
لكن شهقت عندما وجدته يرتدي نفس ملابس البارحة فهتفت بحيرة:
– يوه!!! إنت لسه بلبسك ليه؟
قال فريد بمكرٍ:
– هو في عريس بردو هيفضل بلبسُه في ليلة دخلتُه يا حجّة، أنا لبست نفس اللبس عشان ماشي، و قولت لـ نور إني هاجي كمان ساعتين و هاخدها عشان نقعد في ڤيلتي!!
إبتسمت نادية بفرحةٍ و غمغمت:
– ربنا يسعدكوا يابني، روح إنت شوف مصالحك عقبال هي ما تجهز و تلبس!!!
أعطاها إيماءة خفيفة ثم ذهب بالفعل، دلفت نادية إلى نور فوجدتها جالسة على الفراش شاردة أمامها لتجلس جوارها تقول بحنان:
– مبروك يا نور!!!
نظرت لها نور بحدة ثم صرخت في وجهها:
– مبروك!!! جوزتيني لشخص معرفوش و لا طايقاه و بتقوليلي مبروك!!!!
إحتدت نبرة نادية لتهدر بعنف:
– أنا عملت اللي فيه مصلحتك .. ولا ةكُنتي حابة الناس يتكلموا عليكِ و يمرمغوا بشرفك الأراضي!!!!
– إنتِ اللي سمحتيلهم بكدا ياما!!!
هتفت و لأول مرة يحمل صوتها ذلك الجرح، لتذرف دموعًا أليمة تصرخ بها بصوتٍ قد بُحَّ:
– إنتِ اللي شكيتي في شرفي قبلهم .. مع إنك أكتر واحدة عارفاني و مربياني و عارفة إني محبِش الحال المايل و لا العوَجان!!!
طالعتها نادية ببعضِ الندم و لم تجيبها، لتكمل نور بألمٍ:
– ليه ياما .. ليه رميتيني الرمية دي!!!
صاحت بها نادية بإحتجاجٍ:
– رمية!!! رمية إيه يا بنت بطني!!!! ده إنتِ متجوزة راجل أُبهة معاه شيء و شويات و لو مشي على الفلوس كدا متخلصش، إنتِ مش شايفة عربيته!!! و بعدين ده مش راجل مكحكح كبير في السن .. ده شاب أهو و في عز شبابُه يعني مافيهوش عيب .. و بسم الله ما شاء الله عليه زي القمر و ستات و بنات الحارة إمبارح كانوا هيتجننوا عليه و مالهمش سيرة إلا هو!!! فـ متقوليليش رمية يا روح أمك إنتِ متجوزة جوازة مكُنتيش تحلمي بيها!!!
– و أنــا!!! هو أنا مش في حساباتك خــالـص!!! إنتِ أُم إزاي رُدي عليا، رفعتي على أبويا خلع زمان و سيبتيه بحسرتُه و منعتيه يشوفني و مات لوحدُه في شقتُه بعد ما حسرتيه بجوازك من راجل زبالة بَص لبنتك و طِمع فيها و إنتِ عاملة نفسك مش واخدة بالك عشان بيتك ميتخربش!!!!
نظرت لها نادية مصدومةً، و لم تكبح غضبها فـ تلقت نور صفعة منها جعلتها تصمتت للحظات واضعة كفها فوق وجنتها، لتلتفت بوجهها لها تقول بـ قهرٍ:
– أنا مش مسامحاكِ، و أنا فعلًا همشي مع جوزي و مش هتعرفي عني أي حاجه تاني!!!!
ألقت نادية الملابس في وجهها و صرخت بها:
– في ستين داهية تاخدك و تغوري من حياتي!!!
ثم غادرت، لم تؤلمها صفعتها بقدر ما ألمتها كلماتها التي بصقتها في وجهها و ذهبت، و كأنها ليست فلذة كبدها .. بل كأنها بالأساس لا تمُت لها بصِلة، إرتمت نور على الأرض تاركة العنان لصرخات بُكائها التي كتمتها منذ سنوات رافضة ذرف دمعة واحدة، بكت و صرخت حتى شعرت بأحبال صوتها تتقطع لتضـ,ـرب فوق الأرضية بكلتا كفيها و خصلاتها تنسدل على وجهها، دخل جسدها في حالة من الرجفة تمقتها، فـ هي كُلما حزنت حُزنًا شديدًا يفوق طاقتها الذهنية و الجدية ترتجف كـ طفلٍ يقف وحدُه في ليالي قارصة البرد و الأمطار تنهمر فوق رأسه، ظلت تبكي و ترتجف لأكثر من ساعة نائمة على الأرضية في وضعٍ جنينيّ لا يصدُر منها سوى همهماتٍ هافتة بـ:
– بـ .. بابا!!
لم تعي دخول فريد الغرفة، الذي إرتسمت الصدمة على مِحياه و هو يراها على تلك الحالة، خطى نحوها لينزل لمستواها يميل بجسدُه عليها يُبعد خصلاتها المُلتصقة بجبينها من شدة تعرُقها، ينظر لوجهها شديد الإحمرار و إلى شهقات بُكائها النابعة منها، نزلت عيناه لجسدها الذي يرتجف بـلا رحمة أسفل تلك المنشفة، و في لحظاتٍ كان حملها بين ذراعيه ليُريح جسدها فوق الفراش، نظر لـ علامات الأصابع التي تركت أثرًا بغيضًا على وجهها فـ إشتعلت عيناه و بدون وعيًا منه أطاح بمزهرية كانت تجاور الفراش فسقطت أرضًا، لينتفض جسدها من ذلك الصوت العالي الذي إقتحم أذنها، جلس جوارها ليحاوط وجهها بكفيه يُردف:
– سامعاني يا نور؟
أومأت و لازالت الدمعات تُذرف من عيناها المُغمضة، فـ همس برفقٍ:
– طب إفتحي عينيكِ .. بُصيلي!
أظهر عن عيناهت و ليتها لم تفعل، فـ مجرد النظر لـ بُنيتها الدامعة تجعل قلبه يُعتصر، أعاد خصلاتها للخلف و قال بهدوء:
– أمك اللي ضـ,ـربتك؟
أومأت مجددًا لتزداد وتيرة إرتجافها فـ نامت على جنبها تضم قدميها لصدرها في محاولة بائسة لتهدئة جسدها، مسح فوق خصلاتها بحنان لأول مرة يظهر في تصرفاتُه معها، إنزاحت المنشفة قليلًا من على جسدها ولم تنتبه، فـ جلب بذراعه الطويل ملابسها المعلقة على الأرض بعد أن مال على الأرضية قليلًا، ثم دفع كتفها برفق لكي تنام على ظهرها، تنهد و همّ بـ القبض على تلك المنشفة و إزاحتها بعيدًا لكنها قالت برُعب تضم المنشفة لصدرها:
– إنت هتعمل .. إيه!!!
– هلَبسك يا نور!!!
هتف هو بهدوء لكن أسرعت هي نافية بفزع:
– لالالالا … سيبني .. أنا هلبس سيبني!!
– هتقدري؟
قال و هو يراها تعتدل في جسدها تحاول بيأسٍ سحب المنشفة لأسفل لكي تخفي فخذيها تومئ مسرعةً، لم ينتوي الضغط على أعصابها أكثر من ذلك فتركها و خرج من الغرفة، لتخرج هي الأخرى بعد دقائق ما إن إرتدت ثيابها، نظر لعيناها التي شردت في نقطة فارغة ليقف أمامها، رفع ذقنها بإبهامه و سبابته معًا يسألها و عيناه تتشرب مِحياها:
– إنتِ كويسة؟
إبتسمت ساخرة، فهي تُقسم أن طيلة سنوات حياتها لم يسألها أحد ما إن كانت بخير أم لا، أجابتُه بإبتسامة فاضت ألمًا:
– مش هتفرق!
سحب كفها بـ كفُه ليغادرا بصمتٍ، ترجلا من الدرج ليخرج منذر من الشقة في ذات الوقت، طالعتُه نور بـ مقتٍ ليصع فريد كفه فوق خصرها و يخفيها وراءُه، أراد الآخر إستفزاز فريد فـ قال بـ خبثٍ:
– هتوحشيني .. قصدي هتوحشينا يا نور!!!
لم يتحمل فريد الذي كان ينتظر أقل خطأ من ذلك الرجل لكي يُريه من هو فريد الزيات، إندفع نحوه وسط صـ.ـرخات نور المصدومة ليسدد له لكـ.ـمات في وجهه أوقعتُه أرضًا، مال فوقه و أمسك تلابيب قميصه ليرفعُه من فوق الأرض ثلاثة سنتيمتر ثم أنزلهُ بقسـ.ـوة ليصرخ الآخر بألمٍ من فقرات ظهره التي شعر بها تهـ.ـشمت و كلمات فريد تقتحم أذنيه:
– يا إبن الـكـ** يا نِجس!!!!
إندفعت نور نحو فريد تمسك بكتفُه قائلة برجاء:
– خلاص خلاص سيبُه لو سمحت!!!
خرجت نادية من شقتها لتشهق فورما رأت ذلك المشهد أمامها، ركت جوا زوجها تتمسك برأسه و هي تراه يكاد يغشى عليه تصرخ به:
– مـنـذر!!! حبيبي قوم!!!
نهض فريد عنه و صدرُه يعلو و يهبط بيننا نور تتمسك بذراعه لكي لا يفعل شيء آخر، لترفع نادية وجهها لهم تصرخ بهم بإنفعال:
– إنت غـبـي!!! إيه اللي إنت هببتُه ده!!!!!
كاد أن يندفع بجسدُه لها لولا كفي نور التي تشبثت بذراعُه مُقربة جسدها منه ترجوه بهمس:
– خلاص يا فريد!!!