منوعات

رواية بقلم سارة الخلفاوى الاول

شهقت بصدمة ليتعالى صوتها قائلة بحدة:
– نــعــم!!! مين دي اللي تتهرس يا أخينا ده إنت رحمتُه مني، ده أنا كنت هخليه يندم إنه عرفني في يوم من الأيام!!

– ششش!! مش عايز لَت كتير، تعالي إركبي هوصلك!!!
هتف و هو يشير بعيناه لسيارته ذات الباب المفتوح الذي لم يهتم بقفله بعدما رآى ما تتعرض هي له، نظرت لسيارته و بعنف صاحت به:
– رِكبك عفريت يا بعيد!!! إنت شكلك مجنون و عيلتك عارفة!! أركب مع مين إنت فاكرني واحدة من اللي بيتاخدوا ورا مصنع الكراسي ولا إيه ده أنا آآ!!

بتر عبارتها مصدومًا و لأول مرة من تصرفات فتاة أمامه يقول بحدة:
– إخرسي!! بكابورت زبالة إتفتح عليا ولا إيه!!! أنا غلطان إني إعتبرتك زي أختي و جيت أساعدك وىمش عابزك تمشي في إنصاص الليالي لوحدك، بس إنتِ متجيش ربع تربية أختي و لا أدبها، م هي اللي تخرج في إنصاص الليالي و تجّري الرجالة وراها تبقى زبالة و اللي بيتاخدوا ورا مصنع الكراسي أحسن منها!!!

و لأول مرة يشعر بأنه قد ندم على شيء، رأى عيناها تمتلئ بالعِبَرات المكتومة رافض كبريائها نزول دمعاتها، لتصمت للحظات ثم تقول و قد شعر بغّصتها:
– إنت بني آدم زبالة و مش محترم!

ثم إستدارت و تركتُه تذهب للشارع الرئيسي بخطواتٍ بطيئة، وقف مكانه ولم يتحرك خطوة واحدة، لِمَ الذهاب الآن؟ كيف تذهب هكذا و الدمعات مكتونة داخل عيناها لربما ستشوش عليها الرؤية، و لِمَ تلك الرغبة المقيتة في معانقتها و إخفاء جسدها داخل جسدُه لكي لا يرى نظرة الحزن تلك بعيناها، وقف بنظر لها حتى إستقلت ميكروباص و هي شاردة بالفراغ، فـ ءهب لسيارته ليضربةبقدمه بقسوة سيارته ثم إستقلها يذهب بأعلى سرعة لـ مكان بيتها حتى قبل ذهابها هي إليه، صف سيارته بعيد عنها قليلًا كي لا تراه، فـ وجدها تترجل من السياره تسير بعيناها قوّّة تحاول بها مداراة حزنٍ قد تغلغل بمقلتيها ليصل لقلبُه فينخر به كما ينخر السوس بالخشبِ، تنهد بإرتياحٍ عندما إطمئن من دخولها للمنزل، ليشعل محرك سيارته ثم غادر حارتها المتواضعة.

• • • • •

صورٌ مُختلفة بين يداه لها، يقلب بينهما بين كفيه و يقف عِند كل صورة و الأخرى ما يُقارب النصف ساعة، يتأمل كل إنش بها و يُمتَّع عيناه بمِحياها و ضحكتها و عبوسها و عنفوانها، سار إبهامُه فوق شفاهٍ يحلم بضمها بشفيه، و أكتفاٍ صغيرة يحلم بتخبئتهما بين ذراعيه، و خصرٍ يود لو أن يطوقه بذراعيه، أعين لا تنظر سوى إليه، و خصلاتٍ يدفن بها أنفه يستنشق عبقٍ لا يليق سوا بـها هي! لا .. لن يتحمل، سيذهب و يتزوجها الآن شائت أم أبت، نهض بالفعل يرتدي ثيابٍ رسمية تليق به، يصفف خصلاته و ينثر عطره ليترك ڤِلتُه و يترجل سيارتهةو في بضع دقائق كان يصف السيارة أمام بيتها ليثير بذلك تساؤلات الجيران عن ماهية ذلك الشخص، دلف للبناية ثم صعد الدور الثاني و رُفعت يدُه لكس يطرق الباب و لكن أوقفُه صرخاتٍ مكتومة جعلت قلبُه يرتَّج! لم يستطع تمييز إن كان صوتها أم لا لكن هنالك شعور يخبرها أنها هي، لم يطرق الباب، بل ضربُه بقدمُه عدة مرات حتى فُتح الباب الذي لم يتحمل إرتطام قدمُه القوية به، فوجد منظر لن ينساه طيلة حياتُه .. حبيبتُه .. الفتاة التي عاهد نفسه على جعلها ملكُه و بحمايته منذ أول مرةٍ رآها متكومة فوق الأرض و تآوهات مُتألمة تخرج من بين شفتيها، وجهها شديد الزُرقة وشفتيها بيضاء تشهق بين الحين و الآخر، تُنادي بصوتٍ مكتوم:
– مـ .. مـامـا!!!

لم ينتظر، لم يتردد حتى في الهرولة لها و الجلوس على مرفقيه عيناه تسير فوق وجهها و جسدها بقلقٍ يمسح فوق خصلاتها المتعرقة الملتصقة بجبينها يبعدها عن وجهها لكي يراه بوضوح هامسًا و القلق يأكل خلايا جسدُه:
– فيكِ إيه!!!!

لم ترُد عليها سوى بمناداتها لأمها بصوت ضعيف مكتوم، أسرع بوضع يداه أسفل ركبتيها و الأخر على ظهرها يحملها كالريشة بين يداه يغادر بها تلك الشقة يترجل بها من فوق السلم و لأول مرة يشعر بسرعة دقات قلبه حتى كادت تصُم أذنيه، أدخلها سيارتُه ثم قاد هو يتراجع ىلخلف لكي يخرج من تلك الحارة و يذهب لأكبر مستشفى في محافظة الأسكندرية متغاضيًا عن شهقات الجيران و تساؤلاتهم عندما وجدوه حاملًا نور

وصل بها للمشفى ليترجل من السيارة و صوت أنفاسه باتت عاليه من شدة خوفُه عليها، دلف بها للمشفى ليهتف إلى موظفة الإستقبال بحدة يقول:
– العناية فين؟!!!

أسرعت الأخيرة تقول في عجلةٍ و قد علمة هوية من أمامها:
– في الدور التاني ثواني هطلب لحضرتك سرير!!!

لم يستمع لباقي حديثها بل سار على قدميه حاملًا إياها ساخرًا من تلك التي تود أن تجعلها تنام بأحضان الفراش و ليس بأحضانه هو، صعد بها السلم دون أن يستخدم المصعد يحاول جاهدًا إبعاد عيناه عن وجهها، فـ وجهها الشاحب يُفزع قلبُه و يجعله يود أن يضمها لصدره حتى يشعر بإلتصاق عِظامها، وجد في آخر الرواق غرفة العناية فـ سار لها لتوقفه ممرضة قائلة برسمية:
– حضرتك واخد الهانم ورايح على فين يا فندم!!

– عايز أدخلها العناية، حالًا!!!
قال بأعيُن جامدة ينظر ألى الممرضة التي إرتابت من نظراته فـ أسرعت قائلة:
– طيب هجيب تروللي و آجي لحضرتك

– مش هتتحط على سراير، أنا هدخلها!
قال بهلهجةٍ عنيفة فـ هتفت الأخيرة بضيق:
– مينفعش يا فندم تدخل العناية، هي لوحدها لإننا بنلبسها لبس مُعين عشان تدخل!

– طيب بسرعة!!
قال بضيقٍ لا يود أبدًا إضاعة الوقت في تراهات على حساب حياتها، تركته الممرضة واثب في منتصف الرواق، لينظر لتلك المغشي عليها منذ أن حملها، تستند برأسها على صدرُه فـ يتغلغل إليه شعورٍ غريب لم يمر به بـ حياته، رفعها أكثر فـ باتت رأسها فوق مكتبه العريض و أنفاسها تضرب بشرة عنقُه، قاطع ذاك الشعور التروللي و هو يُجر بواسطة تلك الممرضة، وضعها فوقه برفق ثم أزاح خصلاتها من فوق جبينها ينظر لوجهها للحظات ثم تركها، لتلج داخل الغرفة المُجهزة، و يدلف ورائها أكثر من طبيب بعدما علموا أن المستشفى الخاصة بهم نالت شرف وجود فريد الزيات عِندهم، أوقف أحدهم يقول له بمُنتهى الهدوء:
– لو جرالها حاجه، هقفلكوا المستشفى دي! و إنت عارف فريد الزيات لما يدي كلمة و لو متعرفش .. أعرَّفك!

انت في الصفحة 3 من 9 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
10

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل