الفصل الأول #عطر_سارة #الفراشة_شيما_سعيد أمام بوابة قصر علام العريق وقفت سيارة الأجرة خاصتها، تلك هي المرة الأولى التي ترى بها ثراء عائلتها الكريمة، منذ وفاة والديها بحادث تعيش مع شقيقتها الكبرى مريم وزوجها علاء.. مثلها مثل أي غريب تتابع أخبارهم عبر منصات التواصل الاجتماعي وتنبهر بهم فقط لا غير، تعيش بمنزل ثلاث غرف كضيفة عند زوج شقيقتها حتى تتزوج وهم يعيشون بهذا النعيم، اللعنة عليهم جميعاً... دق هاتفها ورأت اسم مريم عليه فأخذت نفسا عميقا قبل أن تضمه إلى أذنها مردفة بهدوء : _ أنا وصلت خلاص يا مريم.. أبعدت الهاتف عنها قليلاً مع وصول صرخات الأخرى عليها، قبل أن تقول كلمة إضافية صرخت مريم : _ أنتِ مجنونة رايحة عندهم تعملي إيه، كام مرة أقولك أنتِ مالكيش حق هناك، بابا أخد ورثه منهم بعد مو.ت أبوه وسافر الفيوم عشان يتجوز ماما، الخير ده كله بتاعهم هما بس وكتر ألف خيره محمود إبن عمك بيبعت مصاريف لينا كل شهر عايزة إيه تاني. _ عايزة أعيش مش أكتر يا مريم، كفاية عليكي أنتِ وجوزك لحد كدة أنا ليا أهل هما أولى بيا.. عضت مريم على شفتيها بغيظ وهي تلعن زوجها، قالها أمس لسارة صريحة يريد أن يزوجها حتى يسقط حملها من فوق رأسه ويهتم بأبنائه فقط، مسحت على وجهها مردفة بنبرة حنونة : _ سارة يا حبيبتي إنت عارفة علاء عبيط ومش بيفهم في الكلام، ارجعي ومحدش هيقدر يفرض عليكي حاجة أنتِ مش عايزاها.. أجابتها سارة بعدما أعطت للسائق أجرته وقالت بنبرة رقيقة : _ ممكن تنزل ليا الشنط من العربية يا عمو عشان مش هقدر أشيل.. أومأ إليها قائلا بابتسامة معجبة بجمالها : _ أنتِ تؤمري يا ست البنات.. _ شنط ايه أنتِ مش ناوية تسمعي كلامي وترجعي؟!.. _ لأ يا مريم مش راجعة ولو على المصروف اللي أبيه محمود كان بيديه لجوزك كل أول شهر هبعته لك أنا الضعف سلام.. أغلقت الهاتف وأنهت تلك المهزلة من حياتها إلى الأبد هذا القصر ستصبح هي سيدته خلال أيام قليلة وهذا وعدها لنفسها مهما كلفها الأمر، بخطوات واثقة اقتربت من الحارس مردفة : _ لو سمحت أنا سارة علام ممكن أقابل تيتة ألفت وأبيه محمود.. تاه الحارس بهذا الجمال، من يراها يذهب منه عقله بنفس الثانية، كتلة من الجمال تسر من ينظر إليها، ابتسمت من نظراته التي أعطت إليها شعور بالانتصار وحركت كفها أمام وجهه مردفة بنبرة ناعمة : _ ها إنت معايا؟!.. اتسعت إبتسامته البلهاء مرحبا متمنيا أن يتحدث معها الباقي من عمره، أومأ إليها وعيونه تتطاير منها قلوب حمراء مردفا : _ طبعاً معاكي، ده كفاية عليا أصلاً البصة الحلوة دي... _ طيب دخلني بقى.. هنا عاد الي عقله هذه أصغر حفيدة بعائلة علام، ماذا تفعل يا أحمق لو وقعت عين محمود علام عليك ستكون نهايتك، أبتلع لعابه بخوف وأفسح لها الطريق، دلفت وتركته يأتي خلفها بالحقائب.. ما هذا الجمال جنة الله على الأرض، مع كل خطوة تخطوها للداخل تزيد دقات قلبها ها هي قريبة جداً من حلمها، كيف كانت تعيش السنوات الماضية وهذا النعيم لغيرها لا تعلم ولكنها أتت اليوم حتى تبدأ حياتها تبدأ عمرها الحقيقي بين جدران قصر علام.. فتحت الخادمة الباب ليحدث لها مثلما حدث للحارس هذه الفتاة خلقت بسحر غريب وجمال أغرب، وضعت الخادمة كفها على ذراع الآخر مردفة بتعجب : _ بسم الله الرحمن الرحيم ايه دي يا واد يا شوقي؟!... أين شوقي فهو الآخر تائه بالملكوت يتأمل إبداع الخالق في جمال خلقه، أجابت هي ببراءة وهي تعلم تأثيرها على الجميع فما يحدث الآن يحدث كل يوم مع أي شخص يراها حتى لو رأها قبلها مائة مرة : _ أنا سارة علام بنت أحمد علام الله يرحمه.. دقيقتين وكانت بين أحضان امرأة عجوز، تضغط على جسدها الناعم بين ذراعيها وتبكي، أخيراً تضم حفيدتها ابنة ولدها الذي فارق الحياة في سن صغير بعدما تخلى عنهم سنوات، أغلقت سارة عينيها بارتياح شديد هذا هو الأمان الذي تبحث عنه وها هي تتذوقه لأول مرة.. سالت الدموع من أعين ألفت قائلة : _ أخيراً يا بنت الغالي ياما طلبت من أختك تجيبك أشوفك بس كانت بتقول إنك مش عايزة حد مننا.. أبتعدت عنها سارة قليلا وقالت بنبرة مختنقة من شعورها القوى بالبكاء : _ أنا جاية النهاردة عشان أعيش معاك، ليا مكان بنكم والا ماليش يا تيتة؟!.. لمعة عين المرأة أعطت لها واجب مرضى يثبت أن لها مكان ومكان لم يصل إليه أحد قبلها ولن يصل إليه أحد بعدها، أومأت إليها ألفت بلهفة وسعادة : _ بقى ده كلام ده بيتك يا بنتي وليكي فيه زي ما الكل له فيه.. تعالي في حضني شوية كمان عايزة أشبع منك.. بكل صدر رحب ألقت بنفسها داخل أحضان الأخرى من جديد فهي ترغب بهذا الشعور اللذيذ المطعم بالمحبة أكثر من ألفت، رفعت عينيها للحائط لترى صورة رجل ولكن ليس مجرد رجل، لو للفخامة عنوان سيكون هو.. من أول عينيه السوداء سواد الليل بليلة غاب بها القمر والنجوم، حتى وصلت لذقنه المتوسطة بلونها الأسود المميز مع أكثر من شعرة بيضاء هنا وهناك، شفتيه غليظة تعطي إليه رونقا خاصا يكتم أنفاس من حوله، وجدت نفسها بلحظة هائمة وسألت نفسها سؤالا واحدا هل هذا الرجل هو من أتت من أجله هنا؟!.. همست ألفت بترقب ومازالت عينيها متعلقة به : _ مين ده يا تيتة اللي صورته على الحيطة.. أجابتها ألفت بابتسامة محبة لصاحب الصورة : _ ده محمود إبن عمك وكبيرنا كلنا بعد مو.ت جدك.. اللعنة هذا هو محمود؟!.. يبدو أن لعبتها من البداية بدأت تخرج عن السيطرة، ابتسمت بخفة ونطقت اسمه بتقطع متلذذة بكل حرف : _ م ح م و د " محمود علام".. ______ شيما سعيد _____ بعد ساعة.. بالطابق الأخير بقصر علام كان يقف هو أسفل الدوش يأخذ حمامه الصباحي، أغلق الماء وبخطوات ثقيلة وضع جسده بحوض الاستحمام المزين بالورود البيضاء ورائحة الياسمين المنعشة، زفر بضيق وهو يشعر بالصداع مسيطرا على رأسه، سحب سيجارة من علبته الفاخرة ثم أخذ منها نفسا عميقا وأخرجه بتمهل.. بعد عشر دقائق كان انتهى من ارتداء بذلته السوداء مع رشقة من عطره المميز، أتى صوتها الناعس من خلفه ليلف بجسده إليها مردفا بقلق : _ كملي نومك يا عايدة لسة بدري.. نفت بحركة سريعة من رأسها مشيرة إليه بالاقتراب منها، نفذ أمرها على الفور جالسا أمامها على الفراش مردفا : _إنتِ تعبانة أطلبك الدكتور؟!.. بكف مرتجف أزالت جهاز النفس مع على وجهها ثم قالت له بابتسامة مشرقة رغم ملامحها الشاحبة : _ جبت لك عروسة حلوة أوي يا محمود عبير كانت معايا في الكلية فاكرها.. ظل صامتا دقيقة كاملة وهي تنظر إليه بترقب، يحاول بقدر المستطاع التحلي بالهدوء وعدم الخروج عن السيطرة، عايدة حالتها الصحية تسوء يوما بعد يوم ولهذا يجب عليه الصبر، رفع كفها ووضع عليه قبلة ناعمة ثم قال : _ مش فاكر حد غيرك ولا عايز حد غيرك ممكن تركزي شوية في صحتك وطلعي الجنان ده من دماغك يا عايدة .. سقطت دموعها وقالت بتعب : _ بس ده مش جنان إنت بقى لك أربع سنين عايش معايا كأني أختك، مفيش علاج نافع معايا أنا بمو.ت وإنت مصمم تضيع عمرك، لازم تجيب أخ لمعتز يبقى سند له.. ماذا يقول لها وهي ابنة عمه التي تربت على يده منذ نعومة أظافرها من صغرها تعاني من القلب وزاد الأمر سوء بعد إنجاب معتز ومنذ أربع سنوات داهمها المرض اللعين ليكمل عليها وتستأصل رحمها، اقترب منها مقبلا رأسها مردفا : _ ورايا شغل مهم ولازم أمشي حالا لما أرجع هبقي أشوف حل في جنانك ده ممكن.. إبتسمت وهي تشعر بحبه لها وتأثيره عليها، تلعب تلك اللعبة دائماً حتى تتأكد من تمسكه بها وبعدها تعود للنوم بارتياح، محمود ملكية خاصة بها ولن تسمح لأي امرأة النظر إليه حتى لو كانت قليل من العظام.. _____ شيما سعيد _____ تنهد بضيق مغلقا باب الغرفة خلفه، وقبل أن يخطو بطريقه للسلم وجد باب غرفة الچيم الخاصة به شبه مفتوحة، عقد حاجبه بتعجب من تجرأ وفتحها والأكثر من صعد للدور الخاص به وبزوجته من حال الأصل؟!.. اقترب من الباب ووضع كفه حتى يفتحه أكثر وهنا كانت الصدمة الكبرى، جنية بيضاء بجسد منحوت، مظبوط الأماكن التي تحتاج الوزن مثالية جداً وباقي جسدها ملفوف مثل قطعة الشكولاته، قصيرة القامة الي حدا ما بخصلات بنية فاتحة تصل إلى ما بعد خصرها، خصلات ناعمة مثل نعومة ملامح صاحبتها، كل ما يظهر منها مميز شفتيها بمفردها تحتاج لألف كتاب حتى يقدر على وصفها.. ساقته ساقه وهو يتأمل بها بدون أن يشعر حتى وصل إليها، اللعنة ما هذا حتى شهقتها ناعمة، معالم الفزع كانت واضحة عليها وهنا سأل نفسه سؤالا واحدا فقط، هل تلك اللوحة الفنية إنسية أم جنية كما توقع؟!.. قررت يده التمرد عليه وقطع الشك باليقين ومرت بخفة على ملامحها.. حقيقية!!! بالفعل هي حقيقة ملومسة بين يديه، سألها بنبرة خشنة : _ أنتِ حقيقة؟!.. محمود علام أمامك يا سارة ويبدو أنه مثله مثل الباقي مبهور و جداً، فكرة إعجاب رجل مثله بها جعلتها تنتعش، لم تستفيد بحياتها إلا بجمالها والآن فقط قررت استخدامه حتى تعيش ما فقدته بسنوات الحرمان الطويلة.. إبتسمت اليه إبتسامة تعلم قوتها جيدا همست برقة جعلته يرغب بالقرب أكثر : _ إنت عايزني أبقى حقيقة والا خيال؟!.. هل هناك فرق؟!.. لا والله لا يفرق معه إذا كانت حقيقة أو حتى خيال كل ما يريده الآن فقط القرب، حرك رأسه بنفي هامسا : _ مش فارق أنتِ مين.. أقتربت منه خطوة واحدة ورفعت نفسها قليلاً بمحاولة بائسة منها للوصول إليه، ابتسم بخفة ووضع يده حول خصرها ليرفعها إليه، ردت إليه الابتسامة بأخرى أكثر حلاوة ثم همست : _ أنا أيامك اللي جاية كلها يا محمود.. قالتها بلذة أطاحت به ما هذا الحلم اللذيذ الذي يعيش بداخله، لو أنحنى قليلاً وأخذ قبلة هل سيحدث شي؟!. لا والله مادام مجرد حلم لابد أن يستمتع به، وهو غارق ببحر أفكاره ابتعدت عنه وخرجت من الغرفة وكأنها لم تكن موجودة. فاق على حاله من فقدانه شعور الدفء الذي تلذذ به للحظات، فتح عينيه بصدمة، بالفعل ما عاشه مجرد خيال، مسح على خصلاته مردفا بذهول : _ يا نهار مش فايت إيه اللي حصل ده يا محمود، من قلة النسوان في حياتك بقى عندك تهيؤات؟!.. ______ شيما سعيد _____ بعد خمس دقائق قدر على أستجماع نفسه وبخطوات واثقة دلف لغرفة السفرة ليجد أفراد العائلة بانتطاره، ألقى نظرة عابرة على الجميع ليتأكد من حضور الكل ومثل العادة أول مقعد وقعت عينيه عليه مقعد شقيقه الأصغر طارق وجده يبتسم إليه إبتسامة بلهاء فعلم أنه وبكل أسف فعل كارثة. اقترب من جدته وقبل رأسها وفعل بالمثل مع والدته السيدة حنان مردفا : _ صباح الخير يا جدتي صباح الخير يا ماما.. ألفت : _ صباح كل حاجة حلوة يا قلب جدتك.. حنان : _ تسلم من كل شر يا حبيبي.. نقل بصره على مقعد والده الفارغ مردفا بجدية : _ بابا هيكون هنا كمان شهر بالظبط يا ماما أنا كلمته امبارح وقال المشروع ماشي تمام بس محتاج شوية وقت كمان مش أكتر.. حركت حنان رأسها بسخرية مردفة : _ مش فارق يا حبيبي يشوف هو نفسه في إيه ويعمله، إنت وأخوك عندي بالدنيا وما فيها.. صمت محمود وهو يعلم معنى حديث والدته جيدا أما طارق غمز إليها بوقاحة قائلا : _ بالنهار أنا وأخويا وبالليل أخبط على باب الجناح محدش يرد.. ضرب محمود على الطاولة فابتلع طارق باقي جملته وعاد للنظر لطبقه مرة أخرى لعن نفسه وهو يسمع أوامر الآخر التي تعطي له إشارة واضحة " يومك مش فايت النهاردة" : _ خلص فطارك وتعالى ورايا على المكتب.. ثواني وانقلب كل شيء رأسا على عقب، وقعت الشوكة من يده وهو يراها تخطو لداخل غرفة السفرة بخطوات رشيقة وابتسامة رقيقة، ألقت عليه غمزة شقية وقالت : _ ازيك يا أبيه أنا سارة.. ____ شيما سعيد ______ أستغفروا الله لعلها تكون ساعة استجابة ♥️ نتفاعل من البداية عشان الرواية دي عزيزة على قلبي ♥️ الفصل الثانى #عطر_سارة #الفراشة_شيما_سعيد مر على وجودها بهذا المكان شبه المجهور خمسة أشهر، لم يزورها طوال تلك المدة إلا مرة واحدة شهرياً، وضعت يدها على بطنها المنتفخة ببكاء شديد ، انتهت قدرتها على تحمل هذا الألم.. حاولت التحرك حتي لو حركة خفيفة حتى تصل لهاتفها الموضوع على الطاولة المجاورة للفراش، خرجت منها تنهيدة تكتم به صرختها المتألمة، سحبت الهاتف سريعاً وقامت بالاتصال عليه ثلاث مرات ففتح أخيراً الهاتف مردفا بغضب: _ في إيه طالما مش برد أبقى قاعد مع العيلة بترني ليه.. _ مهو أنا كمان من العيلة دي وبنت عمك يا أبية وإلا نسيت.. تنفس محمود بغضب قبل أن يمسح على خصلاته مردفا: _ أكيد مش رانة عشان الكلام الفاضي ده اخلصي.. أرتفعت شهقاتها وهي تلعن نفسها على زواجها منه، ما هذا الحب الأعمى الذي جعل منها أداة للتسلية مع رجل متزوج ولديه فتى أصغر منها بعدة سنوات، لم تتحمل أكثر وهي ترى مائها يتساقط من بين ساقيها مردفة: _ الحقني أرجوك أنا بولد.. _ إيه.. قالها بخوف شديد عليها فأكملت هي حديثها: : أنا خايفة وأنا لوحدي يا محمود أرجوك تعالى قبل ما إبني يحصل له حاجة.. توقف به الزمن لعدة لحظات وهو ينظر لزوجته التي تستعد لدخول غرفة العمليات، وبين حبيبته التي تبكي له برجاء حتى لا يتركها بمفردها وبين هذه وتلك هو يقف عاجزا، وصلت إليه صرخة سارة القوية أسقطت قلبه أرضا فقال بلهفة : _ سارة إنتِ قوية وأنا جانبك أتحملي نص ساعة وهتصرف.. ارتفعت شهقاتها أكثر وعضت على أسنانها من الوجع، قدرتها على التحمل انتهت فأغلقت عينيها باستسلام كبير هامسة بنبرة بدأت تختفي شيئا فشيئا: _ لو مو.تت هيبقى ذنبي في رقبتك ولو قومت منها حسابنا مع بعض هيبقى طويل يا أبيه.. تود أن يتحدث أن يقول أي كلمة تبرر موقفه، أتى صوت والده الغاضب : _ سيب الموبايل ده وشوف مراتك عايزة تكلمك قبل ما تدخل العمليات.. أغلق الهاتف معها ورأسه تكاد تنفجر، نظر الي والده مردفا : _ بابا اتصل بالمستشفى بتاعتنا في اسكندرية وخليهم يروحوا الشاليه اللي هناك فورا مع دكتورة نسا وتوليد.. رفع والده حاجبه بتعجب مردفا : _ مين اللي في الشالية يا محمود.. _ محمووود.. صرخة قوية من عايدة جعلته يفقد المتبقي من أعصابه، سارة الآن وحيدة وقلبه معها، لو حدث لها شيء.... لا لا يستحيل أن يحدث، قال لوالده بنبرة حادة قبل أن يدلف للأخرى : _ سارة اللي موجودة في الشاليه واللي جوا بطنها إبني.. عند سارة اسودت الدنيا بداخل عينيها، رأت لعبتها منذ البداية تسير أمامها، هي من بدأت وتخيلت الحياة الوردية، وهي من قررت ربطه بطفل حتى تضمن وجوده معها الى الأبد، سار عقلها للبداية وكأنها تحدث أمام عينيها الآن.. فلاش باااااااك... _ ازاي حضرتك يا أبيه؟ أنا سارة.. ذهول... عدم استيعاب.... رغبة قوية طلبت منه القيام من فوق مقعده والتقرب منها، يرغب بلمسها يود التأكد من ما يراه، هل تلك الفتاة حقيقية أم جنية رائعة الجمال؟!.. أشارت إليها ألفت بسعادة قائلة : _تعالي يا قلب تيتة أعرفك على مرات عمك وأولاد عمك.. أومأت إليها بإبتسامة أكثر من رائعة، براءة ملامحها بمفردها قادرة على وقع أكبر شنب أمامها يعترف بالحب، أقتربت من حنان وأنحنت بأحترام مقبلة يديها لتقول الأخرى بمحبة لتلك الصغيرة : _تسلم تربيتك يا حبيبتي.. _ شكراً يا طنط.. صفير عالي صدر من الأحمق الجالس بالمقعد المقابل لها، ألقى عليها نظرة وقحة ومد يده مردفا : _ طارق ابن عمك حالياً وجوزك لاحقاً مهو البنت أولى بيها ابن عمها وإلا أنتِ رأيك إيه يا تيتة.. _ رأيي إنك تخرس.. كان هذا صوت محمود الحاسم بعدما تمالك حاله، ابتلع طارق ريقه بتوتر ثم أومأ إليه عدة مرات قائلا : _ أمرك يا كبير إنت تؤمر.. حسناً، طارق أيضا شاب مميز ومن عائلة علام العريقة وبزواجها منه ستكون إحدى سيدات قصر علام، بدلال فطري ضحكت ويا ليتها لم تفعل، شعر محمود بحرارة غريبة عجيبة جعلته ينتفض من فوق المقعد مردفا : _ ورايا على المكتب يا طارق.. ذهب أو ليكن صادقا فهو فر من تأثير وجودها العجيب الغريب عليه، أما طارق غمز إليها مردفا بمرح : _ يسلم لي أبو ضحكة جنان، هآخد علقتي من الكبير وراجع نتعرف على بعض أكثر.. خرج ليكسو الضيق معالم وجهها، حتى لم يرحب بها أو يرد على حديثها معه، سلاحها الأقوى جمالها وستكون كارثة إذا لم يتأثر به، نظرت لجدتها مردفة : _ هو أبيه محمود متضايق من وجودي والا ايه يا تيتا؟!.. _ لأ طبعاً يا حبيبتي بس هو طبعه ناشف شوية وتعب عايدة مراته مخليه مش طايق نفسه ادعي لها بالشفا يا سارة.. فضولية منذ نعومة أظافرها ومع كل يوم لها بالحياة يزيد فضولها، بللت طرف شفتيها مردفة : _ هي عندها إيه؟!.. ظهرت معالم الحسرة على وجه ألفت فعايدة كانت وردة تلك العائلة وحفيدتها المدللة، تحدثت حنان هي الأخرى بحزن : _ الأول كان عندها القلب ومن أربع سنين جه لها المرض الوحش بقت زي الميتة يا حبيبتي بعد ما كانت روح البيت.. نظرت سارة لطبقها بشرود مردفة : _ ربنا يشفيها.. ______ شيما سعيد _____ بمنزل علاء.. دلف بيته بعد يوم عمل أكثر من مرهق، ليجد زوجته المصون تجلس أمام باب المنزل بانتظاره، زفر بضجر من ملامح وجهها التي لا تبشر بالخير، لا يعلم ماذا فعل بحياته حتى يتزوج تلك، حك رأسه مردفا : _ خير قالبة وشك كدة ليه ده بدل ما تقولي لجوزك اللي طالع عينه طول النهار حمد لله على السلامة.. قامت من مكانها بنظرات ساخرة، وقفت أمامه ويديها حول خصرها مردفة : _ شغل ايه ده يا عنيا، ده أنت عايش من فلوس محمود بيه وحتى الشغل بتشتغل حتة واحد بيقدم قهوة شاي في الشركة عنده.. جذبها من ذراعها بغضب صارخا : _ مالك يا بت هي هبت منك على آخر النهار والا ايه، غوري حضري الغدا وقولي للمحروسة أختك إن العريس جاي بالليل خلينا نخلص من قرفها بقى.. جذبت ذراعها منه بقوة ثم ضربته على صدره مردفة : _ أختي هجت راحت عند أهل أبوها يعني العز اللي كنا عايشين فيه على حسها راح يا غبي، واحتمال يوم والا التاني محمود بيه يقولك مع السلامة وكل ده ليه عشان مشيت من دماغك وعايز تجوزها لصبي رقاصة... صدم من حديث زوجته، ما هذه الكارثة التي حلت فوق رأسه، دجاجته التي كانت تبيض له بيضا ذهب فرت من العش؟!.. حرك رأسه برفض صارخا : _ ازاي يا غبية تسبيها تمشي، كنت هجوزها من غير ما حد منهم يعرف ويفضل مرتبها شغال، ده غير الواد سيد ده أنا واخد منه 50 ألف جنيه مهر وشرطت عليه بعد الجواز لينا 2000 جنية كل شهر.. أطلقت ضحكة ساخرة وقالت : _ مش بقولك إنك حمار، هي هربت يا عنيا من ورايا لو كانت قدامي كنت هعمل المستحيل عشان تفضل إن شاء الله أخلص عليها، بقى هي تعيش مع أهل ابوها في العز ده كله وأفضل أنا باقي عمري في فقر وهم.. جذب علاء خصلاته بغل مردفا : _ مش وقت نواح يا بقرة، لازم نروح نجيبها من بيت علام والليلة... ______ شيما سعيد _____ عودة لقصر علام بغرفة محمود وعايدة، دلفت إليها خادمتها المطيعة وتحمل صينية بها وجبة الإفطار، حاولت الجلوس إلا أنها لم تستطع اقتربت منها سنية سريعا وساعدتها على الاعتدال مردفة : _ بلاش تتعبي نفسك يا ست هانم قوليلي عايزة ايه وأنا تحت أمرك.. أومأت عايدة رأسها بتعب ثم قالت : _ في صوت تحت غريب عن القصر دي خدامة جديدة.. بعفوية ضربت سنية على صدرها مردفة : _ خدامة ايه بس يا ست هانم دي القمر نزل ما السما وقعد في بيتنا.. تعجبت من هذا الوصف وبدأ القلق يدلف لقلبها الي حد كبير، قدمت سنية لها الشوكة رفضتها بحركة سريعة وقالت : _ مش عايزة أكل دلوقتي قوليلي مين البنت اللي بتتكلمي عنها دي؟!.. ابتلعت الأخرى ريقها بتوتر من نظرات سيدتها النارية، لعنت لسانها فهي تعلم طبعها جيداوتعلم غيرتها العمياء على محمود، انتفضت بفزع على صرخة عايدة المنفعلة : _ ما تنطقي هو أنتِ خرسة.. أومأت سريعاً مرددة : _ اهدي بس يا ست الناس عشان صحتك إنت تعبانة، وبعدين دي الست سارة بنت أحمد بيه الله يرحمه جات عشان هتعيش هنا.. ماذا هي رأت تلك الفتاة من قبل عندما كانت بالعاشرة من عمرها وتعلم جمالها جيداً، يستحيل أن تتركها مع زوجها تحت سقف واحد، حركت رأسها برفض هامسة : _ يعني إيه الكلام الفارغ ده، مين قبل إنها تقعد هنا هو محمود عرف؟!.. _ أيوة شافها الصبح بس مقالش أي كلام حتى لما سلمت عليه مردش عليها شكله مش عايزها هنا.. حتى لما الأستاذ طارق قالها أنا أولى بيكي محمود بيه اتعصب وأخده المكتب.. لا تعلم هل عليها الارتياح بعد هذا الحديث أم يزيد قلقها سوء، كل ما ترغب به الآن رحيل سارة مهما كانت درجة حب محمود لها فهو رجل وليس أي رجل ومع ذلك يعيش بلا نساء من أجلها، أغلقت عينيها بتعب مردفة : _ خدي الأكل واطلعي برة عايزة أرتاح.. _ مينفعش لازم تأكلي عشان العلاج يا ست هانم.. _ قولتلك غوري من وشي مش عايزة حاجة غوري.. _____ شيما سعيد _____ بالأسفل.. دلفت سارة المطبخ بخطوات رشيقة، بنعومة ألقت التحية على الخادمات، وبابتسامة بلهاء استقبلن تحيتها، جلست على مقعد الطاولة ومدت كفها لتأخذ خيارة مردفة : _ معرفتش آكل على السفرة ممكن تحضروا ليا الفطار؟!.. أومأت إليها كبيرة الخدم وأشارت للبقية مردفة بهدوء : _ اطلعوا نضفوا الأوضة وأنا هحضر الفطار للهانم.. مرت خمس دقائق وهي تتابع ما تفعله تلك السيدة التي يبدو عليها الرقي والوقار، أخذت قطعة من الجبن وتذوقتها بتلذذ ثم سألتها بفضول : _ هي مرات أبيه محمود فين؟!.. وضعت باقي الطعام على الطاولة وأجابتها بهدوء : _ فوق وممنوع أي حد يطلع إلا سنية ومحمود بيه، الله يخفف عنها بقى صحتها كل يوم بتنزل أكتر عن اللي قبله .. _ أمممم ، طيب هو طارق مش بينزل الشغل مع أبيه محمود ليه؟!.. جلست المرأة على المقعد المقابل لسارة ثم قالت : _ مهو مش شركته، محمود بيه هو صاحب كل ده حتى البيت، أما طارق بيه أخد ورثه وفتح بيه مصنع لنفسه وخسر فيه.. ماذا؟!.. صاحب المال هو محمود!!.. ابتلعت طعامها وسألتها بترقب : _ وعمو كمان ملوش فلوس؟!.. _ لأ وزع فلوسه على أولاده وكتب لكل واحد حقه وسابهم يكبروا شغلهم بنفسهم، محمود بيه زود الفلوس أضعاف وطارق بيه كله راح منه على الأرض بيقولوا زي عمه أحمد.. هاااا يقطعني يا بنتي مخدتش بالي.. رغم تألمها الحقيقي من الجملة إلا أنها وبكل أسف الحقيقة المرة، حركت رأسها مردفة : _ مفيش حاجة يا دادة عادي دي الحقيقة بابا كان شخص مش بيفرق معاه الفلوس وبسبب حبه الشديد لماما خسر كل حاجة المهم دلوقتي عمو مسافر ليه لما هو مش بيشتغل.. تحدثت المرأة بصوت منخفض : _ أصله متجوز على الست حنان في السر بس البيت كله عارف حتى هي، بيعمل نفسه مسافر شغل ومحمود بيه بيغطي عليه ويقعد في البيت التاني.. أمممم المال هو مال محمود وباقي أفراد العائلة مجرد ضيوف تحت سطوته، بيدو أن القدر مصمم على وضعه بطريقها وهي أكثر من مرحبة... _____ شيما سعيد _____ بعد منتصف الليل عاد محمود من عشاء العمل، مرهق لأقصى درجة كل ما يريده الآن أن يرى الفراش ويلقي بجسده عليه، وضع ساقه ليخطو أول خطوة للدرج وعقله شارد "بسارة "، لما هي جميلة هكذا ولما هو يفكر بها لتلك الدرجة؟!.. نفض تلك الأفكار من رأسه مردفا : _ طالما نفسك رايحة على الحريم كده يبقى شكلك محتاج تعط لك يومين.. إنتبه للضوء الخارج من غرفة مكتبه، للحظة شعر ببوادر الحذر وأخرج سلاحه وبدأ يتقدم بخطوات مدروسة، فتح باب المكتب بطريقة هجومية وقبل أن تخرج الطلقة من محلها رآها... نعم... نعم... تلك هي الحقيقة، تنام على الأريكة الموضوعة بأحد أركان الغرفة، تضع ساقا على الأخرى ليظهر ساقها الأبيض اللامع، أبتلع لعابه بصعوبة من إثارة المظهر إليه، تمسك بين كفيها كتاب ويبدو عليها الاندماج الواضح لدرجة عدم شعورها بدخوله.. عفوا يا كبير عائلة علام فهي مهتمة بكل ما يدور حولها إلا الكتاب، حركت ساقها بدلال وأخرجت من بين شفتيها تنهيدة عميقة تدل على متعتها بهذا الكتاب الأكثر من مميز.. لا هذا كثير كثير جداً عليه، خرج صوته أخيراً ويا ليته لم يخرج، وصلت إليها بحته التي تدل على نجاح أول خطواتها بالاقتراب منه : _ سارة بتعملي إيه هنا في وقت زي ده؟!... أنتفض جسدها بخفة، أعتدلت بجلستها ووضعت طرف فستانها على ساقها المكشوف مردفة بالقليل من التوتر : _ أبيه هو حضرتك هنا من أمتى وبتعمل إيه؟!.. أين هذا الأبيه الذي تتحدث معه، أغلق عينيه لعدة لحظات تمالك بهم أعصابه ثم قال بهدوء : _ أنا اللي مفروض أسألك السؤال ده، ده مكتبي عادي أبقى موجود فيه في أي وقت أنتِ بقى بتعملي إيه هنا؟!.. قامت من مكانها لتقف أمامه ثم نظرت للأرض بحزن قائلة : _ كنت مستنية حضرتك لما تيجي، حابه أتكلم معاك شوية لو في عندك وقت لو مش حابب خلاص همشي.. رق قلبه لها فقال بنبرة حنونة : _ سامعك يا بسبوسة قولي عايزة إيه؟!.. _ هو حضرتك مش حابب وجودي هنا يا أبيه؟!... حدق بها وسألها بتعجب : _ مين قالك الكلام الفارغ ده؟!.. _ محدش قالي بس أنا عرفت من الخدم بالصدفة إن حضرتك بتيجي على الغدا والنهارده مجتش، ده غير لما سلمت عليك الصبح رفضت ترد عليا، قعدت أفكر مع نفسي شويةوعرفت إن حضرتك مش حابب وجودي معاكم.. هنا تذكر ما حدث صباحاً بغرفة الرياضة، سألها بتردد : _ سارة كنتي في أوضة الچيم الصبح.. أومأت إليه بكل براءة فأكمل هو : _ قولتي إيه وقتها؟!.. وضعت كفها على طرف بذلته ثم همست بنبرة ناعمة : _ أنا أيامك اللي جاية كلها يا محمود... _____ شيما سعيد ____ أستغفروا الله لعلها تكون ساعة استجابة ♥️ الفصل الثالث الجزء الاول #عطر_سارة #الفراشة_شيما_سعيد _ أنا أيامك اللي جاية كلها يا محمود. أخذ عقله يردد تلك الكلمة كثيراً، قالت وفرت من أمامه للمرة الثانية، مر أسبوع ومازال كلما رأها تذكرها، ممر يده على عنقه بتعب من كثر العمل والتفكير، هذه الفتاة نوع من الاثنين يا اما طائشة ولا تعلم ما تقوله أو لعوبة.. رسمت على ملامح وجهه إبتسامة ماكرة، تلك الصغيرة ربما لا تعرف مع من تلعب، دق باب المكتب فاذن للسكرتيرة بالدخول، أقتربت من وقالت بهدوء : _ سيد عايز يقابل حضرتك.. _ خليه يدخل وأمنعي أي حد من الدخول.. نفذت ما أمرها به رب عملها، وأراح هو ظهره على المقعد، سيد رجل المهام الصعبة يبدو أنه وصل لكل ما يريد الوصول إليه، دلف الآخر مبتسم إبتسامة واسعة مزينة بلمعة الانتصار قائلا : _ أخبارك يا باشا؟!.. أشار إليه محمود بالجلوس مردفا : _ أقعد يا سيد وأدخل في الموضوع على طول إحنا مش جايين نتعرف على بعض دلوقتي.. أوما برأسه سريعاً ثم قال : _ جوز أختها بيأخد الفلوس اللي جنابك بتبعتها لنفسه وعايز يجوزها لواد صبي رقاصة فهي هربت وجات عندكم.. _ اممم وبعدين كمل.. _ أختها بشهادة أهل المكان شريكة جوزها في كل حاجة والست هانم الصغيرة غلبانة معاهم حتى المشروع بتاعها أتسرق.. رفع حاجبه بتعجب قائلا : _ مشروع ايه ده؟!.. إجابه الآخر بحماس غريب : _ عطور يا باشا، محل عطور اسمه عطر سارة.. عطر سارة... رائحتها لا تحتاج لمحل عطور فهي بفطرتها صاحبة رائحة فواحة لذيذة تجعله يرغب يضمها إليه لعله يقدر على أخذ أكبر مخزون منها، تنحنح مع نداء سيد عليه ثم قال : _ طيب خلاص يا سيد روح عدي على الحسابات هتديك فلوسك.. أوما سيد بسعادة وخرج أما كبير عائلة علام ظل كما وهو يفكر ويفكر فقط، للحظة سأل نفسه سؤال عجيب "ماذا تريد منها يا محمود"، همس بذهول من حاله : _ إيه اللي بيحصل ده هو أنا عايز منها ايه فعلاً؟!.. أنت عايزها والا ايه يا محمود؟!.. ده يبقى جنون.. معه حق هذا بالفعل جنون والأكثر من ذلك هي، فتحت باب مكتبه ودلفت خلفها السكرتيرة بخطوات غاضبة قائلة : _ أنتِ رايحة فين يا أنسة قولتلك مفيش معاد.. إنتبه إليها ، لجمالها الخاطف للقلوب والعقول، إبتسامتها الساحرة التي تعطيها الي بصدر رحب، وفوق هذا وذلك فستانها الوردي الذي يصل إلى بعد ركبتها بقليل، نظرت إليه ببراءة قائلة : _ هو أنا محتاجة أخد ميعاد عشان أقابل حضرتك يا أبيه؟!.. لا يا صغيرة، أنتِ قادرة على دخول أي محل بلا سابق أذن، قالت السكرتيرة بقلق : _ أنا أسفة يا مستر محمود بس هي دخله غصب عني مع اني قولت لها أكتر من مرة إنها لأزم تاخد معاد.. هو ليس معك على الإطلاق لا يرى غيرها، أستغلت سحرها الواضح عليه وأقتربت منه بخطوات رشيقة لتجلس على المكتب أمامه مردفة : _ مش أنا أقدر أجاي في أي وقت يا أبيه صح؟!.. مثل المسحور اجابها : _ صح.. _ وأقدر ادخل هنا من غير اذن أي حد صح؟!... _ أممم صح.. حركت كتفها بدلال والقت نظرة سريعة على السكرتيرة مردفة : _ سمعتي بنفسك روحي بقى أعمليلي واحد نسكافية.. نظرت الأخرى لرب عملها منتظرة منه أي ردت فعل تدل على وجوده معاهم بأرض الواقع الا انها لم تجد، حركت رأسها بذهول وقالت قبل أن تخرج من المكتب : _ هو شرب إيه بالظبط الراجل كان زي الفل من شوية، بس البنت مزة بصراحة وتستحق حالة السكر اللي هو فيها دي.. أصحبت معه بمفردها فقالت بعتاب : _ زعلانة منك بجد أخص عليك يا أبيه.. عاد أخيراً محمود علام، إبتسم إليها إبتسامة رجولية بها معنى واضح جعلها هي الأخرى تبتسم ثم سألها : _ مش حاسة انك مهتمية بيا زيادة عن اللزوم؟!.. أومات إليه ببساطة قائلة : _ ده حقيقي فعلاً، الغريب بقى أنك عامل مش واخد بالك... قولي بقى بتهرب من وجودك معايا في مكان ليه؟!... أعتدل بجلسته قائلا بقوة : _ مين اللي قالك كدة؟!... لعبت ساقيها بالهواء ثم ألقت عليه غمزة شقية : _ محدش قال أنا شوفت بعيني، كبير العيلة اللي مش بيفوت جالسة عائلة ولا أي واجبة بقيت كل الواجبات هنا في الشركة، أكيد ومن غير لحظة تفكير تبقى بتهرب مني ومش عايز تشوفني.. بحركة جرئية قرب مقعده منها ثم رفع كفه يده ليلمس خصلاتها الناعمة بين يديه، ما هذا حتى شعرها ذات رائحة مميزة، أخذ نفس عميق وقال بنبرة صوت باردة : _ لو أفتراضا إن ده صح، يهمك في يا صغنونة؟!.. حركت رأسها برفض قائلة : _بلاش صغنونة دي خليها بسبوسة بتطلع منك أحلى كتير.. _ وماله عايزة إيه يا ست بسبوسة؟!.. قامت من مكانها ودارت حولها نفسها عدة مرات بخفة قبل أن تعود إليه بابتسامة واسعة مردفة : _ أنت عارف أنا عايزة إيه بس عايز تعمل نفسك مش عارف.. جذبها لتجلس فوق ساقه، الأمر وصل بينهما سريعاً الي درجة الا رجوع، نظر داخل عينيها ليري اصرارها العجيب عليه فقال ببعض السخرية :. _ عيلة صغيرة وحلوة عايزة إيه من راجل متجوز وأكبر منها.. تحولت نظراتها لأخرى حزينة، سأله رغم بساطة إجابته الا إنها تشعر بالتخبط، ربما مرارة أيامها جعلتها تفعل أشياء بعيدة عنها كل البعد، دائماً ما تضعها الحياة بمواقف أكبر منها وتجعلها تذهب بقدميها الي حافة الهوية، أخذت نفس عميق وقالت إليه بكل صراحة : _ فلوس، عايزة حياة أحس بيها بالأمان واني قادرة أقف قصاد الكل، مش عايزه أبقى زي أبويا، عايزة مصلحتي وكل ده معاك أنت، أنت محتاج ست وأنا مش أي ست وأنا محتاجة حياة ومش أي حياة... صدم بالفعل لم يتوقع إن تكون بهذا التفكير أو بتلك الصراحة، ما هذا يا فتاة ما هذا؟!.. أبتلع ريقه لتقوم من على ساقه ببعض التوتر، جلس على المقعد المقابل للمكتب منتظرة أي ردت فعل منه، عضت على لسانها بغيظ من حالها يبدو أنها صدمته بها ولكن ملت من لعبة الدلال تلك.. دقيقة كاملة مرت وهو ينظر إليها بلا حرف واحد، شارد بها وعقله متوقف عن العمل، تبدو ان الملامح البريئة بمفردها غير كافية على فهم الشخص، حمحمت قائلة : _ أنت كويس يا أبيه؟!.. ضحك ضحكة خرجت من أعماق قلبه، حمقاء يا صغيرة ألقت بنفسها داخل الجحيم دون أن تدري، ربما أخطأت بالعنوان وربما لا تجمع المعلومات الكافية حتى تعلم أمام من ألقت نفسها.. قام من فوق المقعد وبخطوات ثابتة وصل إليها، جذبها لتقف أمام ثم سألها بنبرة مريبة : _ فاهمة معنى كلامك إيه؟!.. أومات إليه بترقب ليكمل حديثه : _ عارفة أنتِ في نظري ايه دلوقتي يا بسبوسة.. فعلت حركتها الشهيرة بتحرك كتفها بلا مبالاة مردفا : _ عارفة ومش فارق معايا.. _ عادي بالنسبة لك إني أشوفك رخيصة زي أي *****؟!... كانت قاسية الجملة ولكن حياتها الماضية أقسى بكثير، رسمت على ملامحها الجميلة إبتسامة باردة ثم قالت : _ شكلك فهمتني غلط أنا مش هعمل حاجة حرام، كله بالحلال يا أبيه.. ضحك من جديد ثم قرص أنفها مردفا : _ وانا مش ناوي على الحلال يا قلب أبيه، هتعملي إيه بقى؟!.. مجنونة لابد أن يعلم هذا جيدا حتى يستطيع التعامل معها بالمستقبل، جذبته من مقدمة قمصيه الفاخر مردفة ببساطة : _ هعمل كتير مثلاً يعني مثلاً، أستناك لما تيجي زي أي فيلم أبيض وأسود وأقطع هدومي وأصوت، البيت يتلم وأقول بكل براءة " أبيه حاول يتهجم عليا عشان غلبانة في بيته" ولانك راجل محروم من الستات الكل هيصدق وعشان نلم الفضيحة نتجوز يا إبن عمي، رأي إيه في الخطة دي.. عض على شفتيه بهدوء وفكر لمدة قصيرة قبل أن يقول : _ هي حلوة بس مفيش حد من أهلي هيصدق القصة دي، محمود علام أكبر من كدة بكتير يا بسبوسة، بس عندي خطة حلوة هنفذها قدامك دلوقتي حالا.. _ وهي ايه بقى.. _ أنا مش بتاع كلام هتشوفيوتحسي بكل حاجة دلوقتي يا بسبوسة بس عايزك تصدى معايا للآخر.. نظرت إليه بتعجب وقبل أن تفهم ما حدث كان يضم شفتيها بين شفتيه بداخل قبلة أو ليكون صادق هذه كارثة، ناعمة، طرية، بمذاق رائع، لو أبتلعها الان سيكون معه كل الحق، ضربته على صدره بمقاومة ورفض شديد ليقيد يديها ويكمل عمله متلذذا.. ثانية والثانية فُتح باب المكتب ودلف معه علاء زوج شقيقتها بالنسكافيه التي طلبته من السكرتيرة مردفا بذهول : _ يا نهاركم اللي مش فايت ايه اللي بيحصل قدام عيني ده؟!.. _____ شيما سعيد _____ أستغفروا الله لعلها تكون ساعة استجابة ♥️ رغم التفاعل اللي مش لطيف الرواية بتنزل بس ده مش هيستمر كتير.. بكرا بإذن الله هكون موجودة في معرض الكتاب جناح دار الراوي صالة ٢ جناح c24 إللي ناوي يشتري ولو مش ناوي حابه أشوف الكل دمتم بخير وعافية اقتباس لذيذ من يمين طلاق 👇🏻 أخذت وسادة وغطاء خفيف وألقت بهما على الأرض مشيرة إليه قائلة بنبرة ساخرة : _ تقدر تعتبر ده السرير بتاعك طول فترة وجودي هنا.. ربما هي حمقاء أو أخذت أي حبة تعطي لها القليل من الشجاعة، خلع عنه الجلباب ثم أرسله على وجهها بكل قوته قبل أن يرد عليها بقوة : _ لبس العزا ده مكنتش ناوي أحاسبك عليه، بس شكلك بتحبي العنف.. شهقت بعصبية وقامت من مكانها لتقف أمامه صارخة : _ أنت فاكر نفسك مين فوق أنا هند الراوي.. _ طظ.. أتسعت عينيها وفتحت فمها إلا أنها وبكل أسف لم تجد كلمة مناسبة تسبه بها، ليبتسم عليها ساخرا قبل أن يجذبها لتكون تحت حصار ذراعيه : _ عايزك تفوقي وتتلمي من غير ما اضطر أستخدم أيدي في التعامل معاكي.. وضعت كفها على صدره مردفة بنفس السخرية : _ ولا تقدر، زي ما أنت بتعرف تستخدم أيدك أنا كمان بعرف أستخدمها ورجلي كمان لو اضطريت لده.. ربما لم يصل إليه حديثها من الأساس، كان كل تركيزه على ملامحها الرقيقة رغم شراستها، يعشق الشعر الأسود الثقيل وتلك العيون الغزلان الغاضبة وفوق كل هذا وذاك شفاه صاحبة جمال رباني تأخذ حجم مميز، وضع أحد أصابعه على خصلاتها مردفا : _ حضري الحمام عايز أطلع فايق لك، دي الليلة فرحك يا عروسة.. بكل قوتها عضت أصبعه ثم أردفت بغيظ بعدما رأته لم يتأثر : _ شكلك نسيت مهمتك يا عمدة، أنت مجرد محلل عشان أرجع لجوزي.. لما هذا الشعور؟!.. لما قدرت على إشعال النيران بداخله بكلمات ربما كان يتقبلها قبل أن يسكره عطرها؟!.. تحلى بالبرود مبتعدا عنها : _ حرام.. رفعت حاجبها مجيبة : _ نعم؟!.. _ المحلل حرام يا مدام هند، عشان ترجعي لجوزك لآزم جوازي بيكي يكمل بشكل طبيعي، بعدها بقى أقرر عايز أكمل أو لأ وبصراحة أنا ماليش مزاج لكدة... #يمين_طلاق #معرض_القاهرة_الدولي_للكتاب_2025 #الراوي #صالة2_جناحc24 الفصل الثالث الجزء الثاني #عطر_سارة #الفراشة_شيما_سعيد _ يا نهاركم اللي مش فايت ايه اللي بيحصل قدام عيني ده؟!.. أنتفض جسدها بين يديه ليضغط على خصرها مقربها منه أكثر ويكمل قبلته وكأنه بمفرده معها، مرت ثواني وهي تقاوم ليقرر تحرير شفتيها من بين أسنانه ويده مازالت تقيد حركتها، أغلقت عينيها غير قادرة على النظر لزوج شقيقتها، ربما تكون جريئة و جداً ولكن هذا الموقف بمثابة عار لها.. نظر لعلاء بكبرياء مردفا : _ خير يا علاء في حاجة؟!.. أبتلع الآخر لعابه بذهول من الموقف، ما هذا بالفعل ما هذا؟!.. توتر من نظرات سيده القوية لكنه قال : _ إيه اللي بيحصل ده يا باشا بقى هي دي الأمانة؟!.. عاد ليجلس على مقعده خلف المكتب مشيراً له بوضع النسكافيه، وجدها مازالت تقف محلها مغلقة العينين فضحك بخفة مردفا : _ فضلت سنين أديك فلوس عشان تهتم بتربيتها شكلك صرفتها على نفسك ونسيت تربيها، حط النسكافيه وغور من وشي.. فتحت عينيها بذهول من حديثه، شعرت بالقليل من الندم ليتها ظلت تلعب معه لعبة الدلال بدل من صراحتها تلك، صدمتها الأكبر برد زوج شقيقتها الذي وضع المشروب على الطاولة وخرج مثلما أمره الأخر... أشار إليها بالجلوس قائلا : _أقعدي.. جلست ليعطي لها النسكافيه مردفا : _ اشربي يمكن أعصابك تهدى مع إني شايف إنك محتاجة لمون بعد الموقف ده.. صغيرة، ضعيفة، بلا سند، هذه هي سارة، جميلة لدرجة من يراها يتخيل أنها دمية، حركت رأسها بحزن على حالها وقالت لنفسها جملتها الشهيرة " من الواضح ان الجمال ميسواش حاجة في سوق الحظ".. أخذت بعدها نفسا عميقا وعدة رشفات من الكوب تستعيد به قوتها ثم قالت : _ عملت كل ده عشان تثبت إني ماليش ضهر مش كدة؟!.. طفلة، طفلة صغيرة بملامح امرأة جذابة، أخذ نفسا عميقا ثم نظر الي ساعة يده ثم إليها قائلا بهدوء : _ لأ عملت كدة عشان أتأكد إن العيب مش فيكي العيب في البيئة اللي طلعتي منها، أنتِ بنت عمي ومن النهاردة أنا ضهرك، حاليا عندي أجتماع مهم ولازم أحضره لما أروح هيبقى لينا كلام تاني سوا وكلام مهم.. _ بس.. رفع حاجبه بنظرة محذرة قبل أن يقوم من مقعده مقتربا منها حتى يوصلها لباب المكتب : _ اششش مش عايز أسمع كلمة زيادة تهز صورتك في عينيا لما أرجع هسمعك وهقولك كل اللي المفروض يتقال يلا يا بسبوسة على البيت.. أومأت إليه بمشاعر تدلف لقلبها لأول مرة منذ وفاة والدها، حنون جداً جعلها تطمئن بأن القادم سيكون تعويض لكل ما مرت به بالسنوات الماضية.. _____ شيما سعيد _____ بخطوات سريعة خرجت من مكتبه لتجد علاء بانتظارها على الباب، آخر شخص تريد رؤيته هو ذلك الحقير، عضت على شفتيها مردفة : _ خير مش اللي مشغلك خدام قالك ارجع شغلك، واقف تعمل ايه هنا يا جوز أختي.. نظر إليها بنظرات تعلمها جيدا منذ زواجه من مريم ثم ألقى عليها غمزة سريعة مردفا : _ ما أنتِ حلوة أهو ليكي في الشمال، أمال عاملة عليا شريفة ليه يا بت أنتِ!!؟ مستفز وهي لا تكره بحياتها رجل مثله، ردت عليه بوقاحة كالمعتاد منها : _ لأنك مش قد المقام معفن يعني وأنا ماشية بمبدأ الغالي للغالي يا معفن.. أشتعلت عيناه بنيران الغضب، جذبها من ذراعها وضغط عليه بكل قوته مردفا : _ هتغوري معايا على البيت وهناك هعرفك مين المعفن اللي لمك من الشارع.. حركت شفتيها بسخرية وبكل ما أتتها من قوة ضربته تحت الحزام ليبعد عنها بألم، أزالت اثر يده من على ذراعها بطرف إصبعها مردفة ببرود : _ الشارع ده أهلي اللي لموك منه لما أبيه محمود أداك البيت تعيش فيه، كفاية كذب يا علاء لأني كشفت كل الورق وأوعدك قريب قوي هرميك إنت ومراتك في الشارع.. أنهت حديثها وخرجت من المكان توعد نفسها وعدا واحدا فقط أنها من الآن وصاعدا ستكون "سارة هانم " يا الله كم هو جميل اللقب ويليق عليها جداً جداً.. عودة لغرفة مكتب محمود أغلق شاشة العرض بعدما رأى وسمع كل ما حدث بغرفة سكرتيرته التي كانت تحضر للاجتماع، مرر أصابعه على ذقنه هامسا : _ طيب وفيها إيه يا ابن علام بنت جميلة وصغيرة بتقولك عايزاك حتى لو مصلحة، إنت الكسبان... _____ شيما سعيد _____ بالمساء.. عاد للمنزل وأول شيء فعله دلف لغرفة نومه، وجد عايدة تتابع أحد البرامج على الهاتف، أغلق الباب خلفه واقترب منها ليجدها ترفض النظر إليه، رفع حاجبه بتعجب مردفا : _إيه ده مش تقوليلي حمدلله على السلامة يا حبيبي زي كل يوم.. نفت بحركة سريعة من رأسها ثم قالت : _ جبت لك عروسة حلوة أوي إيه رأيك تشوفها.. جز على أسنانه بغضب، مل من تلك اللعبة التي ترسمها عليه دائماً، قام من جوارها وأزال جاكيت البذلة عنه ملقيا إياها على أحد المقاعد قبل أن يقول : _ عايدة أنا مش عيل صغير لما أحس إنك مش كفاية في حياتي ومحتاج أتجوز هختار العروسة بنفسي، سيبك من دور الخطبة ده واهتمي بصحتك.. خرج بخطوات غاضبة وتركها تعيد حديثه برأسها، ارتجف جسدها وشعرت ببرودة الجو من حولها، تقول هذا دائماً حتى تسمع جملة واحدة " لا أريد غيرك" لما اليوم غير إجابته، حاولت أخذ أنفاسها إلا أنها لم تستطع فوضعت جهاز التنفس على أنفها قائلة لنفسها : _ كنت عارفة ان وجود البنت دي خطر، يا رب لو هيبقى لغيري خدني قبلها.. بغرفة غيرها دق على الباب عدة مرات حتى أذنت له بالدخول، أغلق الباب خلفه واقترب من مكتبها الصغير، كم تبدو جميلة وهي تقرأ أحد الكتب، أبتلع ريقه مع تدقيقه بملامحها، هل كانت تحتاج لتلك الحمرة حتى تقتـ,ــ,ـله قـ,ــ,ـتلا لا والله شفتيها بمفردها كانت كارثة.. رفعت رأسها إليه بابتسامة لذيذة ثم قالت : _ نورت الأوضة يا أبيه أتفضل.. جلس بطاعة عمياء، جعلتها تبتسم أكثر، تعلم جيدا أنها مسيطرة عليه وهذا يشعرها بالأمان، أعتذرت إليه ببراءة : _ أنا أسفة يا أبيه.. تفاجأ من هذا الاعتذار فرفع حاجبه بتعجب مردفا : _ آسفة على إيه يا بسبوسة؟.. قامت من مكانها ووقفت أمامه مثل الطالب الذي ينتظر العقاب من معلمه، رمشت بعينيها عدة مرات قبل أن تهمس : _ قولت كلام مش كويس الصبح حسسك إني بنت مش كويسة بس أنا عملت كدة عشان خايفة في يوم تزهقوا مني وأنا معنديش مكان تاني أروحه.. أومأ إليها قائلا بهدوء : _ فطبعا قولتي كدة، عشان لو بقيتي مراتي البيت ده هيبقى بيتك وهتفضلي موجودة على طول صح؟!.. أومأت إليه عدة مرات ليكمل ببساطة : _ بصراحة عندك حق.. اتسعت عيناها بذهول، جملة واحدة ولكن معناها لا يبشر بالخير على الإطلاق، سألته بترقب : _ يعني إيه؟!.. قام فجأة، لتعود للخلف جذبها سريعا قبل أن تتحرك خطوة واحدة إضافية، تأمل جمالها الذي يجبره على فعل ما لم يفكر بفعله من قبل ثم همس بنبرة دافية : _ يعني أنا راجل مراتي تعبانة ومحتاج ست وأنتِ بنت زي القمر ومحتاجة أمان، كل واحد يأخد اللي عايزه من التاني وبكده هنبقى خالصين... فهمت، أتى إليها بنفسه وعرض عليها الزواج، يبدو أن خطتها تسير بالاتجاه الصحيح وهذا رائع، رسمت عدم الفهم على معالم وجهها ثم قالت : _ يعني إيه برضو؟!... _ تؤ تؤ دور الغبية مش لايق عليكي خالص يا بسبوسة، أنتِ فاهمة وأنا فاهم يبقى إيه؟!.. _ إيه؟!.. مرر يده على خصلاتها الناعمة، حلاوة رهيبة يود تذوقها بأي شكل من الأشكال، نزل لمستوى طولها ووضع قبلة صغيرة على أنفها الحمراء مردفا : _ معاكي عشر دقايق هنروح لأقرب مأذون هكتب عليكي حالا.. بعد ساعة كاملة كانت بحالة من الذهول، تجلس على أحد المقاعد بمكتب المأذون الشرعي وبالمقابل إليها طاولة كبيرة يجلس عليها محمود بجوار المأذون وبجوارهما رجل غريب يبدو أنه صديق محمود يحل محل وكيلها، أتى إليها محمود وهو يحمل الأوراق مردفا : _ امضي.. ها هي على أبواب جنتها التي وصلت إليها ببساطة لم تتوقعها، تخيلت ان يأخذ الأمر منها أشهر حتى تستطع الإيقاع به ولكنها بعد عدة أيام نجحت بأخذ لقب " زوجة محمود علام".. انتهت من التوقيع لتسمع المأذون يقول بابتسامة : _ مبروك يا محمود بيه مبروك يا هانم.. "هانم " تلك الكلمة بحثت عنها كثيراً والآن تسمعها، كم هي كلمة جميلة وقورة منعشة، تليق عليها وكأنها خلقت من أجل "سارة هانم" ابتسمت وهي تسمع الجملة الأكثر شهرة بتلك المواقف : _ بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير، زواج مبارك إن شاء الله.. _____ شيما سعيد ______ أستغفروا الله لعلها تكون ساعة استجابة ♥️ يا ريت يبقي في تفاعل وتقدير