روايات

رواية الثأر بقلم مروة جمال الاول كامل

الفصل العاشر
بعد مرور عدة أسابيع كان يحيى قد عرف كل شئ تقريباً عن تلك
العائلة ……………..فالأب مهندس بترول يقضى أغلب وقته
بعيد اً عن المنزل . فغالباً ما يمضي معهم أيام اً معدودة ثم يكمل
بقية الشهر بعيداً في الصحراء ليتابع عمله والشابان الصغيران
أحدهما بكلية الهندسة بالسويس والآخر يصغره بعام
………….أمنية الأب أن يعملوا معه في نفس المكان و الزوجة
تتميز بجمال مبهر …………..يلحظة كل من يراها من أول وهلة
…………..ويبدو أن زوجها كان يغار عليها بشدة فكان يضع لها
العديد من القواعد والشروط في غيابه ………………وهناك
الإبنة الصغرى ……….من خطفت قلبه منذ أول وهلة
………….سلمى …………ذات الخمسة عشر ربيعاً
…………..جميلة كأمها بل هي أجمل بل هي أجمل من رأت
عيناه ……..كان يراقبها من بعيد ……………يختلس بعض
النظرات عندما يراها في الشرفة والهواء العليل يعبث بخصلات
شعرها فتتطاير في الهواء وهي تحاول أن تزيحها بأناملها الرقيقة
من فوق عيناها …………في البداية لم تلحظه ولكن بعد فترة
لاحظت هذا الشاب الأسمر الذي يتتبعها بنظراته كلما رآها وبعد
وقت قليل علمت أنه إبن حارس الxxxx ………….
يحيى …………..هذا الشاب اليافع …………بشرته
السمراء………….ملامحه الجذابة الرجولية بنفس
الوقت……….عيناه التي تتميز بلون العسل الفاتح
…………..لا تعرف ماذا إصابها …………..لم تكره إهتمامه
……………فالمراهقة الصغيرة كانت سعيدة بتلك النظرات التي
تُصوب نحوها دون إنقطاع …………..النظرات ……..إنها
أيقونة العشق فبها يعلن العاشق عن نفسه …………بها تبدأ
قصة وتنتهي رواية ……………..وما أجمل أن تشعر الفتاة بأنها
مرغوبة وأن هناك من يعشق طلتها …………..ينتظرها
………….يتمناها وسلمى ليست كأي فتاة فهي الصغيرة مدللة
أمها بعيدة كل البعد عن الأب بجديته المعهودة وطباعة الغليظة
………..كانت تشعر بالحرية كلما إبتعد أبيها عن المنزل وإنشغل
أخواها بالدراسة والإستذكار ……………فكانت تقف في الشرفة
مستمتعة بنسمات الهواء العليل أولاً ونظرات يحيى ثانيا ………….
وجاءت المرة الأولى التي تراه فيها عن قرب ………….كانت
تنزل مسرعة على السلالم وتحمل بيدها بعض الكتب والأوراق
عندها إصطدمت به فجأة …………شعرت أنها حقاً صغيرة أمام
هذا الشاب اليافع ذو العشرون ربيع اً وقعت أوراقها وتبعثرت على
الأرض فقام بجمعها سريعاً وناولها الأوراق وهو ينظر نحوها
بتأمل قائلا : إتفضلي
كانت تلك المرة الأولى التي تستمع فيها لصوته …………..إنه
صوت رجولي …………صوت دافئ ونظرة حانية
…………أخذت الأوراق بإرتباك وإنطلقت غاضبة من نفسها
…………………..
ولكن يحيى كان في قمة سعادته …………….تلك هي المرة
الأولى التي يتحدث فيها إليها ……………يقترب منها لهذا الحد
…………..إستجمع أفكاره وإنطلق لعمله فقد كان يحيى يعمل مع
أحد تجار الهواتف المحمولة والإلكترونيات ……………ولكن
كان يحيى يختص في غالب الأمر بالأعمال غير المشروعة
……………التهريب من الجمارك والتعامل مع البضائع
المسروقة أملاً في الكسب السريع ………….كان قد أهمل
دراسته بل يكاد إنقطع عنها ولكن عندما ظهرت سلمى قرر العودة
للدراسة مرة أخرى ولكن بتكاسل وملل …………..فالشهادة
الجامعية مطلوبة وخاصة لشاب مثله ولكنها لن توفر له ما
يحتاجه من مال …………….مال يُخرجه من قالب إبن البواب
لقالب صاحب الأملاك !!!!!!
لم تمضي شهور وحدث زلزال هز كيان الأسرة الصغيرة
…………….لسبب غير معلوم إشتدت الخلافات بقوة بين
الزوجين ليتم الطلاق وترحل سلمى مع أمها …………..مرت
شهور كانت الأسوء له على الإطلاق …………..رحلت من كان
يعشق النظر إليها ………….لم يتحدث لها سوى مرةً واحدة ربما
لم يقل سوى جملةً واحدة ولم تقل هي شيئاً ولكنها سلبت قلبه
وعقله …………..تلك الصغيرة التي ما زالت تخطو أولى
خطواتها في عالم الأنوثة…………..ولكن بعد عام من الرحيل
عام لم تغيب فيه عن تفكيره بل ظلت قابعة في عقله تأبى الخروج
………….عادت سلمى عادت وقد أصبحت أكثر حسناً ……هي
الآن في السادسة عشر ربيع اً …… جميلة كالأميرات لكن بوجه
حزين …………..لا يعلم التفاصيل لماذا رحلت وكيف عادت
…………..كل ما يعلمه أن هناك عجوز جاءت لتحل محل الأم
…………إنها الجدة والدة أبيها ………….و علم أن الأم ضاق
بها الحال وتزوجت من آخر ولهذا أخذ الأب منها سلمى
…………عادت سلمى وتركت ضحكتها مع أمها …………….
كانت تنظر بشرود لكتابها عندما دخلت الجدة …………….عجوز
تعدت الخامسة والستون من العمر …………….ورث عنها الإبن
طباعة الغليظة ………………….هو وحيدها ترملت صغيرة
وقضت عمرها في تربيته وتنشئته ………….فأصبحت الأب
والام ووضعت حولها وحوله جداراً من الغلظة والتشدد رغبةً في
النجاة داخل دروب الحياة الصعبة ………مرت الأيام ثم تزوج
الإبن بأم سلمى عن غير رضاها …………فالأم لم تحب يوماً تلك
الزوجة الجميلة التي سلبت عقل ومشاعر إبنها في وقت بسيط
ومع مرور السنوات لم تكف عن الشكوى منها …………….
………….شعرت بالراحة عندما تم الطلاق غير عابئة بالأبناء
…………راهنته على أن الزوجة الجميلة لن تصبر على الحياة
القاسية شهور معدودة وستهرع للبحث عن زوج آخر وعندها لا
يجب أن يترك لها إبنته تعبث بعقلها وتسئ تربيتها وهكذا عادت
سلمى لتجد نفسها في وقت قليل وحيدة مع الجدة بعد رحيل
أخواها للدراسة في جامعة بعيدة في السويس مثل عمل أبيها
…………
الجدة : في حد يذاكر على السرير
سلمى بتحدي : انا ………..أنا بذاكر على السرير
الجدة : إنتي عندك شهادة يعني تعودي نفسك على المذاكرة
الشديدة من دلوقتي وإلا حتخيبي زي أمك
نظرت لها سلمى بغضب فهي دائماً ما تتعمد إهانة أمها قالت
بغضب : تيتة لو سمحتي عايزة أذاكر
نظرت له العجوز بحنق وتركتها وذهبت للنوم …………شعرت
سلمى بالضيق تركت الكتاب وإتجهت للشرفة …………..نعم
البرد قارس ولكنها تريد الإستمتاع بالهواء الطلق
……………..إنه هو ……………كان ينظر نحوها بشوق
……………فقلما كان يراها منذ عادت ……………لم يتخيل أنه
سيرى وجهها في تلك الساعة المتأخرة …………..ظل ينظر
نحوها بثقة وكأنه يقول لها إفتقدتك ………………أحبك
…………نظرت نحوه بدورها ولكن نظرة بدون معني ثم عادت
للداخل وأرغمت نفسها على النوم …………..
وهكذا مرت الأيام بينها وبين جدتها بين شد وجذب
………..وحب يحيى الصامت حتى جاءها إتصال علمت منه ان
أمها دخلت المستشفي ……هرعت غير عابئة بتوعد جدتها
لخروجها دون إنتظار إذن أبيها ………….عادت باكية حزينة
على أمها التي على ما يبدو ستلزم الفراش طويلاً مع مرض لعين
………….
أبوكي وصل يا سلمى وهو بقه حيعرف يتصرف معاكي

…………قالتها الجدة بغضب
الأب : إيه يا سلمى …………….إزاي تخرجي من غير موافقة
جدتك وموافقتي
سلمى بتحدي : يعني لما أعرف إن أمي في المستشفى المفروض
أعمل إيه حتى لو مش فارقة معاك هي أمي وتفرق معايا
الجدة : لا وواضح إنها علمتك البجاحة وطولة اللسان
نظرت لها سلمى بحنق شديد وهمت تغادر المكان ولكن توقفت
على صوت أبيها وهو يزعق : سلمى ………………كلام جدتك
يتسمع ………….هي مكاني في البيت …………….خروج من
غير إذنها مفيش ………مفهوم ولا تقعدي في البيت خالص ولا
مدرسة بقه ولا دروس ولا حتى زيارات أمك
دمعت عيناها وشعرت بضعفها أمامهم فقالت بإستسلام : مفهوم
وهكذا دخلت غرفتها وحيدة مع دموعها تشعر بأنه لا يوجد من
يكترث بمشاعرها في هذا السجن ……………..
وكانت المفاجئة فبعد وقت قليل رحلت الأم عن عالم الأحياء
………….كرهت سلمى بعدها جدتها بشدة ………….وإعتبرت
أنها كانت الحاجز بينها وبين قضاء أطول وقت ممكن مع أمها
…………….كانت كلماتها صادمة للوالد الذي دخل الغرفة
فوجدها تقف في مواجهة جدتها وتقول بصوت باكي : إرتحتي
الجدة : بتقولي إيه
سلمى : ماتت وسابت الدنيا كلها علشان ترتاحي ………..عمرك
ما حبيتيها ولا حبتيني ……………
الجدة : إنتي إزاي تكلميني كده يا بنت
سلمى : مش حسامحك أبداً إنتي وقفتي حاجز بيني وبين أمي
…………عمري ما حسامحك
والد سلمى في ذهول : سلمى …………..إنتي إزاي يا بنت
تتكلمي كده
سلمى : إرتحت يا بابا ضميرك مرتاح لما سمعت كلامها
والد سلمى : إنتي بتقولي إيه
سلمى : أنا عارفة كل حاجة سمعتكوا …………….متديهاش
فلوس مش هي مسؤولة من جوز يصرف على عياها
………….فاكرة كلامها بالحرف ………….امي كانت محتاجة
فلوس علاجها وإنت بخلت عليها …………..نظرت سلمى نحو
جدتها نظرة نارية مملوؤة بالشر ثم تابعت : إنتي السبب في
موتها …………..ياريتك إنتي اللي موتي وهي عاشت
لم تشعر سلمى بعدها إلا وكف والدها ينزل بسرعة البرق على
وجهها ……………نظرت له باكية في ذهول وتركتهم وهرعت
لغرفتها .
شعر الأب بالندم للحظات ……………إبنته الصغيرة في حالة
يرثى لها …………..وتحتاج لبعض اللين في هذا الوقت بالتحديد
………………..و سلمى قضت ليلتها في بكاء ولكنها أخفت في
نفسها أمراً من الجنون ………….إنتظرت حتى خلد الجميع للنوم
ودخل الثلث الأخير من الليل وتحركت على أطراف قدمها بهدوء
………..حاملة حقيبة صغيرة ………….وفي نيتها الهروب

انت في الصفحة 10 من 20 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
4

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل