
الفصل التاسع
بعد مرور عدة أيام …………….
خرجت مريم من المشفى ……………..كانت لا تزال على حالها
…………صامتة ……………شاردة ……………قررت أمها أن
تخرجها من هذا المكان والعودة …………….ربما تتحسن إذا
إبتعدت عن تلك البلدة …………….جلست بجانب أمها في سيارة
الأجرة متجهين للمنزل بعينين متحجرتين وملامح تائهة
……………نظر لها أحمد في حسرة ثم قال بعد أن وصلوا
للمنزل : انا حاروح القسم وبعدين أرجع تكوني جهزتي
وأوصلكوا المحطة
هناء بعين باكية : طيب يابني حتسيب جودي كده
أحمد : جودي بعد ما حضرتك توصيليها لماما هي حتاخد بالها
منها ……………..لكن أنا ماقدرش أمشي من هنا وأسيب سلمى
………….ماقدرش
نظرت هناء له والألم يملاء قلبها ……………..توجه أحمد
للقسم أملاً في سماع أي جديد وخوفاً من سماع أي جديد
………….
الضابط : اهلا إتفضل يا أستاذ أحمد
احمد : في جديد يا حضرة الظابط
الظابط : الحقيقة في
أحمد : خير
الظابط : إحنا عرفنا الأرقام اللي إتصلت بتليفون مدام سلمى
واللي برده إتعملت منه
أحمد : وبعدين
الظابط : الحقيقة تقريبا يومها رقم وحيد هو اللي كلمها ولما
عملنا تحرياتنا إكتشفنا إنه خط مسروق من ست كبيرة وهي
سابته وكسلت تبلغ
أحمد : إيه
الضابط : الرقم ده كلمها مرتين يوم الحادث ………..مرة الظهر
ومرة بالليل تقريبا الساعة عشرة
أحمد : يعني بعد ما خرجوا كمان
الظابط : كمان لما زودنا جهودنا وبطريقة محترفة وصلنا
للموبايل اللي اتعملت منه المكالمة لقيناه مع طفل من أطفال
الشوارع بيقول لقاه في الشارع
أحمد : يعني …………..ده معناه إيه
الظابط : معناه ان اللي كلم زوجتك كان عارف اللي حيحصل
وعلشان كده قطع كل خيط يوصلنا ليها …………معناه إن زوجة
حضرتك إختفاءها مش صدفة …………ده مع سبق
الإصرار……………….الأمل الوحيد عندنا في مريم
…………هي اللي عارفه مين إتصل بيها وقالها إيه وخرجوا
راحوا فين
خرج احمد من القسم وهو في حالة ذهول ……………من إتصل
بسلمى ………….من يود أذية زوجته ………………..ماذا
تعرف مريم ؟؟؟
كانت تنظر له وهي تبكي بإضطراب شديد ……………وترتعش
لمجرد إقترابه منها ……………فقد أحمد اعصابه وهو يقول : يا
مريم أرجوكي ……………..أنا عايزة أعرف حصل إيه ومراتي
ممكن تكون فين …………إتكلمي يا مريم خرجتوا رحتم فين
…………..مين إتصل بسلمى
كانت مريم ترتعش وهي تنظر له في رعب فهي لم تكن تراه كانت
ترى شخص آخر …………….نعم آخر عاد وسيهاجمها مرة
أخرى ظلت تصرخ بهيستريا شديدة وهو يقف مذهولاً أمامها
…………..إحتضنتها أمها ونظرت نحوه بغضب الأم الخائفة على
إبنتها : سيبنا يا بني …………..سيبنا يابني الله يسهلك
……………..كفاية اللي حصل لبنتي ……………..حرام عليكم
……………..حرام عليكم
أخذ أحمد طفلته الصغيرة ونظر نحو مريم في حزن ورجاء ثم
خرج …………….
وفي مكان آخر على رصيف الميناء طغا صفير الباخرة وهي
تعلن الرحيل على كل الأصوات ……………..همهمة الناس
………….التحيات وكلمات الوداع …………….كانت تقف
وحيدة …………..لا يوجد من يودعها …………….هل يوجد
من سيفتقدها أو يسأل عنها …………..نزلت دمعة من عيناها
فهي تترك مكاناً غريباً لتذهب لمكاناً أكثر غربة وقف بجانبها
وقال لها : يلا يا حبيبتي علشان ترتاحي في الأوضة
وضعت نظارتها الشمسية حتلى لا يلحظ الدموع في عيناها
وإتجهت معه تاركة ……………تاركة ربما ما لا تعلمه
……………
كانت غرفة أنيقة بفرش وثير …………تقدم منها وطبع قبلة
صغيرة على وجنتها وقال : إرتاحي وغيري هدومك
……..ساعتين ونتغدى في المطعم وبعدين تتفرجي على جمال
البحر
سلمى : حاجة تخوف
يحيى : إيه
سلمى : حاجة تخوف لما تكون في وسط البحر ………….مفيش
حواليك غير المية ……………..مفيش أرض صلبة تمشي عليها
……………هو انا كنت بخاف من البحر يا يحيى
نظر لها بعمق وظل صامتاً للحظات ……………نعم فلطالما
خافت سلمى من البحر …………..طالما أخبرته أنها كانت تقف
على الشاطئ دوماً لا تستطيع أن تقرب المياه ……………….كم
تمنى في أحلامه أن يحملها ويغوص بها في المياه وهي تشعر
بالآمان بين يديه ………………..نظر لها نظرةً حانية ثم قال :
أيوه كنتي بتخافي بس لما كنت بشيلك وانزل بيكي المية كان
الخوف بيروح علشان انا معاكي
إحتضنها يحيى وملس على رأسها وقال : طول ما يحيى جنبك
متخافيش …………متخافيش من أي حاجه
خرج وتركها لترتاح ووقف ينظر لأمواج البحر المتلاطمة التي
تظل تتخبط ووتتصارع حت تصل نحو الشاطئ معبرة عن قوتها
بل معلنة عن إنتصارها…………….
أغمض عيناه وتذكر …………..عاد بذهنه عشر سنوات إلى
الوراء ………..نعم فالنظرة الاولى كانت منذ عشر سنوات
……….
وُلد يحيى في قرية صغيرة …………..وبعد مرور سنوات إنتقلت
العائلة للقاهرة حيث توفر للوالد عمل كحارس لأحد الxxxxات
…………كان يحيى وقتها ما زال طفلاً لم يتعدى عامه الحادي
عشر ………………..تغيرت طباع يحيى كثيراً منذ إنتقاله
للمدينة ……………تأثر بزحامها …………..صخبها
………………. السيارات الفارهة والملابس الأنيقة
……………ومع مرور الوقت أصبح يحيى طفلا متمرد اً
…………….يتذكر يحيى جيداً العلقة الساخنة التي لقنها له والده
بعد أن قام بقيادة سيارة أحد قاطني الxxxx التي كان موكلاً
بتنظيفها وعلى الرغم مما أصابه بعدها توبيخ وإهانة ليس من
والده فقط بل أيضاً من مالك السيارة إلا أن تلك اللحظات التي قاد
فيها السيارة كانت أسعد لحظات حياته عندها علم ما يحتاجه
………………إنه المال ……………مفتاح الحياة السحري الذي
تُفتح به كل الأبواب المغلقة …………..ومع مرور السنوات
تحول يحيى لباحث عن المال سلك كل الدروب من أجله
………….دروب الشر قبل دروب الخير .
كانت الحياة تمر أمامه أيام تلو أيام ……………يتحرك ببطء في
دراسته التي ربما كان يستند عليها رغبةً في كسب إحترام الناس
…………….حتى جاء يوماً مشمساً كان يدخن سجائره بشراهه
أمام مدخل العمارة السكنية ……………فقد أصبح شاباً في
العشرين من عمره على قدر لا بأس به من الجاذبية يرتدي ثياباً
لا بأس بها على الرغم من وضع عائلته المتواضع إلا أن المال
كان قد سلك لجيبه طريق اً……………..
توقفت سيارة فارهة …………..إنها عائلة صغيرة ستقطن أحد
الشقق بالxxxx ……………رجل بملامح شديدة الصرامة يبدو في
العقد الخامس من عمره نظر ليحيى بإزدراء شديد و شابان يبدو
انهم من سن يحيى ربما أكبر أو أصغر بعام لا يختلفان في
الملامح عن الوالد …………..و زوجة جميلة …………. جميلة
جداً تمسك بيدها فتاة عندما رآها دق قلبه بعنف ……………لم
يرى مثل حسنها طوال عمره …………شعرها الأسود المسترسل
على ظهرها ………….بشرتها النقية …………….إبتسامتها
………….أناملها الصغيرة………… عيناها …………لم
يستطع أن يحيد نظره عنها غير مبالٍ بوالدها ولا أخواها
………….من حسن حظه لم يلحظ أحد سهام بصره الموجهه
نحوها ………….لم تلحظ تلك الصغيرة ذات الخامسة عشر ربيعاً
هذا الشاب المتيم بها من أول لحظة .