منوعات

رواية بقلم سارة الحلفاوى الثانى

– إبعد عني!!!
هتفت بضيقٍ من الفوضى الذي أحدثها بها من مجرد قبلة، أخذت تتمسك بتلك المنشفة، فـ رفع شفتيه لـ شامة في وسط عن عنقها يُقبلها، أغمضت هي عيناها تشعر بحرارة جسدها ترتفع أكثر، إبتعد عنها فجأة ثم نظر لها بجمودٍ صفعها، ليقول بثباتٍ زائف:
– دخّليها وأنا أصلًا ماشي، بس هرجع بعد ساعتين تكوني لبستي فيهم عشان نروح ڤيلتي!!!

– أنا مش عايزه أمشي من هنا!! مش هروح معاك في حتة إنت فاهم!!!
صرخت بها بإندفاعٍ في وجهه تشير بـ إصبعها أمام عيناه، نظر لها و لإصبعها ثم أمسك به، كانت تظنُه سيُشدد عليه لكنُه أنزلهُ محتفظًا به بـ أحضان كفُه، يقول ينفس الهدوء:
– صوتك ميعلاش يا نور!!!

ثم تابع ينظر لإرتباك عيناها:
– و إنتِ هتروحي مع جوزك في أي مكان هو فيه!

– إنت بتعمل ليه كدا!!
قالتها بدهشةٍ تطالعُه بحيرة، فـ رمقها بهدوء ثم هتف بإبتسامة خفيفة:
– بعمل إيه؟

كادت تتحدث لكن قاطعها صوت رنين جرس الشقة، فأسرعت تكاد تذهب من أمامه لكنها شهقت عندما حاوط ذراعيها مقربها له يهدر بها:
– إياكِ تتحركي برا الأوضة دي!!!

ثم تركها تبتلع بصدمتها بمرارة، خرج فريد ليفتح الباب لوالدتها التي أطلقت زغرودة ما إن رأتُه! تقول بصوتٍ عالٍ فرِح:
– ألف ألف مبروك يابني!!!

لكن شهقت عندما وجدته يرتدي نفس ملابس البارحة فهتفت بحيرة:
– يوه!!! إنت لسه بلبسك ليه؟

قال فريد بمكرٍ:
– هو في عريس بردو هيفضل بلبسُه في ليلة دخلتُه يا حجّة، أنا لبست نفس اللبس عشان ماشي، و قولت لـ نور إني هاجي كمان ساعتين و هاخدها عشان نقعد في ڤيلتي!!

إبتسمت نادية بفرحةٍ و غمغمت:
– ربنا يسعدكوا يابني، روح إنت شوف مصالحك عقبال هي ما تجهز و تلبس!!!

أعطاها إيماءة خفيفة ثم ذهب بالفعل، دلفت نادية إلى نور فوجدتها جالسة على الفراش شاردة أمامها لتجلس جوارها تقول بحنان:
– مبروك يا نور!!!

نظرت لها نور بحدة ثم صرخت في وجهها:
– مبروك!!! جوزتيني لشخص معرفوش و لا طايقاه و بتقوليلي مبروك!!!!

إحتدت نبرة نادية لتهدر بعنف:
– أنا عملت اللي فيه مصلحتك .. ولا ةكُنتي حابة الناس يتكلموا عليكِ و يمرمغوا بشرفك الأراضي!!!!

– إنتِ اللي سمحتيلهم بكدا ياما!!!
هتفت و لأول مرة يحمل صوتها ذلك الجرح، لتذرف دموعًا أليمة تصرخ بها بصوتٍ قد بُحَّ:
– إنتِ اللي شكيتي في شرفي قبلهم .. مع إنك أكتر واحدة عارفاني و مربياني و عارفة إني محبِش الحال المايل و لا العوَجان!!!

طالعتها نادية ببعضِ الندم و لم تجيبها، لتكمل نور بألمٍ:
– ليه ياما .. ليه رميتيني الرمية دي!!!

صاحت بها نادية بإحتجاجٍ:
– رمية!!! رمية إيه يا بنت بطني!!!! ده إنتِ متجوزة راجل أُبهة معاه شيء و شويات و لو مشي على الفلوس كدا متخلصش، إنتِ مش شايفة عربيته!!! و بعدين ده مش راجل مكحكح كبير في السن .. ده شاب أهو و في عز شبابُه يعني مافيهوش عيب .. و بسم الله ما شاء الله عليه زي القمر و ستات و بنات الحارة إمبارح كانوا هيتجننوا عليه و مالهمش سيرة إلا هو!!! فـ متقوليليش رمية يا روح أمك إنتِ متجوزة جوازة مكُنتيش تحلمي بيها!!!

– و أنــا!!! هو أنا مش في حساباتك خــالـص!!! إنتِ أُم إزاي رُدي عليا، رفعتي على أبويا خلع زمان و سيبتيه بحسرتُه و منعتيه يشوفني و مات لوحدُه في شقتُه بعد ما حسرتيه بجوازك من راجل زبالة بَص لبنتك و طِمع فيها و إنتِ عاملة نفسك مش واخدة بالك عشان بيتك ميتخربش!!!!

نظرت لها نادية مصدومةً، و لم تكبح غضبها فـ تلقت نور صفعة منها جعلتها تصمتت للحظات واضعة كفها فوق وجنتها، لتلتفت بوجهها لها تقول بـ قهرٍ:
– أنا مش مسامحاكِ، و أنا فعلًا همشي مع جوزي و مش هتعرفي عني أي حاجه تاني!!!!
ألقت نادية الملابس في وجهها و صرخت بها:
– في ستين داهية تاخدك و تغوري من حياتي!!!

ثم غادرت، لم تؤلمها صفعتها بقدر ما ألمتها كلماتها التي بصقتها في وجهها و ذهبت، و كأنها ليست فلذة كبدها .. بل كأنها بالأساس لا تمُت لها بصِلة، إرتمت نور على الأرض تاركة العنان لصرخات بُكائها التي كتمتها منذ سنوات رافضة ذرف دمعة واحدة، بكت و صرخت حتى شعرت بأحبال صوتها تتقطع لتضرب فوق الأرضية بكلتا كفيها و خصلاتها تنسدل على وجهها، دخل جسدها في حالة من الرجفة تمقتها، فـ هي كُلما حزنت حُزنًا شديدًا يفوق طاقتها الذهنية و الجدية ترتجف كـ طفلٍ يقف وحدُه في ليالي قارصة البرد و الأمطار تنهمر فوق رأسه، ظلت تبكي و ترتجف لأكثر من ساعة نائمة على الأرضية في وضعٍ جنينيّ لا يصدُر منها سوى همهماتٍ هافتة بـ:
– بـ .. بابا!!

انت في الصفحة 2 من 13 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
4

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل