
صرخت من هزه لها بعنف، لم تري أمامها شيئاً واضحاً حيث يهزها كزجاجة مياه غازية و يلقي عليها أفظع السباب و الشتائم المصاحبة بالضـ,ـرب و السحل و كالعادة صوت صرخاتها يصل إلي كل أهل الحارة.
ــــــــــــــــــــ
و بعد إنتهاء صلاة التراويح، علي المقهي البلدي حيث يجلس الرجال و الشباب لمتابعة إحدي مباريات كرة القدم، يهللون تارة و يصيحون تارة أخري عندما يركض اللاعب نحو المرمي و علي وشك تسديد الهدف و كأنه يسمع تشجيعهم!
– واحد شيشة يا بني.
صاح بها جلال إلي صبي المقهي، فأجاب الآخر:
-واحد شيشة للمعلم جلال و زود الفحم و صلحو.
رمقه معتصم علي مضض قائلاً:
-يا بني أرحم نفسك ده أنت فوق شـ,ـارب لك يجي حـ,ـجرين شـ,ـيشة، صـ,ـدرك مش كده.
أبتسم الأخر بتهكم و قال له:
-اللي يسمعك و أنت بـ,ـتنصحني ما يشوفكش و أنت الـ,ـسجاير ما بـ,ـتفارقش إيدك!
أنتهي من سخريته و ختمها بقهقه مُجلجلة مما جعل شقيقه أشاح وجهه إلي الناحية الأخري، يعلم كم هو عنيد و جاهل لم يستمع إلي أي نصائح و هذا ما جعله يخشي أن يحذره إلي أمر زوجته التي تلاحقهدائماً.ً
و في زواية قريبة يجلس حبشي بالقرب منهما فأنتبه معتصم إليه، نهض فسأله شقيقه:
-رايح فين الماتش لسه ماخلصش.
أشاح له بيده و قال:
-هاروح أسلم علي الواد حبشي المعفن.
ذهب إلي حبـ,ـشي الذي عندما رآه تمعن النظر إليه و هلل بسعادة:
– أهلاً حمدالله على السلامة يا معتصم، جيت أمتي يا صاحبي؟
صافحه الأخر بعناق أخوي و قال:
-لسه راجع إمبارح، أخبارك أي و الجماعة و العيال.
– الحمدلله كلنا بخير، أنت اللي أخبارك أي جاي و ناوي تتجوز و لا شايف حالك في الخليج؟
غمز له بعينه، ضحك الأخر وقال:
– و الله يا صاحبي أمي اللي مُصرة علي موضوع الجواز ده و أنا بيني و بينك مش ناقص وجع دماغ، أنا راجل حر ما بحبش واحدة تقولي رايح فين و جاي منين.
عقب حبشي علي حديثه قائلاً:
-علي رأيك و الله ده كفايه المصاريف و هات هات كأن الواحد قاعد علي بنك و مصاريف العيال ما بتخلصش، كتب و كراريس و دروس.
-يا عم أنت هاتشتغلني قال يعني بتصرف ده أنت ميت علي القرش، ألا قولي صح بقي عندك كام عيل بالصلاة علي النبي.
أجاب الأخر بعدما تجرع رشفة من كوب الشاي:
-عليه أفضل الصلاة و السلام، عندي ماشاء الله بسنت و محمد.
رد معتصم بسعادة:
-يا ماشاء الله ربنا يبارك لك فيهم.
أنتبه حبشي إلي شقيقته التي تشير إليه من بُعد مسافة قليلة، لاحظها معتصم و قال:
-ألحق يا حبشي فيه مزة جامدة عمالة تشاور لك من بعيد الله يسهله يا عم.
تمعن النظر نحو ما أشار إليه الأخر فوجدها شقيقته و قال:
– مزة أي يا جدع دي البت ليلة أختي.
ثم تمتم بصوت لم يسمعه الأخر:
-برضو خرجتي من غير استئذان و ربنا لأربيكي يا بنت الـ….
بينما الأخر عندما علم إنها شقيقته التي تركها قبل سفره كانت طفلة صغيرة ها هي أصبحت صبية يافعة تمتلك جسداً بضاً و جمالاً يسحر الألباب و يخطف الأنظار من أول وهلة، ربما سيعدل عن رأيه في عدم الزواج الأحري وجد ضالته أخيراً، كم تخيل فتاة أحلامه لليالي طوال، فهي مُراده الذي طالما تمناه و سيظفر به بأي ثمن.
وصل حبشي لدي شقيقته رمقها بنظرة من الجحيم و قال لها:
-اي اللي خرجك من البيت و أنا محذرك؟
رمقته بسخط و ودت أن تصفعه بكل قوتها و قالت:
-عايزة فلوس عشان أخلص ورق التنسيق و أطبعه في مكتب الكمبيوتر.
صاح بها و لكزها في كتفها بعنف، يا له من أخ وغد و مقيت لا يعرف الحنان درباً إلي قلبه،مثله من قيل علي أفئدتهم من الفولاذ لم تتأثر قط بأي مشاعر :
-تنسيق أي يا روح خالتك، مش قايلك أنسي موضوع التعليم ده نوهائي!
لم تتحمل كم الإهانة و كعادتها أنفجرت بغضب و نفذ صبرها من هذا الأرعن:
-أنت ما بـ,ـتصرفش عليا من جيبك علي فكرة، أنا ليا ميراث أبويا الله يرحمه و لو مش هـ,ـتديني يبقي خلاص تعالي نتحاسب و هاخد حقي أتعلم و اصرف بيه علي نفسي و لا الحوجه لأمثالك.
نظر من حوله يـ,ـخشي أن يقترف فـ,ـضيحة أمام الناس و يشمت فيه اعدائه، أمسك قبضته بشدة و قال لها:
-غوري من وشي علي المسا أحسن لك، بدل و ديني و ما أعبد لأجرجرك علي البت و أخليكي تلحسي تراب الشارع و أكسر لك رجلك دي عشان أعجزك و تقعدي مكسحه في البيت و تبطلي تنطيط.
مـ,ـسحت عبراتها علي مضض و تراجعت قائلة و قد فاض بها الأمر و وكلته إلي ربها:
-مش هرد عليك بس كل اللي اقوله لك حسبي الله و نعم الوكيل فيك يا ظـ,ـالم.
و ركضت قبل أن يلحق بها، و أنتظر حتي رآها تدلف إلي داخل فناء المنزل و عينيه مليئة بوعيد ، عاد بعد ذلك إلي صاحبه:
-معلش يا صاحبي، كنا بنقول أي؟
أرتشف معتصم الماء و السعادة تتلألأ داخل عـ,ـينيه و قال دون أي مقدمات:
-أنا عايز أتـ,ـجوز أختك.
ـ