
إنتبه إليها ، لجمالها الخاطف للقلوب والعقول، إبتسامتها الساحرة التي تعطيها الي بصدر رحب، وفوق هذا وذلك فستانها الوردي الذي يصل إلى بعد ركبتها بقليل، نظرت إليه ببراءة قائلة :
_ هو أنا محتاجة أخد ميعاد عشان أقابل حضرتك يا أبيه؟!..
لا يا صغيرة، أنتِ قادرة على دخول أي محل بلا سابق أذن، قالت السكرتيرة بقلق :
_ أنا أسفة يا مستر محمود بس هي دخله غصب عني مع اني قولت لها أكتر من مرة إنها لأزم تاخد معاد..
هو ليس معك على الإطلاق لا يرى غيرها، أستغلت سحرها الواضح عليه وأقتربت منه بخطوات رشيقة لتجلس على المكتب أمامه مردفة :
_ مش أنا أقدر أجاي في أي وقت يا أبيه صح؟!..
مثل المسحور اجابها :
_ صح..
_ وأقدر ادخل هنا من غير اذن أي حد صح؟!…
_ أممم صح..
حركت كتفها بدلال والقت نظرة سريعة على السكرتيرة مردفة :
_ سمعتي بنفسك روحي بقى أعمليلي واحد نسكافية..
نظرت الأخرى لرب عملها منتظرة منه أي ردت فعل تدل على وجوده معاهم بأرض الواقع الا انها لم تجد، حركت رأسها بذهول وقالت قبل أن تخرج من المكتب :
_ هو شرب إيه بالظبط الراجل كان زي الفل من شوية، بس البنت مزة بصراحة وتستحق حالة السكر اللي هو فيها دي..
أصحبت معه بمفردها فقالت بعتاب :
_ زعلانة منك بجد أخص عليك يا أبيه..
عاد أخيراً محمود علام، إبتسم إليها إبتسامة رجولية بها معنى واضح جعلها هي الأخرى تبتسم ثم سألها :
_ مش حاسة انك مهتمية بيا زيادة عن اللزوم؟!..
أومات إليه ببساطة قائلة :
_ ده حقيقي فعلاً، الغريب بقى أنك عامل مش واخد بالك… قولي بقى بتهرب من وجودك معايا في مكان ليه؟!…
أعتدل بجلسته قائلا بقوة :
_ مين اللي قالك كدة؟!…
لعبت ساقيها بالهواء ثم ألقت عليه غمزة شقية :
_ محدش قال أنا شوفت بعيني، كبير العيلة اللي مش بيفوت جالسة عائلة ولا أي واجبة بقيت كل الواجبات هنا في الشركة، أكيد ومن غير لحظة تفكير تبقى بتهرب مني ومش عايز تشوفني..
بحركة جرئية قرب مقعده منها ثم رفع كفه يده ليلمس خصلاتها الناعمة بين يديه، ما هذا حتى شعرها ذات رائحة مميزة، أخذ نفس عميق وقال بنبرة صوت باردة :
_ لو أفتراضا إن ده صح، يهمك في يا صغنونة؟!..
حركت رأسها برفض قائلة :
_بلاش صغنونة دي خليها بسبوسة بتطلع منك أحلى كتير..
_ وماله عايزة إيه يا ست بسبوسة؟!..
قامت من مكانها ودارت حولها نفسها عدة مرات بخفة قبل أن تعود إليه بابتسامة واسعة مردفة :
_ أنت عارف أنا عايزة إيه بس عايز تعمل نفسك مش عارف..
جذبها لتجلس فوق ساقه، الأمر وصل بينهما سريعاً الي درجة الا رجوع، نظر داخل عينيها ليري اصرارها العجيب عليه فقال ببعض السخرية :.
_ عيلة صغيرة وحلوة عايزة إيه من راجل متجوز وأكبر منها..
تحولت نظراتها لأخرى حزينة، سأله رغم بساطة إجابته الا إنها تشعر بالتخبط، ربما مرارة أيامها جعلتها تفعل أشياء بعيدة عنها كل البعد، دائماً ما تضعها الحياة بمواقف أكبر منها وتجعلها تذهب بقدميها الي حافة الهوية، أخذت نفس عميق وقالت إليه بكل صراحة :
_ فلوس، عايزة حياة أحس بيها بالأمان واني قادرة أقف قصاد الكل، مش عايزه أبقى زي أبويا، عايزة مصلحتي وكل ده معاك أنت، أنت محتاج ست وأنا مش أي ست وأنا محتاجة حياة ومش أي حياة…
صدم بالفعل لم يتوقع إن تكون بهذا التفكير أو بتلك الصراحة، ما هذا يا فتاة ما هذا؟!.. أبتلع ريقه لتقوم من على ساقه ببعض التوتر، جلس على المقعد المقابل للمكتب منتظرة أي ردت فعل منه، عضت على لسانها بغيظ من حالها يبدو أنها صدمته بها ولكن ملت من لعبة الدلال تلك..
دقيقة كاملة مرت وهو ينظر إليها بلا حرف واحد، شارد بها وعقله متوقف عن العمل، تبدو ان الملامح البريئة بمفردها غير كافية على فهم الشخص، حمحمت قائلة :
_ أنت كويس يا أبيه؟!..
ضحك ضحكة خرجت من أعماق قلبه، حمقاء يا صغيرة ألقت بنفسها داخل الجحيم دون أن تدري، ربما أخطأت بالعنوان وربما لا تجمع المعلومات الكافية حتى تعلم أمام من ألقت نفسها..
قام من فوق المقعد وبخطوات ثابتة وصل إليها، جذبها لتقف أمام ثم سألها بنبرة مريبة :
_ فاهمة معنى كلامك إيه؟!..