روايات

نجمة الباشا

-خد روح أفطر وتطلع على الراجل على طول، أنا هتصل بيه كمان ساعه اشوفك روحت ولا لا!

-ربنا يخليك لينا يا باشا والله هطلع على هناك فُريرة.

تركه سليم وراقبه يركض بجسده رغم وزنه الزائد بعيدًا عنه، حرك رأسه في يأس قبل أن يعود لمكانه عند مقدمه السيارة ممسكًا بالحقيبة الورقية أعلاها.
لكنه ما كاد يستند بشكل كامل حتى انتفض قلبه وهو يرى نجمة خارجه، استقام في حماسة وتقدم منها بترقب وطيف ابتسامه خفيفة على شفتيه.
تسمرت نجمة ما ان انتبهت لوجوده ووقفت تطالعه في ذهول، اقترب سليم منها بابتسامه مشاكسة وكاد يفتح فمه للحديث لكنها سبقته متسائلة في نبرة فظة مرتعبة:

-سليم، أنت بتعمل إيه هنا؟

-امم، أنا كمان مبسوط إني شوفتك.

أجاب سليم والسخرية تنضح من حدقتاه قبل أن يمد كفه الممسك بالحقيبة الصغيرة التي لم تنتبه لها حتى، نظرت حولها في ارتباك قبل أن تسأل في خفوت:

-إيه ده؟

-افتحي شوفي مش هيعضك.

رمقته باستخفاف تخفي خلفه الفضول ثم مدت يدها تلتقطها، اتسعت عيناها في تعجب هامسة:

-تشيز كيك بالفراولة!

-ومعاها دبل شوت اسبرسو متلج، أو كان متلج.

أخبرها في فخر ممازحًا، فنظرت نجمة بعيدًا لحظه تحاول كبح ابتسامة رضا على هذا الاستعراض الصريح بالاهتمام، فقد اخبرته في محادثة أمس عن رغبتها في تناولهم وعندما اخبرها باعتياديه أن تحصل عليهما بعد كورسها تحججت بالمكان البعيد وانها ان تأخرت ستأكل والدتها رأسها.

-طيب قولي شكرًا، ما تبقيش متلبدة المشاعر كده.

قاطعها صوته الساخر فعادت عيناها الحانقة نحوه تخبره في غلاظة:

-مشاعر!!
لا خدهم مش عايزة حاجة.

-بس بس يخربيت اللي يهرج معاكي، خليها يا ستي ألف هنا على قلبك.

قال سليم سريعًا يوقف رحيلها ويدها الممتدة نحوه بأنف شامخ، لكنها استمرت في دلالها مستكملة في عتاب:

-بغض النظر ان شكرًا وكل حاجة، بس متستعبطش وتجيني تاني، ولا أنت عايز تعملي مشاكل لو حد شافنا؟

تنهد في ملل لكنه اجابها بشفاه ممطوطة ومكر لم يُخفى عليها:

-أنا عارف ان الكورس ده لوحدك ومعكيش اي حد من زمايلك ومتقلقيش مش هتحصل تاني، بس لو عايزة انا ممكن اتقدم ونخرس الألسنة!

وكأي أنثى وقعت في الفخ الذي أعده لها بين حروفه الماكرة وارتبكت في ثوان لتخبره متلعثمة:

-قولتلك مش بحب الكلام ده، احنا مجرد أصحاب.

رفت جفونها بشكل متوالي وهي تبرر، ليخبرها والانزعاج يملئ نبرته:

-ماشي يا نجمة، أنا متأسف ليكي، عن أذنك.

كاد يرحل وقد شعر بالضيق يتملك صدره لأنها لم تشعر بالزلزال الذي زلزله منذ رآها إلا إنها اوقفته بنبرتها المقطرة بدلال خفي كعادتها كلما انهالت عليه بسماجتها:

-وهتسيني واقفه في الشارع كده، طيب تعالى وقفلي تاكسي.

رمقها بجانب عينيه قبل ان يهز رأسه فاقدًا الأمل في فهم إشاراتها المبعثرة لكنه اخبرها في قبول:

-اتفضلي يا ستي، ومش هقولك انك زي القمر انهارده لتتقمصي.

سمع صوت ضحكتها الصغيرة لكنها اكتفت بنظراتها المائعة التي تنجح في تشتيت خلايا عقله وتجعله عاجزًا عن فهم طبيعة مشاعرها نحوه.
رن هاتفها داخل حقيبتها أثناء تحركهم على جانب الطريق سويًا قاطعًا لحظة مغازلة صامته بين الأعين، رفعت الهاتف ثم أجابت سريعًا بابتسامه واسعة:

-ألو يا رودي ….آآ..

انت في الصفحة 14 من 29 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
4

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل