
فصلين مندمجين ال10 و 11
الفصل العاشر
ظل عامر بمكانه غير مستوعب لمَ يحدث .. أهذه سمرا حقاً من غارقه بدمائها .. شعر بقلبه يتمزق فور رؤيته لها هكذا .. عقله لا يريد تقبل فكرة إنها ستضيع منه نهائياً و هو يقف كهذا .. رغم إنها لم تكن له من البدايه .. فاق من شروده على صوت ارتطام قوى بجانبه ليجد السيده فاطمه مُلقاه على الأرضيه ، فمال ناحيتها و ظل يصرخ بالممرضين حتى اسرعوا بالحضور و نقلوها هى الأخرى ..
…………………….
ظل شهاب ييحث عن سمرا بالقرب من سنتر صافى .. و لكن لا أى أثر لها .. و كأنها تبخرت و أختفت ، و لا يعلم ما يجب عليه فعله .. فهو يهاب شاهر و بشده ، و قفزت بمخيلته فكره ، فأخرج هاتفه و ضغط على عدة أزرار ثم وضعه على أذنه حتى اتاه الرد ، فصاح هاتفاً :” الو .. ايوه يا صافى بقولك .. اسمعينى بس .. تعرفى عنوان سمرا .. طب فين بس قولي .. اها طيب تمام تسلمي ..مع السلامه !”
ثم أغلق الهاتف و أبتسامه ماكره زينت ثغره .. و سار متوجهاً إلى حيث تقطن ..!
……………….
بقصر شاهر ،،،،
جلست آنجيلا قبالة شاهر و ظلت تفرك يديها معاً ، بينما تابع هو حركاتها هذه بتلذذ غريب ، و وقف و ألتف ليجلس قبالتها بكل هدوء ، و أسند ظهره للخلف قائلاً :” أريد منك شيئاً ”
” ماذا .. ماذا هناك مستر شاهر !”
ضحك بخبث ، ثم مال بجسده قليلاً للأمام ليستند بمرفقيه على ركبتيه قائلاً :” أريدك أن تقومى بتجهيز غرفه جديده بالطابق العلوى .. بجوار غرفتى الخاصه !”
” لمَ تريد هذا ..”
رفع أحد حاجبيه بسخريه قبل أن يعلق بـ :” لمَ أنتِ تسألين .. المطلوب منك هو التنفيذ فقط !”
ثم أراح ظهره للخلف و أبتسم و هو يتابع بمكر شديد :” كيف أحوال بيبرس إذاً !”
هذه المره سقط قلبها بقدمها ، و تلاحقت انفاسها بسرعه غريبه و هى تحدق به بأعين متسعه
ضحك شاهر بشده على هيئتها ثم وقف ليقترب منها ، و رفع كفه ليضعه على عنقها و ظل يدلكه و هو يتابع :” أتظنينِ غبي لهذه الدرجه آنجيلا .. بيبرس أحضرك لى .. هذه ستكون سكرتيرتك الحسناء .. أنا لستُ غبي حتى لا الاحظ تلك النظرات التى تتبادلونها سوياً !”
و فجاءه قبض بكفه على عنقها و أوقفها رغماً عنها و ظل يضغط عليها بكل قوه حتي كاد أن يخنقها قائلاً و هو يصر على أسنانه :” ماذا تخططون لي .. أجيبي !”
هرب الدماء من وجهها ليصير شاحباً بدرجه كبيره ، و لم تعد تقوى على نطق أى كلمه ، رغم إنها لازالت تحاول أن تبعده عنها بيديها .
تركها هو و تحرك عدة خطوات مبتعداً عنها ، بينما ظلت هى تسعل بشده و تحاول ألتقاط أنفاسها و هي تميل بجسدها قليلا و تضع كفها على عنقها .
ألتف هو لينظر إليها بأعين مُشتعله متسائلاً بأيجاز :” لمَ !”
تحدثت بنبره مهتزه و أنفاس متسارعه :” بيبرس .. بيبرس .. يريد التخلص منك !”
رفع أحد حاجبيه ، و هز رأسه بتفهم ، ثم أقترب منها و عقد ذراعيه أمام صدره مكرراً سؤاله : لمَ !”
نظرت إليه بتوجس و أعين مذعوره قائله بخوف :” ماذا .. ماذا تقصد !؟”
” لمَ يريد التخلص منى !”
” لأنه يكرهك منذ أن بدأت العمل مع مستر ديفيد و أثبتتُ وجودك .. فشعر أن مكانته عند مستر ديفيد أصبحت غير مُستقره منذ ظهورك .. و كذلك هو يريد أن يكون المسئول عن الأعمال بمصر ، لا يريد أن يبقي طيلة حياته الخادم المُطيع لمستر ديفيد !”
ضحك بسخريه ، و جلس على المقعد ليضع قدماً فوق قدم قائلاً بهدوء :” هو من كان السبب لمَ حدث لكامل .. أليس كذلك !”
هزت رأسها بالأيجاب بخوف شديد ، فتابع هو بنفس الهدوء :” و لكن أنا لستُ كامل !”
لم تنطق بكلمه ، بينما لمعت عيناه هو و أقترب منها ليضع كفه على وجنتها قائلاً بهدوء غريب :” أنتِ كنتِ خائنه لى .. و لكنى أشفق عليكِ كثيراً ، و أراكِ كنزٍ لا يمكن الأستغناء عنه .. فأنتِ جميله للغايه آنجيلا !”
حدقت به بأعين خائفه و هزت رأسها مستفهمه عن مغزى حديثه ، فتقوس فمه بأبتسامه ساخره و ظل يضرب على وجنتها بهدوء قائلاً :” لا تخافي عزيزتى .. لا تخافى لن أقتـ,ـلكِ !”
و لكن باغتها فجاء بصفعه قويه اسقطتها أرضاً ، و مال ليلتقط خصلات شعرها القصير بين قبضتها ليجذبها منه بقوه مجبراً أياها على الوقوف و هى تطلق بكاءاً مكتوماً :” أنتِ مدينه لي بحياتك .. فأنا لن أقتـ,ـلك فالمـ,ـوت سيكون راحه لك .. و لكن لن أسامحك أيضاً !”
و ألقاها بقوه لترتطم بالأرضيه ، و جلس هو على المقعد قائلاً بهدوء و هو يتفحصها بوقاحه :” لديكِ خيارين حتى أشفع عنك .. الأول أنك ستعملين لحسابي ، سأقوم بتأجيرك بالليله ، فأظن أن هناك من يريد تذوق الجمال الغربي !”
أستندت على الأرضيه بكفيها لترفع وجهها ناحيته ، و ظلت تهز رأسها بالرفض و الرجاء و العبرات تنهمر على وجنتيها و هي تطلق بكاءاً مكتوماً حتى خرج صوتها أخيراً ّ” لا .. أرجوك مستر .. شاهر !”
أبتسم بخبث متابعاً عرضه :” حسناً الخيار الثان هو .. إن تحضرى بيبرس بأي طريقه إلى هنا !”
فغرت فاها بصدمه قائله بعدم تصديق :” ماذا .. أنا .. أنا لا أستطيع أن ..”
قاطعها قائلاً ببرود و هو يقف :” عزيزتى أنا لن أضغط عليكِ .. لديكِ فرصه حتى مساء غد ، و بعدها سيكون مصيرك هو قرارى أنا إلى اللقاء جميلتي !”
و بدون أن يسمع أى كلمه أخرى منها ، خرج مُغلقاً باب غرفة المكتب عليها .. لتبقي هى مُحتجزه .
……………………
وصل شهاب إلى تلك الحاره التى تقطن بها سمرا ، و توجه ناحية أحد محلات البقاله متسائلاً بهدوء :” لو سمحت تعرف بيت سمرا عبد العزيز فين !؟”
حرك الرجل رأسه بالنفي قائلاً :” لا و الله يابنى ابداً ”
كاد أن يرحل حتى أوقفته جمله تلك المرأه التى كانت تبتاع من المحل قائله :” أنت قصدك سمرا بنت فاطمه !”
عقد حاجبيه بعدم معرفه ، و تحدث قائلاً :” الصراحه ما اعرفش اسم امها أيه ، كل اللى أعرفه إن اسمها سمرا عبد العزيز ، و هى مش كبيره يعنى ، و سمرا هى كده شويه و عينيها عسلي اه و محجبه ”
لوت فمها بسخريه و هى تتفحص هيئته قائله :” يبقي هى ”
“طيب بيتها فين دى !؟”
أقتربت منه و هى تشير ناحية ذلك الزقاق الضيق قائله :” تالت بيت على اليمين فى الحاره السد اللى هناك دى ”
حدق بأهتمام إلى حيث تشير المرأه متسائلاً :” اللى هناك دى مش كده !؟”
” اه هى ”
” تالت بيت على اليمين !؟”
” اه الدور التانى ”
أبتسم قائلاً قبل أن يتوجه إلى هناك :” طيب تسلمى يا حجه ”
ظلت عينى المرأه تتبعانه حتى أختفى داخل الزقاق ، ثم ضربت كفاً بكف قائله و هى تلوى فمها بضيق :” أنا قولت إن البنت دى مشيها بطّال محدش صدقنى .. أهو الرجاله جايين يسألوا بنفسهم عنها لحد البيت .. استر على ولايانا يارب ”
………………….
توقف شهاب أسفل العقار و ظل ينظر إليه من الخارج ، لا يعرف ماذا عليه فعله ، و لكنه متأكده إنه إذا صعد و هى كانت موجوده لن يخرج حياً من هذا المكان ، فظل يفكر فيما سيفعله ..
….
كان جمال يمر بالحاره ، و لكنه توقف ليلمح ذلك الشاب الذي يقف أسفل العقار الذى تقطن به سمرا و يتطلع إليه ، فضيق عينيه و حك ذقنه و هو يفكر من يكون هذا .. و لكن كانت قدماه هى الأسرع .. فهو يقف الآن قبالته متسائلاً :” أى خدمه يا حضرت !”
ألتفت شهاب ناحية ذلك الشاب معدوم الهيئه ، ثم تحدث بهدوء متسائلاً :” و حضرتك مين بقي !”
أبتسم بسخريه معلقاً :” أنا برضو اللى مين ..!”
و عقد ذراعيه أمام صدره متابعاً :” أنا واحد من أهل الحاره هنا .. أنت بقي مين لامؤاخذه !”
أيقن شهاب إنه لا يجب عليه التمادى بالمجادله مع ذلك الشخص حتى لا يندم على ما سيفعلونه به سكان الحاره فبادر بالأبتسام و هو يمد يده ليصافحه قائلاً بهدوء :” أنا شهاب .. مدير الشغل اللى بتشتغل فيه سمرا .. هو مش ده عنونها برضو !؟”
أبتسم جمال ببلاهه و هو يصافحه ، ثم رفع كفه ليضعه على عنقه من الخلف و يحكه قائلاً :” اه يا باشا ده بيتها و أنا أبقي خطيبها ”
عقد حاجبيه مستفهماً :” خطيبها !”
سعل بأحراج قبل أن يجيبه بـ :” أقصد اللى كنت خطيبها .. و فركشنا يعنى يا باشا ، بس قولى كده يا باشا البت فين .. من أمبارح و هى مارجعتش و أمها قالبه عليها الدنيا ”
فكر قليلاً فيم تفوه به ذلك المعتوه ، و بعدها رسم الصدمه بجداره على تقاسيم وجهه هاتفاً :” أيه ده هى سمرا مارجعتش من أمبارح !؟”
” لا يا باشا مارجعتش ”
لمعت عيناه بمكر ليستغل هذه النقطه قائلاً بآسي :” لا إله إلا الله ، دى تعبت أمبارح فى الشغل و استأذنت علشان تمشي بدرى ، و ماجتش النهارده فقلقنا عليها و جيت اشوفها و أطمن عليها ”
لم يروق هذا الحديث لجمال ، فتحدث بأقتضاب :” توشكر يا باشا .. بس ياريت بعد كده لو حبيت تطمن عليها تبعت واحده ست لمؤاخذه أو تتصل ، الحاره هنا مابتسبش حد فى حاله ، و محدش بيسلم من لسان الناس !”
رفع كفه ليضعه على كتف جمال ، و أخرج كارت من جيبه و أعطاه له قائلاً بخبث :” معاك حق يا .. أومال اسمك أيه ؟”
أبتسم بزهو و رفع كفه ليضعه على صدره قائلاً بتفاخر :” محسوبك جمال ، بياض محاره ”
أبتسم له معلقاً بـ :” تمام يا جمال ، ده الكارت بتاعى ، ياريت لمَ سمرا تيجى أو تعرفوا خبر عنها تبلغنى ، و ليك حلاوتك !”
أبتسم قائلاً :” اتفقنا يا باشا ”
و همَ شهاب بالرحيل ، بينما ظل جمال يحدق بالكارت بفرحه ، و رفع وجهه ليتابع ذلك المسمى شهاب و هو يهتف عالياً :” طيب أقعد أشرب حاجه يا باشا !”
سمعه شهاب و ضحك بسخريه و لكنه لم يشأ أن يعلق و غادر .
……………..
بالمشفي ،،،،
فتحت فاطمه عيناها لتجد عامر بجوارها يجلس على أحدى المقاعد ، بينما حاولت هى أن تجلس ، و ظلت تتطلع بالعنبر المتكدس بالمرضي حولها ، ثم ألتفتت لعامر قائله بعبرات ّ” بنتى .. بنتى فين يا عامر بيه !”
وضع كفه على يدها بهدوء قائلاً :” اطمنى يا حاجه فاطمه ، سمرا بخير هى محجوزه ، بس أطمنى هتبقي بخير .. سواق العربيه حاول يتلافيها بأي طريقه و دخل هو فى العمود و هى جنب العربيه اللى خبطها بس ”
حاولت النهوض عن الفراش قائله بدموع :” عايزه اشوفها دلوقت بالله عليك ودينى عندها ”
حاول عامر أن يجعلها ترتاح و ألا تتحرك قائلاً :” لا كده ماينفعش ، أنتِ الضغط عالى عليكِ و لازم تستريحى ”
جلست باكيه :” ااه يابنتى اااه .. أيه اللى جرالك يا ضنايا !”
أشفق عامر عليها بشده فتحدث قائلاً :” بصي حضرتك خليكِ هنا و أنا هروح أشوف الدكتور و أطمن عليها و أجى أطمنك ”
نظرت إليه بألم شديد لم و لكنها حاولت أن تتحدث قائله بأمتنان من بين عبراتها :” مش عارفه أقولك أيه يابنى .. بس ربنا يكرمك ”
أبتسم و هو يملس على كفها بهدوء ليطمأنها ، ثم توجه للخارج .
…….
لمح عامر الطبيب الذى أستلم حالة سمرا فور وصولها ، فتوجه ناحيته سريعاً متسائلاً بقلق :” يا دكتور .. هى سمرا عامله أيه ، و أيه حالتها دلوقت !؟”
نظر إليه الطبيب بتعجب ، ثم عقد حاجبيه متسائلاً :” أقدر أعرف مين حضرتك !؟”
” أنا المقدم عامر العطار ، و أبقي قريبها !”
هز الطبيب رأسه بتفهم قائلاً قبل أن يهم بالسير :” طيب ممكن تيجى معايا المكتب لحظه يا سيادة المقدم ”
أكتفي بتحريك رأسه بالموافقه ، و تبع الطبيب إلى مكتبه .
…………
خلع الطبيب نظارته الطبيه و نظر إلى عامر قائلاً بهدوء :” عمتاً هى حالة سمرا مش خطيره و لا حاجه ، لأن أنا فهمت من الشرطه اللى راحوا موقع الحادثه إن الخبطه كانت …”
قاطعه عامر قائلاً :” أنا عرفت الموضوع ده من زملاء ليا .. أنا دلوقت بسأل عن حالتها هى ”
” هى هتكون كويسه فى خلال اسبوع مش أكتر إن شاء الله ، حصلها شبه أرتجاج بالمخ ، و كسر فى دراعها اليمين بس ”
أخذ نفساً قائلاً براحه :” طيب الحمد لله ”
هز الطبيب رأسه بآسي قائلاً :” بس فيه حاجه ”
أنتبه عامر له و عقد حاجبيه مستفهماً :” حاجه أيه دى .. فيه أيه تانى !؟”
أغمض عينيه و أخذ نفساً عميقاً قبل أن يتحدث قائلاً بهدوء :” و أحنا بنتفحصها أكتشفنا إنها أتعرضت للضرب بشكل حيوانى .. و كمان ..”
شعر بالدماء يغلى بعروقه ، فهتف قائلاً بغضب :” أزاى يعنى ضرب ، و مين اللى ضربها ، هى مش عربيه لللى خبطتها !؟”
” ياريت تسيطر على أعصابك يا عامر بيه ، هى أتعرضت للضرب و الأثار و الكدمات واضحه جداً بجسمها و باين إنها لسه حديثه ، و كمان هى .. هى أتعرضت للأغـ,ـتصاب !”
توقف الزمن بمجرد أن تفوه الطبيب بهذه الكلمه و ظل صداها يتردد بأذنى عامر ، هيهات عليّ فأنا لن أتحمل ما حل بتلك المسكينه .. لماذا تقع بكل تلك المصائب و الكوارث .. و لكن هذه الكارثه غير أي شئ بتاتاً .. فهى حطمتها و قضت عليها ”
ظل يتابع الطبيب حالة الصدمه و الجمود التى باتت واضحه جلياً على عامر ، و صدره الذى يعلو و يهبط بقوه و كأن بداخله بركان على وشك الثوران ، فتحدث بهدوء قائلاً :” عامر باشا .. لازم نهدى و نستنى لحد ما البنت ما تفوق و نعرف منها كل حاجه ، و يتفتح محضر بده كله و …”
لم ينتظر عامر الطبيب لأكمال حديثه ، و خرج مسرعاً من المكتب و هو يشتعل غضباً و على أكمل استعداد للأنفجار بوجه من يقع أمامه ، فقط خرج من المشفى بأكملها و ركب سيارته و أنطلق بأقصي سرعه .
………………
بقصر شاهر ،،،،
رفع شاهر وجهه ناحية شهاب متحدثاً بهدوء :” يعنى سمرا مختفيه ”
حرك رأسه بالأيجاب ، بينما تابع شاهر حديثه :” طيب أنت دلوقت هتاخد البنات و تروح على الكباريه .. فاهم !”
” ماشي .. حاجه تانى !”
” لا روح أنت ”
توجه شهاب ناحية الغرفه الخلفيه المحتجزين بها الفتيات ، بينما توجه شاهر إلى أعلى ، و دخل غرفته الخاصه .. و ظل يوزع نظراته على تلك اللوح المُعلقه على الجدران ، و أقترب من لوحته التى لازالت قيد الرسم ، و رفع الغطاء من عليها ، و جلس أمامها ، ثم مد يده ليمسك الفرشاه و قرر أن يغير بها أشياءً بسيطه ..
بحركات بسيطه بفرشاته استطاع أن يغير ملامح تلك السمراء التى كانت تميزها الحده ، و يعطيها مسحة الحزن و الخوف .. و ظل يعبث بالألوان محاولاً أخراج كل ما يدور بعقله على تلك اللوحه أمامه .
……………..
بفيلا حسن ،،،،
كان جالس يعبث بقنوات التلفاز ، و لكنه توقف فجاءه عندما لمح خبر يشير إلى حادثه على أحد الطرقات ، فظل يتمعن بالصور التى يتم عرضها ، و جذب انباهه اسم الفتاه ، فتناول الهاتف سريعاً و ضغط على عدة أزرار ، ثم وضعه على الهاتف حتى اتاه الرد فهتف قائلاً :” الو .. أيوه يا حسناء أنا كنت عايز اسألك عن خبر كده .. اه هو ، هو أنتِ شوفتيه .. أيه يعنى هى دى سمرا بنت فاطمه .. أرجوكِ يا حساء تعاليلي حالاً ”
……………..
قاد شهاب السياره بالفتيات متوجهاً ناحية الكباريه ، و ظل طيلة الطريق يختطف النظر إلى مي .
لاحظت هى نظراته تلك عن طريق المرآه ، فقفزت بمخيلتها فكره شيطانيه لأستغلال هذا ، و لمعت عيناها بمكر ، و بادلته النظرات عن طريق المرآه و هى تبتسم .
……
أوقف شهاب السياره أمام الكباريه ، و ساعده الحراس على أدخال الفتيات إلى الداخل ، و لكن كادت مى أن تدخل حتى أسرع هو بأمساكها من معصمها قائلاً بهدوء و صوتٍ خافت :” على فكره أنتِ حلوه أوى النهارده ”
جذبت يدها بقوه منه قائله بغضب :” و على فكره أنت وسخ أوى النهارده .. لأ أنت هتفضل وسخ فى عينيا طول حياتى !”
أغمض عينيه بآسي ، ثم تحدث قائلاً بحزن :” أنا أسف أوى ، بس غصب عنى و الله .. أنتِ ماتعرفيش أيه اللى ممكن يحصلي !”
عقدت ذراعيها أمام صدرها و هزت رأسها بسخريه قائله :” مش مهم .. المهم إنك جبان .. و جبان أوى ، و ياريت تسيبنى فى حالى !”
لم تنتظر رده و توجهت إلى داخل الكباريه ، بينما ظل هو بمكانه و هو يشعر بالعجز .
…………….
استطاعت فاطمه الوصول إلى ابنتها ، و سألت أحدى الممرضات عن حالتها ، و بمجرد أن علمت بما حل بنجلتها ، حتى جلست أرضاً و ظلت تلطم بقوه على وجهها و تصيح باكيه ، فى هذه اللحظه وصل عامر و جلس على ركبتيه محاولاً تهدئتها قائلاً بتوعد :” اهدى .. اهدى يا حجه فاطمه ، و حياتك ماهسيب اللى عمل كده .. هخليه يدفع تمن اللى عمله ده !”
و لكن لا حياة لمن تنادى ، ففاطمه قد دخلت بنوبة صراخ و بكاء حاد ، حتى كاد أن يختفى صوتها و سقطت مغشياً عليها بين ذراعى عامر ..!
…………..
وصل حسن برفقة حسناء إلى المشفي ، و حاول مقابلة فاطمه و لكن الممرضين أخبروه بسوء حالتها التى لا تسمح بأية زياره ، و كذلك علم بمَ تعرضت له تلك المسكينه ، فحزن بشده عليها .. و لكنه عقد النيه على معاونتهن و عدم التخلي عنهن مهما كلفه الأمر .. و بالفعل أمر بنقل كلتاهم إلى أحدى المسشفيات الخاصه و سوف يتحمل هو كافة المصاريف .. و لم تكن فاطمه بحالة تسمح إلى الرفض أو المجادله .
………….
بقصر شاهر ،،،،
شعر بالأرهاق لجلوسه فتره طويله أمام اللوحه ، فترك ما بيده ، و اتجه ناحية المرحاض المرفق بالغرفه و غسل يديه من الألوان ، و كذلك دفن وجهه بين الماء المتدفق من الصنبور و هو مغمض العينين .. ظل لحظات هكذا ، و لكن تمثلت في خياله و هى تصيح مترجيه :” انا سمرا .. و الله أنا مش نسرين .. سمرا والله .. عملتلك أيه أنا علشان تعمل فيا كده ”
فتح عيناه مفزوعاً من صورتها و رفع رأسه بسرعه ، و لم ينتبه للصنبور ، فخبطت رأسه بها ، و أطلق تأوهاً نتيجة هذا ، ثم أبتعد و أغلق الصنبور و هو يتحسس مكان الألم ، و ألتقط المنشفه ، و توجه خارج المرحاض و هو يجفف رأسه و وجهه .
ثم ألقاها بلا أهتمام على الأريكه ، و ألقى نظره على لوحته التى لم تكتمل بعد .. و لكنه يري الآن أن تلك التى بالصوره هى سمرا و ليست نسرين بتاتاً ، رغم الشبه الكبير الذي بينهم ، و لكن الأن لا يري أى تشابه بينهم قط ، ثم أقترب منها و تحسسها بأنامله ، و بكل هدوء أنزل الغطاء عليها
………
خرج من الغرفه و لم ينسي أغلاقها بأحكام و توجه إلى أسفل حتى كاد على وشك الخروج من القصر لكن أوقفه صوت صراخ آنجيلا التى تهتف بأسمه ، فغير مسار سيره و أتجه إلى المكتب و فتحه ليجدها جالسه على الأرضيه و تبكى بشده حتى أصبح أسفل عيناها أسود بفعل الكحل و عيناها حمراوتين من كثرة البكاء ، و بمجرد أن لمحته يقف عند الباب حتى نهضت مهروله ناحيته قائله برجاء و هي تتمسك ببديه :” مستر شاهر .. أرجوك أرحمنى ”
أجابها بجمود :” مُهلتك لم تنتهِ بعد ..”
قاطعته بتوسل و بكاء :” أرجوك أرحمنى .. أنا سأساعدك للأيقاع بيبرس !”
أعتلى ثغره أبتسامه ماكره و توجه إلى داخل الغرفه قائلاً :” هكذا يجب علينا أن نتفاهم !”
……………………………
بعد ما يقارب من شهر …
بالمشفي الخاص ،،،
جلس حسن قبالة فاطمه بأحدى الغرف الخاصه ، و نظر إليها بأشفاق قبل أن يتحدث قائلاً :” فاطمه .. فاطمه لو سمحتى ماتعمليش فى نفسك كده ، صدقينى أنا لا يمكن أتخلى عنكوا .. و هفضل معاكوا لحد ما أجيب لسمرا حقها !”
أبتسمت بسخريه و العبرات تنهمر على وجنتيها رغماً عنها و تحدثت قائله بمراره :” حق أيه اللى هتجيبه .. ما خلاص اللى راح لا يمكن يرجع ، بنتى أتحكم عليها تعيش بقية حياتها بوصمة عار ”
و بكت بكاءً مكتوماً و هى تشهق متابعه بآسي :” ماكنتش أعرف يا ضنايا إن حالك هيبقي من حال أمك ، ماكنتش أعرف إن اللى صابنى زمان هيصيبك دلوقت ، ياريتنى ماجبتك للدنيا دى يا نور عينى ، جبتك علشان تشيلي الهم و تدوقى المرار ، كنت فاكره إن حظك هيبقي أحسن من حظى ، لكن الزمن مش سايبنا فى حالنا ااااه يابنتى … اااه ”
بكي حسن بحسره و هو يستمع إلى حديثها ، و لم يستطع التحمل ، فشعرت به حسناء ، و وقفت لتمسك مقبضي الكرسي المتحرك و توجهت به خارج الغرفه ، ليتركوا فاطمه تستريح و تخرج ما بداخلها .
………………….
أنتشر خبر ما تعرضت له سمرا بالحاره ، فمنهم من أشفق على ما أصابها و أصاب عائلتها الصغيره ، و لكن الأكثريه منهم من شمت بها ، و تداولت الأحاديث و الأقاويل الكاذبه عن سوء سلوكها .. و أصبحت سمرا علكه بفم من لم يكن يستطع أن يتفوه عنها بكلمه واحده .. و حُكم عليها أن تكون منبوذه من سكان حيها .. و لن تتغير هذه الصوره التى أتخذوها عنها .. و لكن لم تكن هذه النهايه .
………………….
بالمشفى الخاص ،،،،
جلس عامر على المقعد المجاور لفراش سمرا ، و ظل يتطلع إلى بشرتها التى أصبحت ذابله بعد ما كانت تملئها النضره و الأشراق ، و السواد الواضح أسفل عيناها المنتفخه من كثرة البكاء ، و هيئتها الهزيله ، فهز رأسه بآسي قائلاً بهدوء :” برضو مش ناويه تتكلمى و تقولى مين اللى عمل فيكِ كده يا سمرا !؟”
ضمت ركبتيها إلى صدرها و حاوطتهم بذراعيها و دفنت وجهها بهم لتطلق بكاءً مكتوماً ، فتحدث هو متابعاً بهدوء محاولاً بث الطمئانينه بها :” سمرا أنتِ فاكرانى .. أنا عامر ، مش أنا ساعدتك قبل كده و خرجتك من قضية التاكسي ، و أنا جنبك أهو علشان اساعدك فى اللى حصل !”
لم تجيبه فقط بدأ صوت بكاءها بالأرتفاع مصاحباً بصوت شهقاتها .
وقف محاولاً رفع وجهها قائلاً بجديه :” ماتتدفنيش وشك كده و كلمينى زى ما بكلمك .. قوليلى مين اللي عمل فيكِ كده و أعتدى عليكِ و أنا هسجنه !”
صاحت باكيه و جسدها يرتعش :” لا .. مش هقول ، مش هيسيبنى .. هو قالى كده .. مش هيسيبنى .. ااااه .. هو .. هو مش هيسيبنى ”
و ظلت تكرر جملتها هذه بهيستريا و بكاء شديد .
غضب بشده من استسلامها ، فقبض بكفيه على ذراعيها محاولاً تثبيتها صائحاً بها :” اهدى يا سمرا .. ماتخافيش أنا جانبك .. قوليلى مين .. مين !؟”
ظلت تحرك رأسها بالرفض بطريقه هيستيريه و تبكى مردده جملتها :” مش هيسيبنى .. لا لا .. مش هيسيبنى ”
” اهدى بقى و اسمعينى .. محدش هيقدر يقربلك ، لازم تعملى محضر باللى حصل علشان ترجعى حقك ، أنتِ أقوى من اللى بيحصلك ده ”
” لا مش هيسيينى .. لا لا ”
” بقولك أنتِ معايا محدش هيقدر يقربلك ، و هتعملى محضر غصب عنك ”
و أخيراً استطاعت الأفلات منه و وقفت صارخه بهيستريا :” مش هعمل محضر .. مش هعمل .. ده هيقـ,ـتلنى .. هيقتـ,ـلنى .. مش هيسيبنى .. مش هيسـ..”
قطع صراخها و هو يصفعها على وجنتها بكل قوه حتي اسقطتها على الفراش و هو يصيح :” كفاااايه بقي قولتلك !”
دفنت وجهها بالفراش و هى تبكى بشده ، بينما أغمض هو عينيه بآسي و رفع كفه ليضعه على جبينه ، ثم تحرك عدة خطوات بالغرفه بطريقه عصبيه ، و بكل طاقه مُشتعله بداخله أحكم قبضة يده التى صفع بها سمرا ليضربها بشده فى الجدار .. و من قوتها تركت علامه بالجدار مردداً بصوتٍ مكتوم و مشتعل غضباً :” غصب عني أنا كمان مش قادر أتخيل إن حصلك كده ، و إنك خلاص ضعتي مني !”
ثم أغمض عينيه بآسي شديد محاولاً منع عبراته من السهطول ، و بعد لحظات على ذلك الوضع ألتف لينظر إليها و هى تبكى بهذا الشكل ، فشعر بندم شديد على فعلته النكراء هذه .. و أخيراً أعلن القلب خضوعه أمام تلك التى سلبت عقله دون قصداً منها أو وعياً منه ، و اتجه ناحيتها بسرعه و جذبها من ذراعها ليلقيها بين أحضانه ، و لف ذراعيه حولها كأنه يريد أن يحميها من العالم بأسره داخل ضلوعه .. و بكل هدوء رفع كفه ليمسح على شعرها قائلاً بصوتٍ رخيم رغم أختناقه :” هششش .. أنا أسف يا سمرا إنى مديت أيدي عليكِ .. غصب عنى و الله غصب عنى مش قادر أتحمل اللي حصلك ده دبحني أنا قبل ما يمسك أنتِ ”
دفنت هى وجهها في صدره و كأنهاىتحتمى به و لازالت تبكى بشده .. و رغم هذا ، فهذه هى المره الأولى التى تشعر بها بالأمان و أنها ليست وحيده كما تظن .
أبعدها بهدوء من بين أحضانه ، و أمسك بوجهها بين كفيه ليمسح بأبهامه عبراتها التى تقتـ,ـله هو ، و ظل محدقاً بعمق في عينيها العسلي قائلاً بهدوء :” خلاص .. مافيش دموع .. أنا جنبك و لا يمكن أسيبك ، و هتقوليلي مين اللى عمل كده و أنا هجيبلك حقك ”
ظهر شبح أبتسامه على ثغرها من بين عبراتها و حركت رأسها بالموافقه ، فتابع هو بهدوء شديد :” اسمه أيه ، أو مكانه فين ، و تعرفى عنه أيه !؟”
نظرت إليه ببراءه كالأطفال قائله بخوف شديد و شفتان مرتعشه :” ما .. ماعرفش عنه أى .. حاجه !”
عقد حاجبيه مستفهماً :” أومال وقعتى معاه أزاى !؟”
رفعت كفيها لتمسك كفيه و تبعدهم عن وجنتيها قائله بخوف شديد :” عن .. عن طرق … صافي ……!”
الفصل الحادي عشر
عقد عامر حاجبيه متسائلاً :” مين صافى دى !؟”
جلست سمرا على الفراش و بدأ جسدها بالأنتفاض ، قائله بشفتان مرتعشتان :” صافى .. صافى دى الى كنت .. بشتغل عندها !”
وضع يديه فى جيبي بنطاله ، و هز رأسه بتفهم قائلاً :” طيب تمام .. أنتِ هترفعى قضيه و أنا هفضل جنبك و محدش هيقدر يلمسك ، و دلوقت تقوليلي فين عنوان صافى دى !؟”
……………….
جلست كلاً من رباب و آلاء قبالة فاطمه ، فتحدثت آلاء قائله ببكاء :” ماما .. ماما ياحبيبتى ردى عليا ماتفضليش ساكته كده ماما ”
نظرت رباب إلى الصغيره بأشفاق ، ثم وقفت و أمسكت ذراعها قائله بهدوء :” لولو يا حبيبتى ، ماما تعبانه و لازم نسيبها ترتاح ، أيه رأيك نروح نطمن على سمرا !”
ألتفت آلاء ناحية والدتها التى كان جالسه على الفراش و ملامحها جامده تماماً ، فقط العبرات تنساب على وجنتيها ، ثم أعادت نظرها إلى رباب و حركت رأسها بالموافقه .
…………………..
جحظت عينى عامر و هو يستمع إلى حديث سمرا عن هؤلاء الملعونين و ما يفعلونه ، و خرج صوته قائلاً بغضب :” يعنى .. يعنى الـ *** دول بيصوروا البنات و يهددوهم ”
نظرت إليه بأعين دامعه و حركت رأسها بالأيجاب ، ثم تابعت بصوت مخنوق حتي كادت أن تذرف الدموع و هي تقول :” سمعتهم .. سمعتهم و هما بيهددوا .. بنت !”
فرك وجهه بكلتا يديه ، ثم أقترب منها ليمسكها من كتفيها قائلاً بجديه :” سمرا أنتِ لازم تساعدينى علشان نقضي على الناس دى و أجيبلك حقك ”
” بس …”
” من غير بس يا سمرا أنا ..”
بتر عامر جملته عندما وجد الباب يُفتح فجاءه .
وقفت كلاً من رباب و آلاء عند الباب عندما وجدوا شخصاً برفقة سمرا ، بينما شعر عامر بالأحراج و أبتعد عن سمرا سريعاً ، فتحدثت هى قائله بهدوء :” تعالى يا رباب أنتِ و آلاء ، ده حضرت الظابط عامر ”
أكتفت رباب بأبتسامه بسيطه ، و استأذن عامر و توجه إلى الخارج سريعاً .
…….
جلست رباب إلى جوار سمرا قائله بهدوء :” عامله أيه دلوقت يا سمرا ”
حركت رأسها قائله بهدوء :” الحمد لله ”
ثم حاولت رسم الأبتسامه و هى تنظر إلى أختها ، و فتحت ذراعيها قائله :” لولو وحشتينى يا حبيبتى ”
أرتمت آلاء بين ذراعي أختها و هى تبكى قائله :” هترجعوا البيت أمتى يا سمرا ، و ماما مش بترد عليا يا سمرا ، هى زعلانه منى ”
أحتضنت أختها بقوه و ظلت تمسد على شعرها و خانتها عبراتها و هى تقول :” هنرجع يا حبيبتى ، و ماما هتبقي كويسه إن شاء الله ”
……………….
ظل عامر يقود سيارته بسرعه جنونيه و الغضب متملك منه تماماً ، فأعلن هاتفه عن أتصال
أمسك هاتفه ليجد أن نجلاء هى المتصله ، فنفخ بضيق و ألقاه على المقعد المجاور له ، ما هى إلا لحظات حتى تكرر رنين الهاتف ، فوضع سماعات الأذن هاتفاً بضيق :” أيوه يا نجلاء عايزه أيه !؟”
” أيه اللى عايزه أيه .. أنت طول خطوبتنا و لا فكرت تتصل أنت ، و لا حتى بتيجى !”
” معلش يا نجلاء أنا مشغول ”
” مشغول مشغول مشغول .. كل ما أكلمك تقولى …”
لم ينتظرها و أغلق المكالمه ، ثم ألقى الهاتف قائلاً بغضب :” ناقصك أنا أصلاً !”
……………………
وصل عامر إلى النيابه العامه ، و توجه ناحية أحد المكاتب
بمجرد أن رآه ذلك الشاب حتى وقف قائلاً بأبتسامه :” عامر باشا بنفسه عندنا ”
صافحه عامر بأبتسامه قائلاً :” حبيبى يا علاء باشا و الله ”
” أتفضل أتفضل ”
جلس عامر قبالته و تحدث بهدوء قائلاً :” أنا كنت محتاج منك خدمه كده ”
” أنت تؤمر ”
” و ده العشم يا باشا .. المهم ، فاكر اللى حكتلك عليه من أسبوعين !”
رجع علاء بظهره ليستند على المقعد ، و حك ذقنه و هو يفكر للحظات قبل أن يتحدث قائلاً :” قصدك عن البنت اللى أتعرضت للأغتـ,ـصاب مش كده !”
حاول عامر السيطره على أعصابه و غضبه عندما لفظ علاء بها أمامه ، فأستجمع قواه ليقول :” اه سمرا .. البنت أتكلمت ، و قالت حاجات مهمه أوى هتساعدك فى شغلك و شغلى !”
مال للأمام ليستند بمرفقيه على المكتب قائلاً :” أيه بقي !”
بدأ عامر فى سرد كل ما قصته عليه سمرا عن تلك المُدعيه صافى و من معها ، و تحدث قائلاً بالنهايه :” ها قولى بقي هنعمل أيه !”
هز علاء رأسه بتفهم قائلاً :” هو مش فيه تقرير طلع من المستشفي يثبت إن البنت أتعرضت للأغتـ,ـصاب و كمان إنها فضلت فتره حالتها النفسيه تعبانه !”
” اه حصل ، و التقرير مثبوت بمحضر .. بس طبعاً المحضر متوقف لحد ما هى تتكلم !”
” تمام ، طالما هى أتكلمت ، و فيه ما يثبت صحة كلامها ، و هى كده بتتهم حد اللى هى اسمها صافى دى .. أحنا نقدر نجيبها و نبدأ تحقيق معاها ”
” بس لو أنكرت يعـ..”
قاطعه علاء قائلاً بضحك :” جرى أيه يا عامر بيه ، شكلك نسيت أكيد هى هتنكر ، أومال أحنا أول مانجيبها هتقول على كل حاجه !”
” أنا فاهم و الله ، و ده قصدى !”
” أطمن أنا أعرف اتعامل مع الأشكال دى كويس .. طالما أنت بتقول إن وراها ناس تقيله ، فأنا هتصرف بطريقتى و كده هتبقي فيه قضيه عليها !”
أبتسم عامر و وقف ليصافحه قائلاً :” و أنا معتمد عليك !”
………………………
بقصر شاهر ،،،،
ظل يبحث عن آنجيلا بكل مكان بالقصر و لكنه لم يجدها ، فتوجه ناحية غرفتها وجلس على الأريكه و دفن وجهه بين كفيه قائلاً بغضب مكبوت :” أختفيتى فين يا آنجيلا ..!”
ثم رفع وجهه ليلمح تلك الورقه على الطاوله ، فضيق عينيه و هو ينظر إليها بغرابه ، و وقف ليتجه ناحيتها و فتحها ليجد أن ما دون بها باللغه الانجليزيه هو ..
[ أعذرني مستر شاهر .. فمن المستحيل أن أقدم لك بيبرس أو اساعدك لأيقاعه ، و لكنى سأختفي من حياتك نهائياً .. آنجيلا ..]
طبق الاورقه بين قبضته ، ثم ضرب ذلك المقعد بقدمه صائحاً :” مش هسيبك يا بيبرس !”
……………….
بعد يومان ،،،
كان شهاب بغرفته ، شارداً تماماً بالتفكير بتلك التى وقعت بفضله فى عرين شاهر ، ثم نهض جالساً على الفراش و فرك وجهه بكفيه قائلاً بضيق :” كفايه بقي تأنب فى نفسك ، ما أنت حاولت تبعدها و عملت اللى عليك !”
قطع عليه حديثه من نفسه صوت رنين هاتفه ، فأمسكه ليجيب قائلاً :” الو مين معايا !؟”
اتاه صوت صافى و هى منهاره من البكاء :” الحقنى يا شهاب أنا فى النيابه !”
أنتفض واقفاً و هو يصيح بغضب :” ليه عملتى أيه و بتتصلى بيا ليه !”
” تعلالى حالاً يا شهاب ، و هاتلى محامى ..”
” طيب أنتِ ..”
لم يكمل حديثه لأنه سمع صوت صفير ، فألقي الهاتف على الفراش ، و وضع كفيه على رأسه و هو ينفخ بضيق ، ثم توجه ناحية خزانة ملابسه قائلاً :” أنا لازم أقول لشاهر فى أسرع وقت !”
…………………………
بالنيابه ،،،
سحب علاء منها الهاتف و ضغط على أنهاء المكالمه ، و ألتف ليجلس قبالتها قائلاً بهدوء :” أظن كده المكالمه اللى مسموحلك بيها خلصت !”
نظرت إليه بأعين منتفخه من كثرة البكاء و تحت عيناها اسود بفعل الكحل قائله ببكاء :”أنا ما.. ما أعرفش حاجه و الله .. أنا ماليش دعوه بحد !”
