
اجابه محمود على عجل بتفاخر :
-انا محمود خطيب حياة وزميلها ..
الان ستفقد وعيها حقاً وليس تظاهراً ، التفت فريد ينظر إليها بحاجب مرفوع يهز رايه لها ببطء قبل ان يعود بنظره إلى محمود مستنكراً وهو يرفع كلتا يديه يستند بها على كتفه :
-خطيبها !! لا مبروك .. بس يا خطيبها محدش قالك انك مينفعش تخطب واحده مخطوبه !! ..
كان يضغط بقوه على كل حرف يخرج منه مما جعل حياة ترتجف داخليا من القادم ، اجابه محمود مستنكراً :
-خطيبها !! ازاى الكلام ده ؟..
ثم وجهه حديثه لحياة :
-حياة ,الكلام الل بيقوله الاستاذ ده صحيح ؟..
فتحت فمها تجيبه ولكنه أوقفها نبره فريد الهادره :
-لما اكون بتكلم معاك متوجهلهاش كلام .. لا انت اصلا متتكلمش معاها تانى لا وانا موجود ولا مش موجود ..
ثم انقض عليه فى اللحظه التاليه يلكمه بكل ما أوتى من قوه حتى صرعه أرضاً غير آبهاً باحتجاجات حياة .
تجمهر حولهم العديد من الطلاب يشاهدوا ذلك الصراع الدامى بين زميلهم وهذا الشخص الغريب دون تحرك من احد منهم للتدخل لفض ذلك الاشتباك بما فى ذلك حرس الجامعه !!
كانت حياة تصرخ به بقوه متوسله من بين دموعها المنهاره ليتركه ولكن دون جدوى ، جلست بجواره وهو لايزال يسدد لكماته لمحمود الذى أوشك على فقدان وعيه تتوسّله وهى تمسك بكتفه :
-سيبه .. هيموت فى ايديك .. الله بخليك سيبه .. عشان خاطرى كفايه ..
نظر لها اولاً بغضب قبل ان يتحرك من فوق محمود الذى كانت الدماء تملئ وجهه وثيابه ، اعتدل فى وقفته وحاول إصلاح هيئته بغرور قبل ان يحدثها محذراً :
-دى عينه صغيره من اللى هعمله فى اى حد يفكر يقربلك ..
ثم تقدم عده خطوات يقترب منها قبل ان يضيف :
-انتى بتاعتى انا وبس .. حطى ده فى دماغك عشان ترتاحى وتريحينى ..
دفعته بذراعيها بكل ما أوتيت من قوة صائحه بغضب :
-مش هتجوزك يا فريد ، صدقنى لو انت اخر راجل فى الدنيا مش هتجوزك ، انا افضل انى اموت الف مره على انى اتجوز واحد زيك معندهوش لا قلب ولا احساس ..
التوت فمه بأبتسامه تحدى ثم أجابها بثقه :
-هنشوف .. كلام مين اللى هيمشى ..
ثم تركها واتجه نحو سيارته يصعد بها اولاً ثم يقودها بجنون إلى الخارج ، كانت لاتزال ترتجف من هول ما رأته عندما اقتربت منها مريم تحتضنها بقوه وتخبرها ان سياره الاسعاف فى الطريق لنقل محمود لاقرب مشفى .
***************
وقفت داخل احد اروقه المشفى بجانب صديقتها مريم تنتظر خروج الطبيب من الداخل بتوتر ، وصلت والده محمود برفقته والده وأخواته تلهث وهى تقف امام حياة تستفسر منها عما حدث معه ، لم تستطع حياة الا قول الحقيقه كامله لوالديه دون تحريف ، انتفضت والدته تصرخ بها مع صدور اخر الكلمات من فمها :
-وانتى مستنيه ايه !! لما يموت ابنى عشان ترتاحى ..
حاولت مريم التدخل للمدافعه عن صديقتها ولكن أوقفتها يد حياة وهى تمتم بخجل :
-عندك حق .. انا اسفه وياريت تبلغى اسفى ده لمحمود وصدقينى مكنش قصدى ابدا انى ااذيه وبكرر اعتذارى لتانى مره ..
ثم وضعت يدها داخل جيب ردائها وأخرجت منه محبسها وأعطته لوالدته ثم انصرفت دون كلمه اخرى .
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
متى تخضعين لقلبى
الفصل الثانى
وقفت خارج أبواب المشفى تستنشق بعض الهواء النقى عل ذلك يعدل من مزاجها ولو قليلاً ثم استأذنت مريم فى الذهاب إلى منزلها ، اصرت مريم على الذهاب معها ولكنها رفضت بشده مصره على السير بمفردها لتنقيه افكارها وأعاده ترتيبها
تحركت نحو الشاطئ تجلس على احدى المقاعد الخشبيه الموضوعه هناك ، ظلت فتره تنظر إلى مياه البحر وأمواجه المتلاطمة بصمت ،اثر هذا المشهد علي نفسيتها بشكل كبير حتى فاضت جميع مكنونات قلبها ومشاعرها المكبوتة بداخلها ، كانت روحها هى التى بحاجه إلى الدموع لذلك تركتها تنساب بحريه ، لم تكن تعلم لم كانت تبكى بكل تلك الحرقه ، ربما لانها غير مستعده لرد فعل والدتها التى ما ان تعلم حقيقه ما حدث ستخبرها كم كانت محقه وكم نبهتها من طيشها وشده عنادها معه ، او ربما لان محمود كان يمثل لها الامل بالهروب من ذلك السجن المسمى منزلها ، او ربما لانها هيأت نفسها للخروج من تحكم ذلك المسمى والدها الذى ربما لو اعتنى بحيوان اليف لكان اهتم لمشاعره اكثر من مشاعر ابنته !!! ، او لانها خسرت معركتها امام ذلك المتجبر واستطاع فى النهايه تنفيذ ما يريده ، فريد !! ، ظل اسمه يتردد فى ذهنها بقوه ، فكرت بحسره كم ان الحياه قاسيه معها ، حتى الشخص الوحيد الذى اعتبرته صديقها المقرب سلبته منها الحياه ليتحول إلى انسان دون قلب وتتحول مشاعرها معه ليصبح اكثر الناس بغضاً لقلبها ..
****************
عاد هو إلى مكتبه والتقط هاتفه بغضب ، عبث به قليلاً بعنف قبل ان يخرج اسم شخصاً ما ويجرى معه اتصالاً هاتفياً :
-انا قلت بما انك مش بتسال عليا اسال انا ..
ارتبك الرجل على الطرف الاخر من نبرته فتحدث مبرراً :
-فريد بيه .. صدقنى مفيش حاجه مهمه تعرفها ..
اجاب الرجل بهدوء ساخر :
-لا يا راجل .. امال ترقيه بكره دى ايه ؟!.. وبعدين انا هنا اللى يحدد ايه اللى مهم وايه لاء ..
تعلثم الرجل فى نبرته قبل ان يجيبه بأرتباك:
-هو حضرتك عرفت ..
اجابه فريد ساخراً :
-لا قاعد نايم على ودانى مستنى لما انت تقرر ابه مهم عشان اعرفه وايه مش مهم ..
تنحنح الرجل من الطرف الاخر محاولاً تنقيه حنجرته ثم اجابه مبرراً:
-يا فريد بيه هى مجتهده وموهوبه وتستحق الترقيه وانا قلت دى حاجه اكيد هتبسط حضرتك..
قاطعه فريد بحده :
-انا عينتها عندك بس عشان تكون تحت عينى وانا اللى اقولك تعمل ايه معاها امتى وفين مش انت .. وبعدين بكره قبل الاجتماع تبلغها انك استغنيت عن خدماتها .
تذمر الرجل معترضاً :
-بس يافريد بيه دى من أكفأ الموظفين عندى !! ..
صاح به فريد ناهراً :
-رؤوف !!!! متنسااش نفسك .. انا اللى طلبت منك تعينها عندك واظن انك قبضت تمن ده واكتر كمان ، ودلوقتى لما اقولك ارفدها تنفذ وانت ساكت يا اما استثمار الشركه الفرنسيه هيروح لحد تانى .. فاهمنى ؟!..
ارتبك الرجل على الهاتف ثم تمتم بخضوع :
-اللى حضرتك تؤمر بيه ..
اغلق هاتفه والقى به على المكتب دون وداع ودفن راسه فى احدى الملفات التى امامه يحاول الهاء عقله بها ، بعد قليل اندفع باب مكتبه بقوه مما اجبره على رفع راسه ليرى من ذلك المتطفل الذى يقتحم غرفته وخصوصيته دون استئذان ، لوى فمه متشدقاً وهو يرى والده يتقدم منه والغضب يملؤ نظرته سخر منه فريد :
-غريب بيه .. شكلك شايفانى فى كابوس من كوابيسك عشان كده داخل عليا دخله السينما دى , ولا يمكن جيهان هانم بخت شويه من سمها فى ودانك كالعاده !! ..
اجابه والده بحنق :
-بلاش قله ادب .. وقولى انتى لسه ماشى ورا بت الخدامه دى !!! ..
انتفض فريد من مقعده يضـ,ـرب سطح مكتبه بقوه :
-اسمها حياة , فاهم ليها اسم تناديها بيه ده اولاً .. وبعدين ده شئ ميخصكش ثانياً .. وثالثاً انت لسه مخلى حد من كلابك يجبلك اخبارى ؟!!..
لوى والده فمه متشدقاً :
-متهربش من سؤالى ..
صمت قليلاً متفكراً ثم اضاف بتشفى :
-التاريخ بيعيد نفسه .. والابن غصب عنه بيورث من جينات الاب .. واضح ان فى حاجه فى دمنا ينجذبنا للخادمات .. انا برضه امك كانت مجننانى كده وهى مستعصيه عليا .. بس عمتا لو عايزها اوى كده قولى وانا هتصرف واجوزهالك ..
اجابه فريد والاشئمزاز بادياً فى نظرته ونبرته :
-لا انا مورثتش منك حاجه وده من حسن حظى لانى مش ناوى اموتها بأيدى .. ثم ان دى حاجه تخصنى انا لوحدى وانا هتصرف فيها كفايه انت بس تبعد انت والعقربه وبنتها عن حياتى .. ولو عرضك خلص اتفضل روح مكتبك وسبنى اكمل شغلى ..
ارتبك والده وبدء الاحمرار يغزو وجهه فاستدار للخارج يصفق الباب خلفه بعد ان القى نظره حانقه على ابنه الذى ارتمى فوق مقعده مره اخرى يسحب هاتفه بغضب ثم تحدث إلى شخص ما :
-اسمعنى .. اللى اتفقنا عليه يتنفذ بكره .. واقسم بالله لو حصل اى غلط ولو صغير هدفنك مكانك .. فاهم ..
صاح بكلمته الاخيره قبل ان يغلق هاتفه ثم تحرك بعصبيه يلتقط معطفه ومفاتيحه ويتحرك للخارج كالعاصفة .
******************
دلف بعد فتره إلى منزله بهدوء يحاول الوصول إليه منذ الصباح ، لمح مديره منزله تمر من امام الممر المؤدى لمكتبه فتوقف عن السير يلتفت إليها ثم امرها بعجرفته المعتاده :
-خلى داده آمنه تحصلنى على مكتبى ، دلوقتى حالاً ..
ثم استدار مره اخرى مكملاً طريقه حيث يقع مكتبه ، قام بخلع معطفه وربطه عنقه ثم جلس على كرسى مكتبه الفخم بهدوء يستند بذقنه على يديه المتشابكه ينتظر وصولها ، دلفت آمنه إلى مكتبه بعد ان طرقت باب الغرفه وسمح لها بالدخول فور سماعه لطرق الباب ، نظرت إليه وإذا به يجلس شارداً ويديه المتشابكه تسند راسه بوقار ، لم يرفع راسه ولم يتكبد عناء النظر إليها ، تحدث على الفور وعينيه مازالت تنظر إلى الفراغ ، سألها بصوت ناعم كالفحيح :
-امنه هانم.. تفتكرى لو فى حد كدب عليا المفروض اعمل معاه ايه ؟!..
بدءت آمنه فى التأكد من شكوكها التى تساورها منذ طلبه ان تلحق به إلى غرفه مكتبه ، ازدردت ريقها بصعوبه وهى تنظر إليه برعب ثم تنحنحت محاوله تنقيه حنجرتها قبل ان تجيبه :
-على حسب يا فريد بيه ..
رفع عينيه يلتقط نظراتها كالصقر بعدما شعر بتذبذب نبرتها :
-ايوه كملى على حسب ايه ..
-على حسب هو كدب عليك فى ايه بالظبط وهو بالنسبالك ايه ..
لوى فمه بأبتسامه ساخره قبل ان يجيب بثبات جعل أوصالها ترتعد خوفاً من القادم :
-لا هو من جهه كدب عليا فهو كدب عليا فى حاجه مهمه اوى ، تقدرى تقولى كده اهم حاجه فى حياتى ومكتفاش بالكدب بس ..ده حاول يستغفلنى ويخلينى زى العبيط مش حاسس بحاجه .. ها ايه رايك بقى المفروض اعمل فيه ايه ؟؟..
نظرت إليه وإذا به يبتسم ابتسامه شرسه ، حاولت اخراج نبرتها طبيعيه قدر الإمكان :
-على حسب مكانته .. لو مهم عندك او بتحبه هتسامحه ..
هز راسه موافقاً قبل ان يتحرك من مقعده ببطء ويضع كلتا يديه داخل جيوب بنطاله ويسير فى الغرفه وحولها ببطء :
-وياترى هو ده اللى اعتمدتى عليه انتى وحياة لما استغفلتونى واتخطبت لغيرى ؟،.. ولا فاكرين انى نايم على ودانى ومش حاسس بحاجه من اللى بتحصل حواليا ؟!..
شعرت بقلبها يهبط إلى أرجلها ، اذا كل شكوكها كانت صحيحه ، انه يعلم ، والله وحد يعلم رد فعله التالى ، انتظر فريد خروج رد فعل منها ولكنها آثرت الصمت لذلك قاد هو دفه الحديث مره اخرى :
– حياه لسه صغيره وطايشه .. بتعاند ومش عارفه الصح من الغلط .. لكن المفروض ان انتى ست عاقله وكبيره وهتحافظ على عيلتها .. صح ولا ايه ؟!..
ضغط على جملته الاخيره بقوه وهو يبتسم لها ابتسامه ذات مخزى ، ضيقت امنه عينيها عليه تحاول استيعاب ما نطق به للتو ، نعم انه يهددها بعائلتها ، لم تخطئ فى فهم رسالته المبطنة ، اللعنه على حياة ، ستقضى عليهم جميعاً بسبب عنادها ، اطرقت براسها أرضاً قبل ان تتمتم بخفوت محاوله تدارك الموقف وامتصاص جزء من غضبه:
-اللى انت عايزه يا فريد بيه هيحصل متقلقش ..
ثم استأذنته فى الخروج هاربه منه تحاول التفكير فى حل للخروج من ذلك المأزق قبل فوات الاوان .
**************
لم يستطيع المكوث فى منزله لأكثر من ذلك فهو يشعر ان تلك الاثنا عشر الساعه القادمه لا تمضى وعقارب الساعه لا تتحرك لذلك التقط معطفه ومفاتيح سيارته واتجه نحو الخارج ، بعد قليل وصل إلى مكانه المعهود وجلس به ولكن لن يطلب اليوم شرابه المعتاد ، يريد شئ يجعله يفقد وعيه بشده حتى لا يستطيع التفكير بها ، التقط الشراب ثم تجرعه مره واحده قبل ان يخفض الكأس ويضعه على طاوله البار ويطلب كأساً جديد ، اللعنه حتى ذلك الشراب القوى لم يستطيع اخراجها من عقله ، هذا ما فكر به بألم وهو يخرج صورتها من جيب ردائه ، كم انها جميله وبريئه !! هل تعلم انها تمتلك اجمل عيون رأها يوماً ؟!!،، كم تبدو بعيده وطاهره بقدر ذنوبه واخطائه ، ها هى تقف امامه فى تلك الصوره التى التقطها لها منذ زمن بعيد بنظرتها الحالمه ، هل تعلم انه يحفظ جميع نظراتها عن ظهر قلب ؟!، لا ولا يعتقد ان هناك احد اخر يفعل ذلك حتى ذلك المدعو محمود !! ، لا يعلم لماذ تذكر الان ذلك السؤال الذى رمته به منذ سنوات عديده عندما أعلنت لاول مره عن كرهها القوى له مستنكره ، فى ذلك الوقت كان يشعر بصدمه شديده من مشاعر الكره التى اطلقتها نحوه وبقوه غير عابئه باحساسه او بما شعر به حينها لذلك لم يستطع الاجابه على سؤالها ولكنه تذكره الان ، هل حقاً يحبها ام انه فقد يريد تملكها ، لقد تخطت مشاعره مصطلح الحب منذ أعوام ، كان ذلك ما يشعر به فى طفولتهم وكلما كبر عام كلما كبر حبها داخل قلبه حتى اصبح متغلغلاً داخل دمه وكيانه ، فكر بألم هل يؤلمه ذلك الحب ؟، انه يسحق روحه ، فى كل مره ترميه بنظره كره يشعر وكأن شاحنه كبيره مرت فوق قلبه لتحوله الى اشلاء وتترك به عاهه مستديمه لا يستطيع احد مداواتها غير تلك المتسببة بها ، هل يسخط عليها ؟؟ ، ان انتزاع قلبه بيده اهون عليه من ان يسخط عليها او يتحول ذلك الحب إلى اى شئ اخر غير الحب ، وايضاً كيف يستطيع انتزاع قلبه وإخراجه وهى تسكنه ، سينتظر كما انتظر دائما ، وسيدعو الله كما يدعو دائما عل يوم من الايام يتغير قلبها لحبه اليست القلوب بيده يغيرها كيفما يشاء اذا سينتظر ..
اعاده من افكاره يد شخص ما حطت على كتفه بحنان ، تمتم بأمل ما بين الصحو والغفله :
-حياة !!!
لوت نجوى فمها بأحباط قبل ان تجيبه بغيظ :
-لا انا مش ست الحسن بتاعتك .. انا نجوى يا فريد .. نجوى ..
رفع رأسه لينظر إليها ثم حرك يده ليزيح كفها من فوق كتفه بضيق قبل ان يتمتم بنفاذ صبر :
-عايزه ايه يا نجوى انا مش فايقلك ..
اجابته برجاء :
-عايزاك تسيب نفسك ليا شويه وتنسى البتاعه بتاعتك دى شويه..
اقبض بيده على معصمها بقوه متمتاً بتهديد :
-قلتلك ميه مره قبل كده متجبيش سيرتها على لسانك ال…. ده !! فاهمه ولا لا ..
شعرت نجوى بأنها تخسر فى تلك المعركه للمره الالف لذلك حاولت تغير مجرى الحديث ، فاقتربت منه تحاول وضع يدها فوق صدره تتحسسه بأغراء متمته:
-طب بقولك ايه الجو هنا خنيق اوى ما تيجى نكمل السهره فى الفيلا عندى .. كده كده بابى ومامى لسه مسافرين ..
ابتعد فريد عنها وهو ينظر لها بأشمئزاز واضح :
-انتى هتفضلى سهله كده لحد امتى !! حرام عليكى ابوكى با شيخه !! انضفى بقى شويه ..
صرخت به بغضب وهى تجيبه :
-انت عارف كويس انى بعمل كل ده ليك انت بس عشان بحبك ..
نظر لها فريد بأستهزاء قبل ان يضيف :
-انتى مبتزهقيش من الاسطوانه دى !! قلتلك مليون مره وانا مبحكيش .. خلى عندك كرامه بقى وحلى عنى ..
حاولت مسك ذراعه لمنعه من تركها والذهاب ، أغضبه ذلك كثيراً فهو يكره ان يلمسه احد او ان يتعدى على مساحته الشخصيه وهى فعلت ذلك الليله مرتين متتاليتين ، اقبض على معصمها بقوه جعلتها تصرخ متالمه ولكنه لم يبالى بل واصل ضغط يده فوقه يدها بقوه اكثر جعل وجهها يشحب من شده الالم ، وعندما اخرج صوته كان هادئاً ولكن مملؤ بالغضب :
-قلتلك ميه مره متلمسنيش .. زى ما قلتلك برضه قبل كده لعبتك الرخيصه دى تروحى تلعبيها على حد غيرى .. مش على اخر الزمن واحده ….. هتضحك على فريد رسلان !! ولا انتى مش مكفيكى فلوس ابوكى دى كلها فقلتى اضحك عليه واهو يبقى زياده الخير خيرين !!! طلعينى من دماغك عشان انا صبرى عليكى بدء يخلص .. وانتى مش هتحبى تشوفي الوش التانى منى ..
انهى حديثه بحزم ثم نفض يده من فوقها بأشمئزاز قبل ان يترك لها المكان بأكمله ويخرج عائدا بتفكيره إلى تلك الحياة خاصته ..
*************
عاد إلى منزله ثم توجهه مباشرةً إلى غرفته ، القى بثقل جسده المتعب فوق الفراش ، فى الحقيقه لم يكن جسـ,ـده هو المتعب بل روحه ، أغمض عينيه بأرهاق سامحاً إلي سيل الذكريات بالتدفق بقوه داخل عقله لتسحبه داخل دوامه من الالم والحسره والكثير من الشوق للماضى ، حاول نزع نفسه منها ولكن الاوان قد فات فيبدو انها ستنتصر عليه كعادتها كل ليله دون حيله منه ، ظهرت امامه صوره والدته بوضوح وآثار الضـ,ـرب المبرح واضحه عليها وهى تمسح على شعره بحب وتحدثه مازحه بنبرتها المليئة بالحنان :
-انت بتحب حياة اكتر منى يا فريد .. اول ما بتفتح عيونك بتسالنى عليها .. حتى قبل ما بتقولى صباح الخير ..
أجابها بثقه وحزم يفتقده جميع اقرانه المماثلين له فى العمر :
-لا انا بحبكم انتوا الاتنين قد بعض .. انتى بابا بيكرهك وهى بباها بيكرهها .. وانا لما اكبر هاخدكم انتوا الاتنين واهرب بيكم ومحدش هيعرف يضايقكم تانى ..
نظرت إليه والدته بأنبهار من نظره الإصرار التى رمقها بها فهو منذ صغره ورغم ضأله حجمه فى ذلك الوقت الا انه كان يتمتع باراده قويه ، ومع مرور الوقت تعلم كيف يطوع تلك الهبه حتى ينحنى كل شئ يريده امامها ببساطه ، ابتسمت والدته إليه بحب قبل ان تقول له بعيون لامعه محاوله اخفاء الالم الكامن بداخلها :
-لو بتحبها اوى كده يا فريد لازم تحافظ عليها وتحميها من نفسك ..
صمتت قليلاً تستجمع كلماتها ثم اضافت كتقرير :
-انا عارفه انك لسه صغير على كلامى ده ويمكن متفهموش .. بس انا خايفه مفضلش معاك لحد ما تكبر وتفهم اللى بقلهولك ده ..
صمتت مره اخرى لتزدرد ريقها عده مرات وتحاول السيطره على دموعها التى اوشكت بالاعلان عن نفسها :
-اللى بيحب حد يا فريد مبيقدرش يعذبه .. ولو حبك ليها زى ما بتقول حقيقى يبقى عمرها ما هتهون عليك .. اوعى يا فريد دم غريب اللى بيجرى فى شرايينك ده يسيطر عليك وتفكر فى يوم من الايام تأذيها بحجه انك بتحبها ..
هز راسه لها بقوه كأنه يحاول حفظ كلماتها داخل عقله حتى لو لم يستوعبها الان ..
زفر بقوه ثم مرر يده فوق وجهه قبل ان يفتح عينيه بمراره .. لقد استوعب فى اليوم التالى كلمات والدته له بأقسى طريقه ممكنه لطفل فى عمره وعلى يد والده أيضاً ، ومن ذلك اليوم أقسم على دفع حياته ثمن قبل ان يقوم بأذيتها فهى كل ما تبقت له من ذلك الماضى السحيق ..
*********
متى تخضعين لقلبى
الفصل الثالث
استيقظت حياة فى الصباح بقلب مثقل ، فكرت بيأس انه لا فرار من تلك المواجهه ، فقلبها يحدثها بأن والدتها على علم بكل ما حدث معها بالامس ، فمنذ المساء ووالدتها تحاول الوصول إليها هاتفياً وبمجرد دخولها للمنزل اقتحمت غرفه حياة على الفور ولكن الاخيره تظاهرت بالنوم فور سماعها اقدام والدتها خارج غرفتها ، تحركت حياة على مضض ، اتجهت إلى الحمام مباشرة فلم تصادف احد فى طريقها وذلك لحسن حظها ثم عادت مره اخرى لغرفتها تستعد لارتداء ملابسها والخروج ، بعد قليل كانت قد انتهت من ارتداء جميع ملابسها وتمشيط شعرها ، نظرت إلى المرآه بحزن ، ففى ظروف اخرى كانت لتبدو سعيده بأن كل مجهودتاتها فى الثلاث سنين الاخيره توجت اخيراً بالنجاح ، ولكن الان كل ما تشعر به هو الحزن مع الكثير والكثير من تأنيب الضمير بسبب ما حدث مع محمود البارحه ، وكل ذلك بسبب ذلك المدعو فريد وهوسه فى التملك ، إعادتها والدتها من افكارها باقتحامها غرفتها بحده ، تنهدت حياة بأحباط ، اذا فكل شكوكها صحيحه فملامح والدتها تبوح بكل ما يعتمر داخل راسها دون حديث ، لوت حياة فمها بأحباط قبل ان تأخذ مبادره الحديث:
-واضح انك عرفتى باللى حصل امبارح ..
اجابتها والدتها بجديه :
-مقالش تفاصيل ..
تنهدت حياة بحزن قبل ان تقص عليها كل ما حدث معها البارحه وما فعله فريد بمحمود وحالته الصحيه وايضاً تركها له ، شهقت والدتها برعب من بطشه فلم يكفيه ما فعله ولكن أيضاً قام بتهديدها ، كانت تريد لوم ابنتها على طيشها وعنادها الغير مبرر معه ولكنها تراجعت فور رؤيتها الدموع المتكونه داخل عيون ابنتها بوضوح، تحركت حياة للخارج وتبعتها والدتها بصمت ، صادفت اخيها يستعد للخروج هو الاخر ، ابتسم لها بعذوبه وهو يلقى عليها تحيه الصباح ، قبل ان يسألها بأهتمام :
-مالك ؟!.. فى حد قالك حاجه زعلتك ؟!..
ثم أشار برأسه حيث غرفه والدهم ، هزت حياة رأسها بالنفى قبل ان تقول :
-انا عطيت محمود المحبس بتاعه ..
عبس اخيها قبل ان يسألها مستنكراً :
-انتى لحقتى !!! ده مكملتيش يومين !! ايه السبب ؟!..
حاولت حياة تغير مجرى الجرى فأجابته بنفاذ صبر :
-هحكيلك بعدين بس يلا عشان منتأخرش ..
اخيها :
-طب يلا انا كمان نازل معاكى تعالى اوصلك ..
ثم تحركا معاً للخارج ، وفى الطريق سألته حياة بأهتمام :
-عامل ايه فى الشغل وبعدين انتى نازل بدرى ليه مش ميعادك يعنى ؟!..
أجابها اخيها بتذمر :
-حياة انا خلاص قرفت .. ضغط شغل مش بيخلص والراجل المدير ده مش بيرحم كأنه اشترانى .. حتى النهارده طلب منى اروح بدرى عشان اخد فلوس واوديهاله البنك مع ان ده مش من مهامى واول مره يعملها ..
عبست حياة قبل ان تفتح فمها لمواساته:
-معلش يا محمد اصبر عليا شويه كمان ان شاء الله هلاقى فرصه للسفر وهاخدك معايا انا مش ساكته ويمكن ربنا يكرم فى اقرب فرصه ..
هز لها اخيها رأسه مطيعاً قبل ان يضيف :
-طب انا هسيبك هنا عشان متأخرش على الراجل ده والحق ميعاد البنك وانتى خلى بالك ولو احتجتى اى حاجه قوليلى..
ابتسمت له حياة بحنان قبل ان تلوح له مودعه وتستمر فى طريقها .
كان محمد هو اخيها الأصغر وبالرغم من ذلك كان يتعامل معها على انه يكبرها بسنوات ، كان حنون معها بطريقته الخاصه ، كان دائما ما يأخذ صفها عند نوبات غضب والدها وفى المساء اثناء عودته يجلب لها نوع الشيكولا المفضل لديها ويحاول دائما اخراجها من حزنها ، بالطبع لم يكن السند الذى تستطيع اخباره بمشاكلها وما يفعله معها فريد ولكنه كان يحاول حبها بكل ما يملك ..
*************
وصلت حياة إلى مكتبها قبل ميعادها الرسمى بعشر دقائق تقريباً فبدئت فى تحضير ملف الاجتماع على الفور ، بعد حوالى ساعه تفاجئت برب عملها يدلف إلى غرفه مكتبها بعبوس ، حييته بأحترام قبل ان تسأله بأرتياب وهى ترى ملامح وجهه المتجهمة امامها :
-فى حاجه اقدر اساعد حضرتك فيها يا مستر رؤوف ؟؟!..
بدء الارتباك يظهر جلياً على ملامح وجهه ، فتح فمه للتحدث ولكنه اغلقه مره اخرى ، ظلت حياة تنظر له وقد اتنقل إليها توتره ألياً فملامح وجهه لا تُبشر بخير ، تنحنح اخيراً لتنقيه حلقه قبل ان يتحدث إليها :
-حياة .. انتى عارفه انك من احسن الموظفين اللى عندى .. وانا فعلا بعزك وبحترمك وبتمنى كل الموظفين يكونوا فى نشاطك وذكائك وخوفك على الشغل .. بس انا اسف ومضطر اقولك اننا استغنينا عن خدماتك .. وكتعويض ليكى هنصرفلك ٣ شهور مكافأه ..
نظرت له حياة بصدمه تحاول استيعاب ما تفوه به للتو ، هل هذه مزحه سخيفه ؟!، لا فملامح وجهه وارتباكه لا يدل إطلاقاً على انه مزاح ، كما انها ليست كدبه ابريل فنحن على اعتاب الشتاء !، صمتت قليلاً واخفضت راسها محاوله السيطره على الدموع التى تجمعت داخل مقلتيها ثم بعد قليل رفعت رأسها وهى تبتسم له وتقول :
-تمام .. قدر الله وماشاء الله فعل ، مفيش اى مشكله وانا اكيد سعيده انى اتعرفت على حضرتك واكيد اتعلمت من حضرتك حاجات هتنفعى فى سيرتى الذاتيه .. اسمحلى بس الم حاجتى وأتحرك ..
ارتبك وهو واقف امامها ولم يدرك ما يجيبها به فقد اعُجب بقوتها ورد فعلها الثابت ، فكر متعجباً لماذا يفعل ذلك