
الفصل الثاني والعشرون
خرجت لا تشعر بقدميها كانت تمسك ببطنها وتتحرك بصعوبة
وهي تحاول ان تكتم بكاءها ………….وقعت على الأرض
…………ساعدها البعض على النهوض ……..قذفت بنفسها
داخل أحد دورات المياه وأفرغت ما في معدتها ثم جلست على
الأرض وظلت تبكي بهيستريا شديدة ……..
لا تعرف كم مر من الوقت نظرت لوجهها في المرآه فشعرت
وكأنها ترى أحد الأشباح …………….قامت بغسل وجهها
محاولة إخفاء آثار البكاء ثم خرجت مسرعة والشر يتطاير من
عينيها ……………كان حارسها الشخصي في إنتظارها كالعادة
يقف بجانب سيارته منتظر اً قدومها ……………إتجهت نحوه
على الفور وتفوهت ببعض العبارات الصارخة ففهم أنها لا تريده
أن يتبعها ولكنه أصر فتلك أوامر مخدومه نظرت له في شراسه
شديدة ثم تلفتت حولها لتخبر الجميع بصوت زاعق أن هذا الرجل
إرهابي ويود تفجير قنبلة قد خبأها في سيارته ………إنطلقت
مسرعة لسيارتها وقد أحاط جمع من البشر بالحارس المسكين
وأكالوا له الضربات بقوة نظرت نحوه في تحدي وأشارت له
بإصبعها بإشارة بذيئة ثم إنطلقت بسيارتها مسرعة
………………..
حالة من الإنبهار هي تلك التي يعيشها مازن …………..كانت
التساؤلات تدور برأسه …………لماذا أخرجت أمه أبيه من
عالمهما بهذا الإصرار ولماذا لم يتنعم في هذا الثراء الفاحش من
صغره ………..إبتسم بسخرية وتذكر أنه قد خسر كل شئ في
عدة أشهر أطاحت الأزمة الإقتصادية العالمية بحلم شركته
الصغيرة وتوفيت والدته برصاصة طائشة في الصومال على أثر
حرب الشوارع بين المتمردين والقوات النظامية ………كره
نفسه وكره عمل أمه وقرر العودة لأمريكا ………..وكأن القدر
أراد له أن يجد الأب بعد أن فقد الأم .
نظر له محمود نظرةً حانية ثم قال : إيه رأيك في أوضتك عاجباك
مازن : عاجباني طبعاً
محمود : عارف أنا مبسوط إنك بتتكلم عربي كويس أنا كنت
فاكرك حتبقى أمريكاني زي ماما
مازن : أولاً أنا تقريباً عشت في أمريكا مدة بسيطة قوي
……………ثانياً كنت بتعامل مع عرب كثير في جوهانسبرج وده
خلاني أعرف اللغة كويس خصوصاً إن أصلي مصري فلازم
أعرف لغة بلدي ولا إيه
محمود : رحت مصر قبل كده
مازن : مرتين رحلات سياحية مع ماما
محمود : مفكرتش تدور عليا هناك يا مازن
مازن : أكيد فكرت بس فين ……………كل معلوماتي عنك كانت
صورة وكلمة سافر وسابنا معرفش أي معلومات عن عيلتك
محمود : الكلام في الماضي ملوش داعي المهم الحاضر
والمستقبل
مازن : بس ليه ماما خرجتك من حياتنا أنا كنت فاكر إنك إنت
اللي هربت وإنت طول السنين دي كنت بتدور علينا !!!!!
محمود : خلاص بقه يا مازن ………….انا عايزك تستمتع
بالحاضر ………إنتي إبني الوحيد كل ده ملكك إنت وبس فاهم
مازن : إبتسم مازن ولكنه كان شارداً لا يعرف سعادة أم قلق
تابع محمود : بكرة أنا عامل حفلة كبيرة قوي بمناسبة قدومك
عازم كل معارفي علشان حاعلن مفاجئة
مازن : مفاجئة!!! مفاجئة إيه
محمود : بكرة حتعرف ……………
دخلت مريم القاعة في موعدها كعادتها فوجدت معتز قد أسند
رأسه على أحد المقاعد وأغمض عينيه وكأنه مستغرق في النوم
…………….لم تحاول إيقاظه ولكنها ظلت تتفحص ملامحه فهي
دائماً ما تتجنب النظر إليه مباشرةً فعيونه كالصقر تتابعها دائماً
وكأنها تسعى لإصطياد نظارتها ………….كانت ملامحه تتسم
بالجاذبية …………تُرى هل كانت ستنجذب إليه إذا قابلته قبل أن
يحدث ما حدث ……………أم كانت ستتجنبه مثلما تتجنب كل
الرجال ………فتح عينيه فجأة أثناء شرودها ……….رأت في
عيونه نظرة الإنتصار وإرتبكت ولكنها تدراكت نفسها ونظرت
نحوه في تحدي ثم قالت : أنا كنت حامشي قلت شكلك نايم
معتز بإبتسامته المعتادة : لأ ماكنتش نايم بريح عيني بس
مريم : لو تعبان بلاش النهارده
معتز : لا أنا مش تعبان بس جعان تاكلي معايا
مريم : لا متشكرة
معتز : ماهو ماينفعش اقعد آكل وإنتي تبصيلي في الاكل
………..بتحبي كوك دور
مريم : قلتلك مش جعانه حاستناك بره لغاية لما تخلص أكل
معتز : أنا بتكشف على بنات وانا باكل عادي على فكرة
إبتسمت له إبتسامة صفراء ولم تجبه عندها أمسك معتز بالهاتف
وتحدث بصوت عالٍ : أيوه يا علوة ظبتطلي إتنين كومبو …….اه
واحد فياجرا وايه التاني طب إستنى …………..ها تاخدي إيه
مريم : مش عايزة
معتز : خلاص أجيبلك فياجرا
مريم بغضب : إيه
معتز : ساندويتش والله …………. ده جامد على فكرة
……….خلصي قولي عايزة إيه وإلا حاجيبلك فياجرا زيي
مريم : خلاص خلاص ………….هات فراخ
معتز : ماشي ياعم وكمان واحد فاهيتا متتأخرش جعان
أنهى المكالمة وقال لها : ………….معلش لما بجوع بفصل
نظرت له ربما لأول مرة بإبتسامة ويبدو أنها شعرت بالذنب
فقطبت جبينها وشغلت نفسها بهاتفها الجوال
نظرت للطعام وقالت : حسابي كام
معتز : نعم !!!!
مريم : لأ معلش أنا لازم أدفع حسابي
معتز : والله ده على أساس إني إيه مش راجل يعني
مريم : ملوش علاقة بالرجولة إنت ليه تدفعلي
معتز : عازمك
مريم : وليه تعزمني وتجيبلي أكل من أساسه مينفعش لو
مدفعتش مش حاكل
معتز : خلاص خلاص ………….إدفعي بس زعلان
لم تجبه وضعت النقود أمامه ثم بدأت تتناول طعامها دون أن
تنظر نحوه ولكنها إكتشفت بعد فترة أنها يراقبها وهي تتناول
طعامها نظرت له بدهشة وقالت : في إيه
إبتسم وقال لها : أصلك بصراحة…………….. ومن غير زعل
مريم : طيب قول
معتز : من غير ماتشخطي فيا وتزعقيلي
مريم : خلاص قول
معتز : كلك على بعضك بتحاولي تبقى مسترجلة لبسك ……
الشوز قصدى البيادة ………..طريقتك في التعامل لكن ………..
مريم وقد شعرت بالضيق بعض الشئ : لكن إيه
معتز : بتاكلي زي البنات …………..الحمد لله طبعا
صمتت لوهلة ثم قالت : طيب كابتن معتز ممكن أطلب منك طلب
معتز : إنتي تأمري
مريم : ياريت العلاقة بينا تفضل رسمي حضرتك مدرب وأنا
تلميذة ليك مش أكثر بلبس أزاي وباكل أزاي دي مش بتاعتك
ومش من حقك تتكلم فيها
نظر لها ضاحكاً كان على تمام التأكد أن هذا سيكون ردها
…………رسم ملامح الجدية على وجهه ثم قال بصوت أجش :
أكيد يا آنسة مريم إتفضلي حنبدأ تدريب
وطوال التدريب تخلى معتز عن مرحه معها بل كان جاداً جداً
يلومها ويزعق بصوت عالٍ عند أقل خطأ وفي النهاية لم يروقها
ذلك ………….
عادت سلمى للمنزل متأخرة ……………كان يحيى في إنتظارها
غاضباً بعدما علم بتصرفها مع الحارس الشخصي إستقبلها
بصوت غاضب وهو يقول : في إيه يا هانم
نظرت له نظرةً نارية كادت أن تفصح بكل شئ وتصرخ بأعلى
صوتها لتسأل عما حدث ولكنها تماسكت ثم قالت : ده بودي جارد
بمزاجي يسمع كلامي ………مش عينك عليا وأنا بره لو إنت
مش واثق فيا يا يحيى يبقى إحنا متجوزين ليه
يحيى : إنتي بتقولي إيه
سلمى : أنا تعبانه الزفت بتاعك ده عصبني ولازم أنام كويس
علشان حفلة بكرة ولا إيه
يحيى : حظك إن بالي مشغول بس لينا كلام مع بعض يا سلمى
سلمى : عنئذنك
دخلت غرفتها وأغلقت على نفسها من الداخل كانت حقاً تود أن
تظل وحدها في هذه الليلة ………ماذا تخفي يا يحيى كانت تشعر
أن بجعبته سراً قد يقلب حياتها رأساً على عقب وأنه لن يبوح به
بسهولة ……….ظلت طوال الليل لا تفكر سوي بالعيون الخضراء
اللامعة عيون رجل وعيون ضاحكة لطفلة ……….بكت كثيراً
ولكنها في النهاية نامت وقد دبرت أمراً.
على أنغام الموسيقى الصاخبة تمايلت الأجساد وتراقصت
………..وعلى اليخت العائم تواجد الجميع كانت سلمى قد إرتدت
فستاناً قطنياً أبيض اللون ……..ملتصق بجسدها مُ ظهراً جمالها
الفتان وتركت شعرها مسترسلاً للهواء وأخفت عيونها بنظارة
سوداء زادتها جمالاً ………….لاحظ يحيى رباط رفيع وقد عقد
ببساطة خلف رقبتها فنظر لها بغضب وقال : إيه ده إنتي لابسة
المايوه
سلمى بإبتسامه : اه
يحيى : ليه
سلمى : هو إحنا مش في البحر ولا إيه وكله أهو بالمايوه يا في
المية يا بياخد حمام شمس ……..دي قربت تبقى مايوه بارتي
يحيى : مش كله منا لابس عادي اهو والباشا حتى جوليا لابسه
عادي
سلمى : هههههههههه هي جوليا محتاجه مايوه هو اللي لابساه
مش محتاج أصلاً
وبالفعل كانت جوليا قد إرتدت شورت قصير جداً مع قميص ضيق
للغاية في محاولة لإظهار مفاتنها وكانت نظراتها توجه نحو يحيى
من آن لآخر
نظرت له سلمى وإبتسمت بسخرية ثم قالت : شكلها لابساهولك
يحيى : إيه ده مش معقول بنغير ولا إيه
سلمى : هههههههه لا طبعا أنا أغير مين دي
نظر يحيى لجوليا في خبث إعتقاداً منه أنه سيثير غيرة سلمى ثم
تابع : ليه هي مش ست وحلوة
سلمى : ست وحلوة بس أنا أحلى
قالتها بثقة شديدة وهي تنظر نحوه عندها إقترب منها فأصبح في
مواجهتها تماما وكأنه سيقبلها ثم قال : اه وملكي أنا
………….المايوه ده لو ظهرتي بيه حتشوفي مني وش
متعرفهوش يا سلمى
في تلك الأثناء ظهر الباشا وبجانبه مازن فزاد ضيق يحيى
……………طلب الباشا إيقاف الموسيقى لأنه بصدد الإعلان عن
امرٍ هام ……….توجهت له جميع الإنظار ليفجر مفاجئة من
العيار الثقيل ………….لقد قرر أن يكتب لمازن حصته في
المجموعة التي هي ستون بالمائة والباقي على شكل أسهم
وسندات يمتلك منها يحيى فقط عشرة بالمائة ………باسم أصبح
هو مالك المجموعة الآن !!!!!!
تعالت الهتافات والتصفيق وعادت الموسيقى مرة أخرى وشعرت
سلمى بثورة بركان داخل يحيى ……….كتم غيظه وهو ينظر نحو
الوريث السعيد ……….أخرجت سلمى سيجارة وبدأت تدخنها
فنظر لها غاضباً ثم قال : إيه ده مش قلت مليون مرة سجاير لأ
نظرت له بدون إكتراث ونفخت دخان سيجارتها في وجهه
……..شعرت أنها على مقربة من فوهة بركان ……..دب الخوف
في قلبها للحظات ………أنقذتها جوليا بدون قصد عندما إقتربت
منهم موجهه حديثها نحو يحيى وقالت : يحيى الباشا عم يسأل
عنك
قال لها ونظراته موجهه نحو سلمى في غضب : جاي معاكي
تركها وتوجه لمحمود مع جوليا وظلت هي تراقب الحفل
والموسيقى والرقص ثم قامت وتوجهت نحو منسق الموسيقى
“الدي جي” لتطلب منه أغنية معينة وبدأت ترقص بدون إكتراث
على أنغام الموسيقى ………..
كان مازن يجلس مع جوليا وباسم عندما لاحظ تلك الجميلة التي
يبدو أنها هاربة من أحد قصص ألف ليلة وليلة …………كانت
تتمايل بدلال على أنغام الموسيقى ………..نظرت له جوليا بخبث
ثم قالت : راح تاكلها بعيونك
مازن : هه ……………..طيب هي مين
جوليا : مرته ليحيى
مازن : مش معقول
باسم : ماهو يحيى ده شاطر في كل حاجه
جوليا : بدك ترقص شوي ………يلا إنت نجم الحفل وبعرفك
على سلمى
إبتسم لها مازن وقام معها
وبالفعل إنضمت جوليا ومازن لسلمى وباسم يراقبهم بخبث
…………ولاحظت سلمى نظرات الإعجاب في عينيه وعندها
قامت بخطوة جريئة وشاركته الرقص في تحدي واضح ليحيى
…….
كان يحيى ينظر نحو زوجته وهي تراقص مازن في غضب شديد
……………..غضب أفقده التركيز فلم يكن يستمع لكلمات محمود
……………نظر نحوه بعد شرود ثم قال : بكرة نتكلم يا باشا
………….بكرة في المكتب أحسن
محمود : ماشي يا يحيى
إنتهى الحفل ………..ظل يحيى صامتاً طوال طريق العودة
…….أفزعها صمته ولكنه تدراكت نفسها بعد ذلك فهذا هو
مرادها ………….غضبه هو مرادها ………هي في إنتظار خطأ
من الشيطان !!!!
بمجرد أن دخلوا المنزل نظر نحوها بعيون يملؤها الشر ثم قال :
إيه بقه ده
سلمى : في إيه
يحيى : واقفه ترقصي في حضن الننوس الصغير ………إنتي
نسيتي نفسك ولا إيه ……….قال ذلك وهو يجذبها من ذراعها
بقوة
فقالت له وهي تحاول أن تتخلص من قبضته : سيب دراعي إنت
إتجننت
يحيى : هو إنتي لسه شفتي جنان …….لمي نفسك يا سلمى وإلا
حتشوفي وش مني عمرك ما شفتيه
نظرت له بإزدراء شديد ثم خلصت نفسها من قبضته وهمت تتجه
لغرفتها ولكنه إستبقها وإعترض طريقها وقال بغضب :
متسيبنيش كلميني زي ما بكلمك
سلمى : في إيه للدرجة دي مفروس منه خد بالك ده اللي حتاخد
منه الأوامر بعد كده
يحيى : هي دي الطريقة اللي بتتكلمي بيها مع جوزك يا هانم فعلا
ونعم التربية رقص قدام الرجالة الصبح وقلة أدب هنا معايا بالليل
نظرت له بعيون مملوءة بالتحدى وقالت : ماهي تربيتك
لم يشعر بنفسه إلا وكفه ينزل بقوة على وجهها
كانت ضربة قوية ……….أسقطها على الأرض
…………….نظرت له بذهول شديد ………….في تلك اللحظة
لم تكن تراه بل كانت تشعر أنها في مكان آخر بقرب البحر ويحيى
يحاول الإعتداء عليها !!!!
إبتعدت عنه ……..نظرت له بغضب وبوجهٍ شديد الشحوب حاول
الإقتراب منها ولكنها صرخت بشدة وقالت له : إبعد عني
……….إبعد عني لو قربت مني حموت نفسي …………إبعد
إبتعد وعلى وجهه علامات الصدمة وعندها تخطته وإنطلقت
مسرعة خارج الفيلا لتركب سيارتها وتنطلق بأقصى سرعة ……
كان أحمد يقف خارج المنزل متردد هل يدخل لمواجهتها مع هذا
الزوج أم سيظل يراقبها من بعيد ……..ظل شارداً داخل السيارة
شعر بتأفف السائق من الإنتظار وعندها وجدها تخرج مسرعة
وزوجها يحاول اللحاق بها دون جدوى ……………نظر بعين
لامعة للسائق وطلب منه اللحاق بسيارتها …………….
لا تعرف ما الذي قادها لشاطئ البحر ربما تلك الهواجس بداخلها
………….نعم تلك النظرة المخيفة في وجهه رأتها قبل ذلك على
شاطئ البحر ………….نعم هناك حاول أن يأخذها بالقوة هذا ما
تتذكره …………..كانت تجلس في سيارتها في حالة من الذهول
……………غاضبة من هذا العقل التالف …………..قامت
بصدم رأسها في مقود السيارة بعنف شديد وعندها ظهر شبح من
الظلام كان وجهه يظهر رويداً رويداً وهو يقترب من ضوء
السيارة …………..إنه هو …………نعم هو صاحب العيون
الخضراء اللامعة .