منوعات

بقلم فاطمه احمد

– ايه الكلام ده انتي قلبتي على بياعة خضار ليه و….
صمتت عندما لمحت الدكتور الذي هو نفسه من تشاجرت معه وشتمته منذ ساعتين وضعت يدها على فمها بصدمة :
– يالهووي احيييه ده…ده طلع نفسه خلاص انا حياتي ضاعت هيشيلني المادة و يسقطني.
سارة بخوف و غيظ :
– مش انتي بس انا كمان هتدبس معاكي…. بصي لاوم ميشوفكيش على الاقل حاليا والا هيبهدلك قدام الطلاب كلهم.
أسي وهي تردد بسرعة كالمجنونة :
– طب….طب اعمل ايه هخبي نفسي فين ياربي. رفعت الشال الخفيف الذي كانت تضعه و غطت به وجهها و اسندته على الطاولة بجانبها منتظرة ما سيحدث.
اما هو فكان ينظر للطلاب بجمود رغم الغضب الذي تسببت فيه تلك الوقحة حمحم و اردف بابتسامة هادئة :
– اولا صباح الخير انا دكتوركم الجديد ليث الشافعي و هكمل معاكم الترمين دول بدل الدكتور محمود ف لو سمحتو كل واحد منكم يقولي على اسمه عشان يكون سهل نتعامل مع بعض.
بدأ نقاشه مع الفتيات و الاولاد و قد اعجبوا بهدوئه و شخصيته الواثقة كانت سارة تحاول قدر الامكان تخبئة وجهها دون لفت الانتباه إليه اما أسيل فكانت تعد الدقائق لتنتهي هذه المحاضرة سريعا.
تحدث ليث بجدية :
– قبل مانعمل اي حاجة بحب اوضح كام قاعدة لازم تلتزمو بيهم عشان نقدر نكمل مع بعض السنة ديه من غير مشاكل….. اولا الحضور بيكون على الميعاد تماما اي حد يتأخر اكتر من مرة هيبقى ليا معاه تصرف يزعله ثانيا طول ما انا بلقي المحاضرة الكل لازم ينتبه واللي مش عايز يطلع لاني مبحبش افرض المادة بتاعتي على اي حد منكم و لو سمعت اي صوت من غير صوتي داخل القاعة ديه او اي تشويش على بقية الزملاء صاحب الفوضى هيتعاقب واضح !!
اومأ الجميع فأكمل ببرود :
– في اي حاجة مش مفهومة فكلامي ؟
قالت احدى الفتيات :
– ممكن سؤال يا دكتور.
اشار لها بالكلام فسألته بعفوية :
– انت متجوز ؟
ارتفعت الضحكات في المدرج ولم يستطع ليث منع ظهور ابتسامة صغيرة على شفتيه فقال :
– لا مش متجوز ولا مرتبط حتى.
همست احدى الفتيات لصديقتها :
– حلو اوي طلع نش مرتبط.
صديقتها بهيام :
– بصيله حلو ازاي و ثقته فنفسه ولا ابتسامته اللي بتجنن باين عليه هادي وكيوت فنفسه كده.
سمعتها أسيل فرفعت رأسها و همست :
– ده همجي و بلطجي مش كيوت يخربيته قد ايه هو ممثل شاطر.
لم يرد ليث القاء محاضرة في يومه الاول ففضل ان يكلمهم في مواضيع عادية ليتعودوا عليه و اثناء ذلك لاحظ فتاة تحاول اخفاء ملامحها فناداها بهدوء :
– انتي يا آنسة.
جحظت سارة عينيها بخوف ثم رفعت رأسهت وجدته يسلط انظاره عليها ، بلعت ريقها و تمتمت بتلعثم :
– ن…ن… نعم ؟
تفاجأ ليث من رؤيتها و تذكر انها من كانت برفقة تلك الفتاة فسألها :
– انتي مخبية وشك ليه ؟
هزت سارة كتفيها بجهل :
– كده وخلاص…. اقصد يعني لا انا بس تعبانة شويا.
ازدادن حدة عينيه و هنا لمح ايضا فتاة تجلس بجانبها وتسند رأسها للأمام فناداها ايضا وقد بدأ يشك بها :
– انتي يا هانم ده مش مكان للنوم ارفعي راسك.
عضت أسيل على شفتها و حدثت نفسها :
– راحت عليا….. هيبهدلني ويمسح بكرامتي الارض يارب ساعدني.
انتصب ليث واقفا و صاح بغضب من تجاهلها :
– بقولك ارفعي راسك وريني وشك مش سامعة.
ساد الهدوء في القاعة مجددا لترفع أسيل وجهها ببطئ و تنظر له ببراءة انصدم ليث عند رؤيتها لكن سرعان ما رسم ابتسامة خبيثة على وجهه :
– كنتي بتعملي ايه ؟
ازاحت أسيل خصلات شعرها عن وجهها و هتفت ب :
– كنت…. كنت ااا…..
قاطعها بنبرة جادة :
– اسمك ايه ؟
حمحمت وقد عادت ملامح ثقتها لنفسها :
– أسيل الشرقاوي حضرتك.
ليث :
– انتي الطالبة اللي بتطلع الاولى كل مرة ؟؟
هزت رأسها بنعم مردفة :
– ايوة انا حضرتك الطالبة اللي بتاخد شهادات كل سنة و كمان انا بمثل الجاكعة في مباريات كرة السلة و العدو.
تعجب ليث ثم تدارك نفسه و رد عليها ساخرا :
– مش باين عليكي.
اغتاظت أسيل من سخريته الواضحة فحدثت نفسها :
– مش معقول قد ايه شايف نفسه واحد غبي.
_____________________
في المساء.
في احدى المطاعم الفاخرة كان جاسر جالسا مع زياد يتناقشان في أمور متعلقة بالعمل.
جاسر بجدية :
– المهم العساكر يبقو جاهزين ومدربين كويس و الباقي عليا انا عملت خطط بديلة وهنعمل مداهمة اول ما نتأكد من المكان اللي هيتم فيه تسليم شحنة المخدرات.
زياد بجدية مماثلة :
– متشغلش بالك كل حاجة تحت السيطرة بس في حاجة انا مستغرب منها.
جاسر بتساؤل :
– واللي هي ؟
حمحم زياد و همس بصوت خافت :
– انت عارف بقى تجار المخدرات اللي بيبيعو قرفهم للشباب و المراهقين فكل مكان في الشارع في اماكن الشغل حتى في الجامعات و سيادة اللواء بعت عميل سري يبحث في القضية ديه بس محدش عارف مين ده اللي بعته و لا حتى المكان اللي موجود فيه.
عقد حاجباه ثم ارجع ظهره للخلف قائلا :
– غريب فعلا ليه القضية ديه بالذات متكتمين عليها كده و مين العميل ده ؟! احم المهم سيبنا منه انا جعان بجد اطلبلنا الاوردر عايز اكل.
اومأ زياد في نفس اللحظة التي دخلت فيها أسيل مع سارة الى المطعم وهي تردد :
– شوفتي يا سارة الدكتور اللي اسمه ليث ده مهزقنيش زي ماكنت متوقعة ولا كسفني قدام الدفعة.
سارة بجدية :
– ده لانه محترم يا إيسو رغم انك غلطتي فيه بس مرضيش ينتقم منك.
أسيل بعبوس :
– و انتي عرفتي منين انه مش عايز ينتقم ماهو ممكن جدا يشيلني المادة او يتحجج و يبقى ينتقم مني بطريقة غير مباشرة و اا…
توقفت عن الكلام عندما سقط هاتفها امام احدى الطاولات وهي طاولة جاسر وزياد انحنت لتلتقطه فقال جاسر دون ان ينظر إليها معتقدا انها العامل :
– انت عارف انا بطلب ايه كل يوم بس ضيف المرا ديه عصير فواكي مش عايز مشروب غازي.
نظر له زياد بتعجب بينما ضحكت أسيل قائلة :
– حضرتك انا باين عليا اوي اني شغالة في مطعم ؟
التف جاسر إليها و عندما رآها وقف بدهشة ثم ابتسم :
– معلش مخدتش بالي يا انسة ااا….
اجابته وهي تنظر لبذلته العسكرية :
– أسيل و بلاش آنسة….. و عادي ولا يهمك يا حضرة الضابط امم….
جاسر وهو يقلدها :
– اسمي جاسر وبلاش حضرة الضابط ديه ههههه.
ضحكت أسيل ثم ذهبت مع سارة لإحدى الطاولات القريبة جلس جاسر وهو لم يزح عيناه عنها فسأله زياد بملل :
– انت بتبص ل ايه ومش سامعني.
أشار بعينيه ل أسيل وهي تضحك :
– للبنت قصدي أسيل….. بصلها قد ايه حلوة وزوق كمان.
هز الاخر رأسه بيأس جاء العامل و بعدما احضر الطلب بدؤوا يأكلون بصمت و جاسر ينظر لأسيل بإعجاب.
على الطاولة الاخرى.
سارة بضيق :
– أسيل ممكن نمشي من هنا.
ردت عليها باستغراب :
– ليه ؟
سارة بنفاذ صبر :
– انتي مش شايفة ان الشاب اللي هناك بيبصلنا من ساعة ماقعدنا.
ابتسمت أسيل و تمتمت وهي ترتشف قليلا من العصير :
– و ايه يعني عادي انا متعودة على كده و بعدين شكله زوق مش زي المشردين اللي بنشوفهم الايام ديه.
ضحكت سارة دون إرادة منها و تابعت :
– على فكرة حرام عليكي لما تتريقي على كده….. بس فعلا هو مش مبطل يبصلك ده شوية و هياكلك بعيونه.
رمقته أسيل بطرف عينها بإعجاب واضح وحدثت نفسها :
– ما انا نفسي يبصلي ، اصله عجبني اوي ….. حمحمت قائلة بصوت هادئ :
– سيبيه يبص هي البصة بفلوس و انا مش هروح هفضل هنا وانتي هتقعدي معايا.
تنهدت سارة بنفاذ صبر ثم وقفت و قالت :
– انا رايحة ع الحمام ومش هتأخر.
بمجرد رؤية جاسر لها وهي تجلس بمفردها نهض بسرعة و ذهب لها جلس أمامها بثقة فنظرت إليه اسيل برفعت حاجب.
أسيل بابتسامة غرور وهي تلوح بيدها اتجاهه :
– خير يا سيادة الضابط ، حد قالك تجي تقعد هنا.
أمسك جاسر يدها و قبلها ببطئ مغمغما بثقة زائدة اثارت اعجابها :
– وهو في حد ممكن يتحمل الجمال ده كله و ميجيش ليكي…. كه انا ابقى حمار لو مقولتلكيش قد ايه انتي حلوة.
ضحكت أسيل من كلامه بخفة و اردفت :
– انت عارف كام واحد قالي الكلام ده ؟
جاسر بنظرات وقحة :
– بس محدش لفت انتباهك زيي مش كده ؟

طالعته قليلا ثم رسمت على شفتيها ابتسامة اعجاب متمتمة :
-امممم واثق من نفسك جدا ياسيادة الضابط.

– واثق من نفسي زيك انتي مثلا هههههه.

قالها بمزاح فضحكت وصمتت طلب منها جاسر رقم هاتفها لتخرج من حقيبتها قلما و تكتب رقمها على كف يده و تهمس :
– هستناك تتصل.

انتصبت واقفة بجسدها الرشيق تحركت لتذهب لكنه اوقفها بقوله :
– مش هتطلبي رقمي.

أسيل وقد لمحت سارة تقترب منها :
– رقمك هيطلعلي لما ترن عليا باي.

امسكت يد صديقتها وخرجت تاركة جاسر يتابعها حتى اختفت ، ابتسم فجأة دون ان يشعر و حدث نفسه :
– البنت ديه مميزة اوي….. وهتقع تحت ايدي.

الفصل الثاني ( الجزء الاول ): احداث غريبة !
______________________
في وقت متأخر من الليل.
في احدى المنازل.
كانت سهر جالسة على الارض في غرفتها تستند على السرير و تغطي جسدها و ترتجف بقوة ( سهر هي البنت اللي خدعها جاسر و اوهمها بحبه وخد منه شرفها بإسم الحب و سابها ) ، تتذكر كلام ذلك الوغد وكيف رمى المال عليها ووصفها بأنها لا تختلف عن الساقطات اللواتي يقضي لياليه معهن وهي كانت مجرد لعبة لكن لحظة….. ليس هو المخطئ فقط هي ايضا اخطأت عندما تخلت عن مبادئها و نست اهلها و شرفها و قبل كل شيء نسيت ربها و زنت بإسم الحب….. أي حب هذا الذي يجعلها تخون دينها و أهلها و تسلم شرفها على طبق من ذهب…. لكن هل كانت ستندم هكذا لو أن جاسر لم يخدعها ؟
كانت ستستمر معه بعلاقتهما المحرمة لكن الصفعة التي اخذتها كانت عقابا من المولى…. ماذا ستفعل الآن هي تشمئز من نفسها تشمئز من جسدها حتى انفاسها تعتبرها حراما كيف ستكمل حياتها هل تخبر اهلها بما حدث ام تصمت و تنتظر حبل المشنقة الذي سيأتي عاجلا ام آجلا.
سمعت طرق الباب فانتفضت ومسحت دموعها لتقول بنبرة مرتجفة :

– مم… ماما انا تعبانة وعايزة ارتاح روحي لو سمحتي.
والدة سهر :
– ياحبيبتي مالك انتي من لما رجعتي و انتي محبـ,ـوسة في اوضتك اطلعي خلينا نقعد نتعشى مع بعض ونتكلم.
عضت سهر على شفتها تحاول كتم شهقاتها و اردفت :
– انا مش جعانة يا ماما انا بس تعبانة وعايزة انام…. ارجوكي يا ماما روحي وسيبيني.
تنهدت الام و ذهبت وتركتها تبكي على ماحدث لها.
_______________________

انت في الصفحة 3 من 12 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
16

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل