
بعد ساعة..
بالطابق الأخير بقصر علام كان يقف هو أسفل الدوش يأخذ حمامه الصباحي، أغلق الماء وبخطوات ثقيلة وضع جسده بحوض الاستحمام المزين بالورود البيضاء ورائحة الياسمين المنعشة، زفر بضيق وهو يشعر بالصداع مسيطرا على رأسه، سحب سيجارة من علبته الفاخرة ثم أخذ منها نفسا عميقا وأخرجه بتمهل..
بعد عشر دقائق كان انتهى من ارتداء بذلته السوداء مع رشقة من عطره المميز، أتى صوتها الناعس من خلفه ليلف بجسده إليها مردفا بقلق :
_ كملي نومك يا عايدة لسة بدري..
نفت بحركة سريعة من رأسها مشيرة إليه بالاقتراب منها، نفذ أمرها على الفور جالسا أمامها على الفراش مردفا :
_إنتِ تعبانة أطلبك الدكتور؟!..
بكف مرتجف أزالت جهاز النفس مع على وجهها ثم قالت له بابتسامة مشرقة رغم ملامحها الشاحبة :
_ جبت لك عروسة حلوة أوي يا محمود عبير كانت معايا في الكلية فاكرها..
ظل صامتا دقيقة كاملة وهي تنظر إليه بترقب، يحاول بقدر المستطاع التحلي بالهدوء وعدم الخروج عن السيطرة، عايدة حالتها الصحية تسوء يوما بعد يوم ولهذا يجب عليه الصبر، رفع كفها ووضع عليه قبلة ناعمة ثم قال :
_ مش فاكر حد غيرك ولا عايز حد غيرك ممكن تركزي شوية في صحتك وطلعي الجنان ده من دماغك يا عايدة ..
سقطت دموعها وقالت بتعب :
_ بس ده مش جنان إنت بقى لك أربع سنين عايش معايا كأني أختك، مفيش علاج نافع معايا أنا بمو.ت وإنت مصمم تضيع عمرك، لازم تجيب أخ لمعتز يبقى سند له..
ماذا يقول لها وهي ابنة عمه التي تربت على يده منذ نعومة أظافرها من صغرها تعاني من القلب وزاد الأمر سوء بعد إنجاب معتز ومنذ أربع سنوات داهمها المرض اللعين ليكمل عليها وتستأصل رحمها، اقترب منها مقبلا رأسها مردفا :
_ ورايا شغل مهم ولازم أمشي حالا لما أرجع هبقي أشوف حل في جنانك ده ممكن..
إبتسمت وهي تشعر بحبه لها وتأثيره عليها، تلعب تلك اللعبة دائماً حتى تتأكد من تمسكه بها وبعدها تعود للنوم بارتياح، محمود ملكية خاصة بها ولن تسمح لأي امرأة النظر إليه حتى لو كانت قليل من العظام..
_____ شيما سعيد _____
تنهد بضيق مغلقا باب الغرفة خلفه، وقبل أن يخطو بطريقه للسلم وجد باب غرفة الچيم الخاصة به شبه مفتوحة، عقد حاجبه بتعجب من تجرأ وفتحها والأكثر من صعد للدور الخاص به وبزوجته من حال الأصل؟!..
اقترب من الباب ووضع كفه حتى يفتحه أكثر وهنا كانت الصدمة الكبرى، جنية بيضاء بجسد منحوت، مظبوط الأماكن التي تحتاج الوزن مثالية جداً وباقي جسدها ملفوف مثل قطعة الشكولاته، قصيرة القامة الي حدا ما بخصلات بنية فاتحة تصل إلى ما بعد خصرها، خصلات ناعمة مثل نعومة ملامح صاحبتها، كل ما يظهر منها مميز شفتيها بمفردها تحتاج لألف كتاب حتى يقدر على وصفها..
ساقته ساقه وهو يتأمل بها بدون أن يشعر حتى وصل إليها، اللعنة ما هذا حتى شهقتها ناعمة، معالم الفزع كانت واضحة عليها وهنا سأل نفسه سؤالا واحدا فقط، هل تلك اللوحة الفنية إنسية أم جنية كما توقع؟!.. قررت يده التمرد عليه وقطع الشك باليقين ومرت بخفة على ملامحها..
حقيقية!!! بالفعل هي حقيقة ملومسة بين يديه، سألها بنبرة خشنة :
_ أنتِ حقيقة؟!..
محمود علام أمامك يا سارة ويبدو أنه مثله مثل الباقي مبهور و جداً، فكرة إعجاب رجل مثله بها جعلتها تنتعش، لم تستفيد بحياتها إلا بجمالها والآن فقط قررت استخدامه حتى تعيش ما فقدته بسنوات الحرمان الطويلة..
إبتسمت اليه إبتسامة تعلم قوتها جيدا همست برقة جعلته يرغب بالقرب أكثر :
_ إنت عايزني أبقى حقيقة والا خيال؟!..
هل هناك فرق؟!.. لا والله لا يفرق معه إذا كانت حقيقة أو حتى خيال كل ما يريده الآن فقط القرب، حرك رأسه بنفي هامسا :
_ مش فارق أنتِ مين..
أقتربت منه خطوة واحدة ورفعت نفسها قليلاً بمحاولة بائسة منها للوصول إليه، ابتسم بخفة ووضع يده حول خصرها ليرفعها إليه، ردت إليه الابتسامة بأخرى أكثر حلاوة ثم همست :
_ أنا أيامك اللي جاية كلها يا محمود..
قالتها بلذة أطاحت به ما هذا الحلم اللذيذ الذي يعيش بداخله، لو أنحنى قليلاً وأخذ قبلة هل سيحدث شي؟!. لا والله مادام مجرد حلم لابد أن يستمتع به، وهو غارق ببحر أفكاره ابتعدت عنه وخرجت من الغرفة وكأنها لم تكن موجودة.
فاق على حاله من فقدانه شعور الدفء الذي تلذذ به للحظات، فتح عينيه بصدمة، بالفعل ما عاشه مجرد خيال، مسح على خصلاته مردفا بذهول :
_ يا نهار مش فايت إيه اللي حصل ده يا محمود، من قلة النسوان في حياتك بقى عندك تهيؤات؟!..
______ شيما سعيد _____
بعد خمس دقائق قدر على أستجماع نفسه وبخطوات واثقة دلف لغرفة السفرة ليجد أفراد العائلة بانتطاره، ألقى نظرة عابرة على الجميع ليتأكد من حضور الكل ومثل العادة أول مقعد وقعت عينيه عليه مقعد شقيقه الأصغر طارق وجده يبتسم إليه إبتسامة بلهاء فعلم أنه وبكل أسف فعل كارثة.
اقترب من جدته وقبل رأسها وفعل بالمثل مع والدته السيدة حنان مردفا :
_ صباح الخير يا جدتي صباح الخير يا ماما..
ألفت :