغرفة وتغلق الباب فى وجهه…

 

____________________

 

خرجت “ليلى” من شركة الأعلانات لتُدهش عندما رأته يقف أمام السيارة مُرتدي قميص أسود اللون وبنطلون رمادي ويرفع كم قميصه إلى ساعده ليبرز عروق ذراعه وهذه الخطوط العرضية تأسرها بجماله ويفتح أول ثلاثة ازرار من قميصه ليظهر جزء من صدره العاري لقد تبدل حاله تمامًا وشعره الأسود مرفوع للأعلى تجاه اليسار، أقتربت نحوه وهى تزدرد لعابها الجاف فى حلقها بأرتباك شديد واحمرت وجنتها خجلاً لكنها حاولت أخفاء خجلها بعيدًا لتقول:-

 

-بتعمل أيه هنا مش قولت هترجع الصعيد

 

تبسم وهو يفتح باب السيارة ويقول:-

 

-جولت أكسب فيكى ثواب

 

صعدت للسيارة وهى تقول بسخرية:-

 

-جولت!

 

صعد “عطيه” بجوارها وقال بضيق من سخريتها منه:-

 

-أيه أغير لهجتى كمان؟

 

تبسمت “ليلى” وهى تقول:-

 

-بهزر على فكرة ومش تريقة بس شكلك حلو

 

نظر لها بخجل من مدحها له وإعجابها بملابسه ثم قال:-

 

-شكرًا

 

ضغط على زر التشغيل وأنطلق بسيارته وهى تدخل العنوان فى وجهة جهاز الخريطة فى السيارة لتذهب معه إلى الدار أولًا وعندما دخلت رأت مؤظفة الدار الغليظة ومعها الموظف الأغلظ منها فدومًا ما يغازل “ليلى” ويُفرض نفسه عليها لكى ترتبط به، أختبأت منها خلف أحد الأعمدة وجذبت “عطيه” معها، نظر لها بدهشة من قُربهما من بعض وهو يقف أمامها ويشعر بأنفاسها تضرب صدره العارى وتخفض “ليلى” أنظارها للأسفل خجلًا منه ثم قالت:-

 

-خمس ثوانى بس خليهما يمشوا

 

نظر “عطيه” من خلف العمود عليهما لترفع يدها سريعًا إلى وجنته وتجذبه خلف العمود فتتطلع بها بدهشة وضربات قلبه تتسارع من لمسة يدها وقربها منه هكذا وصوت أنفاسها كل شيء بهذه الفتاة يُربكه، قطعهما صوت الموظفة تقول:-

 

-هتفضلى مستخبية كدة يا ليلى هانم

 

تنهدت “ليلى” بيأس من فشلها فى محاولة الأختباء ثم خرجت من خلف العمود وقالت:-

 

-أنا!!

 

صاحت الموظفة بها بأغتياظ شديد:-

 

-أنتِ جاية تقوليلى أن الكاتبة المشهورة معملتش التعديلات اللى أنا طلبتها يا حرام أصلها مشغولة فى اليوتيوب والإعلانات بتاعته

 

رفعت “ليلى” عينيها فى الموظفة ثم قالت:-

 

-لا خالص هى شاغلة فيه مش مُتجاهلة اللى قولتى

 

صاحت الموظفة بحدة صارمة تقول:-

 

-أنا مش هسمع مبررات، عرفى عهد أنى مش هصبر كثير عليها وأن مش هى بس اللى مشهورة ولا هى بس اللى معها قلم تكتب بيه

 

غادرت الموظفة قبل أن تنتظر جواب “ليلى” فتنهدت “ليلى” بضيق شديد وكادت أن ترحل ليستوقفها صوت هذا الشاب الغليظ يقول:-

 

-ليلتى عاوزك فى كلمة

 

كزت على أسنانها بضيق شديد وهى تكاد أن تلكمه فى وجهه وتقول:-

 

-ليلتك سوداء شبه وشك، قولتلك متنادينيش بالأسم دا .. أسمة أنسة ليلى وياريت منرفعش الألقاب

نظر “عطيه” له بأغتياظ شديد من حديثه وتعابير وجهها توحى بأنها لم تقبل الحديث من هذا الرجل بل تشمئز منه جدًا، كادت أن ترحل ليقف هذا الشاب أمامها وقال:-

 

-أنا لسه عند موقفى يا ليلى وشاريكى

 

كاد أن يمسك يدها ليُصدم عندما مسكه “عطيه” بقوة من يده وقال:-

 

-جالتلك مترفعش الألجاب

 

أبعده عن طريقهم ثم أخذ يدها وغادر بها مُندهشة من فعلته وعندما خرجوا من الدار توقفت “ليلى” عن السير ثم قالت:-

 

-عطيه

 

ألتف لها بعد أن جذبت يدها من قبضته وملامح وجهها الغاضبة تخبره بما يُدور بداخلها وعينيها تسأله بطريقة مباشرة عن سبب فعله لكل ذلك معها فتحدث مُجيب عن كل أسئلتها قائلًا:-

 

-أنا عاوزك يا ليلى

 

أتسعت عينيها على مصراعيها بذهول شديد ليتابع مُسرعًا:-

 

-فى الحلال طبعًا لأن أنا راجل معرفش اللف والدوران ولا حاجة أسمها أرتباط وحديد نص الليل فى التليفون

 

صمتت وهى تحدق به ثم سارت للأمام وتعبر الطريق وهو يسير خلفها ويرى شرودها وحيرتها فى صمتها وظلت تسير حتى اقتربت من النيل وتوقفت لتستدير له قاطعة صمتها بنبرة جادة قالت:-

 

-أنا مقدرش أعيش فى الصعيد، أنا مش هسيب هنا.. أنت تقدر تسيب الصعيد عشانى

 

تحدث بنبرة جادة قائلًا:-

 

-أسيب مالى وأرضي وبيتى وعيلتى وأهلى وأعيش هنا كيف

 

تبسمت بحرج من رده ثم قالت:-

 

-وأنا كمان أعيش هناك أزاى ؟

 

حدق بملامحها الجادة وهو يشعر بأنها تكاد ترفضه ثم قال بهدوء:-

 

-ويايا وجارى دا مش كفاية

 

تبسمت له بسخرية شديد وعقدت ذراعيها أمام صدرها لتقول:-

 

-وأنك تعيش هنا معايا مش كفاية ليك

 

تنهد “عطيه” بهدوء قبل أن يخطأ فى الحديث ويُرتب كلماته قبل أن يتفوه بها ثم قال:-

 

-مجصدش أوجاعك بس أنتِ عايشة أهنا لحالك يا ليلى لكن هناك أنا عايش مع عيلة مسئولة منى، أمى وخيتى كيف أهملهم لحالهم هناك وأجى أهنا، لكن انتِ لحالك وحتى صاحبتك عهد بجيت هناك

 

قهقهت ضاحكة وهى تنظر جانبًا ثم عادت بنظرها إليه وقالت:-

 

-هههه يبقى أنا اللى لازم أتنازل مش كدة، أنا مش هسيب هنا يا عطيه حتى لو عشانك وكويس أنك فتحت الموضوع دلوقت عشان أعرف أتحكم فى قلبى ومشاعر من البداية ومفضلش عايشة فى أوهام.. ممكن ترجع يا عطيه لأنى غيرت رأى ومش هرجع النهاردة ويا ريت تنسي أى حاجة ليا جواك، أنا مش عاوزك فى حياتى

 

غادرت بعد أن حطمت قلبه برفضها له وهو واقفًا كما هو لا يُصدق حديثها وكيف رفضته لأجل لا شيء سوى العيش فى القاهرة….

 

يتبــــع…..

 

#هويتُ_رجل_الصعيد

الفصل الخامس عشر (15)

___بعنـوان “مكر رجال”___

 

كانت “حورية” في غرفتها تجمع ملابسها من الدولاب بعد أن طردهم “نوح” من الطابق العلوى للمنزل وتشتعل غضبًا من قراره فتمتمت بضيق شديد:-

 

-ماشي يا نوح لسه الأيام جاية بينا

 

ألقت الملابس في الحقيبة بأنفعال شديد ثم جلست على الفراش تشابك أصابعها في بعضهم البعض ففتح الباب وولجت “أسماء” لتقول بضيق:-

 

-أخرتها يرمينا في أوضتين

 

ضحكت “حورية” بسخرية من هذه الفتاة العاشقة ونالت منه مقابل الحب سخرية وإذلال ثم قالت:-

 

-طبعًا خايف على الهانم بتاعته بس ورحمة أخويا لأجهر جلبه عليها سبونى بس أخطط أنا وأفكر كيف أعملها

 

كان الغضب يمليء قلوبهما من نفره منهم وكرهه له لكن “نوح” كان الغضب يمليء قلبه أيضًا وهو لا يعلم كيف يخبر والده بما علمه وأن “حمدى” عمه وحاملًا لدمه هو نفسه قاتل أخاه، أتصل “نوح” بـ “عطيه” ليخبره بأنه خارج البلد فتنهد بتعب شديد لأنه أراد أن ينفث عن غضبه بالحديث مع صديقه فعاد أدراجًا إلى المنزل بعد أن ترك الأرض وجلسته تحت الشجرة فوق العشب، صعد إلى غرفته وكانت الساعة الواحدة صباحًا فوقف أمام باب الغرفة وتنهد بهدوء ثم فتح مقبض الباب ودلف وكانت الغرفة مُظلمة ليفتح الضوء ورأى ملابس مُغلفة مُعلقة في مقبض الباب الداخلى ومعها ورقة وعندما فتحها كان محتواها (ألبس وأستن) تعجب “نوح” من رسالتها وإلى أين تريد الذهاب في منتصف الليل لكنه أرضي رغبتها وبدل ملابسه وعندما خرج من غرفة الملابس رأى زوجته الجميلة ترتدي الفستان الأحمر الذي أعجبه كثيرًا منذ يومين عندما كانت في حيرة بين الملابس وترفع شعرها للأعلى بأحد دبابيس الشعر ومساحيق التجميل زادتها جمالًا، تطلعت “عهد” بزوجها وهو يرتدي بدلة رمادية وقميص أسود وشعره مرفوع للأعلى فسارت إليه بخطوات ثابتة وصوت طقطقت كعبها العالى تخترق أذنيه لتصل إليه فتطلع بها بهدوء ثم قال:-

 

-أنا مُتأكد أنى جولت مفيش خروج بالفستان دا برا الأوضة

 

تبسمت “عهد” بعفوية وهى تضغط على زر تشغيل الموسيقى في الريموت الألكترونى الخاص بالنجفة ثم وضعت الريموت في جيب سترته وهى تقول:-

 

-وأنا مُتأكدة أنى سمعتك بتقول ألأبسه براحتى هنا .. ممكن ترقص معايا

 

قالتها وهى تمد يدها إليه لينظر إلى هذه الزوجة المُدللة ثم أخذ يدها في قبضته لترفع يدها الأخرى وتضعها على صدره وتحدثت وهى ترقص معه:-

 

-أنا أسفة

 

نظر إليه ويده تحط خصرها ليقول:-

 

-أعتجد انك بتعتذرى على جنانك ومسكك للمس..دس

 

أومأت له بالإيجاب ثم قالت بنبرة هادئة:-

 

-مش هكررها تانى ومش هقولك تعمل أيه ومتعملش ايه بس ممكن تحطنى في جزء من تفكيرك

 

كان يتحرك بها بخطوات ثابتة وعينيه تحدق بعينيها بحُب شديد ووجهه يزداد خجلًا وأحمرارًا من لمس يده ظهرها العارى وهو يحيط خصرها ووضعت رأسها على كتفه تستكين بين ذراعيه ثم تمتمت بلطف:-

 

-أنا ماليش غيرك يا نوح وحتى أختى شبه خدت العزاء فيا ..

 

توقف عن الرقص فجأة وأبعدها عنه بقوة وحد من نظرت وجهه ليقول بغضب:-

 

-بعد الشر عنك يا حبيبة قلبى متجوليش أكدة تانى

 

عانقت عينيه بعينيها وقالت بضعف:-

 

-متسبنيش يا نوح وكل ما شيطانك يوسوس لك أفتكر طلبى دا

 

قربها “نوح” إليه ليضع قبلة على جبينها بدلال فأغمضت عينيها مُستسلمة إلى شعور الحُب الذي يغمرها وضربات قلبها التي تتسارع أكثر وأكثر، أبتعد “نوح” عنها ثم أخذ ذقنها بأنامله وقربها إليه ثم وضع قبلة على وجنتها اليُمنى ليدق باب الغرفة يقطعه فأبتعد عنها عندما سمع صرخ “أسماء” من الخارج فكز على أسنانه لتغضب “عهد” هكذا وهو يبتعد عنها ثم فتح الباب وقال بجدية:-

 

-نعم

 

حدقت “أسماء” به وبملابسه مُتعجبة فصرخ بها قائلًا:-

 

-عايز أيه

 

تحدثت “أسماء” بضيق منه قائلة:-

 

-عمى تعبان تحت

 

هرع “نوح” للخارج لتخرج “عهد” إليها فرمقتها “أسماء” بدهشة من ملابسها وزينتها ثم قالت:-

 

-راحت عليكى الليلة والحفلة اللى عاملاها يا نن عينى

 

أشتاطت “عهد” غيظًا من هذه الفتاة ثم تبسمت بسمة مُصطنعة لكى تثير غضبها أكثر وقالت:-

 

-عملتيها يا أسماء

 

تبسمت “أسماء” بمكر مُنتصرة في تخريب ليلتهما وتجهيزات “عهد” ثم قالت:-

 

-وحياة شدة ابويا يا عهد ما هتتهنى يوم واحد في الدار دى

 

قهقهت “عهد” ضاحكة على هذا الحديث ثم دفعتها بعيدًا عن الطريق وتخرج خلف زوجها قائلة:-

 

-أنا متهنية أربع وعشرين قيراط لأن ربنا مدينى راجل سيد الرجالة كلها

 

وضعت عبائته على أكتافها فوق فستانها ثم ترجلت خلف “نوح” لتراه قادم من غرفة المكتب ويسند والده فقالت بقلق:-

 

-سلامتك يا بابا

 

أجابها “على” بنبرة خافتة:-

 

-الله يسلمك يا بنتى، دا شوية سكر مفيش داعى للتعب دا

 

تبسمت بخفوت بينما أخذه “نوح” إلى غرفته وظل معه طيلة الليل وقد نجحت “أسماء” فيما ترغب به ..

 

____________________

 

وقفت “ليلى” في شرفة منزلها تفكر فيما حدث وكيف رفضته لتتصل بـ “عهد” وقصت لها ما حدث لتقول “عهد” بأختناق شديد:-

 

-ممكن يا ليلى تفهمنى سبب رفضك

 

أجابتها “ليلى” بضيق شديد قائلة:-

 

-أنا معرفش أعيش في الصعيد ومع رجل صعيدى وعاداتهم وتقاليدهم يا عهد صعبة

 

أجابها “عهد” بجدية:-

 

-مش صعبة يا ليلى بل عاداتهم وتقاليدهم بتصون وتحمى وتغلى الواحدة، أيه الصعب هنا مش عاجبك .. أصعب حاجة هنا أنك تعيشي مع راجل مبحترمش الست ولا بيقدرها وميتفاهمش معاكى ومع شغلك يا ليلى لكن عطيه حسب كلامك مش كدة ومش معارض فكرة شغلك ولا بيقلل منك بل بالعكس أول ما قولتى أنا رايحة القاهرة عشان شغل وصلك بنفسه وفى إعجاب بينكم يبقى أيه اللى هيتعب أو هيصعب الموضوع معاك

 

تحدث “ليلى” بقلق شديد قائلة:-

 

-وأعيش حياتى كلها هناك لا وأتجوز راجل بيلبس جلابية

 

تنهدت “عهد” بتذمر من عناد صديقتها لتقول:-

 

-يا بنتى أنتِ حافظة مش فاهمة مالها الجلابية يا ليلى وهو مقياس الراجل عندك الجلابية ولا البدلة ما تشلنيش معاكى وبعدين يا ليلى ما انتِ غصب عنك هتعيشي هنا عشان شغلك معايا ولا تحبى ادور على مديرة اعمال غيرك

 

صمتت “ليلى” دون ان تُعقب على حديثها لتتابع “عهد”. قائلة:-

 

-فكرى كويس يا ليلى قبل ما عطيه يضع من أيدك

 

أومأت لها بنعم بتذمر وهى لا تقبل فكرة الذهاب إلى الصعيد أو الزواج من رجل يرتدى عباءات وعمة ثم أغلقت الهاتف مُعتقدة بأن “عهد” تتحدث هكذا لأنها مُتزوجة من رجل صعيدى…

 

__________________

 

كانت “عليا” تقف في ملاهى الأطفال تراقب “عمر” وهو يلعب مع “يونس” ثم تركه مع المربية وذهب إليها ثم جلس بجوارها وقال:-

 

-ها قررتى هنأكل فين؟

 

تبسمت “عليا” وهى تنظر إليه ثم قالت:-

 

-أي مكان مش هتفرق

 

ألتف “عمر” إليها وحدق بملامح وجهها ثم قال:-

 

-أنتِ مش كان عندك اخت ليه على طول لوحدك

 

نظرت “عليا” للأمام ببرود ووجه عابس بعد ان ذكر أختها لينتبه “عمر” إلى ضيقها من سؤاله لتقول “عليا”:-

 

-أتجوزت وسافرت!!

 

تبسم “عمر” بعفوية وهو يأخذ يد “عليا في يده وقال:-

 

-عقبالنا

 

نظرت “عليا” على يده المتشابكة بيدها ثم رفعت نظرها إلى “عمر” وقالت:-

 

-أنت عاوز تتجوزنى يا عمر

 

أومأ لها بنعم ثم قال بلطف:-

 

-أمال بتعرف عليكى عشان أمشي معاكى شوية أعتقد كبرنا على الكلام دا

 

تبسمت “عليا” بلطف ثم قالت بجدية تجمع شجاعتها:-

 

-طب أنا عاوزة أحكيلك حاجة

 

-أوعى تقولى انك خايفة من أهل جوزك ليأخده يونس منك

 

هزت رأسها بلا ثم قصت إليه ما حدث معى “عهد” و”نوح” ليتعجب “عمر” من افعالها ثم سألها بحيرة:-

 

-أنتِ جوزتيه اختك وهربتى

 

تمتمت “عليا” بهدوء وهىتتحاشي النظر إليه قائلة:-

 

-خوفت على مستقبلى وعلى يونس أنا أم يا عمر والأم بتعمل المستحيل عشان عيالها

 

جذب “عمر” يده من يدها وقال:-

 

-بس أنتِ قولتى مستقبلك قبل ابنك وابنك عمره ما كان هيتأذي وخصوصًا أنه حفيدهما ومن دمهم لكن أختك وكمان زعلتى عشان جوزها طلب تتبرعى لمراته اللى هي اخته طب كنتي أعتبريه رد جميل ليها بعد ما جوزتيها هناك ورميك ليها لكن تقاطعيها

 

دمعت عينى “عليا” بضعف ثم قالت:-

 

-بس فعلًا تعبت من شيل مسئوليتها أنا بنى ادمة برضو وليا طاقة

 

-مسئوليتها!! بعد ما كبرت وأستقلت في شقة لوحدها وأشتغلت وشالت نفسها دى حجة يا عليا مش أكتر… يلا نروح نأكل

 

ذهبا معًا إلى مطعم بيتزا وتناولا الطعام معًا و”عليا” تراقبه خلسًا ووجهه عابس وصامتًا لكنها لم تسأله عن شيء ثم أخذها إلى المنزل ورحل

 

_____________________

 

كانت “عهد” جالسة على المكتب وتكتب سطور كتابها الجديدبتركيز وبجانبها كوب من مشروب الشيكولاته الساخنة ليدق باب الغرفة وتدخل “حُسنة” ببعض الصناديق الكرتونية فسألت “عهد” بتعجب:-

 

-أيه دا؟

 

أجابتها “حُسنة” بتعب وهى تضع الصناديق أرضًا قائلة:-

 

-وصلوا للبيه وجالى أطلعهم أهنا

 

أومأت “عهد” لها بنعم ثم غادرت “حُسنة” فظلت “عهد” تنظر إلى الصناديق بفضول لتفتحهم وكان بداخلهم الكثير من الكتب وديكورات للمكتب والمكتبة لتغمرها السعادة بسبب زوجها الذي يسعى دومًا إلى إسعادها فهرعت للخارج كى تنزل للأسفل لتجده كم أخبرتها “حُسنة” أنه بالمنزل لكنها لم تجده فأستدارت لكى تصعد مُجددًا فأصطدمت بـ “حورية” تخرج من المطبخ وأنسكب منها كوب الشاي فتحدثت “عهد” بقلق:-

 

-أنا أسفة

 

لكن “حورية” لم تقبل الأعتذار بل أخذت هذا سبب للشجار مع هذه الفتاة وألقت الكوب بعيدًا لينكسر دون أن تكترث له وقالت:-

 

-أسفة أيه وزفت أيه على دماغك على الصبح

 

تحدثت “عهد” بضيق شديد قائلة:-

 

-أنتِ عايزة تتخانقى وخلاص

 

صاحت “حورية” بانفعال شديد قائلة:-

 

-أنتِ لسه شوفتى خناج يا مرت الكبير

 

أنقضت عليها تجذبها من شعرها أرضًا لتسقطها ثم جلست عليها وبدأت تضرب بقوة صفعات متتالية لتدفعها “عهد” بعيدًا وهى تصرخ بألم ثم زحفت على ركبتيها نحو الدرج لكى تقف هاربة من هذا المرأة الشرسة لتجذبها “حورية” من قدمها بقوة ليرتطم وجه “عهد” بالدرجات وهى تزحفها للخلف ليسيل الدم من فمها وجلست “حورية” عليها مُجددًا بغضب وهى تنفث غضبها كاملًا بـ “عهد” وكان ضعفها يساعد “حورية” في إفراغ الغضب بعنف شديد فجاءت “أسماء” لتراها هكذا فأسرعت إلى أختها وأبعدتها عن “عهد” ونظرت إليها لتُصدم عندما وجدتها فاقدة للوعى

 

غمغمت “أسماء” بهلع تقول:-

 

-أنتِ جنتى؟ البت شكلها ماتت

 

أقتربت “أسماء” تضع يدها قرب أنف “عهد” لتتنفس الصعداء بأرتياح ثم قالت:-

 

-الحمد لله لسه عايشة أنتِ مخك طار منك يا حورية المرة دى هيطردنا برا الدار كلتها دفعتها “حورية” بعيدًا وأقتربت من “عهد” وهى على الأرض ثم بدأت تركلها في بطنها بقوة وهى تمتم قائلة:-

 

-هملنى في الحالي البت دى مينفعش تحمل وتولد جبل ما نأخد حجنا من نوح ولا عاوزنى اسيبها أكدة لحدة ما تولد وتورث

 

أبعدتها “أسماء” بخوف شديد من غضب “نوح” وما سيفعله بهماعندما يعةد وقالت بصراخ شديد:-

 

-حمل أيه وعيال أيه وهم لسه كيف الأخوات بكفايكى ضرب في البت

 

أبتعدت “حورية” عنها بأغتياظ شديد ثم قالت:-

 

-أحسن

 

دلفت “سلمى” بصحبة “”على” وهو يتكأ عليها من الخارج لتقول:-

 

-سلامتك يا حج، نهتم بالأكل والعلاج بجى كيف ما الدكتور جال

 

أتسعت أعينهما عندما رأوا “عهد” على الأرض فاقدة للوعى وحدها بعد أن اختبأت “حورية” وأسماء” قبل أن يروهما فهرعت “سلمى” إليها بخوف مُعتقدة بأنها سقطت عن الدرج…

 

___________________

 

وصلت “ليلى” للصعيد في سيارة أجرة مأجورة وكانت تنظر في الهاتف بشرود في متابعة تفاعلات القناة والمشاهدات لكن السيارة توقفت فجأة ليسقط الهاتف منها وترتطم رأسها في المقعد الأمامى فنظرت للأمام بغيظ لكنها رأت سيارة سوداء رباعية الدفع تقف بعرض الطريق وهناك ثلاث رجال مسلحين يقفوا أمامها ثم فتح باب السيارة الخلفى وترجل رجل لتُصدم عندما رأت “خالد” يترجل من السيارة مُرتدى عباءة كحلى ويلف عمامته فأتسعت عيني “ليلى” على مصراعيها من رؤية رجل متوفي أمامها حي ويمشي على قدمه يصبو إليها وظلت مصدومة حتى فتح باب السيارة وأخذها من يدها بقوة ووجه عابس غليظ ونظرات ترعبها لكنها صرخت بخوف منه وتضربه على صرده ليتركها لكنه حملها بذراعه على كتفه وسار بعيدًا ليترجل سائق السيارة بخوف على هذه الفتاة التي بعمر أبنته وقال:-

 

-أنت واخدها على فين

 

أوقفه “خالد” بالمسدس في وجهه وقال بغضب سافر:-

 

-مالكش صالح وهم أمشي من أهنا جبل ما تخسر عمرك

 

أزدرد الرجل لعابه بخوف من هؤلاء الرجال المُسلحين ليلقى “خالد” بها في السيارة وينطلق بعيدًا بعد أن اختطفها وهى تصرخ بهلع وترتجف رعبًا…

 

____________________

 

كانت “فاتن” تجلس مع “حمدى” في غرفة الضابط وقالت بهمس:-

 

-يعنى هتجضي بجية عمرك أهنا؟

 

أقترب منها ونظر حوله يتأكد بألا يسمع أحد حديثهما وهمس إليها قائلًا:-

 

-لا أنا هبعتلك مع حد من العساكر حبيبى هجولك على معاد الترحيل وتكلمى خالد على الرجم اللى اديتهولك وهو هيتصرف

 

نظرت له بقلق ثم قالت:-

 

-أنا معاوزش ولدى ينزل من الجبل ويتأذي أنا ما صدجت ان ربنا رحمه ومماتش

 

مسكها من ذراعها بغضب سافر وهى تكاد تضحى به لأجل أبنها ثم قال:-

 

-ولدك دا أنا اللى انجدته من الموت ولولا اللى عملته مكنش زمانه عايش دلوجت

 

أومأت له بنعم ثم غادرت القسم لتعود إلى المنزل وعندما دخلت هرعت “أسماء” إليها وأخبرتها بما فعلته “حورية” بزوجة “نوح” وأنه على وشك العودة من العمل لتفزع بهلع شديد وتركض إلى غرفتها وكانت “حورية” تقف ثابتة دون خوف مما فعلته لتُصدم بصفعة قوية من والدتها على وجهها ثم قالت:-

 

-أنا مش جولتلك متهوبش من عهد ومتخططيش لحالك

 

تحدثت “حورية” بأنفعال شديد تقول:-

 

-من غيظى مجدرتش أمسك حالى عليها

 

صاحت “فاتن” بضيق شديد وهى تقول:-

 

-تجومى تضربيها وتعلمى على خلجتها بيدك طب وجعيها من على السلم هنجول وجعت لحالها لكن تضربيها ما هو الضرب واضح أنه ضرب

 

صمتت “حورية” بإغتياظ شديد مما يحدث وضرب أمها لها فغادرت الغرفة وشرارة غضبها تنشب بداخلها…

 

وصل “نوح” للمنزل وصعد على غرفته لكنه لم يجد زوجته فخرج يبحث عنها ولم يجدها فسأل “سلمى”:-

 

-عهد فين يا أمى؟

 

أبتلعت “سلمى”ريقها بخوف من “نوح” عندما يرى زوجته بهذه الحالة وما أصابها ليشعر بالغرابة من صمت والدته وأرتباكها فقال:-

 

-في أيه، عهد فين؟

 

نظرت “سلمى” على باب غرفتها بقلق وقبل أن تتحدث هرع “نوح” نحو الغرفة لتسرع “سلمى” وتقف أمام الباب تمنعه من الدخول وقالت:-

 

-هي نايمة هبابة يا نوح

 

أبعد والدته عن الطريق وفتح الباب ثم دخل كالعاصفة البركانية عاضبًا والفضول يقتله ليُصدم عندما رأى زوجته فوقفت “عهد” بخوف منه ونزلت عن الفراش لتسير بضعف نحوه فمسك فك وجهها بلطف وهو يشعر بوخزات قلبه ألمًا لرؤية ما حدث بها في منزله، رفع رأسه إليها يتطلع بجرح ذقنها وشفتيها من أرتطامها بالدرج ووجهها مليءبالكدمات غير عينيها اليسرى المغلقة تمامًا من الورم فسأل بغضب كامن:-

 

-مين اللى عمل فيكى أكدة

 

تمتمت “عهد” بضعف وخوف مما سيفعله قائلة:-

 

-نوح..

 

قطعها “نوح” بأنفعال شديد وهو يصرخ بها قائلًا:-

 

-بجولك مين اللى عملها

 

-حورية

 

قالتها بسرعة مرتعبة من صراخه عليها فتركها وغادر الغرفة لتفزع “سلمى” و “عهد” ويخرجوا خلفه …..

 

 

 

 

يتبــــع ……

 

#هويتُ_رجل_الصعيد

الفصل السادس عشر (16)

___بعنـــــوان “عـــرض زواج”___

 

دفع “نوح” باب الغرفة بغضب سافر تملكه ليُصدم عندما وجد “حورية” على الأرض فاقدة للوعى وقطعت شرايين يدها اليسرى، جاءت “عهد” خلفه وصُدمت عندما رأتها هكذا فهى جاءت خلفه خوفًا مما سيفعله لكن هذه المرأة لم تنتظر فعله، تشبثت “عهد” بذراعه بخوف وهكذا جاءت “سلمى” و”فاتن” بخوف من غضبه لتفزع “فاتن” مما فعلته ابنته وركضت إليها ليتركها “نوح” لأمها تعالجها أو تتركها تموت لا يهتم بما يحدث، أخذ “نوح” يد زوجته وصعد بها للغرفة وتركها ثم ذهب إلى المرحاض وأحضر صندوق عبلة الإسعافات الأولية وجلس أمام “عهد” غاضبًا يعالج جروحها بصمت شديد وهى تتطلع به وتنظر إلى ملامحه والغضب والعجز في وجهه، تعلم انه يشعر بالعجز من رد حقها إليها او الدفاع عنها وحمايتها في منزله لترفع يدها إلى وجنته بلطف فرفع نظره إليها ليُدهش عندما قبلت “عهد” عينيه بلطف ثم قالت:-

 

-متلومش نفسك يا نوح

 

لم يُعقب “نوح” لتترجل من المقعد وتجلس على قدميه ليوقف يده عن الحركة بالقطن والمعقم فقال:-

 

-حجك عليا يا حبيبة قلبى ورحم الغاليين…

 

قطعته “عهد” قبل أن يُقسم بشيء بقبلة دافئة على شفتيه لتتسارع نبضات قلبه ويشعر بقشعريرة تسير في جسده وهى تحيط وجهه بيديها الأثنين فتشبث “نوح” بها وهو يضع جبين على جبينها ويحدق بعينيها لتُمتم قائلة:-

 

-متعتذرش يا نوح على حاجة معملتهاش

 

طوقها بذراعيه بحنان وضعف لتستكين بين ذراعيه وتنتفس عبيره وتشعر بيديه تمسح على مؤخرة رأسها…

 

_____________________

 

جلست “فاتن” جوار طفلتها في المستشفى بعد أن أنقاذها الطبيب، نظرت “فاتن” حولها بخوف شديد ثم أقتربت من “حورية” وقالت بهمس:-

 

-جنتى يا بت عشان تعملى أكدة

 

أجابتها “حورية” ببرود قاتل تقول:-

 

-لا كنت أستن لما نوح يجطع خبرى، أكدة نفدت بجلدى من غضبه

 

أتاها صوت “أسماء” وهى تقول:-

 

-لا وأكدة بجى نفدتى منه، فكرى تحطى رجلك في الدار ونوح هيجطعهالك يا حبيبتى، الحمد لله ياما بسبب غباء بنتك أنطردنا من البيت الكبير العمر كله

 

تنهدت “فاتن” بضيق” شديد من “حورية” وبسبب هجومها على زوجته عمدًا أبرحتها ضربًا لن يغفر لها هذا الشيء، وإلا سيشعر “نوح” بالنقص والضعف أمام نفسه فقالت “فاتن” بهدوء:-

 

-خلينا نحدد اخوكى ونشوف هنعمل أيه في الواجعة المطينة دى

 

جلست “أسماء” جوارهما مُرتدية عباءتها السوداء وقالت بحزن:-

 

-منك لله يا حورية أنا كنت ناجصة عمايلك المطينة دى، بسببك هتفرجى بينا من جديد دا أنا ما صدجت أن أخوكى مماتش على يد نوح

 

نظرت “فاتن” إليها ببرود من هذه الفتاة الهائمة بالحب ولا تكترث لشيء سواه وقالت:-

 

-ما تهدى يا بنت بطنى دا وجت حب وسهوكة، ما تفوجى أكدة وتشوفى ابوكى جرا له أيه وأخوكى اللى مستغبي في الجبل مع مطاريد الجبل واللى هيجرى لينا بعد أختك حورية واللى عملته

 

غادرت “أسماء” من المستشفى غاضبة منهما والأمور تزداد تعقد وصُعبة بينها وبين “نوح” وما زالت لا تدرك بأنه عاشق لغيرها ولم يراها أمامه لكن تريد الحبيب حتى إذا كان السبيل الوحيد إليها هو القتال مع زوجته…

 

____________________

 

كان “خالد” جالسًا في الجبل وهى مُقيدة بالحبال أمامه على الأرض وتبكى بخوف من وجودها في الجبل وهؤلاء الرجال المسلحين مُحيطين بها، أزدردت “ليلى” لعابها بخوف شديد وتخشي النظر به فنتظر إلى الأرض بهلع لينفث “خالد” دخان الأرجيلة من فمه ثم قال:-

 

-تفتكرى صاحبتك هتهتم لأمرك ولا لا

 

رفعت “ليلى” نظرها إليه بصدمة ألجمتها من جملته وقد فهمت سبب إختطافه إليها فقالت بخوف شديد على “عهد”:-

 

-أنت ناوى علي ايه

 

تبسم “خالد” بمكر شديد وهو يخرج الهاتف من جيبه قائلًا:-

 

-هتعرفى دلوجت

 

رن على هاتف “عهد” وانتظر أن تجيبُ…

 

_____________________

 

أستيقظت “عهد” من نومها على صوت رنين الهاتف وكانت نائمة بين ذراعيه وتحيط خصره بيديها وهو يطوقها بذراعه والأخر أسفل رأسها، داعبت خصلات شعره بأناملها بلطف وسعادة تغمر قلبها ولا تهتم إلى الهاتف الذي يدق فى الصباح الباكر، أستيقظ “نوح” من نومه لتخجل “عهد” من نظراته وأختبأت أسفل الغطاء قبل أن يفتح عينيه بخجل شديد فتبسم “نوح” عليها ثم رفع الغطاء عن رأسها وهى تتشبث بالغطاء بأناملها ثم وضع “نوح” قبلة على جبينها فقال:-

 

-صباحية مباركة يا عروسة

 

ضمت “عهد” شفتيها بخجل منه وهى تُجيبه قائلة:-

 

-تليفونى بيرن

 

كادت أن تسلل من بين ذراعيها ليحاصرها بأحكام وهو يقول:-

 

-همليه يرن

 

دفعته “عهد” بعيدًا وهى تضع الروب عليها وتغادر الفراش كى تلتقط الهاتف الموجود على الطاولة وفتحت الخط بينما “نوح” يقف خلفها مُرتدي تي شيرت وبنطلون قطنى ويحيط خصرها بيده فتبسمت “عهد” عليه وهى تقول:-

 

-ألو

 

-أتوحشتك !!

 

أتاها صوته عبر الهاتف لتُصدم بهلع وكأنها رأت جثة تخرج من القبر أمام أعينها فقالت بتلعثم سافر وهى تبعد “نوح” عنها:-

 

-خالد

 

قهقه ضاحكًا عليها بسعادة وهذه الضحكات تكاد تقتلها رعبًا بعد أن تذكرت ما فعله بها وخطفه إليها بينما نظر “نوح” إليها بدهشة من محادثتها إلى رجل غريب تعرفه أمامه ولن يخطر على باله بأن المتوفى حي، تحدث “خالد” بسخرية قائلًا:-

 

-بعت لك هدية أتفرجى عليها زين

 

أنزلت الهاتف عن أذنها لترى الرسالة التي وصلتها وهى عبارة عن فيديو مُصور لـ “ليلى” وهى مُقيدة وخلفها رجلين مسلحين لتفزع بهلع وتشهق مما أدهش “نوح” ليقترب أكثر ويرى الفيديو وقبل أن يسأل وضعت “عهد” الهاتف على أذنها ثم قالت بهلع وخوف على صديقتها:-

 

-أنت عاوز أيه؟

 

أتاها صراخ “ليلى” عبر الهاتف تقول:-

 

-متجيش يا عهد ..متسمعيش كلامه

 

ليصرخ “خالد” بها بانفعال شديد قائلًا:-

 

-أخرسي بدل ما أخرسك أنا للأبد..أسمعى يا عهد

 

أخذ “نوح” الهاتف من يدها بغضب ليسمع صوته ويُدرك جيدًا هوية المُتصل وسمع بقية جملته يقول:-

 

-لو عايزة صاحبتك ممتأذيش تنفيذي اللى هجولك عليه يا عهد

 

تبسم “نوح” بغضب سافر ثم قال بنبرة مُرعبة ولهجة قوية:-

 

-طب يا أسمعنى انت زين يا مرحوم، ومن غير ما أسمع طلبك ما دام أنت عيل أوى أكدة ودخلت الحريم في حساباتك متنساش الله يخليك أن الست الوالدة وأخواتك البنات في دارى والمثل بيجول العين بالعين والسن بالسن فهمتنى!!

 

أشتاط “خالد” غضبًا فور سماعه صوت “نوح” وقال:-

 

-هي لحجت تجرى عليك

 

-مرتى.. وأنا ضهرها وراجلها وحادنا في الصعيد اللى انت منه مفيش مرة بتتحدد وياه راجل ولا راجل بتحدد مع مرة غيره إلا لو كان كيفك اكدة مرة لا مؤاخذة

 

كز “خالد” على أسنانه بضيق شديد ثم قال بتهديد:-

 

-دلوجت تشوف المرة دا هيطلع مرة ولا….

 

قطعه “نوح” بتهديد واضح وصريح بنبرة مُخيفة:-

 

-أسمعنى زين يا ولد عمى لو ليلى مكنتش عندى لحد العشاء متسألنيش على الست الوالدة وأخواتك البنات وأولهم حورية

 

أغلق “نوح” الهاتف فور أنهاءه لجملته بينما نبرته أرعبت “خالد” وجعلت القشعريرة تسير في جسده من الخوف من “نوح” وغضبه..

 

نظر “نوح” على زوجته التي جهشت في البكاء بحزن وخوف ليضع الهاتف على الطاولة ثم أقترب منها يطوقها بذراعيه ثم قال:-

 

-متجلجيش يا عهد وغلاوتك عندى لأرجعها

 

رفعت “عهد” يدها على صدره تتشبث بملابسه ثم قالت:-

 

-هو في غل وكره كدة، عملت له أيه عشان يفكر في أذيتى وليلى عملت أيه؟ ليه الكره وسواد القلب دا إيه الذنب اللى عملته

 

مسح “نوح” على رأسها بلطف يطمئنها ثم قال بحنان:-

 

-أهدى يا عهد والله لأرجعها

 

أبتعد “عهد” عنه ثم قالت بذعر شديد وسط بكاءها:-

 

-روح دور عليها يا نوح خد رجالتك وكلم عطيه وأقلب البلد على ليلى، لو جرالها حاجة عمرى ما هسامح نفسي أبدًا

 

أومأ لها بنعم ثم وضع قبلة على جبينها وقال:-

 

-حاضر يا حبيبة قلبى والله هدور عليها أهدى بس

 

سمع صوت ضجيج في الأسفل…

 

_____________________

 

تحدث “خلف” بضيق شديد ورجاله يقفون على البوابة كحاجز يمنع احد من الدخول:-

 

-نوح بيه جال مهتدخلوش الدار أبدًا

 

صرخت “فاتن” به قائلة:-

 

-والله وجدرت تجف في وشي يا خلف وتمنعى من دخول دارى أنا هدخل يعنى هدخل أتاه صوت “نوح” من الخلف يقول بجدية:-

 

-هملهم يدخلوا يا خلف

 

تبسمت “فاتن” بخبث وكأنها أنتصرت فيما تريده ثم دلفت مع “أسماء” و”حورية” ليقترب “نوح” من “خلف” ووضع يده على كتفه ثم همس إليه بشيء غامض فتبسم “خلف” وهو يسير للداخل مُترصدهم فتبسم “نوح” بسمة مكر وخبث بعد أن أوقعهم في فخه ثم أتاه صوت “عطيه” يقول:-

 

-خير يا نوح جايبنى على الصبح ليه؟

 

أخذه “نوح” للحديقة بهدوء ثم قال:-

 

-تعال يا عطيه ما هو ما العائلة دى اكدة مهنرتاحش يا صاحبى

 

جلسوا في الحديقة ليخبره “نوح” بما حدث ليفزع “عطيه” مما يسمعه وما حدث إلى هذه الفتاة التي تقدم إليها ورفضته ليقف من مكانه بغضب سافر ويضرب الأرض بقدمه بضيق ثم قال:-

 

-هجتل ورب الكعبة لأجتله يا نوح ومتلومنيش يا صاحبى على اللى هعمله في ولد عمك

 

وقف “نوح” من مكانه بدهشة من رد فعل “عطيه” على خبر إختطاف “ليلى” ووغضبه غضب عاشق لا محال فقال بهدوء:-

 

-أهدى يا عطيه أنا لو أعرف أنك هتعمل أكدة مكنتش كلمتك واصل

 

لم يستطيع “عطيه” تمالك غضبه أكثر ومحبوبته في خطر وليس بالخطر فقط بل الأكثر رعبًا هو “خالد” ذلك الرجل الفاسق والفاسد فأغلق قبضته على نبوته بأحكام مُحاولًا السيطرة على قلقه وفزعه الممزوجين بالغضب، أعطاه “نوح” الهاتف لينظر إلى الفيديو فعقد حاجبيه بغضب ويده تكاد تعتصر الهاتف بين راحة يده وأنتبه لشيء مألوف إليه ثم هرع من المنزل ولم ينتظر “نوح”، دخل “نوح” إلى غرفة المكتب ليجلب مفتاح سيارته وخرج خلفه لكنه لم يجد اثر لسيارة “عطيه” فحاول الأتصال به مرارًا وتكرارًا لكن لا جدوى من ذلك فهو لا يجيب…

 

____________________

 

كانت “عليا” تتصل مرارًا وتكرارًا بـ “عمر” لكنه لم يُجيب عليها وكأن حاله أنقلب رأسًا على عقب عندما أخبرته عن أختها وكيف تركتها في الصعيد لتحسم أمرها بالذهاب إليه وتركت “يونس” مع جارتها وذهبت إليه في النادى الذي يتدرب به الملاكمة وأنتظرته امام قاعة التدريب وعندما خرج هرعت إليه فنظر إليها ببرود شديد ثم سار إلى مكانسيارته لتسير خلفه ثم مسكت يده تستوقفه عن السير وتديره إليه لتقول:-

 

-أنت بتعمل كدة ليه؟ لما انت مش عاوز تكمل بتقرب منى ليه وتعلقنى بيك ليه ولا أنت من البداية كنت بتتسلى بيا بقى

 

نفض ذراعه بقوة من قبضتها وقال بجدية صارمة:-

 

-حاشاه لله لو بتسلى بيكى ولو كانت دى نيتى تترد ليا في أختى أو بنتى لكن ممكن تقولى أنى مبقتش مأمن ليكى، أنتِ ضحيتى بأختك مش هضحى بيا في يوم، لومتى جوزها عشان عايز ينقذ مرته من الم.وت وقطعتى صلتك بأختك عشان سندتيها في المرض هتسندينى أنا ولا لما أتعب هترمينى عشان المسئولية، لما يجرالى حاجة هتقولى طلقنى أصل مستقبلى لسه قدامى وأنا لسه صغيرة زى ما فكرتى في مستقبلك كدة قصاد حياة أختك .. أنا مبتسلاش يا عليا أنا بس راجعت حساباتى في شريكة حياتى اللى هكمل معها عمرى

 

كانت تسمتع إليه بصمت ودهشة من تفكيره ونظرته إليها ثم قالت بسخرية بعد أن ضحكت من سخرية الموقف:-

 

-يعنى برضو حياتى بت.دمر بسبب عهد حتى بعد ما بعدت عنها

 

نظر “عمر” إليها وقال:-

 

-أنا فعلًا بحبك يا عليا وعاوزك بس مش حاسس بالأمان معاكى حتى لو كُنت أنا الراجل، الراجل كمان بحتاج للأمان والسند بيحتاج لما يتعب يلاقى اللى تضحى بنفسها عشانه مع انه مش هيقبل بدا بس على الأقل تحاول عشانه

 

تنهدت “عليا” بضعف وهى تشعر بأن قلبها ينكسر أمامها وتعانى من الفراق مرة أخرى ثم قالت بضعف:-

 

-مكنتش تخلينى أحبك يا عمر، أنا عايشة لوحدى وراضية ومطمعتش في أكتر من وحدتى لكن ليه توجعنى وتكسرنى ما أنا عانيت الوجع والفراق مرة مع نادر، أتقهرت مرة في بُعد وأتذليت ووقعت لكن وقفت وعنادت الدنيا ليه تخلينى أقع تانى حرام عليك وعمرى ما هسامحك

 

كادت أن تغادر باكيًا ليمسك “عمر” يدها بلطف وضعف من رؤية دموعها وبكائها هكذا فرفعت نظرها إليه ثم قال:-

 

-أرجعى لأختك يا عليا، رجعى المياه لمجاريها وأوعدك عمرى ما أسيبك لحظة واحدة ودا عشانك قبل ما يكن عشانى، أنتِ نضيفة من جوا حتى لو خانك شيطانك مرة لكن متمكليش في الغلط دا، صححيه وأغلبى شيطانك وأنا معاكي وفى ضهرك حتى لو عايزانى معاكى نروح الصعيد وأترجاها أنا تسامحك مش همانع…

 

نظرت إليه بدهشة مما يقول وألتزمت الصمت التام….

 

____________________

 

أوقف “عطيه” السيارة بقرب الجبل وترك نبوته بالداخل ثم أخرج مسدس من صندوق السيارة وترجل من السيارة ليرى أحد الرجال يأتي إليه ثم قال:-

 

-أتاخرت ليه؟

 

سأله “عطيه” بقلق على محبوبته:-

 

-هي فين؟

 

أجابه الرجل بضيق شديد وخوف من “عطيه” وغضبه فهو ليس بقليل بل من كبار أعيان الصعيد:-

 

-والله يا عطيه بيه ما كُنت أعرف أنها تبعك ولا الرجالة، خالد طلب مننا معروف و…

 

قطعه “عطيه” بغضب سافر قائلًا:-

 

-هو فين؟

 

تحدث الرجل وهو يسير معه في وعورة الجبل وطرقه الذي لا يعرفها سوى مطاريد الجبل:-

 

-خرج ومعرفش فين؟ خد اللى ليك وهملنا الله لا يسيج

 

تنهد “عطيه” بأختناق فهو أراد رؤية “خالد” وقتله على ما فعله وترك جثته في الجبل للذئاب دون أن يُدفنه لكن ربما ما زال في عمره بقية، دخل إلى وكرهما ليراها على وشك فقد الوعى من المخدر الذي أعطاه لها “خالد” فأسرع إليها لكنها كانت تقاوم هذا المخدر بخوف من أن تفقد وعيها في هذا المكان وهؤلاء الرجال معظمهم مجرمين وتجار سلاح، مسكها من اكتافها ثم قال:-

 

-أنتِ زينة؟

 

أومأت إليه بنعم ليقف بها ويقف قيودها ثم خلع عباءة كتفه المفتوحة ووضعها على أكتافها، أخذها للخارج وهى تتكأ عليه وعندما خرج من الجبل رأى “خالد” يأتي من الأسفل فتركها جانبًا وأنقض عليه يضربه بقوة لكمات في وجهه وعندما أخرج المسدس هرع “خالد” إليه ويدفعه في صدره بقوة ليسقط المسدس من فوق الجبل ليدفعه “عطيه” بقدميه في صدره ليسقط “خالد” بعيدًا ويفقد الوعى فأخذها “عطيه” وهى تهتز بقوة بضعف منه ثم قال

 

-جادرة تمشي؟!

 

أومأت له بنعم بضعف وقدميها ترتجف خوفًا مما حدث ورأته وأتكأت على يده بخجل شديد لكن جسدها الهزيل أوشك على السقوط فلم تجد سبيل للبقاء واقفة على قدميها، تقدمت خطوة أخرى لتسقط منه فاقدة للوعى وتسقط عباءته عنها فتشبث بها بخوف تملكه لرؤيتها ضعيفة هكذا ومريضة، حملها على ذراعيه بخجل من لمسها وهى أجنبية عنه لكن لا محال إذا أراد إنقاذ حبيبته وفتاته من هذا الجبل المهجور والوصول للمستشفى فعليه فعل ذلك، نزل الجبل بها حتى وصل إلى سيارته، وضعها “عطيه” فى المقعد المجاور وأنطلق مُسرعًا إلى المستشفى وبعد الفحص دخل الغرفة ليراها نائمة فى الفراش المحلول الملحى مُعلق فى الكانولا الطبية بيدها، جلس جوارها وتتطلع بملامحها رغم أنها رفضت الزواج منه إلا أنه ما زال يكن المشاعر الصادقة لها بقلبه، دلف الممرض إلى الغرفة ليضع حقنة فى المحلول وأنتبه “عطيه” لخصلة شعرها التى تسللت من حجابها خارجًا بعد أن ما مرت به ليشعر بنيران الغيرة تنشب شرارتها فى قلبه، قرب “عطيه” يده من وجنتها وبسبابته أدخل الخصلة السوداء إلى الحجاب بغيرة من أن يرى رجل غريب شعرها، غادر الممرض وأبعد “عطيه” يده عن “ليلى” وظل بأنتظارها تفتح عيونها وعندما فتحت عينيها بتعب شديد رأته جالسًا على المقعد جوارها ويتكأ بيديه على نبوته مُنتظر يقظتها، أتاه صوتها المبحوح تقول:-

 

-شكراً

 

رفع عينيه بها بخجل وهو ما زال لا يحق له النظر بها لكن غلبه العشق والقلق عليها عندما سمع صوتها الواهن، تطلع بها بلطف ثم قال:-

 

-لو كان جرالك حاجة على أرضي مكنتش سامحتنى أبدًا

 

تبسمت “ليلى” بلطف رغم تعبها وهى ترى القلق بعينيه ووجهه ما زال شاحبًا خوفًا عليها فقالت بلهجة واهنة:-

 

-ولو برا أرضك عادى؟!

 

همس إليها بخفوت شديد قائلًا:-

 

-طول ما أنتِ تحت عيني هحميكى حتى لو على موتي لذا خليكى تحت عيني دايمًا ومتغبيش عنهم

 

وضعت “ليلى” يدها فى جيب ملابسها وفتحت السحاب ثم اخرجت يدها ومدتها له، نظر “عطيه” لها بأستغراب ثم فتح يدها وكان بداخلها خاتم زفاف فرفع عينيه إليها بتعجب لا يفهم شيء مما تفعله فقالت بخجل شديد:-

 

-عشان أكون تحت عينيك خلينى نتجوز

 

أتسعت عينيه على مصراعيها بدهشة أصابته فتابعت الحديث بقلق من أن يرفضها كما فعلت:-

 

-أنت قولت على موتك مش قادر تتجوزنى، يعنى الموت أهون من جوازك منى…..

 

أخذ خاتم الزفاف ووضعه في بنصره ثم رفع كفه إلى وجهه وقال:-

 

-هتجوزك وأربطك في السرير عشان تبطلى تخلعى قلبى عليكى وأنزل أدور في الشوارع كيف المجنون

 

تبسمت بعفوية عليه ثم أخرجت الخاتم الأخرى وقالت:-

 

-موافقة

 

نظر إلى يدها الممدودة ثم أخذ الخاتم من يدها ولف يدها برفق من الكانولا ووضع الخاتم في بنصرها الأيمن وقال:-

 

-معندكيش خيار على فكرة بعد اللى حصل برضاكى او غصب عنك هتجوزك

 

فتح باب الغرفة ودلفت “عهد” بفزع على صديقتها ووقف “نوح” بالخارج وكيف له أن يدخل غرفة لامرأة أخرى ليخرج “عطيه” إليه، عانقتها “عهد” ببكاء شديد وقالت:-

 

-أنا أسفة والله

 

تبسمت “ليلى” بعفوية وهى تضحك بهستيرية على ما حدث وكيف تقدمت لطلب الزواج منه بدلاً من أن يفعل هو وقالت:-

 

-أسفة ايه بس أنا عاوزة أشكرك يا بنتى

 

أبتعدت “عهد” عنها باستغراب شديد ونظرت لها لترفع “ليلى” يدها إلى “عهد” كى ترى الخاتم وقصت لها ما حدث فضربتها “عهد” بقوة على كتفها وهى تقول:-

 

-أنتِ قاعدة هنا تحبى وتتبسطى وأنا كنت هموت من الرعب عليكى

 

ضحكت “ليلى” بسعادة ثم قالت بهيام:-

 

-تفتكرى هعجب مامته وأخته

 

ضربتها “عهد” مرة أخرى لتضحك “ليلى” على غضب صديقتها وتذمر “عهد”، جاءت الممرضة ونزعت الكانولا لكى تغادر “ليلى” معهم فغادروا بسيارة “نوح” وعطيه” ما زال لا يُصدق بأنها أصبحت خطيبته الآن وقلبه يتسارع بسرعة جنونية، دخل “نوح” في الأمام وترك “عهد” في الخلف تساند صديقتها ليُصدم الجميع عندما رأوا “عليا” تجلس مع “أسماء” ترتشف العصير وركض “يونس” إلى “عهد” بسعادة وتشبث بقدميها ببراءة لكى تحمله فنظرت “عهد” إلى أختها بغضب كامن ولم ترفع “يونس” على ذراعيها بل نظرت الحزن والغضب تلألأت في عينيها لتقف “عليا” بهدوء تنظر إلى “عهد” ثمقالت:-

 

-…….

 

….يتبــــع

 

#هويتُ_رجل_الصعيد

الفصل السابع عشر (17)

___بعنــــــوان “أحرز نقطـــة”___

 

كانت “عهد” تقف بالشرفة الموجودة بغرفتها غاضبة وتتكأ بذراعها على الباب وتعقدهما أمام صدرها، أقترب “نوح” منها بلطف ومسك كتفيها من الخلف ثم قال:-

 

-عهد

 

لم ترك له المجال ليتحدث فأستدارت إليه غاضبة ومُفعلة وتصيح بضيق شديد:-

 

-هتقولى أختك وجت لحد عندك يبقى جابت الحق عليكى ما هو الغريب مهما كان عامل وجالك البيت يبقى جاب الحق عليك بس يا نوح

 

أخذ “نوح” وجهها فى يديه بحنان وحدق بعينيها ثم قال:-

 

-لا يا عهد أنا مهجولكيش أكدة، أنا هجولك متعمليش حاجة غصب عنك وعن طاجتك صمتت “عهد” وهى تتطلع بيه ثم تبسم فى وجهها وقال:-

 

-بس هجولك أنت عهد حبيبة قلبك أجمل وأرق من أنها ترد حد جالها معترف بغلطه وندمان

 

رفعت حاجبها إليه ثم قالت بتذمر:-

 

-ما أنت قولتلى اهو أغفر بس بطريقة مش مباشرة

 

تبسم “نوح” على هذه المرأة التى تزوجها وسكنت قلبه ببراءتها ثم قال بخبث:-

 

-لا عادى اعملى كيف ما تحبى بس البنت اللى خطفت قلبى وهواها غلبنى دونً عن ستات العالم كله أطيب وأجمل بكتير من انها تشيل نجطة واحدة سودة فى قلبها إلا ماكنش قلبى حبها وأنا بحبك يا عهدى ومهناجشكيش فى اللى هتعملي

 

تبسمت “عهد” بسعادة لأجلها وظلت تتطلع به وهى لا تعلم كيف أمتص غضبها وحوله إلى سعادة بأحتوائه إليها وكيف كلمات هذا الرجل أخمدت نيران بركان غضبها المشتعل بداخلها فقالت بعفوية:-

 

-وأنا الراجل اللى غلبنى هواه ووقعنى فى حبه أجمل بكتير يا نوح بكلمة منه بيقدر يحول الغضب للفرح وعلى أستعداد أعمل أى حاجةعشان بس نظرة واحدة منك يا نوح وأنا سامحت عليا من زمان أوى من يوم ما حبيتك وقلبى دق ليك لأن لولا اللى عملته مكنتش هحبك كدة ولا كنت هبقى مراتك

 

قرب “نوح”رأسها إليه ثم وضع قبلة على جبينها وقال بحب:-

 

-مش بجولك أجمل بكتير من سواد القلب والكره

 

ترجلت “عهد” بصحبته إلى أختها مُجددًا لتراها ما زالت تجلس على الأريكة ولم تخطو خطوة واحدة بعيدًا عنها لتقترب أكثر لتُدهش بوجود “عمر” معها هذا الرجل الذي لا تعرفه ولن تراه من قبل فقالت “عهد” بحرج:-

 

-أرتاحى يا عليا

 

جلست “عهد” على الاريكة المجاورة وبجوارها جلس “نوح” بعد أن رأى رجل غريب فى منزله وهو يحاول كبح غيرته قدر الإمكان كيف لراجل ان يجلس مع حرمة بيته هكذا وهو اجنبي عنهم، ركض “يونس” إلى “عهد” وتشبث بقدميها مرة أخرى وقال:-

 

-يونس زعل منك يا خالتو .. أنت مش بتيجى تلعبى معايا بالألعاب والمسدسات وبطلتى تركبى المكعبات معايا

 

تبسمت “عهد” ببراءة لهذا الطفل ثم حملته لتجلسه على قدميها وقالت بعفوية:-

 

-متزعلش، عارف خالتو هتجبلك ألعاب جديدة كتير أوى عشان متزعلش

 

عانقها “يونس” بدلال ثم سكن بين ذراعيها لترفع “عهد” نظرها إلى أختها و”عمر” بهدوء فى صمت منتظرة ان تتحدث أختها لتقول “عليا” بحرج شديد من بدء الحديث:-

 

-عهد أنا جاية عشان ..

