منوعات

ذنوب على طاولة الغفران بقلم نورهان العشرى الاول

_ ايه يا قلب امك مالك في ايه؟

هكذا تحدثت «عنايات» باستفهام وهي تُناظر «رأفت» الذي كان يزدرد ريقه بصعوبه يحاول ابتلاع تلك الغصة المريرة التي تكمن في تلك الندبة السوداء داخل صدره. لتقترب منه والدته فإذا به يقول بارتباك:
_ م . مفيش . متوتر شويه.

_ لا تتوتر ايه ؟ ولا أي توتر. انت تهدي خالص كدا. هو انت في زيك. انت بس خد الدوا اللي الدكتور كتبهولك و هتبقى زي الفل، و بعدين ياواد دي أمك منقيالك بت تحل من على حبل المشنقة هتجري ريقك على طول.

أطلق العنان لمخاوفه في الظهور على السطح ليهتف بغضب:
_ ماهو دا اللي مخوفني.

حاولت أن تبثه الثقه التي لن يُسمع لصوتها صدى داخله لذا قالت بحدة:
_ قولتلك اجمد يا واد . خايف من ايه؟ لا هو انا موت ولا موت! يالا روق كدا و فرفش و اطلع لعروستك، و كل حاجه هتبقى تمام. الدكتور مأكدلي الكلام دا.

لم تكُن قد استطاعت أن تتجاوز خوفها بالرغم من عنادها لتجد باب الغرفة يُفتح و يدخل ذلك الرجُل الوسيم المتوسط الطول الذي من المُفترض أنه زوجها.
كانت نظراته تائهة غامضة، فانعكس خوفها على إدراكها لتبدو لها عينيه مُخيفة، ولكنها أقسمت على أن تكون إمرأة وفيه حتى ولو استنفذت حياتها وهي تحاول.

أخذ يقترب منها بخطٍ بطيئة، و نظرات ضائعه وهو يتشارك معها خوفها ولكن على طريقته ليحاول استرجاع كلمات والدته، فثارت الدماء في عروقه وهو ينظر إليها بطريقة حولت خوفها إلى ذُعر و خاصةً حين انقض عليها بطريقة وحشية كانت نتائجها كارثية.

_ ما تقعدي بقى خيلتيني.

هكذا هتف «عبد الحفيظ الضباغ» إلى زوجته «عنايات» التي كانت تزرع المكان ذهابًا و إيابًا بعد أن خلعت عنها رداء القوة فهي أكثر من يعلم باستحالة معجزتها التي تبتغيها، و أيضًا تخشى حدوث كارثة قد تُعيدهم إلى نقطة الصفر من جديد:
_ انا اللي خيلتك ولا انت اللي قاعد وحاطط في بطنك بطيخه صيفي، ولا كإن اللي فوق دا ابنك.

«عبد الحفيظ» بحنق :
_ قولي للأسف ابني.

جن جنونها فهتفت صارخة:
_ عبد الحفيظ اتقي شري، و بكرة اللي انت مستعر منه دا تتباهى بيه قدام الخلق كلها.

كان يأمل أن تحدُث المُعجزة و يتحقق حديثها، ولكن صراخ قوي أتى من الأعلى ليخترق مسامعهم مما جعل جسد الثنائي ينتفض هلعًا، فهرولت «عنايات» إلى الأعلى بينما هتف «عبد الحفيظ» بخوف:
_ جيب العواقب سليمة يارب.

كانت و كأنها تهرول فوق جمرًا مُشتعِل حتى انقطعت أنفاسها وهي تدلف إلى داخل الشقة و منها إلى غرفة النوم التي اقتحمت خصوصيتها بمنتهى التبجُح لتبرق عينيها و تُكتم الأنفاس بصدرها من هول ما رأته
فوضى عارمة في أرجاء الغرفة، ثياب مُبعثرة، الطعام مُتناثر بكل مكان، و أخيرًا جسد مُمزق و مُلقى على الأرض كخرقة بالية لم يعُد لها قيمة بينما هُناك روح تنتفض كان آخر اتصال لها في هذه الحياة تلك الزغرودة التي انطلقت من فم «عنايات» لتنغلق جفونها بصمت.

اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت”♥️

★★★★★★★★

أن بسـ،ـكـ،ـين الغـ،ـدر أمرًا رغم فظاعته لكنه وارد الحدوث، ولكن أن يكُن قاتلك هو ذلك الشخص الذي بيدك وضعته عزيزًا بين حنايا الروح لهو أمرًا مُريع. لا يتحمله قلب ولا يُصدقه عقل. تعجز جميع الحواس عن تقبله، و النجاة منه مُستحيلة. كأن يُلقي بك أحدهم وسط بركان هائج ويقول لك لا تحـ،ـترق!

_ بجولك ايه يا مطاوع. لم دورك و خف مع البت الرجاصه دي. احنا ملناش في اللوع ياواد عمي.

