منوعات

لم يكن قلبي لها الثانى

20

لم يكن قلبى لها

الفصل العشرون

فى غرفة سمية

يدخل مراد ليرى سمية تجلس كعادتها وراء زجاج النافذة وهى تشاهد اوراق شجر الخريف وهو يتهاوى من على اغصانه ليتقاذفه الهواء هنا وهناك ، وتشاهد بعضه بعد ان تيبس ودهسته الاقدام ليصبح كذرات الرماد ……غير مرئية ولكنها مهشمة …. ضائعة …..بلا هوية …..وبلا وطن .

مراد : ازيك ياسمية ، اخبارك ايه النهاردة ؟

سمية بنصف استدارة : زى كل يوم

مراد وهو يجلس قبالتها : وياترى ده كويس واللا وحش

سمية وهى تعود برأسها الى ماكانت عليه قبل دخول مراد : على حسب ظروف كل واحد

مراد : مش فاهم ، تقصدى ايه

لتضحك سمية بسخرية وهى تقول : يعنى اللى عاوزنى ابقى كويسة يبقى انا كويسة واللى مش عاوزنى كده فانا زى ماهو عاوز

مراد : طب وانتى …….. عاوزة اية

سمية بوجوم : مابقيتش عاوزة حاجة ، عاوزة الكل يسيبنى فى حالى

مراد : وحالك ده اللى هو ايه بالظبط

لتنظر له سمية باستفهام ، ليبتسم مراد قائلا لها : ماهو ياسمسم الحال ده برضة بيبقى له قواعد بتختلف من واحد للتانى ، يعنى مثلا مثلا يعنى انا ماقصدش موقف بعينه ، لما حد يحب حد ويبقى عاوز الناس ماتحسدهمش على حبهم .. فده حاله ، ولو مثلا حد عايش حياته مع اهله اللى بيحبهم ومش عاوز حد يخرب عليهم حياتهم دى .. تبقى دى حاله ، ولو حد مثلا عاوز يعيش منفصل تماما عن العالم اللى حواليه ومش عاوز يبقى لاى حد وجود فى حياته ….تبقى دى حاله

انتى بقى مين فى كل دول

لتعود سمية بنظرها الى النافذة وهى تقول : مش عاوزة ابقى مشكلة فى حياة حد من تانى ، واللا ابقى السبب ان الناس تزعل من بعضها عشانى ، عاوزة اختفى …..لتعود بنظرها اليه قائلة : ينفع ؟

مراد : انتى شايفة ايه

سمية ببعض الانفعال : بطل تتعامل معايا على انى مجنونة واللا مختلة وترد على كل سؤال بسؤال ، انا بكلمك على انك آبية مراد اللى اتربيت وسطنا وعارف كل اسرارنا وحكاياتنا مش على انك الدكتور النفسى مراد

ليضحك مراد عاليا حتى اغرورقت عينيه بالعبرات ثم نظر اليها بعد ان مسح عبراته وابتسم قائلا : طول عمرك من وانتى صغيرة كنتى بتحبى تقرى معايا كتب الفلسفة وعلم النفس ، رغم ان احنا الاتنين دخلنا علمى ، طب تصدقى ياسمسم ان امنية حياتى انام ع الشزلونح وافضل احكى لغاية ماخلص مخزون الكلام اللى جوايا

لتبتسم سمية وهى تنظر لعينيه وتغمز له بمشاغبة : دى طريقة جديدة للعلاج عاوز تجربها عليا واللا ايه

مراد : تفتكرى هتنفع ! ثم وهو يرفع ذراعيه للاعلى غامزا بعينيه: ولو نفعت تبقى من اختراع وابتكار مراد التونى

ليتمدد مراد على الفراش قائلا : طب ماتيجى نجرب واهو لو مانفعش يبقى ع الاقل فضفضت ومش لحد غريب يعنى ، انتى برضة مننا وعلينا وستر وغطا عليا

سمية ضاحكة وهى تعتدل جالسة امامه : ها ….. عاوز تبتدى من فين

مراد ضاحكا : لأ تنفعى

خلينا نبتدى من وانا ف الجامعة

سمية : واشمعنى الجامعة ، ليه مش قبل كده ولا بعد كده

مراد : لان فى الجامعة يعتبر حياتى اللى بجد ابتدت

سمية : ازاى

مراد : اتعرفت على اهم شخصية فى حياتى ، رغم انى كنت اعرفه من ايام المدرسة وكنت ساعات بذاكر معاه وكنت بحبه ، لكن ماعرفتوش بجد غير واحنا فى الجامعة

سمية شاردة وكأنها تعرف عن من يتحدث فتقول بتنهيدة عميقة : اشمعنى الجامعة

مراد : تقدرى تقولى كده انى ابتديت اتعرف عليه من اول وجديد ، جدع ورومانسى وحابب الدنيا وف نفس الوقت متدين ،مابيفوتش فرض وعارف الحلال من الحرام ، وكنت اما ساعات كنت اعاكس بنت واللا اتكلم على اى زميلة ، كان يجيبنى من قفايا ولما ساعات كنت اقوله ياعم فوت المرة دى ، كان يقوللى …… انت عاوز ربنا يعاقبنى فيها

سمية : كان بيحبها من زمان اوى كده

مراد : من وهى لسه مابتعرفش تربط رباط جزمتها

سمية باسمة : هو اللى حكالك

مراد : لا … دى انا شفتها بعينى ، كنت اما اعدى عليه واحنا رايحين المدرسة ، ماكانش يرضى يمشى غير لما يربطلها الجزمة ، والغريبة ان هى كمان ماكانتش بترضى تخلى حد غيره يربطهالها

سمية : كانت بتحس ان ايده بتقفل من عليها اى حاجة وحشة لما يربطلها الجزمة

مراد : وهو كمان ، ابتسامته وقتها كان يحسسك ان قفل باب الوطن قدام العدو

سمية ضاحكة بشجن : بس كبرت ومابقاش يربطهالها ، ياريته كان فضل يربطهالها العمركله

مراد بشجن : يوم مانزلت وهى فرحانة انها عرفت تربطها لوحدها على قد فرحته لفرحتها على قد مازعل ان حجته عشان يستناها الصبح خلاص خلصت

ثم قال ضاحكا وهو مزهوا بنفسه : بس انا اقترحت عليه حجة تانية عشان يستناها بيها خلاه يعزمنى على ايس كريم شهر بحاله

سمية باستغراب : وكانت ايه بقى الحجة دى ؟

مراد ضاحكا : اننا نستناكم على ماتركبوا الباص عشان نتطمن على سليم اللى كان هيقع منه مرة

لتفتح سمية عينيها عن اخرهم ثم تنخرط فى الضحك قائلة : كانوا كلهم فاكرينها حجتك انت عشان ماتاخدوهاش مشى و تركبوا وانتوا رايحين المدرسة بحجة انكم اتاخرتوا

مراد مزهوا بنفسه: ده كان اتفاقى معاه عشان استحق الايس كريم

سمية : وبعدين

مراد : كانت كل ماتكبر سنة كان جنونه بيها بيكبر معاها عشر سنين واعجابى بيه بيكبر ١٠٠ سنة

ماكانش بيبطل كلام عنها ، بتحب ايه ، بتكره ايه ، ايه اللى بيفرحها ، وايه اللى بيزعلها ، وكله كوم ويوم عيد الام ده كوم تانى ، كان بيجيب هديتين واحدة لفريدة والتانية ليها

سمية باستغراب : عمره ماجابلها هدايا ف عيد الام

مراد وهو يضع يده على فمه : اوبس ….ابقى فتنت عليه ، ثم بنظرة رجاء : اعتبرينى ماقلتش حاجة

سمية بلؤم: لو ماقلتليش هقول انك قلت

مراد : بقى هى كده

سمية : ايوة …. وانت حر

مراد باستنكار : بقى هو ده قسم بوقراط

سمية بشقاوة : انت اللى حلفت على فكرة مش انا

مراد باستجداء : بس وعد انا ماقلتش حاجة

لتومئ برأسها علامة الموافقة

مراد : لما كنت بسأله عن السبب ، كان يقوللى فريدة سبب وجودى فى الدنيا ، وهى سبب ان ده ، وهو بيشاورلى على قلبه ، يتولد ويدق

سمية : بس مادالهاش ولا هدية

مراد : عاينهم كلهم عنده فى دولابه ، وكان ناوى يديهوملها كلهم فى اول عيد ام ييجى عليهم وهم متجوزين بعد ماربنا يرزقهم باول بيبى وتبقى هى كمان ام

سمية بابتسامة: كمل ، وبعدين

لما اتعرفت على دعاء عن طريق سلمى ، وابتديت انى اعجب بيها ، قاللى لو السكة قدامك مفتوحة اوعى تضيع يوم واحد وهى بعيد عنك ، ساعتها قلتله : لا ياراجل شوف مين اللى بيتكلم ساعتها قاللى : ياريته بايدى ، لكن للاسف وعدت يونس انى استنى ، بس هانت ان شاء الله كلها السنة دى ، ولما قلتله طب لما هى هانت ليه ماتلمحلهاش ، ساعتها بصللى بلوم شديد جدا وقاللى : واخون ثقة يونس فيا ؟، اخون ابويا اللى ربانى وفتحلى بيته ؟! مش انا يامراد

ساعتها على قد ماستصغرت نفسى قدامه على قد مااحترامى ليه زاد اوى ، واتمنيت ان ربنا يديم علينا صحوبيتنا طول عمرى ، لحد ماجت الضربة الكبرى

سمية بانتباه : اللى عمله اخوها

مراد : لا ….. الضربة اللى خلت الاوكسجين ينسحب من قلبه ،……… سلمى

لما عرفوا بمرض سلمى وفريدة اقترحت جوازه منها ، انا كنت موجود معاهم ، اقسم ان لو كان حد طعنه فى قلبه ماكان هينزل منه نقطة دم واحده

مات حرفيا يومها ، كنت شايف وجع يونس عليه زى ماكنت شايف وجعه على سلمى ، لما اتفقوا يومها على كتب الكتاب…. يونس أخده فى حضنه وهو بيبكى ، كنت حاسس بيه بيبكى عليه قبل ماكان بيبكى على بنته …… يونس كان بيدفنه حرفيا ، كلنا كنا موجوعين عليه واولنا سلمى اللى ماكانتش تعرف مين اللى ف قلبه ، واللى كان ده طلب يونس منه عشان كان خايف ان سلمى تلمحلها قبل الاوان ، واللى كلنا حمدنا ربنا على جهلها وقتها والا اكيد كانت هترفض رفض قاطع على كل اللى حصل

كان وقتها عايش وسطنا وهو بيمثل انه عايش.. بياكل وبيشرب وبيضحك لكن وقت ماكان بيبقى لوحده او معايا كان بيبكى ، ايوة ياسمية كان بيبكى وهو بيحكيلى على عذاب قلبه وهو شايفها قدامه وهى متحرمه عليه واحتمال تبقى من نصيب حد غيره ، ياه ع الوجع اللى كنت بحسه جواه ، ده انا ياللى كنت مجرد صاحبه كنت بتوجع ع وجعه ده وببكى على بكاه

لكن يوم ماعرفنا بحمل سلمى لقيته سعيد ومبسوط لانبساطهم وقاللى انه قرر ينسى كل اللى حس بيه ناحيتها وانه لازم يستعد انه يبقى اب يستحق ابنه اللى جاى ، وانه لو ماحبش امه يبقى على الاقل مش مشغول بغيرها

وقتها حسيت انى فعلا محظوظ بمعرفتى بالبنى آدم ده وقررت انى ابقى دايما فى كتفه ومعاه فى اى وقت وفى اى قرار ياخده

وعدت الايام لحد مابتدت اجراءات عملية سلمى واتحدد معاد العملية وخلاص هيبتدوا الفحوصات النهائية واتفقوا انهم هيعرفوكم كل حاجة اول ماتبتدى اجراءات دخول سلمى للمستشفى ، لكن للاسف حصلت الحادثة اللى ماتوا فيها واعتبرنا ان سرهم كمان مات معاهم ، ماكناش نعرف ان ربنا رايد ان السر ده مايموتش ، وانه هينكشف من تانى بأسوأ طريقة ماكانش حد يتخيلها

والى اللقاء فى الفصل الحادى والعشرين

انت في الصفحة 6 من 10 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل