روايات

رواية بقلم منى الكاشوري كاملة

” مافيش كتب كتاب غير في الفرح وده أخر كلام عندي يا فتحي”

زفر خطيب ابنته نوال بضيق: ياعمي احنا مش اتفقنا قبل كده وكنت موافق.. إيه جرى؟ انا بصراحة مش بعرف اقعد اتكلم مع خطيبتي وبتوتر وام ناصر بتفضل قاعدة قصاد الأوضة تراقبنا كأني هخطفها..عشان كده قلت كتب الكتاب، هو في حاجة قالقاكم من ناحيتي لا سمح الله؟

أبو ناصر: اسمع يافتحي يابني.. انت مش قدامك ست شهور وتكون جاهز؟
_ أيوة ويمكن أقل!

_ أقل ولا اكتر ربنا يعينك.. اهي البت مستنية وادينا بنجهزها براحتنا.. وحكاية. انك مش عارف تاخد راحتك في الكلام مع خطيبتك..معلش اتحمل كلها كام شهر وتبقى في بيتك على طول!
_ بس ياعمي… .
_ مافيش بس يافتحي ده أخر القول.. خلي موضوعكم يكمل على خير من غير مشاكل، وربنا يقرب البعيد، ومحدش وقتها هيكون له عندك حاجة!

يأس أن يجعله يتراجع عن قراره.. فغادر فتحي يعتريه الضيق، وكلما ذهب ليراها وجد والدتها تتابعهما بشكلٍ فج وترفض حتى التنزهة معها گ السابق.. وكأن هناك ما طرأ وغير عادتهما معه..!
________________________

أم ناصر وهي تعلق معطف زوجها بغرفتهنا:

_ عداك العيب انك رفضت طلب فتحي.. كتب كتابهم هيكون يوم الدُخلة! محدش بقى مضمون الأيام، أفرض ضحك ع البت واحنا في غفلة ومش داريين!

اقتنص الفرصة ليثبت لها تناقضها الغير عادل مع موقف جنة وتحميلها كل اللوم:

_ يعني بتعترفي ان ابنك هو اللي ضحك على جنة اهو!!

أدركت فخه، فجادلته: لأ دي مش زي دي.. انا بنتي قطة مغمضة ماتفهمش حاجة انما بنت اخوك…. .

زغر لها محذرا قبل ان تتمادا، فابتلعت باقي حديثها:
أنا همشي من قدامك خالص.. مش كل شوية هنتخانق عشان المحروسة مرات ابنك!

هز رأسه بيأس وضيق من تجبرها على ابنة أخيه، لكن مايطمئن قلبه، هو ناصر وقدرته على حماية زوجته ونيل رضاء والدته بنفس الوقت! تنهد وهو يدعوا بصلاح النفوس وصفاء قلب زوجته!

بعد بضعة أيام!

على أعتاب باب منزل عائلة جنة، تجلس والدتها متربعة أرضًا وهي تفرط حبات ” البازلاء” بشرود و الشوق يأكل روحها لرؤية ابنتها ولكنها لا تستطع مخالفة زوجها رحيم الذي مازال غاضبًا، وحرم عليها الذهاب لمنزل ناصر خاصتًا بعد تجاوزت أم ناصر وأهانتهم بكلمات لاذعة، فحمل ابنته وزوجها ذنب كل هذا، أما هي ذاتها أيضًا غاضبة منها، ولكن تظل ابنتها وحبيبة قلبها وأول فرحتها..!

_ سلامو عليكم يامرات عمي!

رفعت بعيناها سريعا فور سماع صوته وهتفت بجزع: بنتي جرالها حاجة يا ناصر؟

ابتسم بهدوء: لما انتي قلقانة عليها ووحشاكي كده.. ليه مش راضية تزوريها؟
نكست رأسها بحزن وخبئت عيناها الدابلة وتظاهرت بتفريط حبات البازلاء! فدنى من جلستها وواصل:

لحد امتى هتفضلوا بتعاقبونا أنا وهي يا مرات عمي؟ كام شهر واحنا لوحدنا..مش كفاية عقاب؟ في النهاية جنة كانت مراتي وخلاص بقيت في بيتي وقريب أوي ربنا هيجبرنا بأول طفل وانتم بعيد عننا..

وواصل بنبرة مغموسة برجاءه:
بنتك محتجالك.. جنة نفسيتها تعبانة اوي لأنكم مش بتكلموها.. سامحونا وارجعوا اسألوا علينا.. إن كنا غلطنا، دفعنا التمن..بعدكم.. والديون اللي بدأت بيها حياتي.. والضغط والهم اللي شلته والخوف اني مقدرش اتكفل ببيت وزوجة وعيال.. وحاجات كتير أوي ضاعت مننا ..حتى يوم فرحنا كان كئيب وكل واحد نام وهو مدي ضهره للتاني..!

واقترب إليها وهو يرى انهيار عبراتها تزحف مغرقة ثنايا وجهها والحنين ينضح من مقلتيها المترقرقة:

كلمي عمي يسامحنا وأنا كمان هستسمحه وعارف إن مش هنهون عليه يفضل مقاطعنا.. وانا وجنة مالناش بركة غيركم!

مررت طرف كم جلبابها وجففت دموعها، وشوقها لابنتها يخمد داخلها كل عناد وغضب ففهتفت :

عمك لسه زعلان.. وانا كلمته كذا مرة ومش راضي يلين، بس انا مش هسكت لحد ما يرضى ويسمحلي ازورها وهو كمان يزورها معايا..!

استنار وجهه بأمل:
ربنا مايحرمني منك ياست الكل، كنت عارف مش هتكسفيني! وانا مستني اللحظة دي بفارغ الصبر

ثم تنهد وهو يغمغم بخفوت: فاضل امي اراضيها هي كمان! وربنا يهديها..!
______________________

_ أنا عايزة اشوف اخويا ناصر يامه!

تجرعت ماء جوفها وعيناها ترمش بحنين:
روحي زوريه ياشهد.. محدش منعك!

_ عايزة اروح معاكي.. ليه مخاصمة اخويا؟

شعورها انه فضل زوجته عليها ولم يلبي رغبتها أورثها حنقًا وغصبًا منه..وحقدًا وغيرة لا تنكرها منها..! لم تكن خطبتهما برضاها.. كانت تتمنى له فتاة أخرى، ربما لكرهها القديم لوالدتها.. لكن إصرار ناصر على ابنة العم جعلها ترضخ على مضض، وظل بقلبها ذاك الرفض، وحين ظنت ان الفرصة سمحت لتلفظها من حياته، جابهها ناصر بقوة متمسكًا بها ولم يبالي بغضبها.. نعم تشتاقه حد الوجع.. لكن لن تذهب إليه!

_ ناصر أخويا؟!!!!!

انت في الصفحة 15 من 18 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
8

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل