منوعات

قصة قصيرة بعنوان ( و إني لـ صريم الورد عاشقًا )

_ وحشتني اوي يا عمو .
التمعت عينيه التي مازالت تطالعها بشوقٍ تجلى في نبرته حين قال
_ هاانت يا حبيبة عمو كلها كام يوم و تفضلي معايا و في حـ,ـضني على طول .
ما أن استمعت إلى كلماته حتى برقت عينيها و تفشى الخجل أكثر في أوردتها، و كعادتها لجأت إلى الهرب فتركت يد قمر لتتوجه إلى حيث والدها و والدتها ليقوم فاروق بنقل حقائبهم إلى السيارة لتبدأ رحلتهم التي استغرقت ثلاث ساعات ليصلوا إلى بلدتهم و ما أن توقفت السيارة أمام منزل العائلة حتى شعرت بخوفٍ مجهول سببه و خاصةً حين التقمت عينيها زينة التي تقف إلى جوار عمها و زوجته و بجانبهم شقيقتها مُنى !
ترجلوا من السيارة لـ يستقبلهم الجميع بحفاوة و كذلك زينة التي عانقت ورد بحنو كعادتها ولكن تلك المرة لامست الحزن بـ نبرتها حين قالت
_ حمد لله عالسلامة يا ورد .
شعرت ورد بذلك الحزن القاطن في نبرتها و عينيها لتقترب منها و تعانقها بقوة لا تعلم هل تواسيها أو تعتذر منها ولكنها اصطدمت بعينين حادتين تبعثان على الخوف و كانَ لـ مُنى شقيقة زينه التي لطالما كانت ورد تخشاها ولا تُحِب التحدُث معها أيضًا .
دلف الجميع إلى الداخل و استقروا بغرفة الجلوس ليتحدث راضي بحبور
_
_ نورتوا الصعيد كلاته يا خوي .
اجابه ماهر والد ورد
_ منور بأهله يا راضي .
شاركت خديجة زوجها فرحته حين قالت
_ اتوحشناكوا جوي جوي يا إلهام و اتوحشنا أمورتنا الصغيرة و أمها .
ابتسمت ورد من كلمات زوجة عمها الحنون و قالت بلهجة ودودة
_ و انتوا كمان وحشتوني يا مرات عمي .
اخذوا يتبادلون أطراف الحديث ثم توجهوا لتناول وجبة الغداء وسط جو من الأُلفة والمرِح لـ يحين وقت الغروب فتوجهت ورد إلى الأسفل فإذا بها تتقابل وجهًا لوجه مع مُنى التي كانت ترمُقها بنظرات ساخطة يتخللها كُره عظيم لم تحاول إخفائه فتجاهلتها ورد التي شعرت بالنفور و الخوف منها ولكنها لم تُظهِر ذلك و أكملت طريقها لتعترضه مُنى بكُل تبجُح و تقف أمامها فابتلعت ورد ريقها قلقًا و غيرت مسارها الى جهة اليسار لتقف أمامها مُنى مرة أخرى فكان الأمر مقصودً لا يُمكن تجاوزه فرفعت ورد رأسها تناظرها بقوة تُنافي خوفها الداخلي لتقول بنبرة حادة
_ خير . ممكن اعرف في ايه ؟
مُنى بسخرية
_
_ ايه يا عروسه . مهترميش السلام على أهل الدار و لا ايه ؟
ورد بتهكُم
_ أهل الدار انا سلمت عليهم واحد واحد قبل ما اطلع، لكن انتِ مش أهل الدار يا مُنى !
مُنى بقسوة يتخللها بعض السُخرية
_ أكده يا ورد ! دانتِ كبرتي و بجيتي تيعرفي تتكلمي .
ورد بجفاء
_ انا طول عمري بعرف اتكلم يا مُنى، و لو فاكرة اني مش عارفه انك كنتِ بتحبي فاروق و عايزة تتجوزيه تبقي غلطانه. انا عارفه كل حاجه زين الله يرحمه حكالي، و أنا مش هتردد ثانيه احكي كل اللي حصل دا لو مبعدتيش عني، و متفكريش انك هتخوفيني بنظراتك دي ! عشان انا مابخفش.
أنهت ورد حديثها و تجاوزتها تنوي المُغادرة لتتفاجيء بمُنى التي قبضت على رسغها بقوة آلمتها لتقول بقسوة تناثرت من بين كلماتها
_ تيعرفي أن كلامك دا ريحني جوي يا ورد ! عشان أكده اللعب هيبجي عالمكشوف، و خليكِ فاكره ان اللي يلعب مع مُنى يبجي بيلعب بالنار، و أني ناري بتحرج و مبتسميش .
شعرت ورد بالخوف من كلماتها ولكنها أبقت على ثباتها بأعجوبة لتقوم بنزع يدها بقوة من بين أصابعها القاسية لتتوجه إلى الأسفل مُغيرة وجهتها إلى الخارج قاصدة تلك البقعة من أرضهم التي كان مشهدها الآن خلابًا خاصةً في وقت الغروب التي لطالما كانت تعشقه لتأخذها خيالاتها لسنوات مضت ولكنها تفاجئت حين استمعت لنبرة عميقة آتيه من خلفها
_
_ لسه بتحبي منظر الغروب يا ورد ؟
شعرت بفوران في معدتها و ضجيج قوي أحدثتها دقاتها الهادرة فلم تلتفت إليه ليتقدم هو ويقف بمُحاذاتها لـ تقول بخفوت
_ أنت عرفت منين اني بحبه ؟
لاحت ابتسامة خافته على ملامحه قبل أن يقول بغموض
_ أنا عارف حاجات كتير متتخيليش أن انا عارفها .
كسى الخجل ملامحها و اندفعت الدماء إلى وجنتيها لينبُت محصول التُفاح الشهي فوق ساحتهمَ فجاءت نبرتها خافته حين قالت
_ تقصد ايه ؟
آثر تغيير الحديث قائلًا بخشونة
_ مش عايزك تخافي من اي حد و لا من اي حاجه أبدًا يا ورد .
رفعت رأسها إلى ذلك المشهد الخلاب أمامها والذي لم يفلح في ردع خوفها الذي انساب بين كلماتها حين قالت
_
_ هي مُنى دي قاعدة هنا بتعمل ايه ؟
فاروق بجفاء
_ مُنى بنت عمك ، فطبيعي تيجي و تروح علينا، و عمومًا هي بتيجي كل فترة تقعد مع زينة وخصوصًا أن زينة صحتها بقت تعبانه الفترة الأخيرة من بعد آخر سقوط ليها عشان كدا مُنى قاعدة معاها بتخلي بالها منها.
اومأت ورد برأسها و لم تُريد للتطرُق إلى أبعد من ذلك بحديثها معه لتتفاجيء به حين قال بلهجته الصعيدية المُميزة
_ كل حاجه هنا كانت متوحشاكي يا ورد .
تناحرت دقات قلبها و اهتاجت أنفاسها داخل صدرها حين استمعت إلى كلماته التي تحوي الكثير من المشاعر التي لم تبخل عينيه بالتعبير عنها لتلجأ إلى الهرب الذي كان أكثر الطُرُق الآمنه فقالت بتلعثُم
_ أنا أنا . هروح . عشان . قمر . زمانها مستنياني .
تراجعت ورد إلى المنزل وهي تصعد الدرج استرعى انتباهها ذلك الصوت القادم من الحديقة الخلفية فخربش الفضول داخلها لتتوجه إلى مصدر الصوت فإذا بها تتجمد بمكانها حين استمعت لصوت مُنى التي كانت تُقسوة زينة قائلة
_ أنتِ إزاي تسمحي لهم يچوزوه مجصوفه الرجبة دي . إيه معندكيش كرامة واصل ؟
تفاجئت زينة من حديثها وقالت باستنكار
_
_ وه . انتِ كيف بتزعجيلي أكده ؟ و بعدين كنتِ عيزاني اجف جدام عمك و مرته و اجولهم لا عشان يخلوه يطلجني الصبح !
مُنى بانزعاج
_ يطلجك ليه ؟ هو انتِ عملتي ايه ؟ ناجصك ايد وولا رجل اياك !
زينة بحزن
_ ناجصني يا خيتي . بطني مابتشيلش عيال . كلهم بيمـ,ـوتوا جبل حتى ما احس بيهم يدوب يدب فيهم النبض بعدها ينزلوا على طول. عرفتي ليه مجدراش اتكَلم !
مُنى بشماتة حاولت اخفائها قدر الإمكان
_ و هي دي حاچه بيدك . محدش بيختار يبجي معيوب يا بت ابوي .
استقرت الكلمة في مُنتصف قلبها لتقول بنبرة محشوة بالألم
_ اديكي جولتيها معيوبة ، و بعدين فاروق بيحبني و عمره ما هيضحي بيا انا متوكدة من أكده .
شعرت مُنى بالحنق من حديثها فهتفت بانزعاج
_
_ الكلام ده جبل ما يتچوز السنيورة اللي هتخليه يرميكي كيف الكلاب .
جفلت زينة من حديثها و قالت بلهفة
_ انتِ بتجولي ايه يا مُنى ؟ فاروق عمره ما يعمل أكده واصل .
مُنى بتهكم
_ لا يعمل أكده و اكتر من أكده كمان. فاروق دا واعر چوي و يجدر يعمل كل حاچه، و كمان مجصوفة الرجبة دي مش هتتحمل يكونلها ضرة .
زينة بنبرة هادئة حزينة
_ ورد طيبه و غلبانه و مش هتجبل فاروق يظلمني و كمان كانت بتحب چوزها الله يرحمه و مغصوبة ع اللي بيحصول دا .
هتفت مُنى بغِل
_ بزيداكي عبط و تخلف . البت عامله فيها عروسه و چوزك كيف لهبل عينه معتفارجهاش، و بكرة اول ما تتمكن هتخليه يرميكي في الشارع لو موعتيش لنفسك .

انت في الصفحة 3 من 5 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
2

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل