
ج1
وسقطت الأقنعة (الفصل الأول)
تلامست الكفوف ببعضها، وكل واحداً يرسم علي شفتيه أبتسامة مُجاملة، حتي وجدوا رجلا يحمل من الشيب أعواماً يتجه نحوهم قائلا ببشاشة: أهلا بولاد البلد الغالين، نورتوا البلد كلها.
فأرتسمت أبتسامة بسيطة علي شفاهم وهم يُطالعون ذلك الرجل العجوز: البلد منوره بيك ياحاج ناجي
وتقدمهم داخل بيته العتيق وهو يصيح بأولاده وأولاد أخوته: يلا ياولاد جهزوا العشا
فنظر الثلاثة رجال لساعات أيديهم الفخمة، مُنتظرين انتهاء هذه الضيافه المدعوين إليها بفارغ الصبر فهو يوم سنوي ،يأتون فيه من أجل خدمة أهل بلدتهم التي تربوا فيها لسنوات من عمرهم
……………………………………………………….
وفي بيت قديم للغاية، تجلس فتاه بائسة مُحطمة الأمال بسبب جفاء أخ عاق ، لتسمع همسات والدتها الحنونة التي تُصبرها دوما علي مرارة الحياه: متخافيش يا بنتي
لترفع ليلي عيناها الدامعة وهي لا تعرف بماذا تُجيب ولمن تشكوا، فالخوف أصبح أساس حياتها .. لتُعاود النظر إلى أثر جرو..ح أيديها فلمحت والدتها نظرتها البائسه ،فحاولت أن تُمد ذراعيها كي تُضمها ولكن مــ,,ــرضها بالشلـ,,ــل قد أعاق حركتها فمُنذ عامين قد أصا,,بتها جلـ,,ــطه أنهت الباقي من حياتها في شـ,,ــلل دائم
لتواسي أبنتها : ربنا مابينساش عباده يا ليلي، اوعي في يوم تفتكري أنه ناسيكي مهما قابلتي في الحياة يابنتي.
فأحياناً كلمه واحده تُريح جـ,,ــروح القلب، فنهضت سريعا من أوجـ,,ــاعها كي ترتمي في أحـ,,ــضان والدتها: أنا بحبك أوي يا ماما، وهستحمل ضرب محمود ليا وهشتغل ليل ونهاروهذاكر وأنجح عشانك
………………………………………………………….
أخذت تتطلع بيأس لوجه زوجها النائم بجوارها ..بعد ليلة لبت له ر،،غبات جـ,,ــسده، لينال ما أراده، فهبطت دموعها مُتذكرة الرسائل والصور التي تُبعث إليها…
ليتململ هو فوق فراشهما قائلا: مالك ياهبه؟
فلم تتمالك هي دموعها و تنهدت بخيبه : أنا تعبت يا هاشم، تعبت حرام عليك
و التقطت هاتفها الموضوع علي المنضده المجاورة لفراشهما وصر،،خت به: ابقي قول للي بعتت الصور إن مراتي عارفه خيا،،نتي ليها وما فيش داعي نو،،جعها أكتر من كده.
ثم نهضت من جانبه والأ،،لم يعتصرها، فأجابها ببرود: معرض العربيات بتاع عمي خلص، مش فاضل غير الافتتاح .. ابقي بلغي عمي و وصليله سلامي.
و ألتف بجسده للناحية الأخرى كي يُكمل نومه، لتسقط دمعة بائسة من عينيها وهي تُتمتم بقهر: ربنا يسامحك يا بابا
………………………………………………………….
إلتقط صغيره بين ذراعيه وأخذ يدور به وهو يضحك: وحـ,,ــشتني يا حبيبي.
فأخذ الصغير يُطالعه بحب، فأبتسم أياد بحنو أبوي : قولي إبني البطل عمل إيه وأنا مسافر إوعي تكون تعبت داده حُسنيه يا مشاغب؟
لتأتي إمرأه من خلفه تحتل التجاعيد جزء من ملامح وجهها قائلة ببشاشه: سليم حبيبي طول عمره شاطر، وتابعت حديثها بدعابة للصغير: المربية الجديده طفشت زي اللي قبلها
فأخذ ينظر لطفله بيأس : ديه عاشر مُربيه يا سليم.
فتسلل سليم من بين ذراعي والده، الي أن استقرت قدماه علي الأرض .. وأخذ يُطالع والده بسواد عينيه ثم تركه وانصرف إلي غرفته حيث ألعابه ورسوماته.
فتنهد أياد قائلا: أنا تعبت أوي يا داده سليم كل ما بيكبر كل ما بيصعب عليا فهمه.
فتأملته حسنيه قائله بحنو: إبنك محتاج لأم يا بني، اتجوز يا حبيبي وانسي الماضي بقي.
فتذكر زوجته التي كان يعـ,,ــشقها وتنهد قائلا: و انسي سلوى يا داده؟؟
فتابعت حديثها بحزن علي حاله: الحي أبقي من الميت يا ابني، وكلنا مسيرنا هنـ,,ــموت… ومحدش بيفضل عايش علي الذكريات و الحياة مش بتقف علي حد.