روايات

نجمة الباشا

-انت مش فاهم حاجة كده أفضل لينا احنا مننفعش لبعض!

ردت بين شهقات بكائها فاستكمل بلهيب الغضب:

-ليه مُصره تهدمي كل حاجة بينا بالطريقة دي؟

استمرت في البكاء دون ان تجيبه فهتف بها في نبرة تعبر عن الحرقة داخله:

-ليه توصليني اني بدل ما ابقى فخور بتعبي وبمركزي ابقى كاره حتى البدلة اللي لابسها،
عملت أيه عشان العنف الغير مبرر ده عليا وعلى شغلي ؟

-انا اسفه، بس مش هينفع.

اخبرته بين بكاءها المتواصل فهز رأسه بخيبة أمل قبل أن ينظر أمامه بكبرياء قائلًا بنبرة جافة:

-نشفي دموعك وانزلي، انا هرجع وراكي لحد ما توصلي.

هزت رأسها مقهورة ثم مسحت عبراتها قبل ان تحاول الهبوط لكنه اوقفها لا يصدق سخرية القدر الذي دفعه للتصريح بمثل هذه الاتهامات، قائلًا:

-ولو رفضاني كان لازم تفكري في ده قبل ما تلعبي عليا، أنا مش من الرجالة اللي تلفي وتضحكي عليهم وبعدين ترميهم.

نظرت له مصعوقة لاتهاماته المخجلة ونظرته الموجعة فيها ولكنها لن تبرر ولن تدافع فهي تستحق وهي من بدء اللعبة وربما سليم هو عقابها، أغمضت جفونها عندما استطرد هامسًا في خفوت مرعب:

-وابقى خلي اللعب ينفعك، انزلي.

ترجلت وقد نجح في غرز شعور بالرخص داخل صدرها، فتحركت كالمغيبة تجفف دموعها لا تشعر به يتبعها ولا تشعر بالعيون المتسائلة من حولها حتى انقذها القدر أخيرًا بأن وصلت لمبناهم بعد دقائق مرت طويلة وفرت هاربة إلى منزلها.

*****

بعد مرور ساعات دخل سليم إلي منزله يشعر بإرهاق كبير حين اوقفته والدته قائلة:

-أيه يا سليم جاي بدري يعني؟

-لا يا ماما أنا هاخد دوش واريح ساعة وهنزل تاني.

اخبرها وهو يقبل رأسها ويتحرك نحو غرفته لكنها اتبعت مستكملة:

-طيب كويس انك جيت كنت عايزاك أنا وخالتك في خدمة.

ضحك سليم في خفة على اختيارها للكلمات لكنه اخبرها في نبرة صادقة:

-أؤمريني انتي وخالتي.

-الواد نبيل ابن خالتك مدوخها وعايزاك تشده عشان تربيه شويه.

ارتفع كلا حاجبيه في تعجب صريح قبل ان يرد متسائلًا:

-عايزاني احبسهولها؟!

-يووه، تحبسهولها أيه يا سليم، بقولك ابن خالتك!

ضحك سليم وهو يبعثر خزانته بحثًا عن ما يريد وأردف:

-ايوة يعني عمل أيه نبيل ومطلوب مني أيه؟

-المنيل عايز يخلي أمه تبيع الدهب بتاعها كله وتدهوله من ورا ابوه.

توقف سليم واستدار نحو والدته يتساءل في نبرة منذهلة:

-ده اللي هو ازاي؟
هو اتجنن ولا ايه ولا هو مش عارف أبوة.

مطت والدته شفتيها لليمين قائلة في خيبة أمل:

-محدش فاهم دماغه والله يا ابني وكل اللي نازل عليه ان امه تبيع الدهب عشان يتجوز المحروسة!

رمى سليم الملابس من يده فوق الفراش غاضب على ابن خالته وقيمة المهتزة، ليخبرها في انزعاج واضح:

-يا ماما الله يرضى عليكي سبيني أحبسه، ده لازم يتربى.

-والله يا ابني ما عارفة، المهم كلمه وعقله.

عض سليم فوق شفتيه في وعيد صامت لقريبه المجنون قبل ان يخبرها مؤكدًا:

-إلا هعقله، ده أنا هخلي يبوس ايدها قبل وبعد كل وجبة في اليوم.

ابتسمت والدته في رضا لكنها هزت رأسها فاقدة الأمل في فهم ملامحه وتكهناته الغامضة ثم اتجهت للخارج مردفه:

-تسلملي يا حبيبي أنا هروح اجهزلك الغدا، ربنا يباركلي فيك ويرزقك ببنت الحلال قادر يا كريم.

ارتفع جانب وجهه في سخرية مغمغمًا:

-بس متقوليش كده لتتحرق في مكانها.

انت في الصفحة 5 من 29 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
4

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل