منوعات

ملاذ الثالث

” راجعة من المكان اللي جيت منه يا أمير ..”
سألها بصوت ثابت متزن :
” ليه ..؟!”
” كده احسن ، ليا وليك ..”
تأملها قليلا متأملًا عينيها المنتفختين وملامحها المرهقة ، لقد أذاها دون قصد ، ولكنه لم يكن قاصدا أن ينساها أو أن يحب غيرها ..
كل شيء حدث دون إرادة منه أو تخطيط …
” انا اسف …”
همس بها أمير بنبرة صادقة لتهتف بجدية وصمود :
” متعتذرش يا أمير ، اللي حصل حصل ، واللي حصل مكانش بإيدك ..”
” هو مكانش بإيدي فعلا .. ”
أكد أمير لها ما قالته لتومأ برأسها متفهمة قبل أن تهتف بإعتذار :
” انا اسفة إني بلغتها خبر جوازنا بالشكل ده ، انا كنت متعصبة ومش عارفة بعمل ايه ..”
” حصل خير ، قدرت أتلافى الموضوع ، وأهو عدا على خير ..”
طريقة كلامهما ونظراتها المتبادلة أكدت لربى أنهما باتا غريبين تماما عن بعضيهما …
لم يعودا كما كانا مهما حدث …
أمير تغير كثيرا وبات شخص أخر بوجود تالا ..
وهي بالرغم من حبها الصادق له تغيرت ايضا …
حسمت أمرها أخيرا وقررت أن تنفذ ما أرادته .. رجوعها الى هنا كان خطأ والإستمرار به خطأ اكبر …
هتفت اخيرا بصوت جامد لا حياة فيه :
” طلقني ..”
…………………………………………………………………….
خرج أمير من عند ربى وهو يشعر براحة كبيرة تغمره ..
لقد تحدث مع ربى بعدما طلبت الطلاق ..
أخبرها أنه مستعد أن يفعل لها ما تريده ..
أن يكون سندا لها وأن يدعمها في أي شيء …
وهو كان صادق بحق معها فربى لا تستحق منه شيئا سيئا …
ربى بدورها كانت مصرة على الطلاق فهي ليست من النوع الذي يربط نفسه بعلاقة مؤذية كهذه .. علاقة نهايتها مجهولة ..
خرج أمير من عندها بعدما ألقى قسم الطلاق عليها ..
خرج وهو يشعر بالإرتياح فحياته بدأت تستقر ومشاكله خفت تدريجيا ..
قاد سيارته عائدا الى تالا .. يريد أن يراها ويخبرها بما حدث ..
وصل الى هناك بعد حوالي نصف ساعة ليجدها موجوده في صالة الجلوس ويبدو عليها الملل والضيق الشديدين …
اقترب منها وهو يهتف بنبرة مرحة :
” الجميلة عاملة ايه ..؟!”
نهضت من مكانها وإقتربت منه تسألها بغضب صامت :
” كنت فين..؟!”
أجابها وهو يتأملها مليا :
” كنت عند ربى ..”
لمعت عيناها بشراسة وهي تجيبه :
” بتعمل ايه عندها ..؟!”
” تالا ، ممكن نتكلم شوية ..؟!”
هتف بها أمير وهو يحاول مسكها من ذراعها لتبعد ذراعها منه وتعقد ذراعيها أمام صدرها وتهتف بحزن :
” يعني خرجت وحبستني هنا وكمان كنت عند مراتك التانيه ..”
” طب مش تعرفي انا كنت بعمل ايه عندها ..؟!”
قاطعه بسرعة :
” مش عايزة اعرف ، راجل رايح لمراته ، هيعمل ايه عندها مثلا ..؟!”
ابتسم رغما عنه بسبب غيرتها الواضحة عليه قبل أن يهتف بهدوء جلي:
” ربى طلبت الطلاق …”
لمعت عيناها رغما عنها وهي تسأله بلهفة :
” بجد ..؟! وانت عملت ايه ..؟!”
أجابها بعد صمت استمر لفترة طويلة قاصدا منه أن يخيفها :
” طلقتها ..”
قالتها وقد لمعت  لا اراديا ليومأ برأسه فتطلق تنهيدة مرتاح قبل أن ترمي بنفسها بين أح ضانه ..
………………………………………………………………………..
مو الوقت سريعا وجاء المساء …
كانت تالا تذاكر كعادتها وأمير يعمل على حاسوبه الشخصي رغم تفكيره المستمر في حل لمشكلة تالا مع ابن عمها ..
لقد أخرج شريحة الهاتف ووضعها في هاتفه الجديد منتظرا اتصال من ذلك المدعو حسن … لكنه لم يتصل بعد ..
وبالرغم من كل هذا كان قد اتفق مع فراس أن يبحث عن حسن وعائلته في كل مكان عله يجدهم ..
رفعت تالا بصرها عن الكتاب لتجد أمير شاردا قليلا فهتفت بإسمه :
” أمير ..”
أبعد أنظاره من فوق شاشة الحاسوب وتمتم بهدوء :
” نعم ..”
” إيه رأيك أعملك أنا العشا النهاردة ..؟!”
قالتها بترجي شديد فهي تتمنى أن تتصرف مثل أي زوجة طبيعية وتجهز طعام العشاء له لكنه عارضها كالعادة وهو يبرر لها :
” يا حبيبتي قلنا اهم حاجة دراستك دلوقتي ، لما تخلصيها ابقي اطبخي براحتك .. وانا هطلب العشا من المطعم اللي بتحبيه كالعادة ..”
زمت شفتيها بعبوس ليقول لها بخبث :
” الحق عليا إني بحاول أريحك واخلي وقتك كله للدراسه عشان تجيبي المجموع اللي بتتمنيه وتنجحي بتفوق ..”
وجد عينيها تلمعان كالعادة حينما يأتي على ذكر موضوع التفوق والمعدل العالي لتهتف أخيرا بإقتناع :
” معاك حق ، الدراسة دلوقتي اهم من اي حاجة دلوقتي ..”
ابتسم بهدوء ليكمل بجدية :
” قوليلي يا تالا حابة تدخلي كلية ايه بما إنك السنة الجاية ثانوية عامة وكده يعني ..؟!”
أجابته بعدما أطلقت تنهيدة طويلة :
” صيدلة ، حابة ادخل صيدلة ..”

انت في الصفحة 5 من 9 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
10

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل