
(( الفصل السابع عشر ))
كان جالس فى منطقه شبه صحراويه ، فذلك المكان الوحيد الذى يأتى إليه عندما يشعر بالاختناق !!!!
خرج من سيارته ليصفق بابها بقوه دليل على اختناقه ، وكان يمسك زجاجه خمر ، وقد أصبح فى حاله شرود !!!
كان نسمات الهواء العليل تداعبه وخيوط الظلام اكبر شئ وعامل مساعد على رجوع ذكريات كثيره من الماضى إلى أغوار عقله خاصهٍ عندما كان فى تلك الحاله !!!
شعر باختناق قوى لكونه خسر رفيق عمره ، ادمعت مقلتى عز الدين عندما وصل إلى تلك الفكره !!
اخذ يتناول المشروب المسكر بحزن عميق ، وبعد دقائق … كان افرغها من محتواها فقذفها وهو يصرخ ب :
_ليه !!!!!
هتف بتلك الكلمه وقد نزلت دموع ساخنه من عينيه وهو يشعر باختناق شديد لم يشعر به من قبل !!
اخذ يتنفس بعمق ليضبط انفعالاته المتشنجه لكنه لم يستطع ، أختنق صوته اكثر وهو يكمل :
_ ليه الدنيا جايه عليا ؟! ليه مطلعش عندى ام زى بقيت الامهات ، ده حتى يوم ما حبيت اتخدعت واتجرحت ، بس انا مكنتش باعترض لانى كان عندى صاحب بيشيل همومى بس النهارده ……….
أغمض عينيه قائلاً بنبره منكسره :
_بس النهارده خسرته ، خسرته للأبد !!!
*********************
جالسه على الأريكه بجمود ، وهى محتضنه صدرها بذراعيها ، وضمت ساقيها معاً ، أخذت تتذكر توقيعها باصابع مرتجفه على وثيقه زواجها ولكن كانت بالنسبه إليها وثيقه هلاكها !!
نزلت دموعها وبدأت ترتفع شهاقتها وهتفت ببكاء يقطع نياط القلوب :
_ربنا ينتقم منك ، ربنا ينتقم منك على اللى بتعمله فيا !!
أخذت تكررها وقد ارتفعت شهاقتها اكثر واحمر وجهها من كثره البكاء ، فإنه ليس اى بكاء ، هو بكاء الذى يقطع نياط القلوب !!
وهى تبكى هكذا .. أخذ يوسوس لها الشيطان بأن تتخلص من حياتها لكى ترتاح ، فلقد اصبح المـ,ـوت بالنسبه إليها اسهل بكثير من خوض ذلك العذاب وبالفعل هبت واقفه وتوجهت نحو ( المطبخ ) ولكن توقفت فجأه وعادت مسرعه لتجلس على الأريكه فشعرت بعدها بارتجاف جسدها ، فهتفت بنبره مرتجفه وهى تهز رأسها بنفى :
_ لا لا مش هعمل حاجه تغضب ربنا ، مش هاعمل حاجه كده ابداً !!!
***************
_فى اليوم التالى !!
_فى فيلا الخاصه بعائله السيوفى !!!
انتهى عز الدين من ارتداء ملابسه فتحرك هو نحو خارج غرفته وبالفعل خرج ولكن قرر ان يدهل غرفه والده لكى يطمئن عليه ، فاتجه بخطوات شبه ثابته وطرق الباب فسمع صوت والده يأذن له فدخل واقترب منه ليجلس وامسك بكفى يد والده ليقبله وهتف بنبره تحمل الجديه :
_صباح الخير يا بابا
_صباح النور
_انت ليه مالبستش ، مش رايح الشغل ولا ايه؟!
_لا رايح ، بس معرفتش انام خالص من ساعت ما جالى الخبر !
_خبر ايه !؟
_انت عرفت ان ياسمين اتخطفت !!
ابتلع ريقه بتوتر وهتف : ايوه عرفت من إيهاب !
_وياترا هتحب تياعدنى انى ادور عليها ولا مش هتساعدنى !!؟
_يا بابا انا مش مرتاح للبنت دى ، شكلها غلط !!
_هو ايه اللى مش مرتحلها وهو انا بقولك اتجوزها ، اقولك على حاجه ، انا مش عاوزك تساعدنى ، واتفضل اقوم علشان البس !!
_يا بابا انت متضايق انى بقول اللى حسه ، انا حاسس ان البنت دى سكتها غلط و..
قاطعه بدران بغضب : ممكن تسكت وتطلع بره وتروح انت كمان شغلك !!
_حاضر يا بابا .. انا خارج
وبالفعل خرج عز الدين من الغرفه وهو يشعر بالضيق وهبط إلى الاسفل وتحرك نحو خارج وقد الفيلا وقرر ان يذهب إلى فيلا إيهاب لمقابله !!
بعد دقائق .. كان وصل عز الدين وتحرك مسرعاً نحو باب الفيلا واخذ يطرق بابها بقوه وهو يهتف بصوت جهورى :
_إيهاب .. افتح يا إيهاب .. إيهاب !!
لم يستمع إلى اى رد فشعر باختناق يطبق عل صدره فتحرك نحو سبارته بخطوات ثقيله وهو يخلل اثابعه فى فروه شعره !!
فتح باب سيارته ليقودها مسرعاً نحو شركته الخاصه !!
*************
_ لو سمحت عاوز اقدم بلاغ رسمى بخطف انثى !
هتف بها إيهاب بجديه عندما ذهب إلى مخفر ، فهتف الشرطى وقد تحفزت ملامحه وهو ينظر حياله باستغراب :
_خطف انثى !!
إيهاب بملامح مظلمه ووجه عابس : ايوه ، محضر ضد عز الدين السيوفى لانه خطف ياسمين صبرى !!
فتحةالشرطى احد الدفاتر القديمه ثم قال وهو يدون :
_ إنه فى يوم ………….
وبدأ الشرطى فى تحرير بلاغ رسمى ، وقام ايضاً بالأجراءات المتعارف عليها من اجل الحصول على امر احضار المدعو عز الدين السيوفى !!
*************
فى شركه عز الدين السيوفى !!
كان جالس عز الدين مع المحامى الخاص به ويتناقشون فى احدى الموضوعات المهمه ولكن فجأه اقتحمت السكرتيره مكتبه ليهتف عز الدين بصوت جهورى :
انتى ازاى تدخلى مكتبى بالشكل ده يا بنى ادمه انتى ؟!
السكرتيره بذعر : سورى يا مستر ، بس فى ظباط بره وعاوزين حضرتك !!
عز الدين وهو يضيق عينيه : ظباط !!
اشار إلى السكرتيره بأن تخرج من مكتبه، لم يكن مكترثاً بتواجدهم او حتى خائفاً منهم ، حدجهم عز الدين عندما دخلوا بنظرات ناريه من اعينه التى تطلق شررا ، استطرد الضابط حديثه متسائلاً بجديه :
_حضرتك عز الدين السيوفى ؟
اجابه بعينين تحولت إلى جمرتين من النار :
_ايوه انا !
اشار له الضابط بيده قائلاً بنبره رسميه :
طب اتفضل معانا !
_نعم !! انت عارف عارف بتكلم مين ؟!
تدخل المحامى الخاص به فى الحوار متسائلا بهدوء كطبيعه مهنته :
_خير يا حضرت الظابط ؟
_فى بلاغ متقدم فى سيادته انه خطف انثى !
(( الفصل الثامن عشر ))
تهجمت تعبيرات عز الدين على الأخير وضاقت اعينه الحمراء حتى بدت كألسنه اللهب ، وظهرت عروق نحره التى اصبحت تنبض بقوه حيث صر على اسنانه بقوه وهتف :
_عملتها يا إيهاب ، عملتها وارتحت !!
رد المحامى بنبره جاده : مدام ياسمين صابر تبقى زوجه الباشا يا حضرت الظابط ، فازاى يخطف مراته ؟!
الضابط بجديه : ممكن اشوف القسيمه من فضلك !
أخرج المحامى ما يؤكد صدق إدعائه ، اطلع الضابط على الأوراق قائلاً بهدوء :
_تمام ، القسيمه مظبوطه ، بس احنا مضطرين نقفل المحضر فى القسم لان البلاغ متقدم ضده !
عز بنفساً عميق : ماشى ، اما نشوف اخرتها !!
(( عقب هذا الحدث بنصف ساعه ))
وصل عز الدين برفقه المحامى إلى المخفر وخرج من سيارته صافقا بابها بقوه ، فهتف المحامى وهو يشير له بيده ناحيه المخفر :
_اتفضل يا باشا
دخل عز الدين المخفر بخطوات ثابته رغم هدوئه المخيف إلا انه مازال يحتفظ بتعابيره القاسيه !!
اتجه الضابط نحو مكتبه وخلف عز الدين والمحامى الخاص به ، وامسك بمقبض الباب واداره ليدخل فهب إيهاب واقفاً ، فهو اراد الانتظار لكى يرى تعابير وجه عز الدين عندما نفذ تهديده ولكن وجده فى حالته كالعاده !!
نظر له عز الدين واقترب منه بخطوات صغيره ثابته واردف بخبث :
_ايه يا إيهاب ، عامل ايه ؟!
إيهاب مضيقاٌ عينيه : انت عملت ايه بالظبط ؟!
زفر انفاسه ثم اخرج سجائره لكى يشعل احداها وينفث بها ببرود وهتف :
_ هعمل ايه يا يعنى ، هو خلاص المحضر هيتقفل !!
إيهاب بغضب : نعم !!!!!! ده ازاى ؟!
رد عليه المحامى بنبره عمليه : مدام ياسمين صابر تبقى زوجه عز الدين باشا السيوفى !
إيهاب بصدمه جليه : ايه !!!
عز الدين بنظره قاسيه وهو يوجه كلامه للضابط :
_ياريت يا حضرت الظابط تسيبنا لوحدنا شويه !!
الضابط وهو يومأ راسه : تمام ، اتفضلوا !
عز الدين بحده : وانت كمان تقدر تتفضل حالياً !
اومأ المخامى رأسه ايضاً ليخرج هو والضابط ، لتبدأ المواجهه بين عز الدين وإيهاب !
حلت الصدمه على وجه إيهاب الذى فغر ثغره مصدوماً مما سمعه ، تجمدت انظاره على صديقه الذى كان ينظر له مترقباً رد فعله بعد ان علم ، تبدلت تعابير إيهاب من صدمه إلى غضب ، حيث اقترب منه مسرعاً ، ثم دفعه بقوه وهو يصرخ قائلاً :
_ليه يا عز ؟! ليه عملت كده ؟!
تراجع عز الدين بضع خطوات بسبب تلك الدفعه ولكن لم يتحمل ذلك فأقترب منه مسرعاً وهتف بصوت جهورى وقد ظهرت روق نحره :
_ لأنك عاوز تسجنى ، عاوز تدمرنى !!
صرخ به الأخير باهتياج :
_تقوم تتجوزها ، تنجوزها غصب، انت ايه !!
هتف بتلك الكلمه الاخيره بصراخ واقترب منه اكثر ورفع يده ليضـ,ـربهوبعنـ,ـف على صدره ناحيه القلب وهو يهدر :
_ايه !! معندكش قلب ؟ خلاص قلبك مات ؟؟
لم يهتز بدنه وهتف بصوت الجهورى وه يشير بسابته :
_إيهاب خلى بالك انا ممكن اقدم محضر ببلاغ كاذب ، بس انا مش هعدل كده ، لانك كنت رفيق عمرى ، وانا مقدرش فيك كده ، بس انت اللى تقدر !
إيهاب بعيون حمراء التى بدت كألسنه اللهب :
_ انا عاوزك تفوق ، فووق بقا ، حرام اللى بتعمله ده ، انا عايش طول عمرى بقولك الكلمه دى ، بس انت ولا هنا ، مبتسمعش كلام اى حد غير نفسك وبس !!
ابتلع ريقه بمرار ولكن هتف بصوت امر :
_دى اخر جمله هقولهالك يا عز ، هو النهارده او بكره بكتير لو مقولتليش مكان ياسمين وطلقتها ورجعتها بيتها ، يبقى تعرف ان خبر خطفها وجوازك منها هيوصل لابوك وطبعاً انت عارف هو هيعمل ايه !! سلام يا .. يا عز !
ثم تحرك مسرعاً نحو الخارج ليكور عز الدين يده وضـ,ـرب بقبضتيه بعنـ,ـف على المكتب وهو بهتف :
_اول مره حد يمسكنى من الايد اللى بتوجعنى ، بس لازم اتصرف حتى لو وصل الامر انى اسافر بره واخدها معايا !
***************
مر الوقت كسرعه البرق وظهرت خيوط الليل المظلم !
_فى فيلا الخاصه بعائله السيوفى !
توجه عز الدين نحو غرفه الطعام بعد ان ابلغته سعاد انه تم وضع العشاء ، فدخل ورأى والده يجلس فجلس هو الاخر بعد ان سحب احدى المقاعد وامسك بالمعلقه وبدأ فى التناول ولكن نوقف وترك المعلقه عندما وجد ابيه لا يتناول اى شئ من الطعام وفى حاله شرود !!
عز وهو يرمقه بنظرات متسائله :
_فى ايه يا بابا ، بتفكر فى ايه ؟
_انا طول اليوم بفكر ، بفكر انى ازاى الاقى ياسمين ؟
عز وهو يصر على اسنانه : ياسمين
_ايوه انت مش عارف يا عز اد ايه هرتاح لو عرفت اوصلها ، مش هقدر اوصفلك الفرحه اللى فقلبى هتبقى عامله ازاى !
عز بغضب : انت مهتم بيها كده ليه ، هاا ، ليه مهتم يا بابا ؟!
بدران : ايه ده ؟ انت ازاى على صوتك عليا وبعدين انت مالك انى اهتك بيها ولا لأ
_لا مالى ، انت ابويا ومش هسمح لحضرتك انك تعمل اللى فدماغك !
بدران وهو يهز رأسه بعدم فهم :
_وهو ايه اللى فدماغى ؟!
_اللى فدماغك انك تتجوزها !
بدران بصدمه : اتجوزها ، انت بتقول ايه يابنى ، انت اتجننت !
عز بانفعال : لا متجننتش ، وكفايه انها بتحاول تأكل بعقلك حلاوه عشان تتجوزها لانك هتلاقيها طمعانه فى فلوسك والله واعلم انها عملت حاجه مع حد ولا …….
لم يكمل عز الدين حديثه فلقد باغته بدران بصفعه قويه على صدغه هاتفاً فيه :
_أخرس
اهتز كيانه ولكن لم يكن السبب هو قوه الصفعه ولكن لانه الاول مره يصفعه ، هدر بدران فيه بغضب :
_دى اول مره اضـ,ـربك فى حياتى عشان بتتهم بنت شريفه ، بس اسمع بقا البنت دى احسن منك ، وانا مش عاوز اكلمك ولا اشوف خلقتك لحد ما تتعدل وتتعلم ازاى تتكلم مع ابوك باحترام وتتكلم عن الناس بطريقه كويسه !
ثم تركه وتحرك نحو خارج غرفه الطعام ليصعد على الدرج متوجهاً نحو غرفته ! ظل عز الدين واقفاً مكانه متصلب الجسد ، غير مصدق ما حدث وما فعله والده ، كور عز الدين يده وهتف بشراسه :
_بقا كده ، بيضـ,ـربى علشانها ، ماشى بكرا هيبقى اسود ايام حياتها واعرف هى عملت ايه فدماغ ابويا ايه بالظبط !
يتبع…