روايات

ما بين الحب والحرمان بقلم ولاء رفعت

– أعتبريه وعد حين ميسرة.
رمقته من أعلي لأسـ,ـفل بإزدراء و تذكرت كل ما تحملته من معاملة شقيقها السوء لها و ها هو الآن الإنسان الذي أحبته يـ,ـتخلي بإستسلام بائس عـ,ـنها،فقالت بغضب:
-لاء و أنت الصادق الوعد ده للرجالة بس و اللي شـ,ـايفاه قدامي مش راجل.

تلقت صفعة قوية صاحبها صياحه بغضب:
– أنا راجل غصب عنك.

رمقته بصدمة غير مُصدقة ما فعله بها للتو،و كأن بداخلها بركان قد أندلع و أطلق حممه الحارقة:
-لاء مش راجل، و لا أخويا راجل عشان مفيش راجل يمد أيده علي واحدة بنت أضعف منه، هقولك علي حاجة أنا بقي اللي مش عايزاك و لو جيت بوست أيدي عشان أسامحك هقولك مليون لاء.

دفعته من أمامها و عادت إلي مـ,ـنزلها باكية ضائـ,ـعة، شريدة القلب.

ــــــــــــــــــــــ
تتعالي أصوات التواشيح التي تسبق آذان الفجر و هناك أعين نائمة و أخري يجافيها النوم، و هناك في إنتظار إحدهم علي أحر من الجمر.
نهضت بتأفف من جوار زوجها الذي لا يجيد في حياته شيئاً سوي النوم، وقفت أمام المرآة تنظر لصورة إنعاكـ,ـسها، تتأمل قدها الممشوق و المهمل من هذا النائم، و لما لا فقد أخذت علي نفسها عهداً بأنه لم يستسلم هذا الجسد بإرادتها سوي من سلب قلبها منذ سنين، و زواجها من جلال لأنها تريد القرب من حبيب القلب و الذي أختطف لُبها، أفتنها شيطانها الغاوي و سيجعلها تخرج في بئر من الوحل كلما إستسلمت لأهوائها كلما كان طريق التراجع صار درباً من دروب المستحيل.

أنتفضت عندما سمعت صوت باب الـ,ـشقة، قطبت حاجـ,ـبيها و ذهبت لتوقظ زوجـ,ـها:
-ألحق يا جلال فيه حد بيفتح باب الـ,ـشقة، قوم شوف لـ,ـيكون حـ,ـرامي.

هز كتفه و يغمض عينيه قائلاً:
-هتلاقيها أمي قامت تصلي الفجر و بتقفل باب الشقة، ما أنتي عارفها موسوسه.

أشاحت بيدها له و قالت:
-أمك زمانها في سابع نومة، فضلت مستنية أخوك لحد ما نامـ….
صمتت و هي تتذكر أمر ما ذكرته الآن، نهضت و أرتدت مأزرها و ألقت بوشاح فوق رأسها، و بمجرد خروجها أنتفضت عندما رأته يقف في منتصف الردهة، يكشف ذلك الضوء المنبعث من المطبخ نصف وجهه، تفوهت باللهفة و إشتياق:
-معتصم!

– أزيك يا مرات أخويا عاملة أي؟
و ها هو يذكرها بأكثر شئ تمقته و تريد نسيانه، أقتربت منه و بإبتسامة تشق ثغرها من الأذن للأذن الأخري:
– بخير، حمدالله علي السلامة.

جلس علي أقرب كـ,ـرسي له و أجاب:
-الله يسلمك، معلش بقي المفروض كنت جيت من ساعات بس حصل شوية حاجات كدة هي اللي أخرتني و عديت علي مطعم في طريقي أتسحرت فيه، كل سنة و أنتم طيبين.

نظر من حوله ثم سألها:
-هو جلال لـ,ـسه نايم؟

هزت رأسها بالإيجاب:
-اه، ما أنت عارف أخوك قدامه للضهر عقبال ما يصحي، شكلك طبعاً عايز تنام، أنا مجهزه لك أوضتك و مروقها لك بنفسي و مخليها لك بتلمع.

– تسلم إيدك، أنا فعلاً كل اللي محتاجه دلوقت أريح و أنام.
نهض و كاد يتحرك نحو غرفته أمـ,ـسكت يده و سألته:
-رايح فين؟

رمقها بتعجب من سؤالها و من ما فعلته، نظر نحو يدها الـ,ـتي تمسك بيده، و حـ,ـين أدركـ,ـت خـ,ـطأ ما فعلته و قرأت ذلك في عينيه أبعدت يدها و أبتلعت ريقها:
-قصدي يعني مش هتصلي الفجر؟

– داخـ,ـل أتوضأ و بعد ما هـ,ـيأذن هصلي،  أدخلي صلي أنتِ كمان خلي ربنا يهديكِ.

تركها و ولج إلي غرفته و وصد الباب عمداً كرسالة إليها لـ,ـعلها تدركها!

ـــــــــــــــــــــــ

أستيقظت كالعادة علي صياح شقيقها و توبيخه لزوجته و هذا بسـ,ـبب المصاريف التي لم تنته و متطلبات البيت من مأكل و أشياء كثيرة.

-مش هاقدر أستني أسبوع كمان يا حبشي دي الولية أم إمام ممكن تيجي لنا قدام البيت و تفضحني، ما أنت عارفها معندهاش تفاهم في تأخير فلوس الجمعية.

أخبرها بصوت هادر و دخان سيجارته يتطاير من فمه و أنفه، فلديه مبدأ عجيب بل و غريب بأن الصوم هو الإمتناع عن الطعام و الشراب فقط لكن تدخين السجائر و إطلاق السباب و الشتائم،كل هذا في قاموسه لا يبطل الصيام!

انت في الصفحة 4 من 42 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
24

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل