
ابدلت ثيابها بأخرى تناسب استقبال من أخبرها ناصر عنهم، وتعجبت لما لم يتركها لتعد شيئًا گ ضيافة لهم
وبعد قليل صدح رنين الباب فأمرها أن تفتح للزائر بنفسها، فازدادت تعجبًا لكن أطاعته، وما أن فعلت حتى تسمرت مكانها بعين جاحظة مذهولة وهي ترى والديها وأشقائها الصغار وبالجوار والدي زوجها وأشقاء ناصر.. جميعهم واقفون يطالعوها.. ولكن اختلفت النظرات.. والدتها تبكي ووالدها تلمع عيناه بحنين يحاول تحجيمه والسيطرة عليه، بينما أشقائها يبتسمون لمرآها.. أما والدة زوجها فنظرتها لم تكن ودودوة.. وكأنها تنفذ مهمة ليس أكثر.. بينما يطالعها والد ناصر بابتسامة راضية وهو يتمتم: إيه يا مرات أبني.. هنفضل واقفين برة كتير!
وكأنها فقدت النطق والعبرات تسيل على وجنتيها بغزارة.. فاقترب ناصر واحاطها بذراعه قائلا:
معلش يابا أصلها متفاجئة.. اتفضلوا عشان بيتنا يتبارك بيكم.. واستجابو لدعوته وكلًا منهم يسلم ويعانق تلك المآخوذة وهي لا تصدق بعد وجودهم على أعتاب بابها.. وما ان عبرت والدتها حتى تلقفتها بين ذراعيها باكية.. وهنا انهارت جنة تبكي بصدر والدتها التي راحت تهدهدها وتخبرها كم اشتاقت لها طوال المدة الفائتة..!
………………
تنحت بها داخل غرفتها ثم احتصنتها وهي تحاكيها بحنان ادخرته طيلة أيام فراقها: طمنيني يابنتي جوزك عامل ايه معاكي؟ بيعاملك كويس ياجنة.. قالك كلمة تزعلك واحنا بعيد؟
راحت تتلمس برأسها گ القطة أحضان والدتها مجيبة:
كويس يامه.. مزعلنيش ابدا.. مكانش معكر عيشتنا غير زعلكم ومقاطعتكم لينا..! قوليلي يامه، أبويا لسه غضبان عليه؟
_ أبوكي قلبه طيب يا جنة، أوعي تكوني فاكرة كان مبسوط..ده انا كام مرة اشوفه بيبص على سريرك وهدومك بشوق بس كان بيداري.. اطمني ياضنايا.. راضي عنك وانا كمان راضية يانور عيني!
هناك كلمات تساوي بأثرها قطرات المطر التي تسقط على جسدا تيبس من جفافه، فارتوى بتلك القطرات.. هكذا شعرت جنة التي بضمة والدها لها فيما بعد ازدادت ارتواء وشبع لن تظمأ بعده ثانيًا..!
____________________
أوصى ناصر مسبقًا على وليمة غداء متواضعة للعائلاتين.. واصطبغ يومهما بدفء عائلي كم كانوا يحتاجونه.. وزوجته التي استنار وجهها بشدة مبتسمة وتضحك مع أشقائها وتنعم بحنان والديها.. كما حاولت استرضاء والدته بالاهتمام الشديد بها هي وأبيه..!
غادروا جميعهم بعد وعود بزيارات أخرى لهما..وبمجرد اختلاء البيت من الجميع ارتمت جنة بأحضان زوجها تبكي سعادة تختلط بامتنانها لما فعل لأجلها.. كانت تلك مفاجأته التي وعد بها.. ظلت تدعوا له إلى أن غلبها النوم بين أحضانه، فدثرها جيدا وغفى وهو يطالعها براحة.. أخيرا استعادوا راحة البال والفرحة بعودة الوصال مرة أخرى مع من يحبون!
___________________
يوم ولادة جنة!
استفحل الألم ولم تغفو جنة طيلة ليلتها وهي تئن داخلها حتى لا توقظ زوجها.. ولكن لم يعد الوجع محتمل، وبدون مقدمات أطلقت صرخة أفزعت ناصر من نومه وجعلته يهرول متصلًا بوالدتها.. فعلى مايبدو آن الآوان لولادة طفله الأول!
……………… ..
_ النونو شبهي!
طالعت جنة شقيقتها نجلاء وهي راقدة على فراش المشفى هاتفة مبتسمة بوهن: بجد.. يبقي اكيد شكله حلو!
هتفت والدتها التي تحتضن بعيناها حفيدها الصغير:
لا ده كله أبوه “ناصر”.!
ابتسم الأخير وداعبها: أنا أساسا مش شايفه له ملامح لسه ياحماتي.. هيبان بعدين!
رحيم بسعادة لقدوم حفيده: مش مهم شبه مين.. المهم ان صحته حلوة وبخير.. ربنا يبارك لكم فيه يابني ويتربى في عزكم!