روايات

رواية بقلم ايمان محمود

~بخوف: مامتِك حصلّها إيه؟
بسنت حاولت تتكلم، بس مرة واحدة زقّيتها بعيد، وقفت قصادُه، وبزعيق وكُره لفعلتُه البشِعة:
-ماما هتموت بسببك، عشان انت أناني، ليه عملت فينا كُلنا كدا؟ ليه اتجوّزت عليها وهي.. هي بتحبّك، حتى لو هي وحشة فدا عُمره ما يدّيك الحق بإنك تداري جوازك عليها لحد ما هي تعرف بالصُدفة ويحصلّها كدا، أنا.. أنا مش عارفة أفهم انت ازاي تعمل فينا كلنا كدا، ازاي؟
خلّصت كلامي بزعيق وأنا حاسة إني لسّة مطلّعتش كُل اللي جوايا، أنا.. أنا كُنت بحبُه، دا كان كُل ما ليّا، كان الأب، والأخ، والحبيب، والسَند، ازاي يخذلني ويوجعني بالشكل دا؟
رفعت عيني بعد ما استردّيت ثباتي، وأول ما عيني وقعت على دموعُه قلبي اتقبض، فتح بوقه وكإنه هيتكلم بس سكت من تاني، وبعد ما كرّرها لأكتر من مرة وكإنه مش قادر يواجهني بالحقيقة، أخيرًا.. اتكلّم:
~أنا مكنش قصدي صدّقيني، الموضوع حصل بسرعة، و..
-اتنرفزت: يعني إيه حصل بسرعة؟
مكُنتِش متنرفزة من مُبرّراتُه على قد ما أنا متنرفزة من مُماطلتُه معايا في الكلام، أنا بس عايزة عُذر واحد.. مجرد عُذر وهسامحك صدّقني، دا أنا ما زِلت مليش غيرك في الدُنيا.
~غمّض عنيه: طب مش حابّة تعرفي هي مين الأول؟
فضلت ساكتة لإني معنديش فضول أعرف، بس هو كمّل:
~دي سُمية مرات عمّك بُرعي الله يرحمه.
بربِشت بعنيّا لأكتر من مرة وكإني بحاول أفهم علاقة سُمية بعمّي الله يرحمه ببابا، كُنت هتكلّم فقاطعنا خروج الدكتور اللي التفتنالُه احنا الاتنين.
-ماما مالها؟
سبقتُه في الكلام، فسكت واستنّى يسمع رد الدكتور، لحظات تقيلة عدّوا والدكتور لسّة في مكانُه بيبُصّلنا بجمود، وبعد ثواني، اتكلّم.. وياريتُه ما اتكلّم:
‘للأسف دخلت في غيبوبة سكر، احنا هنحطّها في العناية حاليًا وإن شاء الله هتتحسّن مع الوقت.
رجعت كام خطوة لورا وهو بصّلي بقلق، بصّ ليونس وبسنت اللي كانوا واقفين من أول ما جه بيتفرجّوا على اللي بيحصل من غير تعليق، وبخوف حسّيتُه مالي نبرة صوته:
~هتكون كويسة، هتكون كويسة، مها صدّقيني الموضوع مش زي ما انتي فاهمة، أنا..
مسمعتِش بقية كلامُه، ومهتمّتش بإني أسمعُه، وموعِتش بعدها غير بنفسي وأنا بجري برا المُستشفى وكإني بهرب منهم كلهم.. ومن نفسي.

=خُدي كُلي الفراولاية دي طيب.
بصّيت للفراولة اللي كان مادد إيدُه بيها، وبعدين بصّيت لمامتُه وباباه اللي واقفين بعيد شوية مع بابا وبيتكلّموا سوا، وبتردُد خدتها منه.
=ابتسم: متخافيش مش مُسممة.
-ماشي.
ابتسم وبصّ لطبق الفراولة اللي في إيدُه وخد واحدة وبدأ ياكلها، وأنا سرحت للحظات في ذكرى الأيام المُرهقة اللي فاتت، وقفتُه جنبي طول الأيام اللي فاتت واللي حالة ماما متحسّنِتش فيهم بشكل كبير، سهرُه ويّانا، تقبُّلُه لكل انفعالاتي اللي كانت بتطلع قصادُه بدون قصد، لمعة عنيه اللي بتخطف قلبي من كل الهم دا.. ياااه يا يونس، والله الواحد خايف يقع في حُبك أكتر من كدا تقوم متجوّز عليّا انت كمان.
يتجوّز عليّا؟، دا أنا أشرب من دمُّه.
=مين دا اللي هتشربي من دمُّه؟!
بصّتله بتوتر وحاولت أفكر في أي حاجة أقولها، بس من غير تفكير لقيتني بسألُه:
-انت مُمكن في يوم تتجوّز عليّا؟!
=ابتسم ببطء: الشرع محلّل للواحد أربعة.
-كشّرْت: وعلى فِكرة بقى الموضوع دا بيكون في حالة إن الزوجة فيها عيب هو مش قادر يتعايش معاه أو حاجة زي كدا، يعني لازم يكون مُضطر لكدا، مش حلاوة هي.
=ضحك: طب يا بنتي نتجوّز الأول وبعدين نشوف الموضوع دا، دا احنا بنتحايل على مامتِك بقالنا أربع شهور وهي مش على لسانها غير كلمة شوية كدا ولما ربنا يريد اتجوّزوا، وأدينا متحنّطِين جنبها وداخلين على التلات سنين خطوبة أهو الواحد مش عارف يمسك فيهم إيدِك حتى.
بصّيت للأرض وضحكت على ملامحُه اللي اتحوّلت لتكشيرة لذيذة، وبعد ثواني رفعت راسي ليه من تاني، وبجمود مُصطنع:
-ولسة مش هنتجوّز غير لما ماما تصحى.
=طبعًا مش هنتجوّز غير لما ماما تصحى.
ابتسمت بلين لإنه تقبّل الكلمة، بس ابتسامتي راحت وعيني وسعت بصدمة لما كمّل بهدوء:
=بس هنكتب الكتاب بعد بُكرة.
-دا على جُثّتي.

“بارك الله لكُما وبارك عليكُما وجمع بينكُما في خير.”
بصّيت للأرض بتوتر، وبسُرعة قرّبت من بسنت، ثواني والمأذون والشهود مشوا، ومن غير ما أنتبه بسنت طلعت هي كمان، بصّيتله بتوتر لما حسّيت إنه واقف قصادي، ورفعت صباعي في وشّه بتحذير.
-لو قرّبت هصرّخ، واحنا في مُستشفى والأمن هيبهدلك، انت حر.
ابتسم وقرّب خطوة فبعدت بتوتر، قرّب راسُه منّي وبغمزة:
=ويرضيكي برضُه قُرة عينك يتبهدل كدا؟
بصّيت بعيد وسكتّ لما حسّيت إن الكلام بقى تقيل من كُتر التوتر، وبصوت مهزوز:
-أنا.. هشوف ماما.
معطتهوش فُرصة يتكلّم واتوجّهت لأوضة ماما بسرعة، وبمُجرد ما دخلت خدت نفَس عميق، مش مصدّقة إننا فعلًا كتبنا الكتاب وماما لسة تعبانة، مش مصدّقة إنه قدر يقنع الكل بل ويقنعني أنا شخصيًا بإننا نكتب كتابنا عشان يقدر ياخُد راحتُه معايا ويفضل جنبي طول الوقت من غير ما نفضل مُلتزمين بالضوابط اللي احنا الاتنين مُصرين نمشي عليها، بس بالرغم من إن كُل دا حصل بسرعة نوعًا ما، إلا إني مرتاحة للخطوة دي، اتنهدت بتوتر وقرّبت من سرير ماما، راقبت ملامحها الباهتة، ومن غير ما أحس دموعي نزلت، مش قادرة أشوفها بالشكل دا مع إننا عمرنا ما كنا قريّبين من بعض بدرجة كبيرة، لإنها مهما عملت ومهما حصل بينّا فهي أُمي.
دماغي سرحت لثواني في بابا وفي حوار جوازُه، ومرة واحدة حسّيت بخنقة، ليه يتجوّز؟! ليه يعمل فينا كدا؟ هو عارف إني كُنت بحبه ازاي يخذلني بالشكل دا؟!
~كُنّا بندوّر عليكي.
مردّتش وفضلت باصّة لإيد ماما اللي ضمتها ما بين إيديّا، قرّب مني وحسّيت بإيدُه على كتفي، وبالرغم من إني مشتاقة لضمتُه، إلا إني بعدت نفسي عنه بعُنف نوعًا ما، وبجمود عُمري ما اتكلّمت بيه معاه:
-حضرتك عايز حاجة؟
~بذهول: حضرتي؟
-اه حضرتك.
~كشّر: مها أنا بابـ..
-قاطعتُه بصوت عالي مقدرتش أتحكّم فيه: لا انت مش بابا، بابا لا يُمكن يعمل فينا حاجة زي دي، لا يُمكن يخون ماما ويتجوّز عليها من ورانا، ولا يُمكن يكسر قلبي بالشكل دا، انت.. انت خذلتني، أنا معتش عايزاك.
خد خطوة لورا بوجع وذهول، وأنا فضلت في مكاني مش عارفة أفكّر في أي شيء، دماغي بتدور في حلقة واحدة، ومع كُتر الدوشة والأفكار، غمضت عينيّا واستسلمت للدوار اللي سيطر عليُا.

انت في الصفحة 3 من 4 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل