منوعات

لم يكن قلبي لها الثانى

23

لم يكن قلبى لها

الفصل الثالث والعشرون

يخرج مراد من غرفة سمية تاركا اياها فى حالة شرود وهو يمنى نفسه بان يؤتى ثمار مافعله خيرا للجميع ليتفاجئ بيحيى يقف امام الباب من الخارج وعيناه حمراء كالدماء ليفزع مراد من مظهره

مراد : يحيى ! مالك ! فى ايه

ليتفاجئ مراد بيحيى يلكمه فى فكه ليصطدم مراد بالحائط من ورائه

مراد بدهشه : الله ! فى ايه ياجدع انت

لينتشله يحيى من قمة ملابسه ويجره ورائه حتى غرفة مكتبه وما ان يغلق الباب ورائهم حتى يلكم مراد مرة اخرى

مراد وقد بدأ الغضب يظهر عليه : مش هنعقل بقى ونتكلم مع بعض زى البنى آدمين …. ايه مالك عامل زى التور الهايج ومستغل صبرى عليك ! فى ايه اللى حصل يخليك تعمل كدا فيا وهنا فى شغلى كمان وكان ممكن اوى اى حد من زمايلى واللا التمريض يشوفوك وانت بتبهدلنى كده ، كان يبقى ازى الحال

وكان بحيى مازال واقفا متنمرا له مكورا قبضة يديه متحفزا لضربه مرة اخرى ، ليضع مراد يديه على اردافه وهو ينفخ فى ضيق قائلا : ماتنطق ياجدع انت وتقوللى ايه اللى حصل

يحيى وهو يحاول كبت غضبه : هى دى الامانة اللى امنتهالك ! هو ده علاجك ليها … بانك تجرحها وتوجعها ؟ ابه ! ماكفكش كل اللى حصللها عشان تدوس عليها انت كمان دلوقتى ؟

ثم قال ببعض الاسى : ليه عمالين تكسروا فيها واحد ورا االتانى …..! ليه

ليأخذ مراد نفسا عميقا ثم يتجه الى يحيى ليأخذه بين ذراعيه وهو يربت على كتفيه وظهره حتى استكان يحيى وهدأ ، ثم اعتدل مراد وهو ينظر فى عينى بحيى قائلا بجدية ممزوجة بغضب مصطنع : ايدك تقيلة اوى يازفت

لينخرطا فى الضحك ويعودا الى احضان بعضهم مرة اخرى ولكن هذه المرة كان يحيى هو من يربت على ظهر مراد وهو يقول مداعبا اياه : ماهيش جديدة على خلقتك … المفروض تكون اتعودت

مراد بأسى : طول عمرى بقول ان معرفتك تقصر العمر

يحيى : ليه ضغطت عليها اوى كده

مراد : اسمع يايحيى ، انا مش عاجبنى ضعف سمية ، فى كل موقف بيحصل مهما كان بسيط بنبقى كلنا قلقانين عليها هى بالذات ، و ده من زمان اوى ، من واحنا لسه عيال ، لازم تنشف شوية

يحيى بحب : طول عمرها رقيقة وحساسة

مراد : ايوة بس المفروض انها ….. انها هتبقى زوجة و ام ، تقدر تقوللى لو لا قدر الله فى يوم من الايام حد من ولادكم حصلله حاجة قدامها هى هيبقى رد فعلها ايه ؟ هتنقذه ؟ واللا هتنهار جنبه ؟

يحيى مبتسما : تفتكر هييجى اليوم ده

مراد باستغراب : يوم ايه

يحيى حالما : اللى هيبقى عندنا ولاد

مراد وهو يشد فى شعر رأسه من الغيظ : شوف انا بقول ايه وهو بيقول ايه ، تصدق … انت كمان محتاج تتعالج ثم ضربه بظهر يده قائلا : ياللا يا اخينا اتكل على الله و هوينا ورانا اشغال

يحيى : هترجعلى

مراد مبتسما : هترجعلك …….. اتكل على الله بقى

يحيى متنمرا : هدخللها

مراد وهو يشير له بسبابته محذرا اياه : مع السلامة ، وماتعملش غير اللى اتفقنا عليه بايحيى ، ماتضيعش كل اللى اتعمل وتعبنا كلنا واولنا سمية ع الفاضى

ليهز يحيى رأسه ثم يتجه الى الخارج ليجلس مراد على مقعده وهو يضع يده على أثر ضربة يحيى له على وجهه وهو يقول : ربنا يستر وماتستندليش معايا ياسمية ….. احسن لو فينا من استندال …. يبقى الله يرحمنى ويحسن اليا ، كنت طيب وابن حلال وصاحب صاحبى

انا ان شاء الله اول ما سمية ان شاء الله ان شاء الله ماتتحسن ….. لازم اقطع علاقتى بالعيلة دى تماما ثم ابتسم قائلا : بس طبعا بعد عزومة حلوة كده من ايدين فريدة ودادة زينب ، ع الاقل الواحد يتعوض شوية عن ام المرمطة دى

فى غرفة سمية

تجلس ودموعها تجرى على وجهها فى صمت وهى تفكر مابينها وبين نفسها

خلاص ياسمية ؟ الكل هيسيبك ويبعد عنك ؟ هو ده اللى انتى عاوزاه ؟ هتعرفى تعيش من غيرهم ؟ هتعرفى تبقى لوحدك ؟

عمرى ماهعرف استغنى عنهم ولا ابعد عنهم ولا عن يحيى بس انا انانية زى ما آبية مراد ما بيقول عليا ! ليه ؟ ايه اللى عملته عشان ابقى انانية ؟ انى مش قادرة اسامح ؟

طب يحيى ذنبه ايه ياسمية ؟

يحيى ! هو فين يحيى ! يحيى مسافر وهيسيبك ….. خلاص زهق منك ومن مسئوليتك وهيبعد عنك ويمكن يلاقى واحدة تانية تحبه وتحتويه وهى اللى تقلق وتخاف عليه مش العكس ………

لا….. يحيى مش ممكن يحب حد غيرى

بس ممكن حد غيرك يحبه ويقدر يحتويه ، مش يمكن هو بعد كل اللى حصل محتاج لده ….انه يلاقى حد يحبه بجد

طب هو انا مش بحبه بجد ! ده انا عمرى ماعرفت الحب غير على اديه

بس ماديتيلهوش الحب ده ، من يوم ماصارحك بحبه … هو بس اللى بيديكى … هو بس اللى بيخاف عليكى ، هو بس اللى بيحميكى ، انتى بقى قدمتيله ايه

طبيعى ان هو اللى يحمينى ، هو الراجل … هو اقوى منى

الحماية عمرها ماكانت بالراجل والست ، مافريدة اهى ، طول عمرها حميانا وواخدانا تحت جناحها ، وكانت اجدعها من اجدعها راجل

ايوة فعلا فريدة كانت كده

طب وانتى ياسمية هتفضلى كده ، عاملة زى الريشة اللى كل شوية هوا يطوحوها زى ماهم عاوزين ، هتفضلى ضعيفة لامتى ،

يعنى انا دلوقتى ضعيفة واللا انانية ، انا مابقيتش عارفة انا ايه ولا عاوزة ايه بالظبط

وفى وسط كل هذه الثورة بداخلها تسمع دقا ضعيفا على باب الغرفة لتمسح دموعها سريعا وتلتفت الى النافذة لتعطى ظهرها للباب وهى تعتقد ان القادم هو مراد ، لتقول بصوت خافت : ادخل

لينفتح الباب وينغلق فى هدوء لتجد ان الصمت يحيط بها لتلتفت ببطئ لتجد ان القادم ماهو الا يحيى لتتسع عينيها وهى تنهض من فراشها وتبتلع لعابها بصعوبة بالغة وهى تقول بصوت لم يسمعه سواها : يحيى

ليتقدم منها يحيى ببطئ شديد وهو يقول : رغم ان مراد محذرنى ومانعنى انى اجيلك ، بس لما عرفت انك خلاص بقيتى احسن الحمدلله وانك احتمال كبير تخرجى بكرة ان شاء الله بالسلامة ، ماقدرتش امنع نفسى انى آآجى اشوفك

عندما اتم جملته كان قد وصل امامها تماما لتنظر سمية الى عينيه وهى تتجول فيهما وكأنها تحاول ثبر اغوارها وهى تقول له : جاى تشوفنى واللا جاى تودعنى

يحيى وهو يلتهم قهوتيها بعينيه : قلبك بيقوللك ايه

سمية وهى على وشك البكاء : قلبى تايه يا يحيى

ليسحبها يحيى ويضمها الى صدره مغمضا عينيه قائلا : وكده ؟ لسه برضه حاساه تايه ياسمية

سمية : عمرى ماحسيت بالامان اللى بحسه وانا مستخبية جوة حضنك

يحيى : وليه نستخبى ! ليه مانواجهش ! ليه مانقفش بصدرنا قصاد اى ريح واحنا ايدنا فى ايدين بعض ، ليه مانشدش ضهر بعض ، ونسند بعض ، انا كمان محتاج انى الاقيكى جنبى اشد ضهرى بيكى ياسمية ، محتاج احس ان ليا ضهر يشدنى ويسندنى ويقوينى ، محتاج احس انى مش ساند ع الهوا والفراغ ، محتاجلك قوية ، عندك ثقة فى نفسك قبل كمان ثقتك فيا ، عاوز وانا بعيد ابقى واثق انك شادة ضهرك وواثق فى قوتك

سمية : وليه تبقى بعيد

يحيى : لاى سبب ، ماحدش يضمن الظروف

سمية : هتسيبنى وتبعد

يحيى : عمرى ماقدر ابعد عنك ….ده انتى روحى … لكن …. لما احس ان انتى عاوزة كده …المفروض اعمل ايه وانا وجودى اصلا عشان اعمللك كل اللى انتى بتتمنيه

سمية بتيه : بتمناه ! هو انا ممكن اكون بتمنى بعدك …. مين اللى يصدق الكلام ده ومين اللى ……..

يحيى وهو يخرجها من احضانه وينظر لعمق عينيها هامسا : انتى يا سمية …. انتى اللى قلتى كده

سمية وهى تعود لاحضانه : وصدقتنى ! طب ازاى ! ازاى وانت عارف انى بقيت اتنفسك

ليضمها يحيى بقوة وهو يتنفس الصعداء قائلا : يعنى هترجعيلى من تانى

سمية : وهو انا كنت سيبتك عشان ارجعلك

يحيى : انتى سيبتينا كلنا ياسمية و كلنا مستنيينك ترديلنا روحنا من تانى

سمية بحذر : كلكم مين ؟

يحيى مطمئنا اياها بضمة قوية : كلنا ياسمية ، كلنا …كلنا ، طالما متأكدة وواثقة من حبى ليكى لازم تعرفى ان عمرى مااقدر اعيش وانا حاسس ان صفو قلبك متعكر

سمية : مين هييجى ياخدنى بكرة

يحيى : انتى حاسة انك مستعدة انك فعلا ترجعى بكرة

لتخرج سمية رأسها لتنظر اليه وهى لا تزال بين احضانه وتقول : مش عاوزنى ارجع ..ماوحشتكش

ليخرجها من احضانه وهو يمسك وجهها بين كفيه ويقترب منها ليقبلها قبلة عميقة على جبينها ثم يغرق مابين قهوتيها ليتتقل بشفتيه مابين وجنتيها وعينيها لستقر عند شفتيها بقبلة رقيقة غابا فيها عن عقارب الزمن وعندما فاق يحيى من نشوة حبهما ابتسم لها وهو يبتعد عنها قائلا : من الصبح بدرى هتلاقينى على باب اوضتك مستنيكى نمشى سوا وخرج هاربا من الغرفة وهو يبتسم حالما تاركا سمية مغمضة العين تائهة على شطآن حبهما ، وهى تتسائل مابينها وبين نفسها … هل سترسو سفينتهم بأمان ام ان الرياح ستتلاعب بهم مرة اخرى

والى اللقاء فى الفصل الرابع والعشرين والاخير

انت في الصفحة 9 من 10 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل