منوعات

لم تكن خط,يئتي بقلم سهام صادق الاخير

الفصل الحادي عشر (11)
لم تكن خطيئتي.

دلف لغرفتها يبحث عنها ولكن عيناه تعلقت بالمجلة التي عرفها علي الفور

لم تنتبه لوجوده بالغرفه بعدما غادرت المرحاض ولكن رائحة عطره نبهتها لتتعلق عيناها به كما تعلقت بما يمسكه لم يسأل كيف وقعت بين يديها فكما التقطها وضعها بمكانها تحت نظراتها

– مش متعود ابرر حاجه لحد ويمكن لأول مره هكون بعملها.. بس خليكي واثقه اني في اللحظه اللي كنت قاعد فيها مع شيرين بنتكلم ف الصفقة الجديده عقلي كان معاكي انتي

واقترب منها وعيناه عالقة بخصلات شعرها المبتله

– انا لا بخون ولا بلعب بالمشاعر … ولما بعوز اعمل حاجه بعملها في النور مش الضلمه

– وانا هتفضل حياتي كده… هفضل اشوف اخباركم واسكت

اتسعت ابتسامته وهو يرى حنقها الظاهر فوق صفحات وجهها

– شهاب العزيزي كله معاكي انتي.. ده مجرد كلام صحافة بيتقال وهيفضل يتقال لحد ميزهقوا وميلقوش في امل

تلاعبه لم يكن يزيدها الا غباءً فلم تعد تعرف على اي شاكلة يكون… اغمضت عيناها تزفر أنفاسها بقلة حيله

– عقلي مش قادر يفهمك

صدحت ضحكته يشعر وكأنه أمام طفله صغيره

– لدرجادي انا صعب أتفهم

رجفة قويه احتلت جسدها وهي تشعر بيديه تطوق خصرها

– الإعجاب بيكبر ياقدر… استغلي كل ده ليكي

وفي ثواني كان يُحررها يخرج من الغرفه…وقفت تُطالع الباب المغلق تلتقط أنفاسها من أثر كلماته

****

حدقت به بنظرات هائمة تمسك قلمها تتلعب به…كل شئ كان يسحرها به.. ابتسامته اليوم كان بها شيئاً مخلتفاً

اصابها الفضول وهي ترى ابتسامته تزين ثغره كلما امسك بهاتفه يُطالع الرساله التي تصله

نهضت من فوق المقعد الذي تجلس عليه واغلقت كُتبها بأرهاق واتجهت اليه متحمسه تجلس جواره وتتعلق عيناها بهاتفه

– هو انت بتكلم مين ياادهم

اغلق هاتفه يرمقها بأبتسامة متسعه

– بقيتي فضوليه الفتره ديه… وبقينا نهمل المذاكره

أدار حديثهم بطريقته المعتاده ولم تعقب هي… فكل ما تريده هو الحديث معه واحساسها بتلك المشاعر التي أصبحت تنبض بقوه كلما كان قريباً منها

– ما انا خلصت مذاكره… وزهقت خلاص عايزه اتكلم مع أي حد

حدقها بنظرات حانيه يرفع كفوفه نحو وجهها يربت فوق وجنتيها

– اسمها ايه البنت اللي قدر عرفتكم ببعض… هاتيها هنا تذاكر معاكي

التمعت عيناها بسعاده تتذكر صديقتها الجديده

– اسمها حنين…قولتلها تجيلي بس مامتها قالتلها مينفعش لما عرفت اني…

وعضت شفتيها لا تعرف كيف تخبره بتلك الكلمه التي تربطهما كمجرد عقد ليس إلا

– انك ايه ياعهد

اطرقت رأسها نحو كفيها المضمومين

– اني متجوزه… وممكن تضايق

ضحك بتلذذ على ملامح وجهها التي توردت والمجهود الذي اتخذته حتى تنطق تلك الكلمه ليمسح فوق وجنتها اليمني

– خلاص ياستي هشتركلك في النادي وابقى خديها وروحوا يوم الاجازه بس اهم حاجه مذاكرتك

لم تشعر بحالها وهي تندفع نحو حضنه تضم جسدها اليه بسعاده

– انت حلو اوي ياادهم…

ورغم تلك الرجفة التي أصابت جسده من فعلتها الا انه لم يفسرها الا لما يُريده عقله ” انه مجرد تعاطف لا أكثر…”

****

اغمضت عيناها بحرج تشعر بخطواته داخل الغرفه.. وجود الحج محمود تلك الليله ارغمهما على تواجدهم في غرفة واحده

حبست أنفاسها وعي تشعر بأنه أصبح يُجاورها لتجفل منتفضه تجد ذراعه تمتد إليها يجذبها نحوه

– نامي ياقدر لاني مرهق جدا

شعرت بأنتظام أنفاسه.. فأدارت جسدها نحو جهتها اليسرى تتأمله

رغبة قويه قادتها بأن تلمس تفاصيل وجهه ولكن قبل أن تصل يدها الي لحيته قبضت فوق كفها تخشي استيقاظه…وحدث ماخشت منه… فتح عيناه ومن دون كلمة أخذها بين احضانه يُقبل قمة رأسها

****

صباحاً كل مختلفاً… استيقظ على وجودها جواره تتماطئ بكسل كعادتها قبل أن تستعيد نشاطها

– صباح الخير

هتف بها شهاب وهو يتكئ على جانبه الأيسر يرمقها بأبتسامه ساحره

توردت وجنتاها تعدل من رقدتها تُطالعه بخجل

– صباح النور… انا هقوم اصلي وانزل احضر الفطار اكيد الحج محمود صحي

اردفت بعبارتها وهي تسحب جسدها من فوق الفراش ولكن قبضت يده فوق مرفقها كانت الأسرع

– الحج محمود زمانه فطر من بدري وفاطمه عارفه مواعيد فطاره كويس

– طب مقولتليش ليه كنت صحيت من بدري ونزلت

التمعت عيناه وهو يرى ارتباكها وتعلثمها… خجلها يروقه بل ويجعله يشعر انه الرجل الأول بحياتها ينسى معاها سلبية حياته مع شيرين… ينسى رفضه لمشاعر الحب.. جذبها اليه لتشهق رغماً عنها تُطالعه

– شهاب

– هو انتي بتصحي ديما حلوه كده

اسبلت جفنيها تحدق بكل ماحولها الا هو

– حلوه ايه ده انا شعري منكوش

صدحت ضحكاته عالياً… تعلقت عيناها به بأفتنان ليلاحظ نظراتها تلك وكأنه كان ينتظرها… ولأول مره منذ سنوات كان يغادر غرفته في ساعه متأخره يهبط الدرج يسرع في خطواته ينظر لساعه يده ويتجه نحو مكان جلوس شقيقه

وقفت أمامه السيده فاطمه تحمل فنجان القهوة الفارغ تسأله

– احضرلك قهوتك

– لا يافاطمه هشربها في الشركه

انصرفت السيده فاطمه نحو المطبخ… لتتعلق عيني الحج محمود به بعبث

– مش بعادتك ياشهاب تتأخر في النوم

ارتبك شهاب قليلاً يتحاشا نظرات شقيقه

– هتيجي معايا الشركه ياحج

اتسعت ابتسامه الحج محمود مُقترباً منه

– خلينا نشوف اشغالنا

وداخله كان يدعو لشقيقه

” يارب تكون جوازه السعد ياخوي عليك واشوف ولادك”

*****

وقفت أمامه تتحاشا النظر اليه تمدّ يدها بالورقه التي كتبت فيها اسماء المبيدات والاسمده التي تحتاجها تلك الفتره

– ياريت الحاجات ديه تكون موجوده على اخر الاسبوع

ظلت يدها معلقه بالهواء لفتره وكأنه يستمتع وهو يراها لا ترفع عيناها نحوه

– لو سمحت مش هفضل مدّ ايدي كتير

طالت نظراته نحوها واخيراً حرك يده ليلتقط منها الورقه

– شايفك رجعتي الشغل وكأن مافيش حاجه حصلت

تجمدت عيناها نحوه لتجده يُطالع ما تحتويه الورقه غير شاغلاً باله بنظراتها

– يعجبني فيكي انك مصممه تكملي…

واردف بتلكؤ قد زاد حنقها

– بس ياريت نعرف مقامنا كويس

ورفع عيناه نحوها حتى يرى صدى كلماته… وقد امتعته تلك النظره المُتقدة بالقوه

– المقامات محفوظه ياعاصم بيه..

وانصرفت من أمامه تخبر نفسها انه لا يُريد الا ان يراها هكذا حانقه ، غاضبه

ابتسامته اتسعت شيئاً فشئ زافراً أنفاسه بسعاده انها تَروقُه بشده

*****

تجمدت عيناها وهي تنظر للقلم الذي يعطيه إليها… رمقته بغل وهي تتمنى لو انقضت عليه تنهش جسده

– امضي

توهجت عيناها غضباً تلتقط منه القلم تنظر لاسمه واسمها الذي سيقترن به

انتهى كل شئ وانصرف الشيخ إمام بعدما ودعها بنظراته الحزينه فلم ينصفها حتى شقيقها الذي حاولت أن تهاتفه وعندما نجحت في مهاتفته أخبرها بسعادته انه اخيراً سيرتاح من همها ويطمئن عليها فلم تعد صغيره ف عمرها تجاوز الثلاثون…

اقترب منها حامد يرمقها بنظرات متهكمة مُغترة

– كنتي فاكره لما تهربي نص الليل رجالتي مش هتعرف تجيبك

احتدت نظراتها فلم يعد لديها جهداً للحديث والصراخ لقد نبح صوتها وتزوجته وانتهى الأمر منتصراً هو كما رغب

– بصي يابنت الحلال عشان انا راجل مبيحبش وجع الدماغ… حظك الأسود وقعك معايا فتستحملي لحد ما اساوم اموري وارجع ارضى

– فين اوضتي

ارتفع حاجبه الأيمن وهو يرى استسلامها

– طلعتي عقله وبتفهمي اه..

ومدّ كفه نحو نظارتها يعدل لها وضعها

– اوعدك هديكي قرشين حلوين

رمقته شزرا ليبتعد عنها يخفى ابتسامته يهتف بصوت حاد

– رسميه… تعالي ورى الاستاذه اوضتها

اقتربت منها رسميه وقلبها يؤلمها عليها فهى تعلم بكل شئ ولكن ماعليها الا الصمت داعيه الله ان يرحم تلك الفتاه من تلك الحرب التي ستدور بين حامد ولطيفه… فنيران الغيرة قد بدأت ولن تصمت لطيفه

– تعالي يابنتي

طالعتها رحمه بصمت عجيب ولكن لم تكن تريد تلك اللحظه الا النوم لعلها تصحو وتجد كل ماحدث بها ليس إلا كابوساً

****

توقف عن مطالعة ما بيده عندما وقعت عيناه عليها مُشيراً لسكرتيرته بالمغادره.. ابتسمت شيرين لرؤيته فأقترب منها يسألها عن سبب وجودها

– اجتماعنا مع نشأت بيه بكره

اختفت ابتسامتها وهي تستمع لكلماته وكأنه لا يُريد وجودها.. حاولت رسم ابتسامتها مجدداً تجلس فوق المقعد

– جايه عشان اشوف رأيك في المشروع ياشهاب

ارتفع حاجبه وهو يتجه خلف مكتبه يضع الأوراق فوق سطحه

– كان ممكن تعرفي جوابي بكره

لم تتحمل ردوده الجافه واسلوبه الذي يفقدها الأمل كل يوم فنهضت من فوق المقعد تهتف بمقت

– في ايه ياشهاب أنت ولا كأنك مش طايق وجودي وبتطردني

– شيرين صوتك ميعلاش

زفرت أنفاسها بعمق وهي تراه يبعد نظراته عنها يلتقط بعض الأوراق يُطالعها

– رأفت بيه هينزل امتى من سويسرا

– بابا مش هينزل ياشهاب… الشغل هيكون معايا انا

رفع عيناه نحوها ينظر إليها بنظرة فهمتها

– متخافش ياشهاب… شيرين القديمه انتهت… واظن انك شايف كويس ان الشغل بقى واخد كل وقتي

واشاحت عينيها بعيداً عن مرئ عيناه التي تسبر اغوارها تهتف بثقه مصطنعه

– وانا فاهمه كويس ان ده شغل والشغل بعيد ديما عن العلاقات

تعالا رنين هاتفه ليخرجه من تركيزه مع كل كلمه تخبره بها بثقة

وعندما رأي اسم المتصل رفع هاتفه فوق اذنه مجيباً بلطف

– أيوه ياقدر

احتدت نظرات شيرين وهي تسمع اسمها تغرز اظافرها المطلية بكفها

– تمام روحي.. بس طمنيني اوك… وخدي السواق مفهوم

عادت عيناه تتعلق ب شيرين التي بذلت أقصى جهدها لتظهر أمامه بهذا الثبات

– ها ياشهاب رأيك ايه في المشروع

– أدهم هيتولي مسئولية المشروع… وياريت المستثمر ينزل مصر عشان نبدء نحط البنود وعقود الشراكه يظبطها المحامين

تهللت اساريرها وهي تستمع لموافقته لتنهض على الفور تحمل حقيبة يدها

– حقيقي المشروع ده مكسب لينا اوي ياشهاب

وداخلها كانت تهتف

” ومكسب ليا انا كمان ياشهاب.. هيبقى ليا حجه اقرب منك اكتر”

*****

سعادتها كانت لا توصف وهي تسير بالشوارع تأكل المثلجات مع حنين التي قررت أن تجولها اليوم في شوارع القاهره الجديده بعدما اشترت الهديه التي رغبت ان تجلبها لوالدتها.. اليوم اختبرت مشاعر عدة منها الحسرة علي حياتها والسعاده وهي تسير بجوار صديقه تستمتع معها

– عجبك الايس كريم

لعقت عهد الكريمه المحاطه بالشكولاته متلذذه بالطعم

– حلو جدا…

طالعتها حنين وهي تلتهم مثلها خاصتها

– المره الجايه ناكل بيتزا.. ايه رأيك

التمع الحماس في عيني عهد تومئ لها برأسها

– اي حاجه انا معاكي فيها

ضحكت حنين وهي تنظر إليها

– يعنى لما اعوز اروح في داهيه تيجي معايا

– لا ديه بقى لوحدك

تعالت ضحكاتهم فتنجذب أعين البعض عليهم… لتخجل عهد متمتمه

– الناس بتبص علينا

فتتركها حنين مقتربه من احد الأشخاص

– ثانويه عامه معلش يااخويا…

لطم الرجل كفوفه مُكملاً طريقه… لتجذبها عهد من مرفقها تلتف حولها

– الراجل زمانه بيقول علينا هبل

مطت حنين شفتيها بأسف فجنونها لا مفر منه

اكملوا سيرهم لتتوقف اقدام حنين عند أحد المطاعم

– هو ده المطعم اللي حكتلك عنه

لتضحك عهد علي تذكرها الحكايه التي اخبرتها بها

– كنت هغسل الأطباق انا وصحابي..انا لحد دلوقتي زعلانه على الخمسمية جنيه اللي دفعناهم

– باين عليه فخم ياحنين

– ياختي قولنا ندلع نفسنا.. دفعنا فلوس الدروس على بطننا

لم تتحمل عهد آلم بطنها من شدة الضحك الذي ضحكته اليوم

– كفايه هموت من الضحك

– خلاص ياستي كفايه كده ويلا نروح … عهد انتي مالك وقفتي متخشبه كده

واردفت وهي تنظر حولها

– مش انتي قولتي لجوزك انك خارجه معايا…

كانت بعالم اخر تشعر بصوت حنين يأتي من بعيد… ابتسامته كانت تتسع وتلك المرأه تقترب منه تمسك يده

غصه مريره ابتلعتها وهي تراهم كيف يجلسون يتناولون الطعام… لولا التفافها للمره الاخيره لداخل المطعم ماكانت رأتهم

– عهد انتي يابنتي بتبصي على ايه

اغمضت عيناها بقوه تلتقط أنفاسها المسلوبة لتلتف بعدها نحو حنين التي تدفعها برفق حتى تفيق من حالة جمودها العجيبه

– خلينا نروح ياحنين

لطمت حنين كفوفها تزفر أنفاسها

– ماهو ده اللي بقوله من الصبح

ودعتها حنين أسفل البناية الراقيه التي تقطن بها واخيراً اصبح لديها القدره على رثاء حالها تهتف بضياع

– هيرميني من حياته… مش هيبقى ليا حد… هيحبها وينساني

*****

ارتشف من كأس الماء الموضوع امامه بعدما اخذ يسعل دون تصديق

– مين اللي حامل

ضحكت على ردت فعله التي لا تختلف كثيراً عن ردت فعل خالها

– مرات خالي

– مدام سميره حامل

اماءت برأسها تهتف بنفاذ صبر

– مالكم في ايه… ديه حاجه بتاعت ربنا

واردفت بآلم وهي تتذكر رفض خالها لذلك الحمل

– في ناس بس بتتمني تجيب حته عيل حتى لو مش هتجيب غيره

– مالك ياقدر انا مقصدش حاجه.. بس مكنتش متوقع مش اكتر

شعر بمشاعرها ليقترب منها يمسح فوق وجهها

– وده فال حلو علي فكره

تعلقت عيناها به تُقاوم ذرف دموعها

– فال حلو ازاي

رفعها نحوه ينهضها من فوق مقعدها

– هتبقى تعرفي… المهم قومي معايا عايزك

نهضت معه تتعجب من سحبه لها تدلف لغرفة مكتبه… تركها تقف وسط الغرفه ليتجه نحو مكتبه يفتح احد الادراج ليخرج منها علبة مخملية عائداً اليها

– خدي افتحيها

– ايه المناسبه

– بمناسبه نجاح المشروع الجديد.. ومش لازم يعني يكون في مناسبه ياقدر

التمعت عيناها وهي تجده يفتحها أمامها ورغم انها خطفت انفاسها من جمالها فلم تكن الا سوار من الذهب الأبيض مطعم بالماس

ابتسم وهو يرى لمعان عيناها ولكن سريعاً ما قطب حاجبيه وهي تخبره

– بس انا مش محتاجه حاجه ممكن هديه بسيطه تكفى وهتفرحني… لكن الهديه ديه غاليه اوي وممكن من فلوسها تساعد كذا حد محتاج

– وانتي فاكره اني مش بعمل كده ياقدر… انا عارف كويس ان كل اللي انا فيه بفضل ربنا…

واردف يشاكسها حتى يخفى لمعت الحب التي انارت قلبه

– امسكي الهديه يابتاعت اي هديه بسيطه… المره اللي جايه هجبلك ورد وشكولاته

اتسعت ابتسامتها وللأسف اختفت تلك الابتسامه عندما اتت ذكرياتها مع كريم ف الهدايا كانت لا تأتي الا حين يجرحها فيخبره صديقه بأن يُراضيها بهديه

تعجب من تبدل ملامحها السريع ليزفر أنفاسه وهو يشك بما جال في خاطرها ولكن شكه لم يكن محوره الا انها تخاف من سعادتها معه وانها ليست الا زيجة مؤقته ولو كانت في البدايه هكذا فلم تعد

التقط يدها يضع السوار حول معصمها لتفيق من شرودها تنظر إلى ما يفعله فتعود ابتسامتها مجدداً

ارتمت بين ذراعيه دون شعور تطوق خصره.. فضمها إليه بقوه وكأنه يخشى ان تضيع منه تلك السعاده

****

سحبت المقعد الملتف حول طاوله الطعام للأمام قليلاً لتجلس عليه..

بدء بتناول طعامه وعيناه لا تحيد عنها يتعجب صمتها.. فمن يراها ليلة امس لا يظن انها نفس المرأة التي وقفت تهدده وسط داره ورجاله

معلقة وراء معلقة تمضع طعامها ببطئ لتنهض بعدها كما أتت

– انخرستي ولا ايه

وقفت تلتف اليه ترمقه بمقت وعادت تُكمل خطواتها نحو غرفتها

– انا مش بكلمك ياست الاستاذه ولا بكلم هوا

زفرت أنفاسها تُدلك جبينها فهى لا تريد الاحتكاك معه حتى تنتهي من تلك البلوة التي اوقعها بها هو وزوجته

لطم الطاوله بقوة فأكثر مايكرهه بحياته التجاهل والاكثر ان يكون من النساء.. اجفلتها فعلته لتلتف نحوه تصك أسنانها غيظاً

– بص بقى مدام هقعد في بيتك الفتره ديه واستحمل السخافه اللي حطتني فيها … وانكتبت عليا جوازه يبقى كل واحد في حاله

قبض فوق كفه يرمقها من أعلى رأسها لأخمص قدميها

– والله عال بقى حرمه لا تسوي تتكلم مع حامد العزيزي كده

– حامد العزيزي على نفسك… زمن الأسياد انتهى خلاص

لم يتحمل تحديها له فلم تأتي امرأة بعد تتحداه… فما يريده يحدث ولا أحداً يقف يناطحه كأنه نداً له

– انا هعرفك دلوقتي مين حامد العزيزي

واندفع صوبها يلتقط ذراعها يضغط عليه بقسوة لتسقط دموعها رغماً عنها

– سيبي دراعي… انت انسان همجي ومعندكش نخوه ولا رجوله

– بقى انا يتقالي الكلام ده

بدأت تتآوه من الآلم ليشعر بالزهو وهو يرى ضعفها يدفعها بعيداً عنه

– ستات مبتحيش غير بالضرب

– لا كده انت اتعديت حدودك… مين دول اللي ميجوش غير بالضرب

ورغم آلم ذراعها الا ان لسانها كان سلاحها الذي لا يتراجع

ولولا رنين هاتفه ماكانت انقطعت تلك المشاحنه… تخطاها لينصرف نحو وجهته ولكن شيئاً صلباً انصدم به ليتآوه من الآلم يضع يده فوق رأسه ينظر الدماء التي لونت كفه

وقفت تتابع ما حدث بأعين متسعة فلم تكن تقصد أن تأتي برأسه… التف نحوها ببطئ

– انا كنت عايزه اجيبها فضهرك بس جات في راسك

****

تابعها بعينيه وهي تضع له فنجان قهوته أمامه تتحاشا النظر اليه

– مالك ياعهد… شكل الخروجه معحبتكيش… هي حنين زعلتك ولا ايه

وجذبها نحوه لتسقط بجانبه فوق الاريكه

– لا ده شكل الموضوع كبير

ابتلعت غصتها وهي تنظر ليده التي امسكتها تلك المرأه

– مافيش حاجه حصلت انا بس مخنوقه شويه

شعر بالقلق وازداد قلقه اكثر عندما بدأت بالبكاء

– لا كده انا بدأت أقلق… هتقولي ايه اللي ضايقك ولا اتصل بالبنت ديه اعرف منها

– حنين مالهاش دعوه

صرخت به وهي تود ان تُخبره انه سبب قهرها

– انا ليه مليش اهل زي كل الناس… كان نفسي يكون ليا عيله

ضمها نحوه حزيناً عليها ورغم تحاشيها لذراعيه الا انها استسلمت لدفئهما

– أنتي من عيله العزيزي ياعهد… عارفه يعني ايه

– لا انا بنت فيروز الرقاصه المنبوذه من العيله الوصمه العار اللي عملها ابراهيم العزيزي

ابعدها عنه يرفع عيناها نحوه

– لا انتي عهد العزيزي مرات أدهم العزيزي

لو كان قالها من قبل لكانت اسعد النساء ولكن اليوم لم تكن الا اتعسهن

ف ابتسامته لتلك المرأة لا تختفي من أمام عينيها… أمرأة كامله كما تبدو وليست

مثلها مجرد فتاه تزوجها اكراماً لخاطر عمه… يشفق عليها

تذكرت حالها وهي تقف أمام واجهة المطعم تلعق المثلجات بضفائرها تكتشف ماحولها بنظرة جديده… وياليت قلبها لم يُسعد اليوم فقد فاقت على الحقيقه التي تنتظرها

ارتجف جسدها وهي تشعر بيديه تلمس وجنتيها يُطالعها بأعين حانية باتت تفسرها انها ليست الا شفقة

– عايز اشوف ضحتك ياعهد… مش هسيبك غير لما تضحكي

وزعماً عنها كانت تبتسم حتى تفر من أمامه ويتركها لخيبتها تبكي فوق وسادتها

*****

وقفت خلف الممرض الذي التي على الفور يضمد له جرحه… تصلبت ملامح حامد يُقاوم الآلم الذي يشعر به يتوعد لها

– سلامتك ياحامد بيه… الف سلامه

انصرف الممرض بعدما اجمع حاجته واوصاها عما ستفعله… رمقها شزراً يشيح عيناه بعيداً عنها… لتقترب منه بكأس العصير الذي جلبته له رسميه

– خد اشرب العصير عشان الدم اللي نزفته

ارتفعت زويتي شفتيه مقتاً ينفض يدها

– مش طايق خلقتك قدامي… فخدي بعضك وامشي من وشي

ضاقت انفاسها من تكبره وتعنته

– يعنى انا اللي طايقه اشوفك

احتدت ملامحه ولكن سريعاً ما تآوه من الآلم.. فمالت نحو جرحه بلهفه

– بلاش تتعصب عشان الجرح

وتجاوزت تلك الحرب التي تندلع بينهم كلما تذكرت مافعله بها ولكن ضميرها كان يؤنبه

– خد اشرب العصير بقى

التقط منها الكوب حانقاً يشربه دفعة واحده يُعطيه لها بغضب لو طالها سيسحقها

– خدي بعضك وامشي من قدامي وياريت متورنيش وشك لأسبوع

التمعت عيناها بعبث وقد أسعدتها هيئته الحانقه

– مدام شوفتي هتعصبك هوريك نفسي كل دقيقه

اندفع نحوها حتى يشفي فيها غليله… ركضت من أمامه كالطفله تُخرج له لسانها

– هخليك تكره اليوم اللي نطقت فيه اني مراتك ودبستني فيك

صرخ بهياج يتبعها.. فرأته إحدى الخدمات بتلك الحاله المزرية

– غوري من وشي

عاد لغرفته يهتف بوعيد للطيفه وشقيقها فبسببهم قد تزوج تلك البلوة التي حطت علي رأسه

****

لطمت فخذيها بقهر لا تصدق انه فعلها وتزوج عليها

– اه ياراسي خلاص هموت من القهره… كده ياحامد تتجوز عليا عايز تقهرني

اقتربت منها زوجة شقيقها تربت فوق كتفها تواسيها ولكن لطيفه كانت كشقيقها

– ابعدي عني انتي جايه تشمتي فيا

– انا برضوه يالطيفه

دفعتها لطيفه بقسوة تنظر إليها بتعالي

– لطيفه حاف كده نسيتي اصلك يابنت الغفير

التمعت الدموع بأعين حسناء تجر اقدامها بحسره من امامها

وثبت لطيفة منتصبة فوق قدميها تمسح دموعها

– والله ما انا ساكته ليك يافتحي… تضحك عليا عشان مصلحتك وتخرب بيتي

واتجهت نحو الغرفه التي يحتلها مع زوجته الأخرى تطرق الباب بغضب

– افتح يافتحي…. افتح ياابن امي وابويا… افتح بدل ما افضحك وابلغ عنك وانت عارفني كويس

اسرع فتحي في وضع جلبابه فوق جسده يفتح لها الباب يجذبها نحو غرفتها

– نهارك اسود عايزه تفضحيني

ودفعها بغضب فقد اصبح يمقت غبائها الذي احتل عقلها منذ زواجها

– ايه يالطيفه نسيتي نفسك لو روحت في داهيه انتي كمان هتروحي في داهيه… وشوفي مين اللي هينجدك

واقترب منها يهمس بفحيح

– فاكره ياقوت ولا افكرك

ابتلعت لعابها وانفاسها تتسارع

– عارفه لو حامد عرف انك سبب في موتها..هيعمل فيكي ايه… مش ديه صاحبتك اللي خونتيها واتجوزتي حبيبها

واردف بعدما وجدها تقف كالمتخشبه لا تقوى على التقاط أنفاسها

– ولا أخواتها لو عرفوا انك السبب في حادثة اغتصابها وموتها

– كفايه يافتحي… كفايه.. انا مكنتش عايزاها تموت انا كنت عايزه اكسرها وبس

وعندما شعر بضياعها اقترب منها يرفع وجهها نحوه

– الأرض وهدفنا بعد سنين وخدناها…يابت الأرض هنكسب من وراها ملايين ونمشي من البلد ديه

هتفت بقلب ملتاع يحرقها

– انا بحب حامد يافتحي… رجعلي جوزي… ابوس ايدك رجعله الأرض

ولكن لم تجد صدى لكلماتها عليه إلا دفعه قاسية ألصقتها بالجدار

لتنتحب بوجع

– منك لله يافتحي

وعاد الشر ينبض داخلها

– مش هسيبهولها تتهني .. حامد جوزي انا وبس

انت في الصفحة 3 من 9 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
8

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل