
#
فتحت باب الغرفة فجأة… لأرى آخر شيئا توقعت أن أراه!!!!!
وجدتها وقد سقطت على الأرض غارقة في دمائها، صرخت من الفزع واندفعت إليها لا أعرف ماذا حل بها، أخبرتني أن أهدأ وأن هذا نزيف لكنها لا تعرف سببه، لم أصدق روايتها ولكني مع ذلك حملتها وحدي لأن الأولاد جميعا كانوا في المدرسة، نزلنا إلى أسفل واوقفت سيارة أجرة حملتنا إلى أقرب مستشفى وهناك كانت قد فقد وعيها تماما، هرول إليها الأطباء بعد ان قمت بالطبع بترك مبلغ تحت الحساب فقد كانت مستشفى خاص، ادخلوها إلى غرفة العمليات ولا أعلم ماذا بها، اتصلت ب عمر لكنه لم يجيب، انتظرت حوالي ساعتين ثم خرج الطبيب ليخبرني أنها باتت بصحة جيدة، ولكن بالطبع فقد فقدنا الجنين، جنين؟؟ أي جنين؟ لقد تزوجت عمر منذ يومين اثنين.. فأي جنين ذلك الذي يتحدث عنه الطبيب؟ تفرقت بي الخواطر ولم أدر ماذا أفعل لكني توجهت إليها في غرفتها فوجدتها هائمة لا تشعر حتى بوجودي!
اقتربت منها ثم جلست أمامها.. كانت تلك هي المرة الأولى التي نجلس سويا
– سلامتك
= الله يسلمك.. طبعا انتي بتسألي نفسك إيه اللي حاصل
– لا عادي ولا فارق..المهم سلامتك.. انا رنيت على عمر بس هو…
= لا بالله عليكي.. اوعي تكلميه
– نعم؟
= هفهمك.. انا وعمر بنحب بعض من حوالي سنة.. واتفقنا على الجواز… كان شرط عمر اننا نتجوز من غير ما حد يعرف.. وافقت عشان بحبه.. بس من شهرين اكتشفت اني حامل.. وكان لازم نعلن جوازنا.. لكن عمر صمم انه محدش يعرف اننا متجوزين من فترة.. كانت خايف ل تزعلي.
– انتو اقذر اتنين انا شوفتهم في حياتي.. كنتي عارفة انه متجوز.. ووافقتي تتجوزيه؟.. حب.. تعرفي ايه انتي عن الحب؟ تعرفي ايه عن سنين عمري اللي ضاعت عليه وعلى الاولاد.. لكن ربنا كبير واعدل من انه يسيبك.. خايف يقولي ل ازعل؟ ازعل على ايه.. لما جوزي يحب واحدة تانية ويفكر يتجوزها.. يبقى ايه اللي بعد كده يهم.. سواء بمعرفتي او من ورايا.. لما اشوف عمر هقوله مكنش لازم يتعب نفسه ويخبي الشهرين دول!
= لا ابـ,ـوس ايدك.. اوعي تعرفيه اني عرفتك..
– نعم؟.. كده كده هيعرف ان الطفل مات وانه انا اللي وديتك المستشفى
= لا.. هو مسافر بعد يومين.. ف وقت سفره هبقى أفهمه انه الجنين مات.. بس بلاش تعرفيه باللي حصل.. ارجووكي!
– عمر مبقاش يفرق معايا اصلا.. عادي خلاص.
غادرت المستشفى ولم أكن اريد ان اذهب للبيت.. ولا لأي مكان.. كأن الأرض ضيقة تكاد تطبق على أنفاسي، عمر تزوج وكان على وشك الإنجاب.. كل هذا لا يهم.. المهم هو أنه قد احب.. احب إمرأة أخرى.. إمرأة ليست أنا!
أظن أن التجاهل الظاهر على وجهي ليس هو حقيقة ما في قلبي… الله لك يا قلبي هو الذي ينصرك ويعينك!
رجعت إلى المنزل واخبرتني هي انها ستذهب إلى منزل صديقتها لتقضي الليلة عندها وسوف تخبر عمر ان صديقتها هذه متعبة.. يا لها من كذابة ومحتالة..
في المنزل وجدت أحمد وروان وقد ظهر القلق والتوتر عليهما لأنني تأخرت فأخبرتهما ألا يقلقا وقمت بتجهيز العشاء لهما فأكلا ثم ناما!
قمت بترتيب المائدة.. أحضرت شموعا ووردا، ووضعت أغنية ل ام كلثوم.. صوتها ساحر جدا… خصوصا عندما يكون الجو هادىء والضوء خافت، جربت عددا من الفساتين التي اشتريتها إلى أن استقر بي الحال على فستان أسود يشبه فساتين نجمات الأفلام القديمة.. ولم يكن هذا هو اسلوبي في اختيار الملابس ولكن هناك وقتا ما يجب لكل شيء أن يتغير!
قدم عمر وحاول أن يفتح الباب بمفتاحه لكنه لم يستطع، فطرق الباب وفتحت له!!
فوجئ بمظهري ولم يستطع إخفاء ذلك.. تقدم إلى المائدة.. اعرف انه بالطبع لم يأكل طوال النهار فذلك اليوم من الأسبوع هو يوم شاق جدا.. تقدم إلى المائدة فوجد الطعام.. شكله مبهر… لكنه كان طعاما لشخص واحد فقط!
– انتي اكلتي؟
= لا
– مش هتاكلي
= لا هاكل طبعا
– مش هتاكل معايا اقصد.. هنا يعني؟.. انا شايف عشا لشخص واحد بس
= ونفهم من كده ايه؟
– ايه
= نفهم انك هتروح تسخن باقي اكل إمبارح اللي ف المطبخ وتاكله.. ممم او ممكن تنزل تشتري اكل.. اقولك؟ نام خفيف!
= نعم؟؟ انتي بتهزري؟
– حبيبي انا اهزر معاك ليه؟.. النهاردة يوم مراتك في تحضير الاكل
= وانتي ايه.. ما انتي مراتي
– هههههههه.. لا يا قلبي.. انا ام الاولاد.. و اه صح.. انت اللي قسمت الحاجات دي مش انا خالص
= يا منى متهزريش انا فعلا مش قادر اقف
– خلاص اقعد 😂.. ولا ايه كبرت خلاص
= انا لو نزلت فعلا واكلت بره يبقى مش هرجع النهاردة البيت.. وكل اللي انتي عاملاه هيضيع
– اللي هو ايه
= الجو كله ده
– يضيع ليه.. هو مين قاله انه ليك اصلا؟
= امال لمين!!!
– لنفسي.. انت فاكر اني مش هسمع اغاني ولا ألبس كويس إلا ليك انت؟ ده ليه ده.. انت شايف نفسك ع إيه 🤔🤔
= منى!.. انتي جرالك إيه؟
– واحدة عميا وفتحت
= انتي طالق
= انتي طالق!
– إيه!
= منى.. لا.. أنا آسف والله العظيم.. مكنش قصدي.. الكلمة طلعت مني غصب عني.. استني بس!
اسرعت إلى غرفتي، اغلقت الباب ثم جلست خلفه أبكي.. ماذا جرى، اهكذا يا عمر.. طلاق؟ بكل تلك السهولة؟.. لم يتحمل كوني عصبية هذه الأيام؟ أحرام على المقتول أن يترنح لشدة ما به من آلآم؟ حرام على المطعون أن يصرخ؟.. وكأن اليوم هو أول عهدي بك يا عمر، أخذت ثيابي ورتبت نفسي وجمدت ملامحي فلم يبدو علي ذلك القهر وتلك الحرب التي بالداخل، حاول أن يمنعني من الخروج وتشبث بي لكي لا اخرج ولكن لا. لا يا عمر.. لأكونن من اليوم إمراة كما لم تعرف النساء من قبل!
عدت إلى منزل أبي، استقبلتني أمي وقد قصصت عليها باختصار ما حدث.. عمر تزوج من أخرى وطلقني!
انهارت امي في البكاء ولم استطع أن اوقف دموعها المنهمرة فبكيت انا أيضا.. لا استطيع ان اتظاهر بالقوة أمام أمي.. انها أكثر مخلوق رأى ضعفي واليوم ها هي ترى انهزامي.. نعم.. انهزمت امام الحياة وامام نفسي.. ولكن تلك ليست نهاية المعركة.. أرادت أمي ان تتحدث لعمر لكني أقسمت لها بالله لو فعلت ذلك فلن ارجع بيتي ولو بعد مائة وسأترك حتى بيت أبي ولن يعلم أحد لي طريق.. كنت حادة معها.. ولكنها الأم.. دائما تسامح!
رن هاتفي فوق الثلاثين مرة، كان عمر، وبالطبع لم أجيب، اتصل بي الأولاد فأخبرتهم أن والدهم طلقني، كنت أعرف أن ذلك حتما سيؤذي نفسيتهم، ولكنهم كبروا ويجب أن يفهموا كل شيء، أولادي بالترتيب هم: علي وعمره سبع عشر عاما، طالب في الثانوية العامة، محمد وعمره خمس عشر عاما وهو في الصف الثالث الإعدادي ثم روان وهي لازالت في الحادية عشر من العمر في المرحلة الابتدائية، جميعهم متفوقون في المدرسة، فقد كنت متفرغة لهم ولوالدهم تماما.. والحق أنهم دائما ينجحون ويعرفون رأسي.. أم هو فقد رسب وأذاقني الخذلان أطنان أطنان… بكت روان لدى علمها بالخبر وصممت أن تأتي إلى فطلبت من أخيها علي أن يوصلها فأوصلها لتبقي معي وعاد هو إلى المنزل بناءا على رغبتي.
في المساء دق جرس الباب وأقسم أنني كنت أعلم الطارق.. لازلت أشعر به بقوة.. دخل عمر وتحدث إلى أمي وكنت أقسمت عليها بالله ألا تعاتبه على شيء وألا تبدي انكسار أمامه وأن تحفظ ما بقي من كرامتي.. طلب أن يتحدث إلي، فوافقت
– منى، انتي عارفة انتي إيه عندي.. وأنا مش عارف والله عملت كده إزاي.. أنا آسف.
= أنا إيه عندك.. لا مش عارفة والله أنا ايه عندك
– انتي ام ولادي، وعشرة عمري
= جميل.. والمطلوب؟
– ترجع لبيتك ولاولادك… دول ميعرفوش يعملوا اي حاجه من غيرك!
= اها.. كويس.. لكن طبعا أنا لي شروطي
– شروط ايه!!.. اتفضلي
= تمام.. شوف يا عمر انا سالتك انا ايه ف انت قلت اني ام اولادك.. ف هي دي الصفة اللي هرجع بيها بيتك
= مش فاهم
– هصدق انك مش فاهم وهفهمك.. انا ام أولادك.. مراتك اه بس ده على الورق.. انت دلوقتي متجوز سارة.. سارة بس… ليا عندك مصروف البيت ومصروفي الشخصي ومصروف دروس الاولاد.. وليك عندي اهتم بالاولاد واربيهم واخد بالي منهم واحاول اوفر لهم جو صحي في ظل وجود مرات الاب!.. الاسبوع كله خليه لها ومبروك عليها.. الاكل والعشا والكلام ده انت عارف انه مش بيتعبني طبعا فعادي.. لو حبيت حد يجهزلك اكل او يحضرلك الحمام ف انا مش همانع طبعا.. هحضر معاك المناسبات لو حبيت.. وهستقبل اهلك وكل الامور هتكون في ظاهرها طبيعي.. لكن اللي جوا ده هيكون بينا احنا.. لا اهلي ولا اهلك ولا حتى الولاد هيعرفوا!
= ليه كل ده؟؟ ليه يا منى..
– ده اللي عندي
= تمام.. مصروف البيت معروف ايه بقا حكاية مصروفك ومصروف دروس الاولاد؟؟
– مصروف البيت ده لطلبات البيت من اكل ولبس ومستلزمات.. مصروفي الشخصي عشان لو حبيت اشتري حاجة.. وعموما خلاص انسى موضوع مصروفي الشخصي ده.. مش عايزة منك حاجة.. مصروف دروس الاولاد ده بديهيا كده للدروس.. عشان انا للاسف مش هذاكر تاني للأولاد مش هكون متفرغة!
= متنسيش انهم لسه ولادك.
– وولادك انت كمان… وطبعا الراجل هو اللي بيقوم على شؤون بيته.. ولا انت مش عارف الموضوع ده؟
= كأني بكلم واحدة تاني.. إنسانة عمري ما عرفتها
– أنا هما الاتنين.. وكلنا كده ع فكره.. كل ست كده.. انا هي منى اللي انت اتجوزتها من سنين… وانا هي منى اللي انت عملتها من كام يوم.. كلها ردود افعال.
= ماشي يا منى.. زي ما تحبي.. موافق!
رتبت أموري واقنعت والدتي أنه قد تم الصلح ولم أخبرها عن الاتفاق.. عدت إلى المنزل وكانت سارة زوجته قد عادت أيضا، جلست في غرفتي وبدأت ارتب للقادم، طرق الباب ثم دخل ليخبرني أنه عائد إلى العمل، رددت بابتسامة باردة ليس لها معنى وعدت لاقرأ في الكتاب الذي بين يدي.. قرأت جملة وقفت عندها ل ثوان ” أحبيه كما لم تحب إمرأة.. وانسيه كما ينسى الرجال”.. صدقتي يا أحلام.. انهم حيوانات تأكل وتنسى فقط!
سمعت صوت أشياء تتحطم في غرفة سارة.. خرجت من الغرفة فزعة، هرولت إلى غرفتها فسمعت صوتها وكأنها تتحدث إلى شخص ما، حاولت أن استمع إلى ما يدور في الغرفة ولكني لم أستطع، فتحت الباب فجأة فوجدتها وقد انتكش شعرها الأسود الطويل واحمرت عيناها بشكل مرعب بينما يتساقط الدم على وجهها… ثم بدأت في الصراخ!!!
#الحلقة 6
كان منظرا مروعا، لم استطع أن اتمالك نفسي هذه المرة فسقطت فاقدة الوعي، عندما أفقت وجدتها بجواري، وقد هدأت بعض الشيء لكنها لا تزال تتنفس بسرعة شديدة كأنها تجري في نفق طويل، ابتعدت عنها فاقتربت مني وأرادت أن تهدا من روعي.. نزعت يدها من كتفي وأسرعت إلى غرفتي فلحقت بي
– مالك يا منى!
= مالي أنا؟ في إيه.. انتي ايه اللي بيحصلك ده؟؟
– نفسي احكيلك.. بس
= بس ايه؟
– الامان.. توعديني مفيش مخلوق هيعرف ولا حتى عمر!
= قولي
– بصي يا منى.. اللي هحكيهولك ده احتمال مسمعتيش عنه قبل كده.. ولا انا كمان كنت اعرف عن الحاجات دي.
= حاجات إيه؟
– منى.. كل واحد منا له قرين… القرين ده ساعات بيتحكم فينا.. وساعات احنا بنقوى عليه.. انتي فاكرة اني خطفت جوزك مش كده؟ لا مش أنا اللي عملت كده دي هي!
= مين
– ايوة اللي ف بالك صح… انا كنت عايشة مع اهلي.. كنت دايما لوحدي ومحبش اختلط بالناس.. كنت بكره التجمعات… لحد ف يوم كنت في البيت وبابا وماما سافروا لأن جالهم اتصال ان خالي تعبان جدا.. رفضت أسافر معاهم، وبقيت في البيت لوحدي.. فجأة حسيت بصوت غريب في الصالة.. كدبت نفسي وقلت أكيد أنا بتوهم.. لكن لا.. الصوت كان بيقرب وكان بيزيد.. ولما طلعت اشوف مين.. لقيتها هي!
= هي مين
– هي أنا!!.. واحدة شبهي.. لا هي انا.. قرينتي!
= اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ايه ده اللي بتقوليه
– قربت مني وكان شعرها اسود جدااا اسود من شعري.. وكانت منكوشة.. وعيونها حمرا.. تماما زي ما هتشوفيني ساعات.. ويمكن شوفتيني بالشكل ده.. دي مش بتبقى انا دي هي.. بتظهر بالليل وبتظهر وانا لوحدي.. مش بعرف اتحكم فيها لا… هي اللي متحكمة دايما.. هي اللي خلتني اتجوزت عمر.. انا مكنتش عيزاه.. ف يوم وليلة لقيت نفسي مراته… وكنت حامل.. عشان كده كنت كل ما افوق من سيطرتها بفضل اعيط واصرخ.. ولما عرفت اني حامل قررت أسقطه.. اه.. انا كدبت عليكي.. نزلت الطفل لاني مش عايزاه.. مش عايزة عمر… ساعديني.. ارجوكي ساعديني!
= انا مش فاهمة حاجة.. اساعدك ازاي؟
– اضـ,ـربيني واطرديني من هنا.. انا مش قادرة اخرج كأن في حاجة حابساني.. مش قادرة اعمل حاجة.. ساعديني يا منى!
فجأة نظرت لي نظرة مخيفة جداااا.. وعلى صوتها جدا وبدأت في الصراخ.. ثم انطلقت إلى خزانة الملابس فمزقت ملابسها وتوجهت نحوي وبيدها سكين أخرجتها من الدولاب… صرخت وهرولت إلى خارج الشقة وكنت على وشك النزول إلى الشارع لكني تذكرت انني بملابس البيت.. فوقفت على سلم العمارة لا ادري ماذا أفعل.. فإذا بها تخرج باكية وتطلب مني أن اساعدها… ماذا افعل؟؟
دخلت إلى الشقة وقد بدأت هي في البكاء.. حاولت تهدئتها ولكن يدي كانت ترتجف،
– عشان خاطري يا منى.. لازم تخرجيني من هنا.. شديني من ايدي.. لازم امشي من هنا!!
= مش عارفة والله يا سارة اعمل ايه. طب بعد ما تخرجي هتروحي فين
– هروح لشيخ كويس جدا اعرفه.. بس ساعديني.. اعتبريني اختك.. اعتبريني اي حاجه.. واوعدك هخرج من حياتك نهائياا مش هتشوفي وشي تاني..
من جديد بدأت في الصراخ.. عزمت على أن أكون قوية القلب.. تقدمت إليها… أمسكت يدها بقوة وبدأت في سحبها على الارض إلى خارج المنزل….
– إيه اللي بيحصل ده؟؟؟
= عمر حبيبي… شايف عملت فيا ايه؟؟. ضـ,ـربتني وقطعت لي كل هدومي…وبتطردني…عايزة تمـ,ـوتني يا عمر!!