
هزت رأسها رافضه ودخلت فوراً في نوبة بكاء تشق قلب الكافر الا قلب عزام وفاخر وكذلك جيلان اللذين وقفوا يرمقونها بغضب شديد.
لكن قوة كمال كانت كبيرة وكافية لأن تسحبها للداخل فيما تقدمت چنا تهتف :
-ايه ده في ايه؟! مالها لونا يا كمال؟!
-تعالي يا چنا ساعديني ندخلها جوا.
تقدم محمد الوراقي بخطوات متعبه بالكاد يتحرك، فيما ساعدت چنا كمال للتقدم بلونا للداخل.
نظر كل من فاخر وعزام لبعضهما بغيظ شديد يقول فاخر:
-شوفت عمايل أبوك؟
-شكله حقيقي كبر وخرف…قال يديها ورثها قال.
-على جثتي
-بقولك كبر وخرف وانا مش هقف أتفرج عليه وهو بيبدد فلوسنا شمال ويمين …معاك يومين تقولي معايا في الي هعمله ولا هتقعد تتفرج على فلوسك انت وعيالك بتروح للنجسه دي.
ليقف فاخر محتار في أمره بشده بين نارين…
بينما في الداخل تقدمت چنا تحمل كوب ماء بيدها تتجه به نحو لونا التي يجلس كمال بجوارها يحاول أن يهدئها:
-خلاص أهدي…ماعلش حقك عليا أنا.
تناول الماء من يد چنا وحاول ان يعطيه لها:
-خدي إشربي..شويه صغيرين بس.
لكنها كانت تبكي وتشهق بكبرياء مجروح حتى إنشرخ صوتها.
وما ان تحدثت حتى قالت:
-أنا عايزه امشي من هنا.
ليقول الجد بحزم:
-مافيش مشيان من هنا يا لونا..ده بيتك.
فسألت چنا:
-هو ليه بابا بيعمل كده يا جدو.
-ربنا يهديه يابنتي ربنا يهديهم كلهم…خدي لونا طلعيها أوضتها وخليها تاخد دش وشوفيلي ماهر فين.
-كان نايم تقريباً.
-صحيه وخليه ينزلي.
-حاضر
-يالا خديها تغير وانزلوا بسرعه عايز أتعشى معاكم ياولاد خصوصاً بعد رجوع كمال.
-وبابا وعمي؟!
-مش مهم..
سحب نفس عميق ثم ابتسم بأمل:
-المهم دلوقتي انتو…الزمن مش هيرجع بضهره تاني يابنتي..يالا خدي بنت عمتك معاكي وساعديها وصحيلي البيه الكبير الي سايب البيت سايب كده في غيابي.
-حاضر…تعالي معايا يالونا…يالا عشان خاطري.
بصعوبة تحركت لونا مع چنا التي رافقتها لغرفتها وجهزت لها الحمام ثم تركتها تنعم بالخصوصية وذهبت لتوقظ ذلك الغارق في ثبات عميق:
-ماهر…ماهر…يا ماهر.
-همممم
-يا ماهر إصحى يالا الوقت اتاخر وجدك عايزك
ليسأل بخمول ومازالت عيناه مغمضه:
-هو رجع؟!
-أه وعايزك..إستلق وعدك منه على الي الي حصل مع لونا.
مع ذكر إسمها وخطب ما مجهول حدث لها تفتحت عيناه على الفور بإنتباه شديد يسأل :
-مالها لونا؟!
-مانت نايم هنا في العسل ماشوفتش البهدله الي اتبهدلتها تحت
إستقام من نومته منتصباً يسأل بهلع:
-ايه الي حصلها؟!
حكت له چنا بالتفصيل ما حدث ليقف عن الفراش سريعاً يقول بغضب مكظوم:
-طب …طب روحي انتي قولي لهم يحضروا لنا العشا وانا جاي.
-ايه يا ماهر ده…عشا ايه…هي ماصعبتش عليك خالص…دي حالتها تصعب على الكافر.
-روحي يالا يا جنا.
زفرت چنا بغضب شديد ثم تحركت نحو الخارج ليتحرك ماهر بلا هوادة يدور حول نفسه بجنون ملتاع عليها.
وبسرعه ولهفة خرج من غرفته نحو غرفتها يفتح الباب لجدها تخرج من المرحاض تحكم ثوب الحمّام الأبيض حولها ووجها أحمر من البكاء مازالت حالتها صعبة مزوية والدموع بعيناها..ليلتاع قلبه عليها أكثر وأكثر ويدرك حجم ما جرى لها بغيابه .
تقدم بلهفه يزرعها داخل أحضانه يضمها بقوه وهي أجهشت ببكاء مرير ليمرر يداه على طول ظهرها بحنان يواسيها:
-شششششش….حقك عليا..حقك عليا يا حبيبي أنا كنت نايم ماعرفش الي حصل.
لتقول ببكاء شديد وهي بين أحضانه:
-أنا عايزه أمشي من هنا يا ماهر ..عايزه أمشي بس مش عارفة أروح فين؟
-تمشي وتسبيني؟!
قالها بضعف شديد لم تنتبه له بل لم تنتبه لمعظم كلماته، كانت منخرطة في بكائها وفجعتها وهو مدرك لذلك تماماً..لتقول بتوسل:
-ساعدني أمشي من هنا..أنا فكرت أرجع بيتنا بس خوفت من عمي.
-لا لا…انتي مش هتمشي من هنا لو مش عشان ده بيتك فده كمان بيت جوزك ولا نسيتي اني جوزك.
لتصرخ فيه بهياج:
-أنا همشي من هنا يعني همشي مش هقعد يوم كمان.
وامام بكاءها وتصميمها على الذهاب ضعف وتهور واضطر للتنازل ليقول:
-طب أهدي عشان خاطري وافضلي معايا..حتى بصي..انتي مش كنتي عايزه شغل بمرتب حلو..أنا موافق وجاهز من بكره تنزليه.
تهلل قليلاً من الأمل أمامها فسألت:
-بجد يا ماهر؟!
مسح خدها من الدموع وهو يحتضنها ورد:
-بجد يا عيون ماهر…عشان خاطري بطلي عياط وماتقوليش همشي دي تاني.
صمتت تحاول ان تتوقف عن البكاء ليخرجها من أحضانه وجعلها تنظر داخل عيناه :
-لونا…بصيلي.
رفعت عيونها الحلوة له ليقول بأعين مليئة بالمعاني:
-طول ما أنا جنبك ومعاكي مستحيل أسيب حد يقرب لك..شوفتي لما نمت نص ساعه حصل إيه؟
لا يعلم هل نجح في ملئ عقلها بما أراد أم لا لكن على الاغلب ان حديثه قد أخترق عقلها وأصاب هدفاً ما مع الوقت سيتضح ويكبر وتكبر معه سيطرته على لونته.
مسح على خدها وسأل:
-هتفضلي معايا مش كده؟
ليصرخ عقلها (وهل أملك حل أخر) …..هزت رأسها فأبتسم وقال:
-يالا البسي وتعالي نتعشى ولا تحبي أساعدك!!.
لم تجيب عليه…لم يكن ينقصها ليضيف:
-خليني أساعدك أنا زي جوزك يعني.
ابتسمت له بخفه كأنها ممتنة ليقول:
-هستناكي برا..مش نازل من غيرك لو إتأخرتي هفتح الباب عليكي أي كان الوضع اصل انا لما بجوع ببقى زباله..أوكي؟
هزت رأسها من جديد ولم تتحدث ليغادر على مضض و وقف خارج الغرفة ينتظرها بخوف قد تملكه كلما تذكر هيئتها ومافعلوه بها ورغبتها في الرحيل التي قد تفعلها ذات مرة ان تكرر معها نفس الضغط.
خرج من تفكيره على صوت فتح الباب وهل القمر…لونا الجميلة..إنها أيه.
تقدم يشبك يده بيدها مردداً بإعجاب واضح:
-أيه الجمال ده.
سحبت يدها من يده تقول بخفوت:
-شكراً.
نظر بإمتعاض لما فعلته لكنه لم يحبذ الضغط عليها وسار معها للنزول.
حيث جلس محمد الوراقي على رأس الطاولة التي غاب عنها فاخر وعزام وكذلك جيلان يحاول المزاح مع أحفاده والجمع بين شملهم .
وفي الصباح …..خرجت لونا مع ماهر كما وعدها تسأله:
-هستلم شغلي النهارده بجد يا ماهر؟!
-أيوه يا لونا..ماهر لو وعد يبقى أكيد هيوفي.
توقف بسيارته أمام مقر الشركه التي طردت منها شر طرده منذ قريب فسألته:
-انت جايبني هنا ليه؟
-مكان شغلك يا لونا
لتسأله بصدمة وغضب:
-هنا؟!
ليناظرها ماهر بمكر متوراي بالجهل الشديد وإدعاء البراءة……
يتبع
الثامن
ناظرته بتيه شديد وكذلك رفض، بات لديها حاجز نفسي كبير مع ذلك المكان.
جعد مابين حاجبيه وقال:
-يالا انزلي
لتهمس:
-انا مش عايزه اشتغل هنا
هز كتفيه ببرود وقال:
-لا ماهو مافيش غير هنا
-ليه؟؟
-عشان تقضلي تحت عيني.
حسها على النزول:
-يالاا
ترجلت معه من السيارة ليلفها بعينه غير راضي كلياً عن ملابسها:
-اللون ده مايتلبسش تاني
-لون ايه
-الأبيض..ماتخرجيش بيه تاني
-ايه؟! ده ليه ده؟؟
صك أسنانه بغيظ وغضب، ماذا سيقول وكيف يخبرها عن خطورة اللون الأبيض عليها حين يلتصق بمنحنياتها؟
سحبها بيد واحدة لتصبح بحضنه ثم همس بحراره في أذنها:
-لأنه يجنن عليكي، وبلاش تخليني أفسر اكتر من كده.
اتسعت عيناها برعب من نبرته السخينة وردت مذعنة:
-حاضر
عض على شفته السفلى وهو يهمس:
-تجنني، عايز أكلك
قالها بشعور قاتل نابع من داخله وهو يحتضن فتاته وهي بكل ذلك الجمال والحلاوة داخل احضانه ومايزيد شعوره ضراوة هو ان تلك الفتاة بحسنها وجمالها زوجته….أاااه عالية خرجت منه…يريدها هو..هو يريدها.
توقفت قدماه عن التقدم، رغبته إستيقظت وبدأت تستفحل بتلك اللحظة.
بلل شفتيه وقال لاهثاً:
-ماتيجي معايا مشوار مهم قبل الشغل.
التفت تناظره متعجبه وخائفة من كلامه وما تراه بعيناه ثم سألت:
-مشوار ايه؟! انت رجعت في كلامك؟
-لا…بس انا عندي موضوع مهم قوي عايز اعرضه عليكي قبل الشغل.
قالها نادماً يسأل عقله الغبي لما لم يساومها ويعطيها العمل مقابل إتمام زواجه منها؟
ليتذكر هيئتها بالأمس ورغبتها في الرحيل، ذلك ما منعه فقط هو ليس بنبيل مطلقاً.
اقتربت منه تسأل بإهتمام:
-موضوع ايه؟! بابا جرى له حاجة؟
أضاءت الكلمة بعقله(والدها) جيد جداً، انها ورقة ضغط رائعة .
لتكمل:
-ولا اوعى يكون عمي هرب بالفلوس ولا اخد البيت وضع يد؟
تابعها باهتمام وهي تعطيه أفكار، ليقول:
-بصي هو انا ماكنتش عايز اقولك بس هو راجل وسخ وانا لسه بحاول معاه.
أسبلت عيناها بتعب شديد، فلا شيء يسير بسهولة، لذا قررت التركيز على مابيدها من عصافير وقالت:
-طب يالا عشان الحق الشغل، مش عايزاهم يقولوا اني بتأخر عشان قرايب.
-لا ما تقلقيش ماحدش هيعرف اننا قرايب.
بهت وجهها وتخشب جسدها، تشكلت بحلقها غضه مره وزمت شفتيها تبتلع رمقها بصعوبه، الكلمه كانت كالرصاصة أخترقت صدرها.