
كنت بسمعه باهتمام قوي ودماغي بتسبقه في توقع الأحداث، عشان يكمل كلامه:
-وافقت أنا و”معتز” عن جواز أمي، إنما “مراد” فضل رافض ولحد آخر يوم رافض، ما كانش بيحبه وطول الأربع سنين اللي عاشهم معاه كان بيتجاهله، ماكانش بيحب يشوفه مع أمي، كان أصلًا بيكره يشوفه قدامه، لدرجة إنه عمل أوضة في الدور اللي فوقينا وعاش فيها لوحده، ورفض إني أقعد أنا أو “معتز” معاه.
دموعه اللي نازله، والقهر والوجع اللي في صوته خلوني أركز في كل حرف بيقوله وأنا قلبي بيبكي معاه خصوصًا وهو بيقول:
– بعد عننا، كره أمي، حتى الأكل اللي كانت بتطلعه ليه بقا يرفضه، وبقا ياكل كل أكله من بره، من مطعم كان فتح جنب البيت على طول.. عدت سنة والتانية والتالتة وفجأة “مراد” جسمه ابتدى يخس، وكان دايمًا مرهق، حاولت معاه كتير قوي يروح لدكتور لكنه كان بيرفض، لحد ما فجأة نام في السرير ومابقاش قادر يتحرك، وفي يوم طالع أشوفه لقيته ميـ*ـت.
غمضت عينيا بصدمة ودموعي نازلة، سحبت الكرسي وقعدت قبل ما تخوني رجليا، عشان أسمعه وهو بيقول:
– أخدت صدمة عمري، وشريط حياتي معاه عدى كله قدامي وأنا ببصله، لحد ما لفت نظري علامات التسـ*ـمم الواضحة قوي على جسمه، مسكت التليفون اتصل بالشرطة والاسعاف لقيت عمي بيشده مني وبيضر*بني ببـ*ـلطة على را*سي.. وبعدها أخد جثـ*ـتي ورماها في البحر.
شهقت بصدمة وأنا بكتم نفسي للحظات قبل ما يكمل “مازن” كلامه:
– “مراد” فضل ميـ*ـت في الأوضة أربع أيام لحد ما اكتشفوا وفا*ته، كانوا اتخلموا في اختفائي المفاجئ ومحدش دور عليه لحد ما الريحة طلعت، كتر خيره عمي كان مشغل التكييف.. وفي نفس اليوم اللي اكتشفوا فيه وفاته جثـ*ـتي طفت على وش الماية.. عارفة يعني إيه أم يوصل لها خبر اتنين من ولادها.
=دي تمو*ت فيها.
– ده بالظبط اللي حصل.. قلبها ما اتحملش وما*تت.
برقت بصدمة وأنا بقوله:
– تلاتة في يوم واحد؟!
=تلاتة في ليلة واحدة.. بس اتدفنا على يومين، اللي اجراءاته كانت تخلص كان يتد*فن، و”مراد” كان آخر واحد فينا.
=اتسـ*ـمم ازاي؟
– المطعم كان بتاع عمي ومحدش يعرف لحد دلوقتي، عمله بالفلوس اللي نهبها من ورا أمي.. كان بيحط له سـ*ـم بنسب بسيطة في الأكل لحد آخر مرة حط كمية ما اتحملهاش “مراد”.
= و”معتز” كان دوره ايه في كل ده؟
– الصدمة خليته فقد النطق شهر بحاله ، وبعدها ساب البيت وجه سكن هنا، من يومها منزلش دمعة واحدة على حد فينا، أنا متأكد إنه لسه لحد دلوقتي عايش في الصدمة رغم إنه بينزل كليته وبيكمل دراسته، لحد ما اكتشفت إمبارح إنه بيجهز نوع سـ*ـم ما بيبانش أثره على الجسم.. بيعمل سكتة قلبية فورية.
=ليه؟!
– “معتز” من يومها عارف إن “مراد” ما*ت مسـ* ـموم، رغم إن ما بانش في التشر*يح أي حاجة.. والنهاردة راح بيتنا عشان يكون قريب من القا*تل.
=هو لسه عايش في بيتكم؟!
هز راسه بإيجاب عشان أسأله بر*عب:
– وازاي أخوك يآمن على نفسه معاه في نفس المكان وهو عارف عنه كل حاجة.
=عشان كده محتاجك تساعديني.
– ازاي؟
– السـ*ـم لسه موجود في أوضة “معتز” تحت، وأنا ما بقيتش قادر أدخلها لسبب مش فاهمه ، أنا عايزك تجبيلي السـ*ـم ده.
هزيت راسي بتساؤل وأنا بقوله:
– وأنا هدخل أوضته ازاي؟
=شباك أوضة “معتز” على الجراچ ومفتوح، ودور أرضي.
– إنت عايزني أنط من الشباك في شقة كلها رجالة، إنت بتهزر؟!
=أنا كنت بدخل الأوضة لحد من يومين مابقيتش قادر أدخلها ليه مش عارف!.. لكن ما تقلقيش الأوضة بابها مقفول يعني مش هتلاقي حد من اللي في الشقة، والموضوع كله دقايق.
ما اقتنعش بكلامه، لكن جوايا إحساس قوي بإني لازم أساعده وفعلًا خرجت من الأوضة و”مازن” قدامي، واتسحبت ناحية الباب عشان ألاقي خالتي في وشر.
اتوترت للحظة وأنا ببصلها قبل ما أقولها:
– هنزل اشتري حاجات من السوبر ماركت اللي تحت، مش هتأخر.
= اتصلي بالبواب يجيبلك اللي إنت عايزاه.
هزيت راسي برفض وأنا بقولها:
– مش هتأخر.
وسيبتها ومشيت وفي لحظة كنت في الاسانسير اللي نزلني لحد الجراچ بالظبط، وبسهولة من الشباك كنت جوه الاوضة عشان اتصدم بهيكل عظمي جمجمته مكسو*رة في وشي ، كتمت صرختي بايدي وفتحت الدرج اللي قاللي عليه “مازن” بسرعة وفعلًا لقيت الازازة اللي وصفهالي، وفي لحظة كنت بره الأوضة عشان ألاقي “معتز” في وشي.
صرخت بر*عب وأنا ببص لـ “معتز” اللي قالي:
– من لحظة ما شوفتك بتبصيلي الصبح وأنا متأكد إنك شوفتي “مازن”.
والتفت براسه ناحية المكان اللي واقف فيه “مازن” عشان أبصله بصدمة وأنا بسأله:
– إنت شايفه؟!
=من يوم ما ظهرت جثـ*ـته وأنا بشوفه وبسمع كل كلمة بيقولها.
قرب منه “مازن” يسأله:
– وليه ما اتكلمتش معايا؟!.. ليه سايبني كل الوقت ده أكلم نفسي.
نفرت عروق جبين “معتز” بغضب وهو بيجاوبه:
– عشان عمرك ما كنت هتقولي كل اللي قولته.. خوفك عليا كان هيمنعك إنك تقولي حقيقة