منوعات

سمرا فى قبـ,ـضه الشـ,ـيطان الثالث

الفصل الثاني عشر

بعد ما يقارب من شهرين ..

وضع عامر الكوب إلى جواره ، و ألتفت ناحية سمرا التى كانت تجلس ساكنه على الفراش ، تضم ركبتيها إلى صدره ، بينما أشفق هو عليها بشده ، و تحدث قائلاً بهدوء :” سمرا أنتِ هتفضلى كده .. شدي حيلك و أقفي تانى على رجليكي ، أنا عارف إنك قويه ”
أغمضت عيناها بآسي لتنساب العبرات على وجنتيها و لم تنطق بكلمه ، فوقف عامر قائلاً :” طيب أنا هسيبك دلوقت و هجيلك تانى ، لأنى استحاله أسيبك ابداً ”
و خرج من الغرفه ، بينما ظلت هى بين جدران تلك الغرفه التى لم تخرج منها منذ وفاة والدتها .. فقط تتألم و تنهار كل ليله بذكريات ما تعرضت له .
……………………….

توجه عامر إلى مكتب الطبيب المختص بحالة سمرا ، و جلس قبالته ليسمع منه تقريراً مفصلاً عن حالتها ، و ما أن أنتهى حتى تحدث عامر قائلاً بهدوء :” يعنى يا دكتور في أمل إنها تتكلم تانى !”
شبك الطبيب كلتا أصابع يده معاً قائلاً بتفهم :” سمرا مش بتتكلم لأنها هى اللى رافضه ، بسبب الصدمه اللى أتعرضت ليها ، و كلامها متوقف على خطوه منها هى ، لمَ تلاقي قبول للحياه هتتكلم بنفسها ”
” طيب ما هى أهو بقالها حوالى شهرين و ماتكلمتش ، و كلنا حواليها أنا و أختها و صاحبتها بتجيلها كل يوم ليه مش راضيه تتكلم و العلاج اللى أنتوا بتدهولها هنا مش جايب نتيجه ليه !”
هز الطبيب رأسه بآسي قائلاً :” يا عامر باشا أحنا هنا مستشفي نفسي ، يعنى اللى مطلوب مننا إننا نوفر الهدوء و الراحه النفسيه للمريض ، و بالنسبه للأدويه أحنا بنديها اللازم بس ، و مهدئات فى حالات الأنفعال ”
وقف قائلاً :” طيب شكراً ليك يا دكتور ”
و توجه لخارج المشفي ، و ركب سيارته و أنطلق بها .
بينما كان هناك من يجلس بسيارته بمجرد أن رآي عامر حتى تحرك بسيارته ليتبعه ..
……………………..

بفيلا حسن ،،،،

فتح حسن باب الغرفه ، و توجه ناحية آلاء التى كانت جالسه على الأرضيه ترسم ، فتحرك بكرسيه المتحرك ناحيتها ، و مد كفه ليمسح على شعرها قائلاً بهدوء و أبتسامه عذبه ترتسم على ثغره :” الكتوته آلاء بتعمل أيه !؟”
رفعت وجهها ناحيته و هى تبتسم قائله :” أنا برسم يا عمو حسن ”
” طيب ممكن أشوف الرسمه !”
هزت رأسها بالموافقه ، ثم أمسكت كراستها و أعطتها له ، فنظر هو إلى تلك الرسمه بأعجاب شديد ، و نظر إليها مرة ثانية متسائلاً :” طيب أنتِ راسمه تلت بنات ، واحده واقعه على الأرض ، و واحده واقفه فى سجن ، و التالته واقفه عند البحر لوحدها .. الرسمه معناها أيه بقي !؟”
تجمعت العبرات بمقلتيها ، ثم بدأت تشير إلى الرسمه قائله بصوت شبه باكي :” اللى فى الأرض دى ماما علشان ماتت ، و اللى ورا الحديد دى سمرا ، لأنها محبوسه فى المستشفي و سايبانى لوحدى و مش راضيه تخرج ، و دى أنا اللى عند المايه ، فضلت لوحدى ”
سقطت العبرات من عينيه و هو يستمع إلى حديث الصغيره ، فأحتضنها بشده و ظل يمسح على ظهرها قائلاً بصوت باكي :” لا يا حبيبتى أنتِ مش لوحدك أبداً ، أنا معاكِ و سمرا هتخرج إن شاء الله ، و ماما ربنا يرحمها .. هو أحن عليها من الناس اللى كانوا السبب فى مـ,ـوتها بحسرتها ”
أبتعدت عنه و العبرات قد ملئت وجهها ، متسائله بصوتٍ مختنق :” هو .. هو حقيقي أختى سمرا وحشه ”
حدق بها بصدمه ، قائلاً بنفي قاطع :” لا طبعاً .. أوعى أسمعك تقولى كده تانى خالص ، سمرا دى إنسانه نضيفه أوى ، بس مشكلتها إن حظها وحش و أتظلمت أوى .. و أوعى أنتِ كمان تيجى عليها و تظلميها ”
هزت رأسها بالموافقه ، بينما مد هو أنامله ليجفف عبراتها الصغيره قائلاً بأبتسامه :” مش عايزانى أحكيلك شويه عن أختك نسرين !”
أبتسمت و هى تحرك رأسها بالموافقه ، و بدأ هو بسرد ما يتذكره بخصوص ابنته الراحله نسرين .
…………………

بشقة جلال ،،،،

تحدثت نجلاء قائله بغضب :” يعنى يرضيك يا جلال عمايل صاحبك دى !”
نفخ جلال بضيق قائلاً :” أنا ماليش دعوه بمشاكلكوا .. حلوها أنتوا سوا !”
تدخلت ناديه :” يعنى أيه مالكش دعوه يا جلال ، تدبس البنت فى خطوبه و تيجى تقول ماليش دعوه ”
” صاحبك يا جلال كل ما أكلمه يقولى مشغول مشغول ، بقالنا حوالى تلت شهور مخطوبين و ماخرجناش مرتين على بعض !”
وقف جلال قائلاً بغضب :” يا شيخه دا أنتوا لسه خارجين من يومين ، و بعدين هو أنا كنت ضربتك على أيدك و قولتلك أتخطبيله ، مش كانت بموافقتك .. و بعدين هو فعلاً مشغول بقضيه معقده ”
وقفت نجلاء و وضعت كفها فى منتصف خصرها قائله :” نعم .. قضية أيه دى بقي !؟”
ألتفت جلال ناحية ناديه صائحاً بغضب :” حلى عن دماغ اللى خلفونى أنتِ و أختك أنا جاى من الشغل تعبان و عايز أرتاح ، مش جاى تفتحولى محضر و تحقيق !”
و توجه ناحية الداخل، بينما نادت عليه ناديه قائله :” أستنى لمَ نتعشي ”
” مش عايز أطفح ، أنا داخل أتخمد ”
قالها جلال بغضب و دخل الغرفه صافعاً الباب خلفه بقوه ، بينما جلسن نجلاء إلى جوار أختها قائله :” يرضيكِ عمايل جوزك دى ، يعنى مش من حقي اسأل عن خطيبي !”
وضعت ناديه كفها على كتف نجلاء قائله بثقه :” أطمني أنا هعرفلك كل حاجه ”
هزت نجلاء رأسها بالموافقه قائله بهدوء :” أما نشوف !”
…………………….

بقصر شاهر ،،،،

جلس شهاب قبالة شاهر قائلاً بمكر :” تحب تسمع تقرير الأسبوع اللى عدى !؟”
أسند ظهره للخلف ، و نفث دخان سيجارته قائلاً بوضاعه :” أشقينى ”
أبتسم شهاب و حرك رأسه بالأيجاب قبل أن يتحدث قائلاً :” اللى اسمه عامر ده لازق لسمرا كل يوم ، و هى لسه في المستشفي و مافيش أى تحسن فى حالتها ”
ضيق عينيه مستفهماً :” أنت قولتيلي معلومات عن اللى اسمه عامر ده ، ممكن تعيدها لأن شكله محاج قصه مترتبه ”
ضحك شهاب على تعليق صديقه ، و تحدث :” عامر العطار ، واحد و تلاتين سنه ، ظابط شرطه برتبة مقدم مسئول عن حوادث الخطف و الأختفاء ، كان متجوز و عنده بنت و أنفصل عن مراته من حوالى سنتين ”
مال شاهر ناحية مكتبه ليستند بمرفقيه عليه ، و لمعت عينيه بخبث قائلاً بأبتسامه شيطانيه :” عامر ده لازم يتربي ، عايزك تعرفلي مكان مراته و بنته !”
ضحك معترضاً حديث شاهر ليقول :” أنسي .. ده صعب ”
” ليه إن شاء الله ، هو فيه حاجه صعبه علينا !”
” مراته مسافره و معاها البنت بره مصر خالص ، و متهيئلى صعب نوصلها !”
لوى فمه بضيق قبل أن يتسائل :” طيب في مين يقربله هنا ، على ما أعتقدت إنك قولتلى أهله صعايده من قنا !”
حرك شهاب رأسه بالأيجاب قبل أن يقول بهدوء :” بس في خطيبته هنا !”
رفع حاجبيه بتعجب قائلاً :” يعنى خاطب .. و بيدور حوالين سمرا ، اللى هى أصلاً تخصنى !”
أبتسم شهاب قائلاً :” اه شوفت يا أخى !”
” طيب قولى خطيبته دى تعرف إنه لازق لسمرا !”
” ما أعتقدش ، هما كانوا خارجين سوا من يومين !”
ضحك شاهر بشده ، ثم وقف من على مقعده و ألتف حول المكتب ليجلس على المقعد المواجه لشهاب قائلاً بمكر شديد :” يبقي واجب علينا نعرفها !”
:” و ماله .. النهارده تكون عارفه ”

وقف شاهر و رفع كفه ليضعه على كتف شهاب قائلاً بأعجاب شديد :” تعجبنى يا صاحبي !”
وقف شهاب قائلاً قبل أن يتوجه لخارج :” سلام أنا .. أما الحق أعرف اللى نايمه على ودانها دى أزاي !”
و خرج شهاب من المكتب ، بينما فكر شاهر للحظات ، و تقوس فمه بأبتسامه وضيعه و هو يحدث نفسه قائلاً :” و أنتِ يا سمرا بكره لازم تكونى عندى !”
و توجه إلى خارج المكتب و هو ينوى على فعل شئ .
……………………

باليوم التالى ،،،،

خرجت نجلاء من المدرسه التى تعمل بها ، و كانت على وشك أيقاف سيارة أجرة حتى وجدت من يقف قبالتها قائلاً بهدوء :” مش حضرتك أستاذه نجلاء برضو !”
عقدت حاجبيها و هى تتأمله متسائله :” اه أنا .. حضرتك مين بقي و عايز أيه ؟”
ضحك بخبث قائلاً :” مش مهم أنا مين .. الأهم إن حضرة الظابط المحترم خطيبك داير مع واحده تانيه و بيزورها كل يوم ”
” لأ ما حصلش ، أنا واثقه فى خطيبي .. شكلك بتعزه أوى و عايز تعمله مشاكل !”
ضحك شهاب بشده قبل أن يقول بهدوء :” شكلك بتحبيه أوى و واثقه جداً فيه ، بس أنا حبيت أديكي فكره مش أكتر ، تصدقي ماتصدقيش دى حاجه ترجعلك .. بس لو حابه تتأكدى هو دلوقت عندها فى مستشفي _____ ، و البنت اسمها سمرا .. عن أذنك ما أعطلكيش !”
و رحل شهاب دون أن ينتظر رداً منه ، بينما ظلت الشكوك تحوم حول نجلاء .. فبالأخير هى أنثي لتبدأ الغيره تتملكها ، و تحب أن تتأكد بنفسها ، فرفعت يدها لأيقاف أحدى سيارات الأجرة ولتنطلق بها إلى تلك المشفي التى ذكرها ذلك الغريب ”
……………………

بالكباريه ،،،

تحدث شاهر إلى ذلك الغريب قائلاً بهدوء :” مش عايز غلطه يا عبد العاطى !”
ضحك ذلك الرجل سمين البنيه قليلاً ذو شارب كثيف معلقاً :” عيب عليك يا شاهر باشا .. النهارده البنت تكون عندك .. بس الأهم إنك تظبطنى !”
أرتسمت أبتسامه شيطانيه على ثغره ، ثم مد يده داخل جاكت بذلته و أخرج مظروفاً ليضعه أمام عبد العاطى قائلاً :” دول عشر تلاف .. ليك زيهم بالليل لمَ تجيبلي البنت ”
” ما تقلقش يا باشا .. أنا ممرض قديم بالمستشفي و عارفها حته حته ، بس الأهم إنك تستنانى عند الباب الورانى للمستشفي على الساعه واحده بالليل ، و هى هتكون عندك ”
” تمام أتفقنا ”
ثم مد يده مرةً أخرى و أخرج صوره من جيبه ، و مد يده بها ناحية عبد العاطى قائلاً :” دى صورتها ، و اسمها سمرا عبد العزيز ”
تناول الصوره من يده و نظر إليها قائلاً :” تمام أوى”
ثم تطلع إلى المكان حوله بأنبهار شديد ، قائلاً بأعجاب :” بس المكان بتاعك يا باشا ده جامد أوى بفكر أعملك زياره في يوم كده ”
أبتسم شاهر بسخريه معلقاً ّ” تنورنا فى أى يوم بالليل ، و أحنا هنعمل معاك أحلى واجب ، و هيبقي مجانى ليك .. مبسوط ياعم !”
” أكيد يا باشا مبسوط .. مش كفايا إنى قاعد معاك ”
هز رأسه بسخريه ، مشدداً على حديثه :” مش عايز حد يشم خبر عن اللى هتنفذه بالليل !”
رفع عبد العاطى كأس الخمر و أرشفه دفعةً واحده ، ثم مسح فمه بظهر يده قائلاً :” أطمن يا باشا و حط فى بطنك بطيخه صيفي !”
………………….

بالحاره ،،،،

كانت تسير رباب متجهه إلى خارج الحاره ، و لكنها تفاجئت بمن يجذبها من ذراعها بأحد الأماكن الفارغه ، كادت أن تصيح حتى وجدته يضع كفه على فمها ليكتم صراخها ، و تحدث هو قائلاً بهدوء :” هشيل أيدى بس أوعى تطلعى نفس فاهمه !”
حركت رأسها بالموافقه ، بينما أبعد هو كفه عن فمها قائلاً بهدوء :” أيوه كده تعجبينى !”
نفخت رباب بضيق ، و عقدت ذراعيها أمام صدرها قائله بغضب :” نعمين يا سي جمال .. عايز أيه من أهلى ، فى الرايحه و الجايه واقفلى !”
ظل يتفحصها بفظاظه قائلاً بأعجاب قبل أن يطلق صفيراً :” أصلك داخله دماغى أوى يا بنت اللذين !”
ضحكت بسخريه و رفعت كفها لتضربه على صدره بخفه قائله :” ريح بالك و فكك منى .. أنا مش غلبانه زى سمرا تضحك عليها بكلمتين ، أياك تكون فاكر إنى ما اعرفش حركاتك النص كم اللى كنت بتعملها معاها يا حشاش !”
حك ذقنه قائلاً بنبره يشوبها التهديد :” ماشي يا برنسيسه .. بس أوعى تكونى أنتِ تكونى ماتعرفيش إنى مش عارف أنتِ بتروحى فين كل يوم كده !”
نظرت إليه بتوجس قبل أن تحاول أن تدعى الثبات لتقول :” قصدك أيه يا جمال !”
” قصدى إن عمى جابر مايعجبهوش الحال المايل ، و طبعاً مش هيبقي كويس خالص لمَ يعرف إن بنته بتروح عند واحده *** كل يوم !”
فاض الكيل برباب ، فرفعت كفها لتصفعه هاتفه بغضب :” سمرا دى أشرف منك يا عره يا بواقي المحاره !”
كان جمال الأسرع ، ليمسك كفها قبل أن يهوى على وجنته ، و لوى ذراعها بقوه قائلاً ّ” لا بقولك أيه .. مش سكتناله دخل بحماره .. تتعدلى معايه يا ماما ، بدل ما أخلى اللى يشترى يتفرج عليكِ زى ما عملت فى سمرا ”
ظلت رباب تطلق تأوهاً من قبضته القويه ، بينما أزاحها هو بقوه قائلاً :” أعملى حسابك إنى هتقدم ليكِ ، و أنتِ هتوافقي يا أما الوالد المحروس يعرف إن بنته دايره على حل شعرها ، و أنا بقولك أهو إنى عايزك فى الحلال ، و بلاش تعملى نفسك البنت الجامده القويه اللى مش بتخاف و لحمها مر ، لأنى ألعن منك .. راجعى نفسك يا ماما لو مش عايزه فضايح ، و عقلك فى راسك تعرفى خلاصك .. ما أعطلكيش يا مزه !”
أنهى جمال حديثه المهدد لرباب ، و رحل و تركها ، بينما ظلت هى تفرك ذراعها الذى آلمها بشده بفعل قبضته ، و تجمعت العبرات بمقلتيها لمَ هى قادمه عليه !
…………………

وقفت سيارة الأجرى التى بها نجلاء أمام تلك المشفي ، و نزلت منها .
كانت على وشك الولوج للداخل و لكنها فكرت للحظات ، و توجهت لتقف بعيداً ، و ما هى إلا لحظات و لمحته بالفعل خارج من الشفي ، فشعرت بالدماء يغلى بعروقها ، و توجهت ناحيته بغضب .
كاد عامر أن يركب سيارته ، و لكن تفاجأ بظهور نجلاء أمام من حيث لا يدرى ، فنظر إليها قائلاً بغموض :” نجلاء .. أنتِ بتعملى أيه هنا !؟”
وضعت كفيها فى منتصف خصرها ، و ظلت تحرك أحدى قدميها بعصبيه على الأرض ، ليصدر صوتاً بفعل حذائها ذو الكعب العالى قائله بسخريه رغم البركان المُشتعل بداخلها :” و الله .. طيب يا أستاذ عامر ، أنا جايه هنا زى ما أنت جاى بالظبط !”
عقد حاجببه متسائلاً بعدم فهم :”نجلاء لو سمحتى تتكلمى عدل أحنا فى الشارع ، و من غير لف و لا دوران قولى الكلمتين المحشورين فى زورك لأنى مش فاهم حاجه !”
ضحكت بسخريه قبل أن تُجيب بـ :” أنا جايه أزور سمرا يا حضرة الظابط !”
رفع أحد كفيه ليفرك وجهه و يمرر على شعره للخلف قبل أن يقول :” سمرا ..!”
” اه سمرا مال وشك قلب ليه كده ”
” و أنتِ تعرفي سمرا منين بقي إن شاء الله !؟”
” أعرفها منين ما أعرفها ، تقدر تفهمنى بقي بتعمل أيه عند الهانم دى ، و من غير ما تقولى شغل !”
مد يده لمسكها من معصمها ، و توجه بها ناحية السياره ، و بيده الأخرى فتح الباب و أدخلها بالسياره قائلاً :” الكلام مش هينفع هنا ، و أحنا فعلاً لازم نتكلم !”
و أغلق باب السياره عليها ، و توجه ناحية الباب الأخر ، و ركب السياره و أنطلق بها .
………………………

بفيلا حسن ،،،،

جلس حسن قبالة حسناء قائلاً بهدوء :” أنا بفكر يا نجلاء أخرج سمرا من المستشفى و أجيبها تعيش هنا فى الفيلا ، حتى جو المستشفي ممكن مايساعدهاش ، و كمان مستعد أجيبلها أحسن دكاتره و ممرضين هنا مخصوص ليها ”
حركت رأسها يميناً و يساراً قائله بهدوء :” أظن إن المستشفي أفضل ليها ، و بعدين دى مستشفي خاصه ، يعنى مش أى مستشفي و خلاص .. و أكيد الدكاتره عاملين اللى فى وسعهم معاها ”
علق على كلامها قائلاً بآسي :” قلبي مش مطاوعنى على البهدله اللى هى فيها دى ، البنت يا عينى ما بتتكلمش من ساعة اللى حصل !”
” أعذرها برضو يا عمو حسن .. اللى مرت بيه مش سهل ، سمعتها اتبهدلت و أمها ماتت قدام عينيها من حسرتها ”
خانته عبراته و هو يحرك رآسه بحسره قائلاً بألم :” الله يرحمك يا فاطمه .. عمرك ما أرتحتى طول حياتك ، اتبهدلتى زمان بسببي و اتحرمتى من بنتك ، و محدش سابك أنتِ و بناتك فى حالكوا .. اااه لو بأيدى أرجع العمر مش هتخلى عنك .. اااه !”
أشفقت عليه بشده ، فرفعت كفها لتضعه على كتفه قائله بهدوء :” اللى حصل ده حضرتك مالكش دعوه بيه ، و ربنا يقدرك و تقدر تعوض بناتها و تعيشهم حياه نضيفه و أحسن من اللى مروا بيه ”
هز رأسه من بين عبراته قائلاً بدعاء :” يارب أشفي سمرا يارب ”
ثم جفف عبراته و نظر إلي حسناء قائلاً :” عارفه يا حسناء ، أنا دلعت نسرين بنتى كتير ، لدرجة إنها كانت أى حاجه عايزاها باجيبهالها .. لكن لمَ حبت راحت حبت واحد معدوم ، و أتمسكت بيه ، و لمَ رفضته و بعدتها عنه تعبت جداً و فضلنا نسافر بيها و فى الأخر ماتت علشان تستريح منى و يكون مـ,ـوتها عقاب ليا فى نفس الوقت على اللى عملته فى فاطمه زمان ، و خلانى أدوق مرار الحرمان .. ربنا يرحمك يا نسرين ”
هزت حسناء رأسها بتفهم قائله بهدوء :” نسرين دلوقت لا تجوز عليها غير الرحمه ، الله يرحمها .. و ياريت حضرتك تسامح نفسك لأن اللي حصل حصل ، و هى اكيد فى مكان احسن من هنا بكتير ”
” فاكراه يا حسناء .. الشاب ده اللى كان بيحبها و أتقدم أكتر من مره ”
” اه شاهر كان من دفعتها .. و حضرتك كنت بترفضه دايماً ”
هز رأسه بآسي قائلاً بندم :” دا أنا رفضته و بهدلته أوى .. تعرفي إن نسرين كانت بتحبه أوى ، لحد قبل ما تدخل العمليات و تفارق الحياه كانت بتتكلم عنه ، و وصتنى أقابله و أخليه يسامحها إنها أتخلت عنه .. ده حتى كتبتله جواب و سيباه أمانه فى رقبتى إنى أوصله ليه ”
” بس ما أعتقدتش إن شاهر موجود فى البلد ، لأن بعد ما نسرين قالتله إنهم ينفصلوا سمعت إنه فضل فتره فى مصحة نفسي و بعد ما خرج سافر على طول ”
أبتسم بمراره قائلاً :” لو الزمن يرجع بيا هصلح حاجات كتير .. يمكن لو كانت نسرين أتجوزته ماكنتش تعبت و كانت عاشت معاه سعيده ”
” استغفر ربنا يا عمو حسن ماتقولش كده ، ده قضاء ربنا و لا أعتراض عليه ”
” و نعم بالله يابنتى ”
……………………….

بأحد الكافيهات على النيل ،،،

جلس عامر قبالة نجلاء التى ظلت تتحدث بكلام تافه لم يعبأ هو به ، و أخيراً صاحت بغضب :” ما ترد عليا و فهمنى ”
شبك أصابع يده معاً قائلاً ببرود :” أفهمك أيه .. قولتلك سمرا دى أنا بساعدها و واقف جنبها علشان اللى مرت بيه ”
رفعت حاجبيها قائله بسخريه :” يا حنين .. إذا كنت ما بتعملش كده معايا اللي اسمى خطيـ..”
بترت نجلاء جملتها عندما لمحت أصابع يده و أن الدبله ليست بيده ، و نظرت إليه بصدمه
أيقن هو أنها لاحظت هذا فسحب يده بهدوء و نظر بأتجاه المياه ، بينما تسائلت هى :” أومال فين دبلتك يا عامر ، مش لابسها ليه !”
ألتف برأسه ناحيتها ، و لا يعرف كيف يجيبها ، و بدون أى كلمه مد كفه بجيب بنطاله و أخرج الدبله ليضعها أمام نجلاء على الطاوله قائلاً بأيجاز :” أهي ”
نظرت إلى الدبله الموضوعه على الطاوله ، ثم رفعت وجهها ناحيته قائله بغضب :” و مش لابسها ليه !؟”
سعل بهدوء قبل أن يتحدث قائلاً :” نجلاء .. أنا قولتلك إننا لازم نتكلم ”
” و أنا قدامك أهو و سامعاك .. أتفضل فهمنى !”
ظل يفرك كلتا يديه بتوتر و يوزع نظراته بالمكان حوله ، ثم نظر إلى أسفل قائلاً بأسف :” نجلاء أنا مش متأكد من مشاعرى ناحيتك .. ممكن نكون أتسرعنا بخطوة الخطوبه أوى من غير ما نعرف بعض أكتر ، أنتِ إنسانه كويسه أوى و ألف واحد يتمناكِ بس .. ”
قاطعته بمراره و خانتها العبرات على وجنتيها :” بس أنت لأ .. مش كده ”
رفع وجهه لينظر لها بآسي قائلاً :” صدقينى لو كملنا هظلمك معايا .. كده أحسن ليكِ و ليَ .. أنا أسف بجد ”
ظلت تنهمر العبرات على وجهها دون وعياً منها ناظره إليه بصدمه و تردد بعدم تصديق :” أسف ..!”
وقف عامر و وأخرج حافظة نقوده و أخرج بعد النقود و وضعها على الطاوله ، ثم نظر ناحيتها قائلاً :” قومى بينا هوصلك البيت ”
لم تنظر إليه ، بل ألتفتت ناحية الماء و أغمض عينيها بقوه حتى كادت تعتصرهما قائله :” أمشي أنت .. أنا مش عايزاك توصلنى !”
لم يشأ أن يتحدث معها أكثر من هذا لأنها الآن غاضبه بشده منه ، فإن تجادل معها ، سيحدث ما لا يحمد عقباه ، فأكتفى بتحريك رأسه بالموافقه ، و غادر تاركاً أياها تعاني بمَ سببه لها من ألم .. و لكن لم تكن نجلاء من النوع الذى يسامح و يتخلى عن شئ يريده بسهوله .. بل أقسمت بداخلها أنها ستفعل ما بوسعها لتفسد عليه حياته .. لأنها أيقنت أنه يكن لتلك المدعوه سمرا بمشاعر كانت أقوى من مشاعره ناحيتها .
……………………..

عاد عامر إلى شقته ، و دخل إلى غرفة نومه ليلقي جسده على الفراش .. فهو الآن يشعر براحه كبيره و كأن عبئاً ثقيل قد أزاحه عن عاتقه ، فوضع ذراعه أسفل رأسه و ظل يحدق بنقطة ما بسقف الغرفه ، و أرتسمت على ثغره أبتسامه عذبه ليقول بخفوت :” و أخيراً كده مش هحس إنى خاين و أنا بتكلم معاكِ با سمرا .. يا أحلى حاجه حصلتلي فى حياتى .. يا قمرى يا دنيتي يا عمرى اللى الجاى ”
ثم نهض عن الفراش ، و لازالت تلك الأبتسامه تزين ثغره ، و توجه ناحية خزانة ملابسه لأخرج منشفه خاصه به ، و دخل المرحاض للحصول على حمامٍ منعش بعد هذا اليوم الذى كان مُتعب بالنسبه له .. و الآن يشعر و كأنه كان عبداً و اليوم تم عتقه .
…………………….

بعد منتصف الليل ..
بالمشفي ،،،،

كانت سمرا نائمه على الفراش و هى تأخذ وضع الجنين ، و لكن عيناها مفتوحتان و تنظر إلى السماء و القمر الذي يزين ذلك الظلام الدامس و النجوم المُحيطه به و كأنها تعزف على أوتار الليل مقطوعه موسيقيه حزينه تشعر هى بها و تستمع إلى لحنها الصامت الذى يلمس اوتار قلبها ، كم هذا الصمت و الهدوء جميل لكنه ينافي البراكين و الأعاصير التى تضربها و تشتعل بداخلها رغم السكون البادى عليها ، أغمضت عينيها بآسي لتكتم بكائها و تنساب العبرات الصامته لتحرق وجنتيها وتبلل الوساده أسفلها ، فكم تتمنى أن تنطفئ تلك النيرات التى تحرق قلبها .
في غصون هذا الهدوء ، شعرت سمرا بأحد يفتح باب الغرفه ، فأنتفضت من على الفراش و أتجهت لتلتصق بالجدار .. و فجاءه ظهر أمامها ذلك الغريب ضخم البنيه و هجم عليها ، كانت ستصرخ لتستنجد بأحد و لكنه كان الأسرع بوضع كفه و هو يمسك قطعة قماش به على فمها ليكون مصير صراخها هو العوده إلى حلقها مرةً أخرى ..

ظلت تحاول الأفلات منه و تركله بقدميها و لكنه كان يقبض بشده عليها حتى قيد حركتها ، فأصبحت عاجزه عن الحركه ، و ما هى إلا لحظات حتى أغمضت عيناها و أرتخى جسدها لتسقط بين يدى ذلك الشيطان. الذى رفعها ليضعها على كتفه و توجه بها إلى الخارج ………………!
………………………………………………………….. ………………………………………………………

السابقانت في الصفحة 1 من 5 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل