
نظر نحو ذاك الرباط وتبسم قائلًا:
أبدًا إصابة بسيطة الحمد لله.
تنهدت بإرتياح، لكن شعرت بخزي وهي تتلفت حولها وقوفهما هكذا يُثير الإشتباة، توترت، قبل أن تُتمم على سلامته، تبسم وهو يُشير لها بيده السليمه قائلًا:
أكيد هتنتظرى القطر الجاي، وقدامه ساعة الا شوية، أكيد مش هتفضلى واقفه كده، خلينا نقعد هناك، ومتخافيش حد يشوفنا ببساطة هيفسر الأمر إننا قاعدين ننتظر القطر الجاي.
أومأت برأسها موافقة، وذهبت نحو تلك المقاعد الخشبية، جلست اولًا ثم هو الآخر جلس على طرف المقعد، صمت حل، وهواء بارد بسبب برودة الطقس، كذالك بسبب مرور قطار آخر قادم، توقف يترجل منه البعض، دقائق وعاد المكان شبة ساكنًا، دقائق صمت كل منهم ينظر الى امامه، الى أن تنحنح رحمي ينظر لها قائلا:
آيات اعتقد فات وقت طويل على معرفتنا، كمان مش أول مرة نتكلم، هدخل فى الموضوع مباشر، عاوز أعرف رايك فى شآن ارتباطها بطريقة رسمية.
شعرت بالحياء والخجل وحاولت إجلاء صوتها قائله:
إنت عارف إن فاضلى سنه كمان فى مدرسة المُعلمات و…
توقفت تشعر بتوتر… حثها رحمي على مواضلة حديثها:
أنا حابة يبقى ليا كيان خاص وأشتغل بعد ما اخلص الدراسة.
تبسم رحمي قائلا:
مش فاهم عاوزه توصلي لإيه.
بتوتر وهى تنظر نحوه لاول مرة تود معرفة ما ستقوله:
أنا مش هضيع حلمي يكون ليا كيان وأشتغل مُدرسه بعد ما إنتهي من دراستي.
شعر رحمي بإعتزاز وإعجاب يزداد لها، يبدوا أن قلبه إختار مثيلة له محاربه ضد عادات وتقاليد مازال هنالك من يتمسك بها فالمرأة مكانها المنزل فقط، بينما هو يود أن تكون شريكة حياته حُرة غير مُقيدة تختار هدف وتسعى له عكس مثيلاتها من البنات الاتي يُفكرن فقط بأنهن زوجات وعليهن البقاء بالمنزل إنتظار أزواجهن أو الذهاب الى النوادي الإجتماعية لإضاعة أوقاتهن فى ثرثرات فارغه بالنسبه له … تفتحت ملامحه، ظهرت بسمة إعجاب على وجهه، لاحظتها آيات إنشرح قلبها، لكن مازالت تود سماعها منه صريحة، لم يغيب فى الرد:
أنا ضابط فى الجيش يا آيات،مهمتي حماية بلدي، وطول الوقت حياتي مُعرضة للخطر زي ما شايفه كده إيدي كان ممكن الرصاصة تخترق قلبي وينتهي عمري فى لحظة، تقبلي تتجوزي من واحد زيي… فى لحظة ممكن يسيبك أرملة وإنتِ فى عِز شبابك.
نطقت بتسرُع:
بعيد الشر عنك، ربنا يحميك…
ثم شعرت بالخجل قائله بتتويه:
مقولتليش رأيك فى إنى أكمل دراستي وبعدها أشتغل.
تبسم رحمي من ردها وخفق قلبه قائلًا بمراوغة:
بس أنا جاوبتك يا آيات.
ضيقت عينيها بإستفهام سائله:
إمتى جاوبتني؟.
ضحك قائلًا:
أنا قولتلك على الاختيار، وإنت مقولتيش تقبلي أو لاء.
مازالت لا تفهم، ضحك مُفسرًا يقول:
أنا شغلى فى العسكريه علمني إني أعيش كل لحظة بأمل إن اللى جاي أفضل، وأكيد لما تكون أم ولادي شخصية مُتعلمة وناضجة هيكون ده له تآثير صالح عليهم، أنا صحيح عاوز ست بيت، لكن كمان بعقلية مُتفتحة تستوعب غيابي الكتير عنها، وبدل ما تقضي وقتها فى شئ فاضي تأدية فى مهمة سامية زي تعليم غيرها وتنوير عقله.
إبتسمت بإعجاب حاولت إخفاوه وهي تنظر أمأمها هربًا من نظرة عيناه…تبسم هو الآخر سائلًا:
أفهم من البسمة دي إيه،موافقة عالعرض اللى كنت عرضته فى الجواب.
بخجل أومأت رأسها،شعر بسعادة لكن ود تصريح كلامي مباشر منها،تعمد القول بمراوغة:
بيقولوا السكوت علامة الرضا، بس أنا بحب الكلام أكتر، وعاوز رد صريح حتى لو رفضاني… أنا أتمني ليكِ…
صمت حين تحدثت هى بخفوت وصوت محشرج من الحياء:
أنا موافقة.
إبتسم بإنشراح قائلًا:
تمام حيث كده بقى أنا هكلم والدى ووالدتي عشان يكون فى إرتباط رسمي بين العلتين بعد ما يتعرفوا على بعض متأكد هيكون في بينهم
إنسجام.
أومأت ببسمة حياء…بنفس الوقت إقترب القطار الخاص بها من المحطة،نهضت واققه،لكن عادت بنظرها نحو رحمي سائله:
إنت عرفك إنى هبقى موجودة هنا فى الوقت ده.
❈-❈-❈
باليوم التالي
كان أجازة من المدرسة
صباحً أثناء وجود آيات بالمنزل كانت هنالك زيارة خاصة من والدة رحمي
إستقبلتها لُبني بعد ان عرفت نفسها… وأنها تريدها بشأن خاص
جلسن الإثنتين بحوار هادئ بينهم كتعارف، ثم أخبرتها والدة رحمي عن رغبتها برؤية آيات والتعارف عليها بعد أن فتحت معها أمر طلب يدها للزواج من إبنها ضابط الجيش.
بحبور من لبنى نادت على آيات التى لبت النداء ودلفت الى الغرفه ببطئ، تبسمت لها وادة رحمي وغمزت بعينيها،شعرت آيات بالخجل وأخفضت وجهها بحياء، برأس والدة رحمي أشادت بإختيار، ولدها فتبدوا كما قال عنها انها ذات قبول رباني رحبت بها جلسن سويًا لبعض الوقت، ثم نهضت والدة رحمي ومدت يدها ببطاقة صغيرة قائله:
ده رقم التليفون بتاعنا هنتظر منكم رد وأتمني يكون بالموافقة بصراحة أنا حسيت معاكِ يا لبني بالمودة رغم إنها اول مره نتعرف على بعض.
تبسمت لبني ببساطة قائله بقبول:
وأنا كمان والله، وإن شاء الله خير.