
قررت حياة قضاء ما تبقى من يومها داخل غرفتها حتى تتجنب لقائه ، وفى المساء عند حلول موعد العشاء رفضت النزول بحجه انها ليست جائعه ولكن بعد العاشره بقليل أعلنت معدتها العصيان الكامل عليها فهى لم تتناول شيئاً يُذكر منذ صباح البارحه لذلك قررت التسلل إلى المطبخ بهدوء لعلها تهدء من احتجاج معدتها قليلاً ، صادفت السيده عفاف التى كانت على وشك إنهاء عملها والذهاب لمخدعها ، عندما رأتها فهمت على الفور سبب هبوطها فابتسمت لها بتفهم تمتمت حياة بخجل تقول :
-دادا .. انا جعانه ..
استجابت السيده عفاف لطلبها على الفور وقامت بوضع مائده كامله امامها ، تناولت حياة طعامها بهدوء ثم جلست تتسامر قليلاً مع السيده عفاف عندما شعرت بخيال شخص ما يقف عند مدخل المطبخ ، علمت من هو من رائحه عطره المميزه ، التفت تنظر إليه فوجدته يرتدى زى رياضى اسود يتناسب تماماً مع عضلات جسده ويضع منشفه صغيره حول عنقه وتبدو على ملامحه الارهاق فعلمت انه قد انتهى للتو من تمارينه ، تحدث على الفور بلهجته اللاذعه :
-بيتهيألى مش ناويه تقضى الليل كمان فى المطبخ ..
ثم تحرك فى اتجاهها بعد انتهاء جملته يُمسك بذراعها ليجذبها نحوه ويتحرك بها للخارج دون كلمه اخرى ، نفضت يدها من قبضته فور خروجهم من المطبخ ورفعت راسها بكبرياء تسبقه للاعلى ، كانت على وشك دخول غرفتها عندما اوقفها صوته يقول بأستهزاء :
-مكنتش اعرف ان القاعده مع الخدامين والحرس حلوه كده !! .. الصبح حاولتى تحمى واحد وباقى اليوم قاعده مع التانيه !! ..
التفتت وعادت بخطواتها للوراء حتى توقفت امامه مباشرةً ثم وضعت احدى أصابعها فوق فمها بتفكير قبل ان تميل برأسها نحوه وتقول بثبات وعيونها تطلق شرراً نحوه :
-الخدامين دول امى وامك منهم يا فريد بيه يا ابن رحاب هانم ..
شعرت بذلك العرق بجانب صدغه قد بدء فى البروز من كثره ضغطه فوق اسنانه لذلك قررت الانسحاب على الفور ولكنه سرعان ما تدارك غضبه فأجابها بسخريه وهى تدير مقبض باب غرفتها :
-حياة هانم طلعت عن شعورها وبتقول امى وامك !! واضح ان تعب رحاب هانم معاكى مجبش نتيجه ..
انهى جملته الاخيره وهو يضغط علي كلماتها بقوه فهمت مغزاها جيداً ،توقفت يدها عن تدوير المقبض ثم التفتت تحدقه بنظرات حانقه قائله له بغيظ :
-بكرهك ..
لوى فمه بسخريه مجيباً وهو مازال يقف امام باب غرفته :
-عارفه ايه الناحيه التانيه للكره ؟!.. خلى بالك تلاقى نفسك واقفه عندها من غير ما تحسى ..
انهى جملته الاخيره ثم دلف غرفته واغلق الباب خلفه بهدوء تاركها تشعر بالرعب مما هو قادم ..
***************
دلفت إلى غرفتها واغلقت الباب خلفها برفق ، واستندت بثقل جسدها فوق الباب ثم اغلقت جفونها بحزن قبل ان تضع كلتا كفيها فوق وجهها لتخفى ملامحها من شده خجلها، فكرت بضيق يالله !! ماهذا الذى تفوهت به منذ قليل !! ايعقل انها أقحمت احب انسانه إلى قلبها فى صراعهم العقيم ونقاشهم الملغم !! ، شعرت بوخز الدموع داخل مقلتيها بسبب شعورها المتزايد بالذنب ، اللعنه على ذلك الفريد ، انه يستطيع اثاره غضبها واخراجها عن شعورها بكلمه واحده منه ، انزلقت بجسدها إلى الارضيه الخشبيه لتجلس فوقها وهى تضم ركبتيها إلى قفصها الصدرى وتحاوطهم بذراعيها وهى تستند بذقنها عليهم مطلقه لدموعها العنان ، فكرت بحزن ان كل ما وصلت إليه حتى الان يعود فضله بعد الله إلى والدتها الثانيه رحاب التى سخرت منها منذ قليل
ففى الحقيقه كانت تعاملها بحنان اكثر من طفلها الوحيد ، حتى عندما قرر السيد غريب والد فريد ان يعهد بتربيته إلى معلمه خاصه لتعليمه كافه أصول الاتيكيت متعللاً انه لايثق فى خادمه لتنشئة ولى عهده اصرت امامه السيده رحاب ان تتلقى حياة نفس التنشئه وتحضر معه كافه الدروس حتى تتعلم كيفيه التصرف كسيده مجتمع منذ صغرها ، وبالطبع لم يكن فريد ليتركها فوافق والده مجبراً، وعندما حان موعد دراستها الاكاديميه اصرت على صديقه عمرها ووالده حياة ادخالها مدارس الراهبات لتتلقى افضل تعليم للفتيات فى ذلك الوقت وبالطبع تكفلت بكل مصاريفها فى مراحل تعليمها الاولى ، حتى بعد وفاتها علمت حياة انها آمنت مصاريف دراستها حتى المرحله الاعداديه وعندما انتقلت بعد ذلك إلى المدارس الحكومية كانت قد حُفر داخل ذاكرتها كل ما تعلمته منذ صغرها فكان يُعجب بأخلاقها ورقتها وفطنتها فى التعامل كل من يراها ، والآن هكذا يكون رد الجميل لها ؟!، السخريه من ذكراها ؟!، فكرت بضيق وحزن انها منذ وصولها إلى ذلك المنزل وهى تشعر بالغضب على الدوام حتى انها أصبحت لا تعرف نفسها فالطالما كانت هادئه ذات نفسيه متوازنه لاتسمح لايا كان ان يؤثر بسلوكها حتى والدها ولن تسمح لفريد الان بان يحولها إلى شخص فظ مثله ، هذا ما قررته وهى تجفف دموعها وتنطلق نحو الباب المشترك بينهم .
طرقت الباب عده طرقات دون اجابه ، طرقته للمره الاخبره قبل ان تقرر التوجه نحو الحمام وتبديل ملابسها عندما وجدت الباب يفُفتح ويقف فريد قبالتها وهو لا يرتدى سوى منشفه بيضاء على خصره واُخرى صغيره فوق عنقه وشعره يبدو مبلللاً ، شهقت بفزع من مظهره والاحمرار يزحف نحو وجنتيها قبل ان تبدء فى مهاجمته متناسيه كل ما ذكرت به نفسها منذ قليل :
-ايه ده !!! ايه قله الادب دى انت ازاى تفتحلى وانت كده ..
نظر لها بحاجب مرفوع متعجباً من هجومها الغير مبرر قبل ان يجيبها متشدقاً :
-حياة .. انتى اكيد مخبطيش ع الباب كل ده عشان تقوليلى انى قليل الادب ؟!! ..
ارتبكت من نبرته ومظهره العارى وعضلاته البارزه وبدء الاحمرار يزداد فوق وجنتيها ففى كل الاحوال تلك هى مرتها الاولى التى ترى أمامها رجل نصف عارى ولديه كل ذلك الكم من العضلات المصقوله ، انتظرها لتتحدث ولكن دون فائده لذلك تحدث مره اخرى بعد ان تبدلت ملامحه للاستمتاع وهو يرى ارتباكها فهتف باسمها :
-حياااااااة ..
اجابته مغيظه وهى ترفع راسها نحوه بتحدى وثبات :
-فرييييييد !!
التوى جانب فمه بأبتسامه صغيره قبل ان يجيبها بنبره مشاكسه:
-عيون فريد !! انا معنديش مشكله افضل واقف كده للصبح بس انتى شويه وهيغمى عليكى من الكسوف فقولى عايزه ايه من غير كل التوتر ده ؟!! ..
فركت باطن كفيها بتوتر قبل ان تقول بتعلثم وهى تشعر بحراره جسدها تزاد تلقائياً من كثره الضغط :
-انا بس كنت عايزه اقولك انى ..
صمتت قليلاً محاوله استجماع شجاعتها فأخر ما كانت تتوقعه هو ان تقف امامه تطلب منه السماح ، سألها بنفاذ صبر يحثها على تكمله جملتها:
-ها كنتى عايزه تقولى انك ؟!….
رفعت نظرها إليه ثم قالت بخجل :
-كنت عايزه اقولك انى اسفه على الكلام اللى قلته من شويه ، وأسفه انى جبت سيره ماما رحاب فى كلامنا .. انت اكتر حد عارف انا بحبها قد ايه ومكنش ينفع اقول كده ابداً ..
هل لمعت عيونه للتو ام انها كانت تتخيل ذلك ؟؟، لم تتلقى منه اى رد ولكنها رأت تبدل ملامحه تماماً فقد تحولت من التجهم إلى شئ اخر لم تفهمه ثم سريعاً إلى الاسترخاء حتى انه بدا اصغر سناً وهو يقف امامها ، وقف ينظر إليها ملياً يحاول تفسير ما يراه امامه وما تفوهت به للتو ! هل لذلك السبب يبدو عليها اثر البكاء ؟!! كم تبدو شهيه بأنفها الاحمر ووجنتيها وعيونها الدامعه ، انها تثيره إلى اقصى درجه دون ان تعلم ذلك حتى ودون اى جهد يُذكر منها ، انتظرت حياة اى رد فعل منه ولكن دون جدوى لذلك سألته بتحدى وهى تعاود رفع رأسها فى كبرياء :
-دورك على فكره ..
اعاده صوتها الرقيق من تأمله فسألها بعدم فهم :
-دورى فى ايه بالظبط ؟..
اجابته بكبرياء :
-انك تعتذر منى على اللى قالتهولى من شويه ..
نظر إليها بصدمه كأنها تطلب منه المستحيل ، لوت فمها بأحباط قبل ان تتحول نظرتها إلى خيبه الامل ، حسناً ما الذى كانت تنتظره منه ، ان يتخلى عن غروره ويعترف لها بخطئه ، لو كانت تلك شخصيته ما كان اجبرها منذ الاساس على الزواج منه ، التفتت تعود إلى غرفتها تجر معها إحباطها عندما اوقفها صوته العميق يقول بصوت ملئ بالعاطفة :
-حياة .. انتى اغلى عندى بكتير من ان انى ازعل على اللى قلتيه من شويه ..
تنهد بحراره قبل ان يكمل حديثه بصوت أجش :
– وصدقينى انتى فى عينى اكبر من انك تعتذرى حتى لو ليا .. و حتى لو غلطتى انا اعتذر عن غلطى وغلطك بدالك ..
فاجأها اعتذاره وحديثه فالتفت تنظر إليه ودون وعى منها بأبتسامه واسعه مشرقه وعيون تلمع بالرضا ، بادلها ابتسامتها بابتسامه حقيقه لم تزر شفتيه منذ زمن بعيد ولم تعلم ان بأبتسامتها تلك قد اضاءت له ليلته المظلمه ..متى تخضعين لقلبى
الفصل السادس
استيقظت حياة فى الصباح والابتسامه تعلو ثغرها فهى عاقده النيه على بدء خطتها بدايه من اليوم ، ولكن اول شئ عليها فعله هو اقامه هدنه مع فريد او بالأدق ذلك ما سوف توهمه به ، فهى لا تريد الاستمرار فى معاملته على ذلك النحو حتى تصرف انتباهه عنها فالتجربة علمتها جيداً انه كلما عاندت معه كلما لفتت انتباهه اكثر وهذا اخر شئ تود فعله فى تلك الايام ، فكرت أيضاً فى البحث عن عمل حتى تستطيع الهرب من المنزل اكبر وقت ممكن ولكنها تراجعت فهى لا تريد شئ ما يربطها حتى تستطيع الهرب متى تحين لها الفرصه
قفزت من فراشها بسعادة بِعد ما قررت ما عليها فعله ورتبت كيفيه فعله أيضاً فقط يبقى التنفيذ ، هبطت إلى الاسفل بمزاج مرح نوعاً ما ، توجهت مباشرةً نحو غرفه الطعام فوجدته جالساً بانتظارها ، انه دقيق فى مواعيده حتى انه لا يتاخر ثانيه ، هذا ما فكرت بِه حياة بتعجب وهى تراه يجلس على قائمه الطاوله ويرتدى بذله رسميه سوداء تتناسب جيداً مع تفاصيل جسده ويُعبث بتركيز بأحد هواتفه الموضوعه امامه ، رفع نظره بمجرد وصولها الغرفه واؤمأ لها ايماءه خفيفه براسه وظل يتأملها وهى ترتدى بنطال من الجينز مع قميص من نفس النوع واللون عكست جمال بشرتها واظهرت تناسق قوامها ، ارتبكت نظرتها امام نظراته المتفحصة لها اللعنه على ذلك التوتر الذى ينتابها بحضوره ، انها لا تخشاه فى المجمل ولكن وجوده بجوارها يوترها كثيراً ، للحق ان حضوره بهيئته تلك ونظراته التى تشبهه نظرات الصقر ولا يفوتها حركه واحده تستطيع ارباك اى شخص وليس هى فقط ، على كلا حييته تحيه الصباح بأقتضاب ثم جلست على مقعدها لتناول فطورها ، بالطبع كانت عزه هى من تشرف على تقديم الطعام ، يبدو ان البارحه وعلى الغذاء كان استثناء وسيحرص فريد جيداً على الا يتكرر ثانيه ، قررت حياة تجاهلها وتجاهل نظراتها فهى لن تسمح لهم بالضغط عليها او افساد تعاليمها بسبب سوء معشرهم
تناولا الطعام بصمت ففريد كان هادئاً بطبيعته ولا يتحدث كثيراً منذ صغره وهذا ما اسعد حياة كثيراً ، ففى الحقيقه أخر شئ تود فعله هو مشاركته اى حديث مهما كان تافهاً او بسيطاً ، انتهى من تناول فطوره اولاً ثم حدثها بنبره منخفضة هادئه وهو يتحرك من مقعده قائلاً :
-حياة انا فى الشركه النهارده لو احتجتى اى حاجه بلغينى ..
ثم اقترب من مقعدها بعد انتهاء جملته واخفض راسه نحوها محاولاً تقبيل شعرها ولكنها انتفضت وابتعدت عنه فى حركه تلقائيه منها غير عابئه بوجود مدبره منزله التى تتابع المشهد بتركيز تام فابتعد عنها فى الحال بضيق وهو يرى نظره الرعب داخل عينيها واضحه ثم هم بالخروج من الغرفه وقد بدءت علامات الغضب تظهر عليه ، أوقفه صوت مدبره منزله تحدثه باحترام :
– فريد بيه لو حضرتك عندك وقت ممكن اتكلم معاك شويه :
أجابها بنبره غاضبه لم يحاول إخفائها :
-لو حاجه بخصوص البيت انا قلتلك بعد كده ترتبيها مع حياة هانم ..
هزت له رأسها نافيه قبل ان تجيبه بتصميم :
-لا يا فندم حاجه ملهاش دخل بالبيت .. دى حاجه شخصيه ..
نظر بنفاذ صبر إلى ساعه يده ثم أجابها بهدوء :
-معاكى عشر دقايق تقولى فيهم عايزه ايه ..
هزت له راسه موافقه دون حديث فأضاف بصوته العميق :
– تقدرى تحصلينى على مكتبى ..
ثم تابع سيره دون النظر إلى الخلف .
كانت حياة تتابع ذلك الحديث والفضول يتأكلها ، ما هذا الشئ الخاص الذى يجمع بينهم ، هل شكوكها بشأنهم صحيحه ام ماذا ، عنفت نفسها بقوة لإخراج تلك الافكار من راسها فذلك ليس من شأنها فهى لديها أمور اهم تهتم بها الا وهى حريتها ..
***********
فى تلك الأثناء كانت تجلس كلاً من جيهان زوجه والده بجوار والده غريب على طاوله الطعام فى فيلتهم الخاصه ، سألته جيهان بحقد واضح مع نبرتها المتعالية المعتاده:
-وعلى كده حلوة حبيبه قلب البيه ابنك ؟!..
حدقها غريب بنظره لوم قبل ان يجيبها بعدم اهتمام :
– مش مهم حلوة ولا وحشه المهم انه كان عايزها ووصلها ..
اجابته جيهان بغيظ قائله :
-طبعاً هو فى حد مدلعه هنا غيرك !! .. وبعدين مالها نجوى يعنى بنت حسب ونسب بس هقول ايه !! طبعا ذوقه بلدى شبهه ابوه ..
سألها غريب بأستنكار :
– ولازمته ايه الكلام ده دلوقتى يا جيهان ؟!..
اجابته بحده كأنها كانت تنتظر جملته لتبدء بالهجوم عليه:
-لازمته انى عمرى ما هنسى انك فى يوم جريت ورا حته خدامه عشان تتجوزها عليا انا جيهان هانم السكرى ..
انهت جملتها الاخيره وهى تشير بأصبعها نحو نفسها بغرور وثقه ، فقال لها غريب مبرراً فعلته :
– انتى عارفه كويس انى عملت كده عشان اجيب ولد يحافظ على كل ثروتى دى بعد ما الدكتور أكد انك استحاله تحملى تانى بعد نيرمين ..
هاجمته على الفور بمجرد انتهاء جملته :
– انت بتضحك عليا ولا على نفسك وعايزنى اصدقك !!.. انا عارفه كويس يا غريب انك اخترت الخدامه بتاعتك عشان احلوت فى عينيك وخصوصاً لما مقدرتش توصلها من غير جواز ..
انهت جملتها وهى ترميه بنظرات حارقه اما غريب فقد ظهر الارتباك جلياً على ملامحه ونبرته وهو يقاطع حديثها المهاجم له قائلاً:
-جيهان !! انتى بتتكلمى فى ماضى عدى عليه اكتر من عشرين سنه !! دى واحده ميته من سنين فاهمه !! سنين ..
صاحت به وهى تتحرك من مقعدها متأهبه :
-ايوه بتكلم فيه وهفضل اتكلم فيه طول مانت مفضل ابن الخدامه دى عليا وعلى بنتك لحد ما فى يوم هيكوش على كل حاجه ويرمينا فى الشارع ..
صاح بها غريب مهدداً وهو يضـ,ـرب الطاوله بقـ,ـبضه يده:
-جيهان !! ابنى ميعملش كده وبعدين هو اللى شايل الشركات كلها فوق كتافه والفلوس اللى عماله تدخل حسابك كل اول شهر وتزيد زى الرزدى من تعبه .. ومتفكريش انى عشان سكتت على اللى عملتيه زمان ابقى نسيته .. ملكيش دعوه بفريد انا بحذرك مش هسمحلك تأذى ابنى تانى ..
ارتبكت نظرتها قليلاً ولم تعقب ولكنها توعدت له داخلياً، فهى لن تكون جيهان السكرى ان لم تنهى ما بدئته منذ سنوات مضت .
تركها غريب منتفضاً من مقعده بغضب وأثناء استعداده للخروج من المنزل صادف فتاتان متقاربتين فى العمر احدهما تشبهه والدتها السيده جيهان بشعرها البنى وبياض بشرتها ونحاله خصرها والأخرى بشعر اشقر ووجهه رفيع ، ارتمت نرمين بداخل احضان والدها تقبله قبل ان تلقى عليه تحيه الصباح بدلال ، حياهم غريب على عجل ثم توجهه مباشرةً نحو الخارج ، بمجرد وصولهم إلى المدخل تحركت جيهان لاستقبالهم وهى تتمتم بحبور مرحبه بضيفه ابنتها :
-نجوى حبيبه قلبى .. ايه الجمال ده كله .. البيت نور طبعاً ..
ثم وجههت حديثها لابنتها :
-ها يا نيرو يا حبيبه مامى .. قوليلى اتبسطتوا فى النادى ولا ايه ..
اجابتها نيرمين بدلال مصطنع :
-ننبسط ازاى يا مامى ونجوى عامله مناحه من اول امبارح .. اوف بجد زهقتنى ..
تحدثت نجوى على الفور مدافعه عن نفسها :
-يعنى يرضيكى اللى حصل ده يا طنط .. خلاص كده فريد اتحوز وراح من ايدى ؟!..
ربتت جيهان على ذراعها بحنان وهى تحثها على الجلوس :
-تعالى بس نقعد هنا ونتكلم بالراحه ..
اجابتها نجوى بضيق قائله :
-اقعد ايه يا طنط انا بقولك فريد اتجوز وانتى تقوليلى اقعد !!
ابتسمت لها جيهان مشجعه وهى تقول بلؤم :
-تعالى بس واسمعى منى .. فريد مضاعش من ايديك ولا حاجه ..
التمعت عيون نجوى بأمل وهى تسالها مستفسره :
-قصدك ايه يا طنط ؟؟..
اجابتها جيهان بمكر :
-قصدى اننا احنا التلاته هنرتب سوا ازاى نطير بنت الخدامه دى من سكتنا .. انتى تتجوزى فريد حب حياتك واحنا نطلع باللى احنا عايزينه برضه ..
تدخلت ابنتها نيرمين قائله :
-والطالعه الاولى دى بقى سيبوها عليا ..
سألتها والدتها مستسفسره :
– هتعملى ايه يعنى يا نيرو ؟!..
اجابتها ابنتها بخبث وهى تغمز لهم بعيونها :
-هعمل زياره لست الحسن واعرف ميتها ايه بالظبط عشان نعرف احنا بنلعب مع مين ..
وافقت والدتها على الفور على اقتراحها وهزت نجوى راسها بحماس موافقه على حديثها وهى عاقده النيه بداخلها بمجرد الحصول على فريد ستقوم بألقائهم جميعاً بالخارج ..
**********
انتهزت حياة فرصه جلوسها بمفردها وقررت الحديث مع صديقتها مريم للاطمئنان عليها من جهه ومعرفه اخبار محمود الصحيه من جهه اخرى ، فهى لازالت تشعر بالذنب تجاهه بسبب ما حدث معه وتريد الاطمئنان على احواله فهذا اقل ما تستطيع فعله بعدما تركته دون حتى اعتذار ، أمسكت بهاتفها وتحدثت قليلاً مع صديقتها التى كانت تمازحها عن زواجها برجل اعمال وعن زفافها الفخم رغم بساطته ، مزحت حياة معها قليلاً قبل ان تسألها بقلق قائله :
-مريم .. متعرفيش محمود عامل ايه دلوقتى ؟!..
اجابتها مريم قائله بغيظ :
-ما تسيبك منه وتخليكى فى جوزك !! عايزه ايه من سى محمود ده ؟ وبعدين انا معرفش عنه حاجه من ساعه ما كنا سوا ..
عنفتها حياة قائله بحده :
-مريم انا مش بهزر !! ..
ثم لانت نبرتها وهى تترجاها قائله :
-مريم الله يخليكى حاولى تعرفى هو عامل ايه دلوقتى وتتطمنى عليه وترجعى تطمنينى ..
-حييااااااااة !!!
صدح صوت فريد خلفها بقوه جعلها ينتفض وسقط الهاتف من يدها تلقائياً ، ارادت الركض من امامه بكل ما تملك من قوه ولكن كان لقدميها رأى اخر مخالف كليا فقط تسمرت قدميها فوق الارضيه ولا تستطيع التحرك قيد أنمله ،التفت تنظر خلفها برعب فلا مفر من المواجهه فوجدته ينظر إليها بوجهه لا يمكن تفسيره ، حسناً ان كل تفكيرها الساذج على انها لا تخشاه اصبح الان هراء ، لقد كان وجهه يكسوه الاحمرار من شده الغضب وعيونه تنطق بالشرر وذلك العرق بجانب صدغه كان ينبض بقوه كأنه على وشك الانفجار ، سألها بصوت أشبهه بالفحيح وهو يقترب منها :
-مين ده بالظبط اللى عايزه تطمنى عليه !!!!..
ازدردت ريقها بصعوبه وهى تنظر إليه برعب ، لم يتلقى منها اجابه فأعاد سؤاله مره اخرى وهو يضغط على كل حرف يخرج منه :
-انا سألتك سؤال ومحتاج رد .. مين ده اللى عايزه تطمنى عليه يا حياة !! انطققققى ..
انهى كلمته الاخيره بصوت هادر جعلها تنتفض من مكانها ، وفى تلك اللحظه وهى تراه يتقدم منها بعيون جاحظه تدفق الأدرينالين داخل جسدها بقوه تراجعت خطوه للوراء فى محاوله للركض بعيدا عنه ولكنه فى اللحظه التاليه كان يقبض عليها بكل قوته ، ذراع واحده تحاوط خصرها وهى تضغط فوقه بقوه وأرجله حاوطت قدميها قبل ان تتشابك معاً لتكبيلها ، وضعت يدها فوق ذراعيه لفك حصارها وفى نفس الوقت حاولت دفع نفسها بعيداً عنه ولكنه كان يضغط بقوه على مؤخره ظهرها حتى شعرت انها ستتأذى اذا حاولت اكثر ،
حاولت عدم النظر فى وجهه حتى لا ترى نظراته المرعبه لها فاخفضت راسها بعيدا عنه وهى تتمتم اسمه بخفوت وتطلب منه ان يتركها ولكن دون جدوى فغضبه كان فى قمته ، صاح بها قائلاً :
-انتى عايزه تجننينى صح !! لا واقولك واتجنن ليه ؟!.. انا هريحك من حبيب القلب دلوقتى عشان متعرفيش توصليله او تطمنى عليه تانى ..
انهى جملته واخرج هاتفه بيده الفارغه وأخذ يعبث به ، شعرت حياة بضغط دمها ينخفض من شده الرعب احقاً سيقدم على قتـ,ــ,ـله !! سُتزهق روح بريئه بسببها !! هتفت إليه متوسله وهى تحرك يدها لتمسك يده وتمنعه قائله بلهفه:
-فريد !! الله يخليك لا .. لا انت بتعمل ايه .. هتموت انسان بجد عشان بسال عليه !! .. انا غلطانه مش هسأل عليه تانى والله بس سيبه .. فريد ..
كان يشعر بكامل جسدها ينتفض تحت قبضته رغم محاولتها ان تبدو ثابته ، توقف عن العبث بهاتفه قبل ان يحدثها بصياح :
-عشان بتحبيه .. عرفتى ليه مش هخليه عايش .. عشان بتحبيه هو ..
لم تعرف ما الذى يجب عليها فعله فى تلك اللحظه فلو عاندته سيقـ,ــ,ـتله وهى ابدا لن تترك شخص يلقى حتفه بسبب غضبها منه ، هزت راسها له نافيه وهى شبهه مغيبه ثم رفعت كلتا يديها المرتجفتبن لتحيط بوجهه وتجبره على النظر إليها وهى تمتم له بتوسل ورعب حقيقى :
-مش بحبه .. والله العظيم مش بحبه .. انا عمرى ما كدبت عليك ومش بكدب دلوقتى مش بحبه ومش هسأل عليه تانى ومش هعمل اى حاجه بس سيبه عشان خاطرى ..
لانت نظراته وهو يرى ارتجاف يدها الناعمه التى تحيط بوجهه ونظرتها المتوسله وملامحها التى على وشك الإغماء من رعبها فأنزل يده ووضع هاتفه مره اخرى داخل ردائه ، وبالرغم من انه أرخى قبضته عليها وترك لها المساحه لتتحرك بحريه وفى ظروف اخرى كانت لتهرب من لمسته مسرعه الا انها فى تلك اللحظه كانت تشعر ان الشئ الوحيد الذى يحول بينها وبين سقوطها أرضاً هو جسده الذى يحاوطها ، فهى تشعر ان قدميها كالهلام لا يقدران على حملها ، حاولت تهدئه ضـ,ـربات قلبها والسيطره على ارتجافها حتى تستطيع الذهاب من امامه ولكنها لم تتجاوز صدمه انها كانت على وشك وضع محمود فى دائره الخطر مره اخرى ، لقد اختبرت مرحله جديده كلياً من الرعب بالنسبه لها ، فهى منذ اصرار والدها على انتقالهم من القصر إلى ذلك الحى المتواضع الذى يقع به منزلهم قد اعتادت على الصراخ والعنف من جميع قاطنيه إلى جانب عنف والدها وصياحه المعتاد ، ولكن غضب فريد كان شئ اخر ، غضب يحرق معه الاخضر واليابس ويجعلها تشفق كثيراً حتى على اعدائه ، رفعت جفونها تنظر إليه حتى تستطيع قراءه ما بداخلهما وان كان ذلك مهمه مستحيله ولكن كانت تريد الاطمئنان اذا كان صدق حديثها ام انه فقط يجاريها ،
التقط هو نظره العتب التى رمقته بها ، نعم لم يخطأ تفسير نظرتها فقد كانت عتاب خالص ، زفر بضيق وهو يرى حالتها تلك امامه وبسببه هو ، لعن نفسه سراً فقد تفوق عليها فقط وارعبها بسبب تفوق قوته الجسدية لا اكثر ، لوى فمه بسخريه وهو يفكر هل استطاع فعلاً التفوق عليها بأى شئ !! حتى قوته الجسدية ونفوذه لا تعطى له الافضلية ، فالافضليه فقط موجوده داخل تلك النظرات التى تصرعه أرضا بنظره توسل واحده ترمقه بها ، رفع كفيه يحاوط راسها ثم طبع قبله رقيقه فوق جبينها حاولت هى بكل قوتها تحاشيها قبل ان يتركها وينصرف ..
***********