هكذا قال «رحيم» بتقريع وهو يقود السيارة موجهًا حديثه إلى ابن عمه «مطاوع» الذي كان يجلس بجانبه يتأفف من حديثه قائلًا :
_ بجولك ايه يا رحيم. سيبني في حالي الله يرضى عليك. اني راچل بحب اللوع كَد عنيا و خصوصي اذا كان بعنين خضرا و شعر اصفر. دا اني ابجى حمار لو جولتله لاه.

كانوا قد أصبحوا على أعتاب بلدتهم في أحد مُحافظات الصعيد ليقول «رحيم» بنفاذ صبر:
_ ما انت حمار فعلًا. دي حُرمه معندهاش دم. دايرة تدور على الرچاله المخبلة اللي شبهك ترمي بلاها عليهم.

«مطاوع» بحنق:
_ يا سيدي اني موافج هو في أحلى من أكده بلا، و بعدين اني معرفش انت كارهها أكده ليه؟

«رحيم» باتزان:
_ لا كارهها ولا حاببها. بس اني راچل دوغري، و دي حديتها ملخبط، و بتعمل عكس اللي بتجوله، و حتى لو زي ما جالتلك أنها تابت من الجرف بتاعها و رايده الحلال. ليه بتروح المدعوج ده تسهر فيه كل ليلة؟

«مطاوع» بملل مُحاولًا تغيير دفه الحديث:
_مبجتش تروح يا رحيم، و بعدين بجولك ايه بزياداك تبكيت فيا مش كفايه خلتني سبتها و چيت وراك نروح في نصاص الليالي أكده ، و كل ده عشان مش جادر تتأخر على الست حنان بتاعتك.

رقت نبرة «رحيم» و غامت عينيه شوقًا حين قال:
_ اني خلصت اللي اندليت مصر عشانه يبجى أغيب عن مرتي اللي بحبها ليه؟

«مطاوع» بتهكُم:
_ ايوا ياخوي. انت تحب و أني اتچرچر من جفايا وراك..
صمت «مطاوع» حين التقمت عينيه امرأة مُتلحفة بالسواد تهرول من بعيد بين الشجر من جانبه فقال بلهفة:
_ وجف يا رحيم على چنب.

«رحيم» باستفهام :
_ أوجف ليه ؟ دي حتة مجطوعه!

«مطاوع» بإصرار:
_ وجف بجولك . مش چبت سيرة البلا اهو باينه حضر ولا اي؟

أوقف «رحيم» السيارة على جانب الطريق وهو يستفهم بغضب :
_ في ايه يا هباب أنت؟

_ عيني لمحت مرا بتچري وسط الشچر، وهي عم تتلفت يمين و شمال كيف الحرامية. الله واعلم راحه تعمل ايه دي؟!

بدأ القلق يُساور «رحيم» الذي قال باستفهام:
_ أنت متوكد من حديتك دا؟ دي حتة مجطوعه ايه اللي هيچيب واحدة ست أهنه دلوق؟

«مطاوع» بإلحاح:
_ متوكد. اومال جولتلك وجف ليه ؟

جذب «مطاوع» سلاحه من درج السيارة و توجه إلى الخارج و كذلك فعل «رحيم» الذي قال بوعيد:
_ لا أكده يبجى لازمن نشوف في ايه؟

أخذ الرجلان يتحركان في الاتجاه الذي أشار إليه «مطاوع» ليلوح من بعيد كوخ صغير. توجه الرجلان إليه إلى أن توقفا عنده ليقول «رحيم» بتحيُر:
_ افرض كان فيه راچل و مرته ولا حاچه نطب عليهم زي الجضى المستعچل اكده؟

«مطاوع» بحنق:
_ وهو في ست بردك هتاچي لچوزها في نصاص الليالي تتلفت كيف الحراميه أكده؟

بدأ حديثه منطقيًا ليزفر «رحيم» بغضب قبل أن يخترق سمعه صوت ضحكه مُجلجلة جعلت كل حواسه تتنبه ليلتفت ناظرًا إلى الكوخ بريبة و قلب يدق بجنون لا يعلم سببه ولكن هناك طنين خطر يدق بأذنيه و بأقدام تسير دون وعي توجه إلى باب الكوخ و خلفه« مطاوع» الذي لا يعلم لما شعر بأن هُناك شيء سيء على وشك الحدوث لتنزل الصاعقه فوق رؤوسهم حين قام «رحيم» بضرب الباب بقدمه ليتفاجيء بزوجته بين أحضان رجل آخر!

اللهم رضاك الذي ارجو وعفوك الذي أسعى إليه لا ترد دعائي. استغفرك يا ربي من كل الذنوب والمعاصي والآثام التي فعلتها في وضح النهار أو في الليل. اللهم توب علي واهدني إلى صراطك المستقيم. اللهم ارضى عني وتقبل مني شهر رمضان وأغفر لي تقصيري يا أرحم الراحمين.♥️

انت في الصفحة 2 من 4 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل