
تبسم له بود لحظات
وتركهم الكُمثري وغادر،عادت تهرب من نظاراته مرة أخري لها، نظرت نحو خارج القطار،حتى إقترب نزولها من القطار، لكن عادت بنظرها نحو الداخل مره أخرى حين تنحنح نظرت له، تلاقت عيناهم، تبسم لها وهو يضع إحد يديه بداخل جيبه وأخرج مُغلفًا صغير، خفق قلبها وهي تنظر الى ذاك المُغلف، سريعًا أخذته من يدهُ وضعته بحقيبتها المدرسه وهى تشعر بزيادة خفقان وترقُب أن يكون رائهما أحدًا ولاحظ ذلك، بالفعل كان هنالك من رأي ذاك الموقف البرئ، هو ذاك المصور الفوتوغرافي، لكن للآسف لم تلتقط عدسته تلك اللحظة الخاصة، زاد بداخله فضول، رؤية هذان الحبيبان مرة أخري،
بينما توقف القطار بإحد المحطات، ترجلت الفتاة، وظل الشاب ينظر فى إثرها حتى إبتعد القطار وتلاشت من أمامه عاد يتنهد بإشتياق، لكن سُرعان ما تبسم وهو يتذكر خجلها، تنهد بأمل أن تقرأ خِطابه وتُعطيه الرد الذى يتأمله كي يتحقق أمله.
بعد وقت بتلك المدرسة الحكومية المُتخصصة بتعليم الفتيات كي يُصبحن مُعلمات لاحقًا، إنتهزت وقت الراحه بين الحِصص، ذهبت وإختلت بنفسها تحت إحد أشجار حديقة المدرسة ، نظرت حولها بترقُب تأكدت من عدم وجود أحد قريب منها، أخرجت ذاك المُغلف من جيب زيها، بيد مُرتعشة وخفقات مُتلاحقة فتحه وأخرجت تلك الرسالة التى كانت بداخله بدأ قلبها يقرأ تلك السطور المُفتقدة للتعبير الجيد كما قال
“عزيزتي آيات، يصعب على كثيرًا الحديث الذي لن يُعبر عن ما يكنه قلبي إليكِ عزيزيزتي، بل حبيبتي، لا أعلم ماذا تكون صفتي لديكِ، لكني متأكد من مشاعري نحوك، لم يكُن لقاؤنا صدفة بل كان حِلمًا وتحقق، تعلمين أني أعمل ضابط بالجيش المصري، علمتني الحربيه الحفاظ على كل ما هو غالي، وأنتِ غالية جدًا بالنسبة لى، لو توافقين أن يُصبح بيننا إرتباطً رسمي أكون اسعد السُعداء، أمامي شهر، أنتظر ردك بالأجازة القادمة، نتقابل بنفس القطار، اتمني أن تُعطيني ردًا
بالنهاية لكِ تحياتي’رحمي'” .
رساله مُختصرة لكن كانت ذو مغزي، ضمت الرسالة الى صدرها تشعر بمحبة وهيام وحِلم راودها منذ شهور حين قابلته لاول مرة بنفس محطة القطار حين كانت تهرول سريعًا كي تلحق بالقطار، إصطدمت به وكاد يتعثر إحداهما ويسقط أمام القطار لكن القدر كان رحيمًا بهما توقف القطار، نظرا كل منهما للآخر، القدر أعطى كل منهما للتو حياة أخرى، خفقات قلبيهما تناغمت بأنشودة خاصة بهما فقط، تكررت اللقاءات شهريًا لما يقترب من ثماني أشهُر تقريبًا… تفتح قلبيهم بمشاعر خاصة…
فاقت من ذاك الهيام حين سمعت صوت جرس قريب منها يُعلن نهاية وقت الراحه،
طبقت الرسالة وضعتها بالمُغلف واخفتها بجيب رداء المدرسة عاودت تُكمل بقية اليوم الدراسي، حتى وقت الانصراف عادت الى منزل والديها ترسم أحلامً بريئة، دخلت الى غرفتها أغلقت الباب خلفها وفتحت ضلفة الخزانه الخاصه بها، جذبت مِنديلًا من القُماش المُزخرف، فردت طبقاته ونظرت الى تلك الرسائل الموجودة به، رسائل كان يُعطيها لها، رسائل بها بعض كلمات الهيام والغزل الرقيق الغير مُنمق، لكنه واضح وصريح، لم ترُد على ايًا من تلك الرسائل، لكن قرأتها مئات المرات، حديثها معه مُختصرًا كلمات معدودة فقط.
وضعت الرسالة مع الرسائل الأخرى وطوت المنديل ثم إحتضنته وذهبت نحو الفراش تمددت عليه تشعر بإنشراح قلب وأماني سعيدة لكن سرعان ما خفق قلبها وتذكرت انها ستنتظر شهرًا كاملًا قبل تُعطيه ردها بالقبول… لكن سُرعان ما نهضت من فوق الفراش قائله بتذكير:
والدراسة، أنا لسه قدامي سنه كمان، وكمان انا عاوزه أشتغل أمنية حياتي أكون مُدرسة ، يا ترا هيوافق ولا هيعمل زي بابا وماما لما كانوا معترضين وبصعوبه بابا وافق بعد ما جدي “محمد” أقنعه.