أبتسم بسخريه و هو يحك ذقنه معلقاً بهدوء :” شكلك كده يا صافي عايزه تشيلي الليله لوحدك !”
أنفجرت باكيه و هى تصيح :” و الله ما أعرفش حاجه .. ما أعرفش !”
في هذه اللحظه ، دخل أحد العساكر قائلاً :” عامر بيه بره يا فندم ”
اشار له علاء قائلاً :” طيب دخله ”
و بالفعل خرج العسكرى و ما هى إلا لحظات حتى كان كلاً من عامر و سمرا قبالة صافى
بمجرد أن رأتها سمرا حتى هجمت عليها و ظلت تضربها بغل بكل ما أوتيت من قوه و هى تبكى بمراره :” يابنت الـ *** ضيعتينى أنتِ و الزباله اللى كانوا معاكِ شهاب و الـ ***التانى.. ليييه .. ليييه !”
و بالأخير استطاع عامر أبعاد سمرا التى دخلت فى نوبة صراخ هيستيرى ، بينما أنكمشت صافى بأحدى أركان الغرفه وهى تبكى .
أقترب علاء منها قائلاً بهدوء :” شهاب اللى أنتِ كلمتيه ، هو اللى سمرا تقصده !؟”
لم تجيبه و نظرت إليه ببكاء وهى ترفع ذراعها أمام وجهها لتحمى نفسها ، بينما صاح هو بشده :” أنطقي !”
أنتفضت صافى مكانها من صراخه بها ، و ظلت تحرك رأسها بالأيجاب عدة مرات ، بينما أشار علاء إلى أحد العساكر قائلاً :” خدها أرميها قدفى الحجز دلوقتِ ”
أنصاع العسكري لأوامر ، و جذب صافى من ذراعها و خرج بها متوجهاً إلى الحجز
ساعد عامر سمرا لتجلس على الأريكه بالمكتب ، و قد أمر علاء بأحضار ليمون لها
ظلت تنتفض مكانها ، بينما رفع عامر كفه ليمسح على كتفها محاولاً طمأنتها :” أهدى يا سمرا .. كل حاجه هتبقي تمام ماتقلقيش ”
أكتفت بتحريك رأسها بالموافقه ، بينما جلس علاء على المقعد قائلاً :” دلوقت هى أتصلت باللى اسمه شهاب ده ، و هو مايعرفش إننا نعرف عنه حاجه ، و أكيد هيظهر بنفسه أو على الأقل هيبعت حد و أحنا هنقدر نوصله ، أو هنستنى اللى اسمها صفاء دى لحد ما تتكلم ، لأنها جبانه و مش هتشيل الحكايه لوحدها و هتخاف ”
هز عامر رأسه قائلاً بهدوء :” ربنا يستر ”
…………………..
بقصر شاهر ،،،،
ضرب شاهر كفه على المكتب الزجاجى صائحاً بغضب :” يعنى أيه اتقبض عليها !”
” يعنى زى ماقولتلك يا شاهر ، أتفبض عليها و أنا سألت من بعيد لبعيد و عرفت إن سمرا هى اللى بلغت ”
جلس على مقعده مره أخرى و هى يضغط بقوه على قبضة يده قائلاً بغضب مكبوت :” سمرا .. هى اللى عملت كده و أتكلمت !”
حرك شهاب رأسه بالأيجاب ، بينما تابع شاهر حديثه :” سمرا دى أنا مش هرحمها ، و اللى أسمها صافى دى لازم نخلص منها بأسرع وقت ، دى من قلمين هتقر بكل حاجه ”
عقد شهاب حاجبيه معلقاً :” قصدك أيه .. إنها ممكن تجيب سيرتنا ..طب هنعمل أيه !”
لمعت عينى شاهر بخبث ، و أشار إلى المقعد المقابل له قائلاً بهدوء قاتل :” تعالى أقعد و أنا هفهمك أيه اللى لازم نعمله !”
……………….
أوقف عامر السياره أمام المشفي التى لازالت فاطمه محجتزه بها ، و ألتف ناحية سمرا التى كانت قابعه إلى جواره قائلاً بهدوء :” دلوقت أنتِ تطلعى لمامتك و حاولى تتكلمى معاها بهدوء و تقوليلها إن حقك هيرجع ”
نظرت إليه بأعين دامعه نظرة امتنان ، و حركت رأسها بالموافقه ، و ألتفت لتمسك بمقبض السياره لتنزل و لكن أسرع هو بأمساك يدها ، فنظرت إليه بأستفهام ، أبتسم قائلاً :” خلى بالك من نفسك ، و هعدى عليكِ .. احم .. أقصد عليكوا هنا فى المستشفي علشان أوصلكوا البيت بكره ”
بادلته الأبتسام ثم نزلت من السيره و توجهت داخل المشفي .
ظلت عيناى عامر تتابعانها حتى أختفت من مرمى بصره ، ثم أدار مفتاح السياره و أنطلق بها .
…………………….
جلس شاهر قبالة ذلك المدعو فاروق ، و ضم كلتا يديه معاً متحدثاً بهدوء :” بس ياريت يا فاروق باشا مستر ديفيد مايعرفش باللى حصل ”
أخذ نفساً طويلاً قبل أن يتحدث بهدوء :” مع إنى مش بخبي أى حاجه عن مستر ديفيد .. بس مضطر إنى اساعدك لأن اللى اسمها صافى و لا صفاء دى اللى قولت عليها هتكون خطر علينا كلنا ، مش عليك لوحدك .. و كمان هعمل بأصلى لأننا ولاد بلد واحده و مش هدى خبر لديفيد باللى حصل ”
ثم تابع بخبث ّ” بس ياريت تاخد بالك من أفعالك و من الناس اللى بتتعامل معاهم يا شاهر .. أظنك فاهمنى أوى ”
هز رأسه بالموافقه ، ثم وقف وصافحه و لكن قبل أن يخرج أوقفته جملة فاروق :” شاهر .. هى البنت اللى رافعه القضيه اسمها أيه و عنوانها أيه ؟”
ألتف ناحيته و هو عاقد الحاجبين و ينظر إليه بأستفهام .
فهم فاروق ما ترمى إليه نظرات شاهر
يتبع…