
-يعني إيه اتجوّز!
*بزعيق: يعني اتجوّز يا أستاذة، إيه اللي مش مفهوم يعني؟!
رجعت خطوة لورا وأنا بحاول أستوعب كلامها وطريقتها الهجـ،ـومية، بس ثباتي اتبخّر لمّا سمعت صوت الباب بيتقفل، ومن بعدُه صوتُه هو، لفّيتلُه بذهول وأنا بحاول أستوعب ازاي قدر يعمل كدا من ورانا، قرّب خطوة منّي، رفع إيدُه وكان هيضُمني كالعادة، بس ملامحه اتجمّدت لما اتكلّمت.
-انت بجد اتجوّزت؟!
عينُه وسعت بتوتر أنا حفظاه، وبص لماما اللي كانت عطياه ضهرها ومُنهارة، ورجع بصّلي من تاني بخوف، حاول يقرّب، بس خدتْ خطوة لورا، والمرادي صوتي على، وبزعيق:
-انت بجد اتجوّزت على ماما؟!
~مها، أنا..
-بانفعال: اتجوّزت على ماما ولا لأ؟!
نفخ وخد خطوة لورا، فضل ساكت وأنا فضلت واقفة مكاني مش عايزة أفهم معنى سكوتُه الغريب، مينفعش يكون اتجوّز على ماما بجد، هو.. هو المفروض ينكر دا، أيوا المفروض ينكر، هو.. ليه مأنكرش!
بصّيت لماما اللي صوت عياطها بقى عالي، ورجعت بصّيت لبابا من تاني بوجع، خدت نفَس عميق، وبعد ثواني:
-بصوت مهزوز: بابا.. قولي إنك معملتش كدا.. أرجوك.
~مها، صدّقيني هي كويسة وأختِك..
*اتدخلِت بزعيق: واحنا مالنا ومال الغندورة بتاعتك؟! تكونش ناوي تاخد بنتي مني وطمعان في اني هسيبهالك ولا حاجة! لا دا بعينَك، اطلع بـرا، امشي من هِنـا.
صوتها على وبدأت تزقُه جامد عشان يطلع، وأنا فضلت مكاني مش قادرة أتحرّك، مش فاهمة إيه اللي بيحصل، ولا عقلي قادر يستوعب إن بابا عمل شيء زي دا، طب ازاي؟! وليه؟!
•بصوت نايم: حد ييجي لحد في وقت زي دا يا بت؟! والله على عيني وراسي إنك خطيبة أخويا، بس معلش دا هو الواد اللي حيلتنا وشرفُه يهمّنا.. تفتكري الجيران هيقولوا ايه لما..
-قاطعتها: بسنت.. بابا طلع متجوّز.
فتحت عنيها وبصّتلي، ورجعت غمّضتهم تاني وسندت على الباب.
•ما احنا عارفين إنه متجوّز يا مها، أومال انتي كُنتي فاكراه مخلّفك وعايش مع أمك بصفتُه ايه؟ عم محمد البقّال!
-زعّقت: قصدي طلع متجوّز على ماما يا بسنت.
شهقِت وعنيها وسعِت بذهول، رفعت إيدها على بوقها بصدمة، وبعد كام دقيقة، اتحرّكت وشدّتني لحُضنها، كُنا لسة على الباب، بس بمُجرد ما ضمّتني، دموعي نزلت.
هي أكتر واحدة فاهمة بابا بالنسبالي كان إيه، وعارفة معنى خبر زي دا هيعمل فيّا إيه.
صحيح عقلي لسة مش مُستوعب الصدمة نوعًا ما، لكنّي مصدومة، موجوعة، ومش قادرة أفهم ازاي قدر يهد استقرار بيتنا الصغير بالشكل دا.
بعدِت شوية ومسكِت إيدي بخوف بان في عنيها وخلّاني ابتسمت على مشاعرها الصادقة، وبقلق ملى صوتها:
•انتي كويسة طيب؟ عرفتي ازاي؟ و..
=مين جاي دلوقتي يا بسـ.. إيه دا، مها!!
بصّيت لملامحُه النعسانة اللي اتبدّلت لتانية مذهولة بمُجرد ما عينُه وقعت عليّا، وفضلت جامدة في مكاني، اتحمحم بعد ثواني فبصّيت بعيد، وهو باستغراب اتكلّم.
=انتي كويسة يا مها؟!
•اتحمحمِت: أيوا يا يونس، حصلت مُشكلة صغيرة بس هتتحل إن شاء الله، خُش اغسل وشك دا ولا شوف انت هتعمل إيه واحنا هندخل أهو.
=كشّر: مُشكلة إيه؟.. مها، حصل إيه خلاكي تنزلي من البيت في ساعة زي دي؟
فضلت ساكتة، وبسنت قالتلُه حاجة في ودنُه سابنا من بعدها ودخل أوضته، ثواني ولقيناه طلع ومعاه هدوم ليه، وبهدوء:
=أنا هطلع أنام في شقّتنا عشان مش هينفع أفضل هنا، والصُّبح لينا كلام تاني.
سابنا وطلع على الشقة اللي المفروض هنتجوّز فيها كمان شهرين، واحنا دخلنا أوضة بسنت بعد ما قولنا لمامتها إني هنا.
•عايزة تتكلّمي دلوقتي ولا لسّة مش قادرة؟!
بصّيت للأرض ومردّتْش، وهي قرّبت بهدوء وضمّتني، حاولت أقاوم لإني مش عايزة أبكي، بس هي كعادتها فضلت متبّتة فيّا.
ثانية، والتانية، وقناع الجمود وقع ومعاه دموعي، عقلي مش فاهم يعني إيه بابا اتجوّز على ماما وقلبي موجوع من مُجرد فكرة إنه استغنى عنّا ولقى واحدة تانية يهتم بيها، واحدة تانية!.. طب واحنا!
عياطي زاد، وبسنت بتطبطب عليّا من غير ما تتكلّم، بعدتْ عنها بعد شوية وبدأت أمسح دموعي، وبصوت مخنوق:
-أنا مكُنتش مُتخيلة إنه ممكن يعمل كدا، أنا فاهمة إن هو وماما كان بينهم شوية مشاكل بس مش للدرجادي، ماما.. ماما مُنهارة، وأنا؟ دا حتى مقالّيش، مقالّيش إنه هيتجوّز (عياطي زاد لما افتكرت كلمة “أختِك”) وكمان طلع عندي أخت، يعني مش متجوّز من قريب.. دا.. هو بيحب غيرنا وبيهتم بغيري، هو مش بيحبّنا.
•مها.. أنا..
سكتِت ومكمّلِتش، وأنا ضمّيت رجليّا وكمّلت عياط، قرّبِت مني وحضنتني تاني، بس بعدِت لمّا الباب خبط ووصلّنا صوت أخوها.
قامِت تفتح الباب وتشوفُه عايز إيه، وأنا رميت نفسي على السرير بتعب، غمّضت عنيّا، وسرحت ما بين شوية ذكريات مليانة وُد، لُطف، وحُب.