
الفصل الرابع
كانت ما تزال في حالة من الذهول وهو ينظر نحوها دون أن
ينطق ………….شعر بصوت سيارة تقترب …………قام على
عجل وهو يقول لها : إستني هنا
خرج ليجد عادل وهشام قد عادوا مرة أخرى ………….قابلهم
بملامح أكثر إطمئناناً ……………….
عادل : إيه الأخبار
يحيى : فاقت ………..بس مش عارفة حاجة ………….مش
عارفة هي مين
عادل : إيه !!!!!
يحيى : زي ما بقولك ………….شكلها فقدت الذاكرة
…………ممكن لما دماغها إتخبطت ؟؟
هشام وهو يقف مستنداً للحائط ويدخن سيجارة محشوة بشراهة
رغبة في النسيان !!!! : مش شرط
يحيى : إيه ………..بتقول إيه
هشام : بقولك مش شرط ……………ممكن تكون في حالة
صدمة وتخرج منها بعد دقايق أو ساعات
يحيى : وإن ده محصلش
هشام : معرفش ………… معرفش
يحيى : ومدام ماتعرفش بتفتي ليه
عادل : حتعمل إيه
يحيى : حتفضل معايا …………وحاشوف
شرد بعدها وقال لنفسه هامساً : جايز ماتفتكرش
………….ماتفتكرش حاجه ……………ماتفتكرش غيري في
حياتها
عادل : بتقول إيه ؟؟؟ حتعمل إيه دلوقتي حتفضل هنا بيها
يحيى بعد تفكير : لأ مش حينفع …………..أنا راجع على
إسكندرية هناك حاتصرف
ثم تابع : إخلعوا إنتم بقه مش عايزها تشوفكم …………عملتوا
إيه مع التانية
عادل : حنعمل إيه رميناها في حته بعيدة قدامها 3 ساعات على
ما تفوق ………إنجز نفسك بقه
نظر له يحيى بإزدراء متذكراً ما حدث لمريم ………….لم تكن
في الحسبان وكان عادل كالذئب الجائع …………وكيف يمنعه
من شئ كان سيفعله هو حتى لو كان بإسم الحب ……………..
عاد لها مرة أخرى بعد رحيلهم كانت ما تزال تجلس في نفس
الوضعية على الفراش …………لمح حقيبتها ملقاه على الأرض
فأخفاها بمهارة لن تحتاج لشئ من تلك الحقيبة فهي الآن مولودة
جديدة …………..
يحيى : يلا بينا
نظرت له وعيناها مملوؤة بالتساؤلات ولكن دون أن تنطق
يحيى : متخافيش يا حبيبتي ……….
تحركت بعد تردد …………لاحظ أنها لا تقوى على المشي
فحملها بين ذراعيه ووضعها في السيارة ………….شعوره الآن
منتهى السعادة فحبيبته بين ذراعيه …….يشعر بأنفاسها
…………يشتم رائحتها ………..أي ثمن يدفعه للحصول على
تلك اللحظة بل يهون كل شئ للحصول على تلك اللحظة ويفعل أي
شئ من أجل أن تكون تلك اللحظة واقعه الملموس .
كانت تجلس هادئة كالطفلة الخائفة وبعدها إنطلقت السيارة
الرباعية مسرعة وشقت طريقها بسرعة شديدة لمكان آخر
وعلى الهاتف تحدث مع أحدهم : ألو ………….ميكاتو إزيك
ميكاتو …………..إسمه الحقيقي محمد ………… شاب في
السابعة والعشرين من العمر تعرف عليه يحيى بحكم تجارته
الحالية ……….ميكاتو هو من يُطلق عليه ديلر ليس فقط للمواد
المخدرة بل لكل شئ وأي شئ……..
ميكاتو : باشا ……….ايه النور ده
يحيى : ميكا أنا جاي على إسكندرية دلوقتي وعايز مكان
ميكاتو : جاهز يا باشا
يحيى : آمان ………بعيد عن القلق ……..عن الناس
ميكاتو : سهلة
يحيى : خلاص ظبط ساعتين كده واكون عندك
ميكاتو : في إنتظارك
يكاد رأسه أن ينفجر من القلق ……….فمنذ ساعات وهو يبحث
عنهن ………….كان جالساً في قسم الشرطة بيد مرتعشة
ممسكة بالجوال الذي ربما لساعات يحاول الإتصال بزوجته دون
إجابه …………
نظر له الظابط بلا مبالاة ثم قال : عادةً بلاغات الإختفاء بتكون
بعد أربعة وعشرين ساعة
أحمد : يا فندم بقينا الفجر وهي عمرها ما إتاخرت كده ومعاها
بنت خالتها ……….في كارثة حصلت ………..انا عايز مراتي
الظابط : طيب إهدى بس يا أستاذ ……………..حضرتك كان في
مشاكل أو حاجه
أحمد : يا حضرة الظابط دي نازله السوق والبنت سايباها معايا
………….أنا خايف حد يكون عمل فيهم حاجه
الظابط : معاك صورهم
أحمد : إتفضل
الظابط : طيب حضرتك إمضيلي هنا وتقدر تتفضل
أحمد : أتفضل !!!!
الظابط : قعدتك هنا مش مفيدة لا ليك ولا لينا وإحنا حنشوف
شغلنا متخافش
تركه أحمد وإنطلق بسيارته دون تفكير ………..فقط يطوف
بالشوارع بحثا عنها وعلى الجانب الآخر جلست هناء والدة مريم
بجمود على سجادة الصلاة وبجانبها على الفراش طفلة نائمة
……………دموعها تنهمر بدون إنقطاع ولا ينطق لسانها سوى
بكلمةٍ واحدة …………مريم ………..مريم
بقدميها المرتعشتين وعيونها الغائرة بدأت تبصر نور الصباح
……خيال من البشر ………….همهمة …………….صورته
تقفز مرة أخرى …………مازالت تشتم أنفاسه الكريهة
………….فتحت عيناها في فزع لتجد نفسها مغطاه بملابس رجل
طيب أراد ان يستر جسدها ………..وينظر نحوها في حزن
……………..إنه أبيها …………هل عاد من الموت
………….هل ماتت هي ………….أغمضت عيناها وغابت عن
الوعي مرة أخرى مع إقتراب صوت غريب …………إنها عربة
الإسعاف …..
كان الجميع ينظر في شفقة لتلك الشابة الصغيرة
…………ملابسها الممزقة
الكدمات بوجهها …………..إنها أقرب للموت منها للحياة
…………وكأنها كانت في معركة مع الذئاب ……………نعم
ذئاب ليسوا ببشر………..
حملوها في عربة الإسعاف متجهين بها للمشفى وهي غائبة عن
الوعي في عالم آخر بل عادت لنفس الكابوس ………….هل
عادت هناك مرة أخرى ………….مازالت تسمع صخيب البحر
وكأنه يلعنهم ………….كم تنمت أن تمتد امواجه لتبتلعهم جميعاً
………….ولكن مهلاً هناك شئ لامع …………إنها ترى وجهها
الفزع …………لا بل هذا هو النصل الحاد على رقبتها
…………. إستباح به جسدها ………..ثم إنتهك برائتها
…………أنوثتها ………….عذريتها …………. هلاوس
………..تبدأ بصراخ وتنتهي بإبتسامة ……………إبتسامة من
هذا الوجه الذي سيلازمها طيلة عمرها …………….إبتسامة
لأنه نال ما أراد وفقدت هي ما ناله …………..