منوعات

رواية بقلم سارة الحلفاوى الثانى

– إنت اللي تتعود متشربهاش قُدامي!
هتفت بنفس الضيق، ثم لفّت وجهها تشيح به بعيدًا عنه من ضيقها، طرق فوق الطاولة بحواف أناملُه، ينظر لملامحها الجميلة التي بُهتت بضيق، كاد أن ينطق لولا أنه لمح ذلك النادل يقترب منهم لكي يأخذ طلبهم، زفر الأخير بضيق ثم أملى عليه طلبه لكي يُغادر و لم يسألها عما تُريد، عندما إبتعد النادل ناظرته بصدمة قائلة:
– إنت مسألتنيش هاكُل إيه!!

– عشان عارف ذوقك!!
قال بجمودٍ فـ إنفعلت و إحتدت نبرتها و هي تقول:
– عارف ذوقي منين!! أنا أصلًا مبحبش الجمبري!

– وطي صوتك!!!
قال بهدوء إستفزها أكثر، لتدفع بظهرها للمقعد تضم ذراعيها لصدرها تنظر أمامها بحُزن ظهر على عيناها، تنهد و نهض ليجلس جوارها، إلتقط ذقنها يلف وجهها له يقول بحنوٍ:
– عايزة تاكلي إيه و أنا أروح بنفسي أطلبهولك؟

– مش عايزه شكرًا!!
قالت دون أن تنظر له، تبعد كفه من على ذقنها، لكن فجأة وجدته يسحب مقعدها لمقعدُه واضعًا كفُه على خصرها، نظرت له بصدمةٍ فـ إبتسم و مال مُلتقطًا قبلة سريعة من شفتيها المنفرجة، شهقت و أسرعت تبعد وجهها عنه تقول بصعوق:
– إيه اللي عملتُه ده!!! في ناس حوالينا!!!

ثم أخذت تنظر لمن حولها و لكن لم تجد أحد ملتفتًا لهما فـ حمدت ربها، طالعته بغضب شديد ثم هتفت:
– إنت .. اللي عملته ده ميصحش قدام الناس!

– أنا أعمل اللي أنا عايزُه في أي وقت!!
قال بخبث، ثم هتف بمكرٍ:
– و والله لو ما قولتي دلوقتي أطلبلك إيه هبوسك بوسة بجد مش الزغزغة اللي عملتها من شوية دي!!!

لم تتحمل و ضربت فوق صدرُه من شدة خجلها، ثم قال بإرتباك رهيب:
– لاء لاء خلاص .. أنا عايزه رز و فراخ!!

ثم فكرت قليلًا لتردف مسرعة:
– و عايزه محشي ورق عنب!!!

إبتسم و قال و هو ينظر لشفتيها:
– أطلبي حاجه تانية ..

لم تلاحظ نظراته فـ قالت:
– شوية ملوخية!

– عنيا!!
قال و قبّل جبينها ثم نهض، جلست ترتب خصلاتها بتوتر و حيرة، ثم همست بإبتسامة:
– والله مجنون .. بس قمر يخربيت جمال أمه!!!

ثم ضحكت تخفي فمها الذي نطق بالذي لو سمعه لكان  !، تنحنحت تعيد ذاتها الوقورة إليها، و شردت .. تحدث نفسها:
– ليه حاسة جنبُه بإحساس غريب أول مرة أحسُه مع حد؟ ليه حاسة إني في أمان طول ما هو قريب مني؟! ليه قلبي بيدُق بالشكل ده لما بكون في حضنه أو معاه .. بس أنا مش فاهماه! ساعات بيبقى حنين و ساعات قاسي، ساعات بيبقى عصبي و ساعات هدوءه بيستفزني، حاسة إنه بيحبني و في نفس الوقت مش طايقني! أقل حاجه مني بتعصبُه!

حاوط مقدمة رأسها تشعر بصداعٍ من كثرة الأفكار المتضاربة بـ ذهنها، حتى وجدته أتى و جلس جوارها، يقول و هو يميل برأسها لأسفل لكي يرر وجهها الذي تخفّى أسفل كفيها:
– مالك في إيه؟

همست بهدوء:
– مافيش .. دماغي واجعاني شوية!!!

مسح على خصلاتها و قال بقلقٍ:
– نروح لدكتور؟

نظرت له بإستغرابٍ، مجرد ألم رأسها جعله يقلق و يطلب منها الذهاب إلى الطبيب؟ و هي التي كانت تمو,ت أمام أعين أمها من ألم معدتها عندما أتتها الدورة الشهرية لأول مرة و ترجوها أن تذهب بها لطبيبة لكن لم تفعل متحججة بأن ذلك الألم سينتهي و لن يطول! إبتسمت و نظرت لذلك القلق المرتسم في مقلتيه و لم تجيبُه، فـ قال بنفس الرهبة:
– مبترُديش ليه؟

قالت بهدوء و إبتسامة:
– شوية صداع يا فريد .. هيروحوا على طول!

قال برفق:
– طيب .. بعد م ناكل .. لو لسه الصداع موجود هنروح لدكتور!!

أومأت له و لم تجيبُه، فأتى الطعام على يد نادل آخر و وضع الطعام أمامهم فـ بدأت نور تأكل يـ جوعٍ، ثم نظرت إلى فريد الذي جلس يراقبها، لتلتقط إصبع من أصابع المحشي الملفوفة تلك و قال بلُطف:
– إفتح بؤك!

فتح فمه قليلّا و ذراعه مسنود على ظهر مقعده، أطعمته و قبل أن تبعد إصبعها عن مرمى شفتيها كان مُمسكًا بـ كفها يُقبل ذلك الإصبع قبلة تلي الأخرى أخجلتها، إبتسم ثم قال يحرر إنملها من بين أصابعه:
– عايز تاني!!

هتفت بلهفةٍ:
– حاضر!!

ثم جلست تُطعمة مُتناسية تمامًا جوعها، حتى نظر لها و لم يتحمل براءتها و نقاء قلبها، ليحاوط وجهها يُقبل وجنتها اليُمنى يتنفس رائحة بشرتها، إبتسمت لتنظر له عندما رفع وجهه يقول بحنان:
– يلا يا نور كملي أكلك!!

إلتفتت تكمل طعامها بالفعل حتى أكلت الكثير لتستند بظهرها للخلف تقول تشعر بالإمتلاء:
– حاسة إني إتنفخت!!

– لسه مصدعة؟
سألها بإهتملم فـ قالت:
– لاء الحمدلله راح!

جلسا معًا يتبادلا أطراف الحديث حول اللاشيء، ليتمر ساعتان فـ حاسب النادل و نهضا، خرجا من المطعم لتشهق عندما وجدت أمكار غزيرة تنهمر فوق رأسها، ضحكت ضحكات طفولية و هي تمد كفيها للأمام لتتلقى تلك القطرات التي تسقط على باطني كفيها كالورود المنثورة، ضحكت من قلبها فهي لأول مرة تمر بتلك التجربة، حاول فريد سحبها بضيق قائلًا:
– يلا يا نور نركب العربية!!

أسرعت تبعد كفها عن مرمى يدُه قائلة بسعادةٍ غامرة .. تشبه تلك الأمطار التي غمرت جسدها:
– لاء لاء عربية إيه ده أنا هفضل هنا لحد ما المطرة تخلص!!!

انت في الصفحة 8 من 13 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
4

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل