
أفاقت زينة من شرودها على صوته لتستدير نحوه وتهتف بإعجاب :
” اووي ، بجد جميلة اوووي ..”
ضحك وقال :
” اخترتها شبهك ..”
عقدت حاجبيها متسائلة بحيرة :
” ازاي ..؟!”
أجابها موضحا :
” دافية زيك ..”
احمرت وجنتاها خجلا من إطراءه عليها ثم تحركت داخل أرجاء الشقة تنظر الى غرفها ومطبخها ..
انتهت زينة من تفحص الشقة لتجد زياد
يقترب منها ويسألها :
” هتعملي ايه دلوقتي ..؟!”
أجابته بجدية :
” هنام ..”
أشار زياد الى أحد الغرف قائلا :
” دي إوضتك واللي جمبها أوضتي ..”
بهتت ملامح زينة وهي تستمع الى ما قاله ، لم تتوقع منه أن يبيت في غرف،،ة منفصلة عنها ..
لكنها شعرت بالإمتنان نحوه فهو على الأقل يراعي وضعها ..
دخلت زينة الى غ،،رفتها وألقت بجس،،دها على الس،،رير قبل أن تغط في ن،،وم عميق دون أن تغير ملابسها ..
استيقظت بعد عدة ساعات لتجد الظلا،،م حل على المكان ، سارعت لفتح ضوء الغر،،فة قبل أن تفتح الباب وتخرج مسرعة من الغرفة متجهة الى الخارج لتجد زياد جالسا في صالة الجلوس ينظر أمامه بشرود ..
اقتربت منه فشعر بوجودها لينظر إليها ويهمس :
” صحيتي امتى ..؟!”
أجابته بإرتباك :
” من شوية ..”
اتجهت نحوه وجلست بجانبه بصمت ..
نظر إليها زياد وسألها مستفهما :
” شكلك بيقول إنك مدايقة ..حصل حاجة ..؟!”
زفرت نفسا عميقا وقالت بجدية :
” لما صحيت الدنيا كانت ظ،،لمة وأنا بخا،،ف من الظ،،لمة ..”
ثم أكملت وهي تنظر نحوه بشح،،وب :
” مكنتش بخا،،ف منها قبل كده بس بعد اللي حصل بقيت بترعب منها .. ”
تطلع إليها زياد بصمت بينما أشاحت وجهها بعيدا عنه وقد عادت الذكريات السيئة إليها من جديد .. ذكريات لا تنفك أن تتركها ولو قليلا ..
………………………………………………………………………….
حل الصباح مجددا بعد ليلة طويلة قضاها كلا من زياد وزينة مستيقظين فلم يستطع النوم أن يغلب ذكرياتهما السيئة ..
خرج زياد من غرفته بعدما انتهى من ارتداء ملابسه وتصفيف شعره ليتفاجئ بزينة في المطبخ ترتدي بيجامة زهرية اللون وتجهز طعام الإفطار …
ألقى زياد تحية الصباح عليها :
” صباح الخير ..”
” صباح النور ..”
قالتها زينة وهي تطفئ الطباخ قبل أن تكمل :
” الفطار جاهز ..”
اتجه زياد ببصره نحو طاولة الطعام المزينة بأشهى أنواع الطعام بينما سألته زينة :
” مش هتفطر ..؟!”
” هفطر اكيد ..”
قالها زياد وهو يجلس على طاولة الطعام ويشرع في تناول طعامه إلا أن رنين جرس الباب أوقفه عن تناوله الطعام …
اتجه زياد نحو باب الشقة وفتحها متعجبا من الزائر الذي يأتي في وقت مبكر كهذا ..
فوجئ برنا تقتحم الشقة وهي تهتف بصوت عالي :
” هي فين ..؟!”
جذبها زياد من ذراعها هاتفا بها :
” انتي بتعملي ايه ..؟!”
أجابته وهي تضحك بسخرية :
” جاية أبارك للعروسة ..”
ثم أكملت وهي تصيح بصوت عالي :
” يا عروسة .. انتي فين ..؟!”
خرجت زينة إليها وهي ترسم على شفتيها ابتسامة كبيرة وترتدي غلالة نوم قصيرة فوقها روب من الستان الأبيض ..
” اهلا يا رنا … ”
توجهت رنا نحوها وقالت بتهكم :
” ولابسة قميص نوم كمان وبتحتفلي ..”
وقف زياد حائلا بينهما وقال بحزم :
” مش وقت الكلام ده يا رنا .. روحي حالا …”
عقدت رنا ذراعيها أمام صدرها وقالت بعناد :
” مش هروح ، انا جايز أبارك للعروسة وأديها هديتها ..”
أبعدت زينة زياد من أمامها واقتربت من رنا تقول :
” ميرسي يا رنا ربنا يخليكي ..”
” مش عايزة تعرفي إيه هديتك يا عروسة ..؟!”
نظرت إليها زينة بصمت بينما قالت رنا بجدية وهي تخرج ورقة بيضاء من حقيبتها وترميها عليها :
” دي نسخة من شهادة وفاة عالي ، قلت تخليها عندك للذكرى ..”
يتبع
الفصلين السابع والثامن عشر
كان عليها أن تتماسك في هذه اللحظة .. أن تخبئ ذلك الألم الذي ينخر قلبها وتجاهد كي تظهر لا مبالاتها ،لن تكسرها رنا ولن تحقق غايتها في النيل منها وتحطيمها أماميهما ..
هي ليست زينة القديمة كي تنهار أماميهما وتبدأ في البكاء والعويل .. هي الأن إنسانة أخرى تعرف كيف تسيطر على مشاعرها وتحركها وفقا لرغباتها .
” انتي ايه اللي بتعمليه ده .؟!”
قالها زياد قاطعا هذا الصمت الطويل مزمجرا بها بضيق لترد رنا وهي تهز كتفيها بلا مبالاة :
” جايه أبارك للعروسة وأفكرها بجوزها الأولاني اللي قتلته …”
كاد زياد أن يتحدث إلا أنه فوجئ بزينة تسبقه وتهتف ببرود أعصاب غريب وهي تأخذ شهادة الوفاة من يد رنا :
” ميرسي عالهدية يا رنا .. ميرسي اوري ..”
ثم أكملت وهي ترسم إبتسامة مصطنعة على شفتيها :
” تحبي تشربي ايه ..؟!”
رمقتها رنا بنظرات مشتعلة ثم حملت نفسها وخرجت من الشقة ليلتفت زياد نحو زينة ناظرا الى قناع الجمود الذي ترتديه أمامه بحيرة …
تحركت زينة مسرعة الى داخل غرفتها وأغلقت الباب خلفها بعنف لا إرادي …. أخذت تتطلع الى شهادة الوفاة بعينين حزينتين قبل أن تنفجر في البكاء بصوت منخفض وهي تجاهد كي تخفي شهقاتها حتى لا يسمعها زياد ..
استمرت في بكائها لفترة طويلة .. تبكي حظها العاثر وروحها الممزقة وقلبها المتعذب .. كان بكائها نابع من أعماقها .. اخر ما تصورته يوما أن تكون هذه نتيجة فعلتها البريئة والعفوية .. نتيجة كذبها على علي .. كلا هي لم تظن أن كل هذا سيحدث وأن علي سيموت قهرا بسببها لكن القدر كان له رأيا أخرا ….
جلست على سريرها وهي تخبئ شهقاتها بينما تتأمل بعينيها اسم علي وتاريخ وفاته قبل أن تنهار باكية مرة أخرى ..
……………………………………………………………………………
دلفت رنا الى منزلها وهي في قمة غضبها وقبل أن ترتقي السلم متجهة الى الطابق العلوي حيث غرفتها وجدت والدتها تنادي عليها فتوقفت في مكانها واستدارت نحو والدتها التي سألتها بينما تلاحظ وجه ابنتها الغاضب وعينيها الناريتين :
” فيه ايه يا رنا ..؟! مالك جاية متعصبة من بره ايه ..؟! حصل حاجة دايقتك ..؟!”
” زياد ..”
قالتها رنا يخفون لتسألها والدتها بقلق :
” ماله زياد ..؟! اتكلمي .. جراله حاجة .. ؟!”
تمتمت رنا بنفس الخفوت :
” زياد اتجوز زينة يا ماما ..”
صرخت الأم بلا وعي :
” ايه ..؟! انتي بتقولي ايه ..؟!”
أومأت رنا برأسها بينما أكملت الأم بعدم تصديق :
” ازاي يعني إتحوزها .. ده اكيد اتجنن ..”
ثم قالت وهي تنظر الى رنا :
” وانتي عرفتي منين الكلام ده ..؟!”