 

قطعتها “عهد” بعد أن رأت حرجها أمام “نوح” وهذا الرجل الذي لا تعرف صفته لكى يوجد هنا :-

 

-خلاص يا عليا اللى فات انا نسيته

 

أقتربت “عليا” للأمام بجدية ونظرت إلى “عمر” ثم قالت:-

 

-لا يا عهد انا جاية أعتذر منك

 

تنهدت “عهد” بهدوء ثم قالت:-

 

-متعتذريش يا عليا أنا فعلا مش فاكرلك غير كل خير واللى حصل ربنا عوضنى عنه بقلب نوح وحبه ليا ودا كفاية، لأن كل ما أفكر أنا عمرى ما كنت هدخل الصعيد ولا البيت دا لولاك فأنتِ سبب عشان أقابل أحسن وأعظم راجل فى العالم وأنا مش شايفة اللى حصل غير أنك سبب فى أحلى حاجة حصلت ليا عشان كدة بقولك متعتذريش بالعكس أنا المفروض أشكرك

 

أنهت حديثها ثم نظرت إلى “نوح” وأخذت يده فى يدها وتشابك الأصابع بدفء ثم قالت:-

 

-يمكن نوح مبقوليش كلام حلو قدام حد عشان الحياء بس أنا غيره بقى وفعلًا أنا بحب نوح وكُنت هندم لأخر عمرى لو مكنتش وافقتك يومها أو سبتك تتجوزيه أنتِ

 

شد “نوح” بيده على يدها بسعادة من أعترافها بحبها الشديد له أمام أخته دون خجل ،دمعت عيني “عليا بحرج شديد مما فعلته ومسامحة “عهد” لها كانت أشد عقاب لها لتخفض رأسها حرجًا من الجميع فقال “عمر”:-

 

-وأنا جاي فى الطريق عليا قالتلى أنها عارفة أنك هتغفرى عشان قلب طيب يا مدام عهد

 

نظر “عمر” إلى “نوح” بحرج من مُحادثته لزوجته أمامه والغيرة التى نشبت نيرانها فى عيني هذا الرجل الصعيدى وقال:-

 

-متأخذنيش يا أستاذ نوح وأسف لو أتخطيت حدودى

 

كاد “نوح” أن يتحدث لتقول “عهد” بجدية:-

 

-أنا مسامحتش يا حضرة عشان قلبى طيب أنا سامحت عشان حبت نوح يعنى حُب نوح هو سبب الغفران

 

تنهد “عمر” بخفوت ثم وضع يديه على ركبتيه بخجل شديد وقال:-

 

-أحمم أنا مش عارف بصراحة اجبهالكم ازاى بس بصراحة أنا طالب أيد عليا منك يا أستاذ نوح أنت ومداد عهد لأنكم عائلة عليا الوحيدة

 

نظرت “عهد”إلى زوجها بدهشة ولم تقل دهشتهم شيء عن دهشة “عليا” حينما نظرت غليه بعد ما سمعته وتقدمه لخطبتها من أختها وزوجها دون ان يخبرها بشيء من قبل فتابع “عمر” الحديث بجدية بكذب مُصطنع:-

 

-أنا لما كلمت عليا فى الموضوع قالت ليا أن أختها الوحيدة فى الصعيد وبصراحة أنا مقدرش أفرط فى عليا ولا أتجوز غيرها عشان كدة جيت لحد هنا وعندى أستعداد أسافر لأخر العالم عشانها وأعمل المستحيل كمان

 

كانت “عليا” فى ذهولها من حديثه وهى تعلم بأنه يكذب بهذا الحديث ليأخذ يدها فى يده ويربت عليها بلطف وكأنه يطمئنها بأنه سيصلح ما أفسدته فى علاقتها بأختها، تنحنحت “عهد” بتردد وأرتباك وهى لا تعلم ماذا تقول؟ أو ماذا ستفعل؟، حدق “نوح” بهذا الثنائي وقد علم جيدًا بأن “عليا” لم تخبره بذلك لكنه يضع نقطة رضا فى قلب “عهد” تجاه أختها فتبسم “نوح” ليضع النقطة الأخرى فى قلب “عليا” وكأنه دخل تحدى مع هذا الرجل على من يجمع نقطات أكثر:-

 

-والله يا أستاذ إحنا منجدرش نديك كلمة ولا نديك يد بنتنا إلا لما نسأل ونطمن للراجل اللى هيأخد بنتنا

 

وقف “نوح” من مكانه بجدية ووجه صارم ثم قال:-

 

-حُسنة ..

 

أتته “حُسنة” سريعًا من الداخل ليتابع بحزم شديد:-

 

-جهزى أوضة الضيوف للأستاذ وعليا هان عارفة طريج أوضتها، خلينا نستضيفهم حدينا ثلاثة ليالى لو نال الرضا نوافج ولو مجدرش يبجى الجواز جسمة ونصيب

 

غادر “نوح” لتنظر “عليا” إليه وهو يتحكم بها فوقفت من مكانها بدهشة من فعلته وكادت ان تتحدث بأقتضاب شديد لكن “عمر” مسك يدها ليهدأ من روعتها وقال:-

 

-أهدي

 

خجلت “عهد” من فعلت زوجها فوضعت “يونس” نائمًا على الأريكة وركضت خلف زوجها ثم قالت:-

 

-نوح أستن هنا بكلمك…

 

تبسم وهو يسير بجدية وهى تناديه فى الخلف وتركض لكنه يصطنع الحزم…

 

_____________________

 

سارت “ليلى” معه بتوتر شديد ثم قالت:-

 

-أنت متأكد يا عطيه أن هعجب مامتك كدة، كنت قولى قبل ما أنزل على الأقل كنت غيرت هدومى

 

نظر “عطيه” ملابسها وكانت ترتدي بنطلون فضفاض ذات اللون الأزرق وهكذا السترة كانت طويلة تصل لركبتها مفتوحة باللون الأسود وتي شيرت أبيض بالأسفل وتضع حزام أبيض رفيع حول خصرها وتلف حجاب أبيض عليه ورود زرقاء فقال:-

 

-كنتِ عاوزة تلبسي أيه؟

 

تنحنحت بحرج شديد وخوف من مقابلة والدته فقالت:-

 

-أى حاجة يا عطيه عباية أو فستان، مامتك هتفكرنى مصرية من القاهرة مُنفلتة بقى وممكن معجبهاش

 

قهقه “عطيه” بسعادة ثم قال:-

 

-لا أمى مش ست جديمة جوى أكدة وبعدين نفرض لبستى عباية هتفضلى العمر كله تلبسي عباية جدامها مهتجيش تجولى أنت خدتنى ببنطلون ولبس الموضة

 

صمتت بخجل وهو يفتح باب المنزل ليقول بعفوية:-

 

-متجلجش أمى مش جديمة يا ليلى وعندها بنت فى عمرك وبتحب الموضة ومتعلمة وداكتورة تحاليل كمان متفكريش أن الصعيد لسه زى أيام زمان مفيش بنات بتتعلم ولا بتطلع من الدار وبنجتل أحلامهم وطموحاتهم إحنا كيفكم تمام بس إحنا بخاف ونغير على حرمة بيتنا هبابة

 

تبسمت “ليلى” بعفوية لأجله ثم قالت:-

 

-طمنتنى

 

ناد “عطيه” على والدته بصوت عالى قائلًا:-

 

-يا أمى

 

مسكت “ليلى”طرف كم عباءته وقالت بتوتر هامسة إليه:-

 

-تفتكر هعجبها بجد

 

ضحك بصوت مرتفع ليأتيه صوت والدته تقول:-

 

-ضحكنى معاك يا ولدى

 

دلف للصالون حيث تجلس والدته وكانت امرأة فى منتصف الستينات وتجلس على مقعد متحرك، دخل أولًا ثم قبل يدها بلطف وبعدها رأسها ثم قال:-

 

-ليلى اللى حكيت لك عنها يا ست الحبايب

 

رمقتها والدته “سما” بنظرة حادة وتتطلع بها من الرأس حتى أخمص القدم لترتبك “ليلى” من نظرتها الحادة وقالت بهلع وتلعثم:-

 

-أنا أسفة والله نسيت أقلع الجزمة بس عطيه دخل بيها

 

أستدارت لكى تخرج بخوف من أن تُثير غضب والدته وترفض زواجهما لتستوقفها “سما” بصوت حاد:-

 

-تعالى يا بت أهنا

 

ألتفت “ليلى” لها بهدوء رغم خوفها من نبرة “سما” الحاد وصراخها ثم سارت إليها وهى تزدرد لعابها الجاف فى حلقها ونظرت إلى “عطيه” بتوتو فأومأ إليها بنعم وأن تقترب دون خوف، وصلت أمام والدته وجلست على ركبتيها لتكن بمستوى “سما” فصُدمت “ليلى” عندما مسكتها “سما” من اذنها بقوة من فوق حجابها وقالت بغيظ شديد:-

 

-فين البسبوسة بتاعتى يا بت، محدش كلها من الثلاجة غيرك

 

أتسعت عيني “ليلى” بصدمة من حديثها ثم قالت:-

 

-والله يا طنط ما أكلت حاجة

 

تركتها “سما” ونظرت إلى “عطيه” ثم قالت بغضب:-

 

-شايف مرتك الحرباية بنت الحرباية بتجولى أيه .. بتجولى يا طنط مستكترة تجولى ياما، طبعا ما أمها الحرباية موسوسة لها جولتلك يا ولدى تعالى اجوزك بنت أخويا أنما أنت يا واد

 

ضرب قدمه بضيق شديد وهى تتابع حديثها:-

 

-جافش فى عائلة ابوك المعفنين معرفش على أيه

 

كانت “ليلى” مذهولة مما تسمعه وهى لا تفهم شيء لتقف من مكانها جواره ليهمس إليها بأن والدته مريضة بالخرف لتضربها “سما” فى قدمها بقوة وهى تقول:-

 

-كمان بتجومى من جدامى أكدة من غير ما أجولك صحيح عديمة الرباية كيف أمك السموية

 

جلست “ليلى” بلطف وهى تبتسم فى وجه هذه المرآة وقالت بعفوية:-

 

-طب أيه رأيك أعملك بسبوسة بالمكسرات

 

أقتربت “سما” منها بخفوت وأبعدت “عطيه” عنهما وقالت بلهفة وحماس:-

 

-بالجشطة يا بت

 

أومأت “ليلى” إليها بنعم مُبتسمة فعادت “سما” للخلف وقالت بزمجرة:-

 

-لا برضو هخليه يتجوز عليكى بنت أخويا وأجهرك أكدة

 

ضربت يديها على بعضهم فقوست “ليلى” شفتيها بحزن ثم قالت:-

 

-وأهون عليكى أكدة يا ماما

 

تبسمت “سما” إليها بغيظ شديد وقالت:-

 

-ما أنتِ اللى خايبة ومعرفاش تجيب له الواد عاملة تجيبى فى بنات لحد ما زهجتينا معاك

 

نظرت “ليلى” إلى “عطيه” فتبسم إليها بعفوية وهذه الفتاة ترغب بأرضاء والدته المريضة لكنها لن تخضع أبدًا فأتاهما صوت من الخلف:-

 

-أزيك يا عروسة

 

وقفت “ليلى” وهى تلتف إليها لترى فتاة فى نفس عمرها وترتدي بنطلون جينز وقميص نسائي طويل يصل لبعد الركبة وتحمل حقيبة على كتفها وتلف حجابها لتقول:-

 

-أنا مريم اخت عطيه معرفش كلمك عنى ولا لا بس هو كلمنى عنك كتير

 

نظرت “لأيلى” إليها بدهشة من لهجتها المصرية القوية مثلها فتبسمت “مريم” عليها ثم قالت:-

 

-متستغربيش كدة أنا جامعتى كانت فى القاهرة، ها بقى كلمنى عنى ولا نسي نفسه قدام القمر دا كله

 

نكزها “عطيه” بخجل من حديثها لتضحك “مريم” بعفوية وهى تمد يدها إلى “ليلى” وقالت:-

 

-يبقى نسي والصراحة له حق مش هقدر ألومه عشان أنتِ زى القمر وأنا عن نفسي مبسوطة أن عروسة أخويا قمر كدة

 

تبسمت “ليلى” بعفوية وهى تصافحها ثم نظرت بحزن مُحاولة أخفاءه إلى والدته التى لم ترحب بها فقالت “مريم” برحب:-

 

-متقلقيش هى كدة رضيت عنك، ماما لو مقبلتكيش هتلاقى ساكتة وبتكلم حد تانى هى بس اللى شايفاه

 

نظرت “ليلى” لها بأستغراب فقالت “مريم”:-

 

-هههه متقلقش أوى كدة هى مش ملبوسة ولا حاجة هى بس ذاكرتها واقفة على وقت جوازها من بابا وبنت أخوها اللى عاوزة تجوزها لعطيه دى بنت أخو حماتها واللى هى بتعمله فيكى اللى حماتها عملته فيها بمعنى أصح هى شايفاكى نفسها وعطيه بابا فعلى طول هتلاقيها قاعدة بتكلم بابا

 

أومأ “ليلى” لها بلطف حتى لا تشعرهم بالحرج فأستاّذنت “مريم” للذهاب إلى العمل وغادرت “ليلى” مع “عطيه” …

 

_______________________

 

كانت “فاتن” محبوسة فى الغرفة مع بناتها حتى فتح الباب ودلف “نوح” وخلفه “خلف” ليضع صنية الطعام أمامهم وقال:-

 

-كلوا عشان أنا محتاجكم عشان بس أمسك ابنك الفاسد مش أكتر

 

تحدثت “حورية” بانفعال شديد قائلة:-

 

-أنت حابسنا أهنا كاننا مواشيى فى الزريبة عندك

 

أومأ لها بنعم ثم مسكها من شعرها بقوة وقال:-

 

-أبلعى لسانك يا بنت عمى عشان اللى عملتيه أنا لسه مدفعتكيش تمنه لتكونى فاكرة أنه عدى أكدة

 

دفعها بقوة إلى والدتها لتمسكها “فاتن” قبل أن تسقط وتابع حديثه بنبرة مُخيفة قائلًا:-

 

-واااه أنتوا مواشي وحتى المواشي والبهايم أحسن منكم مبيغدوروش ولا بيمكروا لأهلهم، ورب العزة لو سمحت حسك تانى يا حورية لأدفنك حية وأنتِ واجفة كمان متستفزنيش عليكى أكتر من أكدة

 

طوقتها “فاتن” بخوف شديد منه ثم قالت بضعف:-

 

-هى حصلت يا نوح بتستجوى على حريم عمك

 

صاح بها بانفعال شديد وهو يقترب منهم قائلًا:-

 

-وهى مرتى اللى بنتك ضربتها أيه مش حريم وبعدين رجالتكم هم اللى جُبان وأستخبوا كيف الفئران وابنك هو اللى دخل الحريم فى الموضوع ولا مرتى اللى خطفها كانت راجل، أنا رد فعل لست فاتن وأنا لسه مبدأتش

 

تحدثت “أسماء” بغضب وهى تحتضن أختها قائلة:-

 

خلاص خلى مرتك تواجههنا وإحنا حريم فى بعض مالكش صالح أنت

 

تبسم “نوح” بمكر ساخرًا من هؤلاء النسوة ثم قال:-

 

-متجلجيش يا بنت عمى هخليها تنزل عليكم بجزمتها وفى وسط الخلج واللى هترفع عينيها فى عهد هطخها بالنار بس بعد ما أبوكى يتعدم وأجتل أخوكى بيدي جدام عيونك عشان تعرفوا أنى هعملها ومهصونش دم وقرابة

 

غادر المكان بعد أن ترك مؤقت قنبلته يبدأ فى العد التنازلى فى قلوبهم مما سيفعله بهم لتجلس “فاتن” على الأرض ببكاء شديد وترتجف خوفًا ثم قالت:-

 

-أنا لازم أنبه خالد وأعرفه اللى بيعمله نوح عشان يتصرف زين.. بس كيف لازم أجيب التليفون من أوضتى لكن كيف…

 

____________________

 

وقفت “عليا” مع “عمر” فى الحديقة فسألته:-

 

-عملت كدة ليه يا عمر؟

 

تبسم “عمر” بلطف وقال:-

 

-متقلقيش يا عليا وسيبيها عليا أنا هخلى نوح يرضي حتى لو أتشقلبت

 

عقدت ذراعيها أمام صدرها بغرور مُصطنع وقال:-

 

-هتعمل المستحيل عشانى.. هتعمل أيه؟

 

أخذ يدها فى يده وقال:-

 

-أنا مش هفرط فيكى يا عليا زى ما قولت لنوح

 

أبتسمت “عليا” بخجل إليه لكن صُدما الأثنين عندما جذبت “عهد” يد اختها من يد “عمر” وقال “نوح” بجدية صارمة:-

 

-وأنا جولت مفيش جواز إلا لما أوافج وعندينا أهنا مفيش رجل بيمسك يد حرمة أكدة ويجف يحب فيها، خديها يا عهد على أوضتها وأجفلى عليها زين

 

أتسعت عيني “عليا” وهكذا “عمر” لتبتسم “عهد” بخبث شديد وتأخذ أختها بالقوة للغرفة وتغلق عليها فنظر “نوح” إلى “عمر” وقال:-

 

-عن أذنك يا أستاذ

 

ذهب “نوح” للمنزل وهو يبتسم ثم صعد إلى غرفته ورأى زوجته تقف بغرفتها فتبسم “نوح” قائلًا:-

 

-عهدى

 

أستدارت “عهد” إليه بسعادة ليفتح ذراعيه إليها فركضت إليه تعانقه بحب فهمس بأذنيها بعفوية قائلًا:-

 

-أنا بس اللى أحضن أهنا ما دام حلالى انما هم لا

 

تبسمت “عهد”إليه وهى ترفع نظرها إليه ويديها تلف حول خصره فقالت:-

 

-هتعمل أيه؟ هتوافق

 

ضحك “نوح” بقوة وهو ينظر إليها ثم قال:-

 

-لتكونى فاكرة أنهم مستنيين رأيكى بجد أنا بس بشد عليهم لكن بموافجتى أو لا هيتجوزوا يا روح قلبى

 

ضحكت “عهد” بسعادة ثم قالت:-

 

-عارف يا نوح أنا مبسوطة أوى لأن عليا رجعت حتى لو عشان هتتجوز بس على الأقل الزعل راح بعيد عننا

 

مسح “نوح” على رأسها ثم قال بحنان:-

 

-ربنا يسعدك كمان وكمان يا حبيبة قلبى ويجدرنى يا عهد وأسعدك العمر كله وأشوف دايمًا ضحكتك منورة وشك أكدة

 

أستدارت تقف خلفه لتنزع عباءته عن أكتافه وهى تقول:-

 

-طول ما أنت معايا وجانبى أنا أسعد واحدة فى الكون كله يا نوح

 

ألتف “نوح” إليها ببسمة مُبهجة ومُشرق فنزعت عمامته عن رأسه ثم جلست على الأرض وجلبت أناء كبير ووضعت به الماء ثم وضعت قدمه لتضعها بالماء فأندهش “نوح” من فعلتها فقالت:-

 

-بتبص لي كدة ليه؟

 

لم يُجيبها وتركها تفعل ما تريد ثم وقفت “عهد” لكى تجلب له ملابس ليغير عباءته فمسكها من يدها وجعلها تجلس جواره على الفراش فنظرت إليه بحُب يفيض من عينيها ليرفع يديه يبعد خصلات شعرها الأسود ويضعه خلف أذنيها فقالت:-

 

-نوح أتلم

 

قالتها بخجل وهى تدفع يده بعيدًا عنها ليضحك “نوح” عليها وقال:-

 

-مش عيب أكون الكبير ورجالة بشنابات بتجف لي وتيجى أنتِ تجوليلى أتلم

 

عقدت ذراعيها أمام صدرها بغرور من مكانتها فهولاء الرجال ليس إلا أغراب أم هى فليس أحد بقربها إليه وقالت بكبرياء:-

 

-هم الرجالة اللى بشنابات دول هيبقوا أم ولادك يعنى

 

حدق بها بسعادة هائمًا بجملتها ثم قال بخفوت:-

 

-والله نفسي يا عهد فى عيل واحد منك وتكونى أنتِ أمه مهيفرجش عندى ولد ولا بنت جد ما هيفرج أنك تكونى أمه ويكون منك

 

تبسمت “عهد” بخجل ثم قالت:-

 

-خلاص أدعيلى وأنت بتصلى الفجر كل يوم أطلع حامل

 

نظر للأعلى وهو يدعو بأن تتحقق أمنيته وأن يكن أب لطفل منها فقط…توتر “خالد” بعد أن هدده “نوح” بوالدته وأخواته البنات بأن ينتقم منهم وزاد قلقه بعد أن تغيبت والدته عن الاتصال به على غير عادتها كانت تُحدثه يوميا فى المساء فأرسل أحد الرجال إلى المنزل ليعود ويخبره بأن “نوح” سجنهم فى المنزل فأشتغل الغضب بداخله وجمع الرجال بالأسلحة ثم قال بغضب سافر قبل أن يصعد لسيارته:-

 

-إحنا مهنرجعش إلا بأمى وأخواتى وأى حد يجف فى طريجكم أجتلوا مش مهم واللى يصادف نوح ويجتله له الحلاوة منى

 

صعد الرجال بحماس إلى سيارتهم وصعد “خالد” إلى أحد السيارات وتحركات سبعة سيارات مُتجهين إلى منزل عائلة الصياد….

 

يتبــــــــــــــــع….

 

#هويتُ_رجل_الصعيد

الفصل الثامن عشر (18)

___بعنـــــوان “رصاصــة انتقام”___

 

كانت “عليا” سجينة غرفتها بغضب سافر من هذا الرجل زوج اختها الذي يمارس قوته عليها وهى ما زالت لا تقبل بوجوده في حياتها..

 

حمل “عمر” سلم خشبى ويسير نحو شرفة الغرفة ويقول بأغتياظ شديد:-

 

-هو فاكر أنه هيمنعنى ولا أيه يبقى ميعرفش أنا مين

 

وضع السلم على الحائط وصعد عليه حتى وصل أمام الدرج ودق الشرفة، تعجبت “عليا” من الطرق على الشرفة ثم فتحت الباب لتُدهش برؤيته وأنف.جرت ضاحكة وهى تنظر على السلم بالأسفل وقالت:-

 

-هههه أيه اللى بتعمله دا؟

 

تشبث “عمر” بسور الشرفة بذراعيه وهو ينظر إلى عينيها بسعادة ثم قال:-

 

-هو جوز اختك فاكر أن هو هيقدر يمنعنى ولا أيه، أنا قولت أنى هعمل المستحيل عشانك

 

ضحكت “عليا” بخجل شديد رغم ترقص قلبها فرحًا بما فعله “نوح” فولا فعلته ما كانت أدركت بجنون “عمر” وحبه إليها فتبسمت وهى تتكأ بذراعها على السور وقالت بلطف:-

 

-ودا بقى المستحيل اللى هتعمله

 

رفع “عمر” يده ليقربها إليها فأعتدلت في وقفتها وصاحت به وهى تقول:-

 

-عمر أتلم

 

أنزل يده إلى السور من جديد وقال بزمجرة :-

 

-أتلمت اهو لما أشوف أخرتها معها

 

___________________

 

جلست “عهد” جواره على الأريكة وهو يحيط بذراعه واليد الأخر تمسك يدها بلطف فهتفت “عهد” بنبرة دافئة ناعمة:-

 

-عاوز أقولك حاجة يا نوح بما أنك رايق وهادى بس وحياتى متتعصبش

 

ترك يدها ليبعد سيجارته عن فمه بأنامله ثم نفث دخانها بالجهة الأخرى وقال:-

 

-الحاجة دى بخصوص مرت عمى وبناتها

 

نظرت “عهد” إليه بدهشة ثم قالت:-

 

-أنت عرفت منين؟

 

أطفأ سيجارته ثم عاد إليها يداعب خصلات شعرها وعينيه تحدق بوجه حبيبته ثم قال:-

 

-أنا بجيت حافظك يا عهد وخابر زين أن قلبك الطيب مبيرضاش بأذيتى حد حتى لو الحد دا أذاكى ووجعك هتغفرى، بس مرت عمى ما هتطلعش من هنا يا عهد

 

ألتفت “عهد” إليه بلطف مُتحكمة بغضبها وعِندها ثم قالت بلطف:-

 

-أنا عايزة أعيش معاك بسلام يا نوح من غير خوف وقلق

 

أومأ لها بنعم وعينيه تحتضن عينيها بحُب يحترق بداخله ثم قال:-

 

-لأجل عيونك يا عهدى أبيع العالم كله

 

تبسمت إليه بلطف ثم وضعت رأسها على صدره ليطوقها بذراعيه وهو يستنشق رائحتها ويديه تمسح على شعرها والدفء الذي يشعر به كأنه أمتلاك سلام العالم كله بين ذراعيه بوجودها، عبيرها وعطرها بمثابة الإدمان الذي غرق به ولا ينوى الأقتلاع عن إدمانها أبدًا، همست “عهد” وهى تستكين بين ذراعيه قائلة:-

 

-أنا لأجل عيونك ولحظة واحدة من عمرى بكون فيها معاك أبيع حياتى كلها، كل مرة بتمنى الوقت يقف هنا فلحظتنا دى

 

أجابها “نوح” وهو يمسح على شعرها بلطف:-

 

-من غير ما يوجف يا عهدى أنا جارك العمر كله

 

تبسمت “عهد” عليه بسعادة ثم تسللت من حضنه لترفع رأسها إليه وتتقابل أعينهما وهى تضع يديها على وجنته تداعب لحيته وهو يغمض عينيه مُستسلمًا إليها بهيام وغارقًا في بئر عشقها إلى النهاية ولا سبيل له بالصعود والخروج من بئرها، كانت “عهد” تحدق بها بشغف وحُب ثم تحدثت إليه وأناملها تتداعب لحيته:-

 

-عارف يا نوح أنا نفسي نخلص من الصراعات دى ..

 

فتح عينيه لكى ينظر إليها عندما بدأت بالحديث وتطلع بها بلطف مُستمعًا وهى تتابع الحديث بنبرة دافئة:-

 

-وأخدك ونسافر بعيد حتى لو يومين أتنين ننسي كل القلق فيهم، نفسي ألبس لك فستان أبيض بجد ونعمل فرح تانى بس فرح بجد أكون عروستك مش مجبورة عليك، نفسي أجيب بيبى جميل منك وشبهك، وأعيش معاك لحد ما أكبر وأبقى عجوزة وسنانى تقع وبعدين أنام بين أيدك نوم طويل وروحى متطلعش غير بين أيدك وتكون أخر واحد عينى تشوفه و..

 

وضعت سبابته على شفتيها ويده الأخر تتشبث بيدها الموجودة على وجنته ثم قال بلهفة وذعر:-

 

-ألف بعد الشر عنك يا حبيبة قلبى وعمرى كله

 

تبسمت “عهد” بحُب شديد وهى تحدق بعينيه وهم يتلألأ ذعر من تخيله للحظة رحيلها وقالت:-

 

-الشر بالنسبة ليا يا نوح أن روحى تفارقنى وأنت بعيد عنى، وبعدين متخافش يا حبيبى أنا مش همشي وهسيبك ورايا لأن دا هيكون وجعى الأكبر وكل ما ال.موت يجي ليا هحاربه عشانك أنت وبس

 

رفعت جسدها برفق لتضع قبلة على جبينه بحب ثم تبسمت بعفوية وقالت بمرح:-

 

-متخافيش أنا هجبلك فريق كورة يلعبوا حواليك وتكبرهم وتجوزهم

 

عانقها بقوة وكاد أن يعتصر جسدها بين ذراعيه وهى تشعر من قوته أن جسدها على وشك أختراق صدره من قوته فضحكت عليه ثم نفث بلطف أنفاسها في أذنيه ليترك أسرها واضعًا يده على أذنها لترك من أمامه فنظر إليها وهو يقف:-

 

-مش هتعجلى يا عهد

 

قهقهت ضاحكًا عليه ثم قالت:-

 

-نتفق إتفاق لو مسكتنى هعملك أي حاجة تطلبها

 

تبسم بمكر وهو يمسك طرف عباءته ويذهب خلفها ثم قال:-

 

-أي حاجة يا ريت مترجعيش في حديدك ويايا

 

ضحكت بسعادة وهى ترفع أطراف فستانها الأصفر الطويل رغم فضفاضته وبكم واسع يأخذ شكل رقم سبع، تطلع بها وهى تركض هنا وهناك كفراشة تتطاير بدلالية وسعادة وشعرها المسدول بحرية دون أي قيود يتطاير معها ثم قالت بسعادة وهى تلهث من الركض:-

 

-أستسلم يا نوح لأنى مش هخسر

 

كان يركض خلفها حتى وقفت في زواية الغرفة خلف الأريكة مُحاصرة ليصعد “نوح” بركبته على الأريكة وقال:-

 

-أنا مهستسلمش واصل

 

نظرت حولها على طريقة للهرب ثم قالت:-

 

-مش جنتلة على فكرة أنك تخسر مراتك

 

جذبها “نوح” من خصرها بقوة لتلتصق بالأريكة فخرجت منها شهقة قوية من قوته ثم قالت بأرتباك وتوتر خجلًا من فعلته لتقول:-

 

-نوح.. أنت مش هتعمل حاجة

 

رفع يده الأخر ليضعها على وجنتها يرجع خصلات شعرها للخلف على ظهرها ثم تسللت إلى عنقها لتشعر بقشعريرة في جسدها وتنفست بأرتباك أنفاس تداعب وجهه فقالت بتلعثم ربكتًا منه وخجلًا:-

 

-عيب يا نوح

 

تبسم بعفوية على هذه الزوجة فنظر إلى عنقها وتسللت يده إليه ليشعر بنفضة جسدها ربكتًا منه ثم رفع نظر إليه وقال:-

 

-أنتِ اللى جولتى هتعملى أي حاجة

 

كانت تحدق به وهى تعلم بأنه ينتصر عليها بألقاه سحر عشقه عليها فتبسمت إليه بخبث وهى تفكر كيف تنتصر وتهرب منه فرفعت يديها إلى وجنتها تلك اللمسة التي عشقها عندما تداعب لحيته بأناملها فقالت بلطف:-

 

-ومقدرش أعمل حاجة غير كدة

 

أرخى يده عن خصرها ونظر بها هائمًا بها العشق ورقتها التي تأسره، رأها تقترب إليه ليغمض عينيه بأستسلام إليها لتبتسم بسعادة عارمة وفرت هاربة منه بعد أن دفعته بخفة ليسقط على الأريكة وفتح عينيه غاضبًا من فعلتها وهى وقفت فوق السرير وتضحك بقوة وهى تمسك بطنها وقلبها من كثرة الضحك وكادت أن تسقط من قهقهتها، قبل أن يقف “نوح” دق باب الغرفة بهلع وطرقات قوية لتتوقف “عهد” عن الضحك ويقف “نوح” بأعتدال ووقار ليفتح الباب فرأى والدته تقف بذعر وخوف…

 

_____________________

 

رأت “عليا” السيارات تقتحم المنزل وتكسر البواب وصدمت بعض الغفر لتفرغ ثم ساعدت “عمر” في تسلق السور والدخول للغرفة ليكسر لها باب الغرفة وخرج وهى خلفه تحمل ابنها بين ذراعيها فقابل “نوح” يخرج من غرفته بغضب سافر بعد ان أخبرته والدته بحضور “خالد” وهجومه على المنزل، كان يرفع عباءته قليلًا بيده ويترجل الدرج ثم قال:-

 

-خليكى أهنا يا أمى وخلى عهد وياكى

 

ترجل الدرج ليركض “عمر” خلفه ففزعت “عليا”، نزل “نوح” للأسفل ليرى “خلف” يدخل بهلع شديد وهو يقول:-

 

-يا نوح بيه..

 

قطعه “نوح” بغضب وهو يمر من أمامه للخارج دون خوف أو ان ترجف له عين بل كان غضبه كالبركان الذي وصل إلى درجة غليانه وعلى وشك الأنفجار، خرج للخارج ووقف أمام باب منزله ليرى السيارات تقف جوار بعضها مُحاصرين منزله ترجلوا من سياراتهم ووقفوا مصوبين أسلحتهم على المنزل، وقف “نوح” دون خوف وحدق بوجه “خالد” بأشمئزاز وغضب ليقول:-

 

-أمى وأخواتى فين يا نوح

 

وضع “نوح” يديه خلف ظهره ببرود شديد ثم قال بأستفزاز:-

 

-وأنت بجى جاى تأخد عائلتك الكريمة بالمطاريد.. جر أيه يا همام مخايفش على حالك أنت ورجالتك، هملت الجبل ونزلت اكدة

 

تحدت “همام” رئيس المطاريد بنبرة قوية غليظة:-

 

-مالكش صالح يا ولد الصياد، أنت دلوجت من باب أولى تجلج على حالك وحالى أنا أدرى به

 

تبسم “نوح” بسخرية وهو يمسح لحيته بيده بغضب كامن ثم قال:-

 

-عندك حج أنا أكدة خوفت وركبى سابت، هجبلك حريمك يا ولد عمى

 

دخل للمنزل لينظر “خالد” إلى “همام” ورجال بأنتصار، دلف “نوح” للمنزل ورأى “سلمى” تقف بصحبة زوجته و”ليلى” أم “عليا” كانت تقف في الأعلى تنظر بخوف، تحدث “عمر” بجدية وهو يدخل مع الجميع إلى غرفة المكتب يقول:-

 

-أدي له عائلته يا نوح دول حريم برضو

 

لم يُجيبه “نوح” بل وصل أمام خزينة المكتب وفتحها ليخرج سلاحه من الخزينة ويقف يضع به الرصاصات لتفزع “عهد” وهى تلتف حول المكتب إليه وقالت بذعر:-

 

-أنت بتعمل أيه؟

 

وضع خزينة الر…صاصات في الس…لاح وهو يصيح بها بغضب سافر :-

 

-هم دول يا عهد اللى عاوزنى أسامحهم وأغفر لهم، جايب مطاريد ومجرمين على بيتى دفعها بعيدًا عنه وخرج لتصرخ “سلمى” وهى تقول:-

 

-أستن يا ولدى

 

خرج إليهم وهى يتطلق الرصاصات في الهواء ثم قال:-

 

-ورب العزة لو مطلعتوا من دارى حالًا لأطلعكم من الدنيا كلتها

 

قبل أن يرفع أحد أس..لحتهم في مواجهته سمعوا طلق الرصاصات من الخلف وسيارات تقتحم المنزل ليترجل “عطيه” منها هو ورجاله ويقول بغضب سافر:-

 

-جرا أيه يا شيخ همام المرة اللى فاتت جولت مكنتش تعرف طب النهاردة حجتك أيه

 

كان يتحدث وهو يعبر من بين السيارات ورجاله يفصحوا الطريق إليه حتى وصل إلى “همام” ولف ذراعه حول رقبة ابنه وجذبه وهو يسير إليهم وقال:-

 

-أبوك شكل كبر وخرف يا واد عشان ينزل من الجبل ويدخل على بيت الكبير

 

شد على رقبة هذا الشاب وقال:-

 

-مش تعجل أبوك يا ولد همام وتفهمه أن من خرج من داره أتجل مجدره وأبوك كيف البهيمة مسحوبة وراء خالد

 

صاح “همام” بأغتياظ شديد وهو يقول:-

 

-أبلع لسانك يا عطيه جبل ما أفجر نفخه

 

أخرج “عطيه” مسد..سه من جيبه وصوبه في رأس ابن “همام” بانفعال، تحدث “نوح” بأختناق شديد وهو يقول:-

 

-لستكم واجفين

 

دفع “عطيه” الشاب إلى والده بقوة ليتابع “نوح” حديثه قائلًا:-

 

-أنا خابر زين اللى هيفوجكم

 

كاد ان يطلق النار عليهم هذه المرة ليهرب الرجال ولم يبجى سوى “خالد” فتبسم “نوح” بسخرية وهو يقول:-

 

-خلف هات له حريمه .. ودا كرم منى يا ولد عمى مش خوف لأن اللى اتحميت فيهم كيف الحريم اللى هجبهملك دلوجت هربوا وهملوك لحالك

 

دلف للداخل ومعه “عطيه” ووضع ال..سلاح على الطاولة وسار للداخل فرأى “أسماء” و”حورية” يغادرون مع “فاتن” خلف “خلف” حدقت “حورية” به بأغتياظ ليمسكها من شعرها بقوة وقال:-

 

-مش جولتلك مهتطلعيش من اهنا إلا لما مرتى تأخد حجها منك

 

تحدثت “عهد” بضيق شديد وذعر بعد أن سمعت طلقاتك النار قائلة:-

 

-سيبها يا نوح أنا مش عاوزة منها حاجة

 

جذبها بقوة لتقف أمام “عهد” وقال:-

 

-أعتذرى منها لأن كسر كبريائك يا حورية هو اللى هيكسرك

 

تشنجت “حورية” بغرور شديد أمامها وهى تتحاشي النظر بـ “عهد” ليدفع “نوح” رأسها للأسفل لتنحنى امام “عهد” مما أثار غضب “حورية بشدة وقال:-

 

-هتعيش عمرك كله يا حورية تفتكرى أنك ركعتى جدام مرتى من أعمالك

 

دفعها بقوة بعيدًا لكى تغادر فأستدار يعطي الجميع ظهره لتسير “حورية” للأمام والجميع يتطلع بها بحزن وسارت “سلمى” إلى ابنها وقالت:-

 

-ميصحش اللى عملته يا نوح …

 

قطع حديثها صوت طلقة نارية خرجت من سلاحه فألتف “نوح” بغضب من أط.لاق الن..ار ليُصدم عندما ألتفت “عهد” إليه بضعف وكان فستانها الأصفر تحول بأكمله إلى اللون الأحمر بعد أن تلقت الرصاصة من “حورية”، رصا..صة مليئة بالغضب والكره أفزعت الجميع وأتسعت عيني “عليا” على مصراعيها من الأعلى بعد رؤية أختها تقابلت مع الم..وت وهكذا “ليلى” التي ذعرت من رؤية صديقتها، نظرت “عهد” إليه بذعر خائفة وتتألم لتسقط أرضًا غارقة في بركة دمائها بينما هرع “نوح” إليها بفزع وسقطت أرضًا جوارها وهو يحمل رأسها عن الأرض ووضع يده على صدرها محاولًا كتم شلل الدماء ودمعت عينيه بهلع وهو يقول:-

 

-لا .. عهد

 

مسك “خلف” يدها وأنتزع ال..سلاح منها هو ورجاله وهى تصرخ بهلع شديد:-

 

-وأنا كمان جولتلك أنى هحرج قلبك عليها يا نوح وهأخد حجى.. دا حجى

 

كانت تنتفض بين ذراعيه بضعف وترتعش فتشبثت “عهد” بيده بخوف شديد من الفراق رغم الألم التي تشعر به في صدرها يُشعرها بأن روحها تفارق جسدها فتحدثت والدماء تسيل من عينيها:-

 

-أنا لسه محققتش حاجة من أحلامى معاك يا نوح..

 

أزدردت لعابها بضعف لينتفض صدرها للأعلى بقوة بين يديه فتحدث “نوح” بخوف:-

 

-متحدديش يا عهد

 

أغمضت عينيها بقوة وضعف ثم تابعت حديثها ببكاء مُتألمة:-

 

-أنا كنت عاوزك تشوفنى بالفستان الأبيض مش الكفن

 

أجابها ببكاء شديد قائلًا:-

 

-لا يا عهد لا أنتِ جولتى ما هتهملنيش لحالى وراكى

 

أتصل “عطيه” بالإسعاف والجميع يبكون بحزن شديد وخوف بينما تركض “عليا” على الدرج بأنهيار لتُتمتم “عهد” وهى ترفع يدها إلى وجنته بضعف:-

 

-بس على الأقل ربنا حقق لى أمنية واحدة.. أنى أموت بين أيدك …وتكون أخر واحد تشوفه عينى

 

ضغط بيده على جرحها والدماء تسيل بغزراة من بين أنامله والدماء تتساقط من عينيه بخوف من فراقها ثم قال:-

 

-لا يا عهد ما تهملنيش لحالى يا حبيبة قلبى وعمرى، الله يخليكى يا عهدى خليكى جارى

 

تبسمت بألم وهى تلتقط أنفاسها بصعوبة وقالت:-

 

-أوعى تنسانى يا حبيبى ماشى

 

وصلت “عليا” إليهما وهى تترك طفلها وتحتضن أختها بخوف من فراقها وخسارتها لتقول:-

 

-عهد لا والنبى أوعى تمشي وتسيبنى

 

ضحكت “عهد” رغم ألمها وقالت:-

 

-وأخيرًا شوفت الحُب في عينيك يا عليا

 

بكت “عليا” بأنهيار شديد وهى تقول:-

 

-والله بحبك حتى لو قسيت عليكى أنتِ بنتى اللى مخلفتهاش يا عهد

 

شعرت “عهد” بضعف أكبر وكان قد حان الوقت للرحيل فقالت بصوت مبحوح مُتقطع:-

 

-وانا ..بحبك..

 

نظرت إلى “نوح” الباكى وهو مُتشبث بها بأنهيار وقالت بضعف:-

 

-وبحبك يا نوح لأخر نفس فيا يا حبيب قلبى …

 

رفعت يدها ببطيء شديد لكى تتشبث به فنظر “نوح” إلى يدها ورفع يده عن جرحها رغم أنها غارقة بدمائها لكن قبل أن يلمس يدها سقطت فوق صدرها ومالت رأسها إلى صدره بعد أن أغلقت عينيها مُعلنة عن وقت الرحيل والفراق لتصرخ “عليا” و”ليلى” بذعر وهو يحدق برأسها مُصدومًا وغير مُصدق ما حدث وشعر بأن يده شلت مكانها فلفظ أسمها بصوت مبحوح قائلًا:-

 

-عهد…..

 

يتبــــــــــــــــع….

 

#هويتُ_رجل_الصعيد

الفصل التاسع عشر (19)

___بعنـــوان “أمــل “___

 

حالة من الذعر والخوف أصابت الجميع والدموع لم تجف وهلةً واحدةً في عيون أحد، كان واقفًا أمام غرفة العمليات ينتظر خروجها على قيد الحياة وينظر على يديه الملوثة بدمائها وهو لا يصدق بأن هذا حدث لزوجته، جاء “عطيه” مُسرعًا بعد أن ألقى بـ “حورية” في السجن ووقف جوار “نوح” لكنه في عالم غير العالم لا ينتبه لأحد وغارقًا في ذكرياته معها وقبل قليل كانت تلهو وتركض بسعادة والآن على فراش الموت تصارعه كما غريب القدر يُمزق السعادة بالحزن في أقل من دقيقة، وقف “عطيه” جوار “ليلى” الباكية ثم همس إليها بخفوت:-

 

-الدكاترة جالت أيه؟

 

رفعت عينيها إليه ليرأى الدموع لوثت عينيها الخضراء وهى على وشك السقوط من الأنهيار والخوف فصمت، جاء “على” مُصدومًا مما سمعوا عندما عاد للمنزل فنظر إلى حال ابنه المُنهار رغم صمته وهدوئه، فتح الباب وخرج الطبيب فهرع “نوح” و”عليا” أولاً لينظر الطبيب بأسف شديد لهما وقال:-

 

-أدعولها لأن حالتها حرجة جدًا وإحنا هندخلها الأنعاش

 

تركهم ورحل ولم يفهم ”نوح” شيء، فور حضورها أخبره الطبيب بأن الرصاصة أخترقت القلب والآن في وضع حرجة، لم يراها إلا من خلف الزجاج لمدة أسبوع وبعدها ما زالت لا تستجيب للوعى لمدة أكثر من شهر، حدثها وهو يجلس جوارها والأجهزة تحيط بها وأصواتها فقط تمليء الغرفة تمتم بلطف وهو يمسح على رأسها:-

 

-أنتِ جولتى ما هتهملنيش واصل، جولتى هتحاربى المو..ت عشانى يا عهد، أتنفسي نفس واحد بس يجلب كل الموازين

 

جفف دموعه سريعًا عندما فتح الباب فدلفت الممرضة تحقنها في الوريد بحقنة ثم قالت بنبرة خافتة:-

 

-الدكتور عاوز حضرتك

 

رفع نظره إليها بقلق ثم أومأ بنعم لتغادر الممرضة فهندم ملابسه وذهب إلى الطبيب فأعطاه الطبيب ورقة positive،نظر “نوح” للورقة ثم قال:-

 

-أيه دا

 

لا يعلم الطبيب أيحق له أن يبتسم أم يؤاسي هذا الرجل فقال:-

 

-مدام عهد حامل

 

أتسعت عينى “نوح” على مصراعيها بصدمة الجمته ورفع رأسه للطبيب مُصدومًا وكأنه صُعق بضربة كهربائية فقال:-

 

-أيه؟!!

 

تنهد الطبيب بخفة وهو يعلم كما يصعب عليه الموقف، زوجة لم تتنفس بنفسها دون الأجهزة وتحمل طفل لم يتكون بعدًا مجرد نطفة من الدم، سار “نوح” بعيدًا حاملًا لورقة الأختبار مُصدومًا والطبيب يتابعه بعينى ثاقبة يشفق على حاله….

 

__________________

 

كنت “حورية” تجلس مع والدتها في السجن وتبكى بهلع بجسد مُرتجف وهى تقول:-

 

-أنا مكنش جصدى يا أمى، نوح هو اللى أستفزنى مكنش جصدى أجتل وأدخل هنا، أنا مكنتش في وعي

 

أردفت “فاتن” بأختناق شديد قائلة:-

 

-مكنتش تجصدى ولا تجصدى في الحالتين أنتِ جتلت البنية وأنتهى الموضوع ربنا يستر على اليوم اللى هيشيل عنها الأجهزة، نوح هجتلك قبل ما يوصلها للجبر حتى لو كنتِ في السجن، لتكونى فاكرة يا خبيتى أن السور والعساكر دول هيمنعوا نوح من تأره

 

وضعت “حورية “ يديها على وجهها وهى تجهش في البكاء بخوف شديد من الس.جن و”نوح” وتُمتم بضعف قائلة:-

 

-مكنش جصدى والله مكنش جصدى

 

أربتت “فات” على قدم ابنتها بشفقة وحزن على حال أبنتها التي سُتعدم وإذا رحمها القضاة ستكون اشغال شاقة مؤبدة فهى تعمدت القتل ولم تقترفه بدون قصد، دمعت عيني “فاتن” وقالت:-

 

-أنا هتحدد ويا أخوكى وربك يسهلها والمحامى مهسبكيش

 

غادرت “فاتن” تاركة ابنتها في حبسها باكية نادمة على فعلتها…

 

___________________

 

عاد “نوح” إلى غرفة زوجته ليجد “عليا” بالداخل تمسح جسد “عهد” بالمنشفة المبللة فوقف بهدوء يتابعها وهى تأتى يوميًا لأختها باكية وتهتم بحالة جسدها وتتحدث عن غضب “عهد” عندما تستيقظ وتجد جسدها متسخ، جلست تصفف شعر أختها جوارها بلطف وبدأت تحدثها بصوت خافت:-

 

-مش هتقومى يا عهد بقى، أنتِ وحشتينى بلاش أنا عشان أنا عارفة أنك لسه زعلانة منى طب ونوح هتسيبى لوحده كدة، متمشيش يا عهد وأنتِ زعلانة منى خلينى أصالحك كويس وأوريكى انا جبتلك أيه أحدث شنط من غوتشي، طلبتهم مخصوص من أيطالية عشانك قومى عشان تشوفيهم وكمان خليت ليلى تشتري أحدث أيفون عشانك

 

كانت تُحدثها وهى تقلم لها أظافرها فدلف “نوح” للغرفة وتنحنح بخفة لتقف “عليا” بقلق ثم قالت:-

 

-الدكتور قالك أيه؟

 

أعطاها ورقة الأختبار لتنظر بها فصُدمت بدهشة مما تراه ثم نظرت على أختها الغائبة عن الوعى بصدمة ألجمتها…

 

__________________

 

خرجت “ليلى” من المطبخ حاملة طبق به بسبوسة وذهبت إلى غرفة “سما” ثم قالت بعفوية:-

 

-أنا عملتلك بقي يا ماما بسبوسة تستاهل بؤك

 

وضعت الطبق على الكمودينو وجلست قُرب “سما” لتقظها لكنها لم تُجيب عليها فأرتعبت “ليلى” خوفًا من ان تكون هذه المرأة أصابها شيء فقالت:-

 

-ماما

 

هزت “ليلى” بخفوت لتصرخ “سما” بها بضيق شديد قائلة:-

 

-أنتِ بستقوى عليا يا بت

 

تحدثت “ليلى” بقلق شديد وخوف :-

 

-والله أبدًا يا ماما

 

قربت “سما” وجهها من وجه “ليلى” ثم قالت:-

 

-أنتِ بجى الغجرية بتاعت الموالى اللى بتلفى على ولدى وعايز تتجوزيه بعينك

 

دمعت عينى “ليلى” بحزن من معارضة هذه المرآة المريضة لزواجها من ابنها وقالت:-

 

-لا والله أنا مش غجرية أنا بنت محترمة

 

عادت “سما” بظهرها للخلف ثم قالت بضيق شديد:-

 

-جومى يا بنت هاتى الشنطة السوداء اللى في الدولاب

 

ذهبت “ليلى” لتحضر ما طلبته ثم أعطته إليها وجلست مرة أخرى تراقبها عن كثب و “سما” تفتح الكيس وتخرج منه حبات عين الجمل ثم أعطتها واحدة وقالت:-

 

-كسرى دى

 

أومأت “ليلى” لها بنعم ثم أخذت الحبة منه وكسرت فتبسمت “سما” بلطف وقالت:-

 

-ورينى أسنانك أكدة

 

أتسعت عينى “ليلى” على مصراعيها ثم قالت بهمس:-

 

-دا قر دا ولا أيه؟

 

ضربت “سما” ركبتها بغضب وهى تقول:-

 

-سمعتك

 

تنحنحت “ليلى” بحرج وفتحت فمها إلى “سما” لتقول:-

 

-سنانك زينة ما هو أنا مهسيبش ولدى يا يدب مرة تانية

 

رمقتها “ليلى” بغيرة شديدة وهى تقول:-

 

-تانية!! هو كان في اولانية

 

ضحكت “سما” بعفوية بعد أن أشعلت نيران الغيرة في قلب هذه الفتاة وبدأت تحرقها حتى أن “ليلى” شعرت بأنها تشم رائحة حريق قلبها فتابعت “سما” بنبرة خبيثة أكثر:-

 

-وااا وأنتِ حد جالك أن ولدى راهب في نفسه، دا الصعيد كله مفهوش حد في شجاوة ولدى وهو موجفة بنات الصعيد كلته على نظرة منه

 

ضربت “ليلى” قدمها بأغتياظ شديد من الغيرة ثم قالت:-

 

-بنات الصعيد كلهم، يومك مش فايت يا عطيه

 

أعطتها “سما” حبة من عين الجمل مرة أخرى وتبسمت ببراءة الأطفال فنظرت “ليلى” لها بضيق وبدأت تكسر لها كل الحبات من الغضب تفرغ بهم القليل من الغضب، فتح باب الغرفة ودلف “عطيه” لترمقه “ليلى” بغضب وهو يقول:-

 

-سلام عليكم

 

وقفت “ليلى” من مكانها ليسقط قشر المكسرات من ملابسها أرضًا لكنها لا تبالى وذهبت نحوه وهى تجذب يده وتخرج فقالت “سما” بغضب:-

 

-خد أهنا يا بنت

 

حدثتها “ليلى” وهى تفتح باب الغرفة:-

 

-بعدين يا ماما

 

خرجت به للخارج ثم وقفت أمامه وهو مُندهش من تصرفها ولا يعلم سبب غضبها المُتلهب فتركت يده ثم قالت بحدة:-

 

-كنت فين؟

 

نظر إليها بدهشة لتقول بغضب أكثر:-

 

-شوف أنا مش هعيد كلامى كنت فين؟

 

هندم ملابسه بذهول ولا يُصدق ما يسمعه وهى تعامله كمجرم فقال:-

 

-جرى أيه يا ليلى أين زينة

 

كزت على أسنانها بأغتياظ ثم قالت:-

 

-أنا كنت زينة لحد ما شوفتك

 

أستدارت لكى تغادر وهى غاضبة وتقول:-

 

-أنا كان مالى ومال الأرتباط والنيلة مش كفاية انى صومت صومت وفطرت على بصلة

 

كرر كلمتها بذهول أكثر وهو يخرج خلفها:-

 

-بصلة

 

صاحت وهى تلف إليه غاضبة:-

 

-قصدى عطيه أنت مالك فخور بنفسك كدة لأيه كأن أسمك كاظم الساهر دا أنت أسمك عطيه يا أبو عطيه

 

أرتطم ظهرها بالباب فأنفجر ضاحكًا عليها رغم غضبه من سخريتها بينما خرج منها صرخة ألم بسبب مقبض الباب الذي أخترق عمود الفقري ونظرت “ليلى” إلى ضحكاته بضيق شديد فقال:-

 

-أنا أسف، ممكن تفهمنى بس حصل أيه

 

قوست شفتيها للأسفل وهى تقول:-

 

-عامل فيها مؤدب وأنت لفيت على بنات الصعيد كلهم

 

قهقه ضاحكًا عليها عندما وصل إليها قال بجدية:-

 

-دا كلام أمى مش عيب عليكى لما تسمعى كلام مريضة خرف دا أنا ما فهمك أنها ممكن تحكي فيلم على انه حصل معاها

 

غادرت المنزل وهى تقول:-

 

-والله أضحك عليا بكلمتين ما أنت شايفة العبيطة اللى بتصدقك

 

ضحك “عطيه” عليها ثم قال:-

 

-هو في عطبية برضو كيف البدر أكدة

 

ضربته بقوة على كتفه وهى تنظر حولها بخجل شديد من حديثه لتقول:-

 

-واا أتأدب يا عطيه حد يسمعك

 

وضع يده على كتفه بدهشة من قوتها وهى بجسد نحيفة وقال:-

 

-ذنبى أنا يعنى أنى بجولك كلام حلو كيف البنات ما أنا معرفش هتنل وأتجوز ميتى

 

سارت معه بوجه عابس قائلًا:-

 

-مش قبل ما عهد تقوم فياريت طول ما أنت قاعد تدعيلها تفوق عشان تتجوز

 

نظر إليها وهو يسير جوارها ثم قال:-

 

-يا ليلى أنا معترضتش ولا مانعت بس أنا نفسي أوصل للفرح سليم من غير أصابات الله يرضي عليكى

 

قهقهت ضاحكة عليه ثم تبأطات ذراعه بخفوت وقالت:-

 

-متقلقش يا بوب أنا ماليش في الأصابات

 

نفض ذراعه منه بغضب ثم قال بجدية:-

 

-لا دا واضح مالكيش في الرومانسيات أيه بوب اللى بتجولي دى في واحدة تجول لخطيبها يا بوب

 

توقفت عن السير ونظرت إلى بحزن شديد مصطنع ليتوقف عن السير ونظر إليها بغيرة وقد توقفت قدميها أمام قهوة بلدى يجلس عليها الكثير من الرجال لتقول بزمجرة:-

 

-أنت بتشد أيدك منى يا عطيه

 

أسرع إليها بخطوتين ليمسك يدها ويجذبها بقوة ليسير بعيدًا ويقول بعنف وغضب:-

 

-أنتِ هبلة عشان تجفى جد الرجالة وتتجمصي

 

تبسمت “ليلى” إليه وقالت:-

 

-وااا أنت بتغير يا بوب

 

أشتاط غضبًا أكثر وكاد أن يضربها غضبًا من هذه الكلمة لتقول بعفوية:-

 

-خلاص بقى ميبقاش قلبك أسود يا حبيبى

 

نظر إليها بدهشة لتسرع في خطواتها خجلًا منه وهو يسير خلفها ويتحدثها قائلًا:-

 

-مرة تانية وحياتى مرة تانية

 

ضحكت بخجل وهو يسير خلفها وقلبه يتراقص فرحًا ليقول بجدية:-

 

-يا رب أموت لو ما جولتيها تانى

 

ألتفت له بغضب سافر وأسرعت إليه لتضرب صدره بقوة وهى تقول:-

 

-بعد الشر

 

تألم من ضربتها لكنه حدق بعينيها وقال:-

 

-مش بجولك يا رب أوصل للفرح من غير أصابات، ما علينا جوليها

 

ألتفت مُتحاشية النظر إليه بخجل شديد ثم قالت:-

 

-حبيبى

 

تبسم وهو يسرع خلفها بنظراته

 

__________________

 

خرج “عمر” من عمله وأنتظارها حتى تبدل ملابسها مع صديقاتها لتخرج “عليا” وتراه واقفًا أما السيارة فأسرعت في الركوب وهى تقول:-

 

-أتأخرت

 

هز رأسه بلا ثم أنطلق بالقيادة إلى حضانة “يونس” ومن ثم يذهبون إلى المستشفى، في كل مرة يأخذها إلى المستشفى يراها ترتجف قلقًا فأخذ يدها في يده وهو يقول:-

 

-متقلقيش يا عليا

 

نظرت “عليا” إليه وقالت بقلق:-

 

-بخاف يا عمر، كل مرة وأنا رايحة بترعب لأروح وما لاقيش عهد مستنية وفى نفس الوقت ببقى بجرى على أمل أن الدكاترة تقول أن في أمل ويغيروا كلامهم طول الـ

 

أسابيع دول وكلامهم واحدة مفيش أمل ومبتتنفسش لكن أنا عندى أمل يتغير، حالة رعب وأمل جوايا متفهمهاش

 

تبسم “عمر” بلطف إليها فتابعت وهى تعود بنظرها إليه:-

 

-أنا خايفة تمشي وهى زعلانة منى وكنت هندم العمر كله ولو مكنتش روحت الصعيد لما قولتلى، بعد ما الأوان فات أكتشفت أن ربنا بيدينا الفرص بس إحنا الأغبياء اللى بنضيعها بكبريائنا وغرورنا، ربنا أدانى فرص كتير أوى عشان أرجع لها وأفرحها في كل مرة كانت بتتصل بيا وأنا بكل أنانية مكنتش بفكر غير في نفسي وبتجاهل الفرصة دى ودلوقت مش باقى ليا غير الندم والقهرة اللى أنا سبب فيهم

 

تحدث “عمر” بنبرة هادئة هاتفًا:-

 

-أن شاء الله هتفوق عشانك وعشان جوزها وابنها اللى في بطنها، عهد قوية ومش هتستسلم بالسهولة دى صدقينى

 

دمعت عينيه “عليا” لتضع يدها على وجهها ثم قالت:-

 

-فكرة أن محدش كبير على الم.وت مُرعبة يا عمر، عهد مهما كانت قوية هي ضعيفة قدام مشيئة ربنا ودا راعبنى جدًا

 

تبسم “عمر” إليها وقال بحنان:-

 

-بس ربنا رحيم وقال (وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان) صدق الله العظيم أدعى يا عليا ربما يستجيب لدعواتك

 

أومأت إليه بنعم ثم ترجلت من السيارة أمام المستشفى…

 

________________

 

مسك “نوح” الطبيب من ملابسه بقوة وغضب شديد بداخله قائلًا:-

 

-أنت بتجول أيه؟

 

أجابه الطبيب بخوف من هذا الرجل المُخيف وعينيه تبث شرارة قائلًا:-

 

-يا أستاذ نوح أكدب عليك لو قولتلك أن فى أمل، إحنا لازم نرفع عنها الأجهزة

 

هز “نوح” رأسه بخوف شديد من فقدها للأبد وتمتم قائلًا:-

 

-لا مستحيل، أوعاك تجرب منها

 

تنهد الطبيب بهدوء وهو يعلم موقف هذا الرجل وكيف سيحضر الموت إلى زوجته بيده ثم قال:-

 

-أنت راجل مؤمن وعارف أن الأعمار بيد الله

 

دمعت عينى “نوح” بضعف خائفًا من لحظة الفراق بعد أن تشبث بأمل الحياة ثم قال:-

 

-أنا مجدرش أخسر عهد، مجدرش

 

اربت الطبيب علي كتفه برفق وهمس قائلًا:-

 

-أنت كدة بتعذبها لأن إكلينيكياً مدام عهد ميتة وهى موجودة لحد دلوقت بالأجهزة بس، سيبها ترتاح لأنها متستاهلش العذاب دا، أنا لمصلحتى تكون هنا لأنك بتدفع فلوس بس دى فلوس فى الهواء مالهاش أى فايدة

 

أخفض “نوح” رأسه بضعف للأسفل لتسيل دمعته على وجنته وقال بتمتمة:-

 

-أنا كان عندى أمل ولو واحد فى المية، كنت متعشم أوى فى رحمة ربنا عليا ويشيل عنى عذاب الفراج بس الحمد لله مجدرش أجول غير الحمد لله على كل حال لكن كيف أنا اللى أجتل مرتى بيدى.. كيف يا خلج أسيب يد حبيبة قلبى…

 

كاد الطبيب أن يتحدث لتقطعه الممرضة وهى تأتى ركضًا إليه وتناديه فقالت:-

 

-يا دكتور يا دكتور ألحقنا

 

ألتف الطبيب إليها و”نوح” واقفًا بهدوء لا يبالى لتقول الممرضة:-

 

-أتنفست.. المريضة في الأنعاش أتنفست

 

ألتف “نوح” بدهشة إليها فهل تتحدث عن زوجته ليركض الطبيب وخلفه “نوح” وعندما وصوله للغرفة دخل الطبيب وأغلقت الممرضة الباب في وجه “نوح” تمنعه من الدخول وبدأوا يفحصوها وهو يحدق بها من خلف الزجاج ويضع يده مُتشبثًا الحاجز الزجاجى وهو يتمتم قائلًا:-

 

-أثبتى يا عهد أثبتى يا حبيبة قلبى

 

جاءت “عليا” بعد أن سمعت حديث الممرضين في الخارج عن المريضة التي عادت للحياة وأنتصرت على الموت بعد غيابها لفترة واقفة على حافة الموت، خرج الطبيب بعد مُبتسمًا ثم أربت على كتف “نوح” وقال:-

 

-مش قولتلك الأمل في دعاك ليها

 

غادر الطبيب ليدخل “نوح” الغرفة وهى ما زالت فاقدة للوعى لكنها أعطتهم أشارة واحدة على أنها ما زالت قوية وتتشبث بالحياة مثلهم…

 

__________________

 

دلف “خلف” إلى مكتب “على” في المنزل وقال:-

 

-في واحدة برا يا حج عاوزة تجابلك

 

خرج “على” معه ليرى هذه المرأة الغجرية تقف بأنتظاره بخوف وحرج من قدومها فقال بتساءل:-

 

-نعم جالولى أنك عاوزانى

 

أومأت إليه فأخذها لغرفة المكتب لتخبره بسر مساعدتها إلى “خالد” ليقف من مكانه بصدمة مما سمعه وقال:-

 

-أنتِ حبلة من خالد

 

نظر إلى بطنها المُنتفخة قليلًا بصدمة لتجهش باكية وقالت:-

 

-ساعدنى ياحج الله يستر عليك، خالد ضحك عليا ومن ساعة ما جولته على الحبل دا وهو بيتهرب منى وأنا كدة هتفضح

 

جلس “على” على مقعده بضيق وتنهد بهدوء يفكر في هذه الكارثة ثم قال:-

 

-يا بنتى أنا ماليش حكم على خالد وهو مش أهنا أنا كل اللى أجدر أساعدك فيه أن أخليكى تستنى أهنا هبابة لحد ما أمه ترجع وتتحددي وياها

 

أخفضت رأسها بأنكسار وحسرة ثم أومأت إليه بصمت لتغادر غرفة المكتب وأخرج هاتفه من جيبه ليُحدث “نوح” وأخبره بهذا الحديث ليقول “نوح”:-

 

-أنا ماليش صالح بيهم ومرت عمى دى متجعدش يوم واحد في بيت لما أعاود

 

وضع سيجارته في فمه لينفث دخانها ليسمع صوت والده يقول:-

 

-لما تعاود ربك يسهلها طمنى على مرتك

 

رفع “نوح” نظره إلى المستشفى وهو يقف في الخارج من أجل سجائره وقال:-

 

-أدعيلها يا حج بجالها سبوع بتتنفس لكن مفيش جديد

 

أنزل الهاتف عن أذنه ليرى رقم “ليلى” فأغلق مع والده وفتح الخط ليأتيه صوت حبيبته تقول:-

 

-سبتنى وروحت فين ….

 

رفع نظره بدهشة إلى مبنى المستشفى وركض مُسرعًا للداخل على الدرج لم ينتظر المصعد وقد سقطت سيجارته منه وقلبه يتسارع بلهفة شوقًا إليها وصوتها قد أربكه بجنون وعندما فتح باب الغرفة غادرت “ليلى” مُسرعة وهو يحدق بهذه الفتاة العنيدة التي أوشكت على إيقاف قلبه فتمتمت بضعف وصوت مبحوح:-

 

-أنا أسفة

 

تحدث بخوف ونبرة مُتلعثمة وعينيه على وشك البكاء:-

 

-جولتلك متنزليش

 

دمعت عينيها بتعب وهى تشعر بثقل في صدرها فحدثته بضعف:-

 

-خوفت عليك منهم

 

أدار رأسه عنه لتتساقط دمعته بعد أن مر بفترة مُرعبة من فكرة فراقها ورؤيتها أمامه على الأجهزة والجميع يخبره بأن يرفع الأجهزة عنها ويعلن وقت وفأته، ما مر به كان على وشك تحطيم قلبه لكنه تشبث بأمل واحد فقط فنادته بضعف:-

 

-ممكن تخاصمنى بعدين طيب

 

سعلت بتعب ليفزع وهو يسرع إليها بخوف فحدق بعينيه الباكية لترفع يدها ببطيء وتتألم لكنها لا تبالى بهذا الألم ومسكت وجهه بيديها ثم قبلت دموعه وعينيه الباكية فتشبث بها بذراعيه وهو يقول:-

 

-وجفتى قلبى يا عهد

 

لفت ذراعيها حوله لتستقر على ظهره وهى تقول:-

 

-غصب عنى يا حبيب عهد

 

عناق دافيء أخرج به كل دموعه وأنتصر على الم الفراق به، أمتصت من داخله كل الأوجاع التى لحقت بقلب حبيبها فى غيابها وهذه الندبات التى تركها الغياب بصدره والحريق الذي ألتهم قلبه وعقله، كان عناقها كفيل بإعادته للحياة رغم انه كان يتنفس لكنه شعر بأن رئتيه تختنق بدون أكسجين فى غيابها، تنفس بهدوء وسكينة بين ذراعيها المُرتجفين ضعفًا من المرض فأبتعد عنها وهو يجفف دموعه ثم تبسم بسعادة وقال:-

 

-أنا مش هلومك ولا هعاقبك دلوجت عشان في عز خوفى جبتيلى أحلى هدية

 

نظرت إليه بأستغراب شديد فوضع يد على بطنها وهمس بأذنيها قائلًا:-

 

-أنتِ حامل يا عهدى …….

 

يتبــــــــــــــــع….

 

#هويتُ_رجل_الصعيد

الفصل العشرون (20) الأخيــــر

__ بعنـــــوان “فــلتغفــر” __

 

-حامل من ولدى كيف؟

 

قالتها “فاتن” بذهول مما تقول هذه المرآة وحدقت بـ “اسماء” الواقفة هناك، رفعت “أسماء” أكتافها بسخرية فأخاها لم يكن راهب وهذه الفتاة ليست الأولى في الحمل منه لكنها الأولى التي تجرأت على القدوم إلى عائلته، تنهدت “فاتن” بلطف لتقول:-

 

-طيب يا بنتى أنا هتحدد وياه وأشوف هنعمل أيه في الموضوع دا

 

غادرت “تاج” الغجرية من المكان خائفة من القرار الذي ستتوصل إليه “فاتن”، سألت “أسماء” بضيق من تصرفات أخاها قائلة:-

 

-هنعمل ايه في المصيبة دى ياما، هتخلى ولدك يكتب على غجرية

 

تأففت “فاتن” بضيق شديد ثم صاحت بها قائلة:-

 

-هو أنا جايبكم في الحرام يا ولاد حمدى ولا عملت أيه في دنيتى عشان ربنا يبتلينى بكم إلا ما فيكم واحد عدل ينصفنى، جرا أيه يا ولاد بطنى هي بطنى مبتجبش غير الأنجاس بس

 

أقتربت “أسماء” منها لتربت على أكتافها بحنان وعينى دامع لأجل والدتها الباكية فرغم كل شيء ستظل أم تخشي عواقب الحياة على أبناءها فتمتمت “أسماء” بلطف:-

 

-أهدى يا ماما وكله هيتحل سوا بابا أو حورية وحتى خالد

 

رمقتها “فاتن” بضيق شديد وكأنها هي الخالية من الإزعاج لوالدتها ثم قالت بسخرية:-

 

-وأنتِ يا بنت بطنى هتفضلى جاعدة جاري أكدة مستني المتجوز وهو مش سأل فيكى ولا هتجعدى زى أختك تمكرى مكر الثعابين على مراته

 

أبتعدت “أسماء” عنها بضيق شديد لتقول:-

 

-عاوزانى أعمل أيه؟

 

صاحت “فاتن” بها قائلة:-

 

-تشوفى حالك يا أسماء وتفكرى في العريس اللى طلب يدك جبل ما يخلع ومتلاجيش اللى يعبرك بعد عملت أختك ومتسيش يا بنتى أن أبوكى وأختك رد سجون وأخوكى أديكى شايفة مهوش أمام جامع

 

تنهدت “أسماء” بضيق شديد وكيف لها أن تقبل الزواج من رجل وبقلبها رجل أخر لم يفارقها بعد فقالت:-

 

-حاضر يا أمى هوافج على كريم بس لو ظلمته ويايا متشيلنيش الذنب لأن دا هيكون ذنبك أنتِ لحالك وأنتِ السبب في كل لحظة هظلمه فيها

 

غادرت “أسماء” بعيني دامعة مكسورة وقلبها ينزف دماء على أوتار حُبها …

 

_____________________

 

كان “نوح” يسير معها في حديقة المستشفى مُرتدي قميص وبنطلون أسود وقد بدلت “عهد” ملابس المستشفى بفستان أبيض عليه بعض الورود الصغيرة والمحلول معلقة في يدها وتدفع حامل المحلول بيدها والأخرى تتباطأ ذراع “نوح” يساندها في السير قليلًا لتقول:-

 

-كنت حاسة أنى مخ.نوقة أوى في الأوضة، أسبوع كامل قاعدة في السرير

 

تبسم “نوح” إليها وهو يسير جوراها وهتف بنبرة هادئة قائلًا:-

 

-سلامتك من الخنجة يا حبة قلبى بس إحنا أتفقنا على أيه تسمعى الحديد الدكاترة وتنفيذي بالحرف الواحد زين

 

تبسمت “عهد” إليه بسعادة وقالت بعفوية:-

 

-حاضر بس أنت كمان تنفذ اللى وعدتنى بيه وتأخدنى الغردقة يومين أول ما أطلع من هنا

 

نظر إليها بجدية وقال:-

 

-أنا جولت لما تفوجى وتبجى زينة

 

توقفت أمامه بلطف لينظر إليها وهو يعلم بأنها لن تستسلم لرغبته وتتطلع بها مُنتظر أن تتحدث فهو يعلم جيدًا طباع زوجته لتبدأ “عهد” بالحديث بحزن مُصطنع:-

 

-على فكرة دا مش عشانى دا عشان البيبى ولازم تفهم أن كل ما تفرحنى كأنك بتفرحه هو بالظبط

 

ألتفت لكى تغادر غاضبة وتركته واقفًا كما هو ثم جلست على أحد المقعد ليجلس أمامها على الأرض جاثيً على ركبتيه ويعقد لها رابط حذاءها فتطلعت به بعفوية وسعادة على هذا الرجل الذي لا يُحرج من الجلوس أمام قدميها أمام الجميع فقط يهتم لأمرها ولا يكترث لهذا العالم، تحدث “نوح” بنبرة خافتة دافئة:-

 

-أنا اللى يهمنى سعادتك أنتِ وبس يا عهد

 

رفع نظره إليها ثم أخذ يدها في يده وقال:-

 

-اللى في بطنك أنا لسه مشوفتهوش وما هيهمنيش جد ما يهمنى عهدى وبس وأنا لو وافجتك نروح هوافج لأجل عيونك أنتِ وبس

 

أقتربت “عهد” برأسها إليه لتمسك وجهه بيدها وبدأت تحرك أناملها على لحيته بحُب شديد وقالت:-

 

-لو تعرف أنى وقعت في حُبك من جديد دلوقت يا نوح

 

تبسم إليها ثم وقف وهو يمسكها من أكتافها ليساعدها في الوقوف وسار بها إلى طريق المستشفى

 

____________________

 

صاحت “ليلى” بضيق شديد به قائلة:-

 

-وأنا بقولك كانت بتبص لك وأنت كمان بصيت لها يا عطيه

 

تأفف “عطيه” بضيق من غيرتها الشديد وكلما نظرت امرأة له حتى لو عن طريق الصدفة تشاجره فقال:-

 

-كدة كتير يا ليلى أنا زهجت من كتر ما كل مرة بجولك نفس الحديد وأن محصلش حاجة من اللى في دماغك وأن ى ميفرجش ليا أي ست غيرك، تعبت من كتر ما ببررلك حاجات أنا نفسي معملتهاش لكنك مقتنعة باللى في رأسك

 

أتسعت عينيها على مصراعيها من حديثه وقالت بذهول بنبرة خافتة:-

 

-زهقت .. زهقت منى ليه؟ عشان أيه.. عشان بغير عليك ولا عشان مش ناوية أكون مُغفلة وأتخاطي عن عينيك الزايغة

 

أتسعت عينيه على مصراعيها من حديثها فكز على أسنانه بغضب سافر ثم وقف من مكانه وقال:-

 

-جومى يا ليلى خلينى أروحك عشان أرجع الصعيد

 

وقفت من مكانها بضيق من هروبه وسط الشجار لتقول:-

 

-وتروحنى ليه ما تمشي وخلاص، متخافش مش هقول أنك مش راجل وسبتنى في الشارع

 

تمالك أعصابه وسيطر على غضبه قدر الإمكان ليجذبها من يدها بقوة وخرج من الكافى ثم فتح باب سيارته وأنطلق حيث منزلها ثم أوقف السيارة بصمت دون أن يتفوه بكلمة واحدة وهى لم تكلف نفسها بالحديث فترجلت غاضبة لتغلق الباب بقوة تخرج غضبها بهذا الباب، نظر إلى الباب بعد أن صفعته بقوة وأنطلق غاضبًا إلى الصعيد…

 

___________________

 

وصل “نوح” إلى أحد الفنادق بالغردقة بصحبتها لتقف جواره وهو يُسجل البيانات ويدها في يده وبعد أن أنهى تسجيل الدخول صعد معها للأعلى ليتركوا الحقائب وتقول “عهد” وهى تفتح الباب الزجاجى للشرفة:-

 

-تعال بص على المنظر دا يا نوح قد ايه جميل ومُريح للأعصاب

 

جاء إليها من الخلف ووقف بجانبها وهو يضع يده على كتفها ويحدق بها بحُب شديد ثم قال:-

 

-فعلا جميل

 

كان يتحدث عنها وهو يحفر ملامحها في قلبه رن هاتفه ليخرجه من جيبه فألتفت “عهد” تأخذ الهاتف منه بغضب ثم قالت:-

 

-إحنا قولنا مش تليفونات ومش هنكلم حد

 

نظر “نوح”إليها لتقول بجدية:-

 

-إحنا هنا عشان نفكر صح، أنا عارفة أنك غضبان جدًا ومُستاء من الحصل وبمجرد ما نرجع الصعيد هتثور في الكل ودا سبب أنى جبتك هنا، أنا عاوزاك تفكر كويس في كل حاجة مشتتاك ومزعلك، فكر هتعمل أيه في خالد اللى هجم على بيتك بالسلاح ومرتك عمك وأسماء بنتها مينفعش ترمى ستات مكسورين في الشارع دول لحمك ودمك، حورية خلاص نالت عقابها على اللى عملته

 

أبتعد “نوح” عنها بخطوات غاضبًا مما تقول ثم قال بصياح وضيق شديد:-

 

-أنتِ زى كل مرة يا عهد هتجولى سامح وأغفر، أسمح ناس بيضربوا مرتى في غيابى وبيضربوا النار مرة عمى يعملها فيا ومرة بنته هم دول لحمى ودمى اللى بتكلمى عنهم

 

أقتربت “عهد” منه لتضع يدها على ذراعه بلطف وقالت بنبرة دافئة:-

 

-أسمعنى يا نوح، حاول تغفر وتسامح أنت قلبك أبيض من الناس اللى بتتكلم عنهم دول، سامح عشان تقدر تعيش وعشان دول أهلك وناسك يا حبيبى

 

تجاهل حديثها بضيق ليقول بلطف:-

 

-يلا عشان نتغدا يا عهد

 

تركها في الشرفة ودلف للغرفة لتتنهد “عهد” بحزن من هذا الرجل العنيد ثم ولجت للداخل خلفه

 

____________________

 

ضحكت “عليا” عليه وهو يلعب مع طفلها بالألعاب في محل الأطفال وكلما ضحك “يونس” أشترى “عمر” اللعبة إليه وهى تسير في الخلف وحدها وكأنه ابن “عمر” وليس ابنها هي، نظر “عمر” عليها فرأها تضحك لينظر إلى بسمتها بحُب شديد لتخجل من نظراته فغمز غليها بعينيه ليضحك بقوة ثم حمل “يونس” على أكتافه وعاد إليها ليقول:-

 

-جرا أيه يا وردتى مش هنتجوز ولا أيه؟

 

ضجكت “عليا” عليه وقالت:-

 

-مش لما عهد تخف

 

نظر إليها بضيق شديد مُستاءًا من تأجيلها للزواج فقال:-

 

-على فكرة للعلم بالشيء عهد بتقضى شهر عسل مع جوزها ولا هي الناس كلها عندها عسل وعندى أنا يقلب بصل

 

ضحكت على تذمره بعفوية ثم نكزته في ذراعه وقالت:-

 

-وبعدين يا عمر ما تتقل كدة أنا مبحبش الراجل المدلوق كدة

 

قالتها وسارت بعيدًا ليضرب الأرض بقدمه فضحك “يونس” عليه، ذهب للمحاسب وهى تضع الألعاب على الطاولة أمامه فقالت:-

 

-أنتوا واخدين كل دا

 

نظر “عمر” غليها وقال:-

 

-ممكن نتجوز عشان أنا تعبت من الأنتظار

 

تجاهلت “عليا” سؤاله وقالت:-

 

-الحساب كام كدة؟!

 

تحدث البائع معه عن السعر ومد يده إليها لكى توقع فأعطته إلى “عمر” وبدل من التوقع كتبت كلمة واحدة (أتجوزينى) نظرت إلى الكلمة وضربت صدره بقوة غاضبة من فعلته لتقول:-

 

-أنتِ أتجننت يا عمر

 

صاح “عمر” بضيق من تصرفاتها وقال:-

 

-مش ذنبى أنا بقولك أتجوزينى تدينى الورقة ليه

 

ضحكت “عليا” عليه وقالت:-

 

-أنا بقولك وقع يا بنى

 

أقترب خطوة منها وقال بإصرار:-

 

-أتجوزينى

 

نظرت “عليا” للبائع بخجل من تصرفات هذا الرجل فضحك البائع عليهما وسأل:-

 

-حضرتك دفعتي؟

 

أجابته “عليا” بجدية قائلة:-

 

-اه

 

نظر البائع إلى “عمر” وقال:-

 

-وافقت أهى

 

نظرت “عليا” إليه بغضب من مكر هؤلاء الرجال فقفزت “عمر” فرحًا بعد أن غمز البائع إليه وأقترب يفتح ذراعيه لكى يطوقها فصرخت به قائلة:-

 

-عمرررر أتلم

 

عانق “يونس” عوضًا عنها فضحكت بخجل عليه وجميع الزبائن ينظرون عليه بعفوية وفرح..

 

_____________________

 

أستيقظت “عهد” من نومها تشعر بثقل على بطنها فنظرت ووجدت “نوح” نائمًا على بطنها ويطوق خصرها بذراعيه، رفعت يديها إلى رأسه وتغلغلت أصابعها في خصلات شعره الأسود فتمتمت بصوت خافت:-

 

-نوح

 

أبتعد عنها برفق لتعتدل في جلستها وهى تحدق به وسألته:-

 

-بتعمل أيه يا نوح

 

أجابها بخجل من فعلته قائلًا:-

 

-كنت بسمعه

 

 

 

 

تبسمت “عهد” بخفوت عليه وقالت بسعادة:-

 

-بس يا حبيبى دا لسه متكونش بتسمع أيه؟

 

ترجل من الفراش خجلًا ثم قال:-

 

-جومى يا عهد عشان تفطرى

 

ضحكت وهى تنزل من فراشها وتقول:-

 

-أنا ملاحظة أنك من ساعة ما عرفت أنى حامل بقيت مسئول تغذية يا نوح ومبتقولش حاجة غير يلا نأكل، هنأكل أيه، فين الأكل أنا كدة هبقى بطة على يدك

 

تبسم “نوح” وهو يحضر إلى صنية الفطار على السرير أمامها وقال:-

 

-كله عشان صحتك أنتِ والبيبى

 

تبسمت “عهد” وهى جالسة أمامه ويطعمها بيده لكن قطعهم صوت “رنين هاتفه وكانت والدته فأجاب عليها بجدية:-

 

-أيوة يا أمى

 

أخبرته والدته بمرض والده فقرر العودة للصعيد في الحال ليعود بها ووصل إلى غرفة والده وقبل يده بهدوء ثم قال:-

 

-الداكتور مشافكش ولا ايه؟

 

أجابته “سلمى” بضيق من عناد زوجها قائلة:-

 

-معاوزش يا نوح امال أنا أتصلت بيك ليه

 

وقف “نوح” من مكانه ثم قال:-

 

-مفيش الحديد دا أنا هروح أجيب الدكتور

 

خرج من الغرفة ثم نزل للأسفل ينادى على “خلف” بصوت قوي:-

 

-خلف ..يا خلف

 

دخل “خلف” من باب المنزل وقال:-

 

-أمرك يا جناب البيه

 

-هم يا خلف هات دكتور يكشف على الحج

 

أسرع “خلف” للخارج وخرج من المنزل بينما ألتف “نوح” لكى يصعد للأعلى ورأى وجه “فاتن” امامه تقف بأحراج شديد ليتجاهلها وهو يكبح غضبه بداخله وكاد أن يصعد الدرج لتقول:-

 

-نوح

 

ألتف إليها وهو يعض شفتيه السفلى بضيق وأمقنها بنظره لتقول:-

 

-أنا في ورطة يا نوح ولحالى

 

تنهد “نوح” بضيق شديد وقال:-

 

-روحى لولدك يا مرت عمى ما دام جوزك في السجن

 

-خالد ماشي مع الم.طاريد والمج.رمين هروح له الجبل، أنت ولد أصول يا نوح أجف ويايا على ما أجوز أسماء والبت الحامل من خالد دى حرام أجولها تجتل الواد وهو لسه في بطنها ما هو روح

 

صاح “نوح” بغضب شديد قائلًا:-

 

-وعشان ولد أصول جيتوا عليا وعلى مرتى، وليه عشان الفلوس والأرض ملعون الفلوس اللى تغير النفوس وتشيل الأهل من بعضهم، عشان الأرض اللى خيرها مغرجنا كلنا مش واحد لحاله جوزك رفع سلاحه عليا ولو ستر ربنا وبنتك مكفهش ض.رب مرتى لا كمان ضربتها بالنار وليه

 

خرجت “أسماء” من الغرفة على صوته وهكذا نزلت “عهد” من الأعلى و”سلمى” تمسك يد “على” ووقفوا يستمعوا إليه، جذب ذراع “عهد” بقوة ليجذب إليه وقال بأختناق:-

 

-حد فيكم يجولى مرتك أذيت مين فيكم بكلمة واحدة حتى ورب العزة لو جولتله أنها غلطت في حد فيكم بكلمة هجول حجكم اللى عملتوا فيها

 

نظرت “عهد” إليه بأحراج وقلق من غضبه وهو يصرخ بهم بغضب ناري، فتح باب المنزل ودلف “خالد” من الباب ليقول:-

 

-تعال يا ولد عمى وجولى أنا أذيتك في أيه عشان تخطف مرتى وتتهجم على دارى بالمطاريد

 

لم يجيبه أحد فألتف إلى “فاتن” بإستياء شديد وقال:-

 

– راجلك أهو يا مرت عمى لكن أنا متطلبيش منى حاجة لأن أنا بشر ولحم ودمى وسبحان من مصبرني على نار قلبى عليكم ودا بس لأن لسه فاكر اللى انتوا نسيتوا وأننا أهل

 

أخذ “عهد” وصعد للأعلى وتعلم أن بداخله غضب شديد وهو يتحمل فوق طاقته لتقول:-

 

-نوح

 

سار نحو الشرفة ينفث دخان غضبه بالخارج لتقترب “عهد” منه وتضع يدها على ظهره بلطف وقالت:-

 

-متعملش حاجة فوق طاقتك يا نوح ومتجيش على نفسك عشان أي حد

 

تنهد بتعب شديد من هذا الحديث وهذه العائلة ليتلف إليها ويتكأ على سور البلكونة ويحدق بها بعينيه ثم قال:-

 

-مجادرش أغفر

 

تبسمت “عهد” إليها ثم قالت بحُب:-

 

-إحنا بشر يا نوح وكلنا بنغلط لكن المهم نغفر ونعدى ولو اللى أذونا أهو عمك ربنا أنتقم لك منه وحورية في السجن خلاص هنظلم الأبرياء على جرائم الغير عشان بس من أهلهم، مرات عمك وأسماء مغلطوش فينا سامح وأغفر ولو مرات عمك محتاجة لك خليك في ضهرها وأوعى تنسي أنك كبير العائلة دى ولازم تبقى محايد

 

أومأ لها بنعم وألتف لينظر إلى الحديقة بصمت فأربتت “عهد” على كتفه بلطف..

 

___________________

 

تحدث “نوح” بغضب سافر قائلًا:-

 

-واا أنت مخك تخين يا عطيه

 

تحدث “عطيه” بضيق شديد من تصرفات هذه الفتاة ليقول:-

 

-أنا معنديش خلج يا نوح لعقليات البنات دى وبعدين الغيرة الزيادة دى مجرفة جوى يا عم

 

تأفف “نوح” بغضب سافر قائلًا:-

 

-تجوم مهمل خطيبتك أكدة في القاهرة وتعاود وهى غضبانة منك

 

قطع حديثهما صوت صراخ “تاج” وهى تركض نحوهما، وقف “نوح” وهو يحدق بها لتتشبث بملابسه بخوف شديد وتقول:-

 

-ألحجنى يا بيه

 

نظر إليها ثم إلى “خالد” الواقف هناك ويقول بصراخ:-

 

-بجى عاوزة تفضحينى يا بنت ****

 

تحدث “عطيه” بضيق من هذا الرجل وقال”:-

 

-ما تهدأ أكدة يا عم هتضرب حُرمة عشان خايف من الفضيحة مكنتش عملتها من الأول

 

صرخ به بأنفعال شديد قائلًا:-

 

-مالكش صالح يا عم عطيه، دا أنا هجطع خبرك

 

تشبث بذراع “نوح” بأرتجاف وهى تقول:-

 

-الله يخليك يا بيه ما تخليه يأخدنى دا هجتلنى والله

 

نفض “نوح” ذراعه عنها بضيق شديد ثم نظر إلى “خالد” وقال بجدية صارمة:-

 

-ما تهدأ يا خالد وأنت بتفرج علينا الخلج ومحدش هيفضحك غير عمايل دا

 

نظر “خالد” حواله ليرى الجميع يحدق به فقال بتهديد شديد:-

 

-ماشي متفكريش أن نوح هيحميكى منى يا بنت ****

 

غادر من أمامه بخجل من نظرات الجميع فألتف “نوح” إليها ليراها تبكى بقوة فتنهد بضيق شديد وهى سبب كل هذا ثم أخذها للمنزل وأعطاها إلى “عهد” وقال:-

 

-ديرى بالك عليها يا عهد لحد ما أشوف هعمل فيها أيه

 

أتاه صوت “فاتن” وهى تقول:-

 

-لا يا نوح ولدى لازم يكتب عليها أنا مهسيبش حفيد يتولد ولد حرام

 

رد “نوح” عليها بنبرة قوية صارخًا بها:-

 

-مش دى عمايل ولدك ربنا يصبرنى عليكم

 

أخذتها “عهد” وصعدت للأعلى فهتفت “فاتن” بهدوء شديد تقول:-

 

-ربنا يكرمك يا نوح ويريح بالك بس متهملنيش لحالى في المصيبة دى وأنا مهجدرش على خالد لحالى

 

تنهد بضيق شديد ثم أربت على كتفها بلطف وقال:-

 

-ربك يحلها من عنده

 

صعد إلى الأعلى ليرى والدته تخرج من غرفتها فسألها بقلق:-

 

-خلف جابلك الأشعة

 

أومأت إليها بنعم ثم قالت بلطف:-

 

-اه والحمد لله طمن قلبى وجالى أنه زين

 

تبسم غليها ثم دلف إلى غرفته ليرى “عهد” تتحدث في الهاتف مع “ليلى” تقول:-

 

-وبعدين يا ليلى هتفضلى كل حاجة تصغري عقلك كدة وبعدين الراجل مبيحبش الغيرة الزيادة بيحس انك بتخنقنى

 

أجابتها “ليلى” بضيق قائلة:-

 

-يعنى برضو طلعت انا اللى غلطانة في الأخر

 

تنهدت “عهد” بلطف ثم قالت بجدية:-

 

-مش فكرة مين اللى غلطان، أنتوا مش في حرب يا ليلى أنتوا بتبنوا بينكم سلام وحب ومودة ورحمة مش بتستفد طاقتكم كلهم في الخناق والزعل ومين يغلط ومين يصلح والنقطة هتنزل في خانة مين

 

صمتت “ليلى” ولم تجيب عليها فتابعت “عهد” بهدوء:-

 

-خلاص يا ليلى تعالى ونحلها سوا

 

أومأت إليها بالإيجاب ثم أغلقت معها فرأت “نوح” يجلس جوارها فقالت:-

 

-هتعمل أيه مع خالد

 

تبسم وهو يمسك يدها بلطف ثم قال:-

 

-ربك يسهلها يا عهد، المهم طمنينى انتِ عاملة أيه النهاردة

 

-الحمد لله يا نوح أحسن كتير، على فكرة عليا كلمتنى وقررت الفرح أول خميس في الشهر الجاى

 

حدق بها بعفوية ليقول بدلالية:-

 

-ربنا يتم عليها بخير، جوليلى بجى هتعاودى للشغل ميتى

 

نظرت “عهد” إليه بدهشة ثم قالت:-

 

-أنتِ أزاى كدة يا نوح

 

عقد حاجبيه بأستغراب شديد وسألها قائلًا:-

 

-واا كدة كيف؟

 

ألتفت إليه بعفوية وحدق بعينيه بحُب ثم تحدثت بنبرة هادئة:-

 

-يعنى عمرك ما أعترضت على شغل بل دايمًا بتشجعنى وواقف في ضهرى وكل ما أبعد عن شغلى أنت ترجعنى تانى

 

تبسم “نوح” عليها بنبرة هادئة ثم رفع يده ليضع خصلات شعرها خلف أذنيه وقال:-

 

-وأنتِ بتعملى حاجة عيب ولا حرام عشان اعارضك وأمنعك عن الحاجة اللى بتحبيها وبتسلي وجتك فيها ثم أنا مش راجل مُتخلف عشان أمنعك من شغلك تجومى تيجى عليا أنا وتجعدى تجولى زهجانة ومبتخرجنيش وتبدأ الخناجات ويانا

 

رفعت حاجبها إليه بضيق ليتابع الحديث بعد ان تبسم على حدتها ووجها العابس قائلًا:-

 

-ههه مجصديش يا حبيبة قلبى أنا خابر أنك أعجل الستات كلتها بس برضو منكرش أن شغلك بيشغلك عنى هبابة وأنا في شغلى

 

ضربت صدره بقبضة يدها بأغتياظ شديد لتقول:-

 

-بجى كدة يا نوح

 

ضحك “نوح” عليها ثم طوقها بذراعيه وهو يقول:-

 

-بهزر وياكى يا عمرى أنا، طب دا أنا عمرى محلايش إلا بيكى أنتِ يا وردة عمرى

 

تبسمت بخفة عليها ثم أسكنت بين ذراعيه سعيدة وقلبها يتراقص فرحًا لأجل هذا الرجل الذي هويته رغم شراسته وحدته، ليضع قبلة على جبينها وقال بلطف:-

 

-ربنا ما يحرمنى من وجودك يا سلطانة عمرى وعهدى اللى قطعته لربى وعمرى ما هخلفه لو على حياتى…

 

 

 

 

النهـــــــــايــــــة….

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
36

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل