اخبار عامةترنداترواياتقصص قصيرة

متى تخضعين ل قلبى الفصول من 1__14 ل شيماء يوسف

الملعون فريد كل ذلك معها ، على كل حال هذا ليس من شأنه يكفيه ما تحصل عليه منه منذ ان قام بتعيينها حتى الان وذلك هو المهم ، خرج من غرفتها بعد ان وضع مغلف امامها وانصرف دون وداع ، انتظرت حياة خروجه بفارغ الصبر حتى تستطيع الارتماء فوق المقعد والتفكير بتلك المفاجئه التى قلبت موازين يومها ففى اثناء استعدادها لتشغل منصب جديد وجدت نفسها خارج المؤسسه باكملها ،على كلاً حاولت تشجيع نفسها ففى الاخير كل ذلك رزق من الله وهى لديها من الخبره والمؤهلات ما يؤهلها للتعيين فى اى شركه اخرى بسهوله ، بالطبع كانت تلك من افضل شركات الملاحه فى الاسكندريه ولكنها لن تجزع ، ستجد فرصه افضل ان شاء الله ، اخذت حاجياتها وهمت بالانصراف عندما اوقفها رنين هاتفها ، نظرت به وإذا بوالدتها هى الطرف الاخر ، تجاهلت اتصالها فى المره الاولى ولكن والدتها كانت تعاود المحاوله دون انقطاع ، التقطت هاتفها وأجابت بحزن فجائها صوت والدتها باكياً :
-حياة .. الحقى محمد اخوكى ..
كانت تشعر بالأرض تدور بها من شده الفزع ، خرج صوتها هامساً تستفسر :
-ماما !!!! حصله ايه !!! محمد حصله حاجه !!! ماما !!! ..
إجابتها والدتها وهى لازالت على بكائها :
-هو كويس بس تعالى على شغله دلوقتى حالاً .. حالاً يا حياة .. اخوكى فى مصيبه ..

تحركت حياة تلقائياً تركض نحو الخارج كأنها انسان ألى دون روح ، استقلت اول سياره أجره صادفتها فى طريقها وصوت كلمات والدتها يتردد فى اذنها بقوه ، ضـ,ـرب ألف احتمال واحتمال رأسها فى تلك المسافه من مقر عملها لعمله ، حاولت طمأنت نفسها ، المهم انه لم يصيبـ,ـه مكروه ، أى شئ اخر يمكن تفاديه المهم الا يصيبه مكروه ، هذا ما فكرت به بيأس وهى تركض الدرج للاعلى حيث مقر الشركه التى يعمل بها ، دفعت الباب بيد مرتعشه فألتقطت عينيها على الفور والدتها تجلس بعيون منتفخه من كثره البكاء على احدى الارائك الموضوعة فى مدخل الاستقبال ويجلس إلى جوارها اخيها بملامح مرتعبه ، رفعت رأسها قليلاً وإذا بها ترى شخص تعرفه جيداً يستند بكسل وملامح مسترخيه على حافه احد الابواب وبجواره يقف مدير اخيها ، لم يكن الامر يحتاج إلى الكثير من الذكاء لمعرفه من المتسبب بكل ذلك الذعر الذى تمر به عائلتها ، تمتمت بغضب توجهه نظراتها المشتعله إليه :
-انت !!!..
ثم تحركت تركض حتى وصلت إليه وأخذت تلكمه فوق صدره بكل ما أوتيت من قوه وهى تصرخ به كأنها بذلك تفرغ جميع شحنات الغضب المتكونه بداخلها منذ البارحه :
-انطق عملت فيهم ايييه تانى !!! انت ايه مش بتشبع تعذيب فى الناس !! عملت ايه فى اخويا انطقققق ..

كان فريد يقف امامها بثبات كأنها تسدد تلك اللكمات للهواء وتصرخ بشخص اخر وليس هو نفسه ، بعد قليل شعرت بقوتها تنهار فتوقفت عن لكمه وهى تلهث فتحدث هو بصوت ثابت وعميق :
-لو خلصتى الدراما اللى عملتيها ياريت تتفضلى معايا جوه ..
لم تتحرك من مكانها فأضاف بنفاذ صبر لجذب انتباهها:
-عشان اخوكى ..
التفت تنظر إلى والدتها بعيون حائرة فاومأت لها براسها مشجعه ، تحرك هو اولاً وتحركت حياة فى اثره دون اعتراض او حتى سؤال ، فتح لها باب غرفه ما وتركها تتقدمه ، دلفت حياة إليها اولاً تتفحصها ، كانت الغرفه مؤثثه جيداً وواسعه يبدو انها غرفة المالك ، قاطع افكارها صوت فريد الذى اغلق الباب فور دخوله يطلب منها الجلوس ، رفضت على الفور ،وهى تفكر بقلق ما الذى يمكن ان يجمعها به ويخص اخيها ، ولماذا تشعر بأنها كبش يُجر إلى الذبح ، استند فريد على حافه المكتب يراقب تعابير وجهها ونظراتها الحائرة بهيام ، يالله كم يعشقها ، هل تعلم كم هى جميله ورقيقه وهى تقف امامه الان ترتدى جاكيت بدله نسائيه من اللون الاسود وبنطال من الجينز فتبدو شابه وقويه ، وشعرها الفحمى الناعم مرفوع على هيئه ذيل حصان ، انها حقاً تبدو كمُهره اصيله متمرده حتى تلك اللحظه لم يستطيع ترويضها ، لوى فمه بمرح مفكراً ومن قال انه يريدها مروضه!!! انه يريدها بكل عنفها وكبرها وتمنعها عليه ، اعاده من تأملاته صوتها الرقيق تسأله بحده :
-هنفضل واقفين طول اليوم تبصلى كده !!! ..
ابتسم بمرح قبل يجيبها :
-انا شخصياً معنديش اى مانع افضل واقف سنين مش بس يوم أتأملك .. بس عندك حق الايام جايه .. خلينا فى المفيد ..
نظرت له برعب واضح من تلميحه المبطن ولكنها تجاهلت ما يخبرها به عقلها فقالت بهدوء مصطنع يشوبه التحدى :
-سمعاك ..
تنحنح فريد ثم تحدث مباشرةً :
-محمد ..
سألته حياة بأرتياب :
-ماله ؟!…
أجابها ببرود يخرج فقط من انسان ألى وليس انسان يمتلك مضخه دم وشرايين :
-ولا حاجه .. بس أختلس من الشركه ٥٠٠ الف !! دولار ..
نظرت له حياة بأستهزاء :
– هزار .. انت حد فاكر ان دمه خفيف فسايب اعماله وإشغاله وجايبنى عشان تهزر !!..
هز فريد راسه لها ببطء صادراً صوت من فمه ينم على الاستياء :
-غلط .. اجابه غلط .. المفروض الاجابه اللى اسمعها انا موافقه انى اتجوزك يا فريد ..
نظرت له حياة بصدمه واضحه دون ان تنبث ببنت شفه ، انتظر فريد صدور رد فعل منها لمده دقيقه ولكن لم تفعل ، اضاف بنفس بروده المعتاد بعد ان وضع إصبعه فوق فمه متفكراً :
-اعذرينى ، يمكن حماسى خلانى انط للجزء ده قبل ما أسمعك باقى عرضى .. دلوقتى اخوكى محمد اختلس من الشركه اللى شغال فيها ٥٠٠ الف دولار ، وطبعا انتى ماخدتيش بالك ان فى ناس واقفه بره شهود شافوه وهو بياخد الفلوس من الخزنه وبيحطها فى شنطه وبعدين الشنطه بالفلوس اختفوا .. ها ايه رايك محمد يتحبس ولا تتجوزينى !!
تمتمت حياة بخفوت مقره كأنها تتحدث لنفسها قبل ان تتحدث إليه وتحاول حل تلك الاحجيه فى راسها :
-المدير اللى بره ده الكلب بتاعك مش محتاجه تفكير ..
صمتت لبرهه ثم اضافت وهى تضيق عينيها :
-والفخ ده مترتبله من زمان عشان كده طلب منه ان يجى قبل ميعاده ويوصله الفلوس للبنك على غير العاده..

ابتسم فريد بعمق قبل ان يرفع كفى يده يصفق لها باسلوب درامى :
-ذكائك كل يوم بيزيد كنت خايف بعدك عنى السنين دى كلها يقلل منه بس بالعكس طمنتينى عليكى ..
نظرت اليه بأشمئزاز قبل ان تقول :
-انت ازاى كده !! انت بقرف منك وبكرهك .. فاهم يعنى ايه بكرهك والموت اهون عندى من انى اتجوزك ..
وضع يده فوق قلبه بتمثيل قبل ان يجيبها :
-زوجتى المستقبليه .. كلامك جرح قلبى بس مش مهم هعتبره خجل منك برضه احنا يادوب لسه مخطوبين من ساعه وشويه وهتتعودى عليا ..
صرخت به حياة بقوه وقد بدءت تفقد أعصابها امامه :
-هلاقى حل .. السجن ارحملى .. هقول ان انا اللى اخدتهم مش هو ..
أجابها بثقه :
-الشهود ضده والكاميرا سجلت وهو بيفتح الخزنه وبياخدهم مش انتى ..
صرخت به مره اخرى :
-هتصرف وادفع المبلغ:
هز راسه لها رافضاً قبل ان يفتح فمه ويقول :
-ومين قال اننا عايزين المبلغ هو عرض واحد .. جوازنا قدام سجنه ..

شعرت حياة باللعبه تضيق عليها وها هى على وشك الخساره ، التفتت حولها تبحث عن شئ ما تجلس عليه ، اتجهت إلى الاريكه الموضوعه بعنايه وجلست عليها ثم انحنت ووضعت كلتا كفيها فوق راسها وهى مغمضه العينين تحاول التفكير بهدوء او ايجاد مخرج ما ، فكرت بيأس ، اللعنه !! إلى من تلتجئ ، ليس لديها احد ما يحميها منه فوالدها يلومها على ما تفعله وما لا تفعله وبالطبع ينتظر اليوم الذى يتخلص به منها ، فما بالك بشخص غنى كفريد ، والدتها أيضاً لن تسعفها ، فهى لا حول ها ولا قوه ، أتترك أخاها للسجن وهى تعلم انه مظلوم ، هل سيتعفن داخل جدرانه وينتهى مستقبله من اجل حربها مع فريد ، لا لن تكون بتلك الانانيه ، ثم انها لا تفرط به ، شعرت بوخز الدموع يزداد داخل مقلتيها وهى تفكر بحزن لو ان لها قوه ، حاولت السيطره على دموعها فالقرار واضح ، ستحمى أخاها حتى لو على حساب ربط ما تبقى من حياتها باسم رجل تبغضه ، فكرت بأمل وهى تحرك راسها يميناً ويساراً ، ستسايره فى خطته حتى تُهرب أخاها خارج البلاد وتحمى والدتها ثم تتركه وتهرب ، هذا هو الحل الوحيد ، لن تستسلم له ولكن ستنحنى للعاصفه ، نعم ، طمأنت نفسها داخلياً هذا كل ما ستقوم به ، لن تنهزم فقط ستنحنى حتى تتفادى تلك العاصفه الغير متوقعه ، جائها صوته قريباً منها يحدثها :
-قدامك نص ساعه والا البوليس هيكون جوه الشركه ..

انتفضت من مقعدها تصرخ به :
-خلاااااص موافقه بس بشروط ..
عقد حاجبيه معاً وهو يكتف كلتا ذراعيه فوق صدره ويسألها بتركيز:
-ايه هى شروطك ؟!..
اجابته بثقه مزيفه وهى تحاول رفع راسها بكبرياء :
-وصلات الامانه اللى مضيت بابا عليهم وساومت ماما بيهم يتقطعوا قبل كتب الكتاب .. وطبعا مش محتاجه اقول ان من بكره ماما توقف شغل عندك ..
راقبت رد فعله بهدوء بسيط اكتسبته من نظرته الحانيه، حسناً ان كان يريد المساومه فهى أيضاً ستساوم وتبدء فى تتفيذ خطتها منذ الان ..
أومأ راسه لها موافقاً وهو يتمتم :
-اللى انتى عايزاه ..
اكملت حياة بثقه اكبر :
-الشرط التانى .. تكون ليا اوضه لوحدى خاصه بيا ومحدش معاه مفتاحها غيرى وده من اول يوم جواز .. انت فى مكان وانا فى مكان ..
نظر لها مطولاً يتفحصها قبل ان تضيق عينيه عليها ويسألها :
-يعنى ايه ؟؟ ..
اجابته مفسره :
-يعنى اللى فهمته .. مفيش حد عنده كرامه ممكن يقرب من واحدة مش طايقاه ..
دوت ضحكته عالياً بشراسه داخل أنحاء الغرفه قبل ان يقول :
-لا انتى بتهزرى !! .. انا استنيت كل ده عشان اتجوزك وملمسكيش .. لا ومتوقعه منى انى اقبل كمان .. طبعا شرطك مرفوض ..
صرخت به حياة وهى تنظر فى اتجاه المكتب الواقف امامه :
-وانا قلتلك الموت اهون عليا من انى اتجوز واحد زيك ..
ثم تحركت مسرعه تلتقط أله فتح المظروفات الحاده من فوق المكتب وتضعها فوق شريان رقبتها وتضيف :
-اقسم بالله يا فريد هموت نفسى قدامك واريحهم وارتاح ومش هتقدر تهددهم بعد موتى ..
شعرت فى اللحظه التى نطق بها برفضه بأنها فقدت السيطره على اعصابها تماماً ، حتى جسدها خرج عن نطاق سيطرتها فلم تستطيع توقيف ارتجافه ، حاولت التوقف عن الصراخ ولكن دوى جدوى فكل ما شعرت به فى تلك اللحظه انها تريد الصراخ بكل قوتها حتى تُنفس عن كل ما شعرت به منذ البارحه :
-انت ايييه !! انسان مش بيرحم !! مش كفايه اللى عملته فى محمود امبارح ومش كفايه اللى عملته قبله فى امى !! انت عمال بتدمر حياة اى حد قريب منى لمجرد انه يعرفنى .. انا بكرهك وبكره اليوم اللى شفتك فيه والساعه اللى قدرى وقعنى فيها فى طريقك .. انا عايزه اموت عشان ارتاح من انك دايما واقف فى طريقى ..
ظل فريد يراقبها وضغط يدها يزداد تدريجباً فوق عنقها دون وعى منها ، تقدم خطوه للاقتراب منها ولكن صراخها الذى ازداد أوقفه :
-اوعى تقرب .. لو فكرت فى يوم تقرب منى او تجبرنى هموت نفسى ..
كان يرتعد داخلياً خوفاً عليها ، اللعنه عليه ماذا فعل بصغيرته وحياته ، انها على وشك فقدان الوعى من شده رعبها وتلف اعصابها ، هل هذا ما يريده لها ؟!، ولكن تلك فرصته الاخيره حتى تصبح زوجته فمنذ سنوات وهو ينتظر موافقتها ولكن دون جدوى حسناً سيكفيه ان تعيش تحت سقف بيته ويراها يومياً ، نظر إليها فوجد يدها تضغط بقوه اكثر على الاله الحاده حتى بدءت بعض الدماء تزحف نحو عنقها ببطء فصرخ بفزع :
-تماااام .. خلاص موافق بس اهدى وسيبى اللى فى ايديك دى ..
نظرت إليه بعدم تصديق ، بينما يحاول هو الاقتراب منها ولكنها صرخت به بقوه :
-قلتلك متقررربش مننى ..
توقف فريد عن السير وتراجع خطوه للوراء وهو يرفع كلتا يديه امامه فى استسلام ويتمتم بحزن :
-مش هقرب بس انتى اهدى وسيبى اللى فى ايديك ..
تمتمت حياة :
-مش مصدقاك ..
أجابها فريد والالم يعتصر قلبه :
-والله ما هقرب منك ..
سالته حياة مستنكره :
-احلف بأغلى حاجه عندك .. احلف برحمه ماما رحاب ..
ازدرد فريد ريقه بصعوبه قبل ان يتمتم بحزن وصدق حقيقى :
-ورحمه امى ما هقرب منك .. وحياتك عندى ما هقرب منك غصب عنك ابداً ..
أفلتت حياة الاله من بين يديها فسقطت على الارض الخشبيه تدوى بقوه وسقطت حياة بجوارها تشهق وتبكى بكل ما أوتيت من قوه ، تحرك فريد يجلس جوارها بصمت دون محاوله للمسها ، ظل يجلس جوارها حتى هدئت تماماً من نوبتها ثم وقفت فجأه وتحركت فى اتجاه المرحاض لتنظيف وجهها وعنقها ، خرجت منه انسانه اخرى بملامح هادئه وقويه وبمجرد رؤيته يتحرك فى اتجاهها رفعت رأسها بكبرياء موجهه له نظرات ناريه ، ابتسم داخلياً من عوده متمردته مره اخرى ، سألها باهتمام :
-محتاجه حاجه ؟!..
هزت راسها نافيه وهى تنظر إليه بازدراء ، لوى فمه بنصف ابتسامه جانبيه التقطتها عيونها فسارعت تقول :
-انا بكرهك على فكره ..
تمتم فريد بمرح :
-مش مشكله .. تكرهينى وانتى فى بيتى وتحت عينى احسن من انك تكرهينى وانتى بعيد عنى ..
صمت لبرهه ثم اضاف :
-شفتى انا قنوع ازاى ؟!..
لم تعقب حياة على سخريته فقد كانت تفكر بخبث ان انتصاره ذلك مؤقت لذلك فلتتركه يستمتع به قليلاً ، تحركت فى أتجاه الباب تهم بالخروج عندما اوقفها صوته العميق يضيف :
-الفرح الخميس الجاى .. ده المهم انك تعرفيه غير كده انا هتولى باقى الامور ..
كانت على وشك الاعتراض ولكنها تراجعت فكلما أسرعت فى الزواج منه وبدء خطتها مبكراً كلما تخلصت منه بشكل اسرع ، لاحظ هو الصراع الداخلى الذى تمر به والبادياً بوضوح على قسمات وجهها فأبتسم تلقائياً عند تراجعها ، فكر بفخرانه يحفظ تعابير صغيرته عن ظهر قلب ..

*************

فى الخارج نظرت حياة إلى والدتها التى استمعت إلى كل ما حدث مع ابنتها بالداخل ولكنها لم تستطيع التدخل فذلك هو التصرف الصحيح من اجل الجميع ، تمتمت حياة بنبره خاليه لجميع من بالغرفه :
-الفرح اخر الاسبوع ..
ثم التفتت تلقى نظره اخيره تطمئن بها على اخيها قبل ان تنصرف دون حديث ..متى تخضعين لقلبى
الفصل الرابع

مرت الايام سريعاً وجاء موعد عقد القران ، لم تقم او تهتم بأى شئ ولم يتركها فريد تنشغل بشئ ، حتى فستان زفافها التى ارتده بعد توسلات كثيره من والدتها كان من اختياره ، تم عقد القران فى الفيلا خاصته وسط حضور عدد بسيط من المدعوين ، ولكن فى النهايه كان كل شئ مثالى وراقى لاقصى حد تحلم به كل فتاه عداها ، هذا ما فكرت به حياة وهى تنظر حولها متأمله ، انتهت الحفله سريعاً ولم يحاول فريد خلالها الاقتراب منها او لمسها ، حتى بعد عقد قرانهم اقترب منها يطبع قبله بسيطه فوق جبهتها ثم ابتعد فوراً عند شعوره بتململها تحت قبضته ، انقضى الحفل وودعت حياة الجميع ثم جاء وقت توديع والدتها التى بكت من أعماقها قبل ان تتمتم هامسه فى اذن حياة:
-انا اسفه يا بنتى بس مكنش فى حل تانى ..
شددت حياة من احتضانها لوالدتها وهى تتمتم لها مطمئنه :
-عارفه وصدقينى مش مضايقه ..
كانت حياة صادقه فيما تفوهت به فهى لا تشعر بالضيق نحو اى منهم على الاطلاق فلقد اختارت حمايه أخاها دون أدنى ضغط من اى طرف ، وقرارها ذلك نابع من قلبها فقط ولو عاد الزمن لفعلت نفس الشئ مجدداً من اجله، ثم انها لا تدرى لعل ذلك هو الخير لها ، ربتت آمنه على شعرها وظهرها بحنان قبل ان تُقبل جبينها وترحل ، سألها فريد بنبره خاليه بعد رحيل الجميع :
-تحبى تدخلى دلوقتى ؟!..
هزت راسها له موافقه دون اضافه ، دلفت حياة إلى الداخل ثم طلبت منه ان يريها غرفتها فوراً فهى تريد التخلص من ذلك الرداء بأسرع ما يمكن ، تقدمها نحو الدرج ليرشدها ثم توقف امام غرفه ما يفتحها ، دلفت حياة للداخل اولاً ثم تبعها فريد بهدوء ، كانت غرفه واسعه رائعه الجمال بألوانها الكريميه الهادئه مع أثاثها الخشبي المريح من الطابع الفيكتور ، اول شئ استرعى انتباه حياة هو وجود بابين داخل الغرفه ، سألته بتوجس وهى تشير برأسها نحو الباب الاخر :
-ايه الباب ده ؟!..
أجابها فريد بلامبالاه وقد وضع كلتا يديه داخل جيوب بنطاله :
-ده باب اوضتى ، او بمعنى اصح باقى جناحى ..
شعرت حياة بالدم يتدفق بقوه داخل عروقها فأجابته بنبره حاده :
-يعنى ايه الكلام ده !! وبعدين انت وعدتنى .
نظر إليها فريد مطولاً ظنت انه لن يجيبها قبل ان يقول :
-وانا لسه عند وعدى .. انتى طلبتى يبقى ليكى اوضه خاصه .. اهى اوضه خاصه بباب مقفول ومفتاحه معاكى ..
ضـ,ـربت حياة الارض بقدمها من شده الغيظ وهى تصيح به :
-اوضه خاصه ازاى وانا فى نفس جناحك وبينى وبينك باب !!..
نظر إليها بتسليه قبل ان يجيبها قائلاً :
-الباب مقفول ومش هيتفتح الا بأذنك .. وبعدين المره الجايه ابقى حددى طلبك اكتر ..
ثم تحرك دون انتظار ردها يدير قبضه الباب بيده ثم اختفى داخل غرفته ، نظرت حياة إلى اثره بغضب ، وهى التى ظنت انها ستقطن فى طابق غير الذى يقطن به ولكن كل ما تحصلت عليه هو جناح واحد والفاصل بينهم هو باب مشترك !!.. اللعنه على هفوتها فالخطأ منها ، كيف لم يخطر فى عقلها ان فريد سيتلاعب بالكلمات كعادته ويستغلها لصالحه ، تحركت بغضب نحو المرأه تقف امامها لبرُهه قبل ان تقوم بخلع فستان زفافها ، زفافها !! يالها من كلمه كبيره الان ، تأملت نفسها بالمرأة قليلاً ، لتكن واقعيه ان ذلك الفستان الدى ترتديه غايه فى الروعه تماماً كالذى حدثت والدتها عنه أياماً واياماً ، كأنه خرج من مخيلتها ليتجسد امامها ، رفعت يدها تتأمل ذلك المحبس الموضوع داخل إصبعها بعنايه ، لوت فمها بسخريه فأى فتاة اخرى كانت ستقفز فرحاً من فرط سعادتها لتحصلها على زوج غنى ووسيم كفريد فالحقيقه انه كان وسيماً للغايه ببدلته الانيقه وابتسامته الهادئه وعيونه العسليه التى تشع اصرار وقوه ، ولكن ذلك لا يشفع عن طباعه المهلكه ، ربما هى أيضاً اذا حدث ذلك منذ عشر سنوات او يزيد كانت لتفقز فرحاً لزواجها من حاميها الاول ولكن الان الوضع تغير وهاهى متزوجه من صديق طفولتها و نقمه حياتها ، حتى انه لم يعلق على مظهرها كأى عروس ، عنفت نفسها بقوه ، أتنتظر منه مدح او تعليق !!! ، ليحل البؤس والشقاء على حياتها قبل ان تنتظر منه شيئاً هكذا ، قاطع افكارها طرقات خفيفه على الباب المشترك فعلمت انه هو ، أغمضت عينيها واخذت نفساً عميقاً قبل ان تمسد على ثوبها الناعم وتتحرك لتواجهه ، وضعت يدها فوق المقبض ثم حركته ووقفت تنظر إليه بهدوء منتظره ان يدلو بما فى افكاره ، نظر إليها فريد مطولاً وهو يضع يديه فى جيويه مفكراً كم انها صغيره وجميله ، انها اميرته الخاصة ، هل تعلم كم تبدو فاتنه بذلك الفستان الابيض ؟!، بل هل تعلم كم حلم وتمنى تلك اللحظه ؟!، هل تعلم انه طوال حياته لم يقترب من اى امرأه اخرى فقط ينتظر إشارتها ، ان مظهرها الرقيق بنظرة عيونها الحائرة التى تفصح عن اكثر بكثير مما تصمت هى عنه تجعله يفقد السيطره على اعصابه وتفكيره ، تنحنح محاولاً تنقيه حلقه قبل ان يقول بنبره حانيه:
-انتى جميله اوى النهارده .. انتى جميله كل يوم وأجمل فى عينى يوم عن يوم بس النهارده جمالك من نوع تانى ..
شعرت حياة بالخجل من تفكيرها ايعقل انها علم ما كانت تفكر به منذ قليل ، اطرقت عينيها للأسفل تهرب منه حتى لا يرى ارتباك نظرتها ، لم يكن بحاجه إلى ان يراها ليعلم رد فعلها ، هذا ما فكر به وهو ينظر إلى احمرار وجنتيها ، حرك يده داخل جيب بنطاله يلتقط شيئاً ما ثم مد يده فى اتجاهها ، عبست حياة وهى ترى يده ممدوه امامها وهو ممسك بورق ما فوق ما يبدو انها قطعه قماش مطويه بعنايه ، رفعت راسها تساله وهى لاتزال مقطبه الجبين :
-ايه ده ؟!..
أجابها فريد بهدوء :
-ده الورق اللى يخص والدك وطلبتى منى أقطعه ..
تمتمت حياة متذكره :
-اه انا نسيت حكايه الورق ده خالص ..
أجابها فريد مبرراً :
-بس انا منستش .. انا وعدتك انى هنفذ اللى طلبتيه كله بس ملقتش فرصه اديهولك قبل كتب الكتاب لانك كنتى بتتهربى من انك تشوفينى ..
شعرت حياة بالخجل يزحف نحو وجنتيها مجدداً فهو محق فى ملاحظته تلك فطوال يومها حاولت التهرب من رؤيته او مصادفته بأى شكل كان ، اضاف فريد بثبات وقد تبدلت ملامحه :
-عمتا الورق قدامك اهو تقدرى تعملى فيه اللى انتى عايزاه ..
مدت يدها ببطء تأخذ منه الاوراق مع قطعه القماش تاركه له المجال ليعود إلى غرفته ، توقف مره اخرى عائداً إليها ومتحدثاً بهدوء :
-حياة .. لو حبيتى تاكلى هتلاقى العشا تحت جاهز .. انا مطلبتش منهم يطلعوه هنا عشان متاكد انك مش هتحبى تتعشى معايا وطبعا مش منطقى من اول ليله هطلب منهم يطلعوا عشا لكل حد فينا لوحده ..
انهى حديثه ولم ينتظر تعقيبها ، بل مد يده يلتقط مقبض الباب المشترك بينهم ويغلقه ، شعرت حياة بالخجل للمره الثالثه من حديثه ولكن لا لن تنخدع بكل ذلك ذكرت نفسها انه هو من ابتزها ليتزوجها ، اذا فليتحمل شروطها واسلوبها مهما كان فظ ، ثم انه لا يمتلك قلب مثل البشر ليشعر او يتالم ، تحركت نحو المنضده تضع الورق فوقها ثم منه الى خزانه الملابس لتبديل ثيابها ، فتحت الخزانه قبل ان تشهق بصدمه ، انها تحتوى على الكثير والكثير من الملابس بألوانها واقمشتها المفضله لديها ، يالله لقد وقعت فى حبهم على الفور ، كيف استطاع معرفه ذوقها لذلك الحد ، ولكن لا ، ذكرت نفسها بحزم ، لن ترتدى من ملابسه فهاهى احضرت معها جميع ملابسها التى كانت تدخرها لزواجها ، ستستخدمها عوضاً عن تلك الملابس التى ابتاعها لها فهى لا تريد شيئاً منه ، التقطت احدى البيجامات الناعمه من حقيبتها ثم تحركت نحو الحمام لتبديل ملابسها ، فقط للاحتياط ، خرجت بعد قليل وقد بدلت ملابسها وأزالت اثار المكياج الذى غطى وجهها بعدما اخذت دشاً سريعا تريح به اعصابها وربطت شعرها على هيئه كعكه بسيطه وجلست على حافه الفراش بجوار المنضده بصمت تسحب الورق الذى أعطاه لها منذ قليل ، فتحته ووجدت توقيع والدها يقبع هناك بهدوء ، تنهدت بألم ثم قامت بتمزيقه إلى قصاصات صغيره ووضعته فى سله المهملات بجوار فراشها ، مدت يدها مره اخرى تلتقط قطعه القماش المطويه لتفتحها بأستغراب ، شهقت حياة من جمالها ، انه ليس اكثر من منديل عقد قرانهم ، لمعت عينيها بأنبهار فقد كان تحفه فنيه رائعه ، زُينت أطرافه بالجُبير الرائع ونُقش بداخله يدوياً بخيوط من الذهب
“قلْبي يُحدّثُني بأنّكَ مُتلِفي”
فى بدايه الامر ارادت إلقائه مع باقى الاوراق فى سله المهملات ولكن براعه تنفيذه منعتها من ذلك ، لذلك قامت بطيهِ بعنايه مره اخرى ثم وضعته بحرص داخل احد ادراج خزانه ملابسها ، عادت إلى الفراش لتستلقى عليه فى محاوله فاشله منها للنوم ، تأفأفت بعد مده تنظر فى ساعتها فوجدتها تجاوزت الواحده صباحاً ، حسناً لن تستلقى هناك طيله الليل فيبدو ان كل محاولاتها البائسة فى النوم ذهبت جفاءاً ، أضاءت مصباح الغرفه قبل ان تقرر استكشاف الشرفه ، فتحت النافذه ودلفت إليها وإذا هى تشهق بسعاده ، فغرفتها مطله تماماً على البحر ، ابتسمت بقوه وهى تتقدم إلى الامام بداخلها حتى استندت على جدارها تستمع بذلك الهواء البارد الذى يلفح وجهها مُغلف برائحه الصوديوم المنبعثة بقوه من رذاذ البحر ، التفت يميناً تنظر إلى الضوء المنبعث فتسمرت مكانها ، ان شرفتها أيضاً مشتركه معه ، لقد قام بعزل الغرفه ولكنه ترك الشرفه مشتركه بينهم ، ارتبكت بشده عندما سمعت وقع خطوات تقترب منها آتيه من غرفته فعادت راكضه إلى غرفتها تغلق نافذه الشرفه خلفها جيداً وتندس داخل الفراش ، فكرت بحنق اللعنه عليه ان غضبها يزداد منه مع مرور الوقت فكيف ستتحمل عشرته كل ذلك الوقت حتى يأتى يوم الخلاص؟!..

***********

انت في الصفحة 3 من 10 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
110

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل