
رنّ الجرس وهرولت يسرية لتفتحه، لتصطدم بشابٍ يرتدي بذلة أنيقة وبجانبه صديقة لأماني تعلمها يسرية جيدًا، وفتاتين تؤأمتين ترتديان فستانين مشابهين لبعضهما، رفعت السيدة رأسها في عجرفة وقالت
– ناديلي أماني بسرعة يا يسرية
ودخلت جالسة هي وأبنائها وكأن البيت ملكهم!
❀❀❀
تجلس أماني أمام صديقتها التي جاءت للتو وبجانبها ابنها وتطلب منها خطبة إبنها لبراعم!
– والله يا أماني وماليكي عليا حلفان، الواد قالي انه معجب ببنتك وعايز يتجوزها مكدبتش خبر وجيت جري
ابتسمت أماني بإصطناع
– طبعًا طبعًا، بس مش واجب كنتي تقوليلي الأول قبل ما تيجي فجأة كدا؟
-خير البر عاجله يا أم ياسين
تنهدت أماني بإحباط ونظرت لثروت الجالس بجانبها لينقذها، فـ تحدث بخشونة
– اطلعي نادي بنتك يا أم ياسين
رمقته بعدم إستيعاب، وفي النهاية استسلمت ونهضت صاعدة للأعلى…
❀❀❀
لطمت براعم عدة مرات وهي تردد بحسرة
– يالهوي يالهوي اعمل ايه اعمل ايه، أخرتها اتجوز سامح المكرش!
زعق فيها ياسين
– اتهدي بقا خليني أفكر هننيل ايه
زمت شفتيها بحنق
– متزعقليش!
زفر بنفاذ صبر وتخصر يُفكر في شيءٍ يستطيع فعله…
قاطعت تفكيره چويرية التي تركت طبق الفشار ووضعته على ساق آسر وقالت وهي تنهض من على الأريكة
– انا عندي الحل
إبتسامتها الماكرة أربكت ياسين وجعلت براعم تتوجس مما ستفعله، وفي النهاية نظر كلًا من ياسين وبراعم لبعضهما بـتوجس خشيةً مما ستفعله الصغيرة الخبيثة!
رنّ الجرس ثانيةً فـ هرولت يسرية تنهج بتعب من المسافة وفتحته، لتطل منه سحر تبتسم أسفل نقابها قائلة
– السلام عليكم براعم هنا يا دادة؟
أومـأت لها يسرية وهي تنهج بتعب قائلة بتقطع
– متقدملها عريس
توسعت عين سحر وهتفت مصدومة
– ايه؟
وسريعًا استدارت عندما سمعت صوت باب السيارة يُغلق وأخيها يصعد الدرجات الأخيرة من الدرج وبيده الورود، وفي لحظة أوصدت الباب في وجهه قبل أن يدخل، ليتسمر فراس مكانه متعجبًا!
استدارت سحر ليسرية وقالت بعجلة وهي تتحرك للصعود لغرفة براعم
– متفتحيش يا دادة، اوعي تفتحي وإلا هنتسوح كلنا
❀❀❀
«في المطعم»
أعادت عشق خصلة متمردة خلف أذنها وقالت بخفوت
– كنت عايزني في ايه يا باشمهندس؟
ترك ناصر الشوكة والسكين وتنحنح يجلي صوته وقال
– بصي يا عشق، اسمحيلي اناديكي بإسمك يعني بدون ألقاب، أنا معجب جدًا بكفاحك ونضالك وطريقتك في التعامل مع الناس دا غير إجتهادك وتفوقك، ورغبتك في إثبات نفسك للكل، يعني برده والواحد بيكون محتاج لحد يفهمه ويـ..يعني يـ….
تنهد بإحباط وقال
– انا مش عارف انا بقول ايه بس…..
رفع نظره لها وتحدث بهدوءٍ
– عشق تتجوزيني؟
توسعت عينيها بـصدمة وعجز لسانها عن الرد، فـ توجس ناصر وأردف
– ايه مش عايزة؟
فُكت عُقدة لسانها عندما شعرت بتراجعه وقالت سريعًا
– لأ طبعًا، بس اتفاجأت!
تحدث بجدية
– بصي، أنا بحب أمشي دوغري، وانا الصراحة معجب بيكي، هنعمل خطوبة فترة نتعرف فيها على بعض، ويعني لو محصلش نصيب او كان فيه مشاكل وخلافات ممكن نفسخ الخطوبـ….
وقبل أن يُكمل كانت تلتقط السكين بسرعة البرق وتشهرها في وجهه هاتفة بـحدة
– نفسخ ايه يا عين أمك؟
نظر للسكين ببسمة بلهاء وتحدث مُهدئًـا إياها بـحذرٍ
– انا قولت لو!
أنزلت السكين وتحدثت بـصرامة
– كنت بحسب
تحدث عابثًا
– عنيفة اوي
ابتسمت بخجل ونكست رأسها فـ ضحك بخفوت!
#الفصل_السادس
أضطرت براعم مجبرة الهبوط لتقابلهم، ورفضت تمامًا تدّخل ياسين حتى لا يتهور ويخرب كل شيء، جلسوا قليلًا وسط تأفف براعم وغيظها ولم تنس بالطبع أن تعدّل حجابها التي أصرت أن ترتديه، بينما سحر تتابع من أعلى الدرج وتضرب بقبضتها على كفها بتوتر، متجاهلة تمامًا إتصالات شقيقها المستنكر من إغلاق الباب في وجهه وعدم فتحه حتى الآن!
وسط الجلسة هبطت چويرية ركضًا على الدرج تصيح بـ
– ماما ماما
أنتفض الجميع واقفًا وكانت مديحة وسامح ينظران للصغيرة بتعجب!
ارتمت چويرية في أحضان براعم تقول ببراءة
– ماما هو بابا هيجي امتى؟
توسعت عين مديحة وشهقت متفاجئِة، بينما رمقت أماني الصغيرة بصدمة وعجز لسانها عن الحديث، بينما تبتسم ثروت بهدوءٍ!
تحدي سامح مستنكرًا
– ماما؟ انتي متجوزة؟
كادت أماني تتحدث فـ جذبها ثروت يرمقها بنظرة حادة، وهو يشير برأسه على ياسين الذي يتلصص عليهم من أعلى الدرج، فـ توقعت أن يكون هو من أخبر الصغيرة أن تفعل ذلك!
تحدثت مديحة في غيظ
– صحيح الكلام دا يا أماني؟ البت متجوزة؟
لم تجيبها أماني وظلت صامتة ساكنة، فـ التقطت حقيبتها وقالت
– ردك وصل، يلا يا سامح، يلا يا بنات
تحركوا جهة الباب وفتحه سامح ليصطدم بوجه فراش الذي كان يبتسم في خبث قائلًا
– ما لسه بدري يا عريس الغفلة
قـال سامح بإنفعالٍ
– انت مين انت كمان؟
تحدث ساخرًا وهو ينظر لبراعم بـترقب
– انا جوز المدام إن شاء الله
لكزت مديحة ابنها في كتفه هاتفة
– يلا يا ساااامح
مروا بجانب فراس الذي كان يبتسم بسعادة ويهدر بعلو
– نورتونا وشرفتونا
دخل فراس المنزل وأوصد الباب خلفه، رمق براعم بنظرة غامضة لم تستطع تحديدها، سرعان ما رسم بسمة ودودة على شفتيه وتحدث بتهذيب
– أنا فراس، أخو سحر، محتاج أتكلم مع والد الآنسة براعم شوية من فضلكم
استند ثروت على يد الأريكة ونهض يستند على عكازه قائلًا
– اتفصل يا ابني في الصالون
وتحرك فراس مع ثروت للداخل، بينما ابتلعت براعم ريقها عدة مرات بوجس، ونظرت لوالدتها بـخوفٍ مستتر ونبضات قلبها تعلو رويدًا رويدًا!
ركضت چويرية ناحية ياسين بالأعلى ووقفت أمامه قائلة بفخر
– شوفت سلكت الموضوع ازاي؟ إيدك بقا على حلاوتي
رفع حاجبه بتعجب
– ايوه عايزة ايه يعني؟
– عايزة فلوس يا ياسين صحصح معايا
قبض على أذنها يقرصها بخفة هاتفًا من بين أسنانه
– بت لمي روحك، ياسين ايه دا انا أكبر منك
دبدبت على الأرض وصـاحت بتألم
– سيب ودني
تركها فـ فركت أذنها وأشهرت إصبعها أمامه وضيقت عينيها قائلة
– ربنا هيعاقبك على وجعي دا
ابتسم ساخرًا ودفعها من وجهها فـ تنحت جانبًا وهي تزفر بـحنق، تراه يهبط أمامها ببرود وكأنه لم يؤلمها منذ قليل!
ببطء ارتسمت بسمة ماكرة تعلو شفتيها، ثم استدارت راكضة!
غمغم ثروت بهدوءٍ
– عايز تتجوزها يعني؟
أومـأ فراس وهو يمسح حبيبات العرق المتكومة على جبينه بالمنديل الورقي، ومن ثم تحدث بتوتر
– شـ..شوفتها مرتين وأُعجبت بيها
رفع ثروت حاجبه وتحدث بخشونة
– مرتين وأعجبت بيها؟ تيجي ازاي دي؟
تنحنح وأردف
– ما هو أنا بقول نتخطب فترة وبعدين ربنا يحلها من عنده، ونكتب الكتاب فترة برده ولو لا قدر الله ما ارتاحتش نفركش يعني
شبّك ثروت أصابعه ببعضها وعاد بظهره للخلف قائلًا
– والله مقدرش أحدد، محتاجين رأيها الأول، ومعتقدش إن بعد اللي حصل دا هي هتوافق
سيطر الإحباط على معالم وجهه ولكن بعد كلمة ثروت تجدد الأمل من جديد
– هنسألها وإن شاء الله توافق
تنفس يُريح صدره من هم رفضها، يريد أن يبث عقله وقلبه أنها ستوافق، وفي القريب العاجل ستُصبح زوجته وحلاله
❀❀❀
دخل ناصر المنزل يصفر بإستمتاع والفرحة تملئ صدره بعد مقابلته بـعشق، وقف قبل أن يصعد للأعلى يرمق العائلة المتجمعة بالردهة في تعجب، وتساءل
– متجمعين عند النبي، فيه ايه؟
لم يجيبه أحد، حتى وداد الثرثارة لم تجيبه!
فـ تعجب أكثر وجلس بجانبهم يسند ذقنه بكفه مثلهم ويطالعهم، أما ياسين فـ انصرف من مدة وخرج يسير بالطرق بلا هدف، يرغب في الإختلاء بنفسه والتفكير جيدًا في موضوع “چويرية”..تلك الصغيرة التي أقتحمت حياته دون سابق إنذار وحطمت قوانينه…
رأى طيف أحدهم يركض من بعيد، فـ تغضن ما بين حاجبيه وركز بصره عليها…
رآها تركض تجاهه وتلتفت حول نفسها بـفزع، وفي ظل ما كانت غافلة تنظر خلفها اصطدمت به ولا إراديًا تمسك بذراعيها يسندها، رفعت بصرها لتستقر عليه، تنفست بإضطراب..
أما هو فـ عقد حاجبيه بتعجب وقال
– انتي!
ابتلعت لعابها بتوجس، واستمعت لصوت ذلك البغيض الذي كان يحدثها بألفاظٍ بشعة
– البت دي تلزمني يا زميلي
رفع حاجبه وعاود ببصره إليها، فـ همست برجاء
– ساعدني بالله عليك
زم شفتيه بعدم إكتراث، ونظر للبغيض قائلًا
– تعالى خُدها!
اقترب منهم وهو يبتسم بـشر، ويطالع “روان” بنظرات توحي بنيته السوداء، أما هي فـ كانت ترتجف كالدجاجة، مدّ يده ليجذبها ولكن أستوقفته يد ياسين التي امتدت وقبضت على يده، وقوله البارد
– انا قولت تعالى خدها، عارف هي ايه اللي هتاخدها؟
عقد البغيض حاجبيه بإستغراب، فـ استكمل ياسين ببسمة هادئة
– اقصد تآخد دي يا روح أمك
ختم جملته بلكمة وجّهها للشاب، أعادته عدة خطوات للخلف وهو يضع يده على عينيه يتأوه ألمًا، فـ استأنف ياسين
– قرب خليني اديك واحدة كمان!
صرخ الشاب بفزع واستدار راكضًا، بينما زفرت روان بإرتياح، واستدار لها ياسين يرمقها بنظرات جامدة صلبة!
❀❀❀
– اختفيتي فجأة ليه؟ اتكسفتي؟
نكست رأسها بخجل وأردفت
– اتكسفت انزل وأقلع الحجاب تاني! زي ما تقول لزق عليا ومقدرتش أقلعه ولا جالي قلب!
تنهـد فراس منهكًا وقال
– ومكنتيش بتردي على سحر ليه؟
فركت يديها المتعرقتين ببعضهما في توتر وقالت
– اتكسفت بقا من الموقف اياه