
أومأت برأسها بصمت فقد كان الخزي يتوج ملامحها في تلك للحظه فجاء طلبه لينقذها إذ قال بفظاظه
” عايز اشوفه ”
للمرة الثانيه أومأت برأسها و توجهت للداخل كي تحضره بينما كانت «فرح» ما تزال بمكانها لا تستطيع أن تواجهه فقد خسرت كل شئ أمامه تجردت من كل شئ تحت أنظاره
فتولد عندها شعور مفاجئ بحاجتها للإختفاء !
تود في تلك اللحظه أن تكون شئ غير مرئي مجرد سراب فلم تعد لديها طاقه للجدال أو النقاش أو أي شئ.
فالحياة تستمر بمعانداتها و إعطاؤها صفعه تلو الآخري حتي فقدت قدرتها علي التحمل لذا حاولت الإنسحاب خلف «جنة» هربًا من نظرات شامته لابد و أن ترتسم بعيناه في تلك اللحظه و لكنها لم تقدر علي تحملها . و ما أن تحركت تنوي الهروب حتي وجدت يد فولاذية تمسك برسغها تمنعها من الحركه تلاها صوتًا هادئًا يناديها
” فرح !”
حاولت أن تشحذ بعض قواها الخائرة و ألا تجعله يراها مهزومه بتلك الطريقه فلتواجه للنهايه و لتكن دائمًا مرفوعه الرأس .
أخيرًا رفعت رأسها تناظره فصدمها ذلك الدفء الغريب منبعثًا من عيناه التي بدت و كأنها تؤازرها في مصابها حتي أن ملامحه كانت هادئه خاليه تمامًا من أي سخريه أو شماته كما توقعت و لكنها تجاهلت كل شي و قالت بنبرة جافه
” نعم !”
خرجت نبرة صوته لينه بعض الشيء ففاجأته بقدر ما فاجأتها
” جنة عندها حق . أوعي تزعلي منها ”
لاحت إبتسامه ساخرة علي ملامحها تتنافى مع لهجتها المريرة حين قالت
” بتدافع عن جنة قدامي ! دا يوم المعجزات بقي !”
أستعاد سالم ملامحه الجامدة و قست لهجته قليلًا حين قال
انا مبدافعش عنها بشخصها لكن كلامها صح . الموضوع المرادي أكبر منك .”
فرح بمرارة
” بجد ! عمومًا مش زعلانه عشان عارفه أنها هترجعلي في النهاية بعد ما تاخدوا إلي أنتوا عايزينه منها ”
قطب جبينه و إزداد عبوس ملامحه قائلًا بعدم فهم
” يعني إيه ناخد إلي إحنا عايزينه منها !”
فرح بقسوة
” إبن أخوك ! مش دا إلي جابك ورانا لحد الدكتوره و طبعًا أكيد كنت مراقبنا قبلها عشان كدا عارف مكان بيتنا كويس ! طبعًا أخوك الله يرحمه طلعله طفل من تحت الأرض و أنا عذراك دا حقك إنك تتمسك بيه . لكن مصير جنة إيه بعد كدا ؟ أقولك أنا هترجع تاني مكان ما جت و تقضي بقيت حياتها تتعذب علي ضناها إلي أنتوا هتاخدوه منها ”
ضاقت عيناه و إسودت ملامحه من حديثها الذي صدمه كثيرًا فقال بإستنكار غاضب
” أنتي إزاي متخيلانا بالبشاعه دي ؟”
فرح بغضب
” لا دانا متخيلاكوا أكتر من كدا ”
سالم بحدة
” ليه ؟ إيه السبب ؟”
صرخت بقهر
” عشان مشفتش منكوا غير كدا .. أخوك من أول ما دخل حياتنا بوظها و دمر أختي و حول حياتنا لجحيم و أخوك التاني فجأة لقيناه داخل علينا عمال يهدد و يقل أدبه و بمنتهي البجاحه بيقول هعلمكوا الادب . مشوفتش منكوا حاجه واحده بس كويسه تخليني أآمن علي أختي معاكوا ”
” طب ما تجربي أنك تقربي أكتر يمكن تغيري رأيك ! ”
لا يعلم كيف غافلته الكلمات لأول مرة بحياته و خرجت مندفعه من بين شفتيه فصدمته بقدر ما صدمتها !
في البدايه ظنت أنها تتوهم و لكن لا . فقد أخترقت كلماته سمعها حتي أن قلبها إرتجف رغمًا عنها. تري ماذا يقصد بتلك الجمله ؟ هل يشير إلي نفسه فهي ذكرت شقيقيه بينما لم تأتي علي ذكره !
” مفهمتش ! تقصد إيه ؟”
هكذا تحدثت بخفوت
” أقصد إن كلامي مكنش علي جنة بس ؟ ”
هكذا أجاب بعدما أستعاد ملامحه الصارمه و لهجته الخشنه و تجاوز عن ذلته محاولًا إنقاذ هفوته التي لا يعلم كيف حدثت ؟
لم تفهم ما يقصد و كان عقلها توقف عن العمل فسألته بخفوت
” تقصد إيه ؟”
وصل إلي نقطه معينه من الحديث كان يريدها في أعماقه و الآن قد حان وقتها لذا قال بتمهل
” قصدي إنك تيجي معاها ”
برقت عيناها من حديثه و لوهله شعرت بالصدمه تجتاح كيانها فعجزت عن الرد لثوان في حين أن عيناه كانت تبحر فوق معالمها المصدومه و شفاهها المرتعشه فأستغل فرصة تبعثرها بهذا الشكل و قال بعتاب ماكر
” أكيد مش هتسيبي أختك و هي في الظروف دي وسط ناس متعرفهاش ! ”
نجحت كلمات في زرع الأشواك بصدرها و قد تجلي ذلك علي ملامحها فتابع ليصُب النار علي البنزين
” مهما كانوا الناس كويسين و هيعاملوها حلو أكيد هتكون محتجالك . بالرغم أنها عمرها ما هتقدر تطلب منك دا !”
كان محقًا و مقنعًا للحد الذي جعلها لا تستطيع أخذ أنفاسها و هي تتخيل شقيقتها تُعاني وسط هؤلاء البشر و لا تجد أحد يدافع عنها أو تبكي علي صدره !
إنقبضت ملامحها حين مر ببالها هذا الخاطر و آلمها قلبها كثيراً و قد شعر هو بذلك و لام نفسه بشدة علي إضفاء المزيد من الوقود إلي خزان أحزانها و لكنه عزم علي شئ و لن يتراجع عنه أبدًا .
” أنت طلعتلي منين ؟”
كأن سؤالها غريبًا وقحًا و غير متوقع و المثير للدهشة أنه أثار بداخله رغبه قويه في الضحك و لكنه حافظ علي رزانته و تعقله قائلًا ببساطه
” قدرك !”
” الأسود ! قصدك قدري الأسود ”
زادت رغبته في الضحك حين سمع إجابتها و لهجتها التي تعج بغضب مكتوم و لكنه مارس قوه كبيرة كي لا ينفجر أمامها ضاحكًا و أكتفي بأن يقول مؤنبًا
” أستغفري ربنا . عيب واحدة مؤمنه زيك تقول كدا !”
خرجت الكلمات من بين أسنانها مع زفير قوي حملته كل ما بداخلها من غضب من هذا البغيض ! أجل هذا هو الوصف الملائم له
” أستغفر الله العظيم.. ”
خرجت جنة تحمل الورقه بين يدها و سلمتها إليه بينما فرح توجهت كالأعصار إلي الداخل و ما كادت تدلف إلي غرفتها حتي تجمدت في مكانها حين سمعت صوته الخشن و هو يقول بنبرة عاليه قاصدًا أن تصل إليها
” بعد بكرة العربيه هتيجي تاخدكوا و تطلع بيكوا عالمزرعه بتاعتنا في إسماعيليه. جهزوا نفسكوا ”
قطبت جنة حاجبيها قبل أن تقول بإستفهام
” نجهز نفسنا ! هو حضرتك تقصد مين ؟”
أجابها و عينيه مثبته علي تلك التي عادت أدراجها للخارج تحذره من فعلته النكراء التي ينوي عليها فوجدت نظراته المتحديه و نبرته الصارمه حين قال
” أنتي و فرح ! ماهي مش هتقدر تسيبك لوحدك في الظروف دي ”
تبدلت ملامحها علي الفور لفرحه لا تستطيع وصفها و قالت بذهول
” أنت بتتكلم بجد ؟”
لم يقطع تواصلهما البصري بل قال بتسليه و عيناه تتحداها أن تستطيع الرفض
” أهي عندك أسأليها!”
ألتفت جنة للوراء فوجدت فرح تقف خلفها و عيناها يتقاذف منها الجمر و لكن من فرحتها لم تلاحظ شئ فاندفعت تجاهها تحتضنها وهي تقول بتوسل خفي
” صحيح الكلام دا يا فرح ؟ أنتي موافقه تيجي معايا ؟”
أرسلت عيناه إليها جمله صريحه لم تخطئ أبدًا في فهمها
” هل يمكنكِ الرفض ؟”
أشتدت يدها حول شقيقتها بينما أبتلعت غصة غاضبه شكلت ألمًا هائلًا في منتصف حلقها قبل أن تقول من بين أنفاسها
” موافقه !!”
يتبع…
القبضة الخامسة ✊❤️🔥
كان شفائي منك الأنتصار الأعظم في حياتي !
و لكنه كان إنتصار حزين للغايه. فللآن مازالت مرارته عالقه بجوفي ! و لكني ممتنه و كثيرًا للقدر الذي أنقذني في الوقت المناسب . فها أنا عُدت للحياة مرة آخري و لكن بقلب مُصا،،ب بداء الحذر في التعامل مع البشر و الذي يجعلني في مأمن من خذلان آخر لا املك القدرة علي إحتماله !
و هذه هي الثمرة الوحيدة التي جنيتها من بساتين الوجع الذي خلفها غدرك بقلبي …
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
أن تمارس الظروف سطوتها علينا و تُجبرنا علي فعل أشياء لم تكن في قائمه إختياراتنا لهو أمرًا مقبول نسبيًا برغم صعوبته . لكن عندما يجبرك أحدهم علي فعل ماهو دونًا عن إرادتك مستخدمًا طرقً ملتويه لدفعك في مسار مختلف عن دربك الذي برغم صعوبته و لكنه كان اختيارك . لأمر عظيم يصعب علي عقلك تحمله !
هكذا كان تفكيرها منصبًا علي كيفيه إجباره لها علي قطع وعد لم تكن لديها النيه أبدًا في تنفيذه أو النطق به !
فجعلها في وضع صعب خاصةً مع شقيقتها التي لم تنفك منذ البارحه في إحتضانها و إخبارها بمدي إمتنانها كونها ستجاذف بكل شئ و ستأتي معها و ما زاد من عنائها أكتر تلك الجمله المؤلمه التي ألقتها علي مسامعها و هي مستلقيه بين أحضانها
” عارفه يا فرح . أنا مكنش هيعدي عليا يوم هناك . كنت يا هموت من الخوف يا من الوحده يا من الضغط النفسي . أنا لما سالم بيه قال هتيجي تعيش معانا أتخيلت نفسي للحظه وسط الناس دول و في وضعي دا بحس إني جسمي كله بيرتعش و قلبي هيقف دا حتي حازم الله يرحمه كان بيهرب منهم بأي شكل و أهو أبنهم أومال أنا هعمل معاهم إيه؟
أنا لو قعدت أشكرك عمري كله انك وافقتي تيجي معايا و متسبنيش في الظروف دي عمري مش هيكفيني ”
” اللعنه عليك أيها المغرور ” هكذا تفوهت بداخلها و هي تقطع ذلك الشارع الطويل المؤدي للحديقه التي تقع بالاتجاه الآخر أمام البنايه التي تقطن بها فهي لم تنم منذ البارحه تفكر و تفكر و دائمًا ما كان تفكيرها يأخذها في أن تنهي حياة ذلك البغيض أو تسقط علي رأسه بعصا قويه علها تزيل ذلك الغضب المُتقد بداخلها من هذا الوضع الذي أجبرها علي القبول به و لا تعلم كيف السبيل لها في تغييره لذا فكرت في أن تخرج لإستنشاق بعض الهواء النقي عله يهدئ من نيرانها قليلًا و يساعدها في إتخاذ القرار الصحيح فهمت بإرتداء معطف ثقيل يقيها من برد أيام كانون التي تشبه الصقيع في برودتها و لم تهتم لجمع شعرها أو لإرتداء نظارتها و ألتقطت مفتاح الشقه و خرجت بهدوء حتي لا تستيقظ شقيقتها مندفعه إلي الخارج لتصـ,,ــطدم بالبرد القارس الذي لفح صفحه وجهها فوضعت يدها في جيوب معطفها و سارت تفكر في معضلتها التي سلبت النوم من عيناها !
علي الجهه الآخري كان سالم الذي وصل للتو لشركته لينهي بعضًا من الأعمال المتراكمة حتي يسثني له الذهاب إلي مسقط رأسه مدينه الاسماعيليه ليتحدث مع والدته و من بعدها عائلته في الوضع الجديد الذي فرض نفسه علي حياتهم و لكن لا حيله لهم في إختيارات القدر .
عندما كان منهمكًا في عمله أتاه اتصال من ذلك الرجل الذي كلفه بمراقبه الفتاتين فأجابه علي الفور ليقول الراجل بإحترام
” سالم بيه في حاجه غريبه حصلت و قولت أعرفها لحضرتك ”
سالم بترقب
“حصل إيه ؟”
الرجل بعدم فهم
” في بنت خرجت من الشقه إلي حضرتك مكلفنا نراقبتها يعني مختلفه عن البنتين إلي عايشين فيها . ”
قطب سالم جبينه و قال بإستفهام
” يعني إيه مختلفه ؟”
الرجل بحرج
” يعني حلوة ! شعرها فانح و طويل . و لبسها مختلف . مش البنت الصغيرة و لا البنت الكبيرة معرفش دي مين أو جت أمتا إحنا والله مراقبينهم كويس أوي و محدش جالهم خالص عشان كدا محتار !”
صمت لبرهه قبل أن يقول بفظاظه
” دي فزورة و المفروض أحلها يعني ! مانتوا لو واخدين بالكوا من شغلكوا كنتوا عرفتوا دي مين و راحتلهم امتا؟”
تحرك الرجل حتي وصل إلي مكان قريب نسبيًا منها فشعر بأنه يعرفها و لكن لا يزال حائرًا لذا قال محاولا إمتصاص غضب سيده
” والله لله يا سالم بيه عنينا ما غفلت لحظه . بس ..”
قاطعه سالم بفظاظه
” تعرف تصورهالي ؟”
أجابه بلهفه
” آه طبعا أعرف . ”
سالم آمرًا
” من غير ما تاخد بالها ”
أغلق سالم الهاتف و ظل ينتظر الصورة و هو يفكر في هوية تلك الفتاة الغريبه التي يصفها الحارس و ماهي إلا دقيقه وصلته رساله علي هاتفه فسارع بفتحها و للحظه تسمرت ملامحه علي تلك التي كانت مغمضه عيناها و شعرها يتطاير خلفها بجنون بفعل الرياح فبدت كشمس حارقه متوهجه تتناقض مع برودة الطقس التي تحيط بشخصيتها الآخري ! نعم كانت هي تلك التي تتخذ من الجليد ستارًا تُخفي بها ملامحها صاعقه الجمال و شعرها الغجري الذي كانت تقمعه خلف تلك التسريحه البشعه دافنه جماله و روعته . هل تلك المرأة مجنونه أم ماذا ؟ فجميع النساء لديهم غريزة إظهار جمالهن و الحفاظ عليه بينما هي تقمعه بقسوة خلف تلك النظارات الطبيه البشعه و ذلك المظهر الذي يجعلها كعجوز شمطاء و لا يليق بسنوات عمرها التي لم تتجاوز الثمان و العشرون عامًا !
تسارعت نبضات قلبه من تلك المفاجأة و ذلك المظهر الجديد الذي رآها به و الذي مضت قرابة العشرون دقيقه و هو يتأمله دون أن يشعر بمرور الوقت و كأن هناك سحر خفي سيطر عليه و أختطف انظاره .
أخرجه من تأملاته صوت رساله آخري ففتحها و لكن تلك المرة كانت صدمته أكبر حين كانت الصورة قريبه إلى حد ما و قد كانت تفتح عيناها الزيتونيه الرائعه التي أكملت صورة المرأة الفاتنه الذي يكاد يقسم بأنها أضاعت عقلها بإحدي الطرقات حين أخفت جمالها الخارق هذا خلف مظهر تلك المعلمة العجوز !
كانت عيناها برغم جمالها إلا أنها ضائعه و كأنها طفله صغيرة ضلت طريق بيتها و لا تعلم كيف تعود !
تُري هل كان غير منصف معها في وضعها تحت هذا الضغط و إجبارها بتلك الصورة علي القبول و العيش مع شقيقتها تحت سقف عائلته ؟
لا يعلم لما شعر بالإنتشاء لتلك الفكرة ؟ هناك برعم صغير نبت بداخل قلبه يشعره بالشفقه علي تلك التي تدعي القوة بينما في تلك الصورة يكاد يقسم بأنها جل ما تتمناه أن تريح رأسها علي صدر أحدهم !
هل يمكن أن يكون هو ذلك الصدر الذي يستوعب أحزانها ؟؟
عند تلك الفكرة نهر نفسه وبشدة فهي ليست نوعه المفضل من النساء كما أنه لا يُحب المرأة التي تُناطِح الرجال و يفضل إن فكر بدخول إحداهن إلي حياته أن تكون هادئه مطيعه تكن مصدر راحه له من عناء رحلته الشاقه لا أن تكن عقبه أمامه و يخوض معها الحروب التي لا تنتهي !
و هنا خطر علي بالها سؤال لا يعلم مصدره و لكنه توقف أمامه لثوان يفكر بالإجابة
هل سيثير خضوع إحداهن شغفه مثلما يفعل عنادها ؟
لا يعلم الإجابه أو يفضل تجاهلها فقط تذكر كلمتها التي قالتها بمنتهي الغضب
” أنت طلعتلي منين ؟؟”
توهج ملامحها في تلك اللحظه جعله يقسم بأنها النقيض تمامًا من تلك الصورة الهادئه الجامدة لهيئتها التي تحاول الظهور بها دائمًا و قد أتي مظهرها اليوم ليجعله يتأكد من صدق حدثه !
فجأة رن هاتفه و لدهشته وجدها هي من تتصل فإرتسمت إبتسامه علي شفتيه لا يعلم سببها و لم يفكر كثيرًا في ذلك بل أجاب بلهجه متناقضه تمامًا مع ما يعتريه في تلك اللحظه
” الو ”
جاءه صوتها مشتعلًا يتناسب تمامًا مع هيئتها في هذه الصور
” إحنا لازم نتكلم !”
يبدو أن الحظ في صفه اليوم فقد كان يتوق لرؤيتها بهيئتها الجديدة تلك و يحادثها و هو أمام عيناها مباشرةً بعيدًا عن تلك القضبان الزجاجيه التي تُهدِر نصف جمالها
جاء صوته جافًا كما العادة حين قال آمرًا
” مستنيكي في الشركه بعد ربع ساعه بالظبط ”
جاء صوتها مستنكرًا
” ربع ساعه ! دا إلي هو إزاي أنا علي ما أجهز و آجي فيها نص ساعه علي الاقل ”
لاحت شبح إبتسامه تسليه علي شفتيه تناقضت مع نبرته حين قال بفظاظه
” لو حسبنا الوقت من عندك للشركه هتلاقيه في حدود عشر دقايق بالعربيه ! و خمس دقايق تجهزي فيهم أعتقد كدا كفايه أوي و لا أنتي من البنات إلي بتاخد وقت قدام المرايا !”
قال الأخيرة ساخرًا و نبرته كان بها بعض التحدي فزفرت بحنق و هي تتوجه إلي سيارتها قائله بغضب لم يخطئ في تمييزه بين كلماتها
” كفايه أوي ! عشر دقايق و هكون عندك ”
هكذا حسمت قرارها و قد أيقنت بأن الوقت الذي يمنحها إياه لن يكون كافيًا إذا ذهبت إلي البيت لتستعد لذا قررت بأن تذهب كما هي فلم يكن مظهرها يشغلها كثيرًا في تلك للحظه فإستيائها من وضعها هذا كان هو المهيمن علي تفكيرها ..
كان يقف أمام النافذه العريضه في غرفه مكتبه و يداه معقوده خلف ظهره و علي شفتيه إبتسامه لا يعرف مصدرها و لكنه كان يتأهب داخليًا لمعركه داميه و قتالًا عنيفًا بنكهه لذيذة مع صاحبه الشعر الغجري التي أنطبعت صورته في مخيلته و العينان الزيتونيه التي لأول مرة ستكون أمامه بلا حصون .
أعلنت مديرة مكتبه عن وصول ضيفته المنتظرة فأمرها بإدخالها قبل أن يأخذ مكانه علي مقعده خلف المكتب الخشبي الكبير ينتظر قدومها بترقب و حماس جديد كليًا عليه لتطل عليه أخيرًا بمظهرها الجديد و الذي خطف أنفاسه للحظه و قد كانت عيناه ترصد تفاصيلها بنظرات غامضه تحوي إعجابًا كبيرًا بين طياتها نجح في إخفاؤه و قال بلهجة خشنه مستفسرة متعمدًا إحراجها
” آنسه فرح عمران !”
علي الفور تذكرت سؤاله المتعجب في المرة الأولي حين أتت إلي مكتبه فارتبكت قليلًا و خاصةً حين تواجهت مع نظراته و قد شعرت بأنها مجردة أمامه من دفاعاتها و أسلحتها و شعرت بالحاجه لوقارها الذي يمدها بقوة تحتاجها كثيرًا في مواجهته فعادت إلي سبه داخلها بكل الألفاظ التي تعرفها فهو لم يمهلها الوقت حتي تستعد لتلك المواجهه وقد بدا حنقها علي ملامحها و لكنها حاولت أن تخرج لهجتها هادئه حين قالت
” دا سؤال و لا إجابه ؟”
سالم بتسليه
” اللتنين !”
” بمعني ؟”
سالم بهدوء
” سؤال إجابته جواه ”
فرح بسخريه
” يبقي إيه لازمته ؟”
تعمقت نظراته أكثر و أشتد تحديقه بها وكأنه يخبرها بدون حديث بأن مظهرها الجديد هو السبب و قد جعلها ذلك غير مرتاحه و ودت لو أنها لم تأت لمقابلته و قد كان هذا الإحساس الدائم بداخلها بكل مرة تجتمع معه فتود لو أنها لم تقابله أبدًا .
فاجأها حديثه حين قال بجديه
” خير ؟”
رفعت إحدي حاجبيها بدهشه لتأتيها إجابته بلهجه ساخرة
” إيه السبب القوي إلي مخليكي عايزة تقابليني مع العلم أننا لسه كنا مع بعض من حوالي كام ساعه !”
إغتاظت من وقاحته و جعلتها تستعيد قوتها التي تجلت في نبرتها حين قالت
” أولًا أنا أتحفظ علي كلمه كنا مع بعض من حوالي كام ساعه دي !”
سالم بإختصار
” ليه ؟”
فرح بإيجاز
” معجبتنيش !”
ثم تابعت بنبرة محشوه بالغضب
” ثانياً بقي ممكن أعرف إزاي تحطني في الموقف دا ؟”
سالم ببراءه أغاظتها
” موقف إيه ؟”
أخذت نفسا طويلًا لتهدئ من روعها قليلًا قبل أن تقول بهدوء ظاهري
” أنت عارف كويس بتكلم عن إيه! و مع ذلك حاضر هقولك . إيه خلاك تقول لجنه إني وافقت آجي معاها عندكوا ؟”
سالم متصنعًا الدهشه
” أنا مقولتش كدا . أنتي إلي قولتي ؟”
جن جنونها في تلك اللحظه و لكنها بأعجوبه حاولت البقاء هادئه فأجابته
” أنا إضطريت إني أقولها موافقه بناءًا علي كلامك . أظن أنت فاكر قولت إيه كويس !”
حاول التحكم في ضحكه كادت أن تظهر علي شفتيه فمظهرها و هي تحاول التحكم بغضبها كان مثيرًا للغايه . و لكنه تابع بجديه
” فاكر كلامي كويس . و فاكر كمان إني لما طلبت منك دا مرفضتيش ! ففكرتك معندكيش مانع و مع ذلك طلبت من جنه تسألك و أنتي قولتي موافقه فين المشكله ؟”
ستفقد عقلها مم إستفزاز ذلك الرجل فها هو يتحدث ببراءه كأنه لم يقحمها فعليًا في هذا الأمر مستخدمًا طرقه الملتويه التي جعلت الغضب يتقد في عيناها و لكنها قالت ساخرة
” آه صح فين المشكله . الموضوع بسيط جدًا . أنت محطتنيش في موقف صعب قدامها بعد ما عشمتها إني وافقت . تفتكر أنا كان ممكن أقول إيه و هي عامله زي الغريق إلي كأنه ما صدق لقي قشايه أتعلق بيها ! ”
كان غضبها لذيذًا بحق و خاصةً و قد تجلت إنفعالاتها بوضوح في عيناها التي أضفي عليها الغضب نوعًا آخر من الجاذبيه المتوهجة و قد أصابته لعنه الأشتهاء للمزيد من ذلك التوهج المثير لذا تابع بلهجه جادة
” طب فين المشكله بردو ! أنتي وافقتي لما لقيتي لهفتها و إنك القشايه إلي هتنقذها من الغرق أنا ذنبي إيه ؟! ”
كانت تود الصراخ في وجهه قائله أنت من دفعتها لهذا الاعتقاد الذي ولد بداخلها كل هذا العشم و التعلق و لكنها أكتفت قائله من بين أسنانها
” ذنبك أن حضرتك طلعت بالفكرة المجنونه دي و زرعت جواها الأمل أنها هتتحقق ! ”
زفر سالم بملل مصطنع يتنافي تمامًا مع لذه قويه تعتريه من حربهم الخفيه تلك و قام بإضفاء المزيد من الوقود علي غضبها حين نظر إلي ساعته قبل أن يقول بفظاظه
” سبق و قولتلك أنتي إلي قولتي موافقه و أكدتي علي فكرتي دي يبقي المشكله عندك ! و دلوقتي أنا شايف إنك يدوب تلحقي تجهزي أنتي و هي عشان هنسافر بكرة بدري ”
برقت عيناها من جملته الأخيرة و قالت بإستنكار
” سفر إيه إلي بكرة ! أنا حتي لو وافقت فعلًا و سافرت محتاجه ييجي أسبوع علي الاقل عشان أجهز نفسي و أخد أجازة من شغلي مانا أكيد مش هخسره عشان أفكار حضرتك المجنونه !”
كان يعلم بأن عاصفه هوجاء ستهب ما أن يلقي بكلماته علي مسامعها و لدهشته كان يتوق لهبوبها .
إلتفت إلي الدرج بجانبه و هو يمسك بورقه بين يديه ناولها إياها تزامنًا مع حديثه الهادئ حين قال
” أجازتك أتمضت خلاص تقدري تبدأيها من النهاردة!”
لا تعلم كيف تناولت الورقه من بين يديه و لكنها شعرت بأن العالم يدور من حولها حين تأكدت من صدق حديثه فرفعت رأسها تطالعه بزهول تجلي في نبرتها حين قالت
” أنت عملت كدا إزاي ؟ ”
سالم ببراءه مزيفه
” عملت إيه ؟ قصدك عالاجازة يعني ! عادي صاحب الشركه في بينا بزنس كتير و مامنعش لما طلبت منه دا !”
كان عقلها في مكان آخر حيث قالت علي نفس لهجتها
” إحنا متكلمين في الموضوع دا إمبارح بالليل و النهاردة الجمعه و الشركه أجازة الورقه دي أتمضت إزاي و أتوافق عليها أمتا ؟”
وصل إلي مركز إنفجار البركان فأرجع ظهره إلي الخلف مستندًا علي مقعده الجلدي و هو يقول بهدوء جليدي
” أتمضت إمبارح الصبح !”
برقت عيناها و هبت من مقعدها تناظره بصدمه تحولت لغضب كبير تجلي في نبرتها حين قالت
” يعني قبل حتي ما تفاتحني في الموضوع ! دا أنت مقرر موافقتي من قبل ما أعرف ! إزاي تجيلك الجرأة تعمل كدا ؟”
علت نبرتها قليلًا فتصاعدت الأدخنة إلي رأسه فقال بلهجه جافه محذرة
” زي ما أختك جتلها الجرأة تفكر تتخلص من إبن أخويا من غير حتي ما تعرفنا أنه موجود و أنتي طاوعتيها و روحتي معاها !”
فرح بسخط
” قولتلك مكنتش أعرف ! ”
سالم بفظاظه
” مش موضوعي ! كل إلي يهمني إني أحمي الحاجه الوحيدة إلي باقيه من حازم الله يرحمه ”
دارت حول نفسها وقد بدأت الرؤيه تتوضح لها شيئًا فشيئًا و هنا توقفت لتقول بزهول و إستنكار
” آه قول كدا بقي ! أنت كنت عارف كل حاجه و خططت كويس عشان توقعنا في الغلط بالرغم من إنك عارف بالحمل من أوله لكن سبتنا عشان أكيد كنت متوقع تصرف جنة ”
سالم بهدوء لم يفارقه