
-الو يا ماما لا لسه شوية متقلقيش انا بتصل بس عشان اطمنك عليا.
-طيب متتأخريش أحسن أبوكي يبهدلك نص ساعة بالكتير.
ضحكت نجمة وهي تستمع لهمهمات والدها بجوار والدتها لابد إنه يتذمر لها بانه لم ينطق بحرف وان هي من تتحدث باسمه، وتمنت في تلك اللحظة من كل قلبها أن تجد شريك العمر كي تعيش معه مثل تلك العلاقة الرائعة الطفولية، فقالت مؤكدة بنبرة مشاغبة:
-خلاص يا ست ماما نص ساعة وهروح، مع السلامة دلوقتي.
-خدي بالك من نفسك وكلميني أول ما تتطلعي من الفرح ومتنسيش تبعتيلي اللوكيشن لو ركبتي أوبر.
أسرعت والدتها في تلو إرشاداتها ولكن كل ما لفت انتباه نجمة المرتبكة هو ذلك الشاب المار من جوارها وهو يلقي كلمات الغزل فحاولت إنهاء المكالمة قبل ان تنتبه والدتها وتطالبها بالعودة فورًا ولكن نجدها الله حين توقف الشاب عن مضايقتها وأبتعد دون كلمة أخرى.
على ما يبدو أنه انتبه لحديثها مع والدتها على الهاتف … ابتسمت متهكمه، حسنًا فعلى الأقل لديه مبادئ … كعدم التعرض للفتيات أثناء حديثهن مع والدتهن، فكرت ساخرة قبل أن تقاطع والدتها في نبرة عجلة:
-حاضر، حاضر يا ماما مع السلامة.
-مع السلامة.
تنفست الصعداء ما أن أغلقت الهاتف ثم التفت حولها أمله أن تلمح سليم فتفاجأت به يقف خلفها مباشرةً بطوله الفارع مقارنه بطولها المتوسط الواصل لمنتصف صدره الآن عرفت لما هرب الشاب، شهقت بعنف وما زاد من اضطرابها انه كان محور افكارها فخشيت بان يكون قد استمع لدواخلها بطريقةٍ سحريةٍ ما، لكنها اردفت في حدة متذمرة:
-قلبي كان هيقف على فكرة.
ضحك سليم رافعًا كلا كفيه أمامه في استسلام ثم غمزها بطرف عينه في مكر:
-سلامة قلبك، ان شاء الله قلبي أنا.
حاولت السيطرة على ابتسامة ترغب في الظهور وقالت بينما تعقد ذراعيها أمامها:
-على فكرة الشغل ده مش هينفع معايا.
-طيب ايه اللي ينفع معاكي؟
رمشت أكثر من مرة بعيون متعجبة من صراحته المباشرة لكنه فاجأها أكثر حين استكمل بثبات يحسد عليه:
-شوفي عشان ابقى صريح معاكي، أنا حاسس اني مشدود ليكي وعايز اتعرف عليكي أكتر.
-اه قولتلي…
قالت في نبرة ساخرة قبل ان تقضب حاجبيها مستكملة في حده:
-طيب شوف يا أستاذ سليم، أنا كنت فكراك حد محترم بس جو التعرف والارتباط ده….
-ايه ايه وحدي الله في قلبك كده، انتي فهمتيني غلط، أنا مقصدتش اللي في بالك.
-أومال تقصد ايه؟
عقدت ذراعيها في دفاعية أمام صدرها تنتظر اجابته:
-انا عايز أتعرف عليكي بأي طريقة تعجبك، ان شاء الله تكتبيلي عنوان بيتكم،
انا بعمل كل ده عشان خاطرك مش اكتر لأني حاسس والله أعلم انك هتحبيبني وهتموتي فيا.
قالها سليم بابتسامه كبيرة مشاغبة وعيون لامعة في إصرار فرفعت حاجبها قبل أن تخبره في شموخ:
-ده عشم ابليس في الجنة.
-هنشوف.
قال في تحدي واضح قبل ان يشير للداخل هامسًا في تهكم بعيون مشاكسة:
-اتفضلي لأحسن رقصة تفوتك لا سمح الله!
-حاجة ما تخصكش.
قالت في ميوعة متعمدة التمايل امامه للداخل، فأجابها في غموض وتحدي:
-وماله كله في وقته.
رمقته بعناد والتفتت للعودة تاركة الحبال لابتسامه كبيرة واسعة ابتلعت وجهها، فاقدة السيطرة على قلب يدق بعنفوان، سعيدة وفخورة بأن شعلة الجنون وشرارات الإعجاب كانت متبادلة ولم تتملكها وحدها.
بينما اتبعها سليم بنظراته الثاقبة وخطواته الثابتة وهو يتوعد بأن يمتلكها قريبًا.
***
خرجت نجمة من افكارها حين انتبهت لوصولها واقترابه من منزلها فهتفت به في رفض:
-متدخلش أكتر من كده نزلني هنا.
-لا هوصلك عند بيتك.
-أنت ليه انسان مستفز بقولك نزلني لحد من أهلي يشوفني وتبقى مصيبه.
اخبرته مستنكره عناده واصراره، فصرح متهكمًا:
-أنا عايز كده ومتقلقيش هبقى أصلح غلطتي.
ارتعشت شفتاها وقد جفت من القلق والذعر محاولة الهمس في توسل:
-عشان خاطري يا سليم نزلني هنا، بلاش فضايح!
-لا أنا عايز فضيحة يمكن وقتها ألاقي مبرر اتقدملك بيه ونخلص من حججك الفارغة.
اقترب من مبناهم فهبطت عبراتها وهي تضع طرف أصابعها فوق وجهها وتدور بجسدها شبه تخفي نفسها بالمقعد لتتوسل له باكية بحروف أسمه:
-يا سليم عشان خاطري.
أطبق فكيه والتفت يرمق هيئتها الخائفة فارتعش قلبه الخائن للرعب المتجلي في عيونها ليزفر وهو يضرب بكفه فوق مقود السيارة وينطلق مسرعًا متخطي مبناها وإلى خارج الطريق لكنه لم يتمالك غضبه وصاح في مشاعر حارقة:
-ليه عايزة نبقى كده؟
بدل ما تبقي حلالي، عايزة تبقي جانبي وانتي خايفة